الصفحات

السبت، 1 يناير 2022

الطعن 2296 لسنة 87 ق جلسة 26 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 117 ص 1092

جلسة 26 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل عمارة ، أحمد رضوان ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة ووائل صبحي .
---------------

(117)
الطعن رقم 2296 لسنة 87 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة . المادة 310 إجراءات .

(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير الدليل . موضوعي . متى اقتنعت به المحكمة واطمأنت إليه.

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بالأدلة المطروحة عليه . عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين إلَّا إذا قيده القانون .

الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام النقض .

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

النعي على الحكم اطمئنانه لأقوال الضابط وأخذه بها رغم عدم وجود بلاغ بالحادث . جدل موضوعي . غير جائز أمام النقض .

(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

استناد الحكم المطعون فيه لأدلة إدانة أخرى غير التحريات . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .

(5) قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تحدث الحكم عن توافر القصد الجنائي استقلالاً في جريمة تلقي تبرعات بغير ترخيص . غير لازم . كفاية إيراده من الوقائع والظروف ما يدل على قيامه .

(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

دفاع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة . موضوعي .

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً . علة ذلك ؟

(7) دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

       اطراح الحكم الدفع بعدم جدية التحريات بردٍ سائغ . النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد . غير مقبول .

(8) إثبات " اعتراف " .

الاعتراف بالجريمة بعد وقوعها لا يعد دليلاً على حسن النية .

تقدير مسألة النية . موضوعي .

(9) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

مثال .

(10) قضاة " صلاحيتهم " .

الرغبة في إدانة المحكوم عليه . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره . تقدير الإدانة . متروك له .   

(11) وصف التهمة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

المنازعة في وصف التهمة والدفع بعدم ضبط ممثل الجمعية وسؤاله بالتحقيقات لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .

(12) دفوع " الدفع بعدم الاختصاص " . قانون " تطبيقه " . قرارات وزارية .

         المادتان 76 من القانون 84 لسنة 2002 والأولى من أمر رئيس الوزراء رقم 4 لسنة 1992. علة اختلافهما ؟

       نعي الطاعن بأن جريمة تلقي التبرعات المسندة إليه جنحة معاقب عليها بالمادة 76 من القانون 84 لسنة 2002 ولا ينطبق عليها أمر رئيس مجلس الوزراء رقم 4 لسنة 1992 واستناده إلى ذلك في عدم اختصاص المحكمة . غير مقبول . ما دام الثابت أنه ليس عضواً في جمعية أهلية .

(13) مسئولية جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

دفاع الطاعن بأن تنفيذه للعقوبة يصيبه بضرر جسيم . لا يعفيه من المسئولية الجنائية . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟ 

(14) عقوبة " تطبيقها " . نقض "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .

معاقبة الطاعن بالحبس البسيط لمدة ثلاث سنوات بالمخالفة لحكم المادة 20 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمونها في بيانٍ كافٍ وجلي وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ولا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن قالة القصور التي يرمي به الطاعن الحكم المطعون فيه تكون منتفية .

2- لما كان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، إذ إن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يصح مطالبة قاضي الموضوع بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، إلَّا إذا قيده القانون بدليلٍ معينٍ ينص عليه ، ومتى اقتنع القاضي من الأدلة التي أوردها بأن المتهم ارتكب الجريمة المرفوعة بها الدعوى وجب عليه أن يدينه ويوقع عليه العقاب ، وهذا هو أصل في الاستدلال في المواد الجنائية ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أثبت بأدلة سائغة في العقل والمنطق ارتكاب الطاعن لجريمة تلقي تبرعات بغير ترخيص ، وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وعناصرها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

3- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، فلا جناح على المحكمة إن اعتمدت على أقوال شاهد الإثبات والتي استقاها من تحرياته السرية على النحو الذي شهد به وسطره الحكم في مدوناته في قضائها بالإدانة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته ، وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بشهادته ، فإن ما ينعاه الطاعن في صدد أخذ الحكم بأقوال ضابط الواقعة رغم عدم وجود بلاغ بالحادث يتمخض إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

4- لما كان البيّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى التحريات وحدها في إدانة الطاعن ، وإنما استند إلى أدلة أخرى تساندت جميعها لحمل الإدانة قبل الطاعن – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .

5- لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تلقي تبرعات بغير ترخيص بل يكفي أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .

6- لما كان ما تمسك به الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة ، وأنه ليس المعني بالاتهام ، لا يعدو دفاعاً موضوعياً ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً ، إذ إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع أو ردها عليه ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها إلى أدلة الثبوت التي أقامت عليها قضاءها ، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع .

7- لما كان البيّن من الحكم أنه عرض لما دفع به الطاعن من عدم جدية التحريات ، واطرحه بأسباب ليست محل تعييب ، فإن النعي على الحكم بالقصور إذ أغفل الرد على ذلك الدفع يكون غير صحيح .

8- لما كان الاعتراف بالجريمة بعد وقوعها لا يعتبر دليلاً على حسن النية ، ومسألة النية من المسائل الموضوعية المتروكة لتقدير قاضي الموضوع وحده .

9- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة ، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن للدلالة على نفي ارتكابه جريمة تلقي التبرعات بغير ترخيص ، بما يضحي منعاه على الحكم في هذا الصدد غير سديد .

10- لما كانت حالة المحكمة في الرغبة في إدانة المحكوم عليه مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .

11- لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص أن الضابط مجري التحريات لم يضبط ممثل الجمعية ، وعدم سؤال الأخير بالتحقيقات ، ووصف التهمة أمام محكمة الموضوع ، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون على غير أساس .

12- لما كانت المادة الأولى من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1992 نصت على أنه " يحظر ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية : 6 – جمع التبرعات أو تلقيها أو الدعوة إليها أو الإعلان عنها أو إقامة الحفلات أو الأسواق الخيرية أو إقامة المباريات الرياضية أو غير ذلك من وسائل الحصول على المال لمواجهة آثار الكوارث أو ووفقاً للشروط والأوضاع والضوابط التي يقررها في كل حالة " ولا يرد على ذلك بما جاء بنص الحوادث أو الأخطار أو لأي غرض من الأغراض إلَّا بترخيص من وزير التضامن الاجتماعي المادة 76 من القانون رقم 84 لسنة 2002 ، والتي نصت على أنه " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر يعاقب على الجرائم الواردة في هذا الباب بالعقوبات التالية : ثانياً / ج : تلقى بصفته رئيساً أو عضواً في جمعية أو مؤسسة أهلية سواء كانت هذه الصفة صحيحة أو مزعومة أموالاً من الخارج أو أرسل للخارج شيئاً منها أو قام بجمع التبرعات دون موافقة الجهة الإدارية " فإن الأشخاص الذين يعاقبون بمقتضى المادة الأخيرة هم رئيس أو عضو في جمعية أو مؤسسة أهلية بصفته ، وهذه هي علة اختلاف النصين ، فيكون ما أتاه الطاعن – الذي لا يجادل في أنه ليس عضواً في جمعية أو مؤسسة أهلية – مؤثم بالفقرة السادسة من المادة الأولى من أمر رئيس مجلس الوزراء سالفة البيان التي لم تُلغَ أو تعدل – صراحة أو ضمناً – فإدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بهذه المادة يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً ، ولا يكون قد خالف القانون في شيء ، ويضحي ما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1992 ، وأن الواقعة ينطبق عليها القانون رقم 84 لسنة 2002 ، وعدم اختصاص المحكمة يكون على غير أساس .

13- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن ما يصيبه من ضرر جسيم لا يمكن تداركه من تنفيذ العقوبة – مردوداً – بأن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع ، ولو بياناً لموجبات الرأفة – عند ثبوت الإدانة – يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه ذلك من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فلا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا إلى أنه بفرض صحته لا يعفيه من المسئولية الجنائية ، ولا أثر له على قيام الجريمة .

14- وكانت المادة 20 من قانون العقوبات تنص على أنه " يجب على القاضي أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر " فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس البسيط ثلاث سنوات مع أنه يتعين القضاء بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات بالتطبيق لأحكام المادة 20 سالفة الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

تلقى تبرعات بغرض تقديمها لإحدى الجمعيات بغير ترخيص من وزير الشئون الاجتماعية على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 1/ 6 ، 2 من أمر رئيس مجلس الوزراء رقم 4 لسنة 1992 ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ، وألزمته المصاريف الجنائية .  

فطعـن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقريري الأسباب المقدمة من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة تلقي تبرعات بغير ترخيص من وزير التضامن الاجتماعي ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه خلا من بيانٍ واف لواقعة الدعوى والأسباب التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت في بيان جلي بما يدل على أن المحكمة لم تحط بالواقعة عن بصر وبصيرة ، ودانه الحكم رغم خلو الأوراق من دليل قبله سوى أقوال ضابط الواقعة والتي جاءت مبهمة وغامضة ولا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ، لاسيما وأن الأوراق قد خلت من وجود بلاغ ، وعوَّل على تحريات الشرطة وحدها دون دليل يساندها ، والتفت عن دفوعه بانتفاء القصد الجنائي ، وصلته بالواقعة وأنه ليس المعني بالاتهام ، وعدم جدية التحريات ، وأنه حسن النية ، والدليل على ذلك اعترافه أمام النيابة والمحكمة ، ولم يعرض للمستندات المقدمة منه التي تنفي الاتهام عنه ، وقضت المحكمة بإدانته من أجل الإدانة فقط ، هذا إلى الضابط مجري التحريات لم يضبط ممثل الجمعية ، وخلت التحقيقات من سؤاله ، وأن الفعل المسند إليه لا يخضع للوصف الذي أسبغته النيابة العامة عليه والتي كان يتعين عليها تقديم أوراق الدعوى إلى محكمة الجنح ، ولم تخلع المحكمة على الواقعة الوصف الصحيح لها وتقضي بعدم اختصاصها وإحالة الأوراق إلى محكمة الجنح إذ إنها لا تعدو أن تكون جنحة معاقب عليها بالمادة 76 من القانون رقم 84 لسنة 2002 بشأن قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية ، وأخيراً في تنفيذه للعقوبة أبلغ ضرراً به ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمونها في بيانٍ كافٍ وجلي وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ولا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن قالة القصور التي يرمي به الطاعن الحكم المطعون فيه تكون منتفية . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، إذ إن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يصح مطالبة قاضي الموضوع بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، إلَّا إذا قيده القانون بدليلٍ معينٍ ينص عليه ، ومتى اقتنع القاضي من الأدلة التي أوردها بأن المتهم ارتكب الجريمة المرفوعة بها الدعوى وجب عليه أن يدينه ويوقع عليه العقاب ، وهذا هو أصل في الاستدلال في المواد الجنائية ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أثبت بأدلة سائغة في العقل والمنطق ارتكاب الطاعن لجريمة تلقي تبرعات بغير ترخيص ، وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وعناصرها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، فلا جناح على المحكمة إن اعتمدت على أقوال شاهد الإثبات والتي استقاها من تحرياته السرية على النحو الذي شهد به وسطره الحكم في مدوناته في قضائها بالإدانة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته ، وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بشهادته ، فإن ما ينعاه الطاعن في صدد أخذ الحكم بأقوال ضابط الواقعة رغم عدم وجود بلاغ بالحادث يتمخض إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى التحريات وحدها في إدانة الطاعن ، وإنما استند إلى أدلة أخرى تساندت جميعها لحمل الإدانة قبل الطاعن – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تلقي تبرعات بغير ترخيص بل يكفي أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما تمسك به الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة ، وأنه ليس المعني بالاتهام ، لا يعدو دفاعاً موضوعياً ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً ، إذ إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع أو ردها عليه ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها إلى أدلة الثبوت التي أقامت عليها قضاءها ، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الحكم أنه عرض لما دفع به الطاعن من عدم جدية التحريات ، واطرحه بأسباب ليست محل تعييب ، فإن النعي على الحكم بالقصور إذ أغفل الرد على ذلك الدفع يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف بالجريمة بعد وقوعها لا يعتبر دليلاً على حسن النية ، ومسألة النية من المسائل الموضوعية المتروكة لتقدير قاضي الموضوع وحده . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة ، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن للدلالة على نفي ارتكابه جريمة تلقي التبرعات بغير ترخيص ، بما يضحي منعاه على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت حالة المحكمة في الرغبة في إدانة المحكوم عليه مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص أن الضابط مجري التحريات لم يضبط ممثل الجمعية ، وعدم سؤال الأخير بالتحقيقات ، ووصف التهمة أمام محكمة الموضوع ، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1992 نصت على أنه " يحظر ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية : .... 6– جمع التبرعات أو تلقيها أو الدعوة إليها أو الإعلان عنها أو إقامة الحفلات أو الأسواق الخيرية أو إقامة المباريات الرياضية أو غير ذلك من وسائل الحصول على المال لمواجهة آثار الكوارث أو الحوادث أو الأخطار أو لأي غرض من الأغراض إلَّا بترخيص من وزير التضامن الاجتماعي ووفقاً للشروط والأوضاع والضوابط التي يقررها في كل حالة " ولا يرد على ذلك بما جاء بنص المادة 76 من القانون رقم 84 لسنة 2002 ، والتي نصت على أنه " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر يعاقب على الجرائم الواردة في هذا الباب بالعقوبات التالية : ثانياً / ج : تلقى بصفته رئيساً أو عضواً في جمعية أو مؤسسة أهلية سواء كانت هذه الصفة صحيحة أو مزعومة أموالاً من الخارج أو أرسل للخارج شيئاً منها أو قام بجمع التبرعات دون موافقة الجهة الإدارية " فإن الأشخاص الذين يعاقبون بمقتضى المادة الأخيرة هم رئيس أو عضو في جمعية أو مؤسسة أهلية بصفته ، وهذه هي علة اختلاف النصين ، فيكون ما أتاه الطاعن – الذي لا يجادل في أنه ليس عضواً في جمعية أو مؤسسة أهلية – مؤثم بالفقرة السادسة من المادة الأولى من أمر رئيس مجلس الوزراء سالفة البيان التي لم تُلغَ أو تعدل – صراحة أو ضمناً – فإدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بهذه المادة يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً ، ولا يكون قد خالف القانون في شيء ، ويضحي ما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1992 ، وأن الواقعة ينطبق عليها القانون رقم 84 لسنة 2002 ، وعدم اختصاص المحكمة يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن ما يصيبه من ضرر جسيم لا يمكن تداركه من تنفيذ العقوبة – مردوداً – بأن قعوده عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع ، ولو بياناً لموجبات الرأفة – عند ثبوت الإدانة – يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه ذلك من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فلا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا إلى أنه بفرض صحته لا يعفيه من المسئولية الجنائية ، ولا أثر له على قيام الجريمة . لما كان ذلك ، وكانت المادة 20 من قانون العقوبات تنص على أنه " يجب على القاضي أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر " فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس البسيط ثلاث سنوات مع أنه يتعين القضاء بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات بالتطبيق لأحكام المادة 20 سالفة الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنويه : تم إلغاء القانون 84 لسنة 2002 بموجب القانون 70 لسنة 2017 بإصدار قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي والذي تم إلغاءه بالقانون 149 لسنة 2019 بشأن إصدار قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق