الصفحات

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

الطعن 916 لسنة 82 ق جلسة 16 / 6 / 2015

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة العمالية
برئاسة السيد المستشار / عاطف الأعصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد زعلوك , محمد عبد الظاهر نائبى رئيس المحكمة خالد بيومي و حازم رفقى
ورئيس النيابة السيد / خالد ربيعى .
وأمين السر السيد / حسين محمد حسن .
-----------------
اختصاص " اختصاص المحكمة العمالية " . دعوى " المنازعات العمالية " . حكم .

المحكمة العمالية . مقصودها . دوائر محددة في كل محكمة ابتدائية تختص بالفصل في المنازعات العمالية . م ٧١ ق العمل المعدل بق ١٨٠ لسنة ٢٠٠٨ . مؤداه . اعتبارها تنظيم عمل إدارى داخل كل محكمة لا يخلق نوعاً جديداً من الاختصاص . علة ذلك . التزام الحكم المطعون فيه بذلك ومضيه في نظر النزاع . صحيح .
---------------

إذ كان أن الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه تم اختصام جميع المحكوم عليهم أمام محكمة أول درجة ومن بينهم من أشارت إليهم النيابة في دفعها ، هذا إلى أنه تم اختصام الطاعنين الأول والثانى بصفتيهما الممثلين القانونيين للشركة الطاعنة أمام درجتى التقاضى فضلاً عن أن الحق في التعويض يقبل التجزئة.
---------------

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .

فى يوم الثلاثاء 29 من شعبان سنة 1436ه الموافق 16 من يونيه سنة 2015 م .

أصدرت الحكم الآتى :

فى الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 916 لسنة 82 القضائية .

المرفوع من
ورثة المرحوم/ إبراهيم عادل حسن وهم :
1 السيدة / سناء المراغى يوسف .
2 السيد/ طارق إبراهيم عادل حسن .
3 السيد/ محمد إبراهيم عادل حسن .
4 السيدة / إيمان إبراهيم عادل حسن .
5 السيدة / هدى إبراهيم عادل حسن .
6 السيدة / سناء المراغى يوسف بصفتها الممثل القانونى للشركة المصرية الهندسية .
7 السيد/ طارق إبراهيم عادل حسن بصفته الممثل القانونى للشركة المصرية الهندسية .
المقيمون 10 شارع مدرسة الأهرام - نصر الدين - قسم العمرانية - محافظة الجيزة .
حضر الأستاذ / ..... المحامى عن الطاعنين .
ضد
السيد / ..... .
المقيم ..... كرداسة - محافظة الجيزة . حضر الأستاذ / ..... المحامى عن المطعون ضده .
---------------
" الوقائع "
فى يوم 21/1/2012 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة "مأمورية الجيزة " الصادر بتاريخ 22/11/2011 في الاستئنافين رقمي 18589 ، 19069 لسنة 127 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفي نفس اليوم أودع الطاعنون مذكرة شارحة .
وفى 18/11/2014 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها أولاً : وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا إلى حين الفصل في موضوع الطعن . ثانياً : عدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الثالث والرابعة والخامسة . ثالثاً : قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعنين الأولى ، الثاني ، السادسة والسابعة عن نفسهما وبصفتهما . رابعاً : وفى الموضوع بنقض الحكم للسبب المبدى من النيابة .
وبجلسة 20/1/2015 عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 16/6 /2015 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم كل من محامى الطاعنين والمطعون ضده والنيابة على ما جاء بمذكرته والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/ محمد عبد الظاهر " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى التي قيدت برقم 273 لسنة 2009 تعويضات أكتوبر الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً ، وقال بيانا لها إنه يعمل بالمصنع المملوك للطاعنين وتسببت الآلة التى يعمل عليها في إصابته "ببتر نصف كف يده اليمنى " لعدم توفير وسائل السلامة والصحة المهنية بالمصنع
فأقام الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا إليه مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً . استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 18589 لسنة 127 ق القاهرة "مأمورية الجيزة " كما استأنفه الطاعنان الأولى والثانى عن نفسيهما وبصفتيهما الممثلين القانونين للشركة المصرية الهندسية بالاستئناف رقم 19069لسنة 127ق أمام ذات المحكمة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 22/11/2011 برفض الاستئناف الأول وفى الاستئناف الثانى بتعديل الحكم المستأنف بتخفيض التعويض المقضى به إلى خمسين ألف جنيه . طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الثالث والرابعة والخامسة وببطلان الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بنقضه ، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إنه عما أثارته النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام الطاعنين الثالث والرابعة والخامسة أمام محكمة الاستئناف فإنه غير صحيح ، ذلك أن الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه تم اختصام جميع المحكوم عليهم أمام محكمة أول درجة ومن بينهم من أشارت إليهم النيابة في دفعها ، هذا إلى أنه تم اختصام الطاعنين الأول والثانى بصفتيهما الممثلين القانونيين للشركة الطاعنة أمام درجتى التقاضى فضلاً عن أن الحق في التعويض يقبل التجزئة ، ومن ثم يكون ما أثارته النيابة على غير أساس .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الدائرة العمالية بالمحكمة هى وحدها المختصة بنظر النزاع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن النص في المادة 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على أن " تشكل المحكمة العمالية من دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الابتدائية وتختص دون غيرها بالفصل في كافة
المنازعات العمالية الفردية .... " يدل على أن المشرع قصد بعبارة " المحكمة العمالية " تخصيص دوائر محددة في كل محكمة ابتدائية تختص بالفصل في المنازعات العمالية لسرعة إنجاز القضايا وتوحيد الأحكام الصادرة فيها فهو بذلك لا يخرج عن كونه مجرد تنظيم عمل إدارى داخل كل محكمة ولا يخلق نوعا من الاختصاص لأن العبرة دائماً بالمقاصد وليس بالألفاظ وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ومضى في نظر النزاع فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعى عليه في هذا الصدد على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن الماكينة التى كان يعمل عليها المطعون ضده تعمل آلياً وتتوقف بمجرد وجود أى خلل بها ، وأنها وفرت كافة وسائل السلامة والصحة المهنية بالمنشأة بما يستحيل معه نسبة أى خطأ في جانبها ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وألزمها بالتعويض مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أنه لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التى تستحق عن الإصابة طبقاً لأى قانون آخر كما لا يجوز لهم ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه " يدل على أن مناط رجوع المضرور بالتعويض
على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصى من جانبه يرتب مسئوليته الذاتيه عن هذا التعويض وهو خطأ واجب الإثبات وأنه ولئن كان استخلاص الفعل الذى يؤسس عليه طلب التعويض مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغا وله أصل ثابت في الأوراق كما أنه من المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعا جوهرياً ومؤثرا في
النتيجة التى انتهى إليها الحكم إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على افتراض الخطأ في جانب الطاعنين استناداً إلى أحكام المسئولية الشيئية المنصوص عليها بالمادة 178 من القانون المدني وحجبه ذلك عن أعمال حكم المادة 68 من قانون التامين الاجتماعي التي تشترط ثبوت خطأ صاحب العمل فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة "مأمورية الجيزة " وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 99 لسنة 71 ق جلسة 12 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 40 ص 235

جلسة 12 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ هشام قنديل، الدسوقي أحمد الخولي، عادل فتحي وزكريا عوض الله نواب رئيس المحكمة.

----------------

(40)

الطعن 99 لسنة 71 ق 

(1 - 3) تعويض. حق. مسئولية "المسئولية التقصيرية: ما لا يعد خطأ موجب للمسئولية".
(1) استعمال الحق استعمالا مشروعا. لا يرتب المسئولية عما ينشأ عنه من ضرر. الاستعمال غير المشروع للحق. مناطه. ألا يقصد به سوى الإضرار بالغير. تحققه بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق. المادتان 4، 5 مدني.

(2) حقا الإبلاغ والشكوى. من الحقوق العامة التي تثبت للكافة. استعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض. الاستثناء. الانحراف بالحق عما وضع له وكيدية استعماله ابتغاء مضارة الخصم.

(3) الإبلاغ عن الجرائم. عدم اعتباره خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ. الاستثناء. ثبوت كذب الواقعة المبلغ بها وأن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.

(4 ، 5) محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف الخطأ". مسئولية. نقض.
(4) محكمة الموضوع. سلطتها تقديرية في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.

(5) تكييف الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوع قضاء الموضوع فيه لرقابة محكمة النقض. امتدادها إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.

(6 ، 7) فصل العامل "ما لا يعد سبب للفصل: حق الشكوى". حكم "عيوب التدليل: فساد في الاستدلال: الخطأ في تطبيق القانون".
(6) إبلاغ الطاعنة ضد المسئولين بالشركة المطعون ضدها للنيابة الإدارية لارتكابهم بعض المخالفات في العمل وثبوت صحة بعضها. مؤداه. انتفاء تعمدها الكيد والتشهير بالسب للمخالفات التي لم تثبت صحتها.

(7) إبلاغ الطاعنة ضد رئيس الشركة بتهديدها بالقتل وحفظه من النيابة العامة لا يدل على عدم صحة الواقعة المبلغ عنها وانتفاء خطئها في الاعتداء عليه. فصلها من العمل لذلك غير مبرر. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. فساد في الاستدلال وخطأ. علة ذلك.

--------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض -أن مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.

2 - المقرر - أن حق الإبلاغ والشكوى من الحقوق العامة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة إلا إذا ثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة خصمه.

3 - المقرر - أن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها، أو أن التبليغ صدر عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.

4 - المقرر - أنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.

5 - المقرر - أن تكييف الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.

6 - إذ كان الثابت بتقرير الرقابة الإدارية أن الطاعنة أبلغت ضد المسئولين بالشركة المطعون ضدها بالمخالفات الآتية: أولا: قيام المسئولين بالشركة بصرف بدلات انتقال وسهرات للعمال التابعين للمقاول لم يتضمنها عقد المقاولة المبرم بين الشركة وهذا المقاول وعدم قيام هذا المقاول بالتأمين على عماله لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ثانيا: قيام رئيس الشركة بتأجير شقة للشركة مملوكة لزوجته، ثالثا: قيام السيد رئيس الشركة بتعيين بعض أقاربه بالشركة في الوظائف المالية، رابعا: قيام مسئول الخزينة بالاحتفاظ بمبلغ خمسة ملايين جنيه بالخزينة والصرف منها يوميا لحسابه الخاص بعلم رئيس الشركة خامسا: قيام الشركة بمنح حوافز وهدايا دورية للمسئولين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر دون مبرر، وثبت بالتقرير أنه بفحص المخالفة الأولى تبين أن الشركة تقوم بصرف بدل انتقال بواقع 6 جنيهات كل أسبوعين وبدل سهرة بواقع 6.5 جنيهات للسهرة الواحدة لعمال المقاول دون النص عليها بعقد المقاولة المبرم بين الشركة وهذا المقاول ولم ينف التقرير عدم قيام هذا المقاول بعدم التأمين على عماله لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وبفحص المخالفة الثانية أثبت التقرير أن الشركة تستأجر ثلاث شقق مفروشة إحداها لمن يدعى ..... دون أن يفصح عن مؤجر الشقتين الأخريين وبفحص المخالفة الثالثة ثبت من التقرير أن ابن شقيقة رئيس الشركة معين بها في وظيفة محاسب منذ 1/ 1/ 1995 قبل تولي المطعون ضده بصفته رئاسة الشركة في 1/ 1/ 1996 وبفحص المخالفة الرابعة ثبت من الجرد المفاجئ للخزينة أن كل ما بها مبلغ عشرة آلاف جنيه وبفحص المخالفة الأخيرة ثبت أن الشركة تقوم فعلا بصرف حوافز سنوية لبعض العاملين بهيئة السكك الحديدية باعتبارها من المساهمين في رأس مال الشركة وانتهى التقرير في نتيجته النهائية إلى ضرورة قيام الشركة المطعون ضدها بتجديد العقود الحالية مع مقاول الأنفار لتتضمن البدلات الفعلية المنصرفة للعمال وإعداد لائحة تنظيمية للأعمال المالية والإدارية بالشركة بما يؤكد صحة ما أبلغت عنه الطاعنة بالنسبة للمخالفة الأولى والخامسة وانتفاء الدليل على تعمد الطاعنة الكذب بالنسبة لباقي المخالفات أو أنها استهدفت الكيد أو التشهير والإضرار برئيس الشركة في ذلك الوقت، وإذ ورد في تعليق التقرير السابق على نتيجته النهائية عبارة "أنه ثبت عدم صحة ما نسبته الشاكية ضد المسئولين بالشركة وأن كل ما كانت ترغب فيه هو إثارة البلبلة حول المسئولين بالشركة" فإن هذه العبارة لا تستقيم مع ما ورد بصلب التقرير وما ورد بنتيجته النهائية بما يقطع بعدم دقتها وصحتها.

7 - إن حفظ النيابة العامة للمحضر رقم ... لسنة 1999 إداري قصر النيل المتضمن إبلاغ الطاعنة ضد رئيس الشركة في ذلك الوقت بتهديدها بالقتل إن هي أبلغت عن المخالفات سالفة الذكر لا يدل بذاته على عدم صحة الواقعة المبلغ عنها أو أنها تعمدت الكذب للكيد والإضرار به، بما ينفي عن الطاعنة خطأ الاعتداء على رئيسها في العمل ويضحى قرار فصلها لهذا السبب غير مبرر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستخلص من مجرد حفظ النيابة العامة للمحضر سالف الذكر وما ورد بتقرير الرقابة الإدارية من عدم صحة ما نسبته الطاعنة للمسئولين بالشركة رغم عدم دقة هذه العبارة لتناقضها مع ما ورد بباقي التقرير وما انتهى إليه في نتيجته النهائية على نحو ما سلف أن الطاعنة تعمدت من ذلك الكيد والإضرار برئيس الشركة بما يمثل اعتداء عليه يبيح له فصلها، فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1997 عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة المطعون ضدها- الشركة المصرية الألمانية لصيانة وتجديد الخطوط الحديدية - بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي إليها مبلغ مليون جنيه، وقالت بيانا لها إنها كانت من العاملين لدى الشركة المطعون ضدها في وظيفة مدير إدارة التكاليف، وتكشف لها أثناء عملها وجود مخالفات مالية في بعض العمليات التي تقوم الشركة بإسنادها إلى المقاولين فقدمت بها مذكرة لإدارة الشركة إلا أنها لم تتخذ بشأنها أي إجراء مما حدا بها إلى إبلاغ الجهات الرقابية بهذه المخالفات وهو ما اعتبره رئيس الشركة تشهيرا به فقام بفصلها من العمل اعتبارا من 6/ 8/ 1997 رغم أنها لم تقصد من ذلك سوى المحافظة على أموال الشركة، وإذ لحقها من جراء هذا الفصل غير المبرر أضرار مادية وأدبية تقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به، فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره أحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 26/ 10/ 1999 برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 116ق القاهرة، وبتاريخ 20/ 11/ 2000 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه اعتبر مجرد حفظ النيابة للمحضر رقم ... لسنة 1999 إداري قصر النيل المقدم منها ضد رئيس الشركة بسبب تهديدها بالقتل وانتهاء الرقابة الإدارية في تقريرها إلى عدم صحة المخالفات المالية التي أبلغت عنها، اعتداء على رئيس الشركة المطعون ضدها يبيح له فصلها من العمل، بالرغم من أن حفظ البلاغ لا يدل بذاته على عدم صحة ما أبلغت به أو أنها كانت تقصد الكيد والإضرار به، كما أن الرقابة الإدارية أفصحت في صلب تقريرها بحصول المقاول على مبالغ خارج نطاق العقد المبرم مع الشركة وأوصى التقرير في نهايته بضرورة تجديد العقود المبرمة مع المقاولين لتشمل كل ما يحصل عليه تحت بند البدلات وإعداد لائحة تنظيمية للأعمال المالية والإدارية بالشركة بما ينفي عنها نية الكيد أو الإضرار أو التشهير برئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة- أن مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وأن حق الإبلاغ والشكوى من الحقوق العامة التي تثبت للكافة واستعمالها لا يترتب عليه المساءلة إلا إذا ثبت أن من باشر الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة خصمه، وأن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيريا يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها، أو أن التبليغ صدر عن تسرع ورعونه وعدم احتياط، كما أنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، وأن تكييف الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه. لما كان ذلك، وكان الثابت بتقرير الرقابة الإدارية أن الطاعنة أبلغت ضد المسئولين بالشركة المطعون ضدها بالمخالفات الآتية: أولا: قيام المسئولين بالشركة بصرف بدلات انتقال وسهرات للعمال التابعين للمقاول لم يتضمنها عقد المقاولة المبرم بين الشركة وهذا المقاول وعدم قيام هذا المقاول بالتأمين على عماله لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ثانيا: قيام رئيس الشركة بتأجير شقة للشركة مملوكة لزوجته، ثالثا: قيام السيد رئيس الشركة بتعيين بعض أقاربه بالشركة في الوظائف المالية، رابعا: قيام مسئول الخزينة بالاحتفاظ بمبلغ خمسة ملايين جنيه بالخزينة والصرف منها يوميا لحسابه الخاص بعلم رئيس الشركة خامسا: قيام الشركة بمنح حوافز وهدايا دورية للمسئولين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر دون مبرر، وثبت بالتقرير أنه بفحص المخالفة الأولى تبين أن الشركة تقوم بصرف بدل انتقال بواقع 6 جنيهات كل أسبوعين وبدل سهرة بواقع 6.5 جنيهات للسهرة الواحدة لعمال المقاول دون النص عليها بعقد المقاولة المبرم بين الشركة وهذا المقاول ولم ينف التقرير عدم قيام هذا المقاول بعدم التأمين على عماله لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وبفحص المخالفة الثانية أثبت التقرير أن الشركة تستأجر ثلاث شقق مفروشة إحداها لمن يدعى .... دون أن يفصح عن مؤجر الشقتين الأخريين وبفحص المخالفة الثالثة ثبت من التقرير أن ابن شقيقة رئيس الشركة معين بها في وظيفة محاسب منذ 1/ 1/ 1995 قبل تولي المطعون ضده بصفته رئاسة الشركة في 1/ 1/ 1996، وبفحص المخالفة الرابعة ثبت من الجرد المفاجئ للخزينة أن كل ما بها مبلغ عشرة آلاف جنيه وبفحص المخالفة الأخيرة ثبت أن الشركة تقوم فعلا بصرف حوافز سنوية لبعض العاملين بهيئة السكك الحديدية باعتبارها من المساهمين في رأس مال الشركة وانتهى التقرير في نتيجته النهائية إلى ضرورة قيام الشركة المطعون ضدها بتجديد العقود الحالية مع مقاول الأنفار لتتضمن البدلات الفعلية المنصرفة للعمال وإعداد لائحة تنظيمية للأعمال المالية والإدارية بالشركة بما يؤكد صحة ما أبلغت عنه الطاعنة بالنسبة للمخالفة الأولى والخامسة وانتفاء الدليل على تعمد الطاعنة الكذب بالنسبة لباقي المخالفات أو أنها استهدفت الكيد أو التشهير والإضرار برئيس الشركة في ذلك الوقت، وإذ ورد في تعليق التقرير السابق على نتيجته النهائية عبارة "أنه ثبت عدم صحة ما نسبته الشاكية ضد المسئولين بالشركة وأن كل ما كانت ترغب فيه هو إثارة البلبلة حول المسئولين بالشركة" فإن هذه العبارة لا تستقيم مع ما ورد بصلب التقرير وما ورد بنتيجته النهائية بما يقطع بعدم دقتها وصحتها، كما أن حفظ النيابة العامة للمحضر رقم ... لسنة 1999 إداري قصر النيل المتضمن إبلاغ الطاعنة ضد رئيس الشركة في ذلك الوقت بتهديدها بالقتل إن هي أبلغت عن المخالفات سالفة الذكر لا يدل بذاته على عدم صحة الواقعة المبلغ عنها أو أنها تعمدت الكذب للكيد والإضرار به، بما ينفي عن الطاعنة خطأ الاعتداء على رئيسها في العمل ويضحى قرار فصلها لهذا السبب غير مبرر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستخلص من مجرد حفظ النيابة العامة للمحضر سالف الذكر وما ورد بتقرير الرقابة الإدارية من عدم صحة ما نسبته الطاعنة للمسئولين بالشركة رغم عدم دقة هذه العبارة لتناقضها مع ما ورد بباقي التقرير وما انتهى إليه في نتيجته النهائية على نحو ما سلف أن الطاعنة تعمدت من ذلك الكيد والإضرار برئيس الشركة بما يمثل اعتداء عليه يبيح له فصلها، فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث طلب الطاعنة بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها من جراء فصلها، فإنه يتعين أنه يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 13171 لسنة 75 ق جلسة 15 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 19 ص 120

جلسة 15 من يناير سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ محمود سعيد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ رفعت فهمي العزب، عبد الناصر محمد أبو الوفا، عمرو جمال عبد الله نواب رئيس المحكمة وأيمن محمد صابر.
---------------
(19)
الطعن رقم 13171 لسنة 75 القضائية
(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه".
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون. قيامها على فكرة الضمان القانوني. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد.
للمتبوع أن يتمسك قبل المضرور بالدفوع التي كان يمكن أن يتمسك بها التابع قبل المضرور. شرطه.
أن يكون الدفع مقبولا لو أبدى من التابع نفسه. بقاء حق المضرور قائما قبل التابع وعدم سقوطه بالتقادم في تاريخ مطالبة المضرور للمتبوع. ليس للأخير أن يتمسك قبله بهذا الدفع.
(2 ، 3) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: صور التعويض: التعويض الناشئ عن فعل الغير: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة". تقادم "التقادم المسقط: التقادم الثلاثي: سقوط دعوى التعويض التابعة للدعوى الجنائية".
(2) قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية. أثره. عدم سقوط الدعوى المدنية إلا بسقوط الدعوى الجنائية. ولوج الطريق المدني دون الجنائي للمطالبة بالتعويض. أثره.
وقف سريان تقادم الدعوى المدنية طوال المدة التي تستغرقها المحاكمة الجنائية. زوال سبب الوقف مرتبط بصيرورة الحكم الجنائي نهائيا قبل المسئول. م 172 مدني.
(3) قضاء المحكمة الجنائية حضوريا بتأييد الحكم الجنائي بإدانة تابع الطاعن مرتكب الحادث موضوع التعويض وصيرورته باتا. مؤداه. بدء سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعوى التعويض المدنية. تدخل المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع في الدعوى للمطالبة بحقهم في التعويض قبل تابع الطاعن في الميعاد المقرر. أثره. عدم سقوط الدعوى بالتقادم وعدم جواز تمسك المتبوع بهذا الدفع. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه برفض دفع الطاعن بصفته بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم. صحيح. النعي عليه في ذلك الخصوص. على غير أساس.
(4) بطلان "بطلان الأحكام".
تمسك طالبي التدخل بالحكم لهم بالتعويض لأنفسهم. اعتباره تدخلاً اختصامياً للمطالبة بحق ذاتي لأنفسهم. قضاء الحكم المطعون فيه بطلباتهم. مؤداه. اعتباره متمشيا مع الوصف الصحيح لتدخلهم. أثره. لا بطلان. علة ذلك. النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون. على غير أساس.

(5) حكم "تسبيب الأحكام: ما لا يعيب تسبيب الحكم: التقريرات القانونية الخاطئة". نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج".
قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في أسبابه صراحة أن ذمة الطاعن المتبوع تتضامم مع ذمة شركة التأمين في أداء ما قضى به من تعويض ولا تتضامن. علة ذلك. وقوع خطأ بالحكم المطعون فيه بالنص على التضامن في منطوقه. أثره. اعتباره خطأ ماديا غير مؤثر على كيانه ولا يفقده ذاتيته إعمالا للمادة 191 مرافعات. النعي عليه في ذلك الخصوص. غير مقبول.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. لها سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
(7 ، 8) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: تعيين عناصر الضرر" "تقدير التعويض: سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
(7) تقدير التعويض. سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض. شرطه. قيام أسبابه وعدم وجود نص في القانون يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه وكان تقديره سائغا.
(8) بيان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض وتقديره لمبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضدهم من الأول حتى الرابع استنادا إلى تقرير مصلحة الطب الشرعي والتقارير الطبية المرفقة بالأوراق. مؤداه. اعتباره كافيا لحمل قضائه في ذلك الشأن. النعي عليه في هذا الخصوص. جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير التعويض. أثره. عدم جواز إثارته أمام هذه المحكمة.
(9) عقد "بعض أنواع العقود: عقد التأمين".
عقد التأمين على الأشياء. مقتضاه. اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة. أثره. تحمل المؤمن تبعة الأضرار مقابل جعل التأمين إذا وقع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه. الاتفاق هو الذي يحدد الخطر المؤمن منه محلا وسببا. مؤداه. التزام المؤمن بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إذا كان ناتجا عن السبب المعين الوارد في العقد.
(10 ، 11) دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري" "تقديم المستندات والمذكرات في الدعوى".
(10) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم. مؤداه. التزام المحكمة بنظر أثر الدفاع المطروح عليها في الدعوى وتقدير مدى جديته. اتسامه بالجدية. أثره. وجوب فحصه للوقوف على أثره في قضائها. قعودها عن ذلك. قصور.
(11) التفات الحكم عن مستندات قدمها الخصم وتمسك بدلالتها. قصور.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية الدفوع المبداة من الخصوم: الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه".
تمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الاستئناف بأن السيارة مرتكبة الحادث كانت مؤمنا عليها وقت وقوع الحادث لدى المطعون ضده السادس بصفته تأمينا تكميليا وامتداده إلى تغطية قيمة التلفيات التي أحدثتها سيارة الطاعن مرتكبة الحادث بسيارة المطعون ضده الأول ووجوب إلزام المطعون ضده السادس بأداء قيمة هذه التلفيات للمطعون ضده الأول. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عن الرد على ذلك الدفاع وقضاؤه بتأييد الحكم المستأنف بإلزام الطاعن بقيمة تلك التلفيات. قصور.
------------------
1 - إنه وإن كان للمتبوع أن يتمسك قبل المضرور بالدفوع التي كان يمكن أن يتمسك بها التابع قبل المضرور باعتبار أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون تقوم على فكرة الضمان القانوني، فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، إلا أن ذلك شرطه أن يكون الدفع صحيحا مقبولا فيما لو أبدى من التابع بنفسه، فإذا كان حق المضرور قائما قبل التابع ولم يسقط بالتقادم في تاريخ مطالبة المضرور للمتبوع فليس للأخير أن يتمسك قبله بهذا الدفع.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مؤدى المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية - بحكم القانون أو باختيار المضرور - فإن سريان بالنسبة التقادم للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انقضت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة الجنائية بسبب آخر، فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعا قانونيا في معنى المادة 382 فقرة أولى من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.
3 - إذ كان الثابت في الأوراق أن محكمة جنح مستأنف شبين الكوم قد قضت حضوريا بتاريخ 25/ 5/ 1997 بتأييد الحكم الجنائي الصادر بإدانة مرتكب الحادث موضوع التعويض (تابع الطاعن)، وقد صار هذا الحكم باتا بعدم الطعن عليه بالنقض خلال مدة الستين يوما المقررة قانونا والتي تنتهي في 23/ 7/ 1997 وهو التاريخ الذي يبدأ من اليوم التالي له سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعوى التعويض المدنية، وإذ تدخل المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع في الدعوى الراهنة بتاريخ 4/ 5/ 1999 وكان حقهم قبل التابع قائما في هذا التاريخ فإن دعواهم بالمطالبة بالتعويض لا تكون قد سقطت بالتقادم ولا يكون للمتبوع أن يتمسك بهذا الدفع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بصفته بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
4 - إذ كان تمسك طالبي التدخل بالحكم لهم بالتعويض لأنفسهم يعتبر منهم تدخل اختصامي يطلب به المتدخلون حقا ذاتيا لأنفسهم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أجابهم لطلباتهم وقضى لهم بما قدره من تعويض، فإن قضاءه يكون متمشيا مع الوصف الصحيح لتدخلهم باعتباره تدخل اختصامي، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة قانونا فلا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من وصف التدخل بأنه تدخل انضمامي، إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما يكون في الحكم من تقريرات قانونية خاطئة دون أن تنقضه، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
5 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أفصح في أسبابه صراحة أن ذمة الطاعن المتبوع تتضامم مع ذمة شركة التأمين في أداء ما قضى به من تعويض ولا تتضامن لأن الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر، وإذ كان ما وقع الحكم المطعون فيه من النص على التضامن في منطوقه لا يعدو أن يكون خطأ ماديا غير مؤثر على كيانه ولا يفقده ذاتيته في معنى المادة 191 من قانون المرافعات تتولى المحكمة تصحيحه في قرار منها تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وكان من المقرر أن تصحيح الخطأ المادي يتعين أن يكون بالسبيل المشار إليه فلا يصلح بذاته سببا للطعن بطريق النقض، فإن النعي بهذا الوجه يكون غير مقبول.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك متى كان تقديره سائغا.
8 - إذ كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه قد بين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض وقدر مبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضدهم من الأول حتى الرابع مستهديا في ذلك بتقرير مصلحة الطب الشرعي والتقارير الطبية المرفقة بالأوراق، كما قدر قيمة التعويض الجابر للتلفيات التي لحقت بسيارة المطعون ضده الأول أخذا بما ثبت بتقرير الخبير المندوب من أن تكلفة إصلاحها تقدر بمبلغ 2500 جنيه، وكان ذلك من الحكم كاف لحمل قضائه في هذا الشأن، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يضحى في مجمله جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير التعويض، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه من مقتضى عقد التأمين على الأشياء اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له وذلك بشرط وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه، واتفاقهما هو الذي يحدد هذا الخطر محلا ونطاقا وسببا فإذا أنعقد اتفاقهما على التأمين ضد الخطر أيا كان سببه التزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض النظر عن سببه، والتزاما بنطاقه ومداه الذي تم الاتفاق على التأمين ضده.
10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثرة في الدعوى فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرا.
11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه يكون معيبا بالقصور.
12 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن السيارة مرتكبة الحادث كانت مؤمنا عليها وقت وقوع الحادث لدى المطعون ضده السادس بصفته تأمينا تكميليا بالوثيقة رقم ... عن الفترة من 31/ 12/ 1994 حتى 31/ 12/ 1995، وأن هذا النوع من التأمين يمتد إلى تغطية قيمة التلفيات التي أحدثتها سيارة الطاعن مرتكبة الحادث بسيارة المطعون ضده الأول، بما كان يتعين معه إلزام المطعون ضده السادس بأداء قيمة هذه التلفيات للمطعون ضده الأول، وقدم تأييدا لهذا الدفاع صورة الوثيقة سالفة البيان، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل دفاع الطاعن سالف الذكر ودلالة المستند المؤيد له رغم أنه دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى ولم يقسطه حقه في البحث والتمحيص وأيد الحكم المستأنف الذي ألزم الطاعن بقيمة هذه التلفيات يكون معيبا بالقصور في التسبيب.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1997 مدني شبين الكوم الابتدائية على المطعون ضدهما الخامس والسادس بصفته والطاعن بصفته - وآخرين غير مختصمين في الطعن - بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 118000 جنيه تعويضا عما حاق به من أضرار مادية وأدبية نتيجة إصابته وإتلاف سيارته رقم ... أجرة منوفية بسبب خطأ قائد السيارة المملوكة للطاعن بصفته والذي أدين عنه بحكم نهائي وبات. أقام الطاعن بصفته دعوى فرعية على المطعون ضدهما الخامس والسادس بطلب الحكم بإلزامهما بما عسى أن يقضي به من تعويض للمطعون ضده الأول، كما تدخل المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع في الدعوى بطلب الحكم بإلزام الطاعن والمطعون ضده السادس بصفتهما بأن يؤديا لهما مبلغ 100000 جنيه تعويضا عما حاق بهم من أضرار مادية وأدبية نتيجة خطأ قائد السيارة المملوكة للطاعن بصفته، ومحكمة أول درجة - بعد أن ندبت مصلحة الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على المطعون ضده الأول وندبت خبيرا في الدعوى أودع تقريره - حكمت في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضده السادس بأداء مبلغ التعويض الذي قدرته للمطعون ضده الأول وإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي إليه مبلغ 2500 جنيه تعويضا عما لحق بسيارته من تلفيات، وفي موضوع التدخل بإلزام الطاعن والمطعون ضده السادس بصفتهما بأن يؤديا للمطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع ما قدرته من تعويض، وفي موضوع دعوى الضمان الفرعية بإلزام المطعون ضدهما الخامس والسادس بصفتهما بأداء ما عسى أن يؤديه الطاعن بصفته للمطعون ضدهم من الأول إلى الرابع من تعويض. استأنف المطعون ضدهم من الأول إلى الرابع هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 36 ق طنطا "مأمورية شبين الكوم" كما استأنفه أمام ذات المحكمة كل من المطعون ضده السادس بصفته بالاستئناف رقم ... لسنة 36 ق والطاعن بصفته بالاستئناف رقم ... لسنة 36 ق ومحكمة الاستئناف، وبعد أن ضمت الاستئنافين الأخيرين للاستئناف الأول قضت برفضها وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه نقضا جزئيا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بسقوط حق المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع في المطالبة بالتعويض بالتقادم الثلاثي بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علموا فيه بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه حتى تدخلوا في الدعوى بتاريخ 4/ 5/ 1999، كما تمسك بانقضاء التزامه تبعا لانقضاء التزام تابعه المطعون ضده الخامس بترك الخصومة بالنسبة له وزوال أثرها في قطع التقادم وذلك باعتبار أنه كفيل متضامن للتابع ينقضي التزامه بانقضاء التزام الأخير لأي سبب من أسباب الانقضاء، فضلا عن أنه لم يكن خصما في الدعوى الجنائية، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع واحتسب بدء التقادم من تاريخ صدور الحكم الجنائي البات وانتهى إلى أنه لا أثر لترك الخصومة بالنسبة للمطعون ضده الخامس على قيام التزام الطاعن بصفته بالتعويض المقضي به، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر أنه وإن كان للمتبوع أن يتمسك قبل المضرور بالدفوع التي كان يمكن أن يتمسك بها التابع قبل المضرور باعتبار أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون تقوم على فكرة الضمان القانوني، فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، إلا أن ذلك شرطه أن يكون الدفع صحيحا مقبولا فيما لو أبدى من التابع بنفسه، فإذا كان حق المضرور قائما قبل التابع ولم يسقط بالتقادم في تاريخ مطالبة المتبوع للمضرور فليس للأخير أن يتمسك قبله بهذا الدفع، وكان من المقرر أيضا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المادة 172 من القانون المدني إذ تنص على (1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع (2) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة فإن الدعوى بالتعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، وكان مؤدى ذلك أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية - بحكم القانون أو باختيار المضرور - فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انفصلت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة الجنائية بسبب آخر، فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعا قانونيا في معنى المادة 382 فقرة أولى من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن محكمة جنح مستأنف شبين الكوم قد قضت حضوريا بتاريخ 25/ 5/ 1997 بتأييد الحكم الجنائي الصادر بإدانة مرتكب الحادث موضوع التعويض (تابع الطاعن)، وقد صار هذا الحكم باتا بعدم الطعن عليه بالنقض خلال مدة الستين يوما المقررة قانونا والتي تنتهي في 23/ 7/ 1997، وهو التاريخ الذي يبدأ من اليوم التالي له سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعوى التعويض المدنية، وإذ تدخل المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع في الدعوى الراهنة بتاريخ 4/ 5/ 1999 وكان حقهم قبل التابع قائما في هذا التاريخ فإن دعواهم بالمطالبة بالتعويض لا تكون قد سقطت بالتقادم ولا يكون للمتبوع أن يتمسك بهذا الدفع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بصفته بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين أيد حكم محكمة أول درجة في وصفها لتدخل المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع في الدعوى بأنه تدخل انضمامي لرافعها رغم أن تدخلهم فيها في حقيقته تدخل اختصامي بطلب الحكم لأنفسهم بالتعويض، كما أن الحكم ألزمه وشركة التأمين بأداء التعويض بالتضامن رغم اختلاف مصدر وسبب الدين، إذ إن مسئولية المتبوع بصفته عن أعمال تابعه مصدرها القانون بينما تستند مسئولية المطعون ضده السادس بصفته لعقد التأمين الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول في غير محله، ذلك أن تمسك طالبي التدخل بالحكم لهم بالتعويض لأنفسهم يعتبر منهم تدخل اختصامي يطلب به المتدخلون حقا ذاتيا لأنفسهم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أجابهم لطلباتهم وقضى لهم بما قدره من تعويض، فإن قضاءه يكون متمشيا مع الوصف الصحيح لتدخلهم باعتباره تدخل اختصامي، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة قانونا فلا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من وصف التدخل بأنه تدخل انضمامي، إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما يكون في الحكم من تقريرات قانونية خاطئة دون أن تنقضه، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن النعي في شقه الثاني في غير محله، ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أفصح في أسبابه صراحة أن ذمة الطاعن المتبوع تتضامم مع ذمة شركة التأمين في أداء ما قضى به من تعويض ولا تتضامن لأن الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر، وإذ كان ما وقع الحكم المطعون فيه من النص على التضامن في منطوقه لا يعدو أن يكون خطأ ماديا غير مؤثر على كيانه ولا يفقده ذاتيته في معنى المادة 191 من قانون المرافعات تتولى المحكمة تصحيحه في قرار منها تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وكان من المقرر أن تصحيح الخطأ المادي يتعين أن يكون بالسبيل المشار إليه فلا يصلح بذاته سببا للطعن بطريق النقض، فإن النعي بهذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الثاني من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدهم من الأول إلى الرابع بتعويض مادي وأدبي مغالى فيه، ولم يبين الدليل الذي استقى منه عناصر هذا التعويض مستندا في قضائه به للمطعون ضده الأول إلى تقارير طبية لم تتضمن سوى إصابته بخدوش سطحية وسحجات، ولم يقدم المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع فواتير تثبت تكبدهم لمصاريف علاج مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها، وأن تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك متى كان تقديره سائغا. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه قد بين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض وقدر مبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضدهم من الأول حتى الرابع مستهديا في ذلك بتقرير مصلحة الطب الشرعي والتقارير الطبية المرفقة بالأوراق، كما قدر قيمة التعويض الجابر للتلفيات التي لحقت بسيارة المطعون ضده الأول أخذا بما ثبت بتقرير الخبير المندوب من أن تكلفة إصلاحها تقدر بمبلغ 2500 جنيه، وكان ذلك من الحكم كاف لحمل قضائه في هذا الشأن، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يضحى في مجمله جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير التعويض مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ألزمه بتعويض المطعون ضده الأول عن التلفيات التي لحقت بسيارته دون إلزام المطعون ضده السادس بصفته بأداء هذا التعويض رغم تمسكه بأن وثيقة التأمين التكميلي على السيارة مرتكبة الحادث - والتي قدمها أمام محكمة الاستئناف - تغطي هذا النوع من الضرر، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل دلالة هذا المستند والتفت عن هذا الدفاع مع أنه جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه من مقتضى عقد التأمين على الأشياء اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له وذلك بشرط وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه، واتفاقهما هو الذي يحدد هذا الخطر محلا ونطاقا وسببا، فإذا انعقد اتفاقهما على التأمين ضد الخطر أيا كان سببه التزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض النظر عن سببه، والتزاما بنطاقه ومداه الذي تم الاتفاق على التأمين ضده، كما أنه من المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرا، ومتى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه يكون معيبا بالقصور. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن السيارة مرتكبة الحادث كانت مؤمنا عليها وقت وقوع الحادث لدى المطعون ضده السادس بصفته تأمينا تكميليا بالوثيقة رقم ... عن الفترة من 31/ 12/ 1994 حتى 31/ 12/ 1995، وأن هذا النوع من التأمين يمتد إلى تغطية قيمة التلفيات التي أحدثتها سيارة الطاعن مرتكبة الحادث بسيارة المطعون ضده الأول، بما كان يتعين معه إلزام المطعون ضده السادس بأداء قيمة هذه التلفيات للمطعون ضده الأول، وقدم تأييدا لهذا الدفاع صورة الوثيقة سالفة البيان، فإن الحكم المطعون فيه، إذ أغفل دفاع الطاعن سالف الذكر ودلالة المستند المؤيد له - رغم أنه دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى ولم يقسطه حقه في البحث والتمحيص وأيد الحكم المستأنف الذي ألزم الطاعن بقيمة هذه التلفيات يكون معيبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الخصوص.

الطعن 709 لسنة 75 ق جلسة 13 / 1 / 2015 مكتب فني 66 أحوال شخصية ق 18 ص 116

جلسة 13 من يناير سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ أحمد الحسيني يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ موسى محمد مرجان، وائل سعد رفاعي، عثمان مكرم توفيق نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم إبراهيم الشهاوي.
-------------

(18)
الطعن رقم 709 لسنة 75 القضائية "أحوال شخصية"

(1) نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض وللخصوم وللنيابة إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توفر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2) اختصاص "تعلقه بالنظام العام".
مسألة الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي من النظام العام. اعتبارها مطروحة دائما على المحكمة تصدى لها من تلقاء نفسها. الحكم الصادر في الموضوع انسحابه بالضرورة إلى القضاء بالاختصاص ولو لم يثر من الخصوم أو النيابة العامة. م 109 مرافعات.
(3) أحوال شخصية "الوقف: استبدال الوقف: الاختصاص به".
مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية. اختصاصه وحده بالفصل في طلب الاستبدال. م 3 ق 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف و م 3 ق 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية.
دوران النزاع في الدعوى حول طلب المدعي بصفته ناظر الوقف استبدال حصة الخيرات فيه. مؤداه.
عدم اختصاص القضاء بالفصل فيها وانعقاده لمجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك وقضاؤه بعدم قبول الدعوى وهو قضاء ضمني باختصاص المحكمة. مخالفة للقانون وخطأ.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها كما هو للخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي تتعلق بالنظام العام، فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيها، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب - بالضرورة وبطريق اللزوم - على القضاء فيه سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء ذاتها.

3 - مؤدى النص في المادة الثالثة من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها، والمادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون مجلس إدارة الهيئة هو المختص وحده - بغير الرجوع إلى المحكمة - بالفصل في طلب الاستبدال.

لما كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول طلب الطاعن بصفته "ناظر وقف ..." استبدال حصة الخيرات في الوقف والإذن له ببيع هذه الحصة بالسعر المناسب وشراء شهادات استثمار للصرف على الخيرات، فإن القضاء يكون غير مختص بالفصل فيه وإنما يختص به - وعلى ما تقدم - مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى وهو قضاء ضمني باختصاص المحكمة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن "..." عن نفسه وبصفته ناظرا لوقف "..." أقام الدعوى رقم ... لسنة 2004 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضده "الوقف نظارته"، بطلب الحكم باستبدال حصة الخيرات في الوقف المبين بالصحيفة والإذن له ببيع هذه الحصة بالسعر المناسب وشراء شهادات استثمار للصرف على الخيرات، وقال في بيان ذلك إن تلك الحصة قدرها ثمانية عشر قيراطا على الشيوع في العقار رقم ... شارع نجيب الريحاني قسم الأزبكية، وهي بحالتها الراهنة لا تدر ريعا منذ أكثر من عشرين سنة، فضلا عن كونها موضوع منازعات قضائية متعددة، وإذ تحصل الطاعن على وعد من الغير بشرائها بثمن مناسب، ومن ثم فقد أقام الدعوى. بتاريخ 30 من يناير سنة 2005 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم شهر الوقف. استأنف الطاعن - عن نفسه وبصفته - هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 122 ق أحوال شخصية لدى محكمة استئناف القاهرة، والتي قضت بتاريخ 17 من نوفمبر سنة 2005 بعدم قبول الدعوى من الطاعن عن نفسه لرفعها من غير ذي صفة وبعدم قبولها منه بصفته ناظرا للوقف لعدم تحقق الخصومة القضائية. طعن الطاعن - بصفته - في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة ختامية أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها كما هو للخصوم والنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكان مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي تتعلق بالنظام العام فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيها، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب - بالضرورة وبطريق اللزوم - على القضاء فيه سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء ذاتها. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثالثة من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها على أن "تختص لجنة شئون الأوقاف وحدها بمسائل طلبات البدل والاستبدال في الوقف وتقدير وفرز حصة الخيرات والاستدانة على الوقف و... والبت في هذه الطلبات جميعها بغير الرجوع إلى المحكمة"، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية قد نصت على أن "تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المخولة للجنة شئون الأوقاف بالقانون رقم 272 لسنة 1959، و...، وذلك بالنسبة إلى البدل والاستبدال والاستثمار". فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون مجلس إدارة الهيئة هو المختص وحده - بغير الرجوع إلى المحكمة - بالفصل في طلب الاستبدال. لما كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول طلب الطاعن بصفته "ناظر وقف ..." استبدال حصة الخيرات في الوقف والإذن له ببيع هذه الحصة بالسعر المناسب وشراء شهادات استثمار للصرف على الخيرات، فإن القضاء يكون غير مختص بالفصل فيه وإنما يختص به - وعلى ما تقدم - مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى وهو قضاء ضمني باختصاص المحكمة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إن الاستئناف رقم ... لسنة 122 ق أحوال شخصية القاهرة صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم الاختصاص دون موجب للإحالة عملا بالمادة 269/ 1 من قانون المرافعات.

الطعن 12552 لسنة 75 ق جلسة 12 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 16 ص 102

جلسة 12 من يناير سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد فراج، علي كمونة، طارق خشبة وصالح مصطفى نواب رئيس المحكمة.
------------
(16)
الطعن رقم 12552 لسنة 75 القضائية
(1 - 5) شفعة "إجراءات الشفعة: إنذار الشفيع وإعلان الرغبة في الشفعة، إيداع الثمن". قانون "تفسير القانون: التفسير القضائي: ضوابط التفسير".
(1) عدم إنذار الشفيع بالبيع. أثره. جواز إيداعه الثمن الذي يعتقد أنه مقابل البيع على أن يكمله عندما يتحقق من الثمن الحقيقي.
(2) النصوص التشريعية الاستثنائية. الأصل التزام القاضي في تفسيرها عبارة النص دون مجاوزتها. عدم جواز القياس لمد حكم النص لأمور سكت عنها أو يضيف لعبارته أمرا لم يرد من شأنه أن يؤدي إلى التوسع في تطبيق النص.
(3) وجوب إيداع كل الثمن الحقيقي خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة. م 942 مدني، ماهيته. اعتباره نصا استثنائيا. مؤداه. عدم جواز القياس عليه أو التوسع في تفسيره ومد حكمه إلى حالة تكملة الثمن الباقي. علة ذلك.
(4) خلو أحكام القانون المدني المنظمة للأخذ بالشفعة من الميعاد المتعين على الشفيع تكملة الثمن الباقي خلاله بعد تحقق علمه بالثمن الحقيقي للبيع ولقاضي الموضوع تحديده عند المنازعة في تقديره. مؤداه. التزام الشفيع باتخاذ الإجراء اللازم لإيداع باقي الثمن خلال الأجل المناسب بعد تحقق علمه الحقيقي بالثمن. علة ذلك. خضوع تلك الأمور لرقابة قاضي الموضوع. شرطه. إقامة قضائه على اعتبارات سائغة.
(5) إقامة الطاعن دعواه بطلب الحكم بأخذ العقار المبيع بالشفعة وإيداعه خزانة المحكمة الثمن الذي قدر أنه مقابل البيع وفقا لطلب المقدم بالشهر العقاري وأخذ محكمة الموضوع بالثمن الثابت بعقد البيع محل التداعي وبأقوال شاهدي الطاعن وقضائها بسقوط حقه في الشفعة. استئنافه لذلك القضاء وإيداعه باقي الثمن المحدد للمبيع. اشتراط الحكم المطعون فيه إكمال الإيداع خلال ثلاثين يوما من تاريخ علم الشفيع بالثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه مما يعد قيدا لا يحتمله نص م 942/ 2 مدني ودون استخلاص توفر علم الشفيع بالثمن الحقيقي وتاريخه ومدى التزامه بإيداع باقي الثمن في الأجل المناسب في ضوء الاعتبارات المشار إليها بالمادة سالفة البيان. مخالفة للقانون وخطأ.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشفيع في حالة عدم إنذاره بالبيع ليس له من سبيل إلى معرفة الثمن الحقيقي الذي تم به هذا البيع فيجوز له إيداع الثمن الذي يعتقد أنه مقابل البيع على أن يكمله عندما يتحقق من الثمن الحقيقي.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل أن يلتزم القاضي في تفسير النصوص التشريعية الاستثنائية عبارة النص، ولا يجاوزها فلا يجوز له القياس لمد حكم النص إلى أمور سكت عنها أو يضيف إلى عبارته أمرا لم يرد فيه من شأنه أن يؤدي إلى التوسع في تطبيق النص.
3 - إذ كان الظاهر أن نص المادة 942 من القانون المدني نص استثنائي اشترط فيه إيداع كل الثمن الحقيقي خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة، فلا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره، ومد حكمه إلى حالة تكملة الثمن الباقي طالما لم يتم توجيه الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة 940 من القانون المدني.
4 - إذ كان البين من استقراء الأحكام المنظمة للأخذ بالشفعة من المادة 935 حتى المادة 948 من القانون المدني قد خلت من النص صراحة على ميعاد معين يتعين الشفيع تكملة الثمن الباقي خلاله بعد تحقق علمه بالثمن الحقيقي الذي تم به البيع، ويحدد قاضي الموضوع - في حالة قيام النزاع على الثمن - الثمن الحقيقي للبيع، فإنه يتعين على الشفيع اتخاذ الإجراء اللازم لإيداع هذا الباقي من الثمن خلال الأجل المناسب بعد تحقق علمه الحقيقي بالثمن مع الأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة ولضمان جدية دعوى الشفعة، ونأيا بها عن مجال المضاربة أو الاستغلال من جانب الشفيع بقصد تقييد دعوى الشفعة لصالح المشتري، وتخضع هذه الأمور من حيث استخلاص الثمن الحقيقي وتاريخ ثبوت العلم به، والإيداع خلال الأجل المناسب لرقابة قاضي الموضوع طالما أقام قضاءه على اعتبارات سائغة.
5 - إذ كان الطاعن قد بادر بإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى البائعين والمشترية قبل أن يوجه الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة 940 من القانون المدني، وأودع خزانة المحكمة مبلغ خمسين ألف جنيه الثمن الذي قدر أنه مقابل البيع وفقا لما هو ثابت بالطلب المقدم للشهر العقاري بالرمل، ثم أقام الدعوى بطلب الحكم بأخذ العقار المبيع بالشفعة، وقدمت مورثة المطعون ضدهم أولاً عقد البيع المؤرخ 21/11/1995 أمام خبير الدعوى، ويتضمن أن ثمن العقار المشفوع به مائة وسبعون ألف جنيه، وقدم الخبير تقريراً قدر فيه أن الثمن الحقيقي الذي تم به البيع هو مبلغ 180 ألف جنيه، وأخذت محكمة الموضوع بالثمن الثابت بعقد البيع سالف البيان وبأقوال شاهدي الطاعن بمبلغ 170 ألف جنيه ثم صدر الحكم الابتدائي بتاريخ 28/6/2003 بسقوط حق الطاعن في الشفعة وبعدها أودع الشفيع باقي الثمن ومقداره مائة وعشرون ألف جنيه خزينة محكمة الإسكندرية الابتدائية و بتاريخ 30/7/2003 ورفع الاستئناف رقم ... لسنة 59 ق الإسكندرية بتاريخ 2/8/2003 طالبا الحكم له بالطلبات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر باشتراطه اكتمال الإيداع خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علم الشفيع ( الطاعن ) بالثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه مما يعد قيداً لا يحتمله نص المادة 2/942 من القانون المدني، وأجرى قياساً على النص في غير محله على ما سلف بيانه مما حجبه عن إعمال سلطته بخصوص استخلاص توفر علم الشفيع بالثمن الحقيقي وتاريخه ومدى التزام سالف الذكر بإيداع باقي الثمن في الأجل المناسب في ضوء الاعتبارات المشار إليها، وهو ما لا يتحقق بالفعل إلا بتحديد قاضي الموضوع لهذا الثمن والفصل في هذه المسألة الأولية اللازمة للقضاء في سقوط دعوى الشفعة من عدمه، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تحصل في أن الطاعن أقام الدعوى ... لسنة 1996 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية على مورثات المطعون ضدهم أولا وثانيا وثالثا والمطعون ضدهما الثالث والحادية عشرة بطلب الحكم بأحقيته في أخذ العقار المبين بالأوراق بالشفعة نظير ثمن قدره خمسون ألف جنيه، وقال بيانا لدعواه إنه علم أن مورثة المطعون ضدهم أولا اشترت هذا العقار من مورثتي المطعون ضدهم ثانيا وثالثا والمطعون ضدها الحادية عشر، وقد تبين له أن المشترية قدمت طلبا لشهر عقد شرائها برقم ... بتاريخ 11/ 12/ 1995 وثابت به أن الثمن 50 ألف جنيه، كما تقدم ... المطعون ضده 3 من أولا بطلب قيد برقم ... للشهر العقاري بتاريخ 27/ 12/ 1995 عن عقد بيع آخر بمبلغ أربعمائة ألف جنيه لتفويت فرصة أخذ الطاعن العقار بالشفعة، وإذ يمتلك عقارا ملاصقا للعقار المبيع فقد أعلن المطعون ضدهم رغبته في أخذ العقار المبيع بالشفعة، وأودع خمسين ألف جنيه خزينة المحكمة. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره أحالتها للتحقيق، وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بسقوط حق الطاعن في الشفعة. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 59 ق الإسكندرية، وبتاريخ 25/ 5/ 2005 قضت بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى بسقوط حقه في أخذ عقار التداعي بالشفعة تأسيساً على علمه بالثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه، ولم يودع باقي الثمن خزانة المحكمة خلال ثلاثين يوما من تاريخ علمه رغم خلو نصوص القانون المدني المنظمة لحق الشفعة إيداع باقي الثمن، وإذ أودع الطاعن باقي الثمن خلال الخصومة المرددة بما يقطع بجديته في طلب الشفعة، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبره رغم هذا قد أودع الثمن بعد الميعاد، ورتب على ذلك سقوط حقه في الشفعة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن الشفيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – في حالة عدم إنذاره بالبيع ليس له من سبيل إلى معرفة الثمن الحقيقي الذي تم به هذا البيع، فيجوز له إيداع الثمن الذي يعتقد أنه مقابل البيع على أن يكمله عندما يتحقق من الثمن الحقيقي، والأصل أن يلتزم القاضي في تفسير النصوص التشريعية الاستثنائية عبارة النص، ولا يجاوزها فلا يجوز له القياس لمد حكم النص إلى أمور سكت عنها أو يضيف إلى عبارته أمراً لم يرد فيه من شأنه أن يؤدي إلى التوسع في تطبيق النص، وإذ كان الظاهر أن نص المادة 942 من القانون المدني نص استثنائي اشترط فيه إيداع كل الثمن الحقيقي خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة، فلا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره ، ومد حكمه إلى حالة تكملة الثمن الباقي طالما لم يتم توجيه الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة 940 من القانون المدني، وإذ كان البين من استقراء الأحكام المنظمة للأخذ بالشفعة من المادة 935 حتى المادة 948 من القانون المدني قد خلت من النص صراحة على ميعاد معين يتعين على الشفيع تكملة الثمن الباقي خلاله بعد تحقق علمه بالثمن الحقيقي الذي تم به البيع، ويحدد قاضي الموضوع - في حالة قيام النزاع على الثمن - الثمن الحقيقي للبيع، فإنه يتعين على الشفيع اتخاذ الإجراء اللازم لإيداع هذا الباقي من الثمن خلال الأجل المناسب بعد تحقق علمه الحقيقي بالثمن مع الأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة ولضمان جدية دعوى الشفعة، ونأياً بها عن مجال المضاربة أو الاستغلال من جانب الشفيع بقصد تقييد دعوى الشفعة لصالح المشتري، وتخضع هذه الأمور من حيث استخلاص الثمن الحقيقي وتاريخ ثبوت العلم به، والإيداع خلال الأجل المناسب لرقابة قاضي الموضوع طالما أقام قضاءه على اعتبارات سائغة.
لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد بادر بإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى البائعين والمشترية قبل أن يوجه الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة 940 من القانون المدني، وأودع خزانة المحكمة مبلغ خمسين ألف جنيه الثمن الذي قدر أنه مقابل البيع وفقاً لما هو ثابت بالطلب المقدم للشهر العقارى بالرمل، ثم أقام الدعوى بطلب الحكم بأخذ العقار المبيع بالشفعة، وقدمت مورثة المطعون ضدهم أولا عقد البيع المؤرخ 21 /11/ 1995 أمام خبير الدعوى، ويتضمن أن ثمن العقار المشفوع به مائة وسبعون ألف جنيه، وقدم الخبير تقريراً قدر فيه أن الثمن الحقيقي الذي تم به البيع هو مبلغ 180 ألف جنيه، وأخذت محكمة الموضوع بالثمن الثابت بعقد البيع سالف البيان وأقوال شاهدي الطاعن بمبلغ 170 ألف جنيه ثم صدر الحكم الابتدائي بتاريخ 28/6/ 2003 بسقوط حق الطاعن في الشفعة، وبعدها أودع الشفيع باقي الثمن ومقداره مائة وعشرون ألف جنيه خزينة محكمة الإسكندرية الابتدائية بتاريخ 30/7/ 2003 ورفع الاستئناف رقم ... لسنة 59 ق الإسكندرية بتاريخ 2/8/2003 طالباً الحكم له بالطلبات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر باشتراطه اكتمال الإيداع خلال ثلاثين يوما من تاريخ علم الشفيع (الطاعن) بالثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه مما يعد قيداً لا يحتمله نص المادة 2/942 من القانون المدني، وأجرى قياساً على النص في غير محله على ما سلف بيانه مما حجبه عن إعمال سلطته بخصوص استخلاص توفر علم الشفيع بالثمن الحقيقي وتاريخه ومدى التزام سالف الذكر بإيداع باقي الثمن في الأجل المناسب في ضوء الاعتبارات المشار إليها، وهو ما لا يتحقق بالفعل إلا بتحديد قاضي الموضوع لهذا الثمن، والفصل في هذه المسألة الأولية اللازمة للقضاء في سقوط دعوى الشفعة من عدمه، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.