الصفحات

السبت، 19 فبراير 2022

الطعن 1383 لسنة 36 ق جلسة 14 / 2 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 41 ص 209

جلسة 14 من فبراير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

----------------

(41)
الطعن رقم 1383 لسنة 36 القضائية

(أ) مأمورو الضبط القضائي.
للضباط القائمين بأعمال وواجبات البوليس الحربي صفة رجال الضبط القضائي بالنسبة إلى كافة الجرائم التي يضبطونها بتكليف من القيادة العامة للقوات المسلحة سواء في ذلك الجرائم التي تقع من أفراد القوات المسلحة أو من المدنيين.
(ب) مؤسسات عامة. جمعيات تعاونية. موظفون عموميون. رشوة.
اعتبار العاملين بالمؤسسات العامة والجمعيات والشركات التي تنشؤها بمفردها من مالها المملوك للدولة في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص وأحكام الرشوة عملا بالمادة 111 عقوبات.
(ج) رشوة.
جريمة الرشوة. لا يؤثر في قيامها وقوعها نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشي جادا فيما عرضه على المرتشي. متى كان عرض الرشوة جديا في ظاهره، وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما اتجه إليه في مقابل ذلك من العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي.

----------------
1 - المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بعد أن عينت الموظفين الذين يعتبرون من مأموري الضبط القضائي وأجازت لوزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين تلك الصفة بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم - اعتبرت في فقرتها الأخيرة النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص. ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1953 في شأن تخويل ضباط البوليس الحربي سلطة رجال الضبط القضائي - قد نصت على أن يكون للضباط القائمين بأعمال وواجبات البوليس الحربي صفة رجال الضبط القضائي بالنسبة إلى الأعمال والواجبات التي يكلفون بها من القيادة العامة للقوات المسلحة - وهي بذلك تكون قد أضفت عليهم تلك الصفة بالنسبة إلى كافة الجرائم التي يضبطونها بتكليف من القيادة العامة للقوات المسلحة سواء في ذلك الجرائم التي تقع من أفراد القوات المسلحة أو من المدنيين وذلك لكي يكون للإجراءات التي يتخذونها في شأنها من الأثر القانوني أمام جهات القضاء العادية ما للإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي بصفة عامة. وكانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 في شأن تنظيم اختصاصات وسلطات القوات المسلحة قد نصت على نقل اختصاصات وسلطات القائد العام المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 123 لسنة 1962 إلى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن قائد المباحث الجنائية العسكرية بالمنطقة الشمالية لم يقم بإجراءات ضبط الطاعن - وهو موظف بالجمعية التعاونية الاستهلاكية بالإسكندرية - إلا بناء على الأمر الصادر من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتكليف رجال المباحث الجنائية العسكرية بضبط جميع الجرائم التي تقع في المؤسسة التعاونية الاستهلاكية والجمعيات التابعة لها، وهو ما من شأنه أن يضفي على الضابط المشار إليه صفة مأمور الضبط القضائي ويخوله اختصاصه في صدد الجرائم المبينة فيه، فإن ما اتخذه من إجراءات الضبط والتفتيش في حق الطاعن في نطاق ذلك الأمر بعد استئذان النيابة العامة يكون صحيحا.
2 - المؤسسات العامة بحسب الأصل أجهزة إدارية لها شخصية اعتبارية مستقلة تنشؤها الدولة لتباشر عن طريقها بعض فروع نشاطها العام وتتبع في إدارتها أساليب القانون العام وتتمتع في ممارستها بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها. ولما كانت المؤسسة العامة التعاونية والاستهلاكية هي التي أسست بمفردها ومن مالها - المملوك للدولة بحكم القانون - الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية وهي التي تتولى الإشراف على شئونها وإعتماد قراراتها التنظيمية فإن الجمعية بنظامها بادي الذكر والذي خلا من أي عنصر من عناصر النظام التعاوني كنظام من أنظمة القانون الخاص تعتبر بحكم القانون جهازا إداريا من أجهزة المؤسسة العامة أو فرعا من فروعها، وبالتالي فإن موظفي ومستخدمي تلك الجمعية يعتبرون موظفين ومستخدمين في تلك المؤسسة وتجري عليهم الأحكام الخاصة بهم. ومن ثم فإن العاملين في المؤسسات العامة والجمعيات والشركات التي تنشؤها بمفردها يكونون في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص وأحكام الرشوة عملا بالمادة 111 من قانون العقوبات.
3 - لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشي جادا فيما عرضه على المرتشي متى كان غرض الرشوة جديا في ظاهره وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما اتجه إليه في مقابل ذلك من العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8 نوفمبر سنة 1964 بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية: (أولا) بوصفة موظفا عموميا بالجمعية التعاونية الاستهلاكية بالإسكندرية " عامل بقسم البقالة بمجمع استانلي الاستهلاكي " أخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال ببعض واجباتها وذلك بأن قبل مبلغ جنيه من إمام حلمي مندوب المباحث الجنائية العسكرية على سبيل الرشوة مقابل بيعه البضائع المبينة بالمحضر بكميات كبيرة تزيد عن المقرر بيعه للأفراد كما تقضي تعليمات الجمعية في هذا الشأن. (ثانيا) بوصفه سالف الذكر ارتكب تزويرا في محرر رسمي قسيمة المبيعات المبينة بالمحضر حال تحريره المختص بوظيفته، وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت فيها بيانات عن بضائع باعها إلى إمام حلمي مندوب المباحث الجنائية العسكرية خلافا لتلك التي اتفق معه على بيعها وسلمها إليه فعلا. (ثالثا) استعمل المحرر المزور مع علمه بتزويره بأن سلمه إلى مندوب المباحث الجنائية العسكرية إمام حلمي الحسن النية الذي دفع القيمة الثابتة به بخزينة فرع الجمعية ثم قدمه للمتهم فسلمه بناء عليه بضائع تخالف ما أثبته به. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 103 و104 و111/ 1 و118 و213 و214 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنية عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بجرائم الرشوة وتزوير ورقة أميرية واستعمالها قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رفض الدفاع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه لإجرائهما بمعرفة ضابط الشرطة العسكرية - وهو ليس من مأموري الضبط القضائي - قولا من الحكم بأن القانون رقم 84 لسنة 1953 قد أسبغ صفة الضبط القضائي على الضباط القائمين بأعمال وواجبات الشرطة العسكرية بالنسبة إلى الأعمال والواجبات التي يكلفون بها من القيادة العامة للقوات المسلحة وأن هذه القيادة قد ناطت بهم في أول نوفمبر سنة 1964 ضبط الجرائم التي تقع بالمؤسسة التعاونية الاستهلاكية والجمعيات التابعة لها، مع أن هؤلاء الضباط لا يدخلون في عداد الفئات الواردة بالمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية التي تكلفت بحصر مأموري الضبط القضائي ذو الاختصاص العام. أما التكليف الصادر إليهم فهو قاصر على الجرائم التي تقع من أفراد القوات المسلحة أو عليهم. كما أطرح الحكم الدفع المبدى من الطاعن بأنه لا يعتبر موظفا عموميا في حكم المادة 111 من قانون العقوبات بأنه مجرد عامل يخضع لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 في شأن عقد العمل الفردي فلا تسري في حقه أحكام رشوة الموظفين ودانه على الرغم من ذلك بموجب أحكام المادة 103 من قانون العقوبات بغير أن يتقصى من ملف خدمته ومن الجهة التابع لها حقيقة علاقته بها، ومع أن المادة المنطبقة على واقعة الدعوى هي المادة 105 من القانون ذاته لأن مبلغ الرشوة قد دفع على ما شهد به شاهد الإثبات - على سبيل العطية بغير طلب من الطاعن أو اتفاق سابق - وبعد إتمام الصفقة وتسليم البضاعة المبيعة إلى المشترى الوهمي الذي انقده ذلك المبلغ بتكليف من رئيسه، هذا فضلا عن أن ذلك يعد جريمة صورية لا تنطوي تحت أحكام القانون. وبالإضافة إلى ما تقدم فإن المحكمة لم تستجب إلى ما تمسك به الطاعن من طلب الاستماع إلى أقوال النقيب محمد مازن مشرف مع أنها عولت عليها في الإدانة مما يعيب حكمها بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه ما ينتجه من وجوه الأدلة التي استمدها من أقوال الشهود والاطلاع على ورقتي النقد وقسيمة المبيعات المضبوطة واعتراف الطاعن بتحقيق النيابة ثم عرض لدفاع الطاعن ورد عليه بقوله: " وحيث إن المتهم حضر جلسة المحاكمة وقرر أن مندوب المباحث العسكرية وضع له الجنيه المضبوط في جيبه دون أن يراه ودفع الحاضر معه ببطلان القبض والتفتيش على أساس أن من قام به ليس من رجال الضبطية القضائية كما أن المتهم وهو عامل بالجمعية التعاونية الاستهلاكية لا يعتبر موظفا عموميا ولا تنطبق عليه أحكام المادة 111 من قانون العقوبات وبالتالي لا يخضع لحكم المادة 103 الخاصة برشوة هؤلاء الموظفين، بل إن المادة 106 مكرر (أ) عقوبات هي الواجبة التطبيق وأضاف الدفاع أنه تأسيسا على ما تقدم فلا تعتبر قسائم البيع أوراقا رسمية وأنها لا تخرج عن كونها أوراقا عرفية وزاد الدفاع عن المتهم فقال بأن الجريمة التي يحاكم من أجلها المتهم ليست حقيقة بل إنها اختبارية قصد بها الرقابة على المجمعات وانتهى الدفاع بطلب براءة المتهم مما أسند إليه. ومن حيث إن هذا الدفاع مردود عليه بما يأتي: (أولا) أن القانون رقم 84 لسنة 1953 نص على أنه يكون للضباط القائمين بأعمال واجبات البوليس الحربي صفة رجال الضبط القضائي بالنسبة إلى الأعمال والواجبات التي يكلفون بها من القيادة العامة للقوات المسلحة. وحيث إن الثابت في هذه الدعوى أن السيد المشير عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أصدر قرارا من أول نوفمبر سنة 1964 بتكليف المباحث الجنائية العسكرية بضبط الجرائم التي تقع في المؤسسة التعاونية أو الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية وما يرتبط بهذه الجرائم من جرائم أخرى تنفيذا لحكم القانون المذكور. وحيث إنه لما كان ذلك، فإن قيام قائد المباحث الجنائية العسكرية - بعد صدور هذا التكليف إليه - بإجراء التحريات اللازمة والقيام بضبط المتهم بعد استئذان النيابة العامة كان إجراء في حدود اختصاصه صحيح يتفق مع القانون إذا أسبغت عليه بالقرار المذكور صفة رجال الضبطية القضائية، ومن ثم فإن هذا الدفع لا يستند على أساس صحيح ويكون متعين الرفض (ثانيا) إن الدفع بعدم اعتبار المتهم موظفا عموميا في حكم المادة 111 عقوبات هو دفع بدوره غير سديد ذلك لأنه بالرجوع إلى القرار الجمهوري رقم 2347 لسنة 1960 بإنشاء المؤسسة العامة التعاونية يبين أنه قد نص في مادته الأولى على إنشاء المؤسسة المذكورة وإلحاقها برياسة الجمهورية، كما نص في مادته الثالثة على أن رأس مال المؤسسة يتكون من الإعانات التي تمنحها الدولة لها ومن التبرعات والقروض ومن أموال الشركة العامة للتجارة الداخلية التي تتحول إلى جمعية تعاونية استهلاكية تؤول ملكيتها إلى المؤسسة كما نص في المادة الخامسة على السلطات المخولة لمجلس إدارة المؤسسة ومن بينها تأسيس الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، ونصت المادة 12 من القرار على أن ديوان المحاسبات يقوم بفحص حسابات المؤسسة وتقديم تقرير سنوي لمجلس الإدارة بهذا الفحص، ونص في المادة 13 على أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة يرفع إلى رئيس الجمهورية تقريرا سنويا من أعمال المؤسسة خلال السنة المنتهية مشفوعة بصورة من تقرير ديوان المحاسبات، وتنفيذا لقانون إنشاء المؤسسة صدر قرار مجلس إدارتها بإنشاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية ونص في مادته الأولى على أن رأسمالها يكون مملوكا للمؤسسة وفي هذه النصوص السابقة ما يفصح بجلاء على أن المؤسسة والجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية التي أنشأتها تعتبران من بين المصالح التابعة للدولة فأموالها أموال عامة وأعمالها محل رقابة وإشراف أجهزة الدولة الرسمية ممثلة في ديوان المحاسبات ورئاسة الجمهورية ومن ثم يكون مستخدمو المؤسسة والجمعية التابعة لها موظفون عموميون في حكم المادة 111/ 1 عقوبات الأوراق التي يحررونها للقيام بأعمالهم كقسائم البيع في المجمعات الاستهلاكية من الأوراق الرسمية التي يحررها موظف عمومي مختص بتحريرها.
وحيث إن ما أشار إليه الدفاع بشأن تطبيق المادتين 106 مكرر (أ) وبالتبعية المادة 214 مكرر عقوبات فهو أمر تسايره فيه المحكمة... (ثالثا) إن قول الدفاع عن المتهم بأن الجريمة الحالية ليست حقيقية لأنها وقعت نتيجة تدبير لضبطها ولم يكن الراشي جادا فيما عرضه على المرتشي - ذلك القول - مردود عليه بأن رجال المباحث العسكرية أوصلتهم تحرياتهم الجدية إلى أن هذا المتهم أو غيره يتقاضون الرشاوي في مقابل بيع المواد التموينية المستوردة فعملوا على اكتشاف تلك الجرائم باستئذان النيابة العامة في ضبطها وقد تم كل ذلك فعلا وكان عرض الرشوة من مندوب المباحث جديا في ظاهره قبله المتهم على أنه جدي منتويا العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي فوقعت جريمة الرشوة. وحيث إنه لما تقدم جميعه تكون الدفوع الثلاثة التي أثارها الحاضر مع المتهم لا تستند على أساس سليم من القانون وتكون بالإطراح حريا.... " لما كان ذلك، وكانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقوانين رقم 358 لسنة 1952، 243 لسنة 1953 و4 لسنة 1954 و37 لسنة 1957 و7 لسنة 1963 بعد أن عينت الموظفين الذين يعتبرون من مأموري الضبط القضائي وأجازت لوزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين تلك الصفة بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم - اعتبرت في فقرتها الأخيرة النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص. وكانت المادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1953 في شأن تخويل ضباط البوليس الحربي سلطة رجال الضبط القضائي قد نصت على أن يكون للضباط القائمين بأعمال وواجبات البوليس الحربي صفة رجال الضبط القضائي بالنسبة إلى الأعمال والواجبات التي يكلفون بها من القيادة العامة للقوات المسلحة فإنها بذلك تكون قد أضافت عليهم تلك الصفة بالنسبة إلى كافة الجرائم التي يضبطونها بتكليف من القيادة العامة للقوات المسلحة سواء في ذلك الجرائم التي تقع من أفراد القوات المسلحة أو من المدنيين وذلك لكي يكون للإجراءات التي يتخذونها في شأنها من الأثر القانوني أمام جهات القضاء العادية ما للإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي بصفة عامة. لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 في شأن تنظيم اختصاصات وسلطات القوات المسلحة المعمول به اعتبارا من 22 مارس سنة 1964 قد نصت على نقل اختصاصات وسلطات القائد العام المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 123 لسنة 1962 إلى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن النقيب محمد مازن مشرف قائد المباحث الجنائية العسكرية بالمنطقة الشمالية لم يقم بإجراءات ضبط الطاعن - وهو موظف بقسم البقالة بالجمعية التعاونية الاستهلاكية مجمع استانلي بالإسكندرية - إلا بناء على الأمر الصادر في أول نوفمبر سنة 1964 من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتكليف رجال المباحث الجنائية العسكرية بضبط جميع الجرائم التي تقع في المؤسسة التعاونية الاستهلاكية والجمعيات التابعة لها، وهو ما من شأنه أن يضفي على الضابط المشار إليه صفة مأمور الضبط القضائي ويخوله اختصاصاته في صدد الجرائم المبينة فيه، فإن ما اتخذه من إجراءات الضبط والتفتيش في حق الطاعن في نطاق ذلك الأمر بعد استئذان النيابة العامة يكون صحيحا. لما كان ذلك، وكان القرار الجمهوري رقم 2347 لسنة 1960 بإنشاء المؤسسة العامة التعاونية الاستهلاكية قد نص في مادته الأولى على أن تكون لهذه المؤسسة شخصية اعتبارية كما نص في المادة العاشرة منه على أن يكون لها ميزانية خاصة بها. وجرت المادة الحادية عشرة منه على أن تتكون مواردها بصفة أصلية من المبالغ التي تخصص لها سنويا بميزانية الدولة.... وحددت المادة الرابعة من القرار تشكيل مجلس إدارة للمؤسسة برياسة وزير التموين " المركزي " وعضوية عدد من الوزراء والموظفين وإعمالا للحق المخول لمجلس إدارة المؤسسة في المادة الخامسة في إنشاء جمعيات تعاونية فقد أصدر قرارا بفصل مركز توزيع الشاي من الشركة العامة للتجارة الداخلية واعتباره وحدة تعاونية مستقلة تابعة للمؤسسة التي أصدرت من بعد قرارا آخر بتأسيس الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية على أن يكون رأس مالها - الذي يتكون من أموال مركز الشاي والتوزيع وما تخصصه المؤسسة لها من أموال - مملوكا لها وأن يعتبر مجلس إدارة المؤسسة بمثابة جمعية عمومية لها، وكان القانون رقم 60 لسنة 1963 في شأن المؤسسات العامة الذي كان قائما وقت الحادث قد نص في المادة 15 منه على أن " يتكون رأس مال المؤسسة من (أ) أنصبة الدولة في رؤوس أموال ما يتبع المؤسسة من شركات وجمعيات تعاونية ومنشآت (ب) الأموال التي تخصصها الدولة للمؤسسة " كما نصت المادة 1 منه على أنه " تقوم المؤسسة بفتح حساب في البنك المركزي تؤدي إليه فائض مواردها وتصرف من هذا الحساب في حدود الاعتمادات المخصصة لها في الميزانية العامة، فإذا قل هذا الفائض عن مجموع الاعتمادات المخصصة للمؤسسة في الميزانية التزمت وزارة الخزانة بأن تؤدي إلى هذا الحساب من الميزانية العامة للدولة قيمة الفرق على مدار العام المالي وفقا للقواعد التي تقررها. وإذا زاد هذا الفائض يعود إلى الميزانية العامة للدولة.... " ثم جرت المادة 19 بأن " يكون للمؤسسة ميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة وتعد على نمط الميزانيات التجارية وتعتبر أموال المؤسسة من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة ما لم ينص على خلاف ذلك في القرار الصادر بإنشائها..... " ونصت المادة 20 على أنه " تعتمد ميزانية المؤسسة وحساب الأرباح والخسائر بقرار من رئيس الجمهورية ". لما كان ذلك، وكانت المؤسسات العامة بحسب الأصل أجهزة إدارية لها شخصية اعتبارية مستقلة تنشؤها الدولة لتباشر عن طريقها بعض فروع نشاطها العام وتتبع في إدارتها أساليب القانون العام وتتمتع في ممارستها بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها وكانت المؤسسة العامة التعاونية الاستهلاكية هي التي أسست بمفردها ومن مالها - المملوك للدولة بحكم القانون - الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية وهي التي تتولى الإشراف على شئونها واعتماد قراراتها التنظيمية فإن الجمعية بنظامها بادي الذكر والذي خلا من أي عنصر من عناصر النظام التعاوني كنظام من أنظمة القانون الخاص - تعتبر بحكم القانون جهازا إداريا من أجهزة المؤسسة العامة أو فرعا من فروعها وبالتالي فإن موظفي ومستخدمي تلك الجمعية يعتبرون موظفين ومستخدمين في تلك المؤسسة وتجرى عليهم الأحكام الخاصة بهم. لما كان ذلك، فإن العاملين في المؤسسات العامة والجمعيات والشركات التي تنشؤها بمفردها يكونون في حكم الموظفين العموميين في تطبيق نصوص وأحكام الرشوة عملا بالمادة 111 من قانون العقوبات، ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد صحيحا في القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن التحريات الجدية لرجال المباحث العسكرية قد دلت على أن الطاعن وغيره ممن يعملون معه يتقاضون الرشاوى في مقابل بيع المواد التموينية المستوردة بالزيادة عن المقادير المقررة فاستأذنوا النيابة العامة في ضبط وتفتيش الطاعن وأرسلوا إليه بشاهد الإثبات الأول إمام حلمي الذي طلب منه شراء كمية من السلع المستوردة تزيد على القدر المسموح به لكل فرد في مقابل إعطاءه رشوة فوافقه الطاعن على ذلك وباعه ما طلبه من بضائع نذير مبلغ جنيه تقضاه منه على سبيل الرشوة، فإن الحكم يكون بذلك قد دلل على توافر أركان جريمة الرشوة في حكم المادة 103 من قانون العقوبات. ولا يؤثر في قيامها أن تكون الجريمة قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشي جادا فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جديا في ظاهره وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما اتجه إليه في مقابل ذلك من العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة. وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسة المحاكمة أن النقيب محمد مازن مشرف إذا تخلف عن الحضور اكتفى المدافع عن الطاعن بأقواله في التحقيقات فأمرت المحكمة بتلاوتها وهو ما يفيد التنازل عن سماع أقواله، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي استندت إلى أقوال هذا الشاهد في التحقيقات دون أن تسمعه بالجلسة. وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق