الصفحات

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2021

الطعون 1233، 1242، 1243 لسنة 38 ق جلسة 11 / 4 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 97 ص 927

جلسة 11 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(97)
الطعون أرقام 1233، 1242، 1243 لسنة 38 القضائية

(أ) أسواق عمومية - أماكن إنشائها - تعديل المكان - أثره على الترخيص.
القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة.
ناط المشرع بوزير التموين والتجارة الداخلية الاختصاص بتعيين الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء أسواق التعامل بالجملة - فوض وزير التموين والتجارة الداخلية سلطاته في هذا الشأن للمحافظين بمقتضى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 - قرار محافظ القاهرة رقم 64 لسنة 1992 بإنهاء نشاط تجارة الجملة للخضر والفاكهة والدواجن والأسماك بسوقي روض الفرج وغمرة وبإلغاء كافة تراخيص مزاولة النشاط بها ومنح تراخيص جديدة لمزاولة هذه الأنشطة بسوق العبور - هو قرار صحيح قائم على سببه - أساس ذلك: الدراسات المتخصصة التي أسفرت عن ضرورة النقل إلى سوق العبور بعد التأكد من عدم صلاحية السوقين المشار إليهما - تطبيق.
(ب) تراخيص - ترخيص مزاولة نشاط تجاري - إلغاء الترخيص - تعديله.
الترخيص تصرف إداري مؤقت بطبعه لا يرتب حقاً ثابتاً نهائياً بل يخول المرخص له مركزاً قانونياً مؤقتاً - يجوز تعديل الترخيص إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك - الترخيص بمزاولة النشاط التجاري في مكان معين - إلغاء المكان ونقله مؤداه إلغاء الترخيص - تطبيق. (1)


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 11/ 4/ 1992 أودع الأستاذان محمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المحاميان، نيابة عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى (ج) بجلسة 2/ 4/ 1992 في الدعاوى أرقام 2790، 3452، 3717، 3494، 3844، 3999 لسنة 46 ق اللذين قضيا "بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته "وبغير إعلان وبإحالة الدعاوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء. وخلصت الهيئة الطاعنة إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ الحكمين المطعون فيهما وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبرفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما في جميع الدعاوى "وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بتقرير الطعن.
وفي يوم السبت الموافق 11 من إبريل سنة 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ القاهرة، وزير التعمير والمجتمعات الجديدة، وزير الأوقاف، ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" الدائرة ج بجلسة 2/ 4/ 1992 في الدعاوى أرقام 2790، 3452، 3717، 3494، 3844 لسنة 46 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان "وخلص الطاعنون في ختام تقرير الطعن إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أولاً: أصلياً بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في طلب وقف تنفيذ القرارات السلبية المطعون فيها واحتياطياً: برفض طلب وقف تنفيذ القرارات السلبية المطعون فيها بالامتناع عن تجديد تراخيص الأشغال الممنوحة للمطعون ضدهم في سوق روض الفرج بمحافظة القاهرة وثانياً: برفض وقف تنفيذ القرار رقم 64 لسنة 1992 الصادر من محافظة القاهرة بجميع أشطاره وثالثاً: بإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بتقرير الطعن.
وفي يوم السبت الموافق 11 من إبريل سنة 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ القاهرة، وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة، وزير العدل، رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "دائرة منازعات الأفراد والهيئات ج بجلسة 2/ 4/ 1992 في الدعوى رقم 3999 لسنة 46 قضائية والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان، وخلص الطاعنون إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات. وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وقد أودع السيد الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأت فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بعدم قبول الطعن رقم 1233 لسنة 38 ق عليا بالنسبة إلى أحمد حسين محمد الشريف لرفعه على غير ذي صفة، وبقبول الطعون الثلاثة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيهما وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف.
وكانت قد عينت جلسة 20/ 4/ 1992 لنظر الطعن رقم 1233 لسنة 38 ق دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وفي تلك الجلسات قررت الدائرة ضم الطعون أرقام 1233/ 38 ق عليا، 1242/ 38 ق عليا، 1243/ 38 ق عليا ليصدر فيهم حكم واحد وتداولت الدائرة نظر الطعن على النحو الموضح تفصيلاً بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 7/ 1992 قدم الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل والأستاذ رفعت إبراهيم المحاميان مذكرة أوضحا فيها أن الطعون الماثلة وتقرير هيئة مفوضي الدولة بشأنها لا تستند على أساس قانوني صحيح، وأن للقضاء الإداري الحق في رقابة القرارات الإدارية على أساس الموازنة بين المنافع والفوائد التي ستعود على مدينة القاهرة من إنشاء سوق العبور وبين الأضرار التي ستصيب التجار والعمال من جراء غلق سوق روض الفرج كما أن إجبار التجار على إنهاء النشاط في السوق المذكور ونقله لسوق العبور فيه تقييد لحرية التجارة التي كفلتها القوانين، وخلصت المذكرة لما تقدم للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم برفض الطعون الماثلة وقد قررت الدائرة النطق بالحكم بجلسة 28/ 9/ 1992 ومذكرات لمن يشاء خلال أربعة أسابيع وصرحت بالاطلاع، وقدم الدكتور "يحيى الجمل" المحامي مذكرة بدفاع بعض المطعون ضدهم رد فيها على الأسانيد التي استند عليها تقرير هيئة مفوضي الدولة للقول ببطلان الحكم، والتي تخلص في أن محاضر جلسات المرافعة التي عقدت لنظر الدعاوى التي صدر فيها الحكمان الطعينان لم يثبت بها اسمي المستشارين عضوي الدائرة التي أصدرت الحكمين المذكورين وهو ما يعد مخالفاً لحكم المادتين (167)، (170) من قانون المرافعات حيث أوضح محامي المطعون ضدهم بأن البطلان المترتب على مخالفة حكم المادتين المشار إليهما لا يتقرر إلا إذا ثبت فعلاً أنه قد اشترك في المداولة قضاه آخرون غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وعلى من يتمسك بالبطلان أن يقيم الدليل وهو الأمر الذي لا وجود له في أوراق الدعوى" مما يجعل التقرير قائماً - في هذا الصدد - على افتراض مخالف للواقع، وإلا لما تراخى الطاعنون أنفسهم في التمسك بذلك وفيما يتعلق بطلب وقف التنفيذ فإن ما انتهى إليه تقرير هيئة المفوضين كان نتيجة للتحديد الخاطئ لسبب القرار المطعون فيه، لأن سبب إصدار القرار المطعون فيه هو إنشاء سوق العبور وليس حالة سوق روض الفرج كما ذهب التقرير، ثم أوضح محامي الطاعنين تطور الرقابة القضائية التي وصلت إلى رقابة تقدير الوقائع التي تكون ركن السبب وأن الحكم المطعون فيه أعمل ما انتهى إليه القضاء الإداري - سواء في فرنسا أو في مصر - من الوصول بالرقابة القضائية إلى منتهاها فأخذ في الاعتبار عدم الملائمة وعدم التناسب الظاهر بين سبب القرار ومحله وفاضل بين المصلحة العامة كما تراها جهة الإدارة، وبين الحقوق والحريات الفردية التي تأثرت بإلغاء سوق روض الفرج، وإلغاء تجارة الجملة به، وانتهى الحكم إلى أنه إذا كان لجهة الإدارة أن تنشئ أسواقاً جديدة إلا أنه ليس بلازم أن تنهي نشاط أسواق قائمة فعلاً وخلص محامي المطعون ضدهم لما تقدم - ولكل ما جاء بالمذكرة إلى طلب رفض الطعنين.
كما قدم "الأستاذ محمد علوان المحامي" مذكرة عن بعض المطعون ضدهم أوضح فيها عدم اختصاص محافظ القاهرة بإصدار القرار المطعون فيه، والذي صدر استناداً إلى أحكام القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة، ذلك أنه طبقاً لأحكام القانون المشار إليه فإن وزير التجارة والصناعة (حالياً وزير التموين) هو الذي له حق إنشاء الأسواق، وأنه ولئن كان الوزير قد فوض المحافظين في بعض الاختصاصات المخولة له فإن التفويض قاصر على تعين الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء الأسواق ووضع القواعد المنظمة لشغل المساحات، ولم يشمل سلطة إنهاء نشاط أو إلغاء السوق، ومن ناحية أخرى جاء القرار مشوباً بعيب جوهري فقد كان من المتعين أخذ رأي وزير الداخلية ووزير الصحة لأسباب تغياها المشرع، فإذا صدر القرار منفذاً لذلك كان باطلاً وأضاف محامي الطاعنين أن القرار المطعون فيه جاء بعيداً عن تحقيق المصلحة العامة، بل أنه أهدر مصالح الجماهير الذين سيضارون من نقل السوق، وأورد سند الدفاع حكماً صدر من المحكمة الإدارية العليا (في الطعن رقم 1835 لسنة 38 ق) كما أوضح أن مجلس الدولة الفرنسي قد ألغى في 20/ 10/ 1972 قراراً إدارياً بتقرير المنفعة العامة لأنه قدر أن "المضار الناجمة عن القرار تفوق المزايا المستهدفة، وخلص وكيل المطعون ضدهم لما تقدم - ولكل ما جاء بمذكرته إلى طلب الحكم برفض الطعون.
كما قدم "الدكتور عبد الحليم مندور المحامي" مذكرة أوضح فيها أن الجهة الإدارية - بقرارها المطعون فيه قد صادرت حق المطعون ضدهم في ممارسة تجارتهم بالامتناع عن تجديد تراخيصهم وإلغاء السوق الذي يمارسون فيه نشاطهم لإكراههم على الانتقال لسوق العبور مخالفة بذلك الدستور والتشريع المنظم لتجارة الجملة، والذي لا يوجد فيه ما يسمح للمحافظ بتعطيل هذه الحرية ومن ناحية أخرى فلا يسوغ للجهة الإدارية إلغاء الترخيص طالما كان المرخص له قائماً بالتزاماته ولم يخالف شروط الترخيص. وأوضح محامي المطعون ضدهم أن حرية الإدارة في تقدير ملائمة إصدار القرار، لا يعني تمردها على سلطان القانون أو إهدار مصالح الجماهير، كما هو واضح في الحالة الماثلة التي توضح أن القرار المطعون فيه اتسم بالاعتداء الصارخ على الإرادة الشعبية التي رأت وبحق وجوب الإبقاء على سوق روض الفرج، لمسيس الحاجة إليه ولخدمة الجزء الأكبر من مدينة القاهرة وخلص إلى طلب الحكم بفرض الطعن وتأييد الحكم المطعون عليه.
كما قدم "الأستاذ محمد عبد المجيد البطران المحامي" عن المطعون ضدهم مذكرة أوضح فيها أن المرافق القومية خارجة عن اختصاصات المحافظين، وأن الذي حدد مكان سوق العبور هو وزير التعمير، الذي لا اختصاص له بتحديد أماكن سوق الجملة طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1949 - كما أوضح أن السبب الحقيقي لإلغاء سوق روض الفرج هو إجبار التجار على شراء حق الانتفاع المقرر بالآلاف في السوق الجديد. وخلص محامي المطعون ضدهم - لكل ما جاء بمذكرته - إلى طلب الحكم أصلياً بفرض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبفرض الطعون المضمومة واحتياطياً بإعادة الأوراق لهيئة مفوضي الدولة لإبداء الرأي القانوني فيما أبداه المطعون ضدهم.
وبجلسة 28/ 9/ 1992 أي بعد مضي أكثر من خمسة أشهر نظرت فيها الطعون في ثلاث جلسات على النحو السالف البيان قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعون أرقام 1233، 1242، 1243 لسنة 38 قضائية إلى هذه المحكمة حيث تحددت جلسة 18/ 10/ 1992 لنظر الطعون المشار إليها أمامها، وفي تلك الجلسة طلب" د. محمد عصفور المحامي عن المطعون ضدهم إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لكي تفصل فيما لم تفصل فيه من طلبات، كما طلب أجلاً لتقديم مذكرات ومستندات - كما ذكر" د. شوقي السيد المحامي أنه لا وجود قانوناً لسوق العبور لأن القانون رقم 68 لسنة 1949 قد حدد تجارة الجملة وأسواقها، كما طلب الحاضر عن الأستاذ "محمد علوان المحامي" كشفاً بأسماء مستأجري السوق وهل يوجد أماكن خالية بالسوق من عدمه وقال "الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي أن الدعوى دعوى مشروعية وأن المضارين هم أصحاب الدعوى الأصلية وطلب أجلاً للاستعداد وذكر الأستاذ "رفعت إبراهيم المحامي" بأنه لا يوجد سوق ولكنها أماكن مخصصة للبيع وعن الطاعنين أبدى الحاضر عن هيئة قضايا الدولة تحديد من له سلطة إنشاء أسواق عامة موضحاً أن إلغاء السوق من مقتضاه سقوط جميع التراخيص، وقال أن حكم القضاء الإداري تضمن أن السوق غير صالح صحياً وأمنياً، ووعد بتقديم دليل بعدم وقوع أي ضرر على العاملين بالسوق وطلب محامو المطعون ضدهم أجلاً للاستعداد وتقديم مذكرات ومستندات، ومن ثم قررت المحكمة التأجيل لجلسة 15/ 11/ 1992 وفيها التمس د. محمد عصفور المحامي "المحكمة إما أن تأمر بوقف الفصل في الطعن إلى أن يفصل في الدعوى الجديدة المقامة من أحد المطعون ضدهم برقم 335 لسنة 47 والمودعة عريضته في 25/ 10/ 1992 أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الفصل فيما لم تفصل فيه المحكمة بالنسبة لقرار المحافظ المطعون فيه أو بتأجيل نظر الطعن، ثم دفع" د. يحيى الجمل" بانعدام صفة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في الدعوى وطلب استبعادها - كما دفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، وذلك للأسباب التي ساقها وعلى النحو الثابت بمحضر الجلسة، وطلب أجلاً لكتابة مذكرة موضحاً فيها الدفع المشار إليه، شرح د. عبد الحليم مندور "أن الحكم المطعون فيه قد فصل في جزئية الطلبات، وهو غير مكتمل. وذكر "د. محمد الميرغني "أن ثمة إشكالاً في الحكم لم يفصل فيه بعد، كما دفع الأستاذ "أحمد كمال أبو الفضل المحامي" بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، وأنه لا يمكن للمحكمة أن تفصل في الطعن إلا إذا فصلت في الدفع - وانضم "د. شوقي السيد، والأستاذ رفعت إبراهيم" المحاميان إلى زملائهم فيما دفعوا به الطعون الماثلة.
وقد أبدى الأستاذ "محمد طاهر عبد الحميد المحامي" عن هيئة المجتمعات العمرانية إن الفصل في القرار المطعون فيه يعتبر فصلاً من المحكمة المطعون في حكمها في الدعوى برمتها وعارض طلب التأجيل، والتمس ضم الدفع إلى الموضوع، وذكر أن افتتاح سوق العبور ليس هو سبب إصدار القرار المطعون فيه، وإنما هو الذي حدد وقت إصدار القرار، وأنه من الواجب إنهاء النشاط بسوق روض الفرج داخل العاصمة بعد أن لم يعد صالحاً صحيحاً وأمنياً، وقدم مذكرة جاء فيها أن الحكم المطعون فيه قد أكد في حيثياته أن سوق روض الفرج بوضعه الحالي لا يلائم ظروف العصر لضيقه، ولوقوعه داخل الكتلة السكنية المزدحمة، وعدم كفايته من الناحية الصحية والأمنية والمرورية، وهذا الذي أكده الحكم يكفي وحده سبباً قانونياً يستقيم معه القرار المطعون فيه قراراً سليماً، إلا أن الحكم الطعين عاد ونقض ما أكده حينما قال أن حق الجهة الإدارية في استعمال سلطتها التقديرية حيث تكون حرية الاختيار بين عدة أغراض وأهداف مما تندرج تحت مدلول المصلحة العامة وأنه يتعين عليها اختيار الهدف الأكثر تحقيقاً للمصلحة العامة، وأن "الإلغاء الفوري" لسوقي روض الفرج والسمك بغمرة قد يلحق أضراراً بالغة بالعديد من المواطنين مما يصم القرار بعد الملائمة، والحكم الطعين وقع بذلك في خطأ قانوني لأنه تدخل في تحديد وقت إصدار القرار رغم أن اختيار الوقت هو من أبرز عناصر السلطة التقديرية في القرار الإداري للجهة الإدارية وبغير معقب عليها من القضاء كما أن الحكم قد نسب إلى القرار المطعون فيه سبباً غريباً عليه - حال أن السبب الحقيقي لإصداره واضح وجلي - فزعم خلافاً للواقع أن إلغاء السوق كان لسبب افتتاح السوق الجديد فقال أنه ليس ما يمنع من بقاء السوقين القديم والجديد، كما نسب إلى القرار المطعون فيه هدفاً أكثر غرابة على زعم بأن القرار استهدف "تحقيق مصلحة مالية للدولة" مع أن الإدارة لم تستهدف من إنشاء السوق الجديد الذي تكلف أكثر من "مائة مليون جنيه" إلا أن يحل محل السوق الذي تقرره إلغاؤه مسايرة لركب الحضارة وحفاظاً على صحة وسلامة وأمن المواطنين. وترافع محامي هيئة قضايا الدولة شارحاً أن سبب إنشاء سوق العبور هو عدم صلاحية سوق روض الفرج وعارض تأجيل نظر الطعن، ومن ثم قررت المحكمة التأجيل لجلسة 29/ 11/ 1992 الساعة الرابعة بعد الظهر بناء على طلب المطعون ضدهم ليقدموا مذكرة بشأن الدفع بعدم دستورية القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن الحكم المحلي وليرد الطاعنون على المذكرات التي تودع من المطعون ضدهم.
وقد أودع "الدكتور يحيى الجمل المحامي" يوم 19/ 11/ 1992 مذكرتين تناول في واحدة منها "الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي" وفي الثانية تناول "عيب عدم الاختصاص" المشوب به قرار محافظ القاهرة رقم 61 لسنة 1992 الموقوف تنفيذه بالحكم المطعون فيه "وقال في شرح الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 وهو الذي استند إليه القرار رقم 64 لسنة 1992 المطعون فيه، وأن هذا القرار بقانون صدر استناداً إلى المادة (147) من الدستور في حين أن هذه المادة وضعت المعايير والشروط التي تبرر الاستناد إليها في إصدار القرارات الجمهورية بقوانين في غيبة مجلس الشعب، وهذه المعايير والشروط غير متوافرة بالنسبة للقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المدفوع بعدم دستوريته، وبعد أن شرح محامي المطعون ضدهم تفصيلاً أسانيد دفعه، أورد على سبيل الاستدلال حكماً صدر من المحكمة الدستورية العليا بشأن القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979، وهو تال مباشرة للقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المدفوع بعدم دستوريته، وكلاهما صدر ونشر وعمل به قبل ساعات من اجتماع السلطة التشريعية صاحبة الشأن، وقد حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية وذلك للأسباب التي ساقها حكم المحكمة الدستورية والتي تنطبق تماماً على القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، وخلص وكيل المطعون ضدهم إلى أنه يلتمس - بعد الحكم بجدية الدفع بعدم الدستورية - تحديد أجل لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا للحكم بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه، وذلك كله على النحو الموضح تفصيلاً بالمذكرة.
وفي مذكرته الثانية أوضح الأستاذ المحامي د. يحيي الجمل "أن قرار المحافظ المطعون فيه يشوبه عيب عدم الاختصاص فهو قد استند إلى القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، وهذا القانون لا علاقة له بالمرة بالاختصاص المتصل بإلغاء التراخيص أو حظر النشاط في الأسواق مما يتعين استبعاده كسند لاختصاص المحافظ ومن ناحية أخرى يستند القرار إلى القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة ويبين من نص المادة الثالثة منه أن الاختصاص بإلغاء الترخيص ينعقد لوزير التجارة والصناعة مع ضرورة عرض الأمر على المحكمة عند نظر موضوع المخالفة للفصل فيه "أي أمر القرار" أي أن النص يفترض - كما يقول الدفاع - حتمية رفع الدعوى وذلك للفصل فيه أي الإبقاء على القرار أو تعديله أو إلغائه، وعلى ذلك فإن المختص بإصدار القرار المطعون فيه هو وزير التجارة والصناعة - طبقاً للقانون المشار إليه والذي آلت اختصاصاته إلى وزير التموين والتجارة الداخلية. ومن ناحية ثالثة يستند القرار الطعين إلى القرار الصادر من وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 63 لسنة 1972 بشأن تفويض المحافظين في بعض اختصاصات الوزير، ولتحديد مدى مشروعية هذا التفويض يستلزم الأمر إجراء المطابقة بينه وبين ضوابط التفويض المستقر عليها فقهاً وقضاءاً، وبإجراء هذه المطابقة يتضح بطلان التفويض بل وانعدامه، وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بالمذكرة التي خلصت إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً والحكم (1) بتأييد الأحكام المطعون فيها ورفض الطعون الماثلة موضوعاً. (2) وبجدية الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلي ومنحنا الأجل القانوني لرفع الدعوى بعدم الدستورية (3) وبتأجيل نظر الدعوى إلى حين إتمام إجراءات تحريك الدعوى الدستورية (4) إلزام الطاعنين بالمصروفات.
وعقب الحاضر عن "هيئة المجتمعات العمرانية" على المذكرتين المشار إليهما فأوضح أن انتفاء الضرورة ليس معناه القول بعدم دستورية جميع القرارات بقوانين التي تصدر في غيبة البرلمان إذا كان وقت انعقاده وشيك إذ الأخذ بهذا المنطق مقتضاه القول بعدم دستورية أي قرار بقانون يصدر في غيبة البرلمان، وهي عديدة ومنها القوانين الحالية المنظمة للسلطة القضائية ومجلس الدولة، والجامعات، وقد صدر جميعها في غيبة مجلس الشعب الذي انعقد بعد صدورها بقليل، كما أن أحكام المحكمة الدستورية العليا تواترت على رفض هذا الوجه من أوجه عدم الدستورية الذي يستند إلى انتفاء الضرورة المبررة للاستعجال، وأورد دفاع هيئة المجتمعات العمرانية أمثلة لتلك الأحكام، موضحاً عدم جدية الدفع بعدم الدستورية، كما أورد حكماً صدر من المحكمة الدستورية بجلسة 6/ 4/ 1991 بالقضية رقم 17 لسنة 11 ق دستورية في شأن الفقرة الأولى من المادة (27) من القرار رقم 43 لسنة 1979 فرقت فيه المحكمة بين السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح التي يباشرها المحافظون استناداً إلى هذه المادة، وبين اللوائح التنفيذية فأقرت المحكمة دستورية النص في الحالة الأولى، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر في حدود الاختصاصات والسلطات ذات الطبيعة الإدارية التي يباشرها المحافظون استناداً إلى المادة (27/ 1) من قانون نظام الإدارة المحلية فإن النعي على القرار تأسيساً على ذلك يكون غير قائم على أساس صحيح.
وخلصت المذكرة على أن القرار الصادر من وزير التموين رقم 63 لسنة 1972 بتفويض المحافظين قد استند في ديباجته إلى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 وهو الذي إذن بتفويض المحافظين وأن قرار المحافظ المطعون فيه سواء صدر بحكم اختصاصه الأصيل في المادة 27/ 1 من قانون الحكم المحلي أو صدر استناداً إلى التفويض الصادر به قرار وزير التموين رقم 63 لسنة 1972 فهو قرار صادر ممن يملك إصداره قانوناً.
وبجلسة 29/ 11/ 1992 قدم "د. محمد عصفور المحامي" عن المطعون ضدهم "كرم زيدان" مذكرة طلب فيها أصلياً بوقف الفصل في الطعون الماثلة إلى حين الفصل في الدعوى رقم 335/ 47 ق المقامة أمام محكمة القضاء الإداري للفصل في باقي الطلبات، التي لم تفصل فيها المحكمة بحكمها المطعون فيه الصادر بجلسة 2/ 4/ 1992، واحتياطياً التأجيل لما بعد جلسة 2/ 1/ 1993 وهي الجلسة المحددة لنظر الدعوى المشار إليها.
وبجلسة 27/ 12/ 1992 حضر "الدكتور ثروت بدوي المحامي" عن عبد الرحمن راضي بتوكيل أثبت بياناته عن طالبي التدخل انضمامياً، وطلب أجل للاستعداد والإطلاع، وذلك على النحو الموضح بمحضر الجلسة، كما حضر "الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي" وقدم حافظة مستندات عبارة عن مذكرة من أعضاء مجلس الشعب بالقاهرة مقدمة لرئيس مجلس الوزراء بطلب عدم تنفيذ القرار الطعين والإبقاء على سوقي روض الفرج وغمرة، كما قدم مستندات أخرى، كما حضر"الأستاذ محمد علوان المحامي" وطلب من المحكمة أن تستوفي بعض المستندات وذلك على نحو ما هو ثابت بالمحضر، وصمم "الدكتور محمد عصفور" على طلب وقف الفصل في الطعون إلى أن يفصل في الدعوى التي أشار إليها بالجلسة الماضية كما حضر "الدكتور يحيى الجمل" المحامي وقال أن الشكل مقدم على الموضوع وأنه يطلب رأي المحكمة في الدفوع المثارة، وطلب تقديم النظام الذي يدار به سوق روض الفرج وسوق العبور من الجهة الإدارية المختصة وهل القاهرة تحتاج إلى سوق العبور وحده أم إلى أسواق أخرى وأنه لا بد أن يكتمل الطريق الدائري وذلك بنزع ملكية الأراضي اللازمة له وتساءل ما إذا كانت نزعت ملكيتها من عدمه، وطلب بياناً بفحوى عقد "كير سرفيس" وبيان التكلفة الحقيقية لكل متر في السوق، كما قال د. سامي جمال الدين المحامي "أن الملائمة هي التي من خلالها يثبت القاضي عدم المشروعية، وأن القضاء الإداري يملك مراقبة هذه الملائمة، ودفع بعدم دستورية القرار الجمهوري رقم 72 لسنة 1982 فيما تضمنه من نقل اختصاصات وزير الإسكان إلى المحافظ، كما حضر محامي (الجمعية الزراعية لتسويق الخضر لسوق روض الفرج) وطلب تدخل الجمعية انضمامياً مع المطعون ضدهم، وكذلك حضر الدكتور شوقي السيد المحامي" عن المطعون ضدهم من (39 - 75) وطلب سحب القرار لعدم ملائمته، موضحاً أنه لا علاقة لسوق العبور بسوق روض الفرج، وتحدث أحد المطعون ضدهم فأوضح أن ثمة جلسات استماع في مجلس الشعب ثابت فيها رأي أحد الوزراء الإبقاء على سوق روض الفرج مع تشغيل سوق العبور.
وعقب الأستاذ المستشار عزت رياض رئيس هيئة قضايا الدولة على المطعون ضدهم فأوضح أن (90%) من تجارة سوق روض الفرج قد أخذوا أماكن بالسوق الجديد، وأن كل من يتقدم بطلب يحصل على ترخيص بعد سداد القيمة المطلوبة، وقال الحاضر عن الحكومة بأن السوق يدار من المحافظة كما طلب الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية "الأستاذ طاهر عبد الحميد المحامي" الحكم بعدم قبول التدخل الذي أبدى بجلسة اليوم، لأنه لا يجوز التدخل أمام هذه المحكمة لأول مرة وأشار إلى أنه سبق للمحكمة أن أصدرت قرارها بضم الدفع للموضوع، كما طلب الأستاذ "يحيى الرفاعي المحامي "من المحكمة ضم الدفوع إلى الموضوع حتى لا يعطل سير الفصل في الدعوى.
وقد عقب "د. كمال أبو المجد المحامي" على الدفع بعدم الدستورية فذكر أن الجهة الإدارية قررت عدم صلاحية سوق روض الفرج وأن الحاجة تدعو إلى توفير الخدمة بشكل أفضل، وصمم على الطلبات وطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 31 يناير 1993 مع تكليف هيئة المجتمعات العمرانية ومحافظة القاهرة بإيداع جميع الأوراق المتعلقة بالقرار المطعون فيه، والوضع القانوني لكل من سوق روض الفرج وغمرة وسوق العبور والعلاقة بين السوق الأخير وشركة كير سرفيس وذلك كله على النحو الموضح تفصيلاً بمحضر الجلسة وفي ذات الوقت فقد صرحت المحكمة للخصوم غير الجهة الطاعنة باستخراج صورة رسمية من الأوراق والمستندات الواردة بقرار المحكمة - من أي أية جهة رسمية مختصة وبجلسة.
31/ 1/ 1993 حضر "د. أحمد كمال أبو المجد المحامي" عن هيئة المجتمعات العمرانية وقدم مذكرة أوضح بها أن ثمة عيوب شكلية شابت الحكمين المطعون فيهما، منها عيب جوهري يتمثل في إغفال إثبات اسمي السيدين المستشارين اللذين اشتركا في إصدار الحكمين المطعون فيهما، وما يرتبه ذلك الإغفال من بطلان، فضلاً عن التناقض الصارخ بين الأسباب التي مهدت بها المحكمة لحكمها وبين النتيجة التي انتهت إليها.
واستطرد الحاضر عن الهيئة الطاعنة فقال أن الحكمين المطعون فيهما تجاوزا الخط الفاصل بين مراقبة النشاط الإداري مراقبة قانونية - مما لا خلاف عليه - وبين مراجعة الإدارة في قراراتها مراجعة تستند إلى اختلاف في التقدير بين السلطات الإدارية، وبين جهة القضاء الإداري التي تمارس الرقابة وهو الأمر الغير جائز قانوناً وفقاً لما جرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا وأوضح الحاضر عن الهيئة الطاعنة تعقيباً على ما أثاره دفاع المطعون ضدهم من أن المحكمة الإدارية العليا قد بسطت رقابتها على عناصر الملائمة في القرارات الإدارية على نحو ما هو وارد بحكمها الصادر في 9/ 3/ 1991 في الطعن رقم 1964 لسنة 30 ق - أن وقائع الدعويين مختلفة اختلافاً أساسياً يؤدي إلى وجوب اختلاف النتائج وأن ما قررته المحكمة الإدارية العليا في الطعن المشار إليه يساند - رغم اختلاف الوقائع - ما ذهب إليه وتمسك به الدفاع عن الهيئة الطاعنة.
وعن الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي قال الدفاع عن الهيئة الطاعنة أنه لا يجوز إبداؤه أمام المحكمة في دعوى وقف التنفيذ وهي دعوى مستعجلة وأوضح من ناحية أخرى أن الدفع المبدى - في خصوص الدعوى الماثلة يفتقر إلى ركن الجدية وجدير بعدم القبول وخلصت مذكرة محامي الهيئة الطاعنة لما تقدم ولكل ما ورد بها تفصيلاً - إلى التصميم على الطلبات الموضحة بتقرير الطعن.
وقد حضر ذات الجلسة المشار إليها الأستاذ يحيى الرفاعي المحامي عن الهيئة الطاعنة فقال أن الدفع بعدم دستورية القرار بقانون (43) لسنة 1979 يفتقد شرط الجدية ومن المتعين الالتفات عنه، ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون فيه قد قام على سبب مشروع يبرر إصداره قانوناً ويتمثل فيما آل إليه الأمر بالنسبة لسوقي روض الفرج وغمرة بوجودهما داخل عاصمة البلاد على نحو أصبح يشكل أضراراً مستمرة ومتفاقمة تتعلق بالنواحي الصحية والأمنية والمرورية. وأضاف محامي الهيئة الطاعنة بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حينما حلت المحكمة محل جهة الإدارة في تقديرها لعناصر الملائمة، وخلصت المذكرة لما تقدم - ولكل ما ورد بها من دفاع - إلى أن القرار المطعون فيه قد استوفى جميع أركانه ولا وجه للنعي على توقيت إصداره، وإذا قضى الحكم المطعون فيه - في الطلب المستعجل - بوقف تنفيذ هذا القرار فإنه يكون جاوب الصواب ومن المتعين القضاء بإلغائه وبرفض طلب وقف التنفيذ، وطلب الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حجز الطعن للحكم وأنه يمكن للمطعون ضدهم أن يقدموا ما يشاءون من مذكرات ومستندات دون تعقيب عليها لجسامة الأضرار التي تلحق بالعاصمة - وأنه قام بتنفيذ قرار المحكمة من خلال ما قدمه من مستندات بجلسة اليوم، موضحاً أن القرار المطعون فيه يستلزم أن كل من له ترخيص بسوقي روض الفرج أو غمرة، يكون له مكان بالسوق الجديد وقدم مذكرة بالرد على أوجه دفاع ودفوع المطعون ضدهم خلص فيها - للأسباب الواردة بها إلى طلب الحكم برفض الدفوع التي علقت بالطعون الماثلة والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد حضر بالجلسة المشار إليها "د. شوقي السيد المحامي وطلب إثبات حضوره عن خصمين متدخلين تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضدهم، وذكر أنه قد صدر كتاب سرى من محافظة القاهرة إلى رئيس مجلس الوزراء لا يوافق فيه المحافظ على إنهاء النشاط بسوق روض الفرج، وأوضح أنه يطلب أجلاً لتقدم الحكومة باقي المستندات، ثم تحدث "د. يحيى الجمل" الذي تساءل ما إذا كان قرار المحكمة السابق تم تنفيذه من عدمه، وأوضح أن النظام القانوني للسوق الجديد ما زال مشروعاً، وأن العقد الذي قدمته الحكومة لم يراجع بعد معرفة مجلس الدولة وقدم حافظة مستندات وعدة قرارات تتضمن توصية بالإبقاء على سوق روض الفرج وطلب أجلاً لتقديم باقي المستندات وللاطلاع على ما قدم بجلسة اليوم.
وحضر الأستاذ "أحمد كمال أبو الفضل" طلب التأجيل لتقديم باقي المستندات والاطلاع على ما قدم من مستندات وقال بأن الحكم المطعون فيه وازن بين المصلحة العامة في السوق الجديد والسوق القديم، وقد أبان ذلك في مذكراته السابقة.
وحضر "د. ثروت بدوي المحامي" وقد مذكرة بأسانيد التدخل الانضمامي الذي يطلبه.
(1) رئيس اللجنة النقابية المهنية للعاملين بالتجارة بمحافظة القاهرة ومعه مجموعة من العمال.
(2) وممثل هيئة تجار التجزئة والباعة الجائلين ولجنة التسعير بوزارة التموين.
(3) حنفي أحمد زهران ومحمد طلبة محمد (تاجراً جملة).
وحضر الأستاذ "رفعت إبراهيم المحامي" وطلب بياناً عمن هو المالك لسوق روض الفرج هل الأوقاف أم المحافظة، ومن له سلطة إلغاء النشاط بالسوق وإلغاء التراخيص وطلب أجلاً لتقديم باقي المستندات التي لم تقدمها الجهة الإدارية.
وحضر "د. محمد عصفور المحامي" وأوضح أن صاحب الملكية هو "الأوقاف" وأن المحافظ لا يملك إنهاء النشاط، وطلب أن تقدم الحكومة من هو مالك السوق ومن له حق التصرف وما إذا كانت المحافظة تقرر أمام المحكمة أن التراخيص موقوفة وطلب بعض محامي المطعون ضدهم أجلاً لتقديم ما لم يقدم من مستندات. وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 14/ 2/ 1993 مع تكليف الجهة الإدارية بإيداع النظام القانوني لكل من سوقي العبور وروض الفرج وسوق غمرة من ناحية الملكية والتخصيص.... إلى آخر ما جاء بقرار المحكمة على النحو الثابت بالقرارات وبجلسة 14/ 2/ 1993 قرر الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بأن سوق روض الفرج مملوك لوزارة الأوقاف وسوق غمرة لمحافظة القاهرة وسوق العبور لهيئة المجتمعات، وقرر بأنه لا يوجد لدى هيئة قضايا الدولة شيء تقدمه وطلب حجز الطعن للحكم بحالته وذكر د. عبد الأحد جمال الدين المحامي الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية أنه يجب مراعاة الطبيعة المستعجلة لموضوع الطعن الماثل، وأن قرار نقل السوق كان بناء على طالب محافظ القاهرة للحالة السيئة التي ظهر عليها السوق، وأنه لا يوجد مشروع تمت دراسته في مصر مثل مشروع السوق وطلب حجز الطعن للحكم.
وحضر "د. شوقي السيد المحامي" وطلب ضم الكتاب الصادر من محافظ القاهرة إلى رئيس مجلس الوزراء، وقدم حافظة مستندات. وذكر د. ثروت بدوي المحامي" أن وزير التموين وإن كان قد فوض المحافظ في بعض اختصاصاته، فليس من بين تلك الاختصاصات تنظيم تجارة الجملة، وأوضح أن السوق أنشأته جهة لا علاقة لها به. وأن القرار المطعون فيه صدر فاقداً لغايته.
وذكر "الأستاذ محمد علوان المحامي" بأن قرار إنشاء سوق العبور غير موجود وقدم مستنداً من شركة "كيرسرفيس" يدل على أنها هي المديرة فعلاً للسوق. كما قال "يحيى الجمل المحامي" أن وزير الزراعة أرسل مذكرة إلى رئيس الوزراء جاء فيها ضرورة الإبقاء على السوق (روض الفرج)، وبناء على تقرير من اللجنة المكلفة لمعاينة السوق وخاصة وأن الطريق الدائري لم يتم بعد.
وحضر (د. محمد عصفور المحامي) الذي أودع بعض المستندات وطلب من ممثلي هيئة قضايا الدولة الإشارة إلى نص واحد يسمح بإلغاء سوق، وأوضح أنه قدم ما يدل على أن الإدارة المحلية غير موافقة على نقل السوق، وأنه يطلب من الحكومة ضم المستندات لكي يترافع على أساسها، وأوضح " الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي" بأن لجان مجلس الشعب قررت أن المصلحة العامة تقتضي الإبقاء على سوق روض الفرج، كما حضر "الأستاذ رفعت إبراهيم" وقال أنه تمكن من الحصول على "عقد" ثابت من البند (20) منه أن شركة كيرسرفيس هي التي تتولى إدارة السوق، كما قدم عقد بيع لمحل تجارة بسوق العبور وأشار إلى أن القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1989 بإنشاء سوق العبور لم يقدم حتى الآن وهو مستند رئيسي في الدعوى.
فأصدرت المحكمة قرارها بتأجيل لجلسة 28/ 12/ 1993 لتودع الجهة الإدارية ما لم تقدمه من مستندات سبق تكليفها بإيداعها.... إلى آخر ما جاء بقرار المحكمة، والذي صرح في ذات الوقت للمطعون ضدهم باستصدار شهادات رسمية وصور معتمدة من الجهات المعنية بأية مستندات مطلوب إيداعها في الطعون وتجرى المرافعة في ذات الجلسة وتكون الجلسة الأولى الثامنة مساء وتستمر في هذا الموعد حتى انتهاء المرافعة يوم 7/ 3/ 1993.
وبجلسة 28/ 2/ 1993 طلب الحاضر عن هيئة قضايا الدولة الفصل في الطعون لأن الطاعنين يضارون من التأجيل كما حضر "د. كمال أبو المجد" عن هيئة المجتمعات العمرانية وأوضح أن الكتاب السري "المشار إليه بمحضر الجلسة السابقة " لا وجود له في تقدير الطاعنين، وأن المادة (20) من قانون الإثبات تنص على أن البينة على من يدعي وعلى المطعون ضدهم أن يختاروا ما شاءوا من وسائل للتدليل على وجود مثل هذا الكتاب، الذي لا وجود له. وقد طلب (الأستاذ طاهر عبد الحميد المحامي) عن الهيئة حجز الطعن للحكم وأنه يمكن للمطعون ضدهم أن يقدموا ما يشاءون.
وحضر"د. شوقي السيد المحامي" الذي نفى قصد تعطيل الفصل في الطعن، وأوضح أن الخطاب السري صدر من محافظ القاهرة وهو مصدر القرار المطعون فيه، موضحاً أن هناك اعتبارات أمنية" تحول دون تطبيق القرار، وطلب توضيح طبيعة سوق غمرة وهل هو ملك عام أم خاص وأنه لا يوجد أي ترخيص لمباشرة تجارة الجملة في هذا المكان. وحضر د. محمد عصفور الذي أوضح أنه لا بد من تقديم المستندات لكي يتم الفصل في النزاع وحضر الأستاذ محمد علوان المحامي الذي قال أن "الكفراوي" وزير التعمير هو الذي أنشأ سوق العبور وطبقاً للقانون فإن ذلك من اختصاص وزير التموين عملاً بحكم القانون رقم 68 لسنة 1949 الذي لم يفوض أحداً بإلغاء الأسواق وحضر "د. ثروت بدوي" الذي أوضح أن المستندات التي قدمت كانت ناقصة، وقدم حافظة مستندات، كما حضر "د. يحيى الجمل" الذي قدم حافظة مستندات وصورة خطاب رئيس مجلس الشعب إلى رئيس مجلس الوزراء ورأي وزارة الزراعة وبيان لجنة الاقتراحات في مجلس الشعب وذكر أن مجلس محلي القاهرة أصدر توصية بعدم وقف العمل بسوق روض الفرج، وأن يعمل السوقان معاً وقال أن ثمة تقريراً للرقابة الإدارية يقول أن نقل السوق فيه خطورة وتنصح الرقابة بعدم نقله، والتمس ضم المستندات المطلوبة أو التصريح بضمها ليبدأ المرافعة، كما حضر "د. محمد الميرغني" والأستاذ "أحمد أبو الفضل" الذي أوضح أن التقاعس عن تقديم المستندات لا يجعل الدعوى صالحة للحكم فيها.
وأيضاً حضر الأستاذ "محمد محمد جويلي المحامي" عن عبد الرحمن راضي وطلب أجلاً للاستعداد وذكر أن رئيس مجلس الوزراء رأى أن يعمل السوقان معاً وطلب الدفاع أجلاً واسعاً لإحضار المستندات المطلوبة وهي عبارة عن توصيات لجهات مختلفة بأن يظل سوق روض الفرج مع تشغيل سوق العبور، وقد طلبت المحكمة من الدفاع تحديد ماهية المستندات ومضمونها وأثرها في الدعوى، وحدد الدفاع عن المطعون ضدهم طلباتهم على النحو الموضح تفصيلاً بمحضر الجلسة، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 7/ 3/ 1993 مع التكليف الجهات المختصة بإيداع ما لم يودع من مستندات وأوراق سبق تكليفها بإيداعها بقرار المحكمة السابق بالإضافة إلى إيداع ما هو محدد بجلسة اليوم من مستندات جديدة وفقاً للثابت بمحضر الجلسة، ويصرح للمطعون ضدهم باستخراج صورة رسمية من هذه المستندات من أية جهة رسمية مختصة، وعلى الجهات الإدارية المختصة إيداع أية مستندات منها تحت يدها أو تقديم إقرار بعدم وجودها لديها خلال الأجل المذكور.
وبجلسة 7/ 3/ 1993 قرر الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بأنناً جاهزون لقرار المحكمة وقال أنه فيما يتعلق بما أثير من ناحية الاختصاص فإن منطقة سوق العبور تخضع لمحافظة القاهرة وقدم الخريطة التي تثبت أن السوق يدخل ضمن الحدود الإدارية لمحافظة القاهرة وأنه بالنسبة لسوق غمرة فإن عقود الإيجار المحررة بين محافظة القاهرة والتجار ذكر فيها أن هذا سوق عام لتجارة الأسماك بالجملة، وأن الأرض من أملاك المحافظة، ومرفق الرد بالمذكرة وقدم حافظة مستندات، بالنسبة لعقد كير سرفيس أوضح الحاضر عن الهيئة أن هذا العقد حرر بين الشركة وبين المحافظة المالكة للسوق وقدم صور منه. وأن العقد الأصلي موجود بإدارة الفتوى، وبالنسبة للخطابات السرية فإنه يقر إقراراً قضائياً بأنه لا توجد خطابات سرية من محافظ القاهرة إلى رئيس مجلس الوزراء بهذا الشأن، أما بالنسبة لتقرير الرقابة الإدارية فإن الرقابة الإدارية غير مختصة في الدعوى.
وذكر الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية أن المستندات التي طلبها د. يحيى الجمل لا جدوى منها لأن محل البحث في الطعن الماثل ليس هو قرار إنشاء سوق العبور ولكن قرار إلغاء سوق روض الفرج وقال أنه فوجئ بطلب الرد الذي أثير في الجلسة، وقد انضم الأستاذ طاهر عبد الحميد إلى ما قاله أحمد كمال أبو المجد وقال أن طلب الرد لا يحمل في مضمونه مقومات الرد وأن هناك حكماً سابقاً للمحكمة الإدارية العليا لم تعتد فيه المحكمة بطلب رد واستمرت في نظر الدعوى.
كما حضر "الدكتور يحيى الجمل المحامي" عن المطعون ضدهم وأوضح أنه يكرر ما قاله من أن "ثقتنا فيكم لا حدود لها وقد فوجئنا بطلب الرد" وأنهم فوجئوا بطلب الرد وأنه "اتخذ قراراً أن لا يرد قاضياً" وأنهم وكلاء ولسنا أصلاء" في الدعوى وأنه ليس من بين موكليه أحداً ممن طلبوا الرد وأنه لو كان لتنازل فوراً عن الدفاع عنه في الدعوى.
وقد ذكر "الدكتور محمد عصفور المحامي للمحكمة علناً أن بعضاً من المطعون ضدهم قد قاموا بإيداع طلب رد هيئة المحكمة وأنه لم يكن يريد أن يتخذ هذا الإجراء، وسأل عن طلب الرد وهل وصل إلى علم الهيئة وهل موجود صورة منه من عدمه، وطلب التأجيل للتأكد من وجود طلب الرد من عدمه، وهنا قدم أحد المحامين الحاضرين عن المطعون ضدهم صورة من أسباب الرد إلى الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة الذي قام بتلاوتها وإثباتها بمحضر الجلسة على النحو التالي (1) تحديد جلسة سريعة للطعون بالرغم من أن ميعاد الجلسة لا يحدد إلا بناء على طلب يقدم بالمحكم (2) أعداد هيئة المفوضين تقريرها بالرأي القانوني بسرعة ودون أن تستوضح وجهة نظر المطعون ضدهم (3) التأجيلات القصيرة من المحكمة في الدعوى (4) عدم تنفيذ ما قررته المحكمة بالنسبة لضم الأوراق (5) عدم اتخاذ أي إجراءات رادعة بالنسبة لوسائل الإعلام التي كانت تحاول بكل الوسائل الضغط على المحكمة عند نظر الطعن مما يشكل جريمة التدخل في أعمال القضاء، وأنه لم تستجب المحكمة لطلب "د. شوقي السيد المحامي" في هذا الشأن، وكانت خاتمة المطاف المقال الذي نشره المستشار السابق بالمجلس في جريدة الأخبار الذي يحرض فيه الحكومة على عدم تنفيذ الحكم حيث أنه جعل عنوان مقاله لا تخافي يا حكومة (6) ضم المحكمة الدفوع للموضوع وعدم الفصل فيها استقلالاً رغم أنه من صميم وكيان الدعوى (7) بمطالعة محضر الجلسة الأخيرة تبين أنه لا يعبر عما دار بالجلسة الأخيرة بتاريخ 28/ 2/ 1993 (8) وللأسباب الأخرى التي سيتولى في جلسات المرافعة وبعد إثبات ما تقدم أوضح "د. شوقي السيد" بأنه فوجئ بطلب الرد وأعلن أنه يتنحى عن وكالة طالبي الرد، وأن هذا حقه طبقاً لقانون المحاماة، وأنه يطلب التأجيل لحين البت في طلب الرد بحسبانه عقبة قانونية.
وقد بادر الأستاذ المستشار رئيس المحكمة إلى الاستفسار عن أسماء الذين تقدموا بطلب الرد لإثبات ذلك بمحضر الجلسة بعد أن يمثلوا لو كانوا حضروا أمام المحكمة للتحقق من شخصياتهم ومن حقيقة ما يطلبونه، وقد مثل فعلاً أمام المنصة كل من الآتي أسماؤهم 1 - خالد هارون أحمد عمران 2 - حسين أحمد السيد سعيد 3 - كمال عثمان محمد عامر 4 - أحمد عبد القادر، وثبتوا بمحضر الجلسة أنهم قد تقدموا بطلب الرد المشار إليه وهو موجه لعضوي اليمين واليسار بالدائرة فسألهم رئيس المحكمة عن أسمائهم فقرروا أن المطلوب ردهما هما المستشار/ ......... والمستشار/ ....... ومن ثم وبعد ثبوت ما سبق بمحضر الجلسة أصدرت المحكمة قرارها بأن "ترفع الجلسة للمداولة حتى الساعة الحادية عشر مساءً مع التصريح لمن يشاء بالاطلاع على جميع الأوراق والمستندات المقدمة من الطرفين بما في ذلك طلب الرد" وبعد أن عادت المحكمة للانعقاد في الموعد الذي حددته أثبت المستشار رئيس المحكمة ورئيس مجلس الدولة بمحضر الجلسة أنه قد ورد إليه أثناء المداولة طلب موقع من السادة المطعون ضدهم كرم زيدان، ومحمد عبد المعز، وحسين أحمد السيد سعد والسادة المحامون شوقي السيد، ومحمد عصفور، ورفعت إبراهيم، وأنه قد جاء في ختامه "أنه إذا لم توقف هيئة المحكمة الموقرة الطعن المنظور وفقاً للقانون حتى يفصل طلب الرد فإن هيئة الدفاع يؤسفها أن تقرر الآن رد الهيئة بكاملها على أن تودع أسباب الرد صباحاً وفي الوقت العمل الرسمي ولو أن قلم الكتاب موجود لقام الموكلون بهذا الإجراء على الفور" وقد أثبت المستشار رئيس المحكمة بمحضر الجلسة أنه قد تأشر على الطلب بالإرفاق بملف الطعون وأبدى الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بأن طلبات الرد لا تقبل بعد المرافعة في الدعوى وأن ما قدم إلى المحكمة لا يعدو تكييفه إلا أن يكون تعطيلاً للفصل في الطعون، وطلب من المحكمة المضي في نظر الطعون، واستمرار المرافعة وأنه يكتفي بما قدم وبكل ما أبداه وأثبت د. أحمد كمال أبو المجد بمحضر الجلسة أن أسباب الرد التي تليت في الجلسة لا يوجد فيها سبباً من أسباب الرد على النحو الذي تضمنته المادة 48 من قانون المرافعات. وهي لا تعتبر طلب رد لهيئة المحكم لأنه لم يصدر منها ما يفيد مجاملة طرف أو تحامل على طرف آخر وأثبت الاستاذ رفعت إبراهيم المحامي بمحضر الجلسة كذلك أنه قد تم تسلم توكيلين خاصين بطلب رد السيد الأستاذ المستشار/ ... رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وطلب التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد وسيذكر الأسباب في طلب الرد، وقد طلب وقف الدعوى لحين النظر في طلب الرد الذي سيقدمه غداً بناء على التوكيلين الذين أثبت تسليمها إليه.
وقد أبدى الأستاذ محمد علوان المحامي بأن طلب الرد المقدم تختص بنظره المحكمة المختصة بطلب الرد، ولا يجوز للطاعنين الحضور أمامها، وأن هذه المحكمة تحيل طلب الرد إلى محكمة أخرى للنظر فيه وأن باب المرافعة لم يتم إقفاله بعد. وذكر شوقي السيد المحامي أنه كان يلوم الذين تقدموا بطلب الرد إلا أنه بعد أن تقدم بطلب موقع من هيئة الدفاع جميعاً بوقف نظر الطعون الماثلة حتى يفصل في طلب الرد ولكن دون جدوى وأن المحكمة مستمرة في نظر الطعون فإنهم كهيئة دفاع منسحبون من المرافعة في الطعن لمصادرة حقهم في الدفاع، وعقب ذلك أصدرت المحكمة قرارها بحجز الطعون للحكم بجلسة 11/ 4/ 1993 الساعة 6 م السادسة مساءً.
وبجلسة اليوم 11/ 4/ 1993 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن الطلب الذي تقدم به كل من خالد هارون عمران، كمال عثمان محمد وأحمد عبد القادر محمد، حسين أحمد السيد سعد يوم الأحد الموافق 7/ 3/ 1993 وفيه يطلبون رد كل من الأستاذ المستشار/ ....... الأستاذ المستشار/ ........ نائبي رئيس المجلس وعضوي اليمين واليسار بهذه الدائرة والمرفق به تقرير بأسباب الرد في الطعون أرقام 1242، 1223، 1243 لسنة 38 قضائية، والطلب الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن المطعون ضدهم والذي خلص إلى أنه "إذا توقف هيئة المحكمة الموقرة الطعن المنظور وفقاً للقانون حتى الفصل في طلب الرد فإن هيئة الدفاع يؤسفها أن تقرر الآن رد الهيئة كاملها على أن تودع أسباب الرد صباحاً وفي وقت العمل الرسمي ولو أن قلم الكتاب كان موجود "لقام الموكلون بهذا الإجراء على الفور" فإنه حيث إن هذه المحكمة قد عقدت جلستها المسائية في تمام الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم الأحد الموافق 7 من مارس 1993 دون أن يتصل علمها بأي طلب رد لعضوي الدائرة الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة..... والأستاذ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ..... الذي ذكر بالجلسة أنه قد تقدم به طالبوا الرد، حسبما ثبت يوم الحد 7/ 3/ 1993 وأنه بعد أن افتتح الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا الجلسة المسائية، واستمع إلى مرافعة الحاضرين عن هيئة قضايا الدولة فوجئ ومعه أعضاء المحكمة بأن أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المطعون ضدهم يشير إلى أن ثمة طلباً بالرد قد تم تقديمه صباح اليوم، من ثم بادر رئيس المحكمة إلى الاستفسار عن حقيقة ذلك وعن أسماء الذين تقدموا بطلب الرد، وتم تقديمهم ومثولهم أمام المنصة حيث تحققت المحكمة من شخصياتهم واستوضحتهم عن حقيقة ما يطلبونه فأوضحوا أنهم تقدموا بطلب رد عضوي اليمين واليسار بهذه الدائرة للأسباب الواردة في تقرير الرد الذي قدم الدفاع عن المطعون ضدهم صورة منه إلى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الذي تلاه وأثبته بمحضر الجلسة علناً وأقر صحة تقديم هذا الطلب طالبوا الرد الذين وقعوا على محضر الجلسة بعد أن أثبت ما سلف بيانه وما تم من إجراءات على النحو السالف الذكر وأن المحكمة بذلك قصدت أن يكون طلب الرد رسمياً تحت نظرها. ومن حيث إنه يتعين أن تقرر المحكمة بادئ ذي بدء أن المشرع الدستوري قد عنى بإقرار باب كامل بالدستور هو الباب الرابع منه لسيادة القانون وقد افتتحه بالنص على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة مادة "64" وثنى على ذلك بالمادة "65" بالنص على أن تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات ونص في المادة "68" منه على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي. وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا. ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، كما نص في المادة "72" على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون.
ولم يكتف المشرع الدستوري بما تقدم من نصوص في هذا الشأن وإنما أفرد للسلطة القضائية الفصل الرابع من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم ونص في المادة (165) منه على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصد أحكام وفق القانون ونص في المادة (166) على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة وفي المادة (168) على أن القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً وفيما يختص بمجلس الدولة فقد نصت المادة (172) من الدستور على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
ومن حيث إنه يبين من كل ما سبق أن سيادة الدستور وعلو حكمه على هامات الأفراد وكل السلطات العامة وحتمية احترامه وتقديسه أساس وركن من أسس نظام الحكم في الدولة، وأن سيادة القانون لا تقوم إلا باحترام وتقديس استقلال القضاء، وحصانته، وكلاهما الضمان الجوهري لحماية الحقوق والحريات وأنه إذا كان المشرع الدستوري قد كفل لكل إنسان حق التقاضي وحق الدفاع فإنه كفل للقضاء استقلاله وحصانته بقصد تحقيق المشروعية وسيادة القانون ومن ثم فلا يسوغ للمشرع. ومن باب أولى لا يسوغ لأي إنسان حاكماً أو محكوماً - أن يسئ استخدام حق التقاضي، أو حق الدفاع بما لا يتفق مع استقلال الهيئات القضائية أو استقلال القضاة أو المساس بحصانتهم وهيبتهم أو ما يؤدي إلى تعويق قيامهم بواجبهم في أداء رسالتهم وجوهرها تحقيق سيادة القانون - ولسرعة حسم المنازعات، والفصل في الدعاوى والأقضية التي تدخل في ولايتهم وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إنه - وانطلاقاً من كل ما تقدم - فقد عنى المشرع في قانون المرافعات المدنية والتجارية - وأحكامه تسري فيما لم يرد به نص في قانون مجلس الدولة حسب صريح نص المادة (3) منه بوضع الضوابط والشروط اللازم توافرها لتقديم طلبات رد القضاة، ذلك لأن المقصود بطلب الرد هو مجرد إبعاد القاضي الذي يقوم بصدده سبب من أسباب الرد التي حددها القانون عن نظر الدعوى إذا عن للخصم ذلك تحقيقاً لجوهر استقلال القضاء وتنزيهاً للسلطة القضائية ولذلك فإن المشرع قد تدخل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 مؤخراً لتعديل بعض أحكام الرد في قانون المرافعات بما يضمن جدية طلبات الرد واستعمالها فيما شرعت من أجله، وبما يكفل القضاء على إسراف بعض الخصوم في استعمال الحق في طلب رد القضاة خصوصاً في بعض الدعاوى ذات الطبيعة الخاصة - لأسباب غير جدية وبما يضمن عدم إساءة استعمال الخصوم لهذا الحق لتحقيق أغراض غير تلك التي شرع من أجلها وأبرزها تعطيل السير في الدعوى المنظورة أمام المحكمة وتعويق الفصل فيها أو بهدف إقصاء قاضي من أعضائها أو هيئتها كاملة - عن الفصل فيها بغير مسوغ مشروع.
ومن حيث إن المادة (151) من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على أنه يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه.
كما تنص المادة (152) على أنه لا يقبل طلب الرد بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
وتنص المادة (153) على أن يحصل الرد بتقرير يكتب بقلم كتاب المحكمة التي يتبعها القاضي المطلوب رده يوقعه الطالب بنفسه، أو وكيله المفوض عنه بتوكيل خاص يرفق بالتقرير.
ومن حيث إن القانون اشترط في طلب الرد شروطاً تتعلق بكيفية تقديمه والأسباب التي يقوم علها (المواد من 151 حتى 155 من قانون المرافعات) ورتب على تخلف تلك الشروط والضوابط آثاراً أهمها سقوط الحق في طلب الرد، كما رتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلا أن هذه الآثار والأحكام تترتب جميعها - وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على الرد الذي استوفى شرائط تقديمه الشكلية، والذي قصد منه تحقيق الغايات المشروعة التي شرع من أجلها، بعيداً عن الكيد أو الهوى والدافع الشخصي، وليس من شك في أن المحكمة المنظورة أمامها الدعوى - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هي المهيمنة على الدعوى وعلى سير الإجراءات فيها وهي التي تبسط رقابتها على كل ما يقدم لها من أوراق أو مستندات، فعليها أن تتولى مهمة النظر فيما إذا كان ما قدم لها يمكن أن يتوفر فيه، وصف طلب الرد على النحو الذي عناه القانون من عدمه، لأن القانون وقد أناط بها ولاية الفصل على استقلال عن كل سلطة وعن أية إرادة في الدعوى، فيكون لها وفقاً لما يحتمه استقلال ضميرها حينئذ سلطة تكييف الطعن أو الدعوى بكل ما فيها من طلبات أو ودفوع أو دفاع برمتها وإعطائها وصفها الحق والصحيح في ضوء المستندات والأوراق المودعة وإذا كان لها أن تأخذ بالتكييف الذي يطرحه الخصوم وفقاً لتوجهاتهم وما يراعونه من مصالحهم الخاصة فإن لها أن تطرح هذه التكييف جانباً وتعمل هي ما تراه صحيحاً إعمالاً للشرعية وسيادة القانون فإذا كان تحديد الخصوم لطلباتهم وأسانيد هذه الطلبات يرجع إلى إرادتهم وتقديرهم لمصالحهم الشخصية وفقاً لتصوراتهم وفهمهم لأحكام الدستور والقانون فإن تكييف هذه الطلبات وتحديد مضمونها القانوني الحقيقي وفقاً للأصول القانونية السليمة أمر مرجعه إلى سلطة المحكمة وفقاً لأحكام الدستور والقانون والأصول الحاكمة للنظام العام القضائي والتزامه بالأصل العام المسلم به بأن العبرة بالمقاصد والمعاني، وليس بالألفاظ والمباني، فإذا كانت الحال هذه بالنسبة للطعن أو الدعوى فإنه يكون من باب أولى بالنسبة لأي طلب آخر يتعلق بها أو متفرع عنها خاصة ما يكون منها متعلق بالنظام العام القضائي كما هو الشأن بالنسبة لولاية محاكم مجلس الدولة أو مواعيد قبول الدعوى طبقاً لتكييف الطلبات قانوناً فيها ويشمل ذلك بطبيعة الحال ما يقدم من طلبات رد أحد قضاة المحكمة أو جميع أعضائها والذي يتعلق بمدى استمرار نظرهم للطعن أو الدعوى أو تنحيهم عنها ولا مشاحة في ذلك لأن المحكمة بعد أن تعمل سلطتها لكي تتبين مدى استيفاء الطلب بحسب الثابت من ظاهر الأوراق لشروطه المقررة قانوناً، فإن كان طلب الرد مستوفياً أوقفت المحكمة نظر الدعوى وأحالت طلب الرد إلى دائرة أخرى هي محكمة الرد لتقضي فيه أما أن رأت المحكمة على سند مما هو مطروح أمامها واقعاً وقانوناً أن طلب الرد لا نصيب له من مسماه عندما تنتفي فيه الغاية التي تغياها القانون من تقديم طلبات الرد، وهي كفالة حق المواطن في التقاضي أمام قضاة عدول لا مصلحة لهم في النزاع، ومستقلين عن كل سلطة سوى سلة المشروعية وسيادة القانون، بأن يتبين لها أن الطلب يتضمن بحسب ظاهره والظروف المصاحبة لتقديمه، قصد تعطيل القضاة عن مباشرة ولايته في أداء رسالته وإصدار حكم في النزاع المعروض أمامه، أو قصد به المساس باستقلال السلطة القضائية وهيبتها والنيل من كرامتها بفرض إجراءات يراها الخصوم محققة لمصالحهم على هيئة المحكمة وحجبها عن ممارسة ولايتها وتحمل مسئوليتها التي أناطها بها الدستور والقانون دون مبرر معقول أو سند مقبول، فإنه يتعين على المحكمة حينئذ أن تقضي بعدم الاعتداد بالطلب المقدم لها بعد أن تبينت أنه لا وجود قانوناً لما يسمى بطلب رد لعدم توافر شروط وحالات تقديمه، وتمضي في نظر الدعوى إعلاء لأحكام الدستور والقانون التي تحتم عليها أن تقضي بها من منطلق مسئوليتها وحتمية أداء واجبها القضائي بالفصل في المنازعات المعروضة عليها ولا يسوغ للمحكمة في هذه الحالة أن توقف الدعوى لأن هذا الأثر القانوني إنما يترتب - وفق ما نصت عليه المادة (162) من قانون المرافعات لا يترتب قانوناً إلا على تقديم طلب رد مستوف للأركان اللازمة شكلاً للرد، إذ لا يتصور تعطيل الفصل في النزاع ووقف الدعوى لمجرد استعمال لفظ الرد في طلب يقدم إلى المحكمة أو رئيسها حتى لو كان مقدماً في قلم الكتاب أو مسدداً عنه الرسم المستحق قانوناً لأن العبرة هي بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني.
ومن حيث إن المادة (151) من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على أنه يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه...... ويجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة، وإذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد مضي تلك المواعيد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطعون الماثلة ظلت تتداول بهذه المحكمة برئاسة المستشار رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة منذ 18 من أكتوبر سنة 1992 وحتى جلسة 7 من مارس سنة 1993 أي ما يقرب من ستة أشهر وذلك بعد تداول هذه الطعون لفترة تزيد عن خمسة أشهر أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وذلك على النحو سالف البيان وهي طعون في أحكام صادرة بوقف تنفيذ قرار إداري، حيث تم سماع ما أبداه الخصوم جميعاً من دفوع ودفاع شملت فضلاً عن الدفع بعدم دستورية كل ما يتعلق بأركان القرار محل النزاع سواء على النحو الثابت بمحاضر الجلسات أو على نحو ما هو وارد بالمذكرات كما تم التصريح من المحكمة للمطعون ضدهم باستخراج ما رأوا لزوماً لاستخراجه من مستندات وشهادات رسمية من الجهات الإدارية المختصة كما أن الثابت أيضاً أن الجهة الإدارية قد قدمت كل ما لديها من مستندات طلبها الحاضرون عن المطعون ضدهم، وأقر الحاضرون عن هيئة قضايا الدولة بمحضر الجلسة المعقود بتاريخ 7/ 3/ 1993 إقراراً قضائياً بأن بعض المستندات التي طلبها أحد الحاضرين عن المطعون ضدهم لا وجود لها، وأن البعض الأخر من المستندات المطلوب تقديمها، موجودة طرف جهات إدارية لم تختصم في الدعاوى المطعون في الحكم الصادر فيها كما أوضح الحاضرون عن هيئة المجتمعات العمرانية بمحضر جلسة 28/ 2/ 1993 أن بعضاً من المستندات المطلوبة لا وجود لها وأنهم استنفدوا كل ما لديهم من أوجه دفاع ومن مستندات وأنه على المطعون ضدهم أن يستفيدوا من ذلك وتفصل المحكمة في النزاع على ضوء ما يتقدم لها من مستندات في الطعون بحالتها على أساس المبادئ المستقرة في قضاء هذه المحكمة عن نكول الجهات الإدارية عن تقديم مستندات تحت يدها لأنه لا تكليف بغير مستطاع فضلاً عن أن الثابت بمحضر الجلسات أن الحاضرين عن المطعون ضدهم أبدوا دفاعهم ودفوعهم سواء بطريق مباشر أو من خلال المستندات التي طلبوا من الجهات الإدارية تقديمها للتدليل على صحة الحكم المطعون فيه، أو على عدم سلامة الطعون المقدمة ضده، ورغم الطبيعة المتميزة للطعون الماثلة من حيث كونها طعوناً في حكمين صدرا بوقف تنفيذ قرار إداري وما يستتبعه ذلك من ضرورة وسرعة الفصل في تلك الطعون، باعتبار أن الفصل فيها بما لها من طبيعة عاجلة شأنها شأن سائر الطعون الصادرة في أحكام بوقف تنفيذ القرار الإداري فقد أتاحت المحكمة للمطعون ضدهم إبداء وتقديم كل ما عن لهم من دفوع ودفاع يؤدي إلى استقرار المراكز القانونية بالسرعة اللازمة لكفالة حسن سير انتظام المرافق العامة وبمراعاة طبيعة المنازعة الإدارية المتعلقة بوقف لتنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية والتي نظم قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 الإجراءات الواجب إتباعها أمام محاكم مجلس الدولة بشأنها وبصفة خاصة إجراءات أمام المحكمة الإدارية العليا في المواد من (44 - 48) كما نظم سلطات مفوض الدولة في سبيل تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة وحظر تكرار التأجيل بسبب واحد، وحيث أجاز القانون لمفوض الدولة إذا اقتضى الأمر - أن يحكم على طالب التأجيل بغرامة مالية، كما نصت المادة (31) من القانون المشار إليه على أن "لا تقبل المحكمة أي دفع أو طلبات أو أوراق مما كان يلزم تقديمه قبل إحالة القضية إلى الجلسة إلا إذا ثبت لها أن أسباب ذلك الدفع، أو الطلب، أو تقديم لورقة طرأت بعد الإحالة أو كان الطالب يجهله عند الإحالة ومع ذلك إذا رأت المحكمة تحقيقاً للعدالة قبول دفع أو طلب أو ورقة جديدة جاز لها ذلك مع جواز الحكم على الطرف الذي وقع منه الإهمال بغرامة مالية.
وحيث إنه بالإضافة إلى ذلك فإن المادة (97) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تقضي: -
بأن الأصل طبقاً لتلك المادة وما يليها من مواد أنه يتعين أن تجرى المرافعة في أول جلسة، وأنه إذا قدم المدعى عليه مستنداً بعد إيداع عريضة دعواه على خلاف ما تحتمه المادة (65) من القانون قبلته المحكمة بشرط عدم تأجيل الدعوى وإذا ترتب على قبول المستند التأجيل وجب توقيع الغرامة، كما نصت المادة (98) من قانون المرافعات على أنه لا يجوز تأجيل الدعوى أكثر من مرة لسبب واحد يرجع إلى أحد الخصوم على أن لا تجاوز فترة التأجيل ثلاثة أسابيع.
ومن حيث إنه استناداً إلى ما تقدم كله وبناء على ما هو ثابت بمحاضر جلسات هذه المحكمة بدءاً من جلسة 18/ 10/ 1992، 15/ 11/ 1992، 29/ 11/ 1992 جلسة 27/ 12/ 1992، جلسة 31/ 1/ 1993، جلسة 14/ 2/ 1993 والتي قررت المحكمة فيها التأجيل لجلسة 28/ 2/ 1993 لكي تجرى المرافعة في ذات الجلسة وتكون الجلسة الأولى الثامنة مساء وتستمر في هذا الموعد حتى انتهاء المرافعة يوم الجلسة 7/ 3/ 1993. فإن لجوء بعض من المطعون ضدهم إلى تقديم طلب بقصد رد عضوين بهذه المحكمة صباح يوم 7/ 3/ 1993 - وهو اليوم الذي عقدت فيه الجلسة المسائية التي تم التأجيل لها يوم 28/ 2/ 1993 - أو لجوء بعض من هيئة الدفاع ومعهم بعض من المطعون ضدهم إلى تقديم طلب - بعد رفع الجلسة المسائية للمداولة لإصدار القرار - يخلصون فيه إلى أنه على المحكمة أن توقف نظر الطعون الماثلة حتى يفصل في الطلب الذي استهدفوا به الرد وأنه في حالة عدم رضوخها واستجابتها لطلب الوقف فإنهم سيردون المحكمة رئيساً وأعضاء.
ومن حيث إن الثابت من محاضر الجلسات في الطعون الماثلة إنه قد التمس بعض المطعون ضدهم ومحاموهم كل السبل لتأجيل الفصل في هذه الطعون سواء بطلب مستندات لاحقة في صدور القرار المطعون فيه، والإصرار على ضم هذه المستندات رغم إقرار محاموا الجهات الإدارية المختصة قضائياً بمحاضر الجلسات بعدم وجود تلك المستندات، وطلب الفصل في الطعون بحالتها وإفادة المطعون ضدهم بذلك، وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في حالة عدم تقديم الجهة الإدارية مستندات تحت يدها، أو تقديم دفوع متعددة بعدم الدستورية لبعض نصوص الوانين واللوائح رغم أنه ليس محموداً من أحد طرفي المنازعة أنها تتعلق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وهو نزاع مستعجل بطبيعته ويتعين الفصل فيه بسرعة وفقاً لما تحتمه أحكام الدستور من سرعة للفصل في المنازعات بصفة عامة وهو الأولى بالإتباع في منازعات وقف التنفيذ رغم تلك الدفوع يقتضي كما سوف يلي البيان - حسب قانون المحكمة الدستورية العليا - وقف نظر الطعون لو قبلتها المحكمة بحريتها، حتى تفصل المحكمة الدستورية في الدفع، أو بالمطالبة شفاهة أو بمذكرات كتابية التأجيل لنظر الطعون الماثلة أو وقف نظرها للفصل في دعوى جديدة رفعها بعض المطعون ضدهم أمام محكمة أول درجة لكي يطلبوا منها الفصل فيما أغفله الحكم الطعين - حسب زعمهم - من طلبات أو لإغفاله أسماء بعض المدعين... إلخ بينما لا يخفي على أحد أن هذه المحكمة الإدارية العليا هي المهيمنة على سلامة وصحة ومشروعية أحكام محاكم مجالس الدولة العاملة للطعن فيها أمامها قانوناً، وهي صاحبة الولاية بنظر الطعن فيها طبقاً لقانون تنظيم مجلس الدولة في الحكم بإلغائها أو بتأييدها أن أصابت صحيح أحكام القانون وأنه تمتد رقابة هذه المحكمة - حسبما جرى على ذلك قضاؤها - على سلامة الأحكام المطعون فيها من حيث الإجراءات وأحوال الصحة والبطلان، وصحة وسلامة تحصيلها لوقائع النزاع أو صحة وسلامة تفسيرها وتأويلها وتطبيقها لأحكام ونصوص القوانين والتشريعات المنطبقة على محل النزاع أو من حيث كفاية أسباب الأحكام المطعون فيها وتناسقها وعدم تأثيرها وحملة النتيجة التي ينتهي إلها في منطوقها ولا يتصور أن توقف المحكمة الإدارية العليا وهي محكمة الطعن في أحكام محكمة قضاء الإداري طعناً أو أكثر تنظره حتى تفصل محكمة أول درجة في حكم يخضع بدوره لرقابتها وولايتها عند الطعن فيه أمامها حيث لا سند لذلك من أحكام قانوني المرافعات ومجلس الدولة وليست له سابقة من قبل ذلك ليس في حقيقته إلا ضغط غير مشروع من بعض المطعون ضدهم وبعض من هيئة الدفاع عنهم لتأجيل نظر الطعون بغية تعطيل وتعويق المحكمة عن مباشرة السلطة القضائية التي خولها الدستور والقانون لكي تقضي فيما هو معروض أمامها من منازعة محددة في الطعون الماثلة بواسطة ما أطلقوا عليه طلب رد وهو في حقيقته لا يعدو إلا أن يكون تدخلاً في مباشرة السلطة القضائية من المطعون ضدهم بقصد فرض إرادتهم على إجراءات نظر الطعون الماثلة لتحقيق تكرار تأجيلها وتعويق الفصل فيها على نحو يمس استقلال السلطة القضائية ويمس هيبة القضاء، ولا يعدو إلا أن يكون محاولة تخالف الدستور والقانون وتهدف إلى عزل المحكمة عن أداء واجبها ورسالتها في حسم النزاع في هذه الطعون وإعلاء مبدأ المشروعية وسيادة القانون وفقاً لما تجرى به صراحة أحكام النظام العام القضائي في نصوص الدستور وقانوني تنظيم مجلس الدولة والمرافعات المدنية والتجارية على النحو الذي سبق ذكره وبيانه.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما سلف ذكره أن المادة (148) من قانون المرافعات حددت في صراحة ووضوح أسباب رد القاضي فقد نصت على أنه: -
يجوز رد القاضي لأحد الأسباب الآتية:
1 - إذا كان له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها، أو إذا جدت لأحدهما خصومة مع أحد الخصوم، أو لزوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن هذه الدعوى قد أقيمت بقصد رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه.
2 - إذا كان لمطلقته التي له منها ولد أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى...
3 - إذا كان أحد الخصوم خادماً له، أو كان هو قد اعتاد مؤاكلة أحد الخصوم أو مساكنته أو تلقى منه هدية قبيل رفع الدعوى أو بعده.
4 - إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل.
ومن حيث إنه باستعراض الأسباب التي قام عليها ما أطلق عليه المطعون ضدهم طلب الرد الذي قدم بتاريخ 7/ 3/ 1993 لرد عضوي الدائرة السيدين الأستاذين المستشارين..... والسيد الأستاذ المستشار....... يبين أن هذه الأسباب هي:
(1) تحديد جلسة سريعة بالرغم من أن ميعاد الجلسة لا يحدد إلا بناء على طلب يقدم بالمحكمة. (2) قامت هيئة المفوضين بإيداع تقرير بالرأي القانوني بسرعة ودون أن تستوضح وجهة نظر المطعون ضدهم. (3) التأجيلات القصيرة في الدعوى. (4) عدم تنفيذ ما قررته المحكمة بالنسبة لضم الأوراق. (5) عدم اتخاذ إجراء رادع بالنسبة لوسائل الإعلام التي كانت تحاول بكل وسائل الضغط على المحكمة عند نظر الطعون مما يشكل جريمة في التدخل في أعمال القضاء ولم تستجب المحكمة إلى طلب د. شوقي السيد المحامي في هذا الشأن وكانت خاتمة المطاف المقال الذي نشره المستشار السابق بالمجلس في جريدة الأخبار الذي يحرض فيه الحكومة على عدم تنفيذ الحكم حيث إنه جعل مقاله "لا تخافي يا حكومة". (6) ضم الدفوع للموضوع وهو عدم الفصل فيها استقلالاً في حين أنها تمس صميم وكيان الدعوى. (7) بمطالعة محضر الجلسة الأخيرة تبين أنها لا تعبر عما دار بالجلسة بتاريخ 28/ 2/ 1993. (8) للأسباب الأخرى التي ستثار في جلسات المرافعة.
ومن حيث إن المحكمة وإن كانت على يقين بناء على ما سلف لها من إيراد أسباب أنها ليست بحاجة للمناقشة أو التعليق على الأسباب السالف ذكرها - ليس فقط لأنها أوردتها من قبيل الاستطراد للتدليل على تأكيد صحة ما انتهت إليه من عدم الاعتداد قانوناً بما قيل عنه أنه طلب رد - ولكن لأن تلك الأسباب تحمل في ظاهرها وفي طياتها ما يجعلها هي والعدم سواء، وما يدل دلالة واضحة على أن القصد الحقيقي والوحيد من تقديم الطلب الذي حواها فرض إرادة المطعون ضدهم على استقلال سلطة المحكمة والمساس بهيئتها وتعويقها عن حسم المنازعة في الطعون الماثلة فالرد موجه إلى عضوي اليمين واليسار بالمحكمة وهي لا شأن لها قانوناً بقيام هيئة المفوضين بإعداد تقريرها بالرأي القانوني ولا شأن لهما وحدهما بتحديد جلسة لنظر الطعون الماثلة، أو بتأجيلات قصيرة عند نظرها لأن تحديد ميعاد الجلسة الأولى من اختصاص رئيس الدائرة، والتأجيلات تتم بالمداولة بين الرئيس والأعضاء بحسب الأحوال، وما تم تحديده من تاريخ الجلسة الأولى أو من تأجيلات بعد ذلك أمر يتفق وصحيح حكم القانون، وما تضمنته قواعد الإجراءات أمام مجلس الدولة وتلك المنصوص عليها في قانون المرافعات على النحو السالف الإشارة إليه أما ما ورد بالبند رابعاً من أسباب ما سمي بطلب الرد وهو "عدم تنفيذ ما قررته المحكمة بالنسبة لضم الأوراق، فالثابت من محاضر جلسات المرافعة أن المحكمة لم تألوا جهداً في سبيل ضم ما طلبه المطعون ضدهم من أوراق ومستندات إلى الحد الذي جعل الحاضرين عن هيئة قضايا الدولة يقدمون إقراراً قضائياً بالجلسة بأن بعضاً مما لم يقدم من مستندات لا وجود له، وأن الحاضرين عن هيئة المجتمعات العمرانية قرروا بأنهم قدموا كل ما لديهم من مستندات وأنه على المطعون ضدهم أن يستفيدوا كيفما شاءوا من خلال قواعد الإثبات أمام محاكم مجلس الدولة وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بما لم يقدم من مستندات أما فيما يتعلق بما جاء بالبند (خامساً) من عدم اتخاذ أي إجراء رادع بالنسبة لوسائل الإعلام......... والمقال الذي نشره المستشار السابق بمجلس الدولة بجريدة الأخبار الذي يحرض فيه الحكومة على عدم تنفيذ الحكم (يقصدون الحكم المطعون فيه) فإن الدستور قد نص صراحة في المواد من (206 إلى 208) على أن "الصحافة سلطة شعبية مستقلة وتمارس رسالتها بحرية وفي استقلال وأن الرقابة عليها محظورة"، ومن ناحية أخرى أورد قانون العقوبات جرائم النشر وأركانها وولاية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية وما إلى ذلك ومن ثم فلا شأن للمحكمة بما جاء في إحدى المقالات المنشورة بجريدة الأخبار وأن المطعون ضدهم وشأنهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات قانوناً تجاه ما ينشر في الصحافة ويكون ماساً في بحقوقهم وفيما يتعلق بضم الدفوع للموضوع وعدم الفصل فيها استقلالاً وهو السبب السادس لأسباب ما يسمى بالرد فإنه رغم أن ذلك من سلطة هذه المحكمة بما لا معقب عليها في شأنه باعتباره من صميم سلطتها القضائية فإن قضاء محاكم مجلس الدولة على جميع مستوياتها جرى وباضطراد على ضم الدفوع للموضوع وحجز الدعوى للحكم فيها ولا بدعة في ذلك أو خروج على قضاء مستقر، وفيما أثير من أن ما جاء بمحضر جلسة 28/ 2/ 1993 لا يعبر عن واقع ما دار بالجلسة فإن المطعون ضدهم وشأنهم في إثبات ما يدعونه بالطرق المتاحة لهم قانوناً ولا شأن لعضوي المحكمة بمحضر الجلسة المذكورة الذي يعبر قانوناً عن الحقيقة ما لم يطعن فيه بالتزوير ويثبت ذلك جنائياً.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن الأسباب التي ساقها المطعون ضدهم لرد عضوي المحكمة اليمين واليسار هي أسباب خارجة عن النظام القانوني للرد وساقطة أصلاً من وعاء الشرعية فلم يرد من بينها أي سبب كتلك الواردة بنص المادة 148 من قانون المرافعات المدنية والتجارية لا من قريب أو من بعيد حتى يمكن أن يفترض معه ولو شكلاً وافتراضاً بوجود "طلب رد" مما يعتد به قانوناً، ومن ثم فإن الحقيقة التي لا مراء فيها أن بعضاً من المطعون ضدهم ومعهم موكليهم أرادوا أن يتخذوا من طلب الرد المزعوم مسلكاً للحيلولة دون ممارسة القضاء ولايته القانونية على الطعون المطروحة أمامه وحسم النزاع وإصدار حكم في شأنها، فأساءوا استخدام حق كفله الشارع ضماناً لسيادة القانون وتصوناً للقضاء والمتقاضين في غير هدفه الذي شرع لأجله وأرادوا التدخل في عمل السلطة القضائية وفي شئون القضاء وتوجيه إجراءات سير الخصومة بالمحكمة الإدارية العليا وهي حجة محاكم مجلس الدولة، وهذا المسلك يؤدي ولا شك إلى إهدار نصوص الدستور والقانون التي كفل بها المشرع نظام تنصيب القضاة وتحديد اختصاصهم وولايتهم، إذ ليس من المتصور قانوناً ولا كان هذا هدف المشرع من تنظيم تقديم طلبات الرد، أن يقذف أي خصم قاضيه، الذي نصبه القانون والنظام العام القضائي، وحمله أمانة الفصل في القضايا وحسم المنازعات، بورقة عليها عنوان "طلب رد" فيكون من شأنها وقف وتعطيل الفصل في الدعوى لمجرد رغبة من المتقاضي أو هوى منه في حجب وعزل القاضي عن ممارسته ولايته التي تولاها وفقاً لصحيح حكم القانون، فما كانت هذه بغية المشرع حينما شرع نظام الرد ولا كانت هذه أهدافه والحكمة التي أرادها من هذا النظام وهو ما دعاه إلى التدخل التشريعي ليضبط بها أحكام الرد ويجعلها محققة أكثر للغايات التي شرعت من أجلها وهي ضمان سيادة الدستور والقانون وصون القضاء والمتقاضين وحماية استقلال القضاء والقضاة تنزيهاً لهم عن كل مصلحة في النزاع، وبعداً بهم عن مواطن الريب والشكوك، دون خضوع لأي ترغيب أو خضوع لأي ترهيب وذلك حتى يحق الحق وتعلو الحقيقة ويرتفع على كل أحكامه سيادة القانون، وذلك كله لا يتحقق إذا ما أتيح لكل خصم أو متقاض أن يختار قاضيه على حسب مصلحته وهواه فيكون تعيين القضاة وممارستهم اختصاصاتهم معقوداً بإرادة الخصوم فتنهار العدالة وسيادة القانون التي يمثلها القاضي لتعلو سيادة طرفي الخصومة على استقلال وسلطة القضاء وهو مسلك لا يتفق مع أحكام الدستور أو القانون ويهدم النظام العام القضائي.
ومن حيث إنه استناداً على ما تقدم كله فإن المحكمة تطرح جانباً الطلب الذي قدمه بعض المطعون ضدهم بتاريخ 7/ 3/ 1993 ويكون من المتعين عدم الاعتداد به.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطلب الذي تقدم به بعض المطعون ضدهم وبعض من محاميهم بتاريخ 8/ 3/ 1993 بشأن رد السادة الأساتذة المستشارين رئيس وأعضاء هذه المحكمة فإنه فضلاً عن أنه قد قدم بعد حجز الطعون للحكم مما، كان يتعين معه الالتفات عنه وفقاً لصحيح حكم القانون فهو - من ناحية أخرى - لا يعدو إلا أن يكون ترديد للأسباب التي وردت بما أسموه طلب الرد الذي سبق تقديمه بشأن رد عضوي الدائرة وتعميماً لهذا الطلب على رئيس وباقي أعضاء المحكمة. ومن ثم فإنه يسري بشأنه كل ما سبق أو ورد بأسباب هذا الحكم بشأن الطلب المقدم بجلسة 7/ 3/ 1993 مما يقتضي عدم الاعتداد به بدوره.
ومن حيث إنه بجلسة 27/ 12/ 1992 حضر د. ثروت بدوي المحامي وطلب التصريح له بتقديم مذكرة بأسباب تدخل موكليه........ رئيس اللجنة النقابية المهنية للعاملين و....... رئيس رابطة تجارة التجزئة و...... و....... تاجري تجزئة وبجلسة 31/ 1/ 1993 قدم مذكرة بأسانيد التدخل الانضمامي للمطعون ضدهم في الطعن رقم 1233 لسنة 38 ق جاء فيها أن طالبي التدخل يمثلون عشرات الآلاف من العاملين بتجارة التجزئة من الباعة الجائلين الذين يمارسون نشاطهم في مناطق قريبة جداً من سوق روض الفرج وتبعد عشرات الكيلو مترات عن السوق العبور وأوضح وكيل المتدخلين أن قرار محافظة القاهرة بإلغاء سوق روض الفرج صدر على غير سند وبدون مقتضى من المصلحة العامة.
كما حضر بجلسة 27/ 12/ 1992 الأستاذ رشاد حمزة المحامي عن الجمعية الزراعية لتسويق الخضر بسوق روض الفرج وطلب تدخل الجمعية خصماً منضماً مع المطعون ضدهم وبجلسة 31/ 1/ 1993 حضر د. شوقي السيد المحامي عن بعض المطعون ضدهم وطلب إثبات حضوره عن الجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد بدمياط والجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد ببور سعيد لأن لهاتين الجمعيتين مكاتب نقل وتوريد أسماك بسوق غمرة.
ومن حيث إن المادة (126) من قانون المرافعات تنص على "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن حق المتدخل في التدخل الانضمامي يقتصر على مجرد تأييد أحد طرفي الخصومة الأصلين بما يترتب على ذلك من أنه لا يجوز له أن يتقدم بطلبات تغاير طلبات الخصم الذي تدخل لتأييده ويجوز له أن يبدي وجوه دفاع تأييداً لطلباته، كما يجوز له أن يتمسك بأي دفع موضوعي أو شكلي أو بعدم القبول ولو لم يتمسك به الطاعن وأنه وإن كان الأصل عدم قبول تدخل الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا لأول مرة إلا في الأحوال التي تقتضي ذلك تحتمها طبيعة المنازعة الإدارية وبصفة خاصة في الطعون الخاصة بوقف تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية حيث تتحقق بالإضافة إلى المصلحة الشخصية للطاعنين إعلان الشرعية وسيادة القانون حيث إن الطعن بالإلغاء ووقف التنفيذ فرع منه أمر يتعلق بالمشروعية وسيادة القانون أساساً ومحله القرار المطلوب وقف تنفيذ وإلغاؤه وهي منازعة لها طبيعة عينية تنصب على القرار محل الطعن والحكم الذي يصدر بشأن إلغاء القرار يصدر "حجة على الكافة" بصريح نص المادة (52) من قانون تنظيم مجلس الدولة، وللحكم بوقف التنفيذ وهو فرع من الإلغاء ذات الحجية المطلقة المذكورة حيث لا يتصور قانوناً أن يكون القرار الإداري نافذاً بالنسبة للبعض وموقوفاً تنفيذه بالنسبة للبعض الآخر أو ملغي بالنسبة للبعض وقائماً ومنتجاً لآثاره بالنسبة للبعض الآخر، ومن حيث إنه بناء على هذه الطبيعة العينية لمنازعة الإلغاء ووقف التنفيذ ولاتصالها بالمشروعية وسيادة القانون ولكون الحكم الذي يصدر فيها حجة على الكافة سواء قدم الطعن من طاعن واحد أو من مئات أو الآلاف من الطاعنين.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق فإن المحكمة لا تجد مانعاً قانوناً من تدخل طالبي التدخل انضمامياً إلى المطعون ضدهم ذلك أن المتدخلين الآتي أسمائهما...... و..... يتدخلان عن نفسيهما وبصفتهما الأول رئيساً للجنة النقابية المهنية للعاملين بالتجارة عن محافظة القاهرة وثانيهما ممثلاً لهيئة تجارة التجزئة والباعة الجائلين وليس من شك في أن العاملين بالتجارة بمحافظة القاهرة وتجار التجزئة والباعة الجائلين يمثلون قطاعاً عريضاً من سكان أحياء القاهرة القريبة من سوقي روض الفرج وغمرة باعتبار أنهم يعتمدون في أرزاقهم ومعيشتهم على تجارة الخضر والفاكهة بالتجزئة من خلال ما يقدمه لهم سوق تجارة الجملة بروض الفرج وأن لهم مصالح ولا شك مرتبطة ببقاء هذا السوق، ومن ثم فإن الحكم الذي سيصدر في الطعون الماثلة سيتعدى أثره إليهم ويعتبر حجة عليهم وهو ما ينطبق أيضاً على الجمعية الزراعية لتسويق الخضر بسوق روض الفرج، كما ينطبق على الجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد بدمياط والجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد ببور سعيد، ومن ثم فإن طلبات التدخل المقدمة من المتدخلين انضمامياً إلى المطعون ضدهم تكون مقبولة ويتعين الحكم بذلك.
ومن حيث إن بمراعاة ما سلف بيانه فإن كلاً من الطعنين قد استوفى شروط قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه عند الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي، فإن محامي المطعون ضدهم يقيمه على سند من القول بأن القرار بالقانون المذكور قد صدر استناداً إلى نص المادة (147) من الدستور على حين أن هذه المادة قد وضعت المعايير والشروط التي تبرر الاستناد إليها في إصدار القرارات الجمهورية بقوانين في غيبة مجلس الشعب، وذلك فإن حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وواقع الحال يدل على أن رئيس الجمهورية قد أصدر القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 في 21/ 6/ 1979 ليعمل به في 22/ 6/ 1979، وأن مجلس الشعب صاحب السلطة الأصلية في التشريع عاد بالانعقاد يوم 23/ 6/ 1979 ومن ثم فقد استطرد وكيل المطعون ضدهم متسائلاً عن مدى وجود التدبير الذي لم يكن يحتمل التأجيل من 21/ 6/ 1979 إلى 23/ 6/ 1979 حتى يلجأ رئيس الجمهورية إلى الرخصة الاستثنائية التي أعطاها الدستور له في المادة (147) منه مما يؤكد انعدام حالة الضرورة أو حتى حالة الاستعجال المبررة لإصدار هذا القرار بقانون وأوضح أن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية وهو تال مباشرة القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المدفوع دستوريته وكلاهما نشر في ذات العدد من الجريدة الرسمية، وكلاهما صدر ونشر وعمل به قبل ساعات من اجتماع صاحب السلطة التشريعية الأصيل - مجلس الشعب - وذهب الحاضر عن المطعون ضدهم إلى أنه وقد جاء القرار المطعون فيه رقم 64 لسنة 1992 الصادر من محافظ القاهرة مستنداً أساساً إلى قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتقصد به القرار بقانون بإصدار قانون نظام الحكم المحلي وهو القرار بقانون الصادر مشوباً في رأيه بعيب عدم الدستورية، فإنه يطلب من المحكمة إذا لجدية الدفع الذي أبداه على النحو السالف البيان أن توقف الطعون الماثلة وأن تحدد أجلاً لرفع الدعوى بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 إلى المحكمة الدستورية العليا.
وقد عقب الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية على الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، بمذكرة أوضح فيها أن تقدير قيام الضرورة لا يخضع لمعيار ثابت إنما يتغير بحسب الظروف، وأن الحكم الصادر في دعوى الأحوال الشخصية لا يشكل مبدأ عاماً يسري على كل قرار بقانون يصدر في غيبة البرلمان لأن لكل تشريع موضوعه وله ملابساته وظروف إصداره، وأن هذا هو ما قضت به المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها حيث أوضحت أن تقدير قيام الضرورة لا يخضع لمعيار ثابت، وإنما يتغير بتغير الظروف، وأن ذلك مرده إلى السلطة التنفيذية تقدره تحت رقابة السلطة التشريعية بحسب الظروف والملابسات القائمة في كل حالة فإذا ما عرض القرار بقانون على السلطة التشريعية وأقرته فلا معقب عليها فيما تراه بشأن قيام حالة الضرورة وأشار دفاع الهيئة الطاعنة في مذكرته إلى حديث صدر من المحكمة الدستورية العليا بشأن نص الفقرة الأولى من المادة (27) من قانون نظام الإدارة المحلية المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 المتعلقة بمباشرة المحافظين - بوصفهم رؤساء الأجهزة والمرافق التابعة لهم - السلطات والاختصاصات المقررة للوزراء في هذا الصدد، على أن لا يتعدى ذلك إلى الاختصاص بإصدار اللوائح التنفيذية ولا إلى إصدار قرارات لائحية وذكر دفاع الطاعنين أنه بذلك قد أقرت المحكمة الدستورية النص المشار إليه في الحالة الأولى، الأمر الذي يدل على أن المحكمة قد أقرت دستورية المادة 27 المشار إليها - والتي صدر في نطاقها قرار المحافظ المطعون عليه - فضلاً عن صدوره استناداً إلى قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 63 لسنة 1972 بتفويض المحافظين في مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية في القانون رقم 68 لسنة 1949 تطبيقاً لأحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض بالاختصاصات.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون".
ومن حيث إن المطعون ضدهم يطلبون وقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ القاهرة رقم 64 لسنة 1992 والذي صدر مستنداً في ديباجته - ضمن ما استند - على قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 والقوانين المعدلة له ولائحته التنفيذية وأنهم إذ يدفعون بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه والذي توسده القرار رقم 64 لسنة 1992 المطعون فيه، توصلاً منهم - فيما لو قبل دفعهم وقضي بعدم الدستورية - إلى إهدار القرار المطعون فيه لانهيار الأساس الذي يرتكن عليه.
ومن حيث إنه فضلاً عما سلف الإشارة إليه من أن النزاع الماثل بالطعون التي يتصل فيها هذا الحكم يتعلق بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه وهو نزاع مستعجل بطبيعته ويتعين الفصل على سبيل الاستعجال وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة تطبيقاً لأحكام الدستور التي توجب الفصل في المنازعات عموماً ولأحكام قانون مجلس الدولة والمرافعات المدنية التي تجري حسبما سلف البيان على سير الإجراءات القضائية بما يحقق سرعة حسمها وصدور الأحكام الفاصلة فيها بينما الدفع بعدم دستورية قانون الحكم المحلي الصادر بالقرار رقم 43 لسنة 1979 يقتضي حتماً ووفقاً لقانون المحكمة الدستورية العليا وقف النظر في هذه الطعون التي أثير بمناسبتها هذا الدفع وتحديد مهلة لتقدم الدفع لإقامة الدعوى إذا رأت المحكمة جديته وتبقى هذه الطعون معلقة في الدفع بعدم الدستورية وهو أمر تأباه طبيعة المنازعة المستعجلة المتعلقة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية من جهة. كما أن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه ولئن كان قد أشار في ديباجته إلى القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 كأساس لإصداره، إلا أنه من ناحية أخرى فقد ارتكن القرار إلى "القانون رقم 68 لسنة 1949 بشان تنظيم تجارة الجملة والقرارات المنفذة له" وقد أناط القانون المشار إليه - بعد تعديله بالقرار بقانون رقم 63 لسنة 1959 بوزير التموين والتجارة الداخلية بتحديد أماكن أسواق الجملة، وإصدار القرارات التي تحدد أحكام وشروط شغل المساحات في الأماكن المشار إليها، ووضع التدابير الخاصة بنظام التعامل، وتلك اللازمة للمحافظة على النظام والصحة العامة واستناداً إلى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض في الاختصاصات الذي يجيز للوزراء تفويض المحافظين في بعض اختصاصاتهم الواردة في القوانين أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 63 لسنة 1972 بشأن تفويض المحافظين في بعض الاختصاصات، ونص في المادة (2) منه على أن "يفوض السادة المحافظون في مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية بموجب أحكام القوانين المشار إليها والموضحة فيما يلي: أولاً... ثانياً:.... ثالثاً:.....
القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن أسواق الجملة:
1 - تعيين الأماكن الذي يسمح فيها بإنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات وغير ذلك للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون على أن يتبع أسواق وسواحل تجارة الحبوب بالجملة وفقاً للخطة التي تضعها الوزارة.
2 - تحديد الأصناف التي يسري عليها أحكام القانون داخل المحافظة.
3 - وضع القواعد المنظمة.
{ أ } الأحكام والشروط الخاصة بشغل المساحات في الأماكن المشار إليها في البند (1).
{ب} التدابير الخاصة بنظام العمل.
{ج} التدابير اللازمة للمحافظة على النظام والصحة العامة.
{د} رسوم شغل المساحات والترخيص في التعامل.
4 - غلق المحال وإزالة أسباب المخالفة أو إلغاء التراخيص في التعامل.
5 - جواز إسناد إنشاء وإدارة الأسواق إلى الغرف التجارية والصناعية والجمعيات التعاونية.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أنه أياً كان الرأي في مدى جدية الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 الذي أثاره الحاضر عن المطعون ضدهم، فإن هذا الدفع كما سلف البيان يتعارض مع المصلحة المشروعة للمطعون ضدهم في الفصل في الطعون المتعلقة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتحقيق استقرار أوضاعهم القانونية من محكمة الطعن في الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإعلاء المشروعية وسيادة القانون بالنسبة إليه في أقرب وقت، كما أن القرار المطعون فيه قد صدر مستنداً على سند قانوني آخر يتمثل في القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة الذي أناط بوزير التموين والتجارة الداخلية اختصاصاً أصيلاً بتعيين الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء أسواق التعامل بالجملة ووضع كافة القواعد المنظمة للتعامل وشغل المساحات ومنح التراخيص في الأماكن المشار إليها، وأن وزير التموين والتجارة الداخلية استناداً إلى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 فوض المحافظين في مباشرة اختصاصاته الواردة بالقانون المشار إليه، ولما كان ذلك، وكان المقرر أنه يشترط لقبول الدفع بعدم الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية مشروعة في إبداء دفعه، ومناط هذه المصلحة كما جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا ارتباطاً بمصلحته في دعوى الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها ولما كان المطعون ضدهم يستهدفون من دعواهم الصادر فيها الحكم المطعون فيه وقف تنفيذ وإلغاء قرار المحافظ رقم 64 لسنة 1992 بإنهاء نشاط تجارة الجملة للخضر والفاكهة والدواجن والأسماك بسوقي روض الفرج وغمرة وبإلغاء كافة تراخيص مزاولة النشاط بها وتستبدل بها تراخيص جديدة لمزاولة هذه النشطة بسوق العبور، لما كان ذلك، وكان القرار المشار إليه لا يستند فقط على القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المدفوع بعدم دستوريته، وإنما يتوسد سنداً قانونياً أخر مبرءاً من كل عيب دستوري - وذلك على النحو المشار إليه كما يجعله محمولاً على أساس صحيح، ومن ثم فإنه لا توجد مصلحة شخصية ومباشرة للمطعون ضدهم في الطعن بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 فضلاً عن تعارض ذلك مع الطبيعة المستعجلة للنزاع سالف البيان إذ ليس ثمة أثر لأحكامه على طلباتهم في الدعاوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعون الثلاثة أن القرار رقم 64 لسنة 1992 المطعون فيه قد صدر سليماً وله أصل ثابت بالأوراق، وقد استوى قائماً على سوقه متوافراً على أركانه وأسانيده التي تكفل له مقومات وجوده، وأن ما نعاه عليه الحكمين الطعينين لا يقوم على أساس من الواقع والقانون، ويطلب الطاعنون لذلك إلغاء هذين الحكمين لمخالفتهما للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، والحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن القرار المذكور في صريح عبارته وحقيقة موضعه ومصدره لا يعدو كونه قراراً بإلغاء سوقي روض الفرج وغمرة لتجارة الجملة للخضر والفاكهة والدواجن والأسماك وإلغاء السوقين التي تمارس فيهما تجارة الجملة للخضر والفاكهة والنشاط الخاصة بهذه التجارة قد ألغى في الأماكن المحددة بالقرار أي قد تم إلغاء تخصيص هذه الأماكن لمباشرة نشاط وتجارة الجملة هو ما يختص به المحافظ مصر القرار حسب قرار التفويض رقم (63 لسنة 1972 وفي ذات الوقت فقد نص القرار الطعين على حق كل مرخص له في هذه الأسواق الملغاة بالتقدم للحصول على ترخيص في سوق العبور لا محل في منحه لأي تقدير للجهة الإدارية المختصة ما دام يلتزم المتقدم بالشروط الخاصة به والتي يتم التنسيق بشأنها بين المحافظة وهيئة المجتمعات العمرانية مع تحديد مهلة زمنية للتقدم بهذه الطلبات للجهات الإدارية المختصة.
ومن حيث إنه قد تضمنت أحكام الدستور وقانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المبادئ والأصول العامة الحاكمة لحدود رقابة المشروعية للقضاء الإداري والمحاكم الإدارية وولاية المحكمة الإدارية العليا في رقابة أحكام محاكم مجلس الدولة الأدنى منها في مباشرتها لاختصاصها على النحو السالف البيان فقد نصت المادة 64 من الدستور على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة" ونصت المادة 65 على أن "تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات" وحظرت المادة (68) النص في القوانين على تحقيق أي تصرف أو قرار إداري من رقابة القضاء، وجعلت المادة 72 امتناع الموظفين العموميين عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها من جانبهم جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة، وفي ذلك الوقت فقد أناط القانون برئيس الجمهورية في المادة 130 رئاسة السلطة التنفيذية وممارستها على الوجه المبين في الدستور والقانون، ونظم في المواد 138 - 152 وفي المواد 153 - 160 مباشرة الحكومة والوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية لواجباتهم في خدمة المصالح العامة للشعب، ونصت المادة 165 على أن "السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها" ونصت المادة 166 على "استقلال القضاة" ونصت المادة 172 على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية".
ومن حيث إنه بناء على ما سبق جميعه فإن محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون ولكنها لا تحل محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئولياتها التنفيذية التي أناطها بها كذلك الدستور والقانون واللوائح التنظيمية التي تتحمل الإدارة مسئولية إدارتها لها مدنياً وجنائياً وإدارياً وسياسياً ومن ثم فإن ولاية رقابة مشروعية القرار محل هذه المنازعة تجد حدها الطبيعي في رقابة المشروعية وفقاً للأسس وفي الحدود السالف بيانها.
ومن حيث إنه بناء على تلك الأسس الدستورية والقواعد الأساسية لتنظيم ولاية محاكم مجلس الدولة فإنه قد جرى قضاء هذه المحكمة منذ إنشائها على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة أو لو ثبت انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أولاً، من العاملين بها، وأن رقابة الإلغاء يتفرع عليها رقابة وقف تنفيذ القرار الإداري ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذ القرارات الإدارية - بحسب الظاهر من الأوراق - وبالحدود التي يقتضيها وقف التنفيذ وبحسب الظاهر من الأوراق على ما يبدو من عدم مشروعية القرار فضلاً عن توافر نتائج يتعذر تداركها على استمرار التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال وهذه الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية وتتولى المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها ولتزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو سالف البيان، وذلك طبقاً وفي حدود أحكام الدستور والقانون ولا يحل القضاء الإداري على أي نحو في مباشرته لرقابة الإلغاء ووقف التنفيذ محل الجهة الإدارية في أداء واجباتها ومباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة وإدارتها أو في مباشرة السلطات التنفيذية والإدارية المخولة لها طبقاً للدستور والقانون حيث تقوم الإدارة التنفيذية العاملة بذلك على مسئوليتها من النواحي السياسية والمدنية والجنائية والتأديبية، كما لا تلتزم محاكم مجلس الدولة في مباشرة رقابتها للمشروعية على قرارات وتصرفات الجهات التنفيذية بالإدارة العامة وأدائها لواجباتها بغير أحكام الدستور والقانون أي بسيادة القانون وعلو المصلحة العامة الغاية الوحيدة المشروعة لكل ممارسة للسلطة العامة وسند مشروعية هذه السلطة ومبررها.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق وطبقاً لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لا يقضي بوقف تنفيذ قرار إداري إلا بتحقيق ركنين أولهما يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجع معها الحكم بإلغاء القرار عند نظر الموضوع. وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على الاستمرار في تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة تنص على أنه "لا يجوز إنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون في غير الأماكن التي يعينها وزير التجارة والصناعة لهذا الغرض بقرار يصدره بعد أخذ رأي وزارتي الداخلية والصحة العمومية. ويجوز لوزير التجارة والصناعة بقرار منه إضافة جداول أخرى أو تعديل مشتملات الجداول" وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أن "يعين وزير التجارة والصناعة بقرار منه: 1 - الأحكام والشروط الخاصة بشغل المساحات في الأماكن المشار إليها في المادة السابقة. 2 - التدابير الخاصة بنظام التعامل. 3 - التدابير اللازمة للمحافظة على النظام والصحة العامة.
4 - { أ } رسوم شغل المساحات بما لا يزيد عن خمسة جنيهات شهرياً.
{ب} رسوم الترخيص في التعامل بما لا يزيد عن خمسة جنيهات سنوياً.
{ج} رسوم الوزن بما لا يزيد عن 15 مليماً للوحدة التي يعينها وزير التجارة والصناعة.
{د} رسوم الترخيص في مزاولة مهنة الدلالة بما لا يزيد على خمسة جنيهات ورسوم التجديد بما لا يجاوز جنيهين سنوياً".
وتنص المادة الخامسة من ذات القانون على أن "تسري أحكام هذا القانون على محافظتي القاهرة والإسكندرية ويجوز أن تسري بقرار من وزير التجارة والصناعة على أية مدينة أخرى....".
كما تنص المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 والقانون رقم 145 لسنة 1988 على أن "تتولى وحدات الإدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى إنشاءها وإدارتها الوحدات الأخرى للإدارة المحلية، كما تبين اللائحة ما تباشره كل من المحافظات وباقي الوحدات من الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة وتباشر المحافظات جميع الاختصاصات المتعلقة بالمرافق العامة التي لا تختص بها الوحدات المحلية الأخرى" وتنص المادة (27) من ذات القانون السابق على أن "يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاصات وحدات الإدارة المحلية وفقاً لأحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح ويكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة والمرافق المحلية وتكون للمحافظة السلطة المقررة للوزير بالنسبة للقرارات الصادرة من مجالس إدارات الهيئات العامة التي تتولى مرافق عامة للخدمات في نطاق المحافظة، ويتولى الإشراف على المرافق القومية بدائرة المحافظة وكذلك جميع فروع الوزارات التي تنقل اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية فيما عدا الهيئات القضائية والجهات المعاونة لها وذلك بإبداء الملاحظات واقتراح الحلول اللازمة في شأن الإنتاج وحسن الأداء كما يتولى بالنسبة لجميع المرافق اتخاذ التدابير الملائمة لحماية أمنها.
وتنص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض في الاختصاصات على أنه "للوزراء ومن في حكمهم أن يعهدوا ببعض الاختصاصات المخولة لهم بموجب التشريعات إلى المحافظين أو وكلاء الوزارات أو رؤساء ومديري المصالح والإدارات العامة أو رؤساء الهيئات أو المؤسسات العامة التابعة لهم أو لغيرهم بعد الاتفاق مع الوزير المختص" وقد صدر قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 63 لسنة 1972 بشأن تفويض المحافظين في بعض الاختصاصات، وبعد أن أشار القرار في ديباجته إلى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 سالف البيان وإلى قانون الحكم المحلي رقم 57 لسنة 1971 نص في مادته الثانية على أن "يفوض السادة المحافظون في مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير التموين والتجارة الداخلية بموجب أحكام القوانين المشار إليها والموضحة فيما يلي: أولاً... ثانياً:.... ثالثاً: القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن أسواق الجملة:
1) تعيين الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون على أن يتم إنشاء أسواق وسواحل تجارة الحبوب بالجملة وفقاً للخطة التي تضعها الوزارة.
2) تحديد الأصناف التي تسري عليها أحكام القانون داخل المحافظة.
3) وضع القواعد المنظمة.
أ} الأحكام والشروط الخاصة بشغل المساحات في الأماكن المشار إليها في البند "1".
ب} التدابير الخاصة بنظام العمل.
ج} التدابير اللازمة للمحافظة على النظام والصحة العامة.
د} رسوم شغل المساحات والترخيص في التعامل والوزن والعد ومزاولة مهنة الدلالة وفقاً لأحكام البند (3) من المادة الثانية من القانون المشار إليه.
4) غلق المحال وإزالة أسباب المخالفة أو إلغاء الترخيص في التعامل.
5) جواز إسناد إنشاء وإدارة الأسواق إلى الغرف التجارية والصناعية والجمعيات التعاونية.
وبتاريخ 19/ 3/ 1974 صدر قرار محافظ القاهرة رقم 122 لسنة 1974 ونص في مادته (1) على أن "يخصص للتعامل بالجملة في الخضر والفاكهة بمحافظة القاهرة سوقاً روض الفرج وأثر النبي - المبينة حدودهما على الخرائط المرافقة لهذا القرار، ويخصص للتعامل بالجملة في الحبوب المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم 68 لسنة 1949 في محافظة القاهرة ساحلاً روض الفرج وأثر النبي المبينة حدودهما على الخرائط المرافقة لهذا القرار" وتنص المادة (3) من القرار على أن "ينشأ بكل سوق من الأسواق والسواحل المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار لجنة تسمى (لجنة السوق) تشكل على النحو التالي......" وتنص المادة (4) من القرار على أن "تختص لجنة السوق بما يلي:
أ}........ ب}........ ج}........ د}........ هـ}........
و} فحص طلبات تجديد تراخيص التعامل أو شغل الأماكن في الأسواق المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار وإبداء الرأي فيها. ز}......... ح}.........
وتنص المادة (11) من القرار على أنه "لا يجوز التعامل في أسواق الجملة المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار أو شغل مكان أو محل أو مساحة داخلها إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الإدارة العامة للأسواق والسواحل وفقاً للإجراءات المبينة في هذا القرار وأداء الرسم" وتنص المادة (27) من القرار على أن "الترخيص في التعامل وأسواق الجملة أو في شغل الأماكن أو المحال أو المساحات فيها يكون شخصياً ولمدة سنة قابلة للتجديد ولا يجوز لمن صدر الترخيص باسمه التنازل عنه كلياً أو جزئياً" وتنص المادة (32) على أنه "على المرخص له بشغل مكان أو محل أو مساحة في أسواق الجملة أن يقدم طلباً بالتجديد لمدة سنة أخرى قبل نهاية مدة الترخيص المنصرف له بشهرين على الأقل إذا كان يرغب في التجديد".
ومن حيث إن نعي المطعون ضدهم (المدعون) على هذا القرار بأنه أغفل استطلاع رأي لجنة السوق على النحو الذي أوجبته المادة الرابعة فقرة (و) من قرار محافظ القاهرة رقم 122 لسنة 1974 باعتبارها ضمانة شكلية أساسية للتجارة في سوقي روض الفرج وغمرة. ولما كان اختصاص اللجنة المشار إليها - بل القرار ذاته رقم 122 لسنة 1974 الذي تستمد اللجنة وجودها من نصوصه - إنما يقوم حيث تقوم الأسواق المشار إلها، وحيث صدر هذا القرار ليطبق عليهما على وجه التحديد، ومن ثم فإنه بإلغاء هذين السوقين من السلطة المختصة فإنه ينتهي العمل بنصوص القرار المشار إليه ويزول باختصاص اللجنة سالفة الذكر فضلاً عن أنه - وفي مقام الجدل الفرضي - فإنه ليس من بين اختصاصات تلك اللجنة إبداء الرأي في نقل السوق من عدمه بل أن ذلك لا يدخل أصلاً في اختصاصات اللجنة ومن ثم ينهار ما سبق في هذا الصدد طعناً على القرار لانعدام أي سند قانوني له.
ومن حيث إنه استناداً على المرسوم بقانون رقم 115 لسنة 1931 فقد صدر قرار وزير المالية وخصص للتعامل بالجملة في الخضر والفاكهة السوق الواقعة بحي المدبولي بالقاهرة، كما صدر قرار وزير الصناعة رقم (1) لسنة 1935 في 24/ 10/ 1935 بتخصيص السوق الواقعة بساحل أثر النبي للتعامل بالجملة في الخضر والفاكهة، وبتاريخ 23/ 11/ 1946 صدر قرار وزير التجارة والصناعة بشأن السوق الجديد للخضر والفاكهة بروض الفرج حيث تضمن في ديباجته "بمناسبة افتتاح السوق الجديد للخضر والفاكهة بروض الفرج والشروع في توزيع محالها... يرخص للتجار الحاليين بسوق المدبولي بمساحات تتناسب مع اتساع تجارة كل منهم، وبتاريخ 23/ 7/ 1947 صدر قرار وزير التجارة والصناعة ناصاً في مادته الأولى على أنه" خصص للتعامل بالجملة في الخضر والفاكهة بمحافظة القاهرة سوقا روض الفرج وأثر النبي. ثم بتاريخ 3/ 5/ 1949 صدر القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة سالف البيان ومن ثم يكون سوق روض الفرج قد أنشأ بديلاً لسوق المدبولي ونقل إليه نشاط تجارة الخضر والفاكهة بالجملة، ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أن الإدارة انتهت بما سلف وبمراعاة من تطور ظروف الحياة واتساعها وزيادة السكان وكثرة حركتهم ومطالبتهم على كثرتها وتنوعها وبعد استيعاب تلك الظروف، وفي إطار مشروع إعادة التخطيط الإقليمي الحضري للقاهرة الكبرى - وبالنظر إلى ما أصبح يشكله وجود أسواق تجارة الجملة - ومنها سوقي روض الفرج وغمرة - داخل عاصمة البلاد من أضرار تتعلق بالنواحي الصحية والأمنية والمرورية نتيجة ما طرأ من ظروف ومتغيرات اجتماعية واقتصادية وتزايد عدد سكان العاصمة بشكل كبير، وبما لم تعد معه مواقعها وحالتها وإمكانياتها ملازمة لظروف العصر بحيث أصبحت الحاجة ملحه لنقلها خارج العاصمة، فقد قامت جهة الإدارة في هذا السبيل بإجراء دراساتها منذ عام 1980 حيث أسندت الدراسة التخطيطية (المرحلة قبل النهائية) لسوق القاهرة الكبرى بتاريخ 30/ 10/ 1980 لمجموعة الشركات الفرنسية (تيساروجا) من أهداف الدراسة كما جاء بكتاب وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 130 في 10/ 10/ 1984 إلى محافظ القاهرة، تحليل الوضع الحالي لأسواق الجملة بالقاهرة الكبرى وتقديم الاقتراحات لإنشاء أسواق جملة شاملة (للخضر والفاكهة والأسماك) خارج المدينة بقيام الأساليب الحديثة للتخزين والتبريد ليحقق وفراً في الفاقد (الذي يصل حالياً إلى 30% من الخضر والفاكهة) ويهيئ الظروف المناسبة لتسويق المنتجات بما يعود بالنفع على المنتجين وتجار الجملة والتجزئة والمستهلكين ويحد من عمليات الوساطة في وصول هذه السلع بين المنتج والمستهلك وسهولة توزيع المواد الغذائية تحقيقاً لسيادة الأمن الغذائي ورفع المعاناة عن الجماهير.
وقد تتابعت بعد ذلك الدراسات المتخصصة في هذا المجال والتي أسفرت عن احتياج إقليم القاهرة الكبرى إلى ثلاثة أسواق لتجارة الجملة (تقرير اللجنة الدائمة لمشروع أسواق الجملة بإقليم القاهرة الكبرى في 18/ 8/ 1985 (كتاب وزير التعمير في يوليو 1990 إلى محافظ القاهرة من حافظة مستندات الحكومة) وهي 1) سوق جملة لخدمة سكان منطقة شمال شرق القاهرة الكبرى ليتعامل في (2) مليون طن سنوياً من الخضر والفاكهة، وقد اختير موقعه بمنطقة مدينة العبور عند الكيلو (25) طريق القاهرة/ الإسماعيلية الصحراوي وعلى مساحة 250 فدان ليحل محل سوق روض الفرج وسوق السمك بغمرة.
2) سوق جملة لخدمة سكان منطقة جنوب غرب القاهرة الكبرى ليتعامل مع مليون طن سنوياً من الخضر والفاكهة، وقد اختير موقعه بمدينة 6 أكتوبر على مساحة 150 فدان ليحل محل سوق ساقية مكي.
3) سوق جملة لخدمة سكان منطقة جنوب القاهرة الكبرى ليتعامل في مليون طن سنوياً من الخضر والفاكهة وقد اختير موقعه بمدينة 15 مايو ليحل محل سوق أثر النبي، وبعد إذ تم الانتهاء من إنشاء السوق الأول (سوق العبور) وفقاً للخطة الموضوعة سلفاً في شأن إحلال الأسواق الجديدة محل الأسواق القديمة كل حسب تعامله فيها استناداً إلى ما أسفرت عنه الدراسات المتخصصة فقد أصدر القرار المطعون فيه رقم 64 لسنة 1992 بإلغاء سوقي روض الفرج وغمرة والشلايش على النحو الوارد بالقرار وذلك مراعاة من الإدارة للناحية الصحية لسائر المواطنين ومن بينهم القاطنين بعاصمتها وكذا حفظاً على أمن ومظهر العاصمة وقواعد المرور فيها وتوفيراً للهدوء، وذلك بقصد تلافي العيوب التي ثبت لدى الجهة الإدارية المختصة بناء على ما أجرى من دراسات وبحوث فنية وعلمية في هذا الموضوع قام بها المتخصصون في هذا الشأن واستغرقت منهم عدة سنوات، لجأوا خلالها إلى كافة الوزارات المتصلة بالموضوع مستلهمين منها الرأي والمشورة كما عقدوا في هذا الخصوص اجتماعات عديدة حضرها عدد من التجار الذين يزاولون نشاطهم في سوقي روض الفرج وغمرة ومنهم بعض المطعون ضدهم أنفسهم حتى يدرس مطالبهم ليتوفر لهم أنسب الظروف لمزاولتهم لنشاطهم بالسوق الجديدة بل أن جهة الإدارة المختصة حينما أتمت العمل بهذا السوق أعطتهم طبقاً لصريح نص القرار المطعون فيه أحقيه في شغل الأماكن بالسوق الجديد بمجرد طلبهم لذلك دون أية سلطة تقديرية من الجهة الإدارية في المنح أو المنع بشرط استيفائهم الشروط الخاصة بالسوق الجديد وكل ذلك قد تقرر بعد أن تبين للجهة الإدارية أن سوقي روض الفرج وغمرة أصبحا لا يصلحان من النواحي الصحية والمرورية والأمنية وتأكدت لديها الحاجة إلى نقلهما إلى مكان أرحب وأوسع وبعد أن كانت قد بدأت من وقت طويل وبصورة علنية ومطروحة في إنشاء سوق العبور وفق خطة متكاملة لإنشاء ثلاث أسواق حسبما سبق البيان، ومن ثم يكون قد قامت الحالة الواقعية لدى جهة الإدارة التي وضعت نفسها في أفضل الظروف اللازمة علمياً وفنياً وإدارياً لإجراء التقدير الموضوعي على أساس عناصر لها أصول ثابتة بالأوراق وما حوته من تقارير وأبحاث علمية وفنية وإدارية أعدت من قبل المتخصصين في هذا الشأن ومن ثم فقد صدر القرار المطعون فيه بإلغاء السوق القديم لبدأ العمل بالسوق الجديد وهذا القرار الذي لم يصدر بحسب الثابت من ظاهر الأوراق تحايلاً أو تحاملاً بل بني على دراسات موضوعية وأسس علمية وفنية بعيدة عن أي قصد أو إهمال يؤدي على الأضرار بمصالح شاغلي سوقي روض الفرج وغمرة، الأمر الذي يبين منه أن القرار الطعين قد قام بحسب الظاهر من الأوراق - على صحيح سببه من القانون مما استظهرته الإدارة من عدم صلاحية سوقي روض الفرج وغمرة واستمساكاً منها بتحقيق غايات مردها إلى الصالح العام في مفهومه الأعم والأشمل متمثلاً في تحقيق الأمن والهدوء والسكينة والنظام المروري الأمثل والصحة العامة لهذا الجزء من مناطق العاصمة فضلاً عن توفير أعباء النقل وتكاليف الفاقد والضائع في السلع التي يتم التعامل فيها في السوق وغير ذلك من المزايا الاقتصادية التي تضمنتها التقارير المودعة بملف الطعون.
ومن حيث إنه قد تضمن القرار الطعين رقم 64 لسنة 1992 النص على إلغاء تراخيص مزاولة النشاط للتجارة في سوقي روض الفرج وغمرة وتراخيص مزاولة النشاط بالشلايش المحددة في المادة الثانية من هذا القرار، ولما كان المستقر قضاء هذه المحكمة أن الترخيص تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه، وهو تصرف مؤقت بحكم كونه لا يرتب حقاً ثابتاً كحق الملكية، بل يخول المرخص له مركز قانوني مؤقت يرتبط حقه في التمتع به وجوداً وعدماً بأوضاع وظروف وشروط وقيود يترتب على تغييرها أو انقضائها أو الإخلال بها أو مخالفتها جواز تعديل أوصاف هذا الترخيص أو سقوط الحق فيه بتخلف شرط الصلاحية للاستمرار في الانتفاع به أو زوال سبب منحه أو انقضاء الأجل المحدد له، أو تطلب المصلحة العامة إنهائه وهو بهذا يفترق الترخيص عن القرار الإداري، الذي يكتسب حصانة عامة، ولو كان خاطئاً، حصانة معصومة من السحب أو الإلغاء متى صار نهائياً بمضي وقت معلوم واستقر به مركز قانوني أصبح غير جائز الرجوع فيه أو المساس به.
وكذلك فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه إذا كان المال العام قد أعد بطبيعته لينتفع به الأفراد انتفاعاً خاصاً بصفة مستقرة وبشروط معينة - فإن الترخيص به يتم من الجهة الإدارية المنوط بها الإشراف على المال العام ويحكم الترخيص في هذه الحالة الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع وهي ترتب حقوقاً للمنتفع على المال العام تختلف في مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقررة عليه في نطاق الغاية المحددة من الترخيص بأن يقوم المنتفع بالوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقه وتلتزم الإدارة باحترام حقوق المرخص له في الانتفاع وذلك ما لم تقم اعتبارات من المصلحة العامة تقتضي إنهاء تخصيص المال لهذا النوع من الانتفاع ودون إخلال بها للجهة الإدارية من حقوق في اتخاذ الإجراءات التي تجدها كفيلة لصيانة الأمن والنظام في أي وقت ولو تعارض ذلك مع المصلحة الشخصية للمنتفعين، وحيث إن الثابت من ظاهر الأوراق أن إلغاء التراخيص المذكورة بالقرار رقم 64 لسنة 1992 سواء في مادته الأولى أو مادته الثانية إنما كان مرده إلى إلغاء سوقي روض الفرج وغمرة وهو مكان ممارسة النشاط الوارد بالترخيص وهو ما تملكه جهة الإدارة استناداً إلى سلطة محافظ القاهرة المستمدة من التفويض الوارد بقرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 63 لسنة 1972 في تحديد الأماكن التي يسمح فيها بإنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك للتعامل في الجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القرار وعلى ذلك فإن تمسك المطعون ضدهم بالتراخيص الصادرة لهم، وبإلغاء القرارات السلبية بعدم تحديد تلك التراخيص يغدو استمساكاً غير مجد نتيجة لإلغاء السوقين المذكورين وحظر ممارسة النشاط التجاري بالجملة في مكان هذين السوقين بعد إلغائهما ومن ثم فإنه يلغى حتماً وبالتالي الترخيص لأي فرد يمثل هذا النشاط لورود الترخيص على غير محل بعد إلغاء الأسواق قانوناً.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار رقم 64 لسنة 1992 قد تكاملت كافة مقومات وجوده وأركانه من حيث الشكل واختصاص مصدره والسبب والمحل والغاية وكان لهذه الأركان أصلها الثابت من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك القول من المطعون ضدهم بأن سوق غمرة للسمك ليس سوقاً بالمعنى القانوني وأنه محكوم بقواعد القانون الخاص ومن بينها أنه لا يجوز للمؤجر أن يأتي بما من شأنه الإخلال بانتفاع المستأجر، ذلك أن القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة قد أناطت نصوصه بوزير التموين والتجارة الداخلية تفويض محافظ القاهرة في تحديد أماكن إنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك. فالسوق كمرفق عام طبقاً لقانون تجارة الجملة سالف الذكر ليس سوى مكان محدد مرخص فيه بالأداة القانونية الصحيحة بمباشرة نشاط تجارة الجملة وذلك بصرف النظر عن ملكية هذا المكان لجهة عامة أو لأفراد إذ أن العلاقة التي تقوم بين من يرخص لهم بأماكن داخل السوق ومالك المكان لا تغير من طبيعة السوق ولا من طبيعة الترخيص الصادر في هذا الشأن كما لا يجدي المطعون ضدهم التمسك بأن المقابل المقرر لشغل الأماكن في سوق العبور يعد مقابلاً باهظاً بالمقارنة بالمقابل الذي كان يدفع في سوقي روض الفرج وغمرة أو ما ذكر من أن سوق العبور مكان استثماري قد دفع إليه المطعون ضدهم دفعاً جبراً عنهم لتحقيق مكاسب مالية - فكل ذلك يخرج عن محل الطعون الماثلة والذي يتحدد في بحث مشروعية القرار المطعون عليه فضلاً عن أن القرار المطعون عليه صدر تاركاً حرية ممارسة النشاط لمن يرغب من تجار سوقي روض الفرج وغمرة متى تقدموا لشغل أماكن فيه وفقاً للتنظيم المطبق به، كما ورد بالقرار ترك مهلة زمنية لمن يرغب منهم في التقدم للترخيص بالسوق الحديد البديل عن سوقي غمرة وروض الفرج اللذين صدر القرار الطعين بإلغائهما.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - حسبما سلف البيان على أنه ليس لمحاكم مجلس الدولة بسط رقابتها التي أناطها بها الدستور في المادة (172) منه ونظمها قانون تنظيم مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 على ما يخرج عن رقابة المشروعية التي تقوم أساساً على مراقبة أي قرار أو تصرف إداري وفقاً لما يقضي به أحكام الدستور والقوانين واللوائح التنظيمية التي يخضع لها وبالتالي فلا يدخل أساساً في رقابة المشروعية المنوطة بمحاكم مجلس الدولة والتي تباشرها في ولاية وقف التنفيذ والإلغاء للقرارات الإدارية رقابة فحص تقدير واختيار السياسات الإدارية والتنفيذية ملاءمات الاختيار بينها، والموازنة بين المنافع والأضرار التي تترتب على قرار إداري معين من حيث الواقع وحسب تقدير المحكمة ومن حيث إن ما ذهب إليه المطعون ضدهم (المدعون) من أنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على مراقبة ما يخرج على نطاق المشروعية، ويدخل في مجال رقابة الملاءمة المتعلقة باختيار البدائل في السياسات الإدارية، ورقابة التقدير الذي تباشره الإدارة من خلال الموازنة بين المنافع والأضرار التي تترتب على قرار معين إلخ، لا يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون إذ فضلاً عما سلف ذكره وبيانه في هذا الشأن، فإنه ليس صحيحاً استنادهم إلى قضاء هذه المحكمة من رقابة محاكم مجلس الدولة للقرارات التأديبية من حيث الغلو في توقيع الجزاء التأديبي عند تحققها من عدم تناسبه مع الجريمة التأديبية أو ما قضت به هذه المحكمة في الطعنين رقمي 1875، 1914 لسنة 31 ق الصادر بجلسة 9/ 3/ 1991 للزعم بأن قضاء مجلس الدولة قد استقر على تطبيق نظرية الموازنة بين المنافع والأضرار - وذلك لأن مبدأ الغلو في توقيع الجزاء التأديبي يجد سنده القانوني الطبيعي في النصوص التأديبية بأنظمة العاملين المدنيين بالدولة وبالقطاع العام وبالأنظمة الخاصة، حيث تتدرج هذه النصوص في تحديد العقوبة التأديبية بالنص التشريعي ذاته بما يحتم على جهة الإدارة بمقتضى هذه النصوص ووفقاً لمبادئ حسن الإدارة بما تفرضه طبيعة المرافق العامة وسيرها بانتظام واضطراد إذ تراعي التناسب بين الجريمة التأديبية والجزاء التأديبي حتى لا تخرج عن الغاية المشروعة من القرار التأديبي وهو تحقيق الردع والزجر الذي يسهم في حسن تسيير المرافق العامة وانتظامها وهذا بذاته يدخل في صميم رقابة المشروعية التي تزن القرار التأديبي بميزان القانون وتحقق التزامه غايته الوحيدة المشروعة وهو حسن سير وانتظام المرافق العامة، وسلامة أداء العاملين لواجباتهم دون تسبب أو إحجام وخوف يرتبه الغلو في شدة الجزاء غير المتناسب مع عدم جسامة الفعل التأديبي أو بساطة وتفاهة الجزاء الذي لا يتناسب مع خطورة الجريمة التأديبية كما أن ما قضت به المحكمة في الطعنين آنفي الذكر بجلسة 9 من مارس سنة 1993 لا يقوم على موازنة الأضرار بالمنافع بالنسبة للقرار الإداري محل النزاع مما يدخل في الملائمات الإدارية التي تتحمل مسئوليتها الإدارة التنفيذية العاملة جنائياً وتأديبياً ومدنياً وسياسياً كما سلف البيان، وإنما يقوم على حتمية التزام جهة الإدارة التنفيذية بمشروعية التدرج الذي حددته نصوص الدستور والقوانين المختلفة للمصالح العامة حيث معلوماً للنص الصريح في مواد الدستور حماية الأمن القومي، والأمن العام والسلام الاجتماعي على غير ذلك من المصالح العامة الأخرى المشروعة، الأقل أهمية وحيث يكون التعارض واضحاً وظاهراً بين مصلحة أعلى نص عليها الدستور والقانون ومصلحة أدنى منها مرتبة تعين على أساس رقابة المشروعية إعلاء للمصلحة الأعلى على الأدنى منها ما دام محققاً وثابتاً هذا التعارض والتناقض وهذه الرقابة تربط الحكم المذكور أساساً بنصوص الدستور والقانون باعتبارها رقابة مشروعية يفرضها التدرج الذي حدده الدستور أساساً في المصالح العامة ومن ثم فإنه لا يجدي المطعون ضدهم التحدي بالأحكام الخاصة بالغلو أو بتدرج المصالح العامة وغلو الصالح القومي الأسمى على ما هو أدنى منها عند تعارضها للزعم بتطبيق محاكم مجلس الدولة المصري لمبدأ موازنة المنافع والأضرار في رقابة القرارات الإدارية.
ومن حيث إنه قد أقام الحكمان المطعون فيهما قضاءهما على اعتبارهما ترجيح بقاء سوقي روض الفرج وغمرة مع سوق العبور رغم صدور القرار المطعون فيه بإلغاء سوقي روض الفرج وغمرة، ورغم أن الدراسات التي تمت بشأن إنشاء أسواق بالقاهرة قد حددت سوق العبور بديلاً لهذين السوقين - وقد ذهب الحكمان المطعون فيهما إلى القضاء بإبقاء السوقين اللذين تقرر بقاؤهما باعتبار أن ذلك أفضل الحلول التي رأتها المحكمة بشأن موضوع النزاع مع تسليم الحكمين في ذات الوقت لسلامة الأسباب التي استندت إليها الإدارة في إصدار القرار الطعين بإلغاء السوقين وهي عدم صلاحيتهما صحياً وأمنياً ومرورياً وتسببهما بحالتهما في فاقد وضائع في السلع التي يتم التعامل عليها وأنه قد تم إنشاء سوق العبور بديلاً لهما على نحو يمثل تقدماً ونقلة حضارية كبيرة ودون أن يرتب الحكمان على هذه المقدمات النتيجة المنطقية والقانونية الحتمية لها وهي قيام القرار الطعين على صحيح سببه على النحو السالف بيانه.
ولما كان ما ذهب إليه الحكمان المطعون فيهما في هذا الشأن يدخل في صحيح السلطة التقديرية لجهة الإدارة التنفيذية العاملة تباشرها على مسئوليتها السياسية والجنائية والمدنية والتأديبية دون ما رقابة من محاكم مجلس الدولة ما دام قد خلا تصرفها من إساءة استخدام السلطة.
ومن حيث إن الحكمين محل هذه الطعون قد ذهبا غير هذا المذهب وصدرا بالمخالفة لصحيح أحكام القانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائهما، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ القاهرة رقم 64 لسنة 1992 المطعون عليه.
ومن حيث إنه من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها تطبيقاً لأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بعدم الاعتداد بالطلبات المقدمة من المطعون ضدهم كطلبات رد لبعض أعضاء المحكمة أو لهيئة المحكمة مجتمعة.
ثانياً: بقبول تدخل كل من/ عبد الجواد محمد عبد الجواد، عبد الرحمن محمد موسى، محمد طلبة محمد، حنفي أحمد زهران، الجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد بدمياط والجمعية التعاونية لأصحاب سفن الصيد ببور سعيد في الطعون أرقام 1233، 1242، 1243 لسنة 38 قضائية عليا، وبقبول هذه الطعون شكلاً.
ثالثاً: بعدم قبول الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي.
رابعاً: بإلغاء الحكمين المطعون عليهما وبرفض طلب وقف تنفيذ قرار محافظ القاهرة رقم 64 لسنة 1992 المطعون عليه وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات.


 (1)يتضمن الحكم عدة مبادئ قانونية مستقرة وهي:
1 - سلطة المحكمة في تقدير طلب الرد.
2 - شروط التدخل الانضمامي.
3 - شروط الدفع بعدم الدستورية.
4 - حدود رقابة القضاء الإداري على تصرفات جهة الإدارة.
5 - شروط وقف تنفيذ القرار الإداري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق