الصفحات

الاثنين، 22 نوفمبر 2021

الطعن 93 لسنة 8 ق جلسة 6 / 4 / 1939 مج عمر المدنية ج 2 ق 176 ص 535

جلسة 6 إبريل سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وأحمد مختار بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(176)
القضية رقم 93 سنة 8 القضائية

(أ) ترك المرافعة. أثره. محو الخصومة وإجراءات الدعوى بما في ذلك ورقة التكليف بالحضور. إعادة الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها. (المادة 305 مرافعات)

(ب) تقادم.

إجراءات التقاضي. الآثار التي تترتب عليها. نسبية بين طرفي الدعوى بصفاتهم. دائن. تحويل دينه لأجنبي. رفع دعوى به من المحال أمام المحكمة المختلطة. حكمها بعدم الاختصاص على أساس أن التحويل صوري. استئناف هذا الحكم. التنازل عنه. شطب الدعوى. رفع دعوى أمام المحكمة الأهلية بهذا الدين من الدائن الأصلي. دفع المدين بسقوط الحق في المطالبة بالدين بمضي المدّة. الدعوى المرفوعة أمام المحكمة المختلطة. أثرها في قطع التقادم. لا يتعدّى رافعها الأجنبي. لا يقطع التقادم بالنسبة للدائن الأصلي. (المادة 194 تجاري)
(جـ) اختصاص.

ورقة تجارية. تظهيرها بقصد التحصيل. توكيل ظاهر بالقبض. الاختصاص في التقاضي بشأن هذا الدين. حسب جنسية الموكل.

---------------
1 - ترك المرافعة يمحو الخصومة وإجراءات الدعوى بما في ذلك ورقة التكليف بالحضور، ويزيل بالتالي كل ما ترتب على ذلك من آثار؛ وبعبارة أخرى يعيد الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الدعوى.
2 - الأصل في الآثار التي تترتب قانوناً على إجراءات التقاضي أنها نسبية بين طرفي الدعوى بصفاتهم التي اتخذوها. فالأثر المترتب على رفع الدعوى من جهة قطع التقادم لا يتعدّى من رفعها ومن رفعت عليه. فإذا أحال الدائن أجنبياً بدينه فرفع هذا الأجنبي الدعوى بالدين أمام المحكمة المختلطة فقضت بعدم اختصاصها على أساس أن التحويل صوري، فاستأنف الحكم، ثم تنازل عن الاستئناف وطلب شطب الدعوى، فحكمت المحكمة بالشطب، ثم رفع الدائن الأصلي الدعوى بدينه أمام المحكمة الأهلية فدفع المدين بسقوط الحق في المطالبة بالدين بمضي المدّة، فإن رفع الدعوى أمام المحكمة المختلطة لا يمكن أن يتعدّى أثره رافعها الأجنبي فيقطع التقادم بالنسبة لغيره.
3 - إن تظهير الورقة التجارية بقصد التحصيل لا يعدو أن يكون توكيلاً ظاهراً بقبض قيمتها. والعبرة في تحديد الاختصاص بالتقاضي عن الدين في هذه الصورة تكون بجنسية الموكل.


الوقائع

تتضمن وقائع هذه المادة - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة وكانت مقدّمة من قبل لدى محكمة الاستئناف - أن شركة عبده مواس وولده رفعت على الطاعنين (الشيخ عبد الحميد عجيلة ومحمد عجيلة وأبو العينين علي خميس) دعوى تجارية أمام محكمة إسكندرية الابتدائية المختلطة طلبت فيها الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لها 22900 قرش مع فوائده القانونية من أوّل أكتوبر سنة 1931 لغاية الوفاء. وذلك قيمة سند حرروه في 15 من فبراير سنة 1931 لأمر وإذن رئيف ميخائيل سرياني واستحق الدفع في أوّل أكتوبر سنة 1931، وحوّله هذا الدائن للشركة المدعية بتاريخ أوّل فبراير سنة 1936، فحضر المدعى عليه الأوّل لدى المحكمة المذكورة ودفع بعدم اختصاص المحاكم المختلطة بنظر الدعوى لأن التحويل صوري قصد به نزع الدعوى من ولاية المحاكم الأهلية المختصة، فحكمت المحكمة بعدم الاختصاص في 23 من مارس سنة 1936. استأنفت الشركة المدعية هذا الحكم لدى محكمة الاستئناف المختلطة التجارية. وبجلسة 17 يناير سنة 1938 قرر وكيل الشركة تنازل موكلته عن الاستئناف والتزامها لخصومها بالمصاريف والأتعاب وطلب شطب الدعوى، فأثبتت المحكمة هذا التنازل وحكمت بالشطب.
وبتاريخ 24 فبراير سنة 1938 رفع رئيف ميخائيل سرياني التاجر دعواه الحالية أمام محكمة طنطا الابتدائية الأهلية ضدّ الخواجات عبده مواس وولده والطاعنين، وطلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما الثاني والثالث متضامنين بضمانة الرابع بأن يدفعا له 22900 قرش والفوائد بواقع الماية تسعة من أوّل أكتوبر سنة 1931 لغاية الوفاء والمصاريف وأتعاب المحاماة وتثبيت الحجز التحفظي تحت يد المدعى عليه الأوّل وجعله حجزاً نافذاً وشمول الحكم بالنفاذ المعجل. فدفع الطاعنون بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمس سنوات على تاريخ الاستحقاق لأن المعاملة تجارية، وذلك عملاً بنص المادة 194 من القانون التجاري.
وأجاب المدعي بأن المعاملة مدنية، وأنه على فرض أن الدين تجاري فإنه كان قد حوّل السند لشركة عبده مواس، فرفعت به دعوى على المدعى عليهم بتاريخ 11 من فبراير سنة 1936 أمام المحكمة المختلطة وقضى فيها بعدم الاختصاص، فانقطعت بذلك مدّة التقادم وما زال الحق في المطالبة بالدين قائماً.
وبتاريخ 17 مايو سنة 1938 حكمت المحكمة الابتدائية المذكورة حضورياً للمدعى عليه الثاني وغيابياً للباقين (أوّلاً) برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة لمضي المدة (وثانياً) بإلزام المدعى عليهما الثاني والثالث بصفتهما مدينين متضامنين والرابع بصفته ضامناً متضامناً معهما بأن يدفعوا للمدعي مبلغ 229 جنيهاً والفوائد باعتبار تسعة في المائة سنوياً من أوّل أكتوبر سنة 1931 لغاية الوفاء والمصاريف و200 قرش أتعاب محاماة وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد المدعى عليه الأوّل وجعله نافذاً وشملت الحكم بالنفاذ بلا كفالة.
استأنف المدعى عليهم الثلاثة الأخيرون هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالبين (أوّلاً) إلغاء النفاذ حتى يفصل نهائياً في موضوع هذا الاستئناف (وثانياً) إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه الأوّل وإلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبتاريخ 28 من يونيه سنة 1938 حكمت المحكمة حضورياً للمستأنف عليه الأوّل رئيف ميخائيل وغيابياً للثاني (الخواجات عبده مواس وولده) بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما يختص بالفوائد وجعل استحقاقها من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 24 فبراير سنة 1938 بواقع المائة تسعة سنوياً للسداد وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المستأنفين بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليه الأوّل عن الاستئناف.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في 15 من أغسطس سنة 1938، فطعن فيه وكيلهم بطريق النقض في 5 من سبتمبر سنة 1938 الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد خالفت أحكام التقادم المبرئ للذمة حين حكمت بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض ما دفع به الطاعنون من سقوط حق رئيف ميخائيل المدعي في المطالبة بقيمة السند المؤرّخ في 15 من فبراير سنة 1931 لمضي أكثر من خمس سنوات على تاريخ استحقاقه معتمدة في ذلك على أن مطالبة عبده مواس وولده بقيمة هذا السند بعد تحويله لهما بعد الاستحقاق لدى المحكمة التجارية المختلطة قد قطعت مدة التقادم ولو أنها رفعت إلى محكمة غير مختصة. ووجه الخطأ على ما يقوله الطاعنون أنه لا يصح في مصر الأخذ بنص المادة 2246 من القانون المدني الفرنسي التي تقضي بأن المطالبة الحاصلة لدى محكمة غير مختصة تقطع مدة التقادم، وأنه لو صح الأخذ بها وبحكمتها القانونية فإنه لا ينبغي الأخذ بها في الحالات التي تقدّم فيها المطالبة إلى محكمة معدومة الولاية على مثلها، بل لو صح الأخذ فإن الأثر الذي يمكن أن يكون قد استفاده رافع الدعوى المختلطة (التي حكم فيها بعدم الاختصاص) قد زال وسقط بتركه المرافعة في الدعوى أمام محكمة الاستئناف المختلطة.
وحيث إن كل الذي جاء في الحكم الابتدائي "أنه من المسلم به فقهاً وقضاءً أن رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة قاطع لمدة التقادم". أما الذي جاء في الحكم المطعون فيه فهو (بعد أخذه بأسباب الحكم المستأنف): "وحيث إن محامي المستأنفين ذهب إلى أنه لأجل أن يعتبر رفع الدعوى قاطعاً للمدة يجب أن تكون من صاحب الحق نفسه لا من المحوّل إليه. وحيث إن المحكمة المختلطة عندما حكمت بعدم اختصاصها بنت ذلك على أن ملكية المدين لم تنتقل بالتحويل إلى من رفع الدعوى. ومؤدى هذا أن التحويل كان مقصوداً به المطالبة بالدين نيابة عن الدائن، وفي هذا معنى الوكالة عنه في رفعها".
وحيث إنه بصرف النظر عما إذا كان يصح في مصر الأخذ بفقه المادة 2246 من القانون الفرنسي، وبصرف النظر أيضاً عما إذا كان يصح الأخذ بفقهها حتى إذا قدّمت المطالبة إلى محكمة لا يكون لها ولاية القضاء في مثلها، فإن المطالبة التي قدّمها الخواجات عبده مواس وولده لدى المحكمة التجارية المختلطة بقيمة السند المرفوع به الدعوى الحالية قد انتهت بتركه المرافعة فيها لدى محكمة الاستئناف المختلطة. وظاهر أن ترك المرافعة يمحو الخصومة، ويلغي كل إجراءاتها بما فيها ورقة التكليف بالحضور، ويزيل كل الآثار التي ترتبت على إقامتها، ويعيد الخصوم بالجملة إلى الحالة التي كانوا عليها. على أنه متى لوحظ أن الأصل في إجراءات التقاضي أن الآثار التي تترتب عليها قانوناً تكون نسبية بين طرفي الخصومة بصفاتهم التي اتصفوا بها، وأن الأثر القاطع لمدة التقادم المترتب على رفع الدعوى لا يكون إلا بين من رفعها ومن رفعت عليه، وأن الخواجات عبده مواس وولده إنما كانا يعملان لمصلحتهما الشخصية، وبصفتهما محالين بالدين حوالة صحيحة تجعل لهما الحق في رفع قضيتهما على المدين أمام المحكمة المختلطة المختصة (لرعويتهما الأجنبية) - إنه متى لوحظ هذا كله لا يمكن اعتبار الأثر القاطع لمدّة التقادم إلا لمصلحة رافعي الدعوى لو بقي الدين لاسمهما. أما وقد رد التحويل بعد ترك المرافعة في الدعوى المختلطة فلا يمكن للدائن الأصلي أن يتمسك بالأثر القاطع المترتب لمصلحة غيره. أما تخريج الحكم المطعون فيه للحكم الصادر بعدم الاختصاص من المحكمة المختلطة بالقول بأن مؤدى هذا الحكم أن التحويل كان مقصوداً به المطالبة بالدين نيابة عن الدائن، وفي هذا معنى الوكالة عنه في رفعها، فهو تخريج غير صحيح وغير منتج. أما كونه غير صحيح فلأن المحكمة المختلطة قد ذكرت في حكمها "أن التحويل صوري قصد به مجرّد حرمان الخصوم من الترافع أمام محاكمهم، وأن القضاء لا يسمح بهذا التحيل". أما كونه غير منتج فلأن تظهير الورقة التجارية بقصد التحصيل لا يعدو أن يكون توكيلاً ظاهراً بالقبض، وفي مثله تكون العبرة في تحديد الاختصاص بجنسية الموكل. والخلاصة أنه لو كان تحويل الدين في الدعوى الحالية مقصوداً منه الوكالة في التحصيل، فإنه كان ينبغي على المحتال أن يرفع دعوى المطالبة بالنيابة عن الدائن موكله لدى المحاكم الأهلية المختصة. فهو إذ رفعها باسمه ولنفسه أمام المحكمة المختلطة لم يكن عاملاً فيها إلا لنفسه بطريق الأصالة، فإن أثر انقطاع المدة المترتب على رفعها لا يظهر إلا في حقه شخصياً وإن انتحل له خطأ أنه كان وكيلاً عن صاحب الدين.
وحيث إنه ينتج من ذلك أن لا انقطاع في مدة التقادم مترتباً على الدعوى المختلطة. ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه.
وحيث إنه ثابت من مدوّنات الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد به أن السند المطالب به استحق دفعه في أوّل أكتوبر سنة 1931، وقد مضى على هذا التاريخ إلى رفع الدعوى الحالية أكثر من خمس سنوات، فقد سقط حق المدعي في المطالبة بهذا السند بالتقادم الخمسي عملاً بالمادة 194 من القانون التجاري.
وحيث إن المادة 194 المذكورة تلزم من يتمسك بسقوط الحق في دعوى المطالبة بالأوراق التجارية المبينة بها بحلف اليمين على أنه لم يكن في ذمته شيء من الدين. ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف لتحليف الطاعنين هذه اليمين القانونية، ثم لتحكم في موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى أو بتأييده على ما يقتضيه الحلف أو النكول، ثم تحكم في المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق