الصفحات

السبت، 4 ديسمبر 2021

الطعن 8201 لسنة 85 ق جلسة 8 / 1 / 2017 مكتب فني 68 ق 3 ص 32

جلسة 8 من يناير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رافع أنور ، عادل عمارة وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة وهشام رضوان عبد العليم .
-------------

(3)

الطعن رقم 8201 لسنة 85 القضائية

حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . إرهاب " الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

حكم الإدانة . بياناته ؟

الجريمتان المنصوص عليهما في المادتين 86 مكرراً ، 86 مكرراً (أ) عقوبات . مناط تحققهما؟

إدانة الطاعنين بجريمة الانضمام إلى جماعة تتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضها دون التدليل على مظاهر الانضمام إليها وقبول العضوية فيها وعلم الطاعنين بأغراضها اكتفاء بسرد المطبوعات المضبوطة في عبارات عامة دون بيان مضمونها واستظهار مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة قانوناً . قصور .

اتخاذ الحكم من تحريات ضابط الأمن الوطني دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام دون إيراد ما يساندها من الأدلة أو القرائن والإشارة إلى مصدرها . قصور يبطله . ولا يغير من ذلك تعويله على أقوال الشاهد وتحرياته . علة ذلك ؟

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : (حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهمين .... ، .... قد انضما إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون يقوم نشاطها على عنصري التنظيم والتخطيط وهي جماعة غير مشروعة أساس عدم مشروعيتها من الأغراض التي تتبناها تلك الجماعة والتي تتمثل في الدعوة إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها وذلك من خلال دعوتها إلى تحريك الشريحة الطلابية من عناصرها والتيارات الدينية المتشددة الموالية لها بجامعتي .... و .... ومختلف القطاعات العمالية ومؤسسات الدولة ذوي المطالبات الفئوية على التظاهر لتعطيل الدراسة وقطع الطرق العامة وتعطيل حركة المرور والمواصلات وذلك بغرض الضغط على النظام القائم بالبلاد ومحاولة إفشاله وإسقاطه مع علمهما بأغراض تلك الجماعة ووسائل تحقيقها واتجاه إرادتهما لتحقيق هذا الغرض الغير مشروع وإسهامهما في ذلك وقد ضبط لديهما كيسة كمبيوتر وأوراق وأدوات تدلل على انضمامهما إلى تلك الجماعة غير المشروعة وقد تضمن محتوى تلك المضبوطات ما يفيد بيان غرض الجماعة واتجاه إرادة أعضائها إلى تهديد النظام العام القائم بالبلاد والإخلال بالأمن العام والسلام الاجتماعي) واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من أقوال الضابطين .... ، .... وما أسفر عنه تفتيش مسكن المتهم الأول وغرفة المتهم الثاني من مضبوطات ، وحيث إن القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى تلك الأدلة التي استخلصت منها الإدانة وسرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذه ، وإلَّا كان الحكم قاصراً . لما كان ذلك ، وكان يشترط لتحقق أركان الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 86 مكرراً ، 86 مكرراً (أ) من قانون العقوبات ، وذلك بعد أن عرف ذلك القانون في المادة 86 منه والمضافة بالقانون 97 لسنة 1992 المقصود بكلمة الإرهاب في تطبيق أحكامه واللتين دين بهما الطاعنين أنها لا تحقق إلَّا بتوافر عنصرين ؛ أولهما : مادي ويتمثل في مظاهر القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني ، فالسلوك الإجرامي في جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بما يشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدم القوة أو التهديد أو الترويع بها على النحو الذى حدده القانون ، ويتسع هذا المعنى إلى الصور التي خلفتها التكنولوجيا الحديثة فلا يقف عند المعنى المادي للعنف ، فيعتبر من قبيل العنف المكون للإرهاب استخدام نظم المعلومات لأغراض إرهابية . وثانيهما : يتمثل في القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة ، فيشترط اتجاه إرادة الجاني إلى استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع مع علمه أن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالحقوق والمصالح التي حددتها المادة 86 من قانون العقوبات ، فيشترط أن يكون الغرض من العمل الإرهابي هو الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وبذلك يشتمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب في عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو لدى الجمهور العام ، أو إكراه إحدى السلطات على تغير موقعها سواء بإرغامها على أداء عمل أو الامتناع عنه أو خلق حالة من الأزمة ، أو خلق حالة تمرد عام أو تهديد الاستقرار أو السلامة أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة ، ويستخلص القصد الجنائي من مضمون أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجاني والتي اعتبرها المشرع صورة للسلوك الإجرامي ونتيجته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين متخذه من الإرهاب وسيلة لتحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها ، دون أن يدلل على انضمام الطاعنين إلى هذه الجماعة ، كتجمع منظم بين عدة أشخاص توافر الاتفاق فيما بينهم ، وقبول العضوية فيها سواء بناء على طلبهما أو قبول دعوة الجماعة إياهما لهذا الانضمام ، وبيان مظاهر ذلك ، وعلم الطاعنين بالأغراض التي تدعو إليها الجماعة ، كما اكتفى الحكم بسرد عبارات عامة لدى بيانه للمطبوعات التي تم ضبطها بمسكن الطاعن الأول وغرفة الطاعن الثاني وهي أن كيسة الكمبيوتر المضبوطة بمسكن المتهم الأول تحتوي على عدد من مقاطع الفيديو الخاصة بفض اعتصام ميدان رابعة العدوية وأخرى لإسقاطات ساخرة عن ثورة 30 يونيو كما ضبط لديه بطاقة حمراء مدون عليها كلمة " ارحل " من جهة وعبارة " إحنا الشعب الخط الأحمر " من الجهة الأخرى ونظارة مياه وكمامة وأنه قد ضبط بغرفة المتهم الثاني عشرون ورقة مدون عليها كلمة " باطل " وورقتين مدونتين بالمداد الأزرق تحت عنوان " وصيتي " وفحواهما أنها وصيته لأهله عامة ولوالديه خاصة أنه إذا استشهد في أحداث ما أو توفاه الله في أحداث ما فعليهم أن يحتسبوه شهيداً عند ربه كما ضبط لديه قطعة من السلك الشبكي مربوط بها قطعة من الأستيك تستخدم كقناع دون أن يبين مضمونها بطريقة وافية أو يستظهر مدى مطابقتها للأهداف التي أثمها القانون على نحو لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقها مع باقي الأدلة في الدعوى . لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في بيان أركان الجريمة ومؤدى الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها ، حكماً لسواه ، وكان من المقرر أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلَّا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من تحريات الشاهد الأول الضابط بقطاع الأمن الوطني وأقواله بشأنها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر التحريات للتحقق من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب أيضاً من هذه الناحية بما يبطله، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان ، أن يكون قد عول في الإدانة على ما ورد بأقوال الشاهد الأول وتحرياته وأقواله بشأنها ، ذلك أنها - وكما حصلها الحكم في مدوناته - قد خلت مما يفيد رؤيته للطاعنين يرتكبان الفعل المادي للجرم المسندة إليهما ، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى أقوال الشاهد سالفة الذكر ، لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة أساسية على التحريات ، وهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال .                                          

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

        اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم :

أولاً - المتهمون جميعاً :

انضموا إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها وكان استعمال القوة والإرهاب ملحوظاً في ذلك بغية الضغط على سلطات الدولة لتحقيق مكاسب سياسية ولإشاعة الفوضى في ربوع البلاد .

ثانياً - المتهمان الأول والثاني :

الأول : حاز مطبوعات ومنشورات تسجيلات .

الثاني : حاز مطبوعات بقصد الترويج لأغراض العصابة سالفة الذكر الغرض منها اطلاع الغير عليها وتعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها واستخدام الإرهاب لتحقيق تلك الأغراض .

الثالث : حاز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( نبلة وخمس كرات مطاطية ) دون أن يوجد لحيازتها مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 30 ، 86 مكرراً من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة الأول والثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما والمصاريف الجنائية وبمصادرة المضبوطات وببراءة المتهم الثالث بحسب أن ما أسند إلى الطاعنين هو جريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها مع علمها بأغراضها .

فطعـن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهما بأغراضها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأنه جاء في صيغة مرسلة ولم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والأدلة التي عول عليها في الإدانة ومؤداها ، ودون أن يبين مدى مطابقة ما ضبط بحوزتهما من مضبوطات للأهداف المؤثمة في القانون وصلتها بالجريمة المسندة إليهما ، ولم يأت الحكم بشواهد مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها سوى ما جاء بتحريات الشاهد الأول الضابط بقطاع الأمن الوطني وأقواله بشأنها دون أن تكون معززة بدليل آخر ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : ( حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهمين .... ، .... قد انضما إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون يقوم نشاطها على عنصري التنظيم والتخطيط وهي جماعة غير مشروعة أساس عدم مشروعيتها من الأغراض التي تتبناها تلك الجماعة والتي تتمثل في الدعوة إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها وذلك من خلال دعوتها إلى تحريك الشريحة الطلابية من عناصرها والتيارات الدينية المتشددة الموالية لها بجامعتي .... و .... ومختلف القطاعات العمالية ومؤسسات الدولة ذوي المطالبات الفئوية على التظاهر لتعطيل الدراسة وقطع الطرق العامة وتعطيل حركة المرور والمواصلات وذلك بغرض الضغط على النظام القائم بالبلاد ومحاولة إفشاله وإسقاطه مع علمهما بأغراض تلك الجماعة ووسائل تحقيقها واتجاه إرادتهما لتحقيق هذا الغرض الغير مشروع وإسهامهما في ذلك وقد ضبط لديهما كيسة كمبيوتر وأوراق وأدوات تدلل على انضمامهما إلى تلك الجماعة غير المشروعة وقد تضمن محتوى تلك المضبوطات ما يفيد بيان غرض الجماعة واتجاه إرادة أعضائها إلى تهديد النظام العام القائم بالبلاد والإخلال بالأمن العام والسلام الاجتماعي ) واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من أقوال الضابطين .... ، .... وما أسفر عنه تفتيش مسكن المتهم الأول وغرفة المتهم الثاني من مضبوطات ، وحيث إن القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى تلك الأدلة التي استخلصت منها الإدانة وسرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذه ، وإلَّا كان الحكم قاصراً . لما كان ذلك ، وكان يشترط لتحقق أركان الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 86 مكرراً ، 86 مكرراً (أ) من قانون العقوبات ، وذلك بعد أن عرف ذلك القانون في المادة 86 منه والمضافة بالقانون 97 لسنة 1992 المقصود بكلمة الإرهاب في تطبيق أحكامه واللتين دين بهما الطاعنين أنها لا تحقق إلَّا بتوافر عنصرين ؛ أولهما : مادي ويتمثل في مظاهر القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني ، فالسلوك الإجرامي في جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بما يشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدم القوة أو التهديد أو الترويع بها على النحو الذى حدده القانون ، ويتسع هذا المعنى إلى الصور التي خلفتها التكنولوجيا الحديثة فلا يقف عند المعنى المادي للعنف ، فيعتبر من قبيل العنف المكون للإرهاب استخدام نظم المعلومات لأغراض إرهابية . وثانيهما : يتمثل في القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة ، فيشترط اتجاه إرادة الجاني إلى استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع مع علمه أن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالحقوق والمصالح التي حددتها المادة 86 من قانون العقوبات ، فيشترط أن يكون الغرض من العمل الإرهابي هو الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وبذلك يشتمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب في عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو لدى الجمهور العام ، أو إكراه إحدى السلطات على تغير موقعها سواء بإرغامها على أداء عمل أو الامتناع عنه أو خلق حالة من الأزمة ، أو خلق حالة تمرد عام أو تهديد الاستقرار أو السلامة أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة ، ويستخلص القصد الجنائي من مضمون أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجاني والتي اعتبرها المشرع صورة للسلوك الإجرامي ونتيجته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين متخذه من الإرهاب وسيلة لتحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها ، دون أن يدلل على انضمام الطاعنين إلى هذه الجماعة ، كتجمع منظم بين عدة أشخاص توافر الاتفاق فيما بينهم ، وقبول العضوية فيها سواء بناء على طلبهما أو قبول دعوة الجماعة إياهما لهذا الانضمام ، وبيان مظاهر ذلك ، وعلم الطاعنين بالأغراض التي تدعو إليها الجماعة ، كما اكتفى الحكم بسرد عبارات عامة لدى بيانه للمطبوعات التي تم ضبطها بمسكن الطاعن الأول وغرفة الطاعن الثاني وهي أن كيسة الكمبيوتر المضبوطة بمسكن المتهم الأول تحتوي على عدد من مقاطع الفيديو الخاصة بفض اعتصام ميدان رابعة العدوية وأخرى لإسقاطات ساخرة عن ثورة 30 يونيو كما ضبط لديه بطاقة حمراء مدون عليها كلمة " ارحل " من جهة وعبارة " إحنا الشعب الخط الأحمر " من الجهة الأخرى ونظارة مياه وكمامة وأنه قد ضبط بغرفة المتهم الثاني عشرون ورقة مدون عليها كلمة " باطل " وورقتين مدونتين بالمداد الأزرق تحت عنوان " وصيتي " وفحواهما أنها وصيته لأهله عامة ولوالديه خاصة أنه إذا استشهد في أحداث ما أو توفاه الله في أحداث ما فعليهم أن يحتسبوه شهيداً عند ربه كما ضبط لديه قطعة من السلك الشبكي مربوط بها قطعة من الأستيك تستخدم كقناع دون أن يبين مضمونها بطريقة وافية أو يستظهر مدى مطابقتها للأهداف التي أثمها القانون على نحو لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقها مع باقي الأدلة في الدعوى . لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في بيان أركان الجريمة ومؤدى الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها ، حكماً لسواه . وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلَّا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اتخذت من تحريات الشاهد الأول الضابط بقطاع الأمن الوطني وأقواله بشأنها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر التحريات للتحقق من صدق ما نقل عنه ، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب أيضاً من هذه الناحية بما يبطله، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان ، أن يكون قد عول في الإدانة على ما ورد بأقوال الشاهد الأول وتحرياته وأقواله بشأنها ، ذلك أنها - وكما حصلها الحكم في مدوناته - قد خلت مما يفيد رؤيته للطاعنين يرتكبان الفعل المادي للجرم المسندة إليهما ، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى أقوال الشاهد سالفة الذكر ، لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة أساسية على التحريات ، وهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال . ولما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة للطاعنين بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق