الصفحات

الجمعة، 2 يوليو 2021

الطعن 20 لسنة 5 ق جلسة 20 / 6 / 1935 مج عمر المدنية ج 1 ق 288 ص 874

جلسة 20 يونيه سنة 1935

برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.

---------------

(288)
القضية رقم 20 سنة 5 القضائية

(أ) شفعة.

إظهار الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة. ميعاد الخمسة عشر يوما المحدّدة لذلك. متى يبتدئ؟

(المادة 19 من قانون الشفعة)
)ب) مواعيد.

ميعاد المسافة. كيفية إضافته.

(المادة 17 مرافعات)
)حـ) مواعيد.

العطلة لا توقف سريانها.

(المادة 18 مرافعات)
)د) قوّة الشيء المحكوم فيه.

فصل محكمة النقض في نقطة قانونية. إعادة القضية لمحكمة الموضوع للفصل فيها مجدّدا. وجوب احترام حكم محكمة النقض فيما قضى به في تلك المسألة.

-----------
1 - إن المادة التاسعة عشرة من قانون الشفعة إذ نصت على أن إظهار الشفيع رغبته يكون في ظرف خمسة عشر يوما من وقت علمه بالبيع لم ترد أن تجعل هذه الخمسة عشر يوما تبتدئ من لحظة العلم بالبيع، بل أرادت أن تجعلها تبتدئ من اليوم التالي ليوم العلم به.
2 - إن ميعاد المسافة بحسب المادة 17 مرافعات إنما هو زيادة على أصل الميعاد. وكونه زيادة على الأصل يفيد بداهة أنه يتصل به مباشرة بحيث يكون هو وإياه ميعادا واحدا متواصل الأيام. فاذا كان الميعاد ينتهى آخره وسط أيام عطلة تستمرّ من بعده وكان لصاحب الشأن ميعاد مسافة فانه يأخذ هذا الميعاد متلاحقا متصلا مباشرة بأيام أصل الميعاد.
3 - إن مبدأ القانون في شأن المواعيد أن العطلة غير موقفة لسريانها، بل إنها تسرى في أثناءها؛ وكل ما أجازه بحسب مفهوم المادة 18 مرافعات أن الميعاد إذا وقع آخره يوم عطلة فانه يمتدّ لليوم التالي فان كانت الأيام التالية هي أيضا أيام عطلة امتدّ الميعاد لأوّل يوم عمل بعد هذه العطلة.
4 - إن قانون محكمة النقض يصرح لها بأنها متى ألغت حكما لمخالفة قانونية فان لها الحق في أن تفصل في الموضوع - أي الموضوع الذى وقعت فيه المخالفة - ما دام صالحا، فاذا كان الموضوع المطروح لديها هو هل سقط حق الأخذ بالشفعة أم لم يسقط، وهى بعد أن قرّرت بوقوع الخطأ في التطبيق على الوقائع الثابتة فصلت ضمنا في هذا الموضوع بأن حق طلب الشفعة لم يسقط، وعلى هذا الأساس وحده أصدرت حكمها بإعادة الدعوى لمحكمة الموضوع، فان حكم محكمة النقض هذا هو حكم نهائي في هذا الموضوع واجب الاحترام أكسب الشفيع حقا لا يستطيع أحد سلبه. حتى لو كانت هذه المحكمة أخطأت في حساب المدّة فان قوّة الشيء المحكوم فيه تمنع محكمة الموضوع - عند إعادة نظر الدعوى - من المساس بهذا الحق، ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى على اعتبار أن حق طلب الشفعة لم يسقط.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - حسب البيان الوارد في الحكم المطعون فيه وما هو واضح من المستندات والمذكرات المقدّمة لهذه المحكمة - في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 158 سنة 1931 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية الأهلية قبل المطعون ضدّهم ادّعى فيها بأنه علم بأن الثلاثة الأخيرين من المطعون ضدّهم باعوا إلى المطعون ضدّه الأول فدانا وقيراطين و10 أسهم أطيانا كائنة بزمام حصة مليج مبينة الحدود والمعالم بعريضة دعواه نظير مبلغ 152 جنيها. ولما كان يجاور هذه القطعة من الجهة البحرية وكان لأرضه عليها حقوق ارتفاق الري فقد نبه على المشترى وأظهر له رغبته في أخذ هذه الأطيان بالشفعة بموجب إعلان رسمي تاريخه 23 فبراير سنة 1931 وطلب الحكم له بأحقيته في أخذ هذه الأطيان بالشفعة بثمنها المذكور وبتسليمها له مع إلزام المدّعى عليهم بالمصاريف.
وبجلسة المرافعة كان مما دفع به الحاضر عن المطعون ضدّه الأوّل سقوط الحق في الشفعة لعدم قيام الطاعن بإظهار رغبته في الأخذ بالشفعة في ظرف الخمسة عشر يوما المقرّرة قانونا.
ومحكمة أوّل درجة قضت بتاريخ 11 أكتوبر سنة 1931: (أوّلا) بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون ضدّه الأوّل علم الطاعن بالبيع في 3 فبراير سنة 1931 (ثانيا) بانتداب خبير لإجراء أمور عينتها. وبعد أن انتهى التحقيق وقدّم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1932 بأحقية الطاعن لأخذ العين المبيعة وقدرها 23 قيراطا و15 سهما (لوجود عجز بها) بالشفعة نظير مبلغ 135 جنيها و843 مليما مستندة في حكمها على أن الطاعن لم يعلم بالبيع العلم التام النافي للجهالة، ولوجود حق عيني بأرض الطاعن على الأرض المبيعة. فاستأنف المطعون ضدّه الأوّل هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر الأهلية بالاستئناف رقم 346 سنة 50 قضائية طالبا إلغاءه ورفض دعوى الشفيع. ومحكمة الاستئناف استخلصت من التحقيق الذى أجرته محكمة أوّل درجة بخصوص إثبات علم الطاعن بالبيع أنه قد علم به من يوم 3 فبراير سنة 1931 وأنه لم يبد للمشترى رغبة الأخذ بالشفعة إلا في 23 فبراير سنة 1931 أى بعد مضى أكثر من خمسة عشر يوما على علمه بالبيع، وحكمت بتاريخ 9 مايو سنة 1933 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن مع إلزامه بالمصاريف عن الدرجتين ومبلغ 300 قرش أتعاب محاماة عنهما أيضا. فطعن فيه رزق الله أفندي حبشي بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت في 25 يناير سنة 1934 بنقض الحكم المذكور وبإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لتقضى فيها دائرة أخرى من جديد. ومحكمة الاستئناف بعد أن أعادت نظر الدعوى قضت فيها بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1934 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الشفيع وإلزامه بمصاريف الدرجتين وبمبلغ 500 قرش أتعاب محاماة لميلاد أفندي جرجس المستأنف عن الدرجتين.
وقد أعلن هذا الحكم إلى رزق الله أفندي حبشي في 17 يناير سنة 1935 فطعن فيه بطريق النقض في 14 فبراير سنة 1935 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدّهم في 20 من الشهر المذكور. وقدّم الطاعن والمطعون ضدّه الأوّل المذكرات الكتابية في الميعاد القانوني، ولم يقدّم باقي المطعون ضدّهم شيئا، وقدّمت النيابة مذكرتها في 6 مايو سنة 1935. وقد نظرت المحكمة الدعوى بجلستي الخميس 6 يونيه سنة 1935 واليوم كما هو مبين بمحضر الجلسة ثم أصدرت الحكم الآتي:


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف حكم محكمة النقض الصادر في 25 يناير سنة 1934 الذى قضى نهائيا بأن الإنذار المرسل في 23 فبراير سنة 1931 للمطعون ضدّه الأوّل من قبل الطاعن بإظهار رغبته في الأخذ بالشفعة قد حصل في الميعاد القانوني، وكان على محكمة الاستئناف أن تحترم هذا الحكم النهائي وأن لا تعيد النظر في كون إظهار الرغبة من قبل الطاعن حصل في الميعاد أو لم يحصل.
وحيث إنه بقطع النظر عما ذكرته محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه من أن المادة التاسعة عشرة من قانون الشفعة نصت على أن إظهار الشفيع رغبته يكون في ظرف خمسة عشر يوما من وقت علمه بالبيع، وأن ذلك يجعل الخمسة عشر يوما المذكورة تبتدئ من لحظة العلم بالبيع بدليل قول النسخة الفرنسية  "de moment"، ثم عما ذكرته من أن النص بهذه الكيفية يجعل يوم العلم كله محسوبا من الخمسة عشر يوما - بقطع النظر عن هذا المذهب الذى لا تقرّه محكمة النقض (أوّلا) لأن النسخة العربية إذا كانت قالت "من وقت علمه بالبيع" فقد قالت أيضا "ومن وقت تكليفه رسميا بإبداء رغبته"، وهذه العبارة الأخيرة قد ورد نصها بالفرنسية هكذا "ou de la date de la mise en demeure" ومقابلها بالعربية "أو من تاريخ تكليفه رسميا...." مما يفيد أن واضعي النص يستوى عندهم كلمة "وقت (moment)" وكلمة "تاريخ (date)". (وثانيا) لأنه إذا حصل تكليف رسمي لإبداء الرغبة فهو تنبيه بإجراء أمر في ميعاد مقدّر بالأيام، وبحسب المبدأ العام المقرّر في المادة 16 من قانون المرافعات لا يمكن قطعا أن يحتسب يوم الإعلان من ضمنه، بل الميعاد يبتدئ من اليوم التالي ليوم الإعلان. وبما أن التكليف الرسمي يجب بمقتضى المادة 21 من قانون الشفعة أن يشتمل على البيانات التي تفيد العلم بأقصى درجاته فلا يفهم كيف يكون العلم العادي الأقل تمكنا ودقة موجبا لاحتساب اليوم الذى حصل فيه من أصل الميعاد. بقطع النظر عن هذا وبقطع النظر أيضا عما يزعمه الطاعن من أن الميعاد إذا كان آخره ينتهى وسط أيام عطلة تستمر من بعده وكان لصاحب الشأن ميعاد مسافة فانه يعطى له من أيام العمل التالية لانتهاء العطلة، هذا الزعم الذى لا تقرّه محكمة النقض أيضا (أوّلا) لأن ميعاد المسافة بحسب المادة 17 مرافعات إنما هو زيادة على أصل الميعاد. وكونه زيادة على الأصل يفيد بداهة أنه يتصل به مباشرة بحيث يكون هو وإياه ميعادا واحدا متواصل الأيام. (ثانيا) لأن مبدأ القانون في شأن المواعيد أن العطلة غير موقفة لسريانها، بل إنها تسرى في أثناءها. وكل ما أجازه، بحسب مفهوم المادة 18 مرافعات، أن الميعاد إذا وقع آخره يوم عطلة فانه يمتد لليوم التالي فان كانت الأيام التالية هي أيضا أيام عطلة امتد الميعاد لأوّل يوم عمل بعد هذه العطلة. ولا يفهم كيف تكون العطلة موقفة لميعاد المسافة مع أنها غير موقفة للميعاد الأصلي.
بقطع النظر عن كل ذلك فان الثابت بحكم النقض الأوّل الصادر بتاريخ 25 يناير سنة 1934 (والمقدّمة صورته الرسمية من الطاعن) أن حكم الاستئناف الأوّل أثبت واقعيا أن رزق الله أفندي حبشي الشفيع علم بالبيع من يوم 3 فبراير سنة 1931 وأنه لم يبد رغبته الأخذ بالشفعة إلا في يوم 23 فبراير سنة 1931 أي بعد مضى الميعاد ولذلك حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعواه فطعن في الحكم بطريق النقض مدّعيا أنه أظهر رغبته في الميعاد القانوني، وأن حكم الاستئناف إذ رفض دعواه بناء على عدم إظهار هذه الرغبة في الميعاد قد خالف القانون. ومحكمة النقض نظرت في هذا الطعن وقضت بإلغاء الحكم قائلة "وبما أنه قد تبين من الحكم المطعون فيه ومن الإنذار المعلن بمعرفة الطاعن في 23 فبراير سنة 1931 بإبداء رغبته في الأخذ بالشفعة ومن الشهادة الرسمية المقدّمة منه الدالة على أنه كان وقت حصول هذا الإنذار شاغلا وظيفته الرسمية بمركز شبراخيت وجوب احتساب مدة المسافة بين شبراخيت وشبين الكوم، وذلك عملا بالمادة 17 من قانون المرافعات. وهذه المدة لا تقل عن يوم واحد، وبإضافة هذا اليوم إلى آخر الخمسة عشر يوما التي بدأت من 3 فبراير سنة 1931 وهو يوم علم الطاعن بالبيع كما قرّره الحكم المطعون فيه وانتهت في 18 فبراير سنة 1931 ثم امتدّت أربعة أيام العطلة أي إلى 22 فبراير سنة 1931 يكون الإنذار الصادر من الطاعن بإظهار رغبته الأخذ بالشفعة والمعلن إلى المطعون ضدّه في 23 فبراير سنة 1931 قد حصل في الميعاد القانوني. ومن ثم يكون الحكم الاستئنافي المطعون فيه الذى قضى برفض دعوى الطاعن بإبداء رغبته الأخذ بالشفعة بعد الميعاد - يكون هذا الحكم قد أخطأ فيما قضى به".
وبما أن المحكمة لا ترى بعد ذلك محلا لبحث الوجه الأوّل من الطعن الخاص بالعلم وماهيته. لذلك يتعين نقض الحكم بالنسبة للميعاد وإعادة القضية للفصل في موضوعها أمام دائرة استئنافية أخرى.
وحيث إنه ظاهر بكل وضوح من هذا الحكم أن محكمة النقض اعتبرت أن الأربعة الأيام التالية ليوم 18 فبراير كلها أيام عطلة، وأن أوّل يوم عمل بعدها يكون هو يوم 23 فبراير، ولذلك قرّرت أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون على الوقائع الثابتة، ثم طبقت هي القانون فعلا، وصرحت بأن دعوى الشفعة لم تسقط لأن إظهار الرغبة في الأخذ بها قد وقع في الميعاد، كما صرحت بأنها إنما تعيد الدعوى لمحكمة الاستئناف للنظر في موضوعها. ومحكمة النقض تملك ما قرّرته وما قضت به لأن قانونها يصرح لها بأنها متى ألغت حكما لمخالفة قانونية فان لها الحق أن تفصل في الموضوع - أي الموضوع الذى وقعت فيه المخالفة - ما دام صالحا. والموضوع الذى كان مطروحا لديها هو هل سقط حق الأخذ بالشفعة أم هو لم يسقط. فهي بعد أن قرّرت بوقوع الخطأ في التطبيق على الوقائع الثابتة فصلت ضمنا في هذا الموضوع بأن حق طلب الشفعة لم يسقط، وعلى هذا الأساس وحده قد صدر حكمها بإعادة الدعوى.
وحيث إن حكم النقض هذا هو حكم نهائي واجب الاحترام أكسب الشفيع حقا لا يستطيع أحد سلبه، ومهما تكن محكمة الاستئناف مصيبة في قولها في حكمها المطعون فيه الآن إن محكمة النقض أخطأت في حساب الميعاد وإن آخر ما امتدّ إليه ميعاد الشفيع هو يوم 22 فبراير سنة 1931، الذى كان في الواقع يوم عمل لا يوم 23 فبراير، فان محكمة النقض لا تستطيع مجاراتها لأن قوّة الشيء المحكوم فيه مانعة من هذا منعا باتا. ولذلك يتعين عليها القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف للنظر في موضوعها.
وحيث إنه لا محل بعد قبول الوجه الأوّل للنظر في باقي الأوجه لعدم إنتاجها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق