الصفحات

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

الطعن 27 لسنة 45 ق جلسة 1 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 128 ص 651

جلسة أول مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.

----------------

(128)
الطعن رقم 27 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "الزواج". قانون "القانون الواجب التطبيق".
إبرام عقد الزواج. جوازه في الشكل الذي يقتضيه القانون الشخصي للزوجين أو قانون البلد الذي أبرم فيه. إثباته. خضوعه للقانون الذي يحكم الشكل.
 (2)إثبات "القانون الأجنبي". قانون.
القانون الأجنبي. واقعة مادية. وجوب إقامة الدليل عليه.
 (3)أحوال شخصية "الزواج. إثبات "الإقرار".
الإقرار. ماهيته. جواز اعتبار السكوت إقراراً ضمنياً بحصول الزواج. ليس للزوج نفي إقراره بعد ثبوته.
 (4)إثبات "الاستجواب".
طلب الخصم استجواب خصمه. عدم التزام المحكمة بإجابته متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(5) أحوال شخصية. إثبات.
الاعتقاد الديني. العبرة بظاهر اللسان. النطق بالشهادتين. كاف لاعتبار الشخصي مسلماً. شهر الإسلام على النموذج المخصص لذلك وثبوته. مجرد وسيلة تيسير الإثبات.

--------------
1 - للزوجين أن يبرما زواجهما في الشكل الذي يقتضيه قانونهما الشخصي، أو يبرما زواجهما في الشكل المقرر طبقاً لقانون البلد الذي عقد فيه، وإثبات الزواج يخضع للقانون الذي يحكم شكله.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه.
3 - الإقرار شرعاً هو إخبار الإنسان عند ثبوت حق لغيره على نفسه، وللسكوت في بعض المواقع يجعل الساكت مقراً بالحق بسكوته عنه كما يجعل المتكلم مقراً بالحق بكلامه وإن خالف القاعدة الفقهية القائلة لا ينسب لساكت قول، ومن بينها لو هنأ الناس الزوج بزواجه فسكت لزمه الزواج وليس له نفيه بعد أن أقر به لما كان ذلك فإن ما خلص إليه الحكم من إقرار ضمني صدر من المتوفى بحصول زواجه من المطعون عليها السادسة في سنة 1976 استقاه من مصاحبته لها إلى مجمع البحوث الإسلامية وتقريرها ذلك في مواجهته وقبوله له ليس فيه ما يعاب.
4 - وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابته إلى طلبه لأنه من الرخص المخول لها، فلا عليها إن هي التفتت عنه متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وفق المادة 108 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
5 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأقوال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وإن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً شرعياً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، وبالتالي فإنه لا مساغ لما يستوجبه الطاعن من شهر الإسلام على النموذج الذي قدمه وتوثيقه والتصديق عليه من الجهات الإدارية لأنها إنما يقصد بها مجرد تيسير الإثبات لمن يطلبه دون أن تخل بحرية العقيدة الدينية فتضفى عليها شكلية معينة أو تحول دون من يبتغى الإسلام ديناً ومن سلوك أية وسيلة أخرى يرى فيها غناء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 530 لسنة 1972 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهن الخمسة الأوليات وفي مواجهة المطعون عليهم من السابع إلى التاسع بصفاتهم - مؤسسة الطيران المصرية وبنك مصر ومكتب تأمينات مصر الجديدة - بطلب الحكم ببطلان الإشهار الشرعي المتضمن وفاة ووراثة المرحوم...... الصادر من محكمة الخليفة الجزئية بتاريخ 24/ 4/ 1971 في المادة رقم 145 لسنة 1971 وراثات وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 4/ 1971 توفى المرحوم..... في حادث انفجار بأحد الفنادق بمدينة بانكوك باليابان، وهو من ورثته بصفته ابن عمه الشقيق، وإذ تواطأت والدته - المطعون عليها الأولى - وأخوته الشقيقات - المطعون عليهن من الثانية إلى الخامسة - على حرمانه من الإرث واستصدرن إشهاراً شرعياً من محكمة الخليفة الجزئية بانحصار الإرث فيهن، واستطعن الحصول على كافة مستحقاته لدى المطعون عليهم من السابع إلى التاسع، فقد أقام الدعوى. تدخلت المطعون عليها السادسة استناداً إلى أنها زوجة للمتوفى منذ 23/ 2/ 1967 وأنها ترث فيه لاعتناقها دين الإسلام قبل وفاته وتستحق في تركته الريع فرضاً. أنكر المطعون عليهن الخمسة الأوليات على الطاعن صلة القرابة المدعاة، ووافقن على دعوى المطعون عليها السادسة من أنها زوجة للمتوفى وأنها تحجب الطاعن وتحرمه من الإرث كما يترتب على وجودها نقصان أنصبتهن، وطلبت المطعون عليها الأولى والثانية اعتبار الإشهار موضوع الدعوى باطلاً. وبتاريخ 18/ 3/ 1973 حكمت المحكمة (أولاً) بقبول تدخل المطعون عليها السادسة خصماً في الدعوى (ثانياً) بقبول الطلب العارض المقدم من المطعون عليها الأولى والثانية والحكم ببطلان الإشهار الشرعي الصادر من محكمة الخليفة الجزئية بتاريخ 24/ 4/ 1971 في المادة 145 لسنة 1971 وراثات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 58 لسنة 90 ق "أحوال شخصية" القاهرة، وبتاريخ 7/ 6/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان لا يكفي لقبول الطعن مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون خصماً حقيقياً وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو إليه طلبات، وكان المطعون عليهم من السابع إلى التاسع لم توجه إليهم طلبات ما، وكانت الخصومة في واقع الأمر معقودة بين الطاعن وبين من عداهم من المطعون عليهم، فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهم أمام محكمة النقض، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهن من الأولى إلى السادسة.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه على سند من القول بصحة زوجية المطعون عليها السادسة للمتوفى طبقاً للمستخرج الرسمي من وثيقة الزواج الحاصل في 23/ 2/ 1967 أمام قاضي محكمة بيروت الشرعية والمصدق عليه من الجهات المختصة في لبنان ومصر، والتي تأيدت بإقرار المتوفى الضمني لهذا الزواج من مصاحبته زوجته المطعون عليها السادسة إلى مجمع البحوث الإسلامية لاعتناقها الدين الإسلامي وتقريرها أنها مسلمة منذ زواجها به في 1967 طبقاً للشهادة الصادرة من المجمع في 17/ 10/ 1973، في حين أو وثيقة الزواج المقدمة ليست إلا صورة شمسية خالية من توقيع الزوج المتوفى مما حال بين الطاعن وبين إمكان الادعاء بتزويرها، والتصديق المنسوب لقاضي محكمة بيروت على هذه الوثيقة باطل، لأن المطعون عليها السادسة لم تعتنق الإسلام إلا في 17/ 10/ 1970 والقاضي الشرعي اللبناني لا يختص إلا بتوثيق عقود الزواج الصادرة بين المسلمين، كما أن هذا التصديق لم يحصل إلا في 29/ 7/ 1972 أي في تاريخ لاحق لوفاة المورث في 20/ 4/ 1971 بما يستحيل معه وجود الزوج أمام القاضي وقت التصديق، يؤيد ذلك أن الزوجة تحمل جواز سفر صدر من ليفربول بإنجلترا في 25/ 4/ 1967 الأمر الذي ينفي وجودها ببيروت في 23/ 2/ 1967 تاريخ زواج المدعي هذا إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجوب مناقشة المطعون عليها السادسة، مقرراً أنه لا يسلم بوجودها أو بأن المورث قد عقد عليها، أخذاً بمسلك والده - المتوفى وأخوته الشقيقات - المطعون عليهن الخمسة الأوليات - من استصدار إشهاد شرعي أغفلن فيه وجود الزوجة المدعاة مع أنه ليس معقولاً أن يخفي عليهن أمر زواجه؛ وتمكنهن بمقتضاه من الاستيلاء على كافة مستحقات المورث في مختلف الجهات الرسمية، وبأن كافة الأوراق الرسمية الخاصة بالطاعن تفيد أنه لم يكن متزوجاً، غير أن الحكم أغفل الاستجابة لهذا الطلب، رغم أن أوراق الدعوى خالية من أي اعتراف من المتوفى بهذا الزواج ولا يمكن القول بأن واقعة اصطحاب المورث للزوجة المزعومة إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بمثابة إقرار منه به. وبالإضافة إلى أن الشهادة المقدمة من المجمع المشار إليه باعتناق الزوجة الدين الإسلامي لا حجية لها، لأن الدولة وحدت الطريق الواجب الاتباع لمن يريد إشهار إسلامه وحتى يصبح اعتناقه إياه رسمياً وجعلته معقوداً بالتصديق عليه من مكاتب التوثيق ومديرية الأمن علاوة على أن الطاعن تقدم بشهادة من إدارة الجوازات والجنسية تفيد عدم حضور المطعون عليها السادسة إلى مصر للتدليل على عدم صدور التوكيل بالخصومة رقم 1280 لسنة 1972 جنوب القاهرة المنسوب إليها، مما يفيد أنه من صنع المطعون عليهن الخمسة الأوليات وأنهن أردن به حرمانه من حقه في الإرث وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الواقع في الدعوى أن المطعون عليها السادسة تدخلت أمام محكمة أول درجة تأسيساً على أنها زوجة المورث، والبين من تقريرات الحكم الابتدائي أنها بعد أن قدمت صورة شمسية لوثيقة زواجها منه قدمت أصلها بناء على طلب المحكمة وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بصحة الزوجية على ما استخلصه من أن الوثيقة المقدمة هي مستخرج رسمي من وثيقة الزواج المثبتة لزواج المتوفى منها أمام قاضي بيروت في 23/ 2/ 1967، فإن ما يزعمه الطاعن من أن الوثيقة المقدمة صورة شمسية وليست أصلاً وأنه لم يتمكن بالتالي من الادعاء بتزويرها لا تظاهره فيه الأوراق، خاصة وأن الحكم المطعون فيه أثبت أنه رغم تلويح الطاعن برغبته في الادعاء بالتزوير تردد بين الطعن على العقد المؤرخ 23/ 2/ 1967 وبين الطعن على الحكم المثبت للزواج، دون أن يسلك الطريق الذي رسمه القانون، فتكون محكمة الاستئناف في مطلق حقها بعد إذ لم تر فيما أبداه الطاعن ما يقنع باستعمال الرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات من القضاء برد الورقة وبطلانها - أن تنتهي إلى صحة وثيقة الزواج. لما كان ذلك وكان للزوجين أن يبرما زواجهما في الشكل الذي يقتضيه قانونهما الشخصي، أو يبرما زواجهما في الشكل المقرر طبقاً لقانون البلد الذي عقد فيه، وكان إثبات الزواج يخضع للقانون الذي يحكم شكلاً، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه، وكان الطاعن لم يبين النص في القانون اللبناني الذي يقصر اختصاص القاضي الشرعي على توثيق عقود زواج المسلمين دون غيرهم أو يدلل على سبق تمسكه أمام محكمة الموضوع بعدم إمكان وجود المطعون عليها السادسة في بيروت وقت عقد الزواج، بما لا يجوز له إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان الإقرار شرعاً هو إخبار الإنسان عند ثبوت حق لغيره على نفسه، وكان السكوت في بعض المواضع يجعل الساكت مقراً بالحق بسكوته عنه كما يجعل المتكلم مقراً بالحق بكلامه، وإن خالف القاعدة الفقهية القائلة ألا ينسب لساكت قول، ومن بينها لو هنأ الناس الزوج بزواجه فسكت لزمه الزواج وليس له نفيه بعد أن أقر به، فإن ما خلص إليه الحكم من إقرار ضمني صدر من المتوفى بحصول زواجه من المطعون عليها السادسة في سنة 1967 استقاه من مصاحبته لها إلى مجمع البحوث الإسلامية وتقريرها ذلك في مواجهته وقبوله له ليس فيه ما يعاب، ويكون ما يتذرع به الطاعن من مسلك والده المتوفى وأخوته وإغفالهن وجود الزوجة في البداية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقرير قاضي الدعوى للدليل لا يقبل أمام هذه المحكمة، كما أنه وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابته إلى طلبه، لأنه من الرخص المخولة لها، فلا عليها إن هي التفتت عنه متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وفق المادة 108 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968. لما كان ما سلف، وكان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأموال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وأن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً شرعاً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، فإنه لا مساغ لما يستوجبه الطاعن من شهر الإسلام على النموذج الذي قدمه وتوثيقه والتصديق عليه من الجهات الإدارية، لأنها إنما يقصد بها مجرد تيسير الإثبات لمن يطلبه دن أن تخل بحرية العقيدة الدينية فتضفى عليها شكلية معينة، أو تحول دون من يبتغي الإسلام ديناً وبين سلوك أية وسيلة أخرى يرى فيها غناء. وإذ كان الأصل أنه لا يسوغ التدخل بغير موجب في علاقة ذوي الشأن بوكلائهم إلا في صورة إنكار ذي الشأن لوكالة وكيله، وكانت الشهادة الصادرة من إدارة الجوازات والجنسية التي يستند إليها الطاعن للقول بعدم حضور المطعون عليها السادسة إلى جمهورية مصر في فترة صدور التوكيل بالخصومة عنها، تتناقض مع شهادة أخرى صادرة من ذات الإدارة تفيد قدومها إليها، فإنه لا يمكن نفي صدور التوكيل بالخصومة المشار إليه طالما أن المطعون عليها السادسة لم تنكره أو تجحده، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق