الصفحات

الأحد، 20 ديسمبر 2020

الطعن 7704 لسنة 84 ق جلسة 3 / 10 / 2016 مكتب فني 67 ق 79 ص 630

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2016 

برئاسة السيد القاضي / رضا محمود القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عاطف خليل ، النجار توفيق ، أحمد حافظ وزكريا أبو الفتوح نواب رئيس المحكمة .
----------

(79)

الطعن رقم 7704 لسنة 84 القضائية

(1) اتفاق . فاعل أصلي . مسئولية جنائية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الاتفاق . ماهيته ؟

مسئولية الجاني بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . مناط تحققها ؟

مثال لتدليل سائغ على توافر الاتفاق في حكم صادر بالإدانة بجريمة الضرب المفضي إلى الموت .

(2) اشتراك . اتفاق . فاعل أصلي . قصد جنائي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الفاعل الأصلي في مفهوم المادة 39 عقوبات ؟

الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلَّا فلا يسأل إلَّا عن فعله .

تحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق . ولو نشأ لحظة تنفيذها .

القصد الجنائي . أمر خفي يضمره الجاني . العبرة فيه بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه .

مثال لتسبيب سائغ في إثبات مسئولية الطاعن عن جريمة ضرب أفضى إلى موت بوصفه فاعلاَ أصلياً .

(3) مسئولية جنائية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

نعي الطاعن بافتراض الحكم للمسئولية التضامنية بجريمة ضرب أفضى إلى موت. غير مقبول . ما دام أنه دانه باعتباره فاعلاً أصليًا بها .

(4) قصد جنائي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

القصد الجنائي بجرائم الضرب عامة ومنها الضرب المُفضي إلى موت . مناط تحققه ؟

تحدث الحكم صراحة عنه . غير لازم . كفاية أن يكون مفهومًا من وقائع الدعوى.

(5) ضرب " ضرب بسيط " " ضرب أفضى إلى موت " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بأن الواقعة مجرد جنحة ضرب بسيط وليست جناية ضرب أفضى إلى موت . جدل موضوعي . غير مقبول .

(6) رابطة السببية . ضرب " ضرب أفضى إلى موت". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟

تقدير توافر علاقة السببية . موضوعي . ما دام أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه .

التراخي في العلاج أو الإهمال فيه أو وجود فاصل زمني بين الوفاة والفعل . لا ينفي الإسهام السببي بين إحداث الجرح والوفاة .

مثال لتدليل سائغ على توافر رابطة السببية في حكم صادر بالإدانة بجريمة الضرب المفضي إلى الموت .

(7) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

تقدير القوة التدليلة لتقرير الخبير . موضوعي .

للمحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير والالتفات عما عداه .

مثال .

(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .

مثال .

(9) إثبات " شهود " " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق .

عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة لذلك .

مثال .

(10) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .

(11) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه .

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بالأدلة المطروحة عليه . مطالبته بالأخذ بدليل معين . غير جائز .

تقدير الدليل . موضوعي .

قرائن الأحوال طريق أصلي للإثبات في المواد الجنائية .

للمحكمة التعويل علي تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة.

عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته . لا يعيبها .

الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام النقض .

(12) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " " الجنون والعاهة العقلية " . ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة " . عقوبة " تقديرها " .

عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب . ما لم يدفع به أمامها . أثر ذلك ؟

الإعفاء من العقاب وفقًا لنص المادة 62 عقوبات . مناط تحققه ؟

دفع الطاعن بارتكاب جريمته وهو في حالة من الاستفزاز والغضب . لا يتحقق به الدفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل . حقيقته : دفاع مقرون بتوافر عذر قضائي مخفف . تقديره . موضوعي .

حق محكمة الموضوع تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونًا وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها دون معقب .

(13) باعث .

الباعث على الجريمة . ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها . عدم بيانه أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن . غير قادح في سلامة الحكم .

(14) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لمَّا كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أنه سبق حدوث مشادة كلامية بين المتهمة الثالثة " سابق الحكم عليها غيابيًا " وبين المجني عليه وحرر محضرًا بالواقعة فانتقلت المتهمة الثالثة السابق الحكم عليها إلى المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه غيابيًا " وحضر المتهمان الأول والثاني " سابق الحكم عليه " إلى محل المجني عليه وأحضروا معهم عددًا من الأشخاص حاملين أسلحة بيضاء واتفقوا جميعًا على إيذائه بالضرب ، وما أن وصلوا إلى محله قاموا بالتعدي عليه بالضرب بتلك الأسلحة البيضاء في أنحاء متفرقة من جسده وفروا هاربين إلَّا أنه تم التعرُّف على المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه " ، وكان قد حضر المدعوان .... والشاهد الأول .... وشاهدا واقعة الاعتداء ، كما شاهد المجني عليه غارقًا في دمائه وحمله وآخرين إلى المستشفى لإسعافه ، ولم يقصد المتهم الماثل وباقي من تعدوا عليه قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو الوارد بتقرير الطب الشرعي " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة استقاها من شهادة .... ، والنقيب / .... معاون مباحث شرطة .... ، وما تضمَّنه التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه والصادر من مستشفى .... ومن مستشفى .... وتقرير الصفة التشريحية . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المُتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ، وكان من المقرر كذلك أن الجاني لا يُسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المُفضي إلى الموت إلَّا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أدت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذًا للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه قد ثبت لدى المحكمة أن الطاعن اتفق مع باقي المحكوم عليهما فيما بينهم على ضرب المجني عليه لمجرد التوافق بينهم وبين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على فعل الضرب تنفيذًا لهذا الاتفاق الذي تكوَّن لديهم بعد أن نقلت المحكوم عليها الثالثة المشادة التي حدثت بينها وبين المجني عليه وأن وفاته قد حدثت مما أحدثته الإصابات المثبتة بالتقارير الطبية التي أورد مضمونها ، وكان ما أورده الحكم كافيًا في إثبات تقابل إرادة المتهمين على التداخل في ضرب المجني عليه بناءً على استقراء سائغ من المحكمة لا يتنافى وحكم المنطق ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا .

2- لمَّا كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصَّت على أنه " يُعد فاعلاً في الجريمة 1– من ارتكبها وحده أو مع غيره . 2 – من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكوَّن من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكوّنة لها " . والبيّن من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إمَّا ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإمَّا أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإمَّا أن يأتي عملاً تنفيذيًا فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها وعند إذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمَّت بفعل واحد أو أكثر بمن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتبارًا بأن الفاعل مع غيره وهو بالضرورة شريك بحسب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلَّا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقًا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكوَّنت لديهم فجأة وإذا لم يبلغ مقداره على مسرحها حد الشروع ، ولمَّا كان القصد أمرًا باطنيًا يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه ، ولمَّا كانت نية تدخل الطاعن في جريمة ضرب المجني عليه تحقيقًا لقصده المشترك مع المتهم الثاني والمستفاد من نوع الصلة بينهم والمتهم الثاني والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعًا وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدي عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

3- لمَّا كان الحكم قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصليًا في جريمة الضرب المُفضي إلى موت المجني عليه ، فإن ما يُثار بوجه النعي من افتراض الحكم للمسئولية التضامنية وتحققها عن فعل الغير لا يكون له محل .

4- لمَّا كان القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها جريمة الضرب المُفضي إلى الموت يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه أو صحته ولا يلزم تحدث الحكم صراحة عنه بل يكفي أن يكون مفهومًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في الحكم المطعون فيه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

5- لمَّا كان ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وليست جناية ضرب أفضى إلى الموت مما كان يتعيَّن مؤاخذته بالقدر المتيقن وهو جنحة الضرب مردودًا بما أثبته الحكم في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أخذًا بأدلة الثبوت في الدعوى اتفاقهما على ضرب المجني عليه ومشاركتهما فيه في حدوث الإصابات التي أفضت إلى موته ، هذا فضلاً عمَّا هو مقرر من أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعيًا في سلطتها في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها ، مما يكفي في الرد عليه ما أوردته تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها .

6- لمَّا كانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم من تقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المرفقة من مستشفى .... ومستشفى .... وما ورد فيهم من مسائل فنية مما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه من أنه قد ثبت من الكشف الظاهري على المجني عليه ومن تشريح جثته تبيَّن أنه تغيَّرت المعالم الأصلية لإصابته مما طرأ عليها من تدخلات جراحية كانت لازمة لحالته وقتها للإسعاف والعلاج لمحاولة إنقاذ حياته وما طرأ على تلك الإصابات من تطورات التهابية وأن الإصابات بالصدر والبطن كانت في الأصل ذات طبيعة طعنية حدثت من الطعن بنصل أداة أو أدوات حادة أيًا كان نوعها وهي متصورة الحدوث من قبل أسلحة بيضاء " سكاكين " كما ورد على لسان شاهد الواقعة وفي تاريخ يعاصر التاريخ المُعطى للواقعة وتعزى وفاة المذكور من مضاعفات الإصابات الطعنية بالصدر وما أحدثته من التهابات قيحية والتهاب رئوي مؤدي لفشل تنفسي ، فإن ما انتهى إليه الحكم من مسائلة الطاعن وباقي المحكوم عليهما عن جناية الضرب المُفضي إلى الموت يكون قد أصاب حجة الصواب في تقدير المسئولية وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه والذي لا يقطعها كما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن يكون ثمة تراخ في العلاج أو إهمال فيه أو فحصه عقب الفعل مضاعفات أو تطرأ على المجني عليه أمراض بما يسهم مع الجروح في إحداث الوفاة ، كما لا يحول دون اعتبار علاقة السببية متوافرة أن تتراخى الوفاة وأن زمنًا طويلاً قد فصل بينها وبين الفعل إذ الفاصل الزمني لا ينفي الإسهام السببي ، فإن كافة ما يُثار بوجه النعي لا يكون له محل .

7- من المقرر أنه لا يُعقَّب على قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير الخبراء ، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية قد عوَّلت في قضائها على ما أوردته من التقارير الطبية التي أخذت بها ، فإن ما يُثار بوجه النعي يكون لا محل له لِمَا هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجَّه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عمَّا عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، فإن ما يُثار بوجه النعي من تدخل أطباء في علاقة السببية أو المنازعة التي يقول بها الطاعن في شأن التقارير الطبية أو عدم أخذه بتقرير الخبير الاستشاري لا يكون سديدًا ، ومع ذلك فقد اطرح الحكم التقرير الاستشاري بما يسوغه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.

8- لمَّا كان دفاع الطاعن لم يطلب ندب لجنة من رؤساء الطب الشرعي لبيان مدى صحة دفاعه ، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها .

9- لمَّا كان الحكم قد عرض للدفاع القائم على تعارض الدليلين القولي والفني واطرحه في منطق سائغ في مقام إيراده لمسوغات توافر رابطة السببية ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملائمة والتوفيق ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير لا يجافي في المنطق أو القانون ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

10- لمَّا كان ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد بشأن ما حصَّله الحكم من أقوال الشاهد الثاني الضابط مُجري التحريات إذ حصَّل منها أن أقواله تتفق مع ما ذكره الشاهد الأول وما جاء بالتقارير الطبية بشأن مواقع إصابة المجني عليه ، فإنه مردود بما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع ، ولمَّا كان الطاعن يسلِّم في أسباب طعنه أن أقوال الشاهد قد نفت الواقعة الجوهرية التي عوَّل عليها الحكم واتخذها سندًا لقضائه وهي تواجد المتهم على مسرح الجريمة والتعدي على المجني عليه ، فإنه لا يعيب الحكم – بفرض صحة ما يقوله الطاعن – أن تكون رواية الشاهد قد خلت من بعض تفصيلات لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون قويمًا .

11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - ولا يماري في ذلك الطاعن - ، كما أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته الأخذ بدليل معيَّن ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمتين بأقوال شاهد الإثبات وحده ، كما أن لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقرائن الأحوال وهي طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية وأن تعوّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لِمَا ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتّب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المُفضي إلى الموت التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع .

12- لمَّا كان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة اضطراب نفسي وعقلي عند مقارفة الجريمة مردودًا بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها ، وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك ، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعًا على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل أو مرض نفسي يفقد الإدراك أو الاختيار دون غيرهم ، وكان ما يثيره الطاعن أنه ارتكب جريمته وهو في حالة من حالات الاستفزاز أو الغضب فإن دفاعه على هذه الحالة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الاعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونًا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونًا وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابًا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه بها ، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة .

13- لمَّا كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

14- لمَّا كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يُستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الطب الشرعي فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى أوجه دفاع الطاعن الموضوعية التي ما قصد منها سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :

أولاً - المتهمان الأول والثاني وآخرين مجهولين :

ضربا المجني عليه / ... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيَّتا النية وعقدا العزم المُصمم على إيذائه لخلاف شقيقتهما المتهمة الثالثة معه وأعدا لذلك الغرض أسلحتهما البيضاء " سكين " سعيًا للمجني عليه بحانوته ، وما أن ظفرا به حتى سددا إليه طعنات قاسيات بالصدر والبطن وذلك دون قصد قتله وأحدثا به إصابته التي أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .

ثانياً - المتهمة الثالثة :

اشتركت بطريقي التحريض والاتفاق مع المتهمين الأول والثاني على ضرب المجني عليه مع سبق الإصرار وإيذائه دون قصد قتله بأن أذاعت نبأ خلاف معه وأوغرت صدورهما قِبَله واستجلبت إرادتهما لضرورة النيل منه والتعدي عليه وقد جرى اتفاقهما المُسبق على ذلك ، وتمَّت الجريمة بناءً على ذلك التحريض والاتفاق على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

ثالثاَ - المتهمان الأول والثاني :

أحرزا سلاحًا أبيض " سكيناً " دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية استخدماه للتعدي على المجني عليه على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة .

وادعى والد المجني عليه مدنيًا قِبَله بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد تعويضاً مُؤقتاً .

والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 40/أولاً وثانيًا ، 41 ، 236/1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند رقم (6) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، وبعد إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات عمَّا أُسند إليه ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة . بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار ضمنيًا .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى موت ، وإحراز سلاح أبيض " سكين " دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية ، قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وخطأ في الإسناد ، وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن المحكمة لم تبيّن الأدلة والقرائن التي استخلصت منها ثبوت الاتفاق بين الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب الواقعة وافترضت المحكمة وجود التواطؤ بين المتهمين على غير أساس وبما لا يوفر المسئولية التضامنية بينهم واستندت في ذلك إلى سبق حدوث نزاع بين شقيقة الطاعن " المتهم الثالث " والمجني عليه رغم أن تلك الخصومة لا تفيد توافر الاتفاق بينهم على الاعتداء على المجني عليه وإنما تفيد توافقهم على ارتكابها ، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وأن المحكمة لم تضع في اعتبارها حالة الاضطراب النفسي والعقلي التي تملَّكت الطاعن على أثر علمه بالأفعال الشائنة التي ارتكبها المجني عليه مع شقيقته المتهمة الثالثة مما أعجز المحكمة عن تقدير موقف الطاعن في ضوء المادة 62 من قانون العقوبات المعدلة ، وكان يتعيَّن على المحكمة أن تخفض العقوبة ضد الطاعن بدلاً من عقابه بالحد الأقصى لها ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة بين الطرفين الأمر الذي يتعيَّن معه مؤاخذة الطاعن بالقدر المتيقن في حقه وهو ارتكاب جنحة الضرب البسيط ، وقام دفاع الطاعن على انقطاع رابطة السببية بين الفعل المُسند إليه والنتيجة التي انتهى إليها إذ أن الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وتقرير الصفة التشريحية لم تكن في مقتل وإنما هي جروح قطعية وسطحية ولم تكن طعنة نافذة وأن الوفاة نشأت نتيجة التدخلات الجراحية بالمستشفيات التي تردد عليها وما أحدثته من مضاعفات والتهابات وأن سبب الوفاة هو التسمم الدموي التوكسيمي المصاحب لهذه التقيحات والالتهاب الرئوي الرقادي وهو ما يؤكد حدوث إهمال وتقصير جسيم من الأطباء المعالجين أدى إلى الوفاة وقدم الطاعن تقريرًا استشاريًا يؤكد تلك الحقائق إلَّا أن المحكمة ردت بما لا يصلح ردًا على ذلك الدفع وكان يجب على المحكمة أن تندب لجنة من رؤساء الطب الشرعي لبيان صحة هذا الدفاع من عدمه إذ أن ما ورد بالتقارير الطبية محل نعي لمخالفة الحقيقة والواقع وخاصة وأن محرريها هم المسئولون عن التقصير والإهمال الجسيم في علاج إصابات المجني عليه السطحية ، كما دفع بالتناقض بين الدليل القولي المتمثل في أقوال الشاهد الأول بأن الطاعن طعن المجني عليه في رقبته وقام المتهم الثاني بطعنه بسكين في باقي جسده كما قرر الثاني بأنه لا يستطيع تحديد مواقع إصابات المجني عليه في حين أن الثابت بتقرير الصفة التشريحية أنه لا توجد إصابة طعنية بالرقبة وأن وفاته نتيجة الإصابات الطعنية بالصدر وما أحدثته من تقيحات والتهاب رئوي مما يصمه بالخطأ في الإسناد وكان على المحكمة أن تجري تحقيقًا في هذا الشأن بمعرفة خبراء الطب الشرعي ولم يطلبه الدفاع هذا إلَّا أن الحكم عوَّل على أقوال شاهد الإثبات الوحيد وعلى تحريات الشرطة والتي لا تصلح دليلاً على ثبوت الاتفاق وجاءت مجهلة المصدر ولا تعدو أن تكون رأيًا لصاحبها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أنه سبق حدوث مشادة كلامية بين المتهمة الثالثة " سابق الحكم عليها غيابيًا " وبين المجني عليه وحرر محضرًا بالواقعة فانتقلت المتهمة الثالثة السابق الحكم عليها إلى المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه غيابيًا " وحضر المتهمان الأول والثاني " سابق الحكم عليه " إلى محل المجني عليه وأحضروا معهم عددًا من الأشخاص حاملين أسلحة بيضاء واتفقوا جميعًا على إيذائه بالضرب ، وما أن وصلوا إلى محله قاموا بالتعدي عليه بالضرب بتلك الأسلحة البيضاء في أنحاء متفرقة من جسده وفروا هاربين إلَّا أنه تم التعرُّف على المتهم الماثل والمتهم الثاني " سابق الحكم عليه "، وكان قد حضر المدعوان .... والشاهد الأول .... وشاهدا واقعة الاعتداء ، كما شاهد المجني عليه غارقًا في دمائه وحمله وآخرين إلى المستشفى لإسعافه ، ولم يقصد المتهم الماثل وباقي من تعدوا عليه قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو الوارد بتقرير الطب الشرعي " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة استقاها من شهادة .... ، والنقيب / .... معاون مباحث شرطة .... ، وما تضمَّنه التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه والصادر من مستشفى .... ومن مستشفى .... وتقرير الصفة التشريحية . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المُتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ، وكان من المقرر كذلك أن الجاني لا يُسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المُفضي إلى الموت إلَّا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أدت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذًا للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو مُحدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه قد ثبت لدى المحكمة أن الطاعن اتفق مع باقي المحكوم عليهما فيما بينهم على ضرب المجني عليه لمجرد التوافق بينهم وبين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على فعل الضرب تنفيذًا لهذا الاتفاق الذي تكوَّن لديهم بعد أن نقلت المحكوم عليها الثالثة المشادة التي حدثت بينها وبين المجني عليه وأن وفاته قد حدثت مما أحدثته الإصابات المثبتة بالتقارير الطبية التي أورد مضمونها ، وكان ما أورده الحكم كافيًا في إثبات تقابل إرادة المتهمين على التداخل في ضرب المجني عليه بناءً على استقراء سائغ من المحكمة لا يتنافى وحكم المنطق ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا . لمَّا كان ذلك ، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصَّت على أنه " يُعد فاعلاً في الجريمة 1 – من ارتكبها وحده أو مع غيره . 2 – من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكوَّن من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكوّنة لها " . والبيّن من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إمَّا ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإمَّا أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإمَّا أن يأتي عملاً تنفيذيًا فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها وعند إذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمَّت بفعل واحد أو أكثر بمن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتبارًا بأن الفاعل مع غيره وهو بالضرورة شريك بحسب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلَّا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقًا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكوَّنت لديهم فجأة وإذا لم يبلغ مقداره على مسرحها حد الشروع ، ولمَّا كان القصد أمرًا باطنيًا يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه ، ولمَّا كانت نية تدخل الطاعن في جريمة ضرب المجني عليه تحقيقًا لقصده المشترك مع المتهم الثاني والمستفاد من نوع الصلة بينهم والمتهم الثاني والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعًا وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدي عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصليًا في جريمة الضرب المُفضي إلى موت المجني عليه ، فإن ما يُثار بوجه النعي من افتراض الحكم للمسئولية التضامنية وتحققها عن فعل الغير لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها جريمة الضرب المُفضي إلى الموت يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه أو صحته ولا يلزم تحدث الحكم صراحة عنه بل يكفي أن يكون مفهومًا من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في الحكم المطعون فيه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وليست جناية ضرب أفضى إلى الموت مما كان يتعيَّن مؤاخذته بالقدر المتيقن وهو جنحة الضرب مردودًا بما أثبته الحكم في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أخذًا بأدلة الثبوت في الدعوى اتفاقهما على ضرب المجني عليه ومشاركتهما فيه في حدوث الإصابات التي أفضت إلى موته ، هذا فضلاً عمَّا هو مقرر من أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعيًا في سلطتها في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما يكفي في الرد عليه ما أوردته تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها . لمَّا كان ذلك ، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم من تقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المرفقة من مستشفى .... ومستشفى .... وما ورد فيهم من مسائل فنية مما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه من أنه قد ثبت من الكشف الظاهري على المجني عليه ومن تشريح جثته تبيَّن أنه تغيَّرت المعالم الأصلية لإصابته مما طرأ عليها من تدخلات جراحية كانت لازمة لحالته وقتها للإسعاف والعلاج لمحاولة إنقاذ حياته وما طرأ على تلك الإصابات من تطورات التهابية وأن الإصابات بالصدر والبطن كانت في الأصل ذات طبيعة طعنية حدثت من الطعن بنصل أداة أو أدوات حادة أيًا كان نوعها وهي متصورة الحدوث من قبل أسلحة بيضاء " سكاكين " كما ورد على لسان شاهد الواقعة وفي تاريخ يعاصر التاريخ المُعطى للواقعة وتعزى وفاة المذكور من مضاعفات الإصابات الطعنية بالصدر وما أحدثته من التهابات قيحية والتهاب رئوي مؤدي لفشل تنفسي ، فإن ما انتهى إليه الحكم من مسائلة الطاعن وباقي المحكوم عليهما عن جناية الضرب المُفضي إلى الموت يكون قد أصاب حجة الصواب في تقدير المسئولية وأثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله والنتيجة التي حدثت وهي موت المجني عليه والذي لا يقطعها كما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن يكون ثمة تراخ في العلاج أو إهمال فيه أو فحصه عقب الفعل مضاعفات أو تطرأ على المجني عليه أمراض بما يسهم مع الجروح في إحداث الوفاة ، كما لا يحول دون اعتبار علاقة السببية متوافرة أن تتراخى الوفاة وأن زمنًا طويلاً قد فصل بينها وبين الفعل إذ الفاصل الزمني لا ينفي الإسهام السببي ، فإن كافة ما يُثار بوجه النعي لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يُعقَّب على قاضي الموضوع فيما يأخذ أو يدع من تقارير الخبراء ، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية قد عوَّلت في قضائها على ما أوردته من التقارير الطبية التي أخذت بها ، فإن ما يُثار بوجه النعي يكون لا محل له لِمَا هو مقرر من أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجَّه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عمَّا عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، فإن ما يُثار بوجه النعي من تدخل أطباء في علاقة السببية أو المنازعة التي يقول بها الطاعن في شأن التقارير الطبية أو عدم أخذه بتقرير الخبير الاستشاري لا يكون سديدًا ، ومع ذلك فقد اطرح الحكم التقرير الاستشاري بما يسوغه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن لم يطلب ندب لجنة من رؤساء الطب الشرعي لبيان مدى صحة دفاعه ، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفاع القائم على تعارض الدليلين القولي والفني واطرحه في منطق سائغ في مقام إيراده لمسوغات توافر رابطة السببية ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملائمة والتوفيق ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير لا يجافي في المنطق أو القانون ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد بشأن ما حصَّله الحكم من أقوال الشاهد الثاني الضابط مُجري التحريات إذ حصَّل منها أن أقواله تتفق مع ما ذكره الشاهد الأول وما جاء بالتقارير الطبية بشأن مواقع إصابة المجني عليه ، فإنه مردود بما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع ، ولمَّا كان الطاعن يسلِّم في أسباب طعنه أن أقوال الشاهد قد نفت الواقعة الجوهرية التي عوَّل عليها الحكم واتخذها سندًا لقضائه وهي تواجد المتهم على مسرح الجريمة والتعدي على المجني عليه ، فإنه لا يعيب الحكم – بفرض صحة ما يقوله الطاعن – أن تكون رواية الشاهد قد خلت من بعض تفصيلات لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون قويمًا . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - ولا يماري في ذلك الطاعن - ، كما أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته الأخذ بدليل معيَّن ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها فلا تثريب عليها في استدلالها على مقارفة الطاعن للجريمتين بأقوال شاهد الإثبات وحده ، كما أن لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقرائن الأحوال وهي طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية وأن تعوّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لِمَا ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتّب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المُفضي إلى الموت التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع . لمَّا كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة اضطراب نفسي وعقلي عند مقارفة الجريمة مردودًا بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها ، وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك ، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعًا على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل أو مرض نفسي يفقد الإدراك أو الاختيار دون غيرهم ، وكان ما يثيره الطاعن أنه ارتكب جريمته وهو في حالة من حالات الاستفزاز أو الغضب فإن دفاعه على هذه الحالة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الاعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقرونًا بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونًا وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابًا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه بها ، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة . لمَّا كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنًا من أركانها أو عنصرًا من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يُستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الطب الشرعي فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى أوجه دفاع الطاعن الموضوعية التي ما قصد منها سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لمَّا كان ما تقدَّم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، مُتعيّنًا رفضه موضوعًا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق