الصفحات

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2021

الطعن 32 لسنة 10 ق جلسة 24 / 10 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 74 ص 267

جلسة 24 أكتوبر سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------------

(74)
القضية رقم 32 سنة 10 القضائية

تقادم. 

وارث. تملكه نصيب باقي الورثة بالتقادم الطويل. جوازه. شرائط وضع اليد. البحث في تحققها. سلطة محكمة الموضوع في ذلك. حدّها. (المادة 76 مدني(

---------------
ليس في القانون ما يحرّم على الوارث أن يتملك بالتقادم نصيب من ورثوا معه، فهو في ذلك كأي شخص أجنبي عن التركة يتملك متى استوفى وضع يده الشرائط الواردة في القانون، وهي الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك. والبحث في تحقق هذه الشرائط متروك لقاضي الدعوى لتعلقه بالموضوع، ولا شأن لمحكمة النقض والإبرام معه إذا هو قد أقام قضاءه في ذلك على ما يكفي لتبريره.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق الأخرى التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - في أن المرحوم إبراهيم داود أفندي عمّ الطاعن تصرف في كل ما كان يملك من عقار (14 فداناً و9 قراريط ومنزل) إلى ابنته الوحيدة المرحومة الست فايقة زوجة المطعون ضدّه ومورّثته، وذلك بمقتضى عقد عرفي تاريخه 19 من يناير سنة 1915 وثابت التاريخ بصفة رسمية في 20 منه ذكر فيه أنه باع إلى كريمته المذكورة تلك الأرض بثمن مقداره ألف جنيه، وأنه تنازل لها عن ذلك الثمن. وفي 24 من نوفمبر سنة 1917 توفى المرحوم إبراهيم داود وانحصر إرثه في ابنته فايقة وكانت قاصراً وفي زوجته الست مصطفية خالة الطاعن وأخيه سليمان داود والد الطاعن، ثم عين المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس بالمنصورة الست مصطفية وصية على ابنتها فايقة التي اعتبرت مالكة لكل ما تصرف لها فيه والدها قبل وفاته حتى أن المجلس الملي المذكور قضى في 21 من يناير سنة 1918 بتقدير نفقة للست مصطفية على ابنتها فايقة القاصر على اعتبار أن زوجها لم يترك شيئاً يورث عنه بعد الذي تصرف فيه لفايقة، وكانت الوصية تقدّم للمجلس الملي حساباً عن إيرادات ومصروفات أملاك ابنتها القاصر. زوّجت فايقة من معوض جرجس أفندي المطعون ضدّه ثم توفيت في أوّل أكتوبر سنة 1921 وانحصر إرثها في زوجها المذكور وولدها منه وديع وفي أمها الست مصطفية. وفي 28 من يونيه سنة 1934 باعت الست مصطفية لحفيدها وديع ما ورثته عن أمه فايقة. وفي أوّل سبتمبر سنة 1937 رفع الطاعن أمام محكمة المنصورة الابتدائية الدعوى رقم 386 سنة 1937 كلي يطالب فيها المطعون ضدّه بملكيته لنصيبه الذي ورثه عن والده سليمان داود فيما ورثه هذا الأخير عن أخيه المرحوم إبراهيم داود، وكذلك بملكيته لنصيبه فيما تركته والدته مما ورثته عن أختها الست مصطفية زوجة إبراهيم داود. ثم تنازل عن دعواه فيما طالب به من تركته خالته مصطفية، واقتصر على ما ادّعى أنه يملكه عن والده عن عمه. وفي 25 من مارس سنة 1939 قضت محكمة المنصورة برفض تلك الدعوى مع إلزام الطاعن بمصاريفها ومقابل أتعاب المحاماة. استأنف المذكور حكمها أمام محكمة استئناف مصر وقضى في 19 من مارس سنة 1940 برفضه وتأييد الحكم الابتدائي.
أعلن حكم الاستئناف إلى الطاعن في 7 من إبريل سنة 1940 فطعن فيه وكيله بطريق النقض والإبرام في 7 من مايو سنة 1940 بتقرير أعلن للمطعون ضدّه في 16 من ذلك الشهر.. إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى هذا الطعن ينحصر في وجهين:
(الأوّل) أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ اعتبر العقد الباطل الصادر من المرحوم إبراهيم داود لابنته فايقة أساساً للتملك بالتقادم الطويل حالة كون هذا العقد، وهو باطل بطلاناً جوهرياً لعدم استيفائه الشرط الشكلي لعقد الهبة، لا يصح أن يترتب عليه أي أثر قانوني. ويكون الوارث الصادر إليه ذلك العقد واضعاً يده على أرض المورّث لحسابه وحساب باقي الورثة معاً. وفي هذه الحالة لا يصبح مالكاً لما وضع اليد عليه إلا بعد سقوط حق باقي الورثة في المطالبة بحقهم في الإرث أي بعد مضي ثلاث وثلاثين سنة.
(الثاني) أن أسباب الحكم المطعون فيه قد جاءت قاصرة عن بيان واقعة وضع اليد وشروطه وأركانه. وهذا القصور يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي وأضاف إليها أسباباً أخرى رداً على ما استند إليه الطاعن في استئنافه فتكون أسباب الحكمين كلاً غير قابل للتجزئة.
وحيث إن الحكم الابتدائي قد بني على الأسباب الآتية:
"وحيث إن فايقة وورثتها استمروا واضعي اليد على هذه الأعيان من سنة 1913 لغاية سنة 1937 كمالكين بدون منازعة، ولم يضع واحد منهم يده على أنه نائب عن باقي ورثة إبراهيم داود إنما كانوا يضعون يدهم على أنهم ورثة فايقة المذكورة وحدها. وبذلك يكون المدعى عليه قد اكتسب الملكية بوضع يده هو ومورّثته المدّة الطويلة المكسبة للملكية. ولا اعتداد بما دفع به المدعي من أن حقه في المطالبة بنصيبه لا يسقط إلا بمضي ثلاث وثلاثين سنة ما دام قد تبين أن موقفه من المدعى عليه لم يكن موقف الوارث إزاء شريكه الوارث بالنسبة للأطيان المطالب بها بل موقف المالك الذي أهمل في المطالبة بملكه من تحت يد غاصبه".
أما الحكم الاستئنافي فقد بني على ما يأتي:
"وحيث إنه عن الموضوع فقد تبين من الاطلاع على ملف الدعوى وما اشتمل عليه من مستندات ومذكرات أن الحكم المستأنف في محله لأسبابه التي بني عليها وتأخذ بها هذه المحكمة. أما ما جاء بأسباب الاستئناف ومذكرة المستأنف من أن الست مصطفية لم تضع يدها على العقارات المخلفة عن المورّث بصفتها وصية على ابنتها فايقة بل بصفتها وارثة لزوجها إبراهيم داود فمردود بالمحضر الذي قدّمه المستأنف عليه الصادر من مجلس ملي المنصورة بتاريخ 21 من يناير سنة 1918 الثابت فيه أن السيدة المذكورة تعينت وصية على ابنتها فايقة وطلبت تقدير نفقة لها عليها وقبل المجلس طلبها هذا على اعتبار أن العقارات المبيعة من مورّثها إبراهيم داود لابنته فايقة هي ملك لهذه القاصرة لا تركة موروثة عنه. وما دام أن وضع اليد قد بدأ بهذه الصفة واستمر لغاية رفع الدعوى (سنة 1937) ولم يصدر من جانب المستأنف ولا مورّثه من قبله (المتوفى في 19 من ديسمبر سنة 1923) ما يغير من هذه الصفة فلا يمكن التمشي مع المستأنف في دعواه المذكورة. يضاف إلى ذلك أن نفس المستأنف قدّم ضمن مستنداته عقد إيجار صادراً من مصطفية إلى إبراهيم محمد السويدي عن 7 أفدنة و5 قراريط و8 أسهم تاريخه أوّل أكتوبر سنة 1932 لمدّة ثلاث سنوات وبآخره عبارة موقع عليها من السيدة المذكورة ومحرّرة في 27 من يونيه سنة 1934 تفيد أنها استلمت بعضاً من أصل الإجارة من سنة 1934 وصرحت للمستأجر بدفع الباقي في مواعيده إلى المستأنف عليه حيث أصبحت لا تستحق في هذه الأطيان شيئاً، وعبارة أخرى موقع عليها من المستأجر بإقراره بعلمه بأن هذه الأطيان أصبحت جميعها ملكاً إلى المستأنف عليه وولده وديع. ويؤخذ مما ذكر أن الست مصطفية عندما وضعت يدها على الأطيان بعد وفاة ابنتها إلى أن تصرفت في نصيبها إلى وديع ابن المستأنف عليه بعقد مسجل في أوّل أغسطس سنة 1934 لم تكن تضع يدها عليها بصفتها وارثة لإبراهيم داود بل بصفتها وارثة لابنتها فايقة وبالنيابة عن باقي ورثة الابنة المذكورة وهما المستأنف عليه وولده وديع، فلما باعت نصيبها لذلك الولد تخلت عن إدارة الأطيان".
"ومن حيث إنه من كل ما تقدّم يتعين تأييد الحكم المستأنف".
هذا ما ذكره الحكمان.
وحيث إنه يبين بكل جلاء من الأسباب السالفة أن الحكم المطعون فيه لم يقم وزناً للعقد الصادر من المرحوم إبراهيم داود إبراهيم إلى ابنته فايقة بل اعتبره باطلاً لعدم حصول الهبة فيه بعقد رسمي. فهو إذن لم يرتب عليه أي أثر قانوني، وكل ما بني عليه الحكم المطعون فيه يرجع إلى اعتبار فايقة وورثتها من بعدها حائزين لأنفسهم الملك المتنازع عليه بصفتهم مالكين له، وقد استمرّت حيازتهم المدّة الطويلة المكسبة للملكية فأصبحوا مالكين بالتقادم المستند إلى الحيازة الفعلية لا إلى عقد الهبة الباطل.
وحيث إن القانون لا يحرّم على أحد الورثة أن يتملك نصيب الباقين في الملك بالتقادم الطويل كأي شخص آخر أجنبي عن التركة ما دام أن وضع يده قد استوفى شرائطه القانونية وهي الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك.
وحيث إن البحث في هذه الشرائط وتوافرها هو مسألة موضوعية متروكة لقاضي الموضوع، وما يقرره فيها لا يدخل تحت رقابة محكمة النقض والإبرام ما دام أنه قد بني على الأسباب التي تكفي لتبريره عقلاً.
وحيث إن الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له قد أبانا في أسبابهما بياناً كافياً الأمور التي تثبت أن المطعون ضدّه ومن قبله مورّثيه (الست فايقة ووديع) قد وضعوا يدهم على أرض النزاع بعد وفاة المرحوم إبراهيم داود في سنة 1917 مباشرة وكانت حيازتهم ظاهرة بدون منازعة، ولم تكن هذه الحيازة مشوبة بالنيابة عن باقي الورثة بل كانت بنية الملك الخالص، وقد استمرّت أكثر من خمس عشرة سنة فأكسبتهم الملكية، وفي وجه باقي الورثة باعتبارهم غاصبين لا باعتبارهم وارثين للمرحوم إبراهيم داود.
وحيث إنه يبين مما تقدّم أن الحكم المطعون فيه لا يشوبه عيب من جهة القانون ولا من جهة القصور في التسبيب، ولهذا يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق