الصفحات

السبت، 16 يناير 2021

نقض جنائي الطعن 2854 لسنة 53 ق جلسة 26 / 3 / 1984 مكتب فني 35 ق 73 ص 341

جلسة 26 من مارس سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ حسن عمار نائب رئيس المحكمة ومحمد الصوفي ومسعد الساعي ومحمود البارودي.

---------------------

(73)
الطعن رقم 2854 لسنة 53 القضائية

تفتيش. نيابة عامة. إذن التفتيش. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في اختصاص من يملك إصدار إذن التفتيش إنما تكون بالواقع.
ماهية اختصاص المكتب الفني للنائب العام؟. المادة الأولى من قرار النائب العام الصادر في 16 سبتمبر سنة 1968 برقم 15.
إصدار أحد أعضاء المكتب الفني للنائب العام إذناً بالتفتيش بناء على إحالة محضر التحريات إليه من رئيس ذلك المكتب. دون ندب النائب العام له في ذلك. باطل. أساس ذلك؟

--------------------
لما كان من المقرر أن العبرة في اختصاص من يملك إصدار إذن التفتيش إنما تكون بالواقع، وكانت المادة الأولى من قرار النائب العام الصادر بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1968 برقم 15 والخاص بإنشاء المكتب الفني الملحق بمكتب النائب العام قد حددت الاختصاصات المنوطة برئيس وأعضاء ذلك المكتب وذلك بقولها: "ينشأ بمكتب النائب العام مكتب فني يختص بدراسة ومتابعة وعرض المسائل القضائية والفنية التي تحال إليه منا". وكان مقتضى ذلك أن قرار إنشاء المكتب الفني المذكور لم يمنح أي من رئيسه وأعضائه سلطة القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق على مستوى أي مكان من أنحاء الجمهورية، ومن ثم فإن الإذن بالتفتيش الذي أصدره أحد أعضاء المكتب الفني المشار إليه بناء على إحالة محضر التحريات إليه من رئيس ذلك المكتب ودون أن يندب لذلك خصيصاً من صاحب الحق في ذلك وهو النائب العام يكون قد وقع باطلاً لصدوره من غير مختص بإصداره، ويبطل تبعاً لذلك التفتيش الذي يجرى بناء عليه فلا يصح للمحاكم الاعتماد عليه بل ولا على شهادة من أجروه ولا على ما يثبتونه في محضرهم أثناء هذا التفتيش من أقوال واعترافات مقول بحصولها أمامهم من المتهمين لأن مثل هذه الشهادة تتضمن في الواقع إخباراً منهم عن أمر ارتكبوه مخالف للقانون، فالاعتماد على مثلها في إصدار الحكم اعتماد على أمر تمقته الآداب وهو في حد ذاته جريمة منطبقة على المادة 128 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في قضائه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويغدو النعي عليه في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما:...... المتهم الأول: 1 - أحرز وحاز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين "أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 - حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". 3 - حاز ذخائر "تسع طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. المتهمة الثانية: حازت بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات جنائية مع تطبيق المادة 30 من قانون العقوبات والمادة 42 من القانون 182 لسنة 1960 والمادة 30 من القانون 394 لسنة 1954 ببراءة المتهمين مما اسند إليهما وأمرت بمصادرة المواد المخدرة والسلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهم إحراز وحيازة مواد مخدرة وسلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد خالف الثابت في الأوراق وشابه الفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم قضى ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية مستنداً في ذلك إلى ما يخالف الثابت في الأوراق من أن الضابط محرر محضر التحريات قد قرر في التحقيقات بأنه أجرى التحريات والمراقبة الشخصية بنفسه مستعيناً في ذلك بضباط النشاط الداخلي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وأنه إنما حدد دور الضباط المشاركين في عملية الضبط وليس في جمع التحريات, كما أن ليس من شأن المستندات التي قدمتها المطعون ضدها الثانية أن تنفي حيازتها للشقة محل الضبط وجدية التحريات في هذا الصدد وأن ما نسبه الحكم إلى وكيل النيابة المحقق من أنه قطع بعدم جدية التحريات ليس له أصل ثابت في الأوراق، وقضى الحكم ببطلان الإذن بالتفتيش لصدوره من غير مختص بإصداره مع أن مقتضى صدور قرار من النائب العام بإلحاق رئيس النيابة مصدر الإذن بالمكتب الفني تفويضه الاختصاص بالقيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق في جميع أنحاء الجمهورية بما في ذلك إصدار الإذن، هذا إلى أن الحكم قضى ببطلان الإذن أيضاً لعدم تسبيبه مع أن مصدره قد حرره على ذات محضر التحريات وهو ما يكفي لجعله مسبباً، فضلاً عن أن الحكم أبطل التفتيش الذي أجراه الضباط المنتدبون لذلك من محرر محضر التحريات مع أن إذن التفتيش صدر خلواً من تعيين المأذون له بالتفتيش، بالإضافة إلى أن الحكم لم يعرض للدليل المستمد من اعتراف المطعون ضده الأول في محضر ضبط الواقعة بإحرازه وحيازته للمخدرات والسلاح الناري والذخائر المضبوطة, وأخيراً فإن الحكم لم يفطن إلى ما تضمنه الإذن الصادر بتفتيش شخص المطعون ضده الأول ومدى كفاية ذلك الإذن لضبطه وما كان يحرزه من مخدر وكذلك تفتيش متجره بناء على الإذن بتفتيش شخصه. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام فيها، خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما من التهم المسندة إليهما مؤسساً قضاءه في ذلك على عدة أسباب من بينها بطلان إذن التفتيش لصدوره من غير مختص بإصداره, وفي هذا الخصوص يقول الحكم "الثابت أن محضر التحريات تم عرضه على السيد رئيس المكتب الفني في 8/ 7/ 1980 الساعة 2.5 مساء وأشر سيادته بالعرض على السيد/........ رئيس النيابة بالمكتب الفني بمكتب النائب العام للتصرف - الذي أشر سيادته بأنه يأذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن كل من المتهمين بالعناوين الموضحة بمحضر التحريات لضبط ما يحوزوه أو يحرزوه من مواد مخدرة على أن يتم ذلك لمرة واحدة خلال أسبوع من تاريخه.. لما كان من المقرر أن النائب العام بحكم وظيفته يمثل النيابة العامة في كافة أنحاء الجمهورية ويملك كافة اختصاصاتها وولايته في ذلك عامة تشتمل على سلطة الاتهام والتحقيق وتنبسط على إقليم الجمهورية برمته، وعلى كافة ما يقع فيه من جرائم - أياً كانت - وله بهذا الوصف أن يباشر اختصاصاته بنفسه أو أن يكل إلى غيره من أعضاء النيابة مباشرتها بالنيابة عنه، وتتحدد وكالة عضو النيابة للنائب العام بالقرار الصادر بتحديد دائرة عمله - نوعياً أو محلياً - ومن ثم فإن اختصاص المحامي العام رئيس المكتب الفني للنائب العام والأستاذ..... رئيس النيابة بالمكتب الفني للنائب العام يتحدد بالقرار الصادر بإنشاء المكتب الفني واختصاصاته - وهما القرارين رقمي 15 و16 لسنة 1968 ومن ثم ليس لأعضاء المكتب الفني أن يتجاوزوا الاختصاصات الممنوحة لهم والمبينة على سبيل الحصر دون توكيل من النائب العام صاحب الحق في استعمال الدعوى الجنائية, ومن ثم - وعلى ضوء ما تقدم - فإن مصدر الإذن وهو الأستاذ....... رئيس النيابة بالمكتب الفني للنائب العام لا يكون مختصاً بإصداره فهي مسألة تتعلق بالنظام العام وما يترتب عليها من آثار". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في اختصاص من يملك إصدار إذن التفتيش إنما تكون بالواقع، وكانت المادة الأولى من قرار النائب العام الصادر بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1968 برقم 15 والخاص بإنشاء المكتب الفني الملحق بمكتب النائب العام قد حددت الاختصاصات المنوطة برئيس وأعضاء ذلك المكتب بقولها: "ينشأ بمكتب النائب العام مكتب فني يختص بدراسة ومتابعة وعرض المسائل القضائية والفنية التي تحال إليه منا". وكان مقتضى ذلك أن قرار إنشاء المكتب الفني المذكور لم يمنح أي من رئيسه وأعضائه سلطة القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق على مستوى أي مكان من أنحاء الجمهورية، ومن ثم فإن الإذن بالتفتيش الذي أصدره أحد أعضاء المكتب الفني المشار إليه بناء على إحالة محضر التحريات إليه من رئيس ذلك المكتب ودون أن يندب لذلك خصيصاً من صاحب الحق في ذلك وهو النائب العام يكون قد وقع باطلاً لصدوره من غير مختص بإصداره، ويبطل تبعاً لذلك التفتيش الذي يجرى بناء عليه فلا يصح للمحاكم الاعتماد عليه بل ولا على شهادة من أجروه ولا على ما يثبتونه في محضرهم أثناء هذا التفتيش من أقوال واعترافات مقول بحصولها أمامهم من المتهمين لأن مثل هذه الشهادة تتضمن في الواقع إخباراً منهم عن أمر ارتكبوه مخالف للقانون، فالاعتماد على مثلها في إصدار الحكم اعتماد على أمر تمقته الآداب وهو في حد ذاته جريمة منطبقة على المادة 128 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في قضائه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويغدو النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تدع أن أوراق الدعوى قد طويت على ثمة دليل - على إدانة المطعون ضدهما - مستقل عن ذك التفتيش الباطل ومن ثم فإن قضاء الحكم ببراءتهما مما أسند إليهما يكون في محله، ويضحى سائر ما تثيره الطاعنة في طعنها ولا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق