الصفحات

الأربعاء، 24 مارس 2021

الطعن 3096 لسنة 35 ق جلسة 6 / 5 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 توحيد المبادئ ق 1 ص 9

جلسة 6 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد يسري زين العابدين، وشفيق محمد سليم، وثروت عبد الله أحمد عبد الله، ورأفت محمد السيد يوسف، ورائد جعفر النفراوي، ود. إبراهيم علي حسن، وسعد الله محمد حنتيره، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمد أحمد الحسيني، ومحمد عبد الرحمن سلامه - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------------

(1)
الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية. عليا

اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري

المنازعات المتعلقة بإدارة أموال الأوقاف واستثمارها أو التصرف فيها.
المادة 970 من القانون المدني.
القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف.
الوقف الخيري لا يعدو أن يكون شخصاً اعتبارياً خاصاً، وتعتبر أمواله أموالاً خاصة لا يغير من طبيعتها أن يكون القانون قد أسبغ عليها نوعاً من الحماية والرعاية فحظر تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري 
- الوقف من أشخاص القانون الخاص فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصباً عاماً، ولا يقوم ناظر الوقف - وهو هيئة الأوقاف - إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفه سلطة عامة 
- ليس من شأن النظارة المتمثلة في تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وإنفاقه عليه في المصارف التي نص عليها كتاب الوقف أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين أن يخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية - ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 17 من يونيه سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته، ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف بمحافظة الغربية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدول تلك المحكمة تحت رقم 3069 لسنة 35 ق. ع ضد المطعون ضده السيد/ ...... عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب - بجلسة 27 من أبريل سنة 1989 في الدعوى رقم 795 لسنة 40 ق والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلبت الهيئة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة في رفعها، ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق، وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة، التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وحددت جلسة 16 من يناير سنة 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي تداولت نظره بالجلسات إلى أن قررت بجلسة 15/ 5/ 1995 (إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 18/ 6/ 1995 وتدوّل الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا "دائرة الموضوع" التي ارتأت أن النزاع الماثل يدور حول تصرف هيئة الأوقاف بالتمليك لوحدات العقار المملوك لها من أموال الأوقاف والكائن بشارع عزيز فهمي بطنطا دون الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 357 لسنة 1986 بشأن نسب تملك الوحدات السكنية بعمارات الأوقاف، وأن الأمر يقتضي ابتداءً الفصل في مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع ذلك أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن هيئة الأوقاف إنما تنوب قانوناً عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً للوقف، وأن نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف في تصديه للقيام على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف، ولما كان الوقف هو من أشخاص القانون الخاص، فمن ثم فإن النزاع المتصل بشأن من شئون النظارة على الوقف - ولو كان أحد أطرافه من أشخاص القانون العام - لا يعتبر متعلقاً بقرار إداري كما لا يمثل منازعة إدارية ومن ثم يخرج الفصل فيه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري (في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 711 و717 لسنة 28 ق. ع بجلسة 41/ 6/ 1986 وحكمها في الطعن رقم 2360 لسنة 30 ق. ع بجلسة 5/ 12/ 1987).
إلا أن هناك توجهاً آخراً يرى أن النزاع الماثل يدخل في اختصاص القضاء الإداري باعتباره منازعة إدارية تأسيساً على أن هيئة الأوقاف تعتبر وفقاً للقانون رقم 80 لسنة 1971 الصادر بإنشائها هيئة عامة أي أنها شخص من أشخاص القانون العام، وأنه وإن كانت الأوقاف التي تديرها الهيئة بقصد تنميتها تعتبر أموالاً خاصة، إلا أن المشرع أولاها عناية متميزة فعهد إلى أحد الوزراء وهو وزير الأوقاف - بإدارتها ثم نقل هذا الاختصاص لهيئة الأوقاف كما ساوى بين هذه الأموال والأموال المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة من حيث عدم جواز كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وجواز إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري بقرار من الوزير.
إزاء ما سبق قررت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9 من مارس سنة 1997 (إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقاً للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة، للفصل في الخلاف القائم حول مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة.
وقد حددت جلسة 5 يونيه سنة 1997 لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني خلصت فيه إلى أنها ترى أن المنازعات التي تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها تعتبر من المنازعات الإدارية التي تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
ولقد تدوّل الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على النحو الثابت بمحاضر جلساتها دون أن يحضر المطعون ضده بنفسه أو بوكيل عنه أي من هذه الجلسات رغم تكرار إخطاره ودون أن يقدم أية مذكرات، بينما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بجلسة 7/ 5/ 1998 (أكدت فيها على وجهة نظرها في أن المنازعات التي تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها لا تعتبر منازعات إدارية، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فيها، وإنما يدخل ذلك في اختصاص القضاء العادي. قررت المحكمة حجز الطعن للحكم، وصدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول طبيعة التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف بصفتها ناظراً للوقف على الأموال الموقوفة وما إذا كانت هذه التصرفات ذات طبيعة إدارية تسوغ لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بنظر المنازعات التي تثور بشأنها، أم أنها تعد من قبيل التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمحاكم مجلس الدولة بنظر الأنزعة التي تتفرع عنها.
ومن حيث إن المادة (52) من القانون المدني تنص على أن "الأشخاص الاعتبارية هي:
1 - الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية.
2 - الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية.
3 - الأوقاف. 4 - ........
وتنص المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف على أن "تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الآتية:
أولاً: الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه.......
ثانياً: الأوقاف التي لا يعرف مستحقوها ولا جهة الاستحقاق فيها حتى تحدد صفتها.
ثالثاً: الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين.
رابعاً: الأوقاف التي انتهت بحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 المشار إليه (الصادر بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات) ولا زالت في حراسة الوزارة وذلك إلى أن يتسلمها أصحابها.
خامساً: الأوقاف التي خوّل القانون رقم 22 لسنة 1958 لوزارة الأوقاف إدارتها."
وتنص المادة (5) من هذا القانون على أن "تتقاضى وزارة الأوقاف نظير إداراتها أعيان الوقف التي انتهت بالقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا زالت في حراستها رسماً بنسبة 10% من أصل إيراداتها، ويؤخذ علاوة على ذلك 5% من قيمة تكاليف الأعمال الفنية التي تنفذ في هذه الأعيان....".
ولقد صدر بعد ذلك القانون (80) لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ونصت المادة (1) على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى هيئة الأوقاف المصرية" تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف، ويكون مقرها مدينة القاهرة ويجوز إنشاء فروع لها في المحافظات بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة".
كما نصت المادة (2) على أن "تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية:
أولاً: الأوقاف المنصوص عليها في المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فيما عدا....... ثانياً: ....... ثالثاً: ....... رابعاً: الأوقاف التي يئول حق النظر عليها لوزارة الأوقاف بعد العمل بهذا القانون.
وتنص المادة (5) بأن "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقفين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها وكذلك محاسبة مستحقي الأوقاف الأهلية وفقاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1963 المشار إليه وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة".
وأخيراً تنص المادة (6) على أن "على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقاً لشروط الواقفين، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان...."
من حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن القانون المدني أدخل في المادة (52) منه (البند 3) - ضمن صور الأشخاص الاعتبارية - الأوقاف بعد أن عدد في البند (1) من ذات المادة الأشخاص الاعتبارية العامة كالدولة والمديريات (المحافظات) والمدن والقرى والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة، ويستفاد من هذه المقابلة أن الوقف الخيري لا يعدو أن يكون شخصاً اعتبارياً خاصاً، وتعتبر أمواله أموالاً خاصة لا يغير من طبيعتها أن تكون المادة (970) من القانون المدني قد أسبغت عليها نوعاً من الحماية والرعاية حفظاً لها من طمع الطامعين فحظرت تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وأجازت في الوقت ذاته إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، ذلك أن المشرع ساوى في شأن الحماية التي سبغها بموجب نص المادة (970) المشار إليها بين أموال الأوقاف الخيرية وأموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وكذلك أموال شركات القطاع العام غير التابعة لأيهما دون أن يدعي أحد بأن أموال هذه الجهات تعتبر أموالاً عامة تتماثل في طبيعتها وصفاتها مع المال العام المملوك للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة مخصصاً لأغراض النفع العام.
وحيث إن مشروع القانون رقم 272 لسنة 1959 إذ ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية كما يقوم النظار ابتغاء مصلحة الوقف وإشفاقاً على ريعه من أن تمتد إليه أيد غير أمينة تستولي عليه عمداً أو تنفقه بدداً، ولقد خلفتها في هذا العبء هيئة الأوقاف التي أنشئت بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 حيث أصبح لها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار التصرف في أموال الأوقاف الخيرية باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه ناظر وقف، والوقف من أشخاص القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصباً عاماً، لأن ولاية هذا المنصب - وإن كانت سند النظر - إلا أنها لا تصبح بذلك جزءاً من الدلالة العامة للمنصب، إذ يظل النظر على وضعه القانوني محدداً نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص، ولا يقوم ناظر الوقف هنا - وهو هيئة الأوقاف - إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص - فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة، وإنما باعتبارها نائبة على الناظر على الوقف وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري، وليس من شأن هذه النظارة المتمثلة في تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وإنفاقه عليه في المصارف التي نص عليها كتاب الوقف أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين أن يخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية التي نص عليها البند الرابع عشر في القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف، بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية. في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق