الصفحات

الثلاثاء، 6 يوليو 2021

الطعن 79 لسنة 15 ق جلسة 21 / 11 / 1946 مج عمر المدنية ج 5 ق 110 ص 248

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1946

برياسة حضرة جندي عبد الملك بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلى بك ومصطفى مرعى بك ومحمد صادق فهمى بك المستشارين.

-----------------

(110)
القضية رقم 79 سنة 15 القضائية

أ - شفعة.

استرداد الحصة المبيعة. الفوارق بينهما.
ب - استرداد الحصة المبيعة.

يجوز للشركاء في الإرث وللشركاء في غير الإرث. لا يجوز إلا في الحصة الشائعة في الملك المشترك كله، لا الحصة الشائعة في عين معينة من هذا الملك.
(المادة 462 مدنى)

----------------
1 - إن الشفعة والاسترداد وإن كانا متفقين في أن كلاً منهما يؤدى إلى نوع من الافتيات على حرية التبايع وإلى نزع الملك جبراً على مشتريه، فإنهما مع ذلك حقان متغايران من حيث المصدر والحكمة والسبب والمحل. ذلك بأن الشفعة مصدرها الشريعة الإسلامية، وحكمتها دفع ضرر شريك جديد أو جار طارئ، وسببها الموجب لها هو اتصال ملك الشفيع بالمبيع اتصال شركة أو جوار، ومحلها أن يكون المبيع عقاراً فلا شفعة في منقول (1). أما الاسترداد فمصدره القانون الفرنسي، وحكمته حفظ أسرار التركات وكف الأجانب عن النفاذ إليها وجعل الورثة في مأمن من دخيل يطرأ فيفسد عليهم محيطهم العائلي، وسببه الشركة في الإرث، ومحله أن يكون المبيع حصة أو جزءاً من حصة شائعة في التركة عامة منظوراً إليها كوحدة قانونية تنتظم كل ما يُقَوَّم بمال من الحقوق والواجبات.
2 - إن القانون المصري يسوى في حق الاسترداد بين الشركاء في الإرث والشركاء في غير الإرث، ولم يقصر - كما فعل القانون الفرنسي - هذا الحق على الشيوع الناشئ عن الإرث. على أن الحصة الشائعة التي يجيز نص المادة 462 مدنى استردادها هي الحصة الشائعة في مجموع (2) الملك المشترك كله لا الحصة الشائعة في عين معينة من هذا الملك (3).


الوقائع

في 2 من يونيه سنة 1941 أقامت الطاعنة أمام محكمة الزقازيق الكلية الدعوى رقم 214 سنة 1941 على الدكتور محمد عبده الحامولي والسيدة نفيسة عبده الحامولي وأحمد ومصطفى ومحمود ويونس وأولاد محمد بزان، وقالت في صحيفة افتتاحها إن الاثنين الأولين باعا للأربعة الأخيرين تسعة قراريط شائعة في قطعة أرض مساحتها ستة عشر قيراطاً من أرض عليها مباني عزبة معروفة بعزبة الحامولي بزمام غيته مركز بلبيس، ولما كانت الطاعنة مالكة لباقي العزبة المبيعة هي وأخوها الشيخ حسن عبد المطلب وكان من حقها بحكم أنها شريكة على الشيوع أن تشفع فهي تطلب الحكم لها بأحقيتها في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة مقابل ثمن قدره 151 جنيهاً مع ملحقاته أو مقابل الثمن الحقيقي الذى يثبت أن البيع تم على أساسه، مع حفظ حقها في أن تطلب بالشفعة أعياناً أخرى شملها البيع.
وفى جلسة 30 من يونيه سنة 1941 المعينة لنظر الدعوى طلب الحاضر عن المدعية التأجيل لتعديل الطلبات وإدخال خصوم، فأجيب إلى طلبه وأجلت الدعوى إلى جلسة 29 من سبتمبر سنة 1941. وفى 20 من الشهر المذكور أعلن محمد عبده الحامولي والسيدة نفيسة عبده الحامولي ومحمود بك أباظة وعبد العظيم بك أباظة وأحمد ومصطفى ومحمود يونس أولاد محمد بزان بصحيفة تعديل لطلبات الطاعنة جاء فيها أن البيع الذى أشارت إليه الطاعنة في صحيفة افتتاح دعواها قد صدر من محمود بك أباظة وعبد العظيم بك أباظة مع الدكتور محمد عبده الحامولي وأخته السيدة نفيسة الحامولي إلى أحمد ومصطفى ومحمود ويونس أولاد محمد بزان، وأن هذا البيع تناول أرضاً زراعية فضلاً عن الحصة الشائعة في العزبة التي ورد ذكرها في صحيفة افتتاح دعواها. وأنها، أي الطاعنة، لم تستطع الحصول على صورة من عقد البيع، وأنها لا تزال تجهل ما اتفق عليه المتبايعون، ولهذا فهي تطلب الشفعة في 282 فداناً بينتها بحدودها مقابل ثمنها الذى تقدره بمبلغ خمسة آلاف جنيه مع استعدادها لدفع الثمن الحقيقي. وأضافت الطاعنة إلى ذلك أنها تستحق أخذ الأعيان المبيعة بموجب الاسترداد المقرر في المادة 462 من القانون المدني فضلاً عن استحقاقها لها بموجب الشفعة. ولهذا فقد طلبت في ختام صحيفة تعديل الطلبات الحكم لها بأخذ الأعيان المبينة بالصحيفة المذكورة بثمن قدره خمسة آلاف جنيه أو بالثمن الحقيقي الذى يثبت أن البيع تم على أساسه استناداً إلى حقها في الشفعة وحقها في الاسترداد مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وفى جلسة 23 من فبراير سنة 1942 دفع الحاضر عن المشترين الدعوى بأن الطاعنة تعلم بالشراء منذ يوم وقوعه في 6 من يناير سنة 1941 وأنها أقامت دعواها بالشفعة في 2 من يونيه سنة 1941 طالبة جزءاً يسيراً من المبيع ولم تطلب الباقي إلا عندما عدلت طلباتها في 20 من سبتمبر سنة 1941، وعلى ذلك فان حقها في الشفعة إن لم يكن قد سقط بالعلم فان دعواها بهذا الحق تكون غير مقبولة لأنها طلبت بعض المبيع ولم تطلبه كله عند المواثبة، وهذا عيب في الدعوى لا يرفعه تصحيح الطلبات بعد أكثر من شهر من إعلان صحيفة افتتاحها.
وردت الطاعنة على هذا الدفاع بأنها وقت رفعها الدعوى كانت تجهل وقوع البيع الجهالة التي تحول دون سقوط حقها في الشفعة، وأنها إلى أن طلبت أخذ المبيع كله كانت تجهل شروط البيع.
وفى 11 من مايو سنة 1942 حكمت محكمة الزقازيق بإحالة الدعوى على التحقيق "ليثبت المشترون علم المدعية بالبيع ومقدار المبيع وشروط البيع والثمن الذى ذكر في العقد وتاريخ وقوع البيع وذلك بجميع طرق الإثبات بما فيها البينة، وللمدعية النفي بالطرق عينها". وبعد أن تم التحقيق حكمت المحكمة المذكورة في أول فبراير سنة 1943 برفض الدعوى وألزمت رافعتها (الطاعنة) بالمصاريف وبمبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب محاماة. وقد استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وطلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها التي وردت في صحيفة دعواها المعلنة في 2 من يونيه سنة 1941 وصحيفة تعديل الطلبات المعلنة في 20 من سبتمبر سنة 1941. وحال قيام الاستئناف توفى الدكتور محمد عبده الحامولي فأدخلت الطاعنة ورثته. وفى 26 من أبريل سنة 1945 قضت محكمة استئناف مصر بقبول الاستئناف شكلا وفى موضوعه بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وفى 12 من يونيه سنة 1945 طعنت الطاعنة بالنقض في هذا الحكم الخ. الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ نفى حقها في استرداد الحصة المبيعة في شائع أرض ومباني عزبة الحامولي قد أخذ برأي الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف الذى لا يجيز الاسترداد في حالة بيع حصة شائعة في عين معينة من أعيان مشتركة إلا إذا ترتب على البيع كشف أسرار الشيوع كشفاً يضار به سائر الملاك المشتاعين. وتقول الطاعنة إن هذا الرأي الذي رأته الدوائر المجتمعة وأخذه عنها الحكم المطعون فيه قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره: أولا - لأن الشارع إذ قرر في المادة 462 من القانون المدني حق الشريك في أن يسترد الحصة الشائعة التي باعها شريكه لم يفرق بين كون الحصة شائعة في كل الملك المشترك، وبين كونها شائعة في عين معينة من الملك المذكور. وهو في الحالة الثانية لم يفرق بين كون الحصة المبيعة مقدورة التسليم بغير حاجة إلى اطلاع المشترى على أسرار الشيوع وبين كونها غير مقدورة التسليم إلا باطلاع المشترى على هذه الأسرار، وبذلك يكون قد أطلق الحكم. وما جاء من أحكام الشارع مطلقاً وجب أخذه على إطلاقه وما يرد عليه من قيد أو تخصيص يكون باطلاً. ثانياً - لأن الضرر الذى أريد دفعه بتقرير حق الاسترداد، كالضرر الذى أريد دفعه بتقرير حق الشفعة، قد فرضه الشارع واعتبره واقعاً، فلا يجوز التعلل بنفيه لحرمان الشريك من حقه في الاسترداد، كما لا يجوز التعلل بنفيه لحرمان الشفيع من حقه في الشفعة. ثالثاً - لأن حكمة النص المقرر لحق الاسترداد ليست مقصورة على حماية أسرار الشيوع، كما فهمت خطأً الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف وتابعها في هذا الخطأ الحكم المطعون فيه، بل إن هذه الحكمة تتناول أضراراً أخرى قد تصيب الشركاء نتيجة بيع أحدهم حصته الشائعة كتعذر التفاهم على الإدارة والقسمة.
وحيث إن الشفعة والاسترداد إن كانا متفقين في أن كلاً منهما يؤدى إلى نوع من الافتيات على حرية التبايع ونزع الملك جبرا عن مشتريه، فانهما مع ذلك حقان متغايران من حيث المصدر والحكمة والسبب والمحل. ذلك أن الشفعة مصدرها الشريعة الإسلامية، وحكمتها دفع ضرر شريك جديد أو جار طارئ، وسببها الموجب لها هو اتصال ملك الشفيع بالمبيع اتصال شركة أو جوار، ومحلها أن يكون المبيع عقاراً فلا شفعة في منقول. أما الاسترداد فمصدره القانون الفرنسي، وحكمته حفظ أسرار التركات وكف الأجانب عن النفاذ إليها وجعل الورثة في مأمن من دخيل يطرأ فيفسد عليهم محيطهم العائلي، وسببه الشركة في الإرث، ومحله أن يكون المبيع حصة أو جزءاً من حصة شائعة في التركة عامة منظوراً إليها كوحدة قانونية تنتظم كل ما يقوم بمال من الحقوق والواجبات.
وحيث إن الشارع المصري إذ أخذ الشفعة عن الفقه الإسلامي، إنما أراد بها ما أراده علماء هذا الفقه، فحكمتها عنده هى حكمتها عندهم، كما أنه إذ أخذ حق الاسترداد عن القانون الفرنسي لم يرد به غير ما أراده واضع هذا القانون. وإذا كان ثمة خلاف بين نص القانون المصري وما يقابله في القانون الفرنسي فسببه أن قصر حق الاسترداد على الشيوع الناشئ عن الإرث كان محلاً لنقد قام في فرنسا على أن للشركة كما للتركة أسرارها ومحيطها. وقد وقف الشارع المصري عند هذا النقد واعتبر به فاتجه إلى تعميم حق الاسترداد ليفيد منه الشركاء في الإرث والشركاء في غير الإرث على حد سواء، وعلى هذا نصت المادة 462 من القانون المدني الأهلي: "على أنه يجوز للشركاء في الملك قبل قسمته بينهم أن يستردوا لأنفسهم الحصة الشائعة التي باعها أحدهم للغير". والحصة الشائعة التي يجيز هذا النص استردادها هي الحصة الشائعة في مجموع الملك المشترك كله لا الحصة الشائعة في عين معينة من هذا الملك، لأن حلول أجنبي محل أحد الشركاء في جزء شائع في مجموع التركة هو وحده الذى قدر فيه الشارع الفرنسي مظنة إذاعة أسرار التركة وإفساد محيطها. ولهذا نيط ثبوت حق الاسترداد في فرنسا ببيع حصة شائعة في مجموع الملك كله، لا ببيع حصة شائعة في عين معينة منه. وإذا كان هذا هو مناط الاسترداد في فرنسا، فهو بذاته مناطه في مصر، إذ ليس في نص المادة 462 مدنى أهلي ما يفيد أن الشارع المصري أراد بوضعها استحداث قاعدة جديدة لها عنده حكمة غير الحكمة التي أملتها المادة 841 على الشارع الفرنسي، بل إن التقيد بهذا المناط ألزم في مصر منه في فرنسا، لأن التشريع الفرنسي لا يعرف الشفعة ولا عاصم فيه للشركاء من الأجنبي الذى يحل محل أحدهم غير حق الاسترداد، وهم محرومون منه إذا كان ما اشتراه الأجنبي حصة شائعة في عين معينة. أما في مصر ففي أحكام الشفعة ما يكفل حماية الشركاء في هذه الحالة، فكان حرمانهم من الاسترداد عندنا أوجب وألزم.
وحيث إن الأخذ بمطلق لفظ الحصة الشائعة الذى ورد في نص المادة 462 من القانون المدني الأهلي فيه انصراف عن الحكمة التي أملت هذا النص، ثم إنه يؤدى إلى جواز الاسترداد مع جواز الشفعة كلما كان المبيع حصة شائعة في عقار معين من الملك المشترك، وهو ما لا يمكن أن يكون الشارع المصري قد أراده لأنه لم يقيد حق الاسترداد بمثل ما قيد به حق الشفعة من مواعيد وإجراءات، فإذا أجيز الاسترداد مع جواز الشفعة، لترتب على هذا الجواز الاستغناء بالاسترداد عن الشفعة خلاصاً من قيودها. وفى ذلك تعطيل للأحكام التي لم تضع هذه القيود عبثاً وإنما وضعتها قصد الحض على الإسراع في طلب الشفعة حتى لا يضار المشترى بالتأخير في هذا الطلب.
وحيث إنه بناءً على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ ضمن أسبابه ما يفيد جواز الاسترداد حالة كون المبيع حصة شائعة في عين معينة. غير أن هذا الخطأ لا يستوجب نقض الحكم متى كانت النتيجة التي انتهى إليها وهى رفض طلب الاسترداد هي نتيجة صحيحة في ذاتها.


 (1)أنظر المادتين 935 و936 من القانون المدني الجديد.
 (2)يراجع في التعريف بحق الاسترداد وضبط أحكامه الأحكام المنشورة في هذا الجزء تحت رقم 13 بصفحة 22 وتحت رقم 65 بصفحة 152.
 (3)استحدثت المادة 833 من القانون المدني الجديد حق الشريك في المنقول الشائع في استرداد الحصة الشائعة التي يبيعها شريك غيره لأجنبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق