الصفحات

الأربعاء، 3 مارس 2021

الطعن 26006 لسنة 84 ق جلسة 17 / 5 / 2015 مكتب فني 66 ق 65 ص 468

 جلسة 17 من مايو سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / سمير مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل الكناني ، سعيد فنجري ، صفوت أحمد عبد المجيد وأسامة درويش نواب رئيس المحكمة .
------------

(65)

الطعن رقم 26006 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

حكم الإدانة طبقاً للمادة 310 إجراءات . بياناته ؟

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف . لا قصور .

(2) قانون " تفسيره " . نقد . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المادة 116/2 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد . مفادها ؟

مثال لتدليل سائغ على توافر الركن المادي لجريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج .

(3) نقد . قانون " الاعتذار بالجهل بالقانون " " تفسيره " . قصد جنائي . دفوع " الدفع بالجهل بالقانون أو الغلط فيه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 جريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج . عمدية . القصد الجنائي فيها . مناط توافره ؟

الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه . لا ينفي القصد الجنائي . علة ذلك : العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له . مفترض في حق الكافة .

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بالجهل بالقانون .

(4) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . نقد . نيابة عامة . دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المادة 131 من القانون 88 لسنة 2003 . مؤداها ؟

نعي الطاعن على الحكم ببطلان إجراءات تحريك الدعوى الجنائية لعدم وجود طلب مدير عام مصلحة الجمارك . غير مقبول . مادام دانه بجريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج بناء على طلب محافظ البنك المركزي ولم يدنه بجرائم مؤثمة بالقانون 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك .

(5) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . نقد . نيابة عامة . قانون " تفسيره " .

الإجراء المنصوص عليه بالمادة 131 من القانون 88 لسنة 2003 . حقيقته ؟

صور تقييد حق النيابة العامة في رفع الدعوى طبقاً للمذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات الجنائية . ماهيتها والقصد منها ؟

نعي الطاعن بخلو الطلب الصادر من محافظ البنك المركزي من تحديده كمسئول عن الجريمة . غير مقبول . أساس وعلة ذلك ؟

(6) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . تفتيش " التفتيش بقصد التوقي " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 الدفع ببطلان القبض والتفتيش . قانوني مختلط بالواقع . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . حد وعلة ذلك ؟

 التفتيش الذي يجريه الضابط للركاب قبل ركوبهم الطائرة تأمينًا لسلامتها. إجراء إداري تحفظي وليس تفتيشاً قضائياً . وجود أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق لإجرائه أو صفة الضبط القضائي فيمن يقوم به . غير لازم . أثر ذلك ؟

(7) إثبات "بوجه عام" " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟

اطمئنان المحكمة إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة . لا عيب .

(8) إثبات " بوجه عام " " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له تكوين عقيدته من أي
دليل . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .

تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد . صحيح .

(9) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

     العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين . ما لم يقيده القانون بذلك . له الأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه .

 تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟             

لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .

الجدل الموضوعي في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(10) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي بشأن عدم جدية التحريات . غير مقبول . مادام لا يتصل بقضاء الحكم .

(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

النعي على الحكم إغفاله التعرض لأوجه الدفاع دون الإفصاح عن ماهيتها . غير مقبول .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في الإدانة في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكــــون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .

2- لما كانت الفقرة الثانية من المادة 116 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد تنص على أن " يجوز للقادمين إلى البلاد أو المسافرين منها حمل أوراق نقد مصري في حدود خمسة آلاف جنيه مصري .." بما مفاده بمفهوم المخالفة أن حمل أوراق نقد مصري أكثر من المسموح به عند مغادرة البلاد أو القدوم إليها يعد جريمة يعاقب عليها القانون طبقاً للمادة سالفة البيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد ضبط بالمطار حاملاً مبلغ ستين ألف جنيه حال إنهاء إجراءات مغادرته البلاد متوجهاً إلى دولة .... وهو ما يوفر الركن المادي للجريمة التي دين بها ، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل.

3- لما كانت جريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج التي دين الطاعن بها من الجرائم العمدية ، ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً ، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام ، والذى يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة – محل التجريم – لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية الواقعة وعدم فهمه للقانون وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون – وهو لا يقبل منه ، لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي ، باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان ، إلَّا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي – والقوانين العقابية المكملة له – مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .

4- لما كانت النيابة العامة لم تحل الطاعن إلى المحاكمة بإحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن إصدار قانون الجمارك ولم يدنه الحكم المطعون فيه بأي منها ، وإنما دانه بجريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز الحد المسموح به قانوناً حال سفره للخارج عملاً بنصوص المواد 116/3 ، 118 ، 126/4،1 ، 129 ، 131 من القانون رقـم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد ، وكانت المادة 131 من القانون المشار إليه قد نصت على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق المنصوص عليها في هذا القانون الصادر تنفيذاً له ، وفى المادتين 116 مكرراً ، 116 مكرراً " أ " من قانون العقوبات في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون إلَّا بناءً على طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من رئيس مجلس الوزراء " ، وكان الثابت من المفردات المضمومة أنها احتوت على طلب كتابي صادر من محافظ البنك المركزي المصري في 15 من ديسمبر سنة 2013 بتحريك الدعوى الجنائية ضد الطاعن عن الجريمة المؤثمة بالمادة 116 من القانون رقم 88 لسـنة 2003 بادى الذكر والتي رفعت بشأنها الدعوى على الطاعن في 18 من ديسمبر سنة 2013 بعد صدور الطلب المذكور ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان إجراءات تحريك الدعوى الجنائية لعدم وجود طلب من مدير عام مصلحة الجمارك لا يكون له محل .

5- من المقرر أن الإجراء المنصوص عليه في المادة 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003 هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره ، وكان المشرع قد أفصح – بما أورده في المذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات الجنائية – عن قصده من تقييد حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية على صور ثلاث الأولى الشكوى وقصد بها حماية مصالح المجنى عليه الشخصية ، والثانية الطلب وهو يصدر من هيئة عامة بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنياً عليها أو بصفتها أمينة على مصالح الدولة العليا ، والثالثة الإذن وقد أريد به حماية شخص معين ينتسب إلى إحدى الهيئات التي قد يكون في رفع الدعوى عليه مساس بما لها من استقلال ، كما أن الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها فينطوي على تصريح باتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها ، أما مباشرة الإجراءات قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهي إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عن الجريمة ، ومن ثم فإن تحديد شخص المتهم يعد بياناً جوهرياً في الإذن ، أما الطلب فإنه يكفي لصحته اشتماله على البيانات التي تحدد الجريمة ذاتها التي صدر من أجلها تحديداً كافياً دون اعتبار لشخص من يسفر التحقيق عن إسنادها إليه ورفع الدعوى عنها قبله ، ودون أن يؤثر في صحته عدم النص فيه على المسئول عن الجريمة التي صدر من أجلها أو بيان كيفية ارتكابه لها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الطلب الصادر من محافظ البنك المركزي من البيانات التي أشار إليها بأسباب طعنه لا يكون مقبولاً .

6- من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة – محكمة النقض – ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فــإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن الواقعة على الصورة التي أوردها الحكم يبين منها أن التفتيش الذى أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو ذخائر ومفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات فهو تفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناءً على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن ، فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذى قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة لا تملكه إلَّا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم .

7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن تعييب الحكم في هذا الصـدد لا يكون له محل .

8- لما كان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، فإنه تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ليس فيه مخالفة للقانون ، وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به الضابط ، فـإن ما أثير حول استناد الحكم لهذه الأقوال لا يكون مقبولاً .

9- من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي عوَّل عليها الحكم ومنها الإقرار المنسوب له ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض .

10- لما كان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن عدم جدية التحريـات ، أمر لا يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول .

11- لما كان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول إنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطَّره الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عوَّل عليها في الإدانة في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكـون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 116 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد تنص على أنه " يجوز للقادمين إلى البلاد أو المسافرين منها حمل أوراق نقد مصري في حدود خمسة آلاف جنيه مصري .." بما مفاده بمفهوم المخالفة أن حمل أوراق نقد مصري أكثر من المسموح به عند مغادرة البلاد أو القدوم إليها يعد جريمة يعاقب عليها القانون طبقاً للمادة سالفة البيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد ضبط بالمطار حاملاً مبلغ ستين ألف جنيه حال إنهاء إجراءات مغادرته البلاد متوجهاً إلى دولة .... وهو ما يوفر الركن المادي للجريمة التي دين بها ، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكانت جريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج التي دين الطاعن بها من الجرائم العمدية ، ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً ، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام ، والذى يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل ، وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة – محل التجريم – لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية الواقعة وعدم فهمه للقانون وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون – وهو لا يقبل منه ، لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي ، باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان ، إلَّا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي – والقوانين العقابية المكملة له – مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت النيابة العامة لم تحل الطاعن إلى المحاكمة بإحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن إصدار قانون الجمارك ولم يدنه الحكم المطعون فيه بأي منها ، وإنما دانه بجريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز الحد المسموح به قانوناً حال سفره للخارج عملاً بنصوص المواد 116/3 ، 118 ، 126/4،1، 129 ، 131 من القانون رقـم 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد ، وكانت المادة 131 من القانون المشار إليه قد نصت على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق المنصوص عليها في هذا القانون الصادر تنفيذاً له ، وفى المادتين 116 مكرراً ، 116 مكرراً " أ " من قانون العقوبات في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون إلَّا بناءً على طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من رئيس مجلس الوزراء " ، وكان الثابت من المفردات المضمومة أنها احتوت على طلب كتابي صادر من محافظ البنك المركزي المصري في 15 من ديسمبر سنة 2013 بتحريك الدعوى الجنائية ضد الطاعن عن الجريمة المؤثمة بالمادة 116 من القانون رقم 88 لســنة 2003 بادى الذكر والتي رفعت بشأنها الدعوى على الطاعن في 18 من ديسمبر سنة 2013 بعد صدور الطلب المذكور ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان إجراءات تحريك الدعوى الجنائية لعدم وجود طلب من مدير عام مصلحة الجمارك لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإجراء المنصوص عليه في المادة 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003 هو في حقيقته طـلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره ، وكان المشرع قد أفصح – بما أورده في المذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات الجنائية – عن قصده من تقييد حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية على صور ثلاث الأولى الشكوى وقصد بها حماية صالح المجنى عليه الشخصية ، والثانية الطلب وهو يصدر من هيئة عامة بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنياً عليها أو بصفتها أمينة على مصالح الدولة العليا والثالثة الإذن وقد أريد به حماية شخص معين ينتسب إلى إحدى الهيئات التي قد يكون في رفع الدعوى عليه مساس بما لها من استقلال ، كما أن الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها فينطوي على تصريح باتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها ، أما مباشرة الإجراءات قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهي إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عن الجريمة ، ومن ثم فإن تحديد شخص المتهم يعد بياناً جوهرياً في الإذن ، أما الطلب فإنه يكفي لصحته اشتماله على البيانات التي تحدد الجريمة ذاتها التي صدر من أجلها تحديداً كافياً دون اعتبار لشخص من يسفر التحقيق عن إسنادها إليه ورفع الدعوى عنها قبله ، ودون أن يؤثر في صحته عدم النص فيه على المسئول عن الجريمة التي صدر من أجلها أو بيان كيفية ارتكابه لها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الطلب الصادر من محافظ البنك المركزي من البيانات التي أشار إليها بأسباب طعنه لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة – محكمة النقض – ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فـــــــــإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن الواقعة على الصورة التي أوردها الحكم يبين منها أن التفتيش الذى أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو ذخائر ومفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات فهو تفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن ، فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذى قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة لا تملكه إلَّا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن تعييب الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإنه تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ليس فيه مخالفة للقانون ، وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلى به الضابط ، فإن ما أثير حول استناد الحكم لهذه الأقوال لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم ومنها الإقرار المنسوب له ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن عدم جدية التحريــــات ، أمر لا يتصل بـقضاء الـحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقـبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول أنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق