الصفحات

الأربعاء، 3 فبراير 2021

الطعن 1164 لسنة 43 ق جلسة 31 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 267 ص 1309

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

--------------

(267)
الطعن رقم 1164 لسنة 43 القضائية

 (1)تعد. موظفون عموميون. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". خبز. تموين.
إثبات الحكم قيام الطاعن بتحريض الأهالي ضد رجال القوة وإمساكه مفتش التموين لمنعه من ركوب السيارة. كفايته لتحقق الركن المادي لجناية المادة 137 مكرراً أ عقوبات.
الركن الأدبي في هذه الجناية. يكفى فيه استظهار الحكم أن الغرض من التعدي هو حل المجنى عليهم. بغير حق. على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم.
 (2)إخفاء أدلة الجريمة. إعانة جان على الفرار. تعد. موظفون عموميون جريمة. "أركانها. قانون. "تفسيره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 145 عقوبات. القصد منها العقاب على أفعال إعانة الجاني على القرار لم تكن معاقباً عليها من قبل. عبارة. "إخفاء أدلة الجريمة". الواردة فيها لا تنطبق على حالات الإخفاء المقرر لها عقاب خاص. ومنها جناية المادة 137 مكرراً أ عقوبات.
 (3)نقض. "المصلحة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تعد. موظفون عموميون. عقوبة. "العقوبة المبررة". قصد جنائي.
النعي بأن الواقعة جنحة تعد على موظفين عموميين منطبقة على المادة 136 عقوبات دون جناية المادة 137 مكرراً منه لانتفاء القصد الخاص المتطلب فيها. لا يجدى ما دام أن فعل التعدي قد نشأ عنه جرح بعض الموظفين وأن العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق تلك المقررة للجريمة الأخيرة بالمادة 137 عقوبات.
 (4)إثبات. "شهود". إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سماع المحكمة بعض شهود الإثبات ثم مرافعة المدافع عن الطاعن دون طلب سماع شهود آخرين. اعتباره متنازلاً عن سماعهم. للمحكمة التعويل على أقوالهم في التحقيقات.
 (5)إجراءات. "إجراءات التحقيق". "إجراءات المحاكمة". تحقيق. "إجراءاته". دفوع. "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراءات الاستدلال والتحقيق الابتدائي والتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات. سقوطه إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه.
النعي على الحكم إغفاله الرد على الدفع ببطلان تحقيق النيابة لحصوله في حضور رجال الأمن. لا أساس له ما دام الطاعن يسلم في أسباب الطعن أن التحقيق تم في حضور محاميه الذى لم يبد اعتراضاً.
 (6)حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
البيان المعول عليه في الحكم هو الذى يبدو فيه اقتناع القاضي. مثال لخطا لا يعيب الحكم.
 (7)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أسباب الطعن. يجب لقبولها أن تكون واضحة محددة.
عدم الإفصاح عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود التي يرمى الطاعن الحكم بعدم رفعه. يوجب رفض الطعن.

--------------
1 - متى كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة - بما لا تنازع في صحة إسناد الحكم بشأنه - أنها قامت بتحريض الأهالي المتجمعين ضد رجال القوة وأنها أمسكت بمفتش التموين محاولة منعه من ركوب السيارة، فإن ذلك يكفى لتحقق الركن المادي للجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً من قانون العقوبات. ولما كان الحكم قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن غرض الطاعنة من تعديها قد انصرف إلى حمل المجنى عليهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبط الطاعنة وكمية الخبز اللازمة للتحقق من جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن الوزن المقرر، فإن ذلك يتوافر به الركن الأدبي للجناية المذكورة.
2 - إن الشارع لم يضع نص المادة 145 من قانون العقوبات إلا للعقاب على أفعال لم تكن من قبل معاقباً عليها، فكافة الطرق التي بينتها هي أفعال إعانة للجاني على الفرار مما لم يكن في ذاته مكوناً لجريمة خاصة منصوص عليها في القانون ومقرر لها عقاب معلوما. أما ما كان من هذه الأمور. يعاقب عليه القانون - مثل التعدي على موظف عمومي كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تنطبق عليه هذه المادة، ذلك بأن المراد من عبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" الواردة بها إنما هو الإخفاء الذى ما كان القانون يعاقب عليه، أما إذا كان إخفاء أدلة الجريمة مكوناً في ذاته لجريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن مثل هذه الصورة التي يقرر لها القانون عقاباً خاصاً وإن كانت في الواقع إخفاء لتلك الأدلة - لم يبعث عليه أولاً وبالذات سوى إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء – ليست البتة مما قصده الشارع بعبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" بل إن كل صورة منها تأخذ حكمها بحسب النص القانوني الخاص بها، وغاية ما يمكن القول به هو أن الفعل الواحد من أفعال الصور المتقدمة يكون الجريمة الخاصة المنصوص عليها في القانون وفى آن وأحد يكون جريمة المادة 145 المشار إليها.
3 - لا مصلحة للطاعنة فيما تثيره من أن ما قارفته لا يعدو أن يكون جنحة تعد على موظفين عموميين منطبقة على المادة 136 من قانون العقوبات لانتفاء القصد الجنائي لديها وهو انتواء الحصول من الموظف على نتيجة معينة – لأنه بفرض صحة دعواها - وما دام أنه نشأ عن فعل التعدي الذى ساهمت فيه جرح بعض رجال القوة - فإن العقوبة الموقعة عليها وهى الحبس سنة مع الشغل تكون مبررة في القانون، إذ تدخل في نطاق العقوبة المنصوص عليها في المادة 137 من قانون العقوبات وهى المادة المنطبقة على الواقعة المسندة إليها لو جردت من القصد الخاص اللازم لأعمال المادة 137 مكرراً ( أ ).
4 - خولت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية، المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى شاهدين من شهود الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعنة وأنهى مرافعته بطلب براءة موكلته دون أية إشارة منه إلى طلب سماع أي من شهود الإثبات الآخرين مما يستفاد منه التنازل الضمني عن سماعهم، فلا على المحكمة إذا هي عولت على أقوالهم في التحقيقات ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - تنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه". ولما كانت الطاعنة تسلم في أسباب طعنها بأن التحقيق معها تم بحضور محاميها الذى لم يبين ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
6 - الأصل أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذى يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن هذا السياق، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم ما تعيبه عليه الطاعنة من ترديه في الخطأ في خصوص بيان من قام من رجال القوة بنقل الخبز المضبوط إلى السيارة إذ أن هذه الواقعة بفرض قيام الخطأ فيها لا تمس منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها.
7 - من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه. ولما كانت الطاعنة لم تفصح في طعنها عن أوجه التناقض (فى أقوال الشهود) التي لم يعن الحكم برفعها فإن ما تثيره في هذا الصدد يكون مرسلاً مجهلاً حرياً بالرفض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخرين بأنهما في يوم 10 مارس سنة 1970 بدائرة قسم الأهرام محافظة الجيزة. استعملوا القوة والعنف في حق موظفين عموميين لحملهم على اجتناب أداء عمل من أعمال وظائفهم بأن اعتدوا على النقيب...... و...... مفتش تموين الجيزة والشرطيين السريين.... و..... و..... وأحدثوا بالثلاثة الأخيرين الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وذلك بقصد تمكين المتهمين الثانية والثالثة وآخرين من الفرار بعد ضبطهم حال ارتكابهم لجريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن الوزن المقرر للحيلولة دون إتمام الضبط وتمكنوا بذلك من بلوغ مقصودهم حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً (مطواة). وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت بتاريخ 10 يونيه سنة 1972 حضورياً بالنسبة للمتهمة الثانية (الطاعنة) وغيابياً بالنسبة إلى المتهمين الأول والثالث عملاً بالمادة 137 مكرراً أ 1/ 2 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الثانية والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعنت المحكوم عليها الثانية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة استعمال القوة مع موظفين عموميين لحملهم على اجتناب أداء عمل من أعمال وظيفتهم قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع وبطلان في الإجراءات اثر فيه كما انطوى على خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب، ذلك بأنه أعمل في حق الطاعنة المادة 137 مكرراً أ 1/ 2 من قانون العقوبات حال أن الجريمة المنطبقة في حقها، بفرض صحة الوقائع المسندة إليها - بعد أن كانت الجريمة التموينية قد وقعت بالفعل - هي جريمة إخفاء أدلة تلك الجريمة مما يندرج تحت نص المادة 145 من قانون العقوبات. ولما كانت هي زوجة مدير المخبر المسئول عن الجريمة التموينية المذكورة فإنها تتمتع بالإعفاء الوارد في الفقرة الأخيرة من هذه المادة، وعلى أية حال فإن الواقعة المنسوبة إلى الطاعنة تدخل في نطاق الجنحة المنصوص عليها في المادة 136 من قانون العقوبات الخاصة بالتعدي على الموظفين لا الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) منع لأن الأخيرة تتطلب علاوة على القصد العام وهو فعل التعدي قصداً خاصاً لدى المعتدى يتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدى عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يمتنع عن أداء عمل كلف به، الأمر الذى لم يتحقق في الدعوى الحالية لأن الاعتداء على رجال الشرطة حصل بعد تمام ضبط الجريمة التموينية ولم يكن الغرض منه حملهم على أداء عمل ما أو الامتناع عن أدائه. كما أن المحكمة عولت في قضائها بالإدانة على أقوال أحد الشهود في التحقيقات رغم حضوره جلسة المحاكمة مما كان يتعين معه أن تستمع هي بنفسها إليه وخاصة أن الطاعنة لم تتنازل صراحة عن سماعه. ثم أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفع الطاعنة ببطلان تحقيق النيابة لأنه تم بحضور رجال الأمن. فضلاً عن أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن.... و..... هما اللذان كانا يحملان الخبز المضبوط على خلاف الثابت في الأوراق من أن من قاما بنقل الخبز للسيارة هما الشرطيان السريان.... و.... وأخيراً فإن الحكم لم يعن برفع التناقض بين أقوال الشهود فيما بينهم ولا بين أقوالهم وما أثبته التقرير الطبي الشرعي وما ورد بإشارة الحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه في يوم الحادث توجه النقيب..... رئيس مباحث تموين الجيزة على رأس قوة من رجال الشرطة إلى مخبز.... بنزلة السمان حيث سأل عن مدير المخبز المسئول فتقدمت له الطاعنة وقررت أنها هي التي تدير المحل لغياب زوجها فطلب إليها أن تقدم له بعض الخبز الطري ففعلت وقد لاحظ به نقصاً ملحوظاً في الوزن. وما أن تجمع لدى رئيس مباحث التموين 160 رغيفاً كلف بعض مرافقيه بنقل هذا الخبز إلى السيارة لوزنه بها حيث كانت توجد السنج اللازمة وطلب إلى الطاعنة مصاحبتهم ولدى توجههم إلى السيارة أخذ المتهم الأول والطاعنة يستعطفانه ولما لم يجدهما ذلك قاما بتحريض الأهالي المتجمعين ضد رجال القوة كما أمسكت الطاعنة بمفتش التموين..... محاولة منعه من ركوب السيارة، وبينما كان النقيب...... يحاول تخليصه منها حاول المتهم الأول طعنه بمطواة إلا أن الشرطي السري...... سارع بجذبها من يدها مما تسبب عنه إصابته في مواضع مختلفة من جسمه. وفى هذه الأثناء قام المتهم الثالث بمعاونة فريق من الأهالي بتمزيق معظم الخبز المضبوط وبالاعتداء بالضرب على أفراد القوة بحيث لم يتمكن أولئك إلا من تخليص 54 رغيفاً من الكمية المضبوطة. وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات في المساق المتقدم ومن التقرير الطبي الشرعي - عرض لما أثارته الطاعنة من منازعة في التكييف القانوني للواقعة على النحو الوارد في وجه طعنها ورد عليه بقوله: "ولما كان المقرر أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المادتين 136 و137 من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من هذا القانون بحكمها ركن مادى واحد ويفصل بينها الركن الأدبي فبينما يكفى لتوافر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو مجرد إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق في المادة 137 مكرراً ( أ ) إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام يتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدى عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدى فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وكان الثابت من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها على ما سلف بيانه أن التعدي الذى وقع من المتهمين على المجنى عليهم إنما كان يقصد إخلاء سبيل المتهمة الثانية وعدم القيام بنقل الخبز المضبوط لوزنه والتحقق مما إذا كان به نقص عن الوزن القانوني من عدمه، فإن المادة 137 مكرراً من قانون العقوبات هي التي تطبق على ما قاموا به من أفعال سبق بيانها تفصيلاً. ولما كان المتهمون قد بلغوا مقصدهم في هذا الشأن وذلك بما ترتب على التعدي من تمزيق معظم الخبز المضبوط فقد كان عدده مائة وستين رغيفاً لم يبق منه سوى أربعة وخمسين رغيفاً فقط ولم يتيسر إزاء التعدي الذى حصل ضبط المتهمة الثانية فإن المتهمين يكونون بذلك التعدي الذى قاموا به قد بلغوا مقصدهم مما يتعين معه تطبيق المادة 137 مكرر بفقرتها الثانية أيضاً في شأنهم لاسيما وأن الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في القضية رقم 23 لسنة 1970 أمن الدولة الجزئية لقسم الأهرام المنضمة أن المحكمة قد قضت بالبراءة استناداً إلى قلة عدد الأرغفة المضبوطة ونقصها عن مائة وستين رغيفاً" وما أورده الحكم المطعون فيه سائغ وصحيح في القانون، ذلك بأنه أثبت في حق الطاعنة - بما لا تنازع في صحة إسناد الحكم بشأنه - أنها قامت بتحريض الأهالي المتجمعين ضد رجال القوة وأنها أمسكت بمفتش التموين محاولة منعه من ركوب السيارة بما يكفى لتحقق الركن المادي للجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات كما استظهر الحكم استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن غرض الطاعنة من تعديها قد انصرف إلى حمل المجنى عليهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبط الطاعنة وكمية الخبز اللازمة للتحقق من ثبوت جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن الوزن المقرر بما بتوافر به الركن الأدبي للجناية المذكورة. لما كان ذلك، وكان ما تحاج به الطاعنة من أن الجريمة المنطبقة في حقها هي جريمة إخفاء أدلة الجريمة التي وقعت مما يعاقب عليه طبقاً لنص المادة 145 من قانون العقوبات – مردوداً بأن الشارع لم يضع هذه المادة إلا للعقاب على أفعال لم تكن من قبل معاقباً عليها، فكافة الطرق التي بينتها هي أفعال أعانة للجاني على الفرار مما لم يكن في ذاته مكوناً لجريمة خاصة منصوص عليها في القانون ومقرر لها عقاب معلوم أما ما كان من هذه الأمور يعاقب عليها القانون - مثل التعدي على موظف عمومي كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تنطبق عليه هذه المادة، ذلك بأن المراد من عبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" الواردة بها إنما هو الإخفاء الذى ما كان القانون يعاقب عليه أما إذا كان إخفاء أدلة الجريمة مكوناً في ذاته لجريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن مثل هذه الصورة التي يقرر لها القانون عقاباً خاصاً وإن كانت في الواقع إخفاء لتلك الأدلة - لم يبعث عليه أولاً وبالذات سوى إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء – ليست البتة مما قصده الشارع بعبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" بل أن كل صورة منها تأخذ حكمها بحسب النص القانوني الخاص بها، وغاية ما يمكن القول به هو أن الفعل الواحد من أفعال الصور المتقدمة يكون الجريمة الخاصة المنصوص عليها في قانون وفى آن واحد يكون جريمة المادة 145 المشار إليها ويقتضى تطبيق مبدأ الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات الخاص بتعدد الأوصاف القانونية للفعل الواحد. لما كان ذلك، وكان ما تجادل به الطاعنة من أن ما قارفته لا يعدو أن يكون جنحة تعد على موظفين عموميين منطبقة على المادة 136 من قانون العقوبات لانتفاء القصد الخاص لديها وهو انتواء الحصول من الموظف على نتيجة معينة - مردوداً كذلك بأنه لا مصلحة للطاعنة فيما تثيره في هذا الشأن لأنه بفرض صحة دعواها - وما دام أنه قد نشأ عن فعل التعدي الذى ساهمت فيه جرح بعض رجال القوة - فإن العقوبة الموقعة عليها وهى الحبس سنة مع الشغل تكون مبررة في القانون إذ تدخل في نطاق العقوبة المنصوص عليها في المادة 137 من قانون العقوبات وهى المادة المنطبقة على الواقعة المسندة إلى الطاعنة لو جردت من القصد الخاص اللازم لأعمال المادة 137 مكرراً أ. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى شاهدين من شهود الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعنة وأنهى مرافعته بطلب براءة موكلته دون أية إشارة منه إلى طلب سماع أي من شهود الإثبات الآخرين مما يستفاد منه التنازل الضمني عن سماعهم فلا على المحكمة إذ هي عولت على أقوالهم في التحقيقات ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات، إذ كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه" ولما كانت الطاعنة تسلم في أسباب طعنها بأن التحقيق معها تم بحضور محاميها الذى لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق، فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك. وكان الأصل أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذى يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن هذا السياق، فلا يقدح في سلامة الحكم ما تعيبه عليه الطاعنة من ترديه من الخطأ في خصوص بيان من قام من رجال القوة بنقل الخبز المضبوط إلى السيارة إذ أن هذه الواقعة بفرض قيام الخطأ فيها لا تمس منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبينا به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه وكانت الطاعنة لم تفصح في طعنها عن أوجه التناقض التي لم يعن الحكم برفعها فإن ما تثيره في هذا الصدد يكون مرسلاً مجهلاً حرياً بالرفض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق