الصفحات

الأربعاء، 1 ديسمبر 2021

الطعن 6235 لسنة 73 ق جلسة 8 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 32 ص 195

جلسة 8 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ محمد برهام عجيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طارق سيد عبد الباقي، أحمد برغش، حازم نبيل البناوي وحاتم موسى نواب رئيس المحكمة.

---------------

(32)

الطعن 6235 لسنة 73 ق

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق".
المستعمل لحقه استعمالا مشروعا. عدم مسئوليته عما ينشأ عن ذلك من ضرر. الاستعمال غير المشروع للحق. مناطه. ألا يقصد به سوى الإضرار بالغير. تحققه بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق. المادتان 4، 5 مدني.

(2) تعويض "من صور التعويض: التعويض عن إساءة حق الإبلاغ والشكوى". مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم".
حقا الإبلاغ والشكوى. من الحقوق العامة التي تثبت للكافة. استعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض. الاستثناء. الانحراف بالحق عما وضع له وكيدية استعماله ابتغاء مضارة الخصم.

(3 ، 4) مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم".
(3) الإبلاغ عن الجرائم. عدم اعتباره خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ. الاستثناء. ثبوت كذب الواقعة المبلغ بها وأن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.

(4) مساءلة الموظف لإساءة استعمال حقه. شرطه. انحرافه في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه بقصد الإضرار بالغير لأغراض نابية عن المصلحة العامة.

(5 ، 6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الخطأ الموجب للمسئولية". مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر المسئولية: الخطأ".
(5) قاضي الموضوع. سلطته في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. شرطه. إقامة قضائه على أسباب سائغة تكفي لحمله.

(6) قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض الدعوى لانتفاء خطأ المطعون ضدهم استنادا لما استخلصه من الأوراق بعدم ثبوت كذب البلاغ المقدم ضد الطاعنة وعدم قصد الإضرار بها. استخلاص سائغ. النعي عليه بتعييب ذلك الاستخلاص. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. أثره. على غير أساس.

(7 - 10) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون" "رقابة محكمة النقض". مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصر المسئولية: الخطأ" "المسئولية عن إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم، حق النشر وحق النقد".
(7) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي ذلك عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.

(8) حرية الصحفي في نشر ما يحصل عليه من معلومات أو أخبار من مصادرها. م 8 من القانون رقم 96 لسنة 1996 في شأن سلطة الصحافة. ضوابطها. التزامه فيما ينشره بالمقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على سمعتهم أو انتهاك محارم القانون.

(9) حصانة النشر. قصرها على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا. عدم امتدادها للتحقيق الابتدائي والتحقيقات الأولية أو الإدارية. المادتان 189، 190 عقوبات. علة ذلك. أثره. تحمل الناشر نشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يتخذ فيها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة للمحاكمة.

(10) خطأ الناشر الموجب للمسئولية المدنية. عدم اشتراط سوء النية لتحققه. عدم نفي ذلك بتصحيح الخبر محل النشر. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى التعويض بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول عن الأضرار الناجمة عن خطأ الناشر استنادا إلى أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعنة مستقي من مصادر رسمية هي شرطة المسطحات المائية بناء على البلاغ المقدم إليها واعتبار ذلك من قبيل النشر المباح. مخالفة للقانون.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إنه طبقا للمادتين الرابعة والخامسة أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن حقي الإبلاغ والشكوى من الحقوق العامة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا أثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة خصمه.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها أو أن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إساءة الموظف استعماله لحقه تقتضي قيام الدليل على أنه انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي اتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.

6 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى لانتفاء خطأ المطعون ضدهم عدا الثلاثة الأول على سند مما استخلصه من سائر أوراقها ومستنداتها من عدم ثبوت كذب البلاغ المقدم ضد الطاعنة ولم يكن بقصد الكيد أو الإضرار بها أو وليد تسرع ورعونة، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، وإذ يدور النعي في هذا الصدد حول تعييب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده التاسع، فإن ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن يكون غير صحيح، ومن ثم يضحى النعي برمته على غير أساس.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة الثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1996 في شأن سلطة الصحافة - الذي يحكم واقعة النزاع - أنه وإن كان للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من معلومات أو أخبار من مصادرها إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانه النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية، إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته إذ إن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، ومن ثم فإنه يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها في الدستور.

10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يشترط لتحقق خطأ الناشر الموجب للمسئولية المدنية ثبوت سوء النية لديه ولا ينفيه تصحيح الخبر محل النشر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعنة مستقى من مصادر رسمية هي شرطة المسطحات المائية بناء على البلاغ المقدم إليها وما تم فيه من إجراءات وما اتخذ بشأنه من تحقيقات، بما يعد من قبيل النشر المباح، فإنه يكون قد خالف القانون.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 1998 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين أن يؤدوا إليها تعويضا مقداره مليون جنيه، وقالت بيانا لذلك إنها مارست نشاط تجارة وبيع القطن وإذ صدر قرار وزير الاقتصاد والتجارة بحظر الاحتفاظ بالقطن الشعر الغير مرتبط بعقود مدة تزيد على ثلاثين يوما وقد حصلت على مهلة إضافية سبعة أيام وخلالها تعاقدت على بيع كمية من القطن المذكور، إلا أن المطعون ضده الرابع بصفته أبلغ ضدها شرطة المسطحات المائية بحيازتها لتلك الكمية بالمخالفة للقرار الوزاري المشار إليه وحرر المحضر الإداري رقم ... لسنة 1996 ثان المنصورة وحفظ إداريا وقد عقد محرر المحضر مؤتمرا صحفيا نسب لها مخالفة القانون وإلقاء القبض عليها ونشر هذا الخبر بجريدة الأهرام، ولما كانت تلك الوقائع المذكورة تشكل جريمة بقصد التشهير والإساءة والنيل منها مما أصابها بأضرار مادية وأدبية، ومن ثم أقامت الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 119 ق القاهرة، وبتاريخ 17/ 9/ 2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل ما تنعى الطاعنة بهما عدا الوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق، إذ نفى خطأ المطعون ضدهم عدا الثلاثة الأول بقالة عدم ثبوت كذب البلاغ ولم يقصد به الكيد والإضرار بها، وهي عبارات مرسلة ومبهمة وتخالف الثابت بالمستندات المقدمة منها الدالة على توفر الخطأ في جانبهم كما أن الحكم قضى بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده التاسع رغم إنه كان خصما أمام محكمة أول درجة، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر طبقا للمادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وأن حقي الإبلاغ والشكوى من الحقوق العامة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا أثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة خصمه، وأن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها أو أن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، كما أن من المقرر أن إساءة الموظف استعماله لحقه تقتضي قيام الدليل على أنه انحراف في أعمال وظيفته عن مقتضى الواجب المفروض عليه وأنه لم يتصرف التصرف الذي اتخذه إلا بقصد الإضرار لأغراض نابية عن المصلحة العامة، فإذا انتفى ذلك القصد وتبين للقاضي أن العمل الذي أتاه الموظف قد أملاه واجب الوظيفة فلا يصح القول بأنه أساء استعمال حقه، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية عن التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى لانتفاء خطأ المطعون ضدهم عدا الثلاثة الأول على سند مما استخلصه من سائر أوراقها ومستنداتها من عدم ثبوت كذب البلاغ المقدم ضد الطاعنة ولم يكن بقصد الكيد أو الإضرار بها أو وليد تسرع ورعونه، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، وإذ يدور النعي في هذا الصدد حول تعييب هذا الاستخلاص، فإنه لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده التاسع فإن ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن يكون غير صحيح، ومن ثم يضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وذلك حين نفى عن المطعون ضدهم الثلاثة الأول الخطأ الموجب للمسئولية استنادا إلى أن ما تم نشره بجريدة الأهرام لا يعدو أن يكون من قبيل البلاغات الرسمية نقلا عن شرطة المسطحات المائية مما يدخل في نطاق النشر المباح، في حين أن ما أسندته الجريدة إلى الطاعنة وعلى نحو ما تم نشره من شأنه أن يلقي في الأذهان صحة الأمور المدعاة وقيامها بارتكاب الأفعال الواردة بها مما يعد إساءة لاستعمال الصحفي لحق النشر وحريته في ذلك بما يوجب مسئوليتهم، وإذ خالف الحكم هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، كما أن من المقرر أن مفاد نص المادة الثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1996 في شأن سلطة الصحافة - الذي يحكم واقعة النزاع - أنه وإن كان للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من معلومات أو أخبار من مصادرها إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون، وأن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية، إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته، إذ أن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ومن ثم فإنه يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها في الدستور، كما أنه لا يشترط لتحقق خطأ الناشر الموجب للمسئولية المدنية ثبوت سوء النية لديه ولا ينفيه تصحيح الخبر محل النشر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعنة مستقى من مصادر رسمية هي شرطة المسطحات المائية بناء على البلاغ المقدم إليها وما تم فيه من إجراءات وما اتخذ بشأنه من تحقيقات، بما يعد من قبيل النشر المباح، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به في هذا الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق