الصفحات

الأحد، 27 ديسمبر 2020

الطعنان 3125 ، 3146 لسنة 82 ق جلسة 10 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 88 ص 529

جلسة 10 من ابريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، محمد عاطف ثابت ومصطفى سالمان "نواب رئيس المحكمة". 
--------------
(88)
الطعنان 3125 ، 3146 لسنة 82 القضائية
 (1) اختصاص "الاختصاص النوعي".
الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها. تعلقه بالنظام العام. اعتباره مطروحا دائما على المحكمة. أثره. الحكم الصادر في الموضوع. اشتماله على قضاء ضمني بالاختصاص. 
(2) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتكييف الدعوى"
القاعدة القانونية واجبة التطبيق في الخصومة. المناط في تحديدها. تكييف العلاقة بين طرفيها. 
(3) دعوي "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى".
تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة. العبرة فيه. بحقيقة المقصود من الطلبات لا بالألفاظ التي صيغت فيها. 
(4) محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية".
الاختصاص القيمي والنوعي للمحكمة الاقتصادية. وروده على سبيل الحصر. م 6ق 120 لسنة 2008. 
(5) أعمال تجارية.
الأعمال التجارية. خضوعها لاتفاق الطرفين. عدم وجود مثل هذا الاتفاق. مؤداه. الاحتكام إلى القوانين الخاصة ثم العرف والعادات التجارية ثم القانون المدني. م 2/ 1ق التجارة 17 لسنة 1999. 
(6 ، 7) محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية" وكالة "الوكالة التجارية".
(6) قانون التجارة. اقتصاره على تنظيم أحكام الوكالة بالعمولة ووكالة العقود دون أعمال الوساطة. علة ذلك. خضوع الوساطة التجارية لأحكام ق 120 لسنة 1982. 
(7) اتفاق الطاعنة والمطعون ضدها في الطعن الأول على اعتبار الأخيرة وكيلا حصريا لترويج منتجاتها وإيجاد نشاط جديد لتوسيع عملها التجاري لدى عملائها الحصريين الواردين بالتعاقد مقابل عمولة شريطة أن تكون الصفقات نتيجة توسطها. إخطار الطاعنة للمطعون ضدها في الطعن الأول بالموافقة على الصفقة والعمولة المستحقة. خروجه عن مفهوم الوكالة بالعمولة أو وكالة العقود واعتباره من قبيل الوساطة التجارية الخاضعة لأحكام ق 120 لسنة 2008. علة ذلك. اقتصار مهمة المطعون ضدها عند وضع العميل في المنطقة المحددة في العقد أمام الطاعنة لمناقشة الصفقة. أثره. انحسار الاختصاص بنظر المنازعة الناشئة عنها عن المحكمة الاقتصادية. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ ومخالفة للقانون. 
(8) دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى".
وحدة الطلب في الدعويين المضمومتين واتحادهما سببا وخصوما. أثره. اندماجهما وفقدان كل منهما استقلالها. 
(9) نقض "أثر نقض الحكم: أثر نقض الحكم بصفة عامة" "نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص" "مصروفات الطعن بالنقض".
اتحاد الطعنين الراهن والمنضم في الخصوم والأساس القانوني لهما فضلا عن كون الثاني هو الوجه المقابل للطعن الأول. أثره. فقدان كلا منهما استقلاله عن الآخر، نقض الحكم الصادر في الطعن الراهن. شموله نقض الحكم الصادر في الطعن المنضم. علة ذلك. 
(10 ، 11) نقض "أثر نقض الحكم: أثر نقض الحكم بصفة عامة" "نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص" "مصروفات الطعن بالنقض".
(10) نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. وجوب أن تقتصر محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269 مرافعات. 
(11) رفع المطعون ضدها في الطعن الأول - الطاعنة في الطعن المنضم - دعواها أمام محكمة غير مختصة نوعيا بنظرها. نقض الحكم لهذا السبب. أثره. إلزام الطاعنة بمصاريف الطعنين. علة ذلك. تسببها في إنفاق مصاريف لا فائدة منها. م 185 مرافعات. 
-----------
1 - إن مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيها. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة يعد شرطا لازما لتحديد القاعدة القانونية واجبة التطبيق فيها، وللوقوف على مدى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. 
3 - إن العبرة في (تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة) بحقيقة المقصود من الطلبات وليس بالألفاظ أو العبارات التي تصاغ فيها هذه الطلبات. 
4 - إذ كان المشرع من خلال نصوص القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية وضع منظومة أراد من خلالها إنجاز القضايا التي أطلق عليها بعض الدعاوي التي لها تأثير على المناخ الاقتصادي في البلاد، ومن ثم أنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى "المحكمة الاقتصادية" وتشكل من دوائر ابتدائية واستئنافية، ثم لجأ إلى ضم اختصاصها القيمي والنوعي في هذا الشأن، وذلك بأن حدد على سبيل الحصر القوانين الواجب تطبيقها على المنازعات المتعلقة بها بالمادة السادسة منه ومنها البند السادس الذي نص على اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعاوي الناشئة عن تطبيق "قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه". 
5 - إن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 - أن الأعمال التجارية تسري عليها أحكام الاتفاق بين الأطراف، وفي حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فإنه يحتكم إلى أحكام قانون التجارة أو غيره من القوانين الخاصة المتعلقة بهذه الأعمال ثم قواعد العرف التجاري والعادات التجارية فإذا خلت هذه الأعمال من عرف تجاري أو عادة تجارية، فإنه يحتكم إلى قواعد القانون المدني الأمر الذي يبين منه بجلاء أن نص هذه المادة صريح الدلالة على تطبيق أحكام القوانين الخاصة على الأعمال التجارية إذا خلا قانون التجارة من تنظيم بعض هذه الأعمال. 
6 - إن قانون التجارة رقم (17 لسنة 1999) قد تناول بالتنظيم الوكالة التجارية في الفصل الخامس منه وأفرد لها في فرعه الأول أحكامها العامة في المواد من 148 إلى 165 ثم تناول في الفرع الثاني بعض أنواع الوكالة التجارية وخص منها أحكام "الوكالة بالعمولة" في المواد من 166 إلى 176 ثم "وكالة العقود" في المواد من 177 إلى 191، وبذا فإن هذا القانون يكون قد اقتصر على نوعي الوكالة التجارية سالفتي البيان وهما وكالة العمولة ووكالة العقود، ولم يتناول بالتنظيم الوساطة التجارية باعتبارها نوعا من أنواع الوكالة التجارية والتي سبق أن نظمت أحكامها مواد القانون رقم 120 لسنة 1982 في شأن تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية والذي نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أنه "... كما يقصد بالوسيط التجاري من اقتصر نشاطه، ولو عن صفقة واحدة على البحث عن متعاقد أو التفاوض معه لإقناعه بالتعاقد ...". 
7 - إذ كان البين من عقد الاتفاق المحرر بين الطاعنة والمطعون ضدها في الطعن الأول رقم 3125 لسنة 82ق - الطاعنة في الطعن المنضم - في 1/ 1/ 2005 أنه أسند إلى الأخيرة باعتبارها وكيلا غير حصري للطاعنة لترويج كيماويتها وإيجاد نشاط جديد لهذه الكيماويات لتوسيع عملها التجاري لدى العملاء الثمانية المذكورين حصرا بهذا العقد لزيادة حجم مبيعاتها، وإمدادها بتقرير شامل بالإجراءات المتبعة والعقود المطورة كل ربع سنة لتسعى وراء فرصة لتوسيع مبيعاتها لدى هؤلاء العملاء وإخطارها مقدما بأي استنتاجات إيجابية لمجهوداتها وبالعمليات المتوقعة، وأن تتحمل كافة المصروفات التجارية المتعلقة بالأنشطة شاملة مصروفات السفر لهؤلاء العملاء في مقابل أن تزودها الطاعنة بمواد الدعاية اللازمة لمنتجاتها بناء على طلبها، وعمولة مقدارها 10% من المبيعات التي تتم لهؤلاء العملاء شريطة أن تكون الصفقات نتيجة توسط المطعون ضدها وإخطارها للأخيرة كتابيا بالموافقة على الصفقة والعمولة المستحقة، وهو ما يفهم من هذه العلاقة أنها ليست ناشئة عن عقد وكالة بالعمولة لأن هذا النوع من الوكالة يقوم أساسا على أن الوكيل يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي لصالح الموكل حسبما عرفته الفقرة الأولى من المادة 166 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بأن "الوكالة بالعمولة عقد يتعهد بمقتضاه الوكيل بأن يجرى باسمه تصرفا قانونيا لحساب الموكل "كما أنها لا تعد من قبيل العقود لأن هذه الوكالة الأخيرة تقوم أساسا على فكرة النيابة في التعاقد بأن يكون وكيل العقود مكلفا بإبرام الصفقات نيابة عن الموكل أي باسم الأخير وليس باسمه الشخصي وهو يقرب مما عرفته المادة 177 من قانون التجارة سالف الذكر بأن "وكالة العقود عقد يلتزم بموجبه شخص بأن يتولى على وجه الاستمرار وفي منطقة نشاط معينة، الترويج والتفاوض وإبرام الصفقات باسم الموكل ولحسابه مقابل أجر ..." وبهذا المفهوم لمعنى الوكالتين سالفتي البيان فإنهما يختلفان عن نشاط المطعون ضدها - الطاعنة في الطعن المنضم - وهي التي تقتصر مهمتها وفقا للعقد سند الدعوى عند وضع العميل في المنطقة المحددة في العقد أمام الطاعنة لمناقشة كل منهما للصفقة وشروطها فإذا اتفقا أبرم العقد بينهما مباشرة دون تدخل منها، وإن لم يتفقا فلا حق للأخيرة في إبرامه نيابة عنها، ومن ثم فهي تباشر وساطة من نوع خاص من الأعمال التجارية على نحو ما عرفته الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1982 والسالف الإشارة إليها، وبالتالي فإن المنازعة المطروحة والحال كذلك تعد من قبيل الوساطة التجارية والتي تخضع لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1982 وتخرج عن نطاق تطبيق نصوص مواد الوكالة التجارية المنصوص عليها في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 سالف الإشارة بما لا تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية حسبما هو وارد حصرا بالبند السادس من المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية والسالف ذكرها وبما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم الابتدائية في دوائرها التجارية العادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومضى في نظر موضوع المنازعة بما ينطوي على اختصاصه ضمنيا بنظرها، فإنه يكون مشوبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. 
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان موضوع الطلب في إحدى القضيتين المضمومتين هو بذاته موضوع الطلب في القضية الأخرى أو الوجه المقابل له فضلا عن اتحادهما سببا وخصوما فإنهما يندمجان وتفقد كل منهما استقلالها. 
9 - إذ كان البين من الأوراق أن موضوع الطعن المنضم المقام من المطعون ضدها في الطعن السابق - هو الوجه المقابل لموضوع هذا الطعن باعتباره مقاما من المدعية في المنازعة المطروحة - وهما متحدان خصومة وفي الأساس القانوني - بما لا يفقد أي منهما استقلاله عن الآخر وهو ما يترتب على نقض الحكم في الطعن السالف الإشارة نقضه في الطعن المنضم باعتبارهما بهذه المثابة غير قابلين للتجزئة. 
10 - إن المادة 269 من قانون المرافعات تنص على أنه "وإذا كان الحكم المطعون فيه نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المهمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" ولما سلف يتعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى وباختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية ابتداء بنظرها. 
11 - لما كان إلزام المطعون ضدها في الطعن الأول - الطاعنة في الطعن المنضم - بمصاريف الطعنين معا ذلك لأنه برفعها دعواها أمام محكمة غير مختصة نوعيا بنظرها تكون قد تسببت في إنفاق مصاريف لا فائدة منها انطباقا لنص المادة 185 من قانون المرافعات. 
---------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها - ... منشأة فردية - في الطعن الأول رقم 3125 لسنة 82ق أقامت على الشركة الطاعنة في هذا الطعن - ... - الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة انتهت فيها وفقا لطلباتها الختامية إلى طلب الحكم أولا: بإلزامها بتنفيذ عقد الوكالة المؤرخ 11/ 1/ 2005 تنفيذا عينيا. ثانيا: بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ مقداره 4.423.408.845 جنيه قيمة العمولة المستحقة عن الفترة من الربع الثاني لعام 2007 حتى تاريخ رفع الدعوى. احتياطيا: إلزامها بأن تدفع لها المبلغ سالف الإشارة كتعويض عن الضرر الذي لحقها نتيجة لامتناع الطاعنة عن الوفاء بالتزاماتها المتمثلة في أداء العمولات المستحقة عليها. ثالثا: إلزام الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ مقداره 3.000.000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا مع الفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد، على سند من أنه بموجب عقد وكالة تجارية مؤرخ 1/ 1/ 2005 أبرم بينها وبين الشركة الطاعنة عهدت إليها الأخيرة بمهمة السعي لدى عملائها المحددين حصرا بالبند الثاني من العقد المذكور بغرض زيادة مبيعات منتجاتها لديهم لقاء عمولة مقدارها 10% من قيمة المبيعات الناتجة عن جهود الشركة المطعون ضدها إلا أن الطاعنة امتنعت عن أداء العمولة المتفق عليها فكانت دعواها. ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره حكمت في 31/ 12/ 2011 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ مقداره مليون جنيه ورفضت ماعدا ذلك من طلبات.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 3125 لسنة 82ق، كما طعنت المطعون ضدها في ذات الحكم بالنقض بالطعن رقم 3146 لسنة 82ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في كلا الطعنين، وإذ عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون الاقتصادية - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظرهما أمام هذه المحكمة، وفيها ضمت الطعن الثاني للأول، والتزمت النيابة رأيها. 
-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وعلى رأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالطعن الأول رقم 3125 لسنة 82ق على الحكم المطعون فيه البطلان لصدوره من محكمة غير مختصة نوعيا بنظر النزاع، إذ إن الثابت من بنود العقد موضوع التداعي المؤرخ 1/ 1/ 2005 أن مهمة المطعون ضدها تقتصر على الترويج والتسويق لمنتجات الطاعنة في حدود منطقة جغرافية معينة لدى العملاء الثمانية المحددين حصرا بهذا العقد وبذلك فهو عقد توزيع لا يخضع لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، ومن ثم لا ينعقد الاختصاص للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية عملا بالمادة 6 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن مسألة الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام فتعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيها، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة يعد شرطا لازما لتحديد القاعدة القانونية واجبة التطبيق فيها، وللوقوف على مدى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وأن العبرة في هذا الصدد بحقيقة المقصود من الطلبات وليس بالألفاظ أو العبارات التي تصاغ فيها هذه الطلبات، وكان المشرع من خلال نصوص القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية وضع منظومة أراد من خلالها إنجاز القضايا التي أطلق عليها بعض الدعاوي التي لها تأثير على المناخ الاقتصادي في البلاد، ومن ثم أنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى "المحكمة الاقتصادية" وتشكل من دوائر ابتدائية واستئنافية، ثم لجأ إلى ضم اختصاصها القيمي والنوعي في هذا الشأن، وذلك بأن حدد على سبيل الحصر القوانين الواجب تطبيقها على المنازعات المتعلقة بها بالمادة السادسة منه ومنها البند السادس الذي نص على اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعاوي الناشئة عن تطبيق "قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة، وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه "إذ كان ذلك، وكان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 - أن الأعمال التجارية تسري عليها أحكام الاتفاق بين الأطراف، وفي حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فإنه يحتكم إلى أحكام قانون التجارة أو غيره من القوانين الخاصة المتعلقة بهذه الأعمال ثم قواعد العرف التجاري والعادات التجارية فإذا خلت هذه الأعمال من عرف تجاري أو عادة تجارية، فإنه يحتكم إلى قواعد القانون المدني الأمر الذي يبين منه بجلاء أن نص هذه المادة صريح الدلالة على تطبيق أحكام القوانين الخاصة على الأعمال التجارية إذا خلا قانون التجارة من تنظيم بعض هذه الأعمال، وكان قانون التجارة المار ذكره قد تناول بالتنظيم الوكالة التجارية في الفصل الخامس منه وأفرد لها في فرعه الأول أحكامها العامة في المواد من 148 إلى 165 ثم تناول في الفرع الثاني بعض أنواع الوكالة التجارية وخص منها أحكام "الوكالة بالعمولة" في المواد من 166 إلى 176 ثم "وكالة العقود" في المواد من 177 إلى 191، وبذا فإن هذا القانون يكون قد اقتصر على نوعي الوكالة التجارية سالفتي البيان وهما وكالة العمولة ووكالة العقود، ولم يتناول بالتنظيم الوساطة التجارية باعتبارها نوعا من أنواع الوكالة التجارية والتي سبق أن نظمت أحكامها مواد القانون رقم 120 لسنة 1982 في شأن تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية والذي نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أنه "... كما يقصد بالوسيط التجاري من اقتصر نشاطه، ولو عن صفقة واحدة على البحث عن متعاقد أو التفاوض معه لإقناعه بالتعاقد ...". لما كان ذلك، وكان البين من عقد الاتفاق المحرر بين الطاعنة والمطعون ضدها في الطعن الأول رقم .... لسنة 82ق - الطاعنة في الطعن المنضم - في 1/ 1/ 2005 أنه أسند إلى الأخيرة باعتبارها وكيلا غير حصري للطاعنة لترويج كيماويتها وإيجاد نشاط جديد لهذه الكيماويات لتوسيع عملها التجاري لدى العملاء الثمانية المذكورين حصرا بهذا العقد لزيادة حجم مبيعاتها، وإمدادها بتقرير شامل بالإجراءات المتبعة والعقود المطورة كل ربع سنة لتسعى وراء فرصة لتوسيع مبيعاتها لدى هؤلاء العملاء وإخطارها مقدما بأي استنتاجات إيجابية لمجهوداتها وبالعمليات المتوقعة، وأن تتحمل كافة المصروفات التجارية المتعلقة بالأنشطة شاملة مصروفات السفر لهؤلاء العملاء في مقابل أن تزودها الطاعنة بمواد الدعاية اللازمة لمنتجاتها بناء على طلبها، وعمولة مقدارها 10% من المبيعات التي تتم لهؤلاء العملاء شريطة أن تكون الصفقات نتيجة توسط المطعون ضدها وإخطارها للأخيرة كتابيا بالموافقة على الصفقة والعمولة المستحقة، وهو ما يفهم من هذه العلاقة أنها ليست ناشئة عن عقد وكالة بالعمولة، لأن هذا النوع من الوكالة يقوم أساسا على أن الوكيل يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي لصالح الموكل حسبما عرفته الفقرة الأولى من المادة 166 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بأن "الوكالة بالعمولة عقد يتعهد بمقتضاه الوكيل بأن يجرى باسمه تصرفا قانونيا لحساب الموكل "كما أنها لا تعد من قبيل العقود لأن هذه الوكالة الأخيرة تقوم أساسا على فكرة النيابة في التعاقد بأن يكون وكيل العقود مكلفا بإبرام الصفقات نيابة عن الموكل، أي باسم الأخير وليس باسمه الشخصي وهو يقرب مما عرفته المادة 177 من قانون التجارة سالف الذكر بأن " وكالة العقود عقد يلتزم بموجبه شخص بأن يتولى على وجه الاستمرار وفي منطقة نشاط معينة، الترويج والتفاوض وإبرام الصفقات باسم الموكل ولحسابه مقابل أجر ..." وبهذا المفهوم لمعنى الوكالتين سالفتي البيان فإنهما يختلفان عن نشاط المطعون ضدها - الطاعنة في الطعن المنضم - وهي التي تقتصر مهمتهما وفقا للعقد سند الدعوى عند وضع العميل في المنطقة المحددة في العقد أمام الطاعنة لمناقشة كل منهما للصفقة وشروطها فإذا اتفقا أبرم العقد بينهما مباشرة دون تدخل منها، وإن لم يتفقا فلا حق للأخيرة في إبرامه نيابة عنها، ومن ثم فهي تباشر وساطة من نوع خاص من الأعمال التجارية على نحو ما عرفته الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1982 والسالف الإشارة إليها، وبالتالي فإن المنازعة المطروحة والحال كذلك تعد من قبيل الوساطة التجارية والتي تخضع لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1982 وتخرج عن نطاق تطبيق نصوص مواد الوكالة التجارية المنصوص عليها في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 سالف الإشارة بما لا تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية حسبما هو وارد حصرا بالبند السادس من المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية والسالف ذكرها وبما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم الابتدائية في دوائرها التجارية العادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومضى في نظر موضوع المنازعة بما ينطوي على اختصاصه ضمنيا بنظرها، فإنه يكون مشوبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان موضوع الطلب في إحدى القضيتين المضمومتين هو بذاته موضوع الطلب في القضية الأخرى أو الوجه المقابل له، فضلا عن اتحادهما سببا وخصوما فإنهما يندمجان وتفقد كل منهما استقلالها، وكان البين من الأوراق أن موضوع الطعن المنضم المقام من المطعون ضدها في الطعن السابق - هو الوجه المقابل لموضوع هذا الطعن باعتباره مقاما من المدعية في المنازعة المطروحة - وهما متحدان خصوما وفي الأساس القانوني - بما يفقد أي منهما استقلاله عن الآخر وهو ما يترتب على نقض الحكم في الطعن السالف الإشارة نقضه في الطعن المنضم باعتبارهما بهذه المثابة غير قابلين للتجزئة.
وحيث إن المادة 269 من قانون المرافعات تنص على أنه "وإذا كان الحكم المطعون فيه نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المهمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" ولما سلف يتعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى وباختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية ابتداء بنظرها مع إلزام المطعون ضدها في الطعن الأول - الطاعنة في الطعن المنضم - بمصاريف الطعنين معا ذلك لأنه برفعها دعواها أمام محكمة غير مختصة نوعيا بنظرها تكون قد تسببت في إنفاق مصاريف لا فائدة منها انطباقا لنص المادة 185 من قانون المرافعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق