الصفحات

الاثنين، 1 مارس 2021

عدم دستورية التمييز بين الموظفين الدائمين بجامعة المنصورة والمنتدبين إليها في المكافأة المقررة لأعمال الامتحانات

الدعوى رقم 60 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 2 /1/2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 60 لسنة 40 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة - موضوع) بحكمها الصادر بجلسة 24/11/2016، ملف الطعن رقم 18511 لسنة 56 قضائية "عليا"

المقام من

سهيــــر أحمــد السيد محمد

ضــــد

رئيس جامعة المنصـورة

الإجـراءات
بتاريخ الخامس من مايو سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الطعن رقم 18511 لسنة 56 قضائية "عليا"، بعد أن حكمت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة - موضوع) بجلسة 24/11/2016، بوقف الطعن تعليقًا، وإحالة أوراقه للمحكمة الدستورية العليــا للفصل في دستورية نص المادة (31/5) من اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال الامتحانات ومكافآتها بجامعة المنصورة، الصادرة بتاريخ 21/1/2002، فيما تضمنه من عدم جواز حصول المنتدبين للعمل بالجامعة على مكافأة أعمال الامتحانات التي قاموا بها وحرمانهم من هذه المكافأة.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكـم الإحالة وسائر الأوراق – في أن الطاعنة في الدعوى الموضوعية، كانت قد أقامت الدعوى رقم 8971 لسنة 30 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، ضد رئيس جامعة المنصورة، طالبة الحكم بأحقيتها في صرف المكافآت المقررة للعاملين بجامعة المنصورة خلال فترة انتدابها للعمل بها. وذكرت شرحًا لدعواها أنها كانت تشغل وظيفة كاتب ثالث بمديرية القـوى العاملة والهجـرة بالدقهلية، وتم ندبها للعمل بكلية الهندسة بجامعة المنصورة خلال الفترة من 4/3/2002، حتى 30/4/2007، وإذ حرمتها الجامعة من الحوافز والمكافآت المقررة للموظفين المشاركين في أعمال الامتحانات، رغم مشاركتها فيها طوال تلك الفترة، بالمخالفة لأحكام القانون، فأقامت دعواها بطلباتها السالفة الذكر. وبجلسة 24/2/2010 قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند مما جرى به حكم المادة (31/5) من اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال الامتحانات ومكافآتها الصادرة بقرار مجلس الجامعة رقم 330 بتاريخ 21/1/2002، التي تنص على أنه لا يجوز صرف تلك الحوافز والمكافآت للمنتدبين للعمل بالجامعة. وإذ لم يلق هذا الحكم قبول الطاعنة فقد أقامت الطعن رقم 18511 لسنة 56 قضائية، أمام المحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 24/11/2016، أصدرت المحكمة حكم الإحالة السالف الذكر، لما تراءى لها من أن البند (5) من المادة (31) من اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال الامتحانات بجامعة المنصورة المشار إليها، فيما تضمنه من عدم جواز حصول المنتدبين للعمل بالجامعة على مكافأة أعمال الامتحانات التي شاركوا فيها، وحرمانهم من هذه المكافأة، ينطوي على تمييزٍ غير مبرر بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة، بالمخالفة لأحكام المادة (53) من الدستور.

وحيث إن المادة (31) من اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال الامتحانات ومكافآتها بجامعة المنصورة، الصادرة بقرار مجلس الجامعة بجلسته رقم 330 بتاريخ 21/1/2002 (النص المحال)، تنص على أنه "لا يجوز حصول الفئات الآتية على مكافأة أعمال الامتحانات:
(1)..........
(5) المنتدبون للعمل بالجامعة".

وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعية في الدعوى الموضوعية الحكم بأحقيتها في صرف مكافأة أعمال الامتحانات التي شاركت فيها خلال المدة من 4/3/2002 حتى 30/4/2007، بوصفها موظفة منتدبة من مديرية القوى العاملة والهجرة إلى كلية الهندسة بجامعة المنصورة. وكان نص البند (5) من المادة (31) من اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال الامتحانات ومكافآتها بالجامعة، مؤداه: حرمان العاملين المنتدبين للعمل بالجامعة من مكافأة الامتحانات، فإن المصلحة تكون متحققة بالنسبة لهذه الفقرة، لما للقضاء في دستوريتها من أثر وانعكاس على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع وقضاء المحكمة فيها، وبها وحدها يتحدد نطاق الدعوى المعروضة.

وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص التشريعي المحال - في حدود نطاقه المتقدم - مخالفته لمبدأ المساواة المقرر بنص المادة (53) من الدستور، لما تضمنه من تمييز غير مبرر بين الموظفين الدائمين بالجامعة، والموظفين المنتدبين إليها من جهات أخرى، حيث قرر صرف تلك المكافآت لمن يشارك من أفراد الطائفة الأولى في أعمال الامتحانات، بينما حرم أفراد الطائفة الثانية ممن شاركوا في الأعمال ذاتها، رغم تماثلهم في المراكز القانونية وقيامهم بالواجب الوظيفي ذاته المقرر على كل منهم.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور، أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطي سليم، ويتعين على كل سلطة عامة، أيًّا كان شأنها وأيًّا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تنزل على قواعد الدستور ومبادئه وأن تلتزم حدوده وقيوده، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضعت - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الجهة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، بغية الحفاظ على أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها.

وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها - منذ دستور سنة 1923 - على تقرير الحقوق والحريات العامة في صلبها، قصدًا من المشرع الدستوري أن يكون النص عليها في الدستور قيدًا على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام في حدود ما أراده الدستور لكل منها، فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، وعن الإطار الذى عينه الدستور له، بأن قيد حرية أو حقًّا أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريًّا، وبالمخالفة للضوابط الحاكمة له، وقع عمله التشريعي في حومة مخالفة أحكام الدستور.

وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، فإن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.

وحيث إن الدستور قد عُنى في المادة (14) منه بكفالة حق المواطنين في شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وجعل شغل الوظائف العامة تكليفًا للقائمين عليها لخدمة الشعب، وناط بالدولة كفالة حقوق شاغلي الوظائف العامة وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب.

وحيث إن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، وأن ما يعطى للموظف من مكافأة أو بدل – أيًّا كان اسمه – نظير أدائه عملاً معينًا، يصطحب الحماية المكفولة للأجر، فإذا توافرت شروط استحقاق ذلك المقابل، نشأ الحق في استئدائه، ولا يجوز أن يُهدر المشرع الحق فيه، أو التمييز بين من يستحقونه، أو حجبه عن طائفة منهم، إذ يتعين أن يكون ضابط الحصول عليه موحدًا، ليكون ذلك المقابل متماثلاً، ذلك أن قاعدة التماثل في المقابل المقرر للعمل الواحد، تفرضها وتقتضيها موضوعية الشروط التي يتحدد ذلك المقابل في نطاقها.

وحيث إن المشرع حدد بقوانين نظام العاملين المدنيين بالدولة المتعاقبة، ومن بعدها قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، طرق شغل الوظائف بالوحــــدات الخاضعة لأحكامها، بالتعيين أو الترقية أو الإعارة، أو الندب الــــذى يُعد إجــــراءً مؤقتًا بطبيعتــــه لا يقطع صلة الموظف بوظيفته الأصلية، وإنما يعفيه من القيام بأعبائها، ويلقى على عاتقه الاضطلاع بمسئوليات وواجبات الوظيفة التي يشغلها ندبًا، وذلك طوال مدة الندب، وهو ما يرتب له الحق في التمتع بالمزايا المالية المقررة للوظيفة المنتدب إليها، شأنه في هذا الاستحقاق شأن من يشغل هذه الوظيفة بصفة دائمة. وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه كلما قام التماثل في المراكز القانونية التي تنظم بعض فئات المواطنين، وتساويهم بالتالي في العناصر التي تكونها، استوجب ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي تطبيقها في حقهم، فإن خرجت القاعدة القانونية عن ذلك سقطت في حومة المخالفة الدستورية.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المحال قد أقام تمييزًا غير مبرر بين الموظفين الدائمين بجامعة المنصورة، والموظفين المنتدبين إليها من جهات أخرى، وذلك بتقريره أحقية أفراد الطائفة الأولى في المكافأة المقررة لأعمال الامتحانات متى شاركوا فيها، وفى الوقت ذاته قرر حرمان أفراد الطائفة الثانية من تلك المكافأة، رغم مشاركتهم وقيامهم بالأعمال ذاتها، فمن ثم يكون ذلك النص قد أخل بمبدأ المساواة، والحق في الأجر العادل، بالمخالفة لأحكام المواد (4، 12، 14، 53) من الدستور.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة، تمتد إلى كل حق ذي قيمة مالية، سواء أكان هذا الحق شخصيًّا أم عينيًّا. متى كان ذلك، وكان النص التشريعي المحال قد حرم – دون مقتض – الموظفين المنتدبين المخاطبين بأحكامه من المكافأة المقررة لأعمال الامتحانات، رغم مشاركتهم فيها، فإنه يكون قد انتقص من الحقوق التي تثرى الجانب الإيجابي لذمتهم المالية، وانطوى بذلك على عدوان على الحماية المكفولة للملكية الخاصة، بالمخالفة لأحكام المادتين (33 و35) من الدستور.


فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (5) من المادة (31) من اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال الامتحانات ومكافآتها بجامعة المنصورة، الصادرة بقرار مجلس الجامعة رقم (330) بتاريخ 21/1/2002.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق