الصفحات

الجمعة، 15 يناير 2021

نقض جنائي الطعن 1275 لسنة 28 ق جلسة 30 / 12 / 1958 مكتب فني 9 ج 3 ق 276 ص 1138

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، وعادل يونس المستشارين.

-------------------

(276)
الطعن رقم 1275 لسنة 28 القضائية

دفاع. طلب سماع الشهود. متى تلتزم المحكمة بالرد عليه؟
بطلان أسباب تصحيح البطلان. التنازل الضمني. مثال.
عدم تمسك المتهم بطلبه سماع الشاهد في الجلسة الأخيرة. دلالته. التنازل عنه. لا يغير من هذه الدلالة طلب المدافع عن المتهم في جلسة سابقة إعمال حكم القانون في الشاهد المتخلف عن الحضور. علة ذلك.

--------------------
إذا كان المتهم لم يتمسك بطلبه في الجلسة الأخيرة، بل ترافع في الدعوى دون إشارة منه إلى طلب سماع الشاهد، فإن ذلك يفيد نزوله ضمناً عن هذا الطلب، ولا يغير من هذا النظر ما أشار إليه المدافع عن المتهم في محضر جلسة سابقة من طلب إعمال حكم القانون في الشاهد المتخلف عن الحضور، ذلك أن القانون قد ترك الأمر في هذه الحال لمطلق تقدير المحكمة، إن شاءت حكمت على الشاهد المتخلف بالغرامة المقررة قانوناً أو أجلت الدعوى لإعادة تكليفه بالحضور، أو أمرت بالقبض عليه وإحضاره إذا رأت أن شهادته ضرورية، ومن ثم فالقول بأن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الدفاع وشابه بطلان في الإجراءات لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون الخمسة الأول قتلوا محمد محمد الخشاب عمداً ومع سبق الإصرار بأن عقدوا وبيتوا نيتهم وجمعوا أمرهم على استدراج من يتسمون فيه الثراء إلى منزل أعدوه لذلك لقتله وسرقة نقوده وما أن وقع اختيارهم على ضحيتهم الأولى - المجني عليه سالف الذكر - حتى أوقعوه في شباكهم بأن أوهموه بعزمهم على إقامة حفل عرس ورغبتهم في الاتفاق معه على كيفية إقامته فلما أن انخدع إليهم وصدق زعمهم استدرجوه إلى وكرهم وهناك انقضوا علي وأحاطوه من كل جانب ووضعوا حول رقبته حبلاً كانوا قد أعدوه من قبل التحقيق بغيتهم وضغطوا عليها قاصدين من ذلك الإجهاز عليه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد كان القصد من هذه الجناية التأهب لفعل جنحة وتسليها وارتكابها بالفعل، ذلك أنهم بعد أجهازهم على المجني عليه سالف الذكر سرقوا نقوده المبينة بالمحضر الأمر المنطبق على المادة 317/ 1 - 4 - 5 من قانون العقوبات. والمتهم السادس الأخير اشترك مع المتهمين الخمسة سالفي الذكر بطريق التحريض الاتفاق والمساعدة على ارتكاب جريمة القتل بادية الوصف بأن حرضهم واتفق معهم على ارتكابها وساعدهم على ذلك بأن أرشدهم عن المجني عليه ورتب معهم وسيلة خدعة لاستدراجه إلى وكرهم فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة، وطلبت النيابة العمومية إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و234/ 1 - 3 من قانون العقوبات للخمسة الأول، وبالمواد 40/ 1 - 2 - 3 و41 و230 و231 و234/ 1 - 3 من قانون العقوبات السادس، فصدر قراراها بذلك، ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً بمعاقبة كل من المتهمين الستة بالأشغال الشاقة المؤبدة تطبيقاً للمواد 40/ 2 - 3 و41 و230 و231 و234/ 1 - 3 و35 من قانون العقوبات لأنهم في الزمان والمكان المذكورين اشتركوا مع بعضهم البعض في قتل محمد محمد الخشاب عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا النية وبيتوا وأجمعوا أمرهم على استدراج المجني عليه إلى المنزل الذي أعدوه وأهموه بعزمهم على إقامة حفل عرس وانخدع إليهم وهناك انقضوا عليه ووضع بعضهم حول رقبته حبلاً من القنب كانوا أعدوه من قبل لتحقيق بغيتهم من خنقه وضغطوه على عنقه قاصدين بذلك الإجهاز عليه وقتله وإزهاق روحه، قد تمت جريمة القتل بناء على اتفاقهم ومساعدتهم لبعض وكان الغرض منها التأهيب لفعل جنحة سرقة ولتسهيلها. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

1 - بالنسبة إلى الطعن المقدم من الطاعن الأول:

من حيث إن محصل الوجهين الأول والثاني من الطعن المقدم من الطاعن الأول هو أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الدفاع وشابه بطلان في الإجراءات ذلك أن الدفاع عن الطاعن تمسك بطلب سماع شهادة الأستاذ السيد الغمراوي المحامي فيما ورد على لسانه بمحضر جلسة عن أمر حبس المتهمين من وقوع إكراه على هؤلاء لتلقينهم الاعترافات التي أدلوا بها أمام النيابة، وقام الدفاع فعلاً بإعلان الشاهد المذكور للحضور بجلسة 8 يونيو سنة 1957 ولما لم يحضر أعاد إعلانه لجلسة 10 يونيو سنة 1957 التي أجلت إليها الدعوى، ولكنه لم يحضر كذلك، فأصر الدفاع على إحضاره، وطلب إعمال حكم القانون فيه، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب، وقضت في الدعوى دون سماع الشاهد بدعوى عدم جدوى سماعه بحجة تتطابق الاعترافات مع ظروف الواقعة التي استظهرتها المحكمة من التحقيقات، وبقوله أنه ما أدلى بهذه الشهادة بوصفه شاهداً بل بصفته وكيلاً ومدافعاً المتهمين، وفي هذا إخلال بحق الدفاع وبمبدأ شفوية المرافعة.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن صرح بجلسة 8 يونيه سنة 1957 أنه أعلن الأستاذ سيد الغمراوي شاهد نفي له، وبالنداء عليه تبين أنه لم يحضر، وأوضح المدافع للمحكمة، أن الأستاذ الغمراوي كان محامياً في الدعوى، وأن أقواله ثابتة في الأوراق، ولما استفسرت منه المحكمة عن الواقعة التي تستشهده عليها أجابها بأن الواقعة ذكرها في التحقيق، فأفهمته المحكمة أن هذه الواقعة جاءت على سبيل الوكالة، فأنهى إليها بأنه تقدم للنيابة بطلب تحقيق هذه الواقعة ولكنها لم تجبه إلى ذلك، وأنه أعلن الأستاذ سيد الغمراوي، وأنه سبق تقدم بهذا الطلب إلى غرفة الاتهام، فأصدرت المحكمة قراراً باستمرار المرافعة لجلسة 10 يونيو سنة 1957 لتبدأ النيابة والدفاع مرافعتهما مع القبض على جميع المتهمين وحبسهم على ذمة المحاكمة وبالجلسة الأخيرة صرح المدافع عن الطاعن بأنه أعلن الأستاذ السيد الغمراوي كشاهد نفي وبالنداء عليه تبين أنه لم يحضر ثم أصدرت المحكمة قراراها باستمرار المرافعة لليوم التالي على أن يتم المتهمون دفاعهم مع استمرار حبس المتهمين، وفي هذه الجلسة الأخيرة ترافع المدافع عن الطاعن في موضوع الدعوى دون أن يتمسك بطلب إعلان الشاهد المذكور، واقتصر على استعراض روايته المثبتة في المحضر الثاني لامتداد حبس المتهمين، وعاب على النيابة العامة عدم تحقيقها الواقعة التي كرها المحامي المذكور، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يتمسك بطلبه في الجلسة الأخيرة، بل ترافع في الدعوى دون إشارة منه إلى طلب سماع المحامي المذكور مما يفيد نزوله ضمناً عن هذا الطلب، ولا يغير من هذا النظر ما أشار إليه المدافع عن الطاعن في محضر جلسة 10 من يونيو سنة 1957 من طلب إعمال حكم القانون في الشاهد المختلف عن الحضور، ذلك أن القانون قد ترك الأمر في هذه الحال لمطلق تقدير المحكمة، إن شاءت حكمت على الشاهد المتخلف بالغرامة المقررة قانوناً، أو أجلت الدعوى لإعادة تكليفه بالحضور أو أمرت بالقبض عليه وإحضاره إذا رأت أن شهادته ضرورية، وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب الطاعن أن الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً، أما الطلبات التي تبدي على سبيل التفويض، فللمحكمة أن تجيبها أو تطرحها، دون أن تكون ملزمة بالرد عليها، وكان القانون لا يمنع المحكمة من أن تناقش أقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيقات الأولية ما دام أنها كانت مطروحة علي بساط البحث في الجلسة فتناولها الدفاع في مرافعته، وما دامت هذه من جانبها لم تكن في حاجة إلى سماع الشاهد سالف البيان بعد أن وضحت لها أدلة الدعوى - لما كان ما تقدم، فإن هذين الوجهين في الطعن لا يكون لهما محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث والرابع من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه التناقض والتخاذل والخطأ في الإسناد، ذلك أنه أسس قضاءه بالإدانة على اعترافات المتهمين على الرغم من تناقضها في أهم وقائع الدعوى وظروفها، وكيفية ارتكابها وقد سلم الحكم بهذا التهاتر ونوه بعدم معرفة من قارف فعل الخنق بالحبل على وجه التحقيق، وانتهى إلى مساءلة المتهمين بوصفهم شركاء لبعضهم البعض في القتل مع سبق الإصرار تمهيداً لسرقة، ويبدو من ذلك تناقض الحكم حين اعتنق بعض نقاط هذه الإقرارات، وأطرح البعض الآخر، كما أخطأ الحكم في تحصيل أقوال المتهمين الأربعة الأول في الجلسة حين نسب إليهم اعترافهم على جميع المتهمين واستخلص من ذلك صحة الإقرارات جميعا، في حين أنه بالرجوع إلى أقوالهم المثبتة بمحضر الجلسة، يبين فساد هذا الاستخلاص وخصوصاً أن الحكم سبق أن استبعد عدة أقوال من هذه الإقرارات، مما يعيب النتيجة التي رتبها، ويسم الحكم بالتخاذل والفساد في الاستدلال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، واستند في إدانته وباقي المتهمين إلى اعتراف هؤلاء بعضهم على البعض الآخر، وإلى ضبط الثلاثة الأولى منهم وهم ينقلون جثة المجني عليه في سيارة أخرى، وأقوال الشهود الذين وأوهم وضبطوهم، وهم الذين باعوا إليهم الحبل المستعمل في الجريمة، والخيش والقفتين اللتين وضعت فيهما الجثة والمسلة والخيط الذي خيطت به القفتان، وإلى استعراف الكلب البوليسي والمعاينة وتقرير الصفة التشريحية، واستبعد الحكم بعد ذلك وقوع إكراه على المتهمين للأدلة السائغة التي أوردها بقوله: "وحيث إنه فيما يختص بالإكراه الذي قال به بعض المتهمين ومحاموهم والذي قيل أنه دفعهم إلى الاعتراف والذي أدعى به في معرض الدفاع استنتاجاً من المحامي الغمراوي فإن هذا الأمر لم يقم على دليل مطلقاً بل تنفيه كل الظروف المتقدمة وما شرحته المحكمة وطلقت عليه في وقته فيما تقدم من أسباب من أن سبب الاعتراف كان القبض على المتهم الثالث فوراً وهو ينقل الجثة ومحاولة إبعاد التهمة عن نفسه، وأنه مرتكب الحادث وحده، فرأى الإقرار بالحقيقة طواعية منه لتخفيف مسئوليته، وذكر من حرضوه وشاركوه، فأدلى بالوقائع ومفصلة عن كيفية تكوين العصابة وأسماء المتهمين جميعاً واشتراكهم في التفكير والتدبير ودفع النقود واستئجار الشقة والحديث عن القتل والسرقة وبطالتهم وإرشاد رجب عن القتيل وترتيبهم كيفية استدرجه وأن الخنق ثم بحبل وعن كيفية إخفاء الجثة، مما تبين صدقه تفصيلاً، عن أولا من الصفة التشريحية، ومن وجود الحبل حول رقبة القتيل ومن أقوال المتهمين بعدها بعضهم على بعض وأقوال عبد المنعم في محضر المعاينة بعد أن أنكر في النيابة وتطابق هذه الأقوال مع أقوال شعبان من الاتفاق على القتل واشتراكه فيه وقبوله له وأقوال على عمارة نفسه عن ظروف القتل ومكانه وأقوال جمال، تطابق الراوية في الأمور الجوهرية منها كما تقدم. وعدم وجمود أي أثر بالمتهم - بريقع - سوى بعض السحجات التي قال هو إنها من إمساك الجنود له، ومن وجود الآثار الظفرية بعبد المنعم ومن آثار إمساك الجنود له، ولو كان هناك إكراه لكانت الإصابات كدمات كثيرة أو لذكرها كل منهم لوكيل النيابة عند حضوره، أو لذكرها المحامي الغمراوي في وقتها، وقد حضر التحقيق منذ بدئه، وحضر رواية الاعترافات، ولم يذكر الإكراه إلا أخيراً في معرض الدفاع بجلسة المعارضة الثانية، وقد قرر وكيل النيابة بالجلسة أن الغمراوي كان معه ولم يخبره بشيء ما لم يذكر شيئاً عن الإكراه بل هو لم يجحد بالمتهمين شيئاً سوى السجحات الظفرية بثانيهم وبالمتهم أو أثناء المرافعة أو غير ذلك، بما تطمئن معه المحكمة إلى صحة هذه الاعترافات لتطابقها مع بعضها وكيفية صدورها من المتهمين وتدرجهم في الإدلاء بها بأنفسهم حتى إلى جلسة اليوم من إقرارهم من على بعضهم البعض كما تقدم....". لما كان ذلك وكان الاعتراف في المسائل الجنائية - بوصفه طريقاً من طرق الاستدلال - هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيته وقيمته في الإثبات، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وكان للمحكمة أن تجزئ أي دليل يطرح عليها، ولو كان اعترافا، وتأخذ منه بما تطمئن إليه، ولها أن تأخذ بالاعتراف أمام النيابة ولو عدل عنه فيما بعد أمام المحكمة، كما أن لها أن تأخذ باعتراف متهم على متهم متى اطمأنت إيه ووثقت به، ولو لم يؤيد هذا الاعتراف بدليل آخر، وليس ثمة ما يمنعها من أن تعزز ما لديها من الأدلة باستعراف الكلاب البوليسية حتى ارتاحت إليه كوسيلة من وسائل الاستدلال، وكانت المحكمة قد خلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها والتي لها أصل ثبات في الأوراق إلى أن الاعترافات التي صدرت من المتهمين، إنما صدرت صحيحة لا شائبة فيها وعن إرادة حرة لا وليدة إكراه وقع عليهم، فإن تقديرها في ذلك لا يجوز أن يكون موضع مجادلة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن هذين الوجهين يكونان على غير أساس.

2 - بالنسبة إلى الطاعن المقدم من الطاعن الخامس:

وحيث إن مبنى الوجه الأول والثالث والربع من الطعن المقدم من الطاعن الخامس أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في الإسناد وفساد الاستدلال وقصور في البيان، فقد دانت المحكمة الطاعن بوصفه شريكاً مع المتهمين الأربعة الأول في جريمة القتل مع السبق الإصرار استناداً إلى ما استخلصته من أقوال المتهمين واعتراف بعضهم على البعض الآخر، على الرغم من أن تناقض هذه الاعترافات وصدورها منهم بعد إكراههم عليها بالضرب. كما قصر الحكم في بيان مدة اشتراك الطاعن في الجريمة التي دان الطاعن بها والتدليل عليها بأسباب تنتجها، واكتفى باستدلال على ذلك من مجرد تقابله مع المتهمين المعترفين بمقهى كوستا ورهن خاتمه الذهبي وإسهامه بمبلغ جنيه دفعه إلى المتهم الثاني لتأجير الشقة، واستند في إثبات علمه لواقعة استدراج المجني عليه إلى الشقة التي وقعت فيها الجريمة إلى ما قال به المتهم الثاني من أنه ذهب وزميله المتهم الرابع إلى مقهى بسيدي بشر على الكورنيش، وكان معهما الطاعن، في حين أن الواقع من الأمر أن الطاعن رهن خاتمه الذهبي لكوستا في مقهاه بأبي قير في اليوم الذي تم فيه تأجير الشقة بسيدي بشر، وذلك بسبب إعساره، ولم تكن مقابلته للمتهمين الأول والثاني إلا عرض بمقهى كوستا بعد أن تم لها استئجار الشقة، ودفعا عربون الإيجار وقد أكد هذه الواقعة كل من كوستا وبواب المنزل وأقوال المتهم الأول نفسه. هذا إلى قصور الحكم في التدليل على الاتفاق على القتل وعلى سبق الإصرار وعدم استظهار نية القتل وإغفاله التحدث عنها استقلالاً.
وحيث إنه بالنسبة إلى ما أثاره الطاعن في خصوص الاعترافات المنسوبة إلى المتهمين ونعته إياها بالنقض والقول بأنها وليدة إكراه وقع عليهم، فقد سبق الرد عليها في ما تقدم من أسباب هذا الحكم.
وحيث إن باقي ما يثره الطاعن في الأوجه سالفة الذكر مردوم بأن المحكمة قد استخلصت من وقائع الدعوى ومن سائر الأدلة التي أوردتها اتفاق المتهمين جميعاً، ومن بينهم الطاعن على القتل وتحدثت المحكمة يبعد ذلك عن سبق الإصرار وعن نية القتل بقولها" وحيث أنه يؤخذ مما تقدم جميعه أن المتهمين بعد أن رتبوا عصابتهم وأغراضها ووقع اختيارهم على المجني عليه لما يعرفه عنه الرابع والسادس من ثراء اعتزموا الاعتداء عليه وقتله لسرقة نقوده وأعدوا لذلك الحبل الليفي الذي استعملوه في ارتكاب جريمتهم، ورسموا من قبل للجريمة مكانها وزمانها إذ انتظروا أن يمر المساء وحددوا خطتهم ودبروها باستدراج المجني عليه بعد الزهر للشقة وأجلسوه معه وأحضروا له المرطبات وعللوا سبب حضوره بأمر لا أساس له ن وهو حضور والد أولهم - مع أنه متوفى - للاتفاق على السرداق الذي سيقيمه ويسكب منه مما جعله ينتظر، ودخول بعضهم للتهدئة بما يشعر المجني عليه بالاطمئنان على أن الأمر جد، كل ذلك في أناة مكنتهم جميعا من إنفاذ الجريمة بعيداً عن العوامل التي تعوقهم من بدء الليل في الهبوط وقفل النور وترك أحدهم ليراقب الطريق من الشرفة تفادياً مما قد يحدث من مفاجأت، وفي ذلك كله كما يدل على أنهم حين قارفوا عدوانهم على المجني عليه كان ذلك تنفيذاً لفصد سابق مصمم عليه خلال وقت سابق في يومين قبل الحادث مما يدل على توافر ركن سبق الإصرار على مقارفة القتل. وحيث إن الواضح من الظروف المتقدمة جميعها أن المتهمين كانوا فيما قارفوه من الاعتداء على المجني عليه قاصدين قتله ويدل على توافر تلك النسبة لديهم من إزهاق روحه أن يتمكنوا بعدها من سرقة نقوده واقتسامها بينهم يؤدي هذا ما قرره بعضهم "عاوزين نشنق ونسرق" ما رققه بعضهم أيضاً من أن النية رتبت على استدراج المجني عليه وإحضاره وتجهز كيفية قتله واستجابة بعضهم للرغبة البعض بالاتفاق الذي تم بينهم والذي دفعه إلى استئجار الشقة لتنفيذ أغراضهم فيها مما يقطع في توافر نية القتل وإزهاق الروح، وقد تعاونوا على صرعه والإجهاز عليه بما تتوافر معه نية التقل بالخنق " لما كان ذلك، وكان استخلاص المحكمة سائغاً، فهي غير ملزمة بعد ذلك أن تتعقب الدفاع في كل شبهة يقيمها أو استنتاج يستنتجه من ظروف الواقعة وترد عليه، بل يكفي أن يتضح من حكمها أركان الجريمة وأنها قد صحت نسبتها إلى المتهم الذي تجري محاكمته، وبيان الأدلة التي قامت لديها فجعلتها تعتقد ذلك وتقول به، لما كان ما تقدم وكان ما يثيره الطاعن في طعنه ليس إلا جدلاً واردا على موضوع الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما يخضع لتقدير محكمة الموضوع ولا تصح أثارته أمام محكمة النقض، فإن هذه الأوجه من الطعن تكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن من الطاعن الخامس هو أن الحكم أخل بحقه في الدفاع، وحاصل ها الوجه هو ما أثاره الطاعن الأول في طعنه، وقد سبق الرد عليه في أسباب هذا الحكم كما سبق البيان.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعن الخامس على غير أساس متعيناًُ رفضه موضوعاً.
 
3 - بالنسبة إلى الطاعن المقدم من الطاعن السادس:

حيث إن مبنى الطاعن المقدم من الطاعن السادس هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التدليل، ذلك أن الدعوى الجنائية أقيمت عليه بوصفه شريكاً بالاتفاق والتحريض والمساعدة مع المتهمين الخمسة الأول في ارتكاب جريمة القتل غير أن المحكمة دانت الطاعن بوصف أنه فاعل أصلي بعد أن لفتت نظر الدفاع عنه إلى ذلك، دون أن تبين في حكمها علة هذا التعديل الذي قارفه الطاعن وقد ثبت من مدونات الحكم أن الطاعن لم يتفق مع باقي المتهمين على قتل المجني عليه، أو أن له دخلا في استئجار المنزل الذي وقعت فهي الجريمة، أو انه كان موجوداً وقت ارتكبها، أو أنه ذهب إلى المجني عليه، كما أن استدلال الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن من مجرد حضور أحد المحامين معه ومع متهم آخر، وافتراض قيام الصلة بينهما ما لهذا السبب، فيه مخالفة للمنطق ويعيب الحكم.
وحيث إنه يبين من محضر الجلسات أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه اشترك مع باقي المتهمين في ارتكاب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بارتكاب جنحة سرقة طبقاً للمواد 40/ 1 - 2 - 3 و41 و230 و231 و232/ 1 - 3 من قانون العقوبات. وفي جلسة المرافعة نبهت المحكمة الدفاع إلى أن يتناول في مرافعته أن المتهمين جميعا اشتركوا مع مجهول أن و مجهولين من بينهم، ووافق الدفاع على ذلك ودانت المحكمة المتهمين جميعا، ومن بينهم الطاعن، على هذا الأساس لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن سائغاً ومقبولاً ومن شانه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه، وكانت المحكمة قد أخذت الطاعن بالوصف الذي اتهمته به النيابة، ودارت المرافعة عليه، فإن الحكم يكون سليما، ولا يقبل من الطاعن ما أثاره في وجه الطعن من جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما يستقل به قاضي الموضوع دون غيره كما دام أنه مبني على أسباب سائغة كما هو الحال في الدعوى - لما كان ما تقدم، وكان قد استبان أن الواقعة الجنائية التي أثبت الحكم وقوعها تبرر العقوبة المحكوم بها بصرف النظر عن الخطأ القانوني الذي وقعت فيه المحكمة بوصفها الجريمة بأنها اشتراك في قتل عمد مع سبق الإصرار بدلاً من قتل عمد مع سبق الإصرار، فإنه لا جدوى من إثارة هذا الطعن على الحكم عملا بالمادة 433 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق