الصفحات

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

الطعن 1 لسنة 29 ق جلسة 25 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 تنازع اختصاص ق 1 ص 1

جلسة 25 من مارس سنة 1961

برياسة السيد مصطفي فاضل رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، والإمام الخريبي، وعلى بغدادي، ومصطفي كامل إسماعيل المستشارين.

---------------

(1)
الطلب رقم 1 لسنة 29 ق "محكمة تنازع الاختصاص"

محكمة التنازع "مناط اختصاصها":
وفقاً للمادة 16/ 2 من القانون رقم 56 لسنة 1959 هو وجود حكمين متناقضين أحدهما صادر من جهة القضاء العادي والآخر من جهة القضاء الإداري.

--------------
مناط اختصاص محكمة تنازع الاختصاص وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية والفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147/ 1949 هو وجود حكمين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية بحيث إذا انتفي هذا التناقض فإن الطلب يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعة الدعوى - حسبما يستفاد من الأوراق - تتحصل في أن السيدة نبوية الشناوي كانت قد أودعت بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1936 في صندوق توفير مصلحة البريد بمقتضى دفتر التوفير رقم 6381 مجموعة رقم 44 مبالغ باسم الآنسة مريم صالح نعيم المصرية الجنسية والبالغة من العمر 7 سنوات والطالبة بمدرسة الفرنسيسكان وقد بلغ رصيد هذا الدفتر حتى 17/ 3/ 1948 مبلغ 488 جنيهاً، 520 مليماً وقد توفيت المودعة في 30 ديسمبر سنة 1944 فتقدمت السيدة مريم صالح نعيم إلى إدارة صندوق توفير البريد في 15/ 3/ 1948 بالدفتر المذكور طالبة صرف الرصيد المستحق لها وإذ تبين لإدارة صندوق التوفير أن أوصاف المودع لحسابها والثابتة بالدفتر تختلف عن أوصاف طالبة الصرف وهي حبشية مسيحية تبلغ من العمر خمسين عاماً فإن الإدارة المذكورة امتنعت عن الصرف بعد أخذ رأي مستشار الدولة الذي أفتى بعدم الصرف إلا بعد استصدار الطالبة حكماً بالأحقية في صرف المبلغ المودع، فتظلمت السيدة مريم صالح نعيم من هذا القرار لمدير عام مصلحة البريد ولكن دون جدوى، فرفعت الدعوي رقم 170 لسنة 3 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبة إلغاء القرار الإداري بعدم الصرف تأسيساً علي أن القانون ومجموعة الأوامر العالية واللائحة التنفيذية الصادرة بشأن صندوق التوفير سنة 1910 وعلى الأخص المادة 7 منها تنص علي أن الدفتر ملك لصاحبه الذي يحمل اسمه ما دام حامل الدفتر قد أثبت شخصيته وأنه هو صاحب الاسم الذي صدر به الدفتر المذكور مما يجعل امتناع المصلحة عن الصرف بغير حق - وعند نظر الدعوي أمام محكمة القضاء الإداري دفعت مصلحة البريد بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي علي أساس أن العلاقة بينها وبين المدعية علاقة مدنية بحتة تقوم بين مودع ومودع لديه - وفي 14/ 3/ 1950 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم الاختصاص وفي الموضوع برفض الدعوي مقيمة قضائها في الدفع بأن العبرة بطلبات المدعية وهي إذ تطلب إلغاء قرار إداري نهائي برفض طلب الصرف إليها فهو طلب يدخل في اختصاص المحكمة بنص المادة 3/ 6 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955. وأما بالنسبة للموضوع فإنه قد ثبت من التحقيق الإداري ومن دفتر التوفير ذاته أن هناك اختلافاً جوهرياً في البيانات الواردة في الدفتر عن أوصاف المدعية وأن العبرة ليست باسم المودع له فقط بل لابد أن تتوافر كافة البيانات الأخرى المدونة بالدفتر والمثبتة لشخصية المودع لحسابها وأن مجرد حيازة المدعية للدفتر لا يقطع بأنها صاحبته ومن ثم فليس للمدعية الحق في استرداد المبلغ المودع وأنه لا مخالفة في القرار المطعون فيه للقانون - توفيت مريم صالح نعيم في سنة 1952 وورثتها ابنتها الوحيدة شفيقة إبراهيم صالح فتقدمت هذه إلى رئاسة محكمة القاهرة الابتدائية تطلب استصدار أمر أداء ضد مصلحة البريد وقد صدر هذا الأمر بإلزام مصلحة البريد بأن تدفع لها مبلغ 522 جنيهاً و110 مليمات وهو قيمة رصيد الدفتر المشار إليه وفوائده حتى تاريخ تقديم طلب أمر الأداء - عارضت مصلحة البريد في هذا الأمر وفي أثناء نظر المعارضة دفعت مصلحة البريد بعدم اختصاص القضاء المدني بنظر الدعوي لأن القضاء فيها بالإلزام فيه إلغاء للقرار الإداري النهائي الصادر من إدارة صندوق التوفير بالامتناع عن صرف المبلغ المودع كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من محكمة القضاء الإداري بالحكم رقم 170 لسنة 3 ق المشار إليه - وبتاريخ 17/ 11/ 1956 قضت المحكمة المدنية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي وبنظرها وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المعارض ضدها "شفيقة صالح إبراهيم" بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أن مورثتها مريم صالح نعيم هي بذاتها المودع لحسابها المبلغ الثابت بالدفتر وصرحت للمعارضة بنفي ذلك بذات الطرق مقيمة قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص علي القول بأن الأعمال التي تباشرها الإدارة في شأن صندوق التوفير لها مجالان أحدهما تعاقدي بحت والآخر إداري صرف ولكل خصائصه وأن للإدارة إصدار قرارات إدارية دون أن يكون لها مساس بذات العقد القائم بين الطرفين والذي يبقى قائماً حتى تفصل المحكمة المختصة في شأنه والقرار الإداري المشار إليه إنما علق صرف المبلغ المودع علي صدور حكم بالأحقية من الجهة القضائية المختصة وهو عين ما فعلته المعارض ضدها برفعها هذه الدعوى إعمالاً وتنفيذاً للقرار الإداري المشار إليه وهي بدعواها إنما تطلب أصل الحق الذي تحكمه علاقة المودع بالمودع لديه وهي علاقة مدنية بحتة تخضع لأحكام القانون المدني هذا فضلاً عن أن محكمة القضاء الإداري حين تعرضت في أسباب حكمها لمسألة الأحقية في الصرف إنما كان نطاق هذا البحث والغرض منه التحقق من مطابقة أو عدم مطابقة القرار الإداري بالامتناع عن الصرف للقانون لا للفصل في موضوع الأحقية ذاته الذي لم يكن معروضاً عليها وبالتالي فلا تحوز أسباب ذلك الحكم الإداري في هذا الشأن حجية ما أمام هذه المحكمة المدنية، وبعد أن سمعت المحكمة الشهود قضت بتاريخ 16/ 6/ 1975 برفض المعارضة وتأييد أمر الأداء المعارض فيه. استأنفت مصلحة البريد هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 840 سنة 74 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف وإلغاء أمر الأداء المعارض فيه وبتاريخ 27/ 11/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بتأبيد الحكم المستأنف، ولما كان هناك حكمان أولهما صادر من محكمة القضاء الإداري برقم 170 لسنة 3 ق قضى برفض طلب الصرف والثاني رقم 840 لسنة 74 ق صادر من محكمة استئناف القاهرة وهو يقضي بأحقية المودع لها بالصرف وكلاهما نهائي ويخالف أحدهما الآخر فقد تقدمت مصلحة البريد في 14/ 1/ 1959 بعريضة إلى قلم كتاب محكمة النقض طلبت للأسباب الواردة بها وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الاستئناف رقم 840 لسنة 74 ق وفي الموضوع بتحديد جلسة لنظره والحكم بعدم الاعتداد بحكم محكمة الاستئناف المشار إليه واعتبار حكم محكمة القضاء الإداري رقم 170 لسنة 3 ق هو الواجب التنفيذ وقد أسست المصلحة هذا الطلب علي تمسكها بعدم اختصاص القضاء المدني ولائياً بإصدار أمر الأداء المشار إليه لانطوائه علي إلغاء للقرار الإداري النهائي الصادر من مصلحة البريد بالامتناع عن الصرف وهو ما يتعارض مع حكم المادة 18 من قانون نظام القضاء والمادة 8 من القانون 165 لسنة 1955 ولصدور هذا الأمر بالأداء علي خلاف حكم سابق صادر من محكمة القضاء الإداري حائزاً لقوة الأمر المقضي هذا فضلاً عن أن العلاقة بين الخصمين المتنازعين هي علاقة قانونية لائحية لا علاقة عقدية تخضع لأحكام القانون العام وأن أداة السلطة العامة في هذا المجال هو القرار الإداري ولما كان حكم محكمة القضاء الإداري قد انتهي إلى مشروعية القرار القاضي بالامتناع عن الصرف وصحته قانوناً فإن حكم المحكمة المدنية يكون قد تعرض لهذا القرار الإداري بالإلغاء في حين أنه غير مختص بذلك كما أصبح متعارضاً مع حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي في موضوع واحد وبين ذات الخصوم أنفسهم مما يتعين طرحه علي هيئة تنازع الاختصاص بمحكمة النقض وفقاً لنص المادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 للحكم فيه بالطلبات السابق الإشارة إليها. وبتاريخ 24/ 5/ 1959 أصدر السيد رئيس المحكمة قراراً برفض الطلب الوقتي الخاص بوقف التنفيذ وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها في موضوع الطلب بتاريخ 17/ 1/ 1960 انتهت فيها إلى عدم قبول الطلب أو رفضه.
وحيث إن مناط اختصاص هذه المحكمة وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية وهي المقابلة للفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء السابق رقم 147 لسنة 1949 وجود حكمين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية.
وحيث إنه لما كان يبين من مراجعة الحكم رقم 170 لسنة 3 ق الصادر من محكمة القضاء الإداري برفض طلب إلغاء القرار الإداري بالامتناع عن صرف المبلغ المودع لعدم مخالفته للقانون أنه بني علي أن مصلحة البريد كانت علي حق في قرارها بالامتناع عن الصرف لما قام لديها من شبهة حول شخصية طالبة الصرف بسبب اختلاف البيانات الواردة عنها بدفتر التوفير عن البيانات التي أدلت بها المودع لحسابها من ناحية الجنسية والدين والسن وهي شبهات تسوغ هذا الامتناع ونزولاً من المصلحة كذلك علي حكم مضمون فتوى مستشار الرأي بمجلس الدولة بالامتناع عن الصرف حتى تستصدر الطالبة حكماً بأحقيتها في الصرف من الجهة المختصة وكان الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة رقم 840 لسنة 74 ق بعد أن تحقق من شخصية طالبة الصرف وتثبته من أنها هي بذاتها صاحبة المبلغ المودع والمبين بدفتر التوفير قضي لوارثتها بأحقيتها في صرفه فإن هذا الحكم المدني يكون قد أزال العقبة المانعة من الصرف بعد أن جلا الشبهة التي أحاطت بشخص المودع لها وكانت سبباً في الامتناع عن الصرف وهو بهذا يعتبر متمماً لقضاء محكمة القضاء الإداري ومنفذاً له ومتفقاً مع الغاية التي كانت تنشدها مصلحة البريد من وراء هذا الامتناع عن الصرف، ومن ثم فلا يكون ثمة تناقض بين الحكمين في معنى المادة 19 من قانون السلطة القضائية 56 لسنة 1959 المشار إليه وبالتالي يكون الطلب غير مقبول - ولا عبرة بما تزيدت فيه محكمة القضاء الإداري من التعرض لبحث موضوع الأحقية في الصرف لأن ذلك فضلاً عن خروجه عن نطاق الخصومة التي كانت مطروحة عليها ولم تكن بها ثمة حاجة إليه للفصل في طلب إلغاء القرار الإداري أو رفضه فإنه أمر يخرج أصلاً عن ولايتها بالفصل فيه ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق