الصفحات

الأحد، 17 يناير 2021

دستورية حظر الجمع بين العلاوة الاجتماعية الإضافية وبين الإعانة المقررة لأصحاب المعاشات

الدعوى رقم 217 لسنة 26 ق "دستورية" جلسة 5 / 12 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنة 2020م، الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1442 ه. 

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر 


أصدرت الحكم الآتى 

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 217 لسنة 26 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 24/6/2004، ملف الطعن رقم 6699 لسنة 44 قضائية "عليا". 

المقام من 

شعبان عبد الغفار محمود 

ضد 

محافظ أسيوط 


الإجراءات 

بتاريخ الحادي عشر من نوفمبر سنة 2004، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 6699 لسنة 44 قضائية "عليا"، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا، بجلسة 24/6/2004، بوقف الطعن، وإحالته إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 101 لسنة 1987 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة والقطاع العام، التي تنص على أنه "لا يجوز الجمع بين العلاوة الخاصة المنصوص عليها في هذا القانون وبين الزيادة التي تقررت في المعاش اعتبارًا من أول يوليو سنة 1987"، وكذا المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1982 بمنح علاوة اجتماعية إضافية، التي تنص على أنه "لا يجوز الجمع بين أكثر من علاوة طبقًا لأحكام هذا القانون من أكثر من جهة أو بينها وبين أية علاوة مماثلة" - باعتبار أن العلاوة التي قررها القانون رقم 116 لسنة 1982 بتقرير إعانة لأصحاب المعاشات والمستحقين، هي علاوة مماثلة للعلاوة التي قررها القانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه. 


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. 

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. 


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن شعبان عبدالغفار محمود، كان قد أقام الدعوى رقم 1420 لسنة 7 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثانية – بأسيوط، ضد محافظ أسيوط، طالبًا الحكم، أولاً: بأحقيته في صرف العلاوة المقررة بالقانون رقم 101 لسنة 1987 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة والقطاع العام، قدرها 20% من الأجر الأساسي، اعتبارًا من 1/7/1987، مع ضمها إلى راتبه الأصلي اعتبارًا من 1/7/1992، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها الحكم بمتجمد العلاوات اعتبارًا من تاريخ استحقاقها في 1/7/1987. ثانيًا: أحقيته في العلاوة الاجتماعية المقررة بالقانون رقم 113 لسنة 1982 بمنح علاوة اجتماعية إضافية، قدرها أربعة جنيهات، اعتبارًا من تاريخ استحقاقها في 1/7/1983، مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها الحكم بمتجمد هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها. على سند من أنه يعمل بالوحدة المحلية لمركز ومدينة أسيوط، وأثناء تأديته الخدمة العسكرية، أصيب في العمليات الحربية بتاريخ 16/4/1973، فتم إنهاء خدمته العسكرية، وتقرر له معاش استثنائي من إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة، إعمالاً لنصى المادتين (29 و30) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، بالإضافة إلى راتبه المدني، إلا أن الجهة الإدارية التي يعمل بها لم تمنحه العلاوتين المقررتين بالقانونين رقمي 101 لسنة 1987 و113 لسنة 1982 المشار إليهما، على سند من أنه يتقاضى هاتين العلاوتين ضمن معاشه الاستثنائي، وعدم جواز الجمع بين أكثر من علاوة، مما حدا به إلى إقامة دعواه المشار إليها، توصلاً للقضاء له بطلباته المتقدمة. وقد انتهت محكمة القضاء الإداري إلى تحديد حقيقة الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، في طلب الحكم بأحقية المدعى في صرف العلاوة المقررة بالقانون رقم 101 لسنة 1987 المشار إليه، وقدرها 20% من الراتب الأساسي، بالإضافة إلى الزيادة التي تقررت في المعاش، وكذا أحقيته في الجمع بين العلاوة الاجتماعية الإضافية المقررة بالقانون رقم 113 لسنة 1982 السالف الذكر، وبين الإعانة المقررة بالقانون رقم 116 لسنة 1982 بتقرير إعانة لأصحاب المعاشات والمستحقين، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 17/5/1998، قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيسًا على أن المدعى – في الدعوى الموضوعية – يتقاضى بجانب راتبه من عمله معاشًا استثنائيًّا، لإصابته في العمليات الحربية بالقوات المسلحة، وفقًا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المشار إليه، وبالتالي لا يستحق صرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون رقم 101 لسنة 1987 المشار إليه، بعد أن استحق الزيادة المقررة للمعاشات العسكرية، بموجب القانون رقم 114 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، إعمالاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 101 لسنة 1987، وعلى ذلك لا يستحق ضم هذه العلاوة إلى الأجر الأساسي طبقًا للقانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة، وضم العلاوة الإضافية إلى الأجور الأساسية، كما لا يجوز له الجمع بين العلاوة المنصوص عليها في القانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه، والإعانة المقررة بالقانون رقم 116 لسنة 1982 المار ذكره، لتماثل هذه العلاوة مع تلك الإعانة في القيمة والهدف من تقريرهما. وإذ استحق المدعى صرف الإعانة باعتباره صاحب معاش عسكري، فإنه لا يستحق صرف العلاوة الاجتماعية الإضافية المقررة بالقانون رقم 113 لسنة 1987. لم يرتض المحكوم ضده – المدعى - هذا القضاء، وطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 6699 لسنة 44 قضائية عليا، وبجلسة 24/6/2004، قضت المحكمة بوقف الطعن، وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 101 لسنة 1987 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة والقطاع العام، التي تنص على أنه "لا يجوز الجمع بين العلاوة الخاصة المنصوص عليها في هذا القانون وبين الزيادة التي تقررت في المعاش اعتبارًا من أول يوليو سنة 1987"، وكذا المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1982 بمنح علاوة اجتماعية إضافية، التي تنص على أنه "لا يجوز الجمع بين أكثر من علاوة طبقًا لأحكام هذا القانون من أكثر من جهة أو بينها وبين أية علاوة مماثلة"، باعتبار أن العلاوة التي قررها القانون رقم 116 لسنة 1982 بتقرير إعانة لأصحاب المعاشات والمستحقين، هي علاوة مماثلة للعلاوة التي قررها القانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه. وأحال هذا الحكم في بيان مناعيه على النصين المحالين إلى ما جاء بأسباب الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/2/1995، في الدعوى رقم 3 لسنة 16 قضائية "دستورية"، من أن حظر الجمع بين الأجر والمعاش يخالف نصوص المواد (7، 13، 17، 23، 34، 62، 122) من الدستور الصادر سنة 1971، على سند من أن الحق في المعاش لا يعتبر منافيًا للحق في الأجر، وليس ثمة ما يحول دون اجتماعهما، باعتبارهما مختلفين مصدرًا وسببًا. 

وحيث إن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي قدمت أثناء تحضير الدعوى مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني، واحتياطيًّا: برفض الدعوى، حال كون تلك الهيئة لم تكن خصمًا أصليًّا أو متدخلاً في الدعوى الموضوعية، لتنتفي بذلك صفتها في الدعوى المعروضة، الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن تلك الطلبات. 

وحيث إن حقيقة الإحالة التي تضمنها قضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 24/6/2004، في الطعن رقم 6699 لسنة 44 قضائية "عليا"، إنما تنصب – في شق منها - على نص المادة الثالثة من القانون رقم 101 لسنة 1987 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة والقطاع العام المستبدل بالقانون رقم 137 لسنة 1988، الذي سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة به، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 4/5/2019، في الدعوى رقم 98 لسنة 24 قضائية "دستورية"، القاضي في منطوقه، برفض الدعوى. ونُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 19 (مكرر) بتاريخ 12/5/2019. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصي المادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارها قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها من جديد عليها لمراجعتها، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها. 

وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 113 لسنة 1982 بمنح علاوة اجتماعية إضافية تنص على أن "تمنح علاوة اجتماعية إضافية بواقع أربعة جنيهات شهريًّا للعاملين داخل جمهورية مصر العربية الآتي بيانهم: 

(1) العاملون بالدولة سواء كانوا بالجهاز الإداري للدولة أو بوحدات الحكم المحلى أو بالهيئات العامة، الدائمون والمؤقتون، والمعينون بمكافآت شاملة أو على اعتمادات غير موزعة إلى درجات المدرجة وظائفهم أو اعتماداتهم بموازنة الجهة. 

(2) العاملون بالقطاع العام. 

(3) العاملون في الدولة والذين تنظم شئون توظفهم قوانين خاصة". 


وتنص المادة الثانية من هذا القانون على أنه " لا يجوز الجمع بين أكثر من علاوة طبقًا لأحكام هذا القانون من أكثر من جهة أو بينها وبين أية علاوة مماثلة وذلك دون إخلال بالعلاوة الاجتماعية المقررة بالقانون رقم 118 لسنة 1981". 



وتنص المادة الأولى من القانون رقم 116 لسنة 1982 بتقرير إعانة لأصحاب المعاشات والمستحقين على أن " تضاف إعانة بواقع أربعة جنيهات شهريًّا للمعاشات المستحقة والتي تستحق وفقًا لأحكام التشريعات التالية:.......... 

9- القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة والقوانين المعدلة له". 

وحيث إن البين من النصوص المتقدمة أن المشرع – على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه، وتقرير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب – مراعاة منه لظروف العاملين، وبهدف التخفيف عن كاهلهم، وبما يشعرون به من غلاء، وهو موجة تجتاح العالم كله وليس مصر فقط، وفى سبيل دعم هذه السياسة، تقرر بمقتضى القانون المشار إليه، منح العاملين داخل جمهورية مصر العربية بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الحكم المحلى والهيئات العامة، سواء كانوا دائمين أو مؤقتين أو معينين بمكافآت شاملة أو على اعتمادات غير موزعة إلى درجات المدرجة وظائفهم أو اعتماداتهم بموازنة الجهة، والعاملين بالقطاع العام، والعاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين خاصة، علاوة اجتماعية إضافية بواقع أربعة جنيهات شهريًّا. وحظرت المادة الثانية من هذا القانون الجمع بين هذه العلاوة وأية علاوة أخرى مماثلة لها، ويتحقق التماثل بين العلاوات المتطلب بوصفه شرطًا لإعمال هذا الحظر، في حالة تماثل العلاوات المقررة في الهدف والمقدار. هذا وقد حرص المشرع بموجب القانون رقم 116 لسنة 1982 المشار إليه على منح أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم - ومن بينهم المخاطبون بأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، والقوانين المعدلة له - إعانة إضافية، بالمقدار ذاته الذي تقرر للعاملين المخاطبين بأحكام القانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه، وهو أربعة جنيهات شهريًّا، تحقيقًا للهدف عينه من تقرير العلاوة الاجتماعية الإضافية - كما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 116 لسنة 1982 المار ذكره، وتقرير اللجنة المشتركة المشار إليها بمجلس الشعب - لتخفيف المعاناة عن كاهل محدودي الدخل، والتخفيف من أعباء المعيشة، أسوة بما تم بالنسبة للعاملين. 

وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. ومؤدى ذلك: أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعي المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذي ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول أحقية المدعى - في الدعوى الموضوعية - باعتباره من العاملين بوحدات الحكم المحلى، المستحق لمعاش استثنائي طبقًا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، في الجمع بين العلاوة الاجتماعية الإضافية المقررة بالقانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه، وبين الإعانة المقررة لأصحاب المعاشات العسكرية بمقتضى القانون رقم 116 لسنة 1982 المار ذكره. وكانت المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1982 السالف الذكر، قد حظرت الجمع بين هذه العلاوة وأية علاوة مماثلة، ومن بينها الإعانة التي تقررت بمقتضى القانون رقم 116 لسنة 1982 المشار إليه، التي تماثلها في الهدف والمقدار، ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة في نص المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1982 السالف الذكر، في مجال انطباقه على نص الفقرة الأولى والبند رقم (9) من المادة الأولى من القانون رقم 116 لسنة 1982 المار ذكره، باعتبار أن ذلك النص في حدود نطاقه المتقدم، هو الحاكم للمسألة المعروضة على محكمة الموضوع، الذي انصبت عليه حقيقة الإحالة الواردة منها، ومن ثم فإن القضاء في دستوريته، سيكون ذا أثر وانعكاس أكيد على النزاع المردد أمام تلك المحكمة، والطلبات المطروحة به، وقضاء المحكمة فيها. 


وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال - فيما تضمنه من حظر الجمع بين العلاوة الاجتماعية الإضافية، والإعانة المقررة لأصحاب المعاشات بمقتضى القانون رقم 116 لسنة 1982 المشار إليه، في حدود النطاق المتقدم - مخالفة نصوص المواد (7، 13، 17، 23، 34، 62، 122) من الدستور الصادر سنة 1971، وتقابلها المواد (8، 12، 17، 27، 35، 87، 128) من الدستور الحالي الصادر سنة 2014، على سند من أن الحق في المعاش لا يعتبر منافيًا للحق في الأجر، وليس ثمة ما يحول دون اجتماعهما، وكذا الزيادات التي تتقرر بالنسبة لهما، كعلاوات للعاملين أو إعانات لأصحاب المعاشات، لاختلافها مصدرًا وسببًا، ليضحى حظر الجمع بينها بمقتضى النص المحال، مصادمًا لأحكام الدستور. 






وحيث إن من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية، التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم، دون غيره، إذ إن هذه الرقابة، إنما تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به، وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي أثارتها محكمة الموضوع بشأن النص التشريعي المحال، تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المحال في حدود نطاقه المتقدم، الذي مازال قائمًا ومعمولاً بأحكامه، من خلال أحكام الدستور الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية. 





وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم، لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس ثمة قيد على مباشرة المشرع لسلطته هذه إلا أن يكون الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة، تعتبر تخومًا لها ينبغي التزامها. 





وحيث إن من المقرر أنَّ كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرده إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم، باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها. 





وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما نص عليه الدستور في المادة (8) من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعنى وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، وترابط أفرادها فيما بينهم، فلا يكون بعضهم لبعض إلا ظهيرًا، ولا يتناحرون طمعًا، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم عن حماية تلك المصالح، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازًا، ولا أن ينال قدرًا من الحقوق يكون بها – عدوانًا - أكثر علوًا، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق، وتتهيأ معها تلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار. كما جعل الدستور بنص المادة (17) توفير خدمات التأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي، التزامًا دستوريًّا على الدولة، لا تملك منه فكاكًا، وأوكل إلى القانون بنص المادة (128) منه، بيان قواعد تحديد المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تتقرر على الخزانة العامة للدولة، وحالات الاستثناء منها، والجهات التي تتولى تطبيقها، باعتباره الأداة الدستورية التي اختارها، وأوسد إليها هذا الاختصاص. لما كان ذلك، وكان المشرع في إطار تحديده للقواعد الحاكمة لصرف العلاوة الاجتماعية الإضافية، بما يتفق والغاية من تقريرها، لم يجز بمقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه - المحال - الجمع بينها وبين العلاوات المماثلة، ومن بينها الإعانة المقررة بمقتضى القانون رقم 116 لسنة 1982 المار ذكره، لأصحاب المعاشات المخاطبين بأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، التي تماثلها في المقدار، وتتحد معها في العلة من تقريرها، وهى مواجهة الأوضاع الاقتصادية، وما ترتب عليها من غلاء وزيادة في الأسعار، والتخفيف من أعباء المعيشة عن كاهلهم، بما لا خروج فيه على قواعد التضامن الاجتماعي، الذي جعله الدستور بنص المادة (8) منه، أساسًا لبناء المجتمع، أو مجاوزة من الدولة للالتزام الدستوري الملقى على عاتقها بموجب هذا النص، في توفير سبل التكافل الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وداخلاً - بما قرره من أحكام - في إطار سلطة المشرع التقديرية، في تنظيم الحق في التأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي، المقررين بمقتضى نص المادة (17) من الدستور، وكذا بيان قواعد تحديد المرتبات والمعاشات طبقًا لنص المادة (128) منه، ودون مساس بأصلها أو جوهرها، وهو القيد العام الضابط لسلطة المشرع في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، الذي قررته المادة (92) من الدستور. 





وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العمل ليس ترفًا يمكن النزول عنه، ولا هو منحة من الدولة تبسطها أو تقبضها وفق مشيئتها، لتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يمنعون منها، ولا هو إكراه للعامل على عمل لا يقبل عليه باختياره، أو يقع التمييز فيه بينه وبين غيره لاعتبار لا يتعلق بقيمة العمل، أو غير ذلك من الشروط الموضوعية التي تتصل بالأوضاع التي يجب أن يُمارَس فيها، وسواء انعكس هذا التمييز في شكل آثار اقتصادية أم كان مرهقًا لبيئة العمل ذاتها، مثيرًا لنوازع عدائية فيما بين العاملين فيها. والأصل في العمل أن يكون إراديًّا قائمًا على الاختيار الحر، ذلك أن علائق العمل قوامها شراء الجهة التي تقوم باستخدام العامل لقوة العمل بعد عرضها عليها. ولا يجوز بالتالى أن يُحمل المواطن على العمل حملاً بأن يُدفع إليه قسرًا، أو يُفرض عليه عنوةً، إلا أن يكون ذلك وفق القانون – وبوصفه تدبيرًا استثنائيًا لإشباع غرض عام - وبمقابل عادل، وهى شروط تطلبها الدستور في العمل الإلزامي، وقيد المشرع بمراعاتها في مجال تنظيمه، كي لا يتخذ شكلاً من أشكال السخرة النافية في جوهرها للحق في العمل باعتباره شرفًا، والمجافية للمادة (12) من الدستور. ولما كان اقتضاء الأجر العادل مشروطًا بالمادة (12) من الدستور، بوصفه مقابلاً لعمل تحمل الدولة مواطنيها عليه قسرًا، استيفاءً من جانبها لدواعي الخدمة العامة، ونزولاً على مقتضياتها، فإن الوفاء بهذا الأجر - توكيدًا للعدل الاجتماعي، وإعلاءً لقدر الإنسان وقيمته، واعترافًا بشخصيته المتنامية وما يتصل بها من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية - يكون بالضرورة التزامًا أحق بالحماية الدستورية، وأكفل لموجباتها، كلما كان مقابلاً لعمل تم أداؤه في نطاق رابطة عقدية أو علاقة تنظيمية ارتبط طرفاها بها، وحُدّد الأجر من خلالها. 





حيث كان ما تقدم، وكانت العلاوة الاجتماعية الإضافية المقررة بالقانون رقم 113 لسنة 1982 المشار إليه، قد تقررت لكافة العاملين بالدولة - سواء كانوا بالجهاز الإداري للدولة أو بوحدات الحكم المحلى أو بالهيئات العامة، الدائمون منهم والمؤقتون والمعينون بمكافآت شاملة أو على اعتمادات غير موزعة إلى درجات المدرجة وظائفهم أو اعتماداتهم بموازنة الجهة، والعاملون بالقطاع العام، والعاملون في الدولة الذين تنظم شئون توظفهم قوانين خاصة - وذلك مراعاة لظروف هؤلاء العاملين في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، والتخفيف عن كاهلهم، مما يتحملونه من أعباء المعيشة، ومواجهة موجة الغلاء وارتفاع الأسعار، دون ربطها بالإنتاج، أو بكيفية أداء العامل لعمله، ودرجة مهارته وكفاءته فيه. كما قرر المشرع، في الوقت ذاته، إعانة لأصحاب المعاشات العسكرية بالمقدار ذاته، وللهدف عينه، بما مؤداه: وحدة الغاية من الإعانة التي تقررت لأصحاب المعاشات، وتقرير تلك العلاوة الاجتماعية الإضافية للعاملين. وكان المشرع قد نظم بموجب النص المحال، في حدود نطاقه المتقدم، الأحكام الخاصة بصرف تلك العلاوة حال استحقاق العامل للإعانة التي تقررت في معاشه، فحظر الجمع بينهما، وذلك لتحقق الغرض الذي أراده المشرع من تقريرهما، فإن النص المحال باعتباره الوسيلة التي اختارها المشرع لتنظيم هذه المسألة، يكون متناسبًا مع الغاية التي رصدها، والهدف الذي سعى إلى بلوغه بتقرير هذه الأحكام، وكافلاً تحقيقه، ولا يتضمن مساسًا بالحق في العمل أو في الأجر العادل، المحدد إنصافًا، الذي يُعد كفالته – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ضمانة جوهرية لإسهام العامل كمواطن في الحياة العامة، الذي غدت مشاركته فيها واجبًا وطنيًّا، فمن ثم لا يكون هذا النص مخالفًا لنصى المادتين (12، 87) من الدستور. 





وحيث إن المشرع بما ضمنه النص المحال من أحكام، تكفل تلافى ازدواجية الصرف لذات العلة، بين العلاوة الاجتماعية الإضافية والإعانة التي تقررت لأصحاب المعاشات، قد حرص على تحقيق التوازن بين مصلحة العامل والمصلحة العامة، الذي أوجبته المادة (27) من الدستور، والتوفيق بين الالتزام الدستوري المُلقى على عاتق الدولة بمقتضى هذا النص في رفع مستوى المعيشة، والتزامها بضمان التوزيع العادل لعوائد التنمية، وتقليل الفوارق بين الدخول، التي تدخل ضمن الأهداف الاجتماعية التي يلتزم النظام الاقتصادي، الذي تختاره الدولة نهجًا لها، بكفالة تحقيقها، طبقًا لنص المادة (27) المشار إليه، الذي يمثل النص المحال أحد وسائله لبلوغ تلك الغايات والأهداف، المرتبطة عقلاً ومنطقًا بها، بما لازمه أن الأحكام التي تضمنها هذا النص، التي تحظر الجمع بين العلاوة الاجتماعية الإضافية والإعانة المقررة لأصحاب المعاشات، لا تنطوي على مساس بالحق في الملكية بالنسبة للعامل أو صاحب المعاش، أو ينتقص من أحد عناصر ذمتهما المالية، ذلك أن كلاً من العلاوة أو الإعانة المشار إليهما، لا تُعد أحد العناصر المادية لذمتهما المالية، إلا إذا توافرت لها شروط استحقاقها، التي يحكم مشروعيتها من الوجهة الدستورية توافقها مع أحكام الدستور، بما مؤداه: أن ما تضمنه النص المحال على النحو المتقدم، لا يتمخض عن أي مخالفة لنصى المادتين (27، 35) من الدستور. 

وحيث إن النص المحال، في حدود نطاقه المتقدم، لا يخالف أى نص آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى. 



فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة برفض الدعوى. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق