الصفحات

الخميس، 30 سبتمبر 2021

الطعن 29006 لسنة 59 ق جلسة 4 / 10 / 1990 مكتب فني 41 ق 154 ص 882

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد ومحمد حسام الدين الغرباني (نواب رئيس المحكمة) ومحمد طلعت الرفاعي.

-------------------

(154)
الطعن رقم 29006 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم إذا أقيم على ماله أصل ثابت في الأوراق ولم يخرج بالدليل عن فحواه.
 (2)اختلاس. تزوير "تزوير في محررات رسمية". إثبات "بوجه عام". "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في استنباط الحقيقة من اعتراف المتهم دون التزام بنصه وظاهره.
 (3)اختلاس. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تحقيق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات. متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي بسبب وظيفته.
اعتبار التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف. متى كان مأموراً به من رؤسائه. ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله.
 (4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

----------------
1 - لما كان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود بشأن المبالغ والمستندات موضوع جريمتي الاختلاس والتزوير له معينه الصحيح من أقوالهم في التحقيق الابتدائي ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد.
2 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها.
3 - من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات والتي دين الطاعن بارتكابها تتحقق متى كان المال المختلس مسلما إلى الموظف العمومي بسبب وظيفته، ويعتبر التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأمورا به من رؤسائه، ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته.
4 - لما كان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة بدعوى أنه كان يسلم مبالغ المكافآت والكشوف الخاصة بها إلى رئيسه مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - بصفته موظفا عموميا (سكرتير إدارة البحث الجنائي للشئون المالية والإدارية بمديرية أمن.....) اختلس مكافآت وحوافز إنتاج عمال تنفيذ الأحكام العاملين بالمراكز والأقسام التابعة لدائرة نيابة.......... الكلية المبالغ قيمتها 3110 جنيه، 117 مليم والتي وجدت في حيازة بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبي الصرف وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجريمة ارتباطا لا يقبل التجزئة بجريمة تزوير في محررات رسمية هي استمارات صرف تلك المكافآت والحوافز بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة استلام العاملين في مجال تنفيذ الأحكام المبينة أسمائهم بتلك الاستمارات لمستحقاتهم ووضع عليها توقيعات غير صحيحة نسبها زوراً إليهم على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بقنا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 أ، ب، 118، 18 مكرراً، 119/ أ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 3110 جنيه، 177 مليم وبإلزامه برد مبلغ 3110 جنيه، 177 مليم وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس المرتبطة بجريمة التزوير في محررات رسمية قد شابه الخطأ في الإسناد وفى تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك بأنه أسند للطاعن - على خلاف الحقيقة - أنه اعترف في التحقيقات بجميع الوقائع المنسوبة إليه وحصل أقوال الشهود على صورة مجملة نسب فيها إلى كل من عمال التنفيذ..... و...... و...... و........ و....... و....... القول بأنهم لم يتسلموا أية مكافآت في حين جرت أقوال كل منهم بأنه تسلم بعضاً منها كما نسب إلى....... أنه أنكر التوقيع على استمارات الصرف بينما هو لم يقرر بذلك وقد أدى به هذا الخطأ إلى احتساب المبالغ التي سلمت لهؤلاء الشهود في مبلغ الغرامة وما قضى برده، كما اعتبر الحكم أن المبلغ المختلس قد دخل بين يدى الطاعن بسبب وظيفته لمجرد تكليفه بإجراءات صرفه من قبل رؤسائه رغم أن هذا التكليف جرى على خلاف ما توجبه التعليمات من إسناد ذلك العمل إلى الضابط دون غيرهم من أمثال الطاعن من الموظفين المدنيين، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه التفت - دون ردً - عما تمسك به الطاعن من أنه سلم المبالغ المنسوب إليه اختلاسها إلى رئيسه لتوزيعها على مستحقيها وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن وقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن كان يعمل سكرتيراً ومندوباً للصرف لإدارة البحث الجنائي بمديرية أمن.......، وكان يتسلم - بهذه الصفة - مبالغ المكافآت التي ترد إلى تلك الإدارة من إدارة النيابات بالقاهرة ليقوم بتوزيعها على مستحقيها من عمال تنفيذ العقوبات الجنائية بدائرة محافظة...... بموجب استمارات وكشوف أعدت لإثبات ذلك, فعمد إلى اختلاس تلك المبالغ لنفسه ووضع على كشوف التوزيع توقيعات نسبها زوراً لعمال التنفيذ أرباب الاستحقاق كما وضع على بعض مستندات الصرف توقيعات مزورة نسبتها إلى رؤسائه. وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مؤدية إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان البين من مراجعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها - تحقيقاً لا وجه الطعن - أن ما أقر به عدد من الشهود من أنهم تسلموا بعض مبالغ المكافآت وما قرره الشاهد........ من صحة توقيعه على أحد الكشوف كل ذلك كان بصدد مكافآت جرى صرفها في وقت لاحق على الفترة التي دين الطاعن بمقارفة الاختلاس والتزوير في خلالها ولم تدخل في حساب المبلغ المختلس، وأما ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال هؤلاء الشهود بشأن المبالغ والمستندات موضوع جريمتي الاختلاس والتزوير فله معينه الصحيح من أقوالهم في التحقيق الابتدائي ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه حصَّل الدليل المستمد من اعتراف الطاعن بقوله: "وحيث إن المتهم إذ سئل في تحقيقات النيابة أنكر في بداية التحقيق ما أسند إليه دافعاً الاتهام بأن مدير إدارة البحث الجنائي كان يحصل منه قيمة الشيك لصرفه إلى مستحقيه ثم يعيد إلية الاستمارة موقعاً عليها وكان قد قال برواية أخرى في تحقيقات الشرطة ثم عاد اعتراف بجميع الوقائع المنسوبة إليه عند مواجهته في النيابة بما أسفر عنه تقرير أبحاث التزييف والتزوير". وكان الثابت من مراجعة المفردات أن إجابات الطاعن عند مواجهته في نهاية التحقيق الابتدائي بالنتيجة التي أسفر عنها تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي تؤدي - مع مجريات التحقيق - إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى التسليم بوقوع الفعل المسند إليه بما يجعل الحكم سليماً في نتيجته ومبنياً على فهم صحيح للواقعة، لأن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات والتي دين الطاعن بارتكابها تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي بسبب وظيفته، ويعتبر التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأمورا به من رؤسائه، ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته. وكان الطاعن لا يجادل فيما أثبته الحكم في حقه من أنه تسلم المال المختلس بصفته سكرتيراً لإدارة البحث الجنائي بمديرية أمن....... ومندوباً للصرف عن تلك الإدارة، ومن ثم فإن دفع الطاعن بأن تكليفه من رؤسائه بذلك العمل مخالف للتعليمات الإدارية يكون عديم الأثر في درء مسئوليته عن اختلاس ذلك المال ولا على الحكم إن هو التفت عن الرد عليه بحسبانه دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة بدعوى أنه كان يسلم مبالغ المكافآت والكشوف الخاصة بها إلى رئيسه مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق