الصفحات

الاثنين، 24 مايو 2021

الطعن 49 لسنة 13 ق جلسة 24 / 12 / 2018 مدني

باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية

برئاسة السيد القاضي / عبدالناصر عوض الزناتي

وعضوية السيدين القاضيين / على عبدالفتاح جبريل و أحمد مصطفي أبو زيد
وبحضور أمين السر السيد/ محمد سند

في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الاثنين 17 من ربيع الآخر سنة 1440 هـ الموافق 24 ديسمبر سنة 2018 م

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 49 لسنـــة 13 ق 2018 – مدني

المرفوع من / ....... بوكالة المحامي / .....

ضـــــــــــــــد

........ بوكالة المحامي / .......

الوقـــــــــائــع

في يـوم 22/10/2018 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة استئناف
رأس الخيمة الصادر بتاريخ 30 / 09 /2018 في الاستئناف رقم 31 لسنة 2018، بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي 28/10/2018 أُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .

وفي 06/11/2018 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.

وفي 12/11/2018 قررت المحكمة رفض طلب وقف التنفيذ.

وفي 26/11/2018 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره و بها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .

المحكمــــــــــــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ علي عبدالفتاح جبريل والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 94 لسنة 2017 مدني محكمة رأس الخيمة الابتدائية بطلب ندب خبير لمعاينة أرض النزاع وبيان الفرق بين مساحتها الواردة بعقد البيع المؤرخ 4| 5 |2016 وتلك الثابتة بوثيقة الملكية، وقيمة المبلغ الزائد على المساحة المسجلة، وكذا ما دفعه الطاعن من ثمن بالزيادة عن المستحق، وما ترتب على ذلك من أضرار مادية وأدبية، وقيمة التعويض الجابر لها مع احتفاظه بحقه في تعديل طلباته طبقا لما يسفر عنه تقرير الخبرة، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد البيع المشار إليه اشترى من الطاعن قطعة الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة ومساحتها على الطبيعة 165829.69 مترا مربعا وفقا للحدود الثابتة بالسياج الحديدي الخاص بها، وذلك مقابل ثمن مقداره أربعة ملايين درهم دفعا للمطعون ضده وقت تحرير العقد، وقد زعم الطاعن أن المساحة بأكملها مملوكة له ومسجلة باسمه، إلا أنه فوجئ عند تسلمه لوثيقة الملكية من دائرة الأراضي عقب تنازل الطاعن له عن الأرض بأن المساحة الثابتة في الوثيقة تبلغ 103443.11 مترا مربعا خلافا لما هو ثابت بالطبيعة وعقد البيع، وإذ طالب الطاعن مرارا بفرق الثمن فماطل في رده ، فقد أقام الدعوى.

ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره عدل المطعون ضده طلباته إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 1250000 درهم. والمحكمة قضت بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل بوجه بات في قضية الجنحة رقم 4772 لسنة 2017 رأس الخيمة. عجل المطعون ضده الدعوى، وتمسك بطلباته المعدلة، والمحكمة حكمت له بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم 31 لسنة 2018 مدني، وطلب توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده، وبتاريخ 24 | 6 | 2018 حكمت المحكمة بتوجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده بالصيغة المبينة بمنطوق الحكم. طلب المطعون ضده تعديل صيغة اليمين وتمسك الطاعن بالصيغة المبينة بالحكم، وبتاريخ 26 | 8 | 2018 حكمت المحكمة بتوجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده بالصيغة المعدلة المبينة بمنطوق الحكم. اعترض الطاعن وحلفها المطعون ضده ثم قضت المحكمة بتاريخ 30 | 9 | 2018 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم. وحيث إنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة له قوة الشيء المقضي فيه، ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن على الأحكام إلا أن شرط ذلك ألا يكون الطعن مبنيا على مدى جواز اليمين أو تعلقها بالدعوى، أو بطلان في الإجراءات الخاصة بتوجيهها أو تحليفها، فإن بني الطعن على أي من هذه الوجوه كان جائزا. لما كان ذلك، وكان مبنى الطعن الماثل هو المنازعة بشأن مدى جواز توجيه اليمين الحاسمة، وبطلان الإجراءات الخاصة بتوجيهها وتحليفها، مما يكون معه الطعن على الحكم جائزا.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإلزامه بفرق الثمن بين المساحتين الحقيقية والمسجلة والتعويض المادي تأسيسا على حجبه عن المطعون ضده حقيقة المساحة المملوكة له والمسجلة باسمه مخالفا بذلك حجية الأمر المقضي الثابتة للحكم الجزائي البات الصادر في قضية الجنحة رقم 4772 لسنة 2017 رأس الخيمة الذي قطع في أسباب البراءة بأن المطعون ضده كان يعلم وقت التعاقد بحقيقة المساحة المسجلة باسم الطاعن، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 59 من قانون الإثبات على أنه" لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام" قد أملته اعتبارات متعددة منها أنه لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة فيما لا يمكن التنازل عنه، أو التصالح عليه، أو مخالفة حجية أمر مقضي، ومنها كذلك عدم جواز تحليف المتهم بإطلاق أو استجوابه من قبل المحكمة إلا إذا قبل ذلك احتراما لمبدأ عدم التزامه بإثبات براءته، ومنها حماية طالب اليمين نفسه من أن يحتكم إلى يمين مضطر إلى الكذب، كما أن مؤدى نص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية والمادتين 49 و 50 من قانون الإثبات أن الحكم الجزائي البات الصادر بالبراءة أو بالإدانة تكون له حجية أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يصدر فيها حكم بات وذلك فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنيا على أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون، وأن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجزائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا، فإذا كان الحكم صادرا بالبراءة فإن القاضي المدني لا يرتبط به إلا إذا قام على نفي نسبة الواقعة إلى المتهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم البات الصادر في قضية الجنحة رقم 4772 لسنة 2017 رأس الخيمة المقيدة استئنافيا برقم 1002 لسنة 2017 قد قضى ببراءة الطاعن من تهمة التوصل إلى الاستيلاء على أموال المطعون ضده بأن باع له المساحة موضوع التداعي وقدرها 62386.65 مترا مربعا وهو يعلم أنها غير مملوكة له وليس له حق التصرف فيها إضرارا به، وهي الجريمة المؤثمة بالمادة 399 / 1 من قانون العقوبات تأسيسا على أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده أقر بتسلمه من الطاعن صورة من وثيقة الملكية عبر برنامج التواصل الاجتماعي ( الواتساب ) مثبتا بها المساحة الحقيقية للمزرعة وقدرها 103443.65 مترا مربعا وذلك قبل خمسة وأربعين يوما من نقل الملكية إليه، وبتسليمه إلى مندوب الطاعن مبلغ مليون درهم نقدا، وشيكا بمبلغ ثلاثة ملايين درهم بعد توقيعه على عقد البيع بإدارة الأملاك، وتسلمه لوثيقة الملكية رقم 0404/ 2016 بتاريخ 8| 5| 2016 مثبتا بها أن المساحة 103443.13 مترا مربعا، وأن التصرف في العقار تم في هذا الوقت، وهو الوقت الذى تعتد به المحكمة في تحديد ما إذا كان المتصرف يملك العقار المتصرف فيه وله حق التصرف فيه من عدمه، وهوما يقطع به ويؤكده ما جاء بأقوال المجني عليه ( المطعون ضده ) أمام الخبير المنتدب في الدعوى رقم 94 لسنة 2017 مدني كلي رأس الخيمة، وما أقر به في تحقيقات النيابة العامة من أن العقد العرفي المؤرخ 4| 5 | 2016 والمثبت به أن مساحة المزرعة 165828.69 مترا مربعا لم يحرر في التاريخ المشار إليه، وإنما في وقت لاحق لصرف الشيك في 15|5| 2016، وأن المجني عليه هو الذي حرره على الحاسوب ووقع الطاعن على الورقة الثانية منه فقط وذلك بإمارة أبو ظبي، وأن قبض الطاعن لمبلغ المليون درهم وصرفه للشيك المشار إليه تم قبل تحرير عقد البيع العرفي المؤرخ 4| 5 | 2016 ،وأن هذا العقد لم يكن السبب أو الدافع لقيام المطعون ضده بتسليم المبالغ المشار إليها إلى الطاعن، إذ كان المطعون ضده على علم بحقيقة المساحة المقول بنقصانها، وكان بإمكانه عدم تسليم المبلغ والشيك إلى مندوب الطاعن حتى يلزم الأخير بتنفيذ التزامه بشأن نقص المساحة إن كان هناك عجز، وأن عدم قيامه بذلك وتسليمه المبلغ والشيك رغم ذلك يقطع بأن العقد العرفي المؤرخ 4|5|2016 حرر لأسباب لاحقة للتعاقد، ومنبتة الصلة بالتصرف الفعلي في العقار المبيع والذى تم تسجيله رسميا بتاريخ 8|5|2016 – فإن الحكم الجزائي يكون بذلك قد فصل فصلا لازما في مسألة علم المطعون ضده وقت البيع ودفع الثمن بالمساحة الحقيقية المسجلة باسم الطاعن ومقدارها 103443.13 مترا مربعا، وأن العقد العرفي المؤرخ 4|5|2016 حرر لأسباب لاحقة على التعاقد ولا صلة لها بالتصرف الفعلي في المساحة المبينة سلفا والمسجل رسميا في 8|5|2016 – وإذ قضى الحكم الابتدائي ، وتسلٌ بإلزام الطاعن برد فرق الثمن بين المساحتين وقدره مليون ومائة ألف درهم إلى المطعون ضده، وبأن يؤدي إليه مبلغ مائة وخمسين ألف درهم تعويضا عما لحق به من أضرار مادية تأسيسا على عدم علم الأخير بالمساحة الحقيقية للأرض المبيعة إلا بعد تنازل الطاعن له عنها لدى الدائرة المختصة، وحصوله على وثيقة انتقال الملكية باسمه كمالك جديد، وأن الطاعن لم يذكر له بعد معاينته للمزرعة أن جزءا منها غير مشمول بملكيته، وأن ما ظهر من نقص في المساحة كان بفعل خطأ الطاعن المتمثل في عدم كشفه للمطعون ضده عن حقيقة المساحة، وهو ما يعد خطأ مدنيا جسيما أضر بالأخير- فإنه يكون بذلك قد خالف حجية الأمر المقضي التي حازها الحكم الجزائي المشار إليه وذلك في مسألتين أساسيتين هما إثبات الحكم الجزائي علم المطعون ضده وقت التعاقد ودفع الثمن بحقيقة المساحة المبيعة له والمسجلة رسميا باسم الطاعن، ونفيه الخطأ عن الأخير، وكلتا المسألتين تمثلان الأساس المشترك في الدعويين الجزائية والمدنية، وإذ قضت محكمة ثاني درجة بتوجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده وتحليفه إياها، ثم قضت على أساسها بتأييد الحكم المستأنف الصادر بإلزام الطاعن برد فرق الثمن بين المساحتين إلى المطعون ضده، والتعويض عما لحق الأخير من ضرر مادي نتيجة خطأ الطاعن رغم عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة في خصوص الدعوى الراهنة لما يترتب على حلفها من مساس بحجية الأمر المقضي الثابتة للحكم الجزائي المشار إليه – فإن حكمها في هذا الخصوص يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، مما يعيبه ويوجب نقضه، ولا يغير من ذلك أن طلب توجيه اليمين الحاسمة قد أبدي من الطاعن الذي صدر الحكم الجزائي لمصلحته، ذلك أن احترام حجية الأحكام أمر متعلق بالنظام العام بل يعلو على ما عداه من الاعتبارات المتعلقة بالنظام العام، وقد أوجب الشارع على المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، وحظر عليها قبول أي دليل أو دفاع أو طلب من شأنه أن ينقضها.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف بعدم جواز توجيه اليمين الحاسمة وإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق