الصفحات

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

القضية 99 لسنة 4 ق جلسة 4 / 6 / 1988 مكتب فني 4 دستورية ق 18 ص 119

جلسة 4 يونيو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن، رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: منير أمين عبد المجيد ورابح لطفي جمعة وفوزي أسعد مرقس وشريف برهام نور والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين – أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة – المفوض،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (18)
القضية رقم 99 لسنة 4 قضائية "دستورية"

(1) حق التقاضي – أجانب.
حق التقاضي للناس كافة مبدأ دستوري أصيل، كفله الدستور للمصريين والأجانب سواء.
(2) اتفاقيات دولية – قانون "القانون الواجب التطبيق – تفسيره" – دعوى دستورية "المصلحة فيها"
القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 هو القانون العام بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة – النص في المادة (3/ 1) منه على الاستمرار في تطبيق أحكام اتفاقيات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية لتعويض رعاياها. نص كاشف عن الأصل العام في التفسير بأن النص الخاص يقيد العام – عدم تغيير المراكز القانونية لهؤلاء تنتفي معه مصلحتهم في الطعن على هذا النص بعدم الدستورية.

----------------
1 - إن النص في المادة (68) من الدستور على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة......" مؤداه كما تفصح صيغته أن الدستور قرر حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل ولم يجعله وفقاً على المصريين وحدهم بل كفل هذا الحق أيضاً للأجانب وقد ردد هذا النص ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد – وطنيين وأجانب – وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
2 -  البين من نص الفقرة الأولى من المادة (3) من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 أنه لم يغير من المراكز القانونية للأجانب الذين أبرمت مع دولهم اتفاقيات للتعويضات بل قصد إلى استمرار سريان أحكام تلك الاتفاقيات على رعايا هذه الدول بصريح نصه، وهي اتفاقيات لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، ومن ثم يكون هذا النص المطعون عليه كاشفاً عن الأصل العام في التفسير الذي يقضي بعدم إعمال القواعد العامة فيما ورد بشأنه نص خاص، وإذ كان القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 هو القانون العام في شأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، فإنه يكون القانون الواجب التطبيق على جميع الحالات التي يحددها نطاق تطبيقه عدا ما استثنى بنصوص خاصة. وكان مؤدى النص المذكور أن المشرع استهدف منه – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقرار بقانون سالف الذكر – مجرد تأكيد سريان أحكام الاتفاقيات المشار إليها علي رعايا الدول التي أبرمتها، وتعد أحكامها بهذه المثابة نصوصاً خاصة واجبة الإعمال في نطاقها استثناء من القواعد العامة لتصفية الحراسات الصادر بها القانون المذكور. وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى الطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه، ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في الدعوى الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وإذ كان ما تستهدفه المدعية من دعواها الموضوعية هو الرد العيني لأموالها وممتلكاتها التي وضعت تحت الحراسة. وكان البين من نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 إن مضمونه قد انصرف إلى تطبيق أحكام الاتفاقيات المشار إليها، والتي لا يؤثر هذا القانون على سريانها حتى ولو خلا من النص المطعون عليه، ومن ثم فإن مصلحة المدعية في النعي على نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه تكون منتفية مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.


الإجراءات

بتاريخ 24 يونيو سنة 1986 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
وبعد تحضير الدعوى قدمت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 5251 لسنة 1980 مدني كلي جنوب القاهرة يطلبون فيها الحكم ببطلان عقود البيع الصادرة من الحراسة العامة ببيع العقارات المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مع كل ما يترتب على بطلان عقود البيع سالفة الكر من آثار وتسليم الأعيان سالفة الذكر لهم خالية مما يعوق انتفاعهم بها.
وبجلسة 30 يونيه سنة 1981 أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكمها في الدعوى سالفة الذكر بإجابة المدعين إلى طلباتهم فاستأنف المدعى عليهم السادس والسابع والثامن الحكم المذكور، غير أن محكمة استئناف القاهرة أحالت الدعوى إلى محكمة القيم للاختصاص بنظرها إعمالاً للقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة وقيدت الدعوى برقم 33 لسنة 2 ق قيم حيث دفعت المدعية الأولى بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه وصرحت لها المحكمة برفع دعواها الدستورية، فأقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن المدعين فيها من الأجانب الذين يكفل المشرع العادي حقوقهم في النصوص التشريعية المختلفة دون نصوص الدستور التي تختص المحكمة الدستورية العليا بإعمال الرقابة القضائية من خلالها والتي اقتصرت على كفالة حقوق المصريين وحرياتهم.
وحيث إن ما تستهدفه الحكومة بهذا الدفع هو إنكار حق المدعين في رفع الدعوى الدستورية، وهو دفع مردود بما نصت عليه المادة 68 من الدستور من أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة........." وظاهر هذا النص كما تفصح صيغته أن الدستور قرر حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل ولم يجعله وفقاً على المصريين وحدهم بل كفل هذا الحق أيضاً للأجانب وقد ردد النص الدستوري المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد – وطنيين وأجانب – وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة هي المختصة وحدها بنظر الدعاوي الدستورية إعمالاً للمادة 175 من الدستور والمادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 اللتين عقدتا لها دون غيرها ولاية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح بما يؤكد أنها المختصة وحدها بنظر أي طعون بمخالفة القوانين أو اللوائح للدستور، ومن ثم ينعقد الاختصاص لهذه المحكمة بنظر الدعوى الماثلة ويكون الدفع بعدم الاختصاص قائماً على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية المشار إليه تنص على أن:
"تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتي:
) أ (...........
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى، وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن".
وكان مؤدى هذا النص – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم مباشرتها وربط بينه وبين الميعاد الذي حدده لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر وكانت هذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها وفي الموعد الذي عينه وإلا كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة.
لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لم ترخص للمدعين من الثاني إلى الخامس برفع الدعوى الدستورية، ومن ثم لا تكون دعواهم قد اتصلت بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً وتكون بالتالي غير مقبولة بالنسبة إليهم.
وحيث إن المدعية – وهي يونانية الجنسية عوضت وفقاً لأحكام الاتفاقية المصرية اليونانية – تنعي على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه مخالفته للمادتين 108 و147 من الدستور لعدم توافر الحالة التي تسوغ لرئيس الجمهورية إصداره في غيبة مجلس الشعب، كما تنعي على المادة الساسة منه عقدها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالأموال والممتلكات التي خضعت للحراسة لمحكمة القيم دون القضاء المدني وهو قاضيها الطبيعي بالمخالفة لحكم المادة 68 من الدستور فضلاً عن مخالفة المادة 167 من الدستور التي توجب أن يكون تحديد الهيئات القضائية وبيان اختصاصها بقانون.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 21 يونيه سنة 1986 في الدعويين رقم 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، وفي الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية – والتي يتضمن موضوع كل منها الطعن على المادة الثانية من القرار بقانون سالف الذكر فضلاً عن الطعون الأخرى المشار إليها المثارة في الدعوى الماثلة – بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه "وذلك ما لم يكن قد تم بيعها...." وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وقد نشر هذان الحكمان في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليه سنة 1986.
وحيث إن الأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية وهي بطبيعتها دعاوي عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري تكون لها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوي التي صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.
لما كان ذلك، وكان قد سبق لهذه المحكمة أن أصدرت حكميها المتقدمين بصدد الطعون سالفة الذكر، وكان قضاؤها هذا له حجية مطلقة حسمت الخصومة الدستورية بشأن هذه الطعون حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أي طعن مماثل يثور من جديد فإن المصلحة في الدعوى الماثلة بصدد هذه الطعون تكون منتفية وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبولها.
وحيث إن المدعية تطعن كذلك بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه والتي تنص على أن "يستمر تطبيق أحكام اتفاقيات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية على رعايا هذه الدول الذين خضعوا لتدابير الحراسة المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون"، وتنعي المدعية على هذه الفقرة مخالفتها للمادتين 34، 36 من الدستور لما تضمنته من استمرار سريان أحكام اتفاقيات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية لتعويض رعايا هذه الدول من أموالهم التي خضعت لتدابير الحراسة دون رد هذه الأموال عيناً لأصحابها وذلك بعد اعتبار هذه الحراسة كأن لم تكن.
وحيث إن البين من هذا النص أنه لم يغير من المراكز القانونية للأجانب الذين أبرمت مع دولهم اتفاقيات للتعويضات بل قصد إلى استمرار سريان أحكام تلك الاتفاقيات على رعايا هذه الدول بصريح نصه، وهي اتفاقيات لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، ومن ثم يكون هذا النص المطعون عليه كاشفاً عن الأصل العام في التفسير الذي يقضي بعدم إعمال القواعد العامة فيما ورد بشأنه نص خاص، وإذ كان القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه هو القانون العام في شأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فإنه يكون القانون الواجب التطبيق على جميع الحالات التي يحددها نطاق تطبيقه عدا ما استثنى بنصوص خاصة.
لما كان ذلك، وكان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه أن المشرع استهدف منها – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقرار بقانون سالف الذكر – مجرد تأكيد سريان أحكام الاتفاقيات المشار إليها على رعايا الدول التي أبرمتها، وتعد أحكامها بهذه المثابة نصوصاً خاصة واجبة الإعمال في نطاقها استثناء من القواعد العامة لتصفية الحراسات الصادر بها القانون المشار إليه.
وحيث إنه من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى الطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه. ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في الدعوى الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وإذ كان ما تستهدفه المدعية من دعواها الموضوعية هو الرد العيني لأموالها وممتلكاتها التي وضعت تحت الحراسة، وكان البين من نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه – على ما سلف بيانه – أن مضمونه قد انصرف إلى تطبيق أحكام الاتفاقيات المشار إليها والتي لا يؤثر هذا القانون على سريانها حتى ولو خلا من النص المطعون عليه ومن ثم فإن مصلحة المدعية في النعي على نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه تكون منتفية مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى هذا الشق أيضاً.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق