الصفحات

الجمعة، 13 نوفمبر 2020

الطعن 654 لسنة 83 ق جلسة 2 / 7 / 2013 مكتب فني 64 رجال قضاء ق 9 ص 58

جلسة 2 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عزت عبد الجواد عمران "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني، موسى مرجان محمد بدر عزت، وطارق عبد العظيم "نواب رئيس المحكمة" 
------------------ 
(9)
الطعن 654 لسنة 83 القضائية "رجال قضاء"
(1) قرار إداري "دعاوى إلغاء القرارات الإدارية: توافر الصفة والمصلحة فيها".
الخصومة في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية المقدمة طبقا لنص المادة 83 من في السلطة القضائية المعدل بق 142 لسنة 2006. وجوب توجيهها إلى ممثل الجهة الإدارية التي أصدرت القرار باعتبارها صاحبة الصفة وحدها فيها. علة ذلك. الدفع بالبطلان لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم حال كونه ليس خصما حقيقيا في الدعوى ولم يوجب القانون اختصامه فيها. على غير أساس. 
(2) نقض "نطاق الخصومة في الطعن".
الطعن بالنقض. لا ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة النقض خلافا للاستئناف. عدم جوازه في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها القانون بيان حصر. تقيد محكمة النقض بالأسباب التي ذكرها الطاعن في صحيفة الطعن. مؤداه. الطعن بالنقض ليس هو الخصومة المرددة من قبل أمام محكمة الموضوع وإنما هو مخاصمة للحكم النهائي الصادر فيها. 
(3) اختصاص "الاختصاص الولائي".
اختصاص المحاكم بتقرير الوصفة القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة ومدى تعلقه بأعمال السيادة. خضوع محكمة الموضوع في تكييفها ذلك لرقابة محكمة النقض. 
(4 ، 5) قرار إداري "عيوب القرار الإداري".
(4) القرارات الإدارية. عدم تعريف القانون لها وما يميزها عن خصائص. مؤداه. للمحاكم العادية التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية. ظهور سلامة إصدار القرار لها. أثره. وجوب تطبيقه وفقا لظاهر نصوصه على النزاع المطروح، علم اعتبار ذلك تعرضا للقرار بالتأويل. 
(5) عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها. من العيوب القصدية في السلوك الإداري. ماهيته. تنكب الإدارة الغاية من إصدار القرار وجه المصلحة العامة أو إصداره بباعث لا يمت لها. هو عيب يشوب القرار متى كان يرمي إلى تحقيق صالح معين يختلف عن الصالح العام كتحقيق مصلحة شخصية أو صدوره بدافع سياسي بتدخل من رجال حزب الأغلبية الحاكم. 
(6 - 10) بطلان. حكم. دستور "إعلان دستوري: إصداره في وقت الثورة: شرط صحته". قرار إداري "عيوبه".
(6) الإعلان الدستوري. صدوره في ظروف الثورات من حكومة الثورة لتنظيم أمور البلاد ريثما يوضع الدستور، سماته، عدم لزوم الاستفتاء عليه من الشعب وتضمنه مواد تشمل المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك للدساتير. 
(7) إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب ثورة يناير إعلانا دستوريا في 13/ 2/ 2011 ضمنه تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب والشورى وتوليه إدارة شئون البلاد. مؤداه. انعدام المؤسسات السياسية التي تدير الدولة وحلوله محلها بالفعل الثورية وبقوة الأمر الواقع السياسي. إجراء استفتاء شعبي يوم 19/ 3/ 2011 على تعديل بعض مواد دستور 1971 لبناء مؤسسات وهيئات الدولة الديمقراطية ووضع الدستور الجديد. موافقة الشعب على التعديلات. أثره. إصدار الإعلان الدستوري في 30/ 3/ 2011 ملتزما بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة. 
(8) انتخاب الطاعن الأول رئيسا للجمهورية وفقا للإعلان الدستوري الصادر في 30/ 3/ 2011. تحديد المادة 56 منه اختصاصاته والتي ليس منها إصدار الإعلانات الدستورية. إصداره للإعلانين الدستوريين المؤرخين 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 سند القرار موضوع التداعي. مؤداه. صدورهما ممن لا يملك ولاية إصدارهما. علة ذلك، زوال الحالة الثورية بعد مباشرته لسلطته الشرعية. عدم جواز عمل السلطة التي تتكون وفقا للشرعية الدستورية خلاقة لها والعودة للشرعية الثورية. أثر ذلك. انتفاء صفة الإعلانات الدستورية عن هذين القرارين مما ينزلهما من مصاف الأعمال السياسية التي تتابي على الرقابة القضائية إلى ترك القرارات الإدارية الخاضعة لها. 
(9) تنكب الطاعن الأول مصدر القرارات وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري إلى صالح مغاير بدافع من تدخل نوي النفوذ من رجال الحزب الحاكم، مؤداه. صدور القرارين المؤرخين 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 معيبه بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد. علة ذلك. اجتزاؤه بوصفه رئيس السلطة التنفيذية على سلطة الجمعية التأسيسية التي تختص بوضع الوثيقة الدستورية والتي تعلو على جميع سلطات الدولة بإصدار ما أطلق عليه إعلانا دستوريا. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى رفض دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى الانتفاء ولاية القضاء عن رقابة الإعلانات الدستورية. نتيجة صحيحة. لمحكمة النقض تصحيح ما وقع بالحكم من خطأ في بعض التقريرات القانونية واستكمالها دون أن تنقضه. 
(10) استمرار نفاذ آثار ما ترتب على الإعلانات الدستورية الصادرة منذ 11/ 2/ 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور في 25/ 12/ 2012. المادة 236 منه. شرطه. صدورها صحيحة ممن يملك إصدارها، فقدان القرارات الإدارية وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية لمقومات صحتها. أثره. عدم عصمتها من البطلان. علة ذلك. 
(11) دعوى الإلغاء "انتهاء الخصومة فيها".
انتهاء الخصومة في دعوى الإلغاء عند إلغاء الجهة الإدارية للقرار المطعون فيه. شرطه. أن يكون الإلغاء في حقيقته سحبا للقرار بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدوره. علة ذلك. انتهاء المحكمة إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري. مؤداه. عدم انصراف نص المادة 236 من الدستور إليهما من حيث نفاذ آثارهما. أثره، بقاء مصلحة المطعون ضده قائمة في الدعوي. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. 
(12) نقض "المصلحة في الطعن".
قيام المصلحة في الطعن بالنقض. ارتداده إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه. مؤداه. اقتصار بحث الطعن فيه على نطاق ما يلابس الدعوى إذ ذلك من وقائع أثبتها الحكم وعليها ارتكز قضاؤه. 
(13) قرار إداري "قراد عزل النائب العام".
صدور قرار عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين أخر بدلا منه قبل صدور الدستور إبان سريان القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21/ 11/ 2012 والمسمى إعلانا دستوريا مستندا إلى المادة الثالثة منه. مؤداه. عدم صدور القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور الجديد ونفاذا لأحكامه. أثره. توافر المصلحة للمطعون ضده في طلباته باعتباره شاغلا للمنصب ومتمتعة بحصانته وقت صدور القرار والذي ترتب عليه عزله منه. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدفع بانتفاء صفة المطعون ضده لاستنفاد مدة ولايته في شغل المنصب بمقتضى أحكام الدستور الجديد. صحيح. 
(14) محكمة الموضوع "التزامها بتطبيق القانون على وجهه الصحيح". نظام عام. نقض "سلطة محكمة النقض".
قاضي الموضوع. التزامه من تلقاء نفسه بتطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية والإجرائية المتصلة بمسائل التقاضي المتعلقة بالنظام العام المنطبقة على الواقع في الدعوي. خضوعه في ذلك لرقابة محكمة النقض. 
(15 ، 16) دستور "إعلان دستوري: انتفاء صفته". قرار إداري "انعدامه".
(15) تعلق دعوى رجل القضاء بتظلم من قرار إداري متصل بشأن من شئون القضاة. وجوب التحقق من صدوره من جهة مختصه قانونا بإصداره. تخلف ذلك. أثره. انعدام القرار. علة ذلك. 
(16) انتهاء المحكمة إلى انتقاء وصف الإعلان الدستوري عن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 وأنهما مجرد قرارين إداريين. تضمن القرار الأول في مادته الثالثة تعديلا لقانون السلطة القضائية بتوقيت مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات ويسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري. عدم جواز تنظيم ذلك إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية. علة ذلك. مساسه بحقوق منصب النائب العام وضماناته المتصلة باستقلال القضاء. 
(17) قانون "عزل القضاة لا ينظم بأداة تشريعية أدنى من القانون".
عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من وظائفهم. عدم جواز تنظيمها بأداة تشريعية أدني مرتبة من القانون. المادتان 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر في 30/ 3/ 2011. تضمن القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21/ 11/ 2012 تحديد مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان ذلك على من يشغل المنصب بأثر فوري. مؤداه. مخالفة هذا القرار للإعلان الدستوري. أثره. عدم قيامه على أساس من الشرعية وتعييبه بعيب جسيم بعدم أثره.
اختصاص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبنى الطلب مخالفة القوانين. م 83 ق السلطة القضائية المعدلة بق 142 لسنة 2006. لا شأن للمحكمة الدستورية في ذلك. التزام الحكم المطعون فيه ذلك. صحيح. 
-------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 أن الخصومة في الدعاوى التي تقدم طبقا لهذا النص إنما توجه إلى الجهة الإدارية في شخص من يمثلها قانونا باعتبارها صاحبة الصفة وحدها في الخصومة، لما هو مقرر من أن الأصل في الاختصام في دعوى إلغاء القرارات الإدارية أن توجه ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار فهي أدرى الناس بمضمونه، وأعرفهم بالأسباب التي حلت إليه. لما كان ذلك، وكان "المستشار /... "ليس خصما حقيقيا في الدعوى المطعون على حكمها، كما أنه من غير من أوجب القانون اختصامهم في مثل هذه الدعاوى؛ ومن ثم يضحى الدفع على غير أساس. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف، بل هو طعن لم يجزه القانون في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حضر، وهي ترجع كلها إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، ولا تنظر محكمة النقض إلا في الأسباب التي ذكرها الطاعن في صحيفة الطعن مما يتعلق بهذه الوجوه من المسائل القانونية البحتة، ومن ثم فالأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع، وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة، وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه أو من أعمال الإدارة المعتادة فيخضع لرقابتها، ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، ويتبنى على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هذي من حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك - بل من واجبها - التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه، فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوبا بما ينحدر به إلى درجة العنم كان عليها أن تعمل تطبيقه وفقا لظاهر نصوصه وتنزل ما وصف له القانون من آثار على النزاع المطروح، ولا يعتبر ذلك منها تعرضا للقرار بالتأويل. 
5 - إذا تبين للمحكمة أن القرار الإداري معيب بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها؛ وهو من العيوب القصدية في السلوك الإداري التي قوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بأن يشوب الغاية من إصدار القرار الإداري عيب بأن تنكبت الإدارة وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار أو أن تكون قد أصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة؛ أي أن لدى جهة الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو عيب متصل بالهدف من إصدار القرار الذي يرمي إليه المشرع ومن أجله منح الإدارة سلطة إصداره، وهذا العيب يشوب القرار حتى لو كان يرمي إلى تحقيق صالح معين ولكنه يختلف عن الصالح العام المقصود أصلا، وقد يكون الدفع إلى الانحراف تحقيق مصلحة شخصية أو تحقيق دافع سياسي وهو تدخل ذوي النفوذ من رجال حزب الأغلبية وهو المتولي زمام الحكم في البلاد في إصداره. 
6 - المقرر قانونا أنه في ظروف الثورات تصدر حكومة الثورة إعلانا دستورية أو أكثر لتنظيم أمور البلاد ريثما يوضع دستور ينظم كافة سلطات الدولة والحقوق والحريات للمواطنين، ويتميز الإعلان الدستوري عن الدستور الدائم بأنه يصدر عن السلطة الحاكمة ولا يلزم الاستفتاء عليه من جانب الشعب ويتضمن مواد محددة تشمل المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك عادة للدساتير. 
7 - إذ كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد أصدر إعلانا دستوريا في 13 من فبراير 2011 نص فيه على تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب والشورى وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وبذلك فقد انعدمت المؤسسات السياسية التي كانت تدير الدولة وحل محلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالفعل الثوري وبقوة الأمر الواقع السياسي للبلاد في حالة الضرورة، حتى يتم إنشاء المؤسسات الجديدة للدولة، وقد أجرى استفتاء الشعب يوم 19 من مارس 2011 على أسلوب تكوين هذه المؤسسات التي تبنى عليها هيئات الدولة الديمقراطية الجديدة بدءا بمجلسي الشعب والشورى ثم رئاسة الجمهورية ووضع الدستور الجديد - من خلال تعديل لبعض مواد دستور 1971 - وفي ضوء ما أسفرت عنه نتيجة الاستفتاء من الموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة فقد قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الصادر بتاريخ 23 من مارس 2011 إصدار إعلان دستوري لتنظيم السلطات في المرحلة الانتقالية يتضمن أحكام المواد التي وافق عليها الشعب للعمل بمقتضاها ولحين الانتهاء من انتخاب السلطة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية، فصدر الإعلان الدستوري في 30 من مارس 2011 ملتزما بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة حتى يبدأ تشكيل مؤسساتها. 
8 - إذ تم انتخاب رئيس الجمهورية - الطاعن الأول بصفته - وتولي سدة حكم البلاد بتاريخ 30 من يونيو 2012 على سند من نصوص الإعلان الدستوري (الصادر في 30/ 3/ 2011) والذي حدد اختصاصاته على النحو المنصوص عليه في المادة 56 منه والتي ليس من بينها سلطة إصدار الإعلانات الدستورية، فإن الإعلانين الدستوريين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 - سند القرار الجمهوري موضوع التداعي - يكونان صادرين ممن لا يملك ولاية إصدارهما بعد أن زالت الحالة الثورية وأصبح رئيس الجمهورية يباشر سلطة شرعية بحكم انتخابه رئيسا للبلاد بصلاحيات محددة لا تمكنه من إصدار تلك الإعلانات، فالسلطة التي تتكون وفقا للشرعية الدستورية لا يجوز لها أن تعمل خلافا لذلك حتى لا تتنكر الأساس وجودها، ذلك أن العودة للشرعية الثورية بعد اتباع الشرعية الدستورية يهدر أي خطوة جرت في سبيل بلوغ هدف الثورة الجوهري المتعلق بفرض سيادة القانون، مع ما يتصل بذلك من إطالة الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلاقلها على كافة الأصعدة، ومن ثم، ولما تقدم، فإنه ينتفى عن القرارين الصادرين من رئيس الجمهورية - الطاعن الأول - بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 صفة الإعلانات الدستورية مما ينزلها من مصاف الأعمال السياسية التي تتأبى على الرقابة القضائية إلى ترك القرارات الإدارية الخاضعة للرقابة القضائية على أعمال الإدارة التي تقوم على سند من سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه أعلاه لراية الشرعية. 
9 - إذ كان القراران الصادران من رئيس الجمهورية بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 قد جاءا معيبين بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد؛ إذ تنكب مصدرها وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري وهو عيب يتصل بالهدف من إصدارها تحت مسمى صالح معين يغاير الصالح العام؛ بل بدافع من تدخل نوى النفوذ من رجال حزب الأكثرية الحاكم، فضلا عن أنه وإعمالا لحكم المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 فقد تكونت بتاريخ 12 من يونيه 2012 الجمعية التأسيسية والتي اضطلعت بدورها في إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد خلال ستة أشهر يطرح بعدها للاستفتاء الشعبي، ولما كانت السلطة التأسيسية التي تختص بوضع الوثيقة الدستورية تعلو على جميع سلطات الدولة؛ إذ هي نتاج عملها، باعتبار أنها السلطة المنشئة لغيرها من السلطات. فما كان للطاعن الأول بوصفه رئيس السلطة التنفيذية أن يجترئ على سلطة تلك الجمعية التأسيسية في 21 من نوفمبر 2012 ويصدر ما أطلق عليه "إعلانا دستوريا"، وما كان له أن يفعل وقد كانت تلك الجمعية قد شارفت على الانتهاء من إعداد مشروع الدستور، وبالفعل تقدمت به - بعد أيام معدودات - بتاريخ الأول من ديسمبر 2012 إلى الطاعن الأول الذي أصدر القرار رقم 297 لسنة 2012 بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه يوم 15 من ديسمبر 2012، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه من بعد خطؤه في بعض تقريراته القانونية أو قصوره فيها؛ إذ لمحكمة النقض أن تصحح تلك التقريرات وتستكملها دون أن تنقضه. 
10 - مفاد النص في المادة 236 من الدستور الحالي الصادر في ديسمبر 2012 والمعمول به منذ 25 من ديسمبر 2012 أن استمرار نفاذ ما ترتب على الإعلانات الدستورية الصادرة في الفترة (من 11/ 2/ 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور في 25/ 12/ 2012) من آثار إنما ينصرف إلى الإعلانات الدستورية الصحيحة الصادرة ممن يملك إصدارها، أما غيرها من قرارات إدارية - وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية - فلا عاصم لها من البطلان متى كانت فاقدة لمقوماتها من الصحة، إذ ليس من شأن مادة الدستور المذكورة أن ترد قرارة معدومة إلى الحياة، ولا أن تسبغ الصحة على قرار ولد باطلا، ولا أن تغير من طبيعته فتلحقه بأعمال السيادة. 
11 - إذ كانت المحكمة قد انتهت إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما، فلا ينصرف إليهما نص المادة 236 من الدستور من حيث نفاذ آثارهما وإن وصفا بأنهما من الإعلانات الدستورية، ومن ثم تبقى مصلحة المطعون ضده قائمة في الدعوى، لما هو مقرر من أن إلغاء الجهة الإدارية لقرار مطعون فيه أمام قاضي المشروعية لا يترتب عليه انتهاء الخصومة إلا إذا كان ما قامت به الجهة الإدارية من إلغاء القرار هو في حقيقة تكييفه القانوني مجيبا لكامل طلب رافع دعوى الإلغاء، أي أن يكون الإلغاء في حقيقته القانونية سحبا للقرار، متى كان ذلك جائزا قانونيا، بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه؛ فبذلك وحده يتحقق كامل طلب رافع دعوى الإلغاء؛ إذ إن طلب الإلغاء إنما يستهدف إعدام القرار غير المشروع من تاريخ صدوره مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الشق يضحي على غير أساس. 
12 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قيام المصلحة في الطعن بالنقض أو عدم قيامها إنما يرجع فيه إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه وما يلابس الدعوى إذ ذاك من ظروف ووقائع يثبتها الحكم وتكون تحت نظره وعليها يرتكز قضاؤه بحيث يقتصر بحث الطعن فيه في مختلف وجوهه القانونية على هذا النطاق. 
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الدفع بانتقاء مصلحة المطعون ضده الاستنفاد مدة ولايته بمقتضى نفاذ أحكام الدستور الجديد، على أن الدعوى المطروحة تتعلق بقرار صدر بتعيين آخر في منصب النائب العام بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 قبل صدور الدستور الجديد وإبان فترة سريان القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 المسمى "إعلانا دستوريا" مستندا إلى ما تضمنته المادة الثالثة منه بشأن طريقة تعيين النائب العام وشروط شغل المنصب ومدة ولايته، ولم يصدر القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور الجديد أو نفاذا لأحكامه؛ ومن ثم فقد توافرت للمطعون ضده المصلحة في طلباته محل الدعوى باعتباره شاغلا لمنصب النائب العام ومتمتعا بحصانته وقت صدور القرار الأول سند القرار محل المنازعة، مما ترتب عليه عزله من منصبه وتعيين آخر بدلا منه بموجب القرار الأخير، فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول الدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضده في الدعوى يكون في محله. 
14 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية وكذا الإجرائية المتصلة بمسائل التقاضي المتعلقة بالنظام العام واجبة التطبيق على الواقع في الدعوى هو أمر يتعين على قاضي الموضوع إعماله من تلقاء نفسه دون طلب أو دفع أو دفاع عند عرض النزاع عليه ويوجب على محكمة النقض أن تعرض له وتزنه بميزان القانون وزن مناطه استظهار مدى انطباقه على الدعوى كمسألة قانونية صرفه. 
15 - إنه متى تعلقت دعوي أقامها أحد رجال القضاء أو النيابة العامة تظلما من قرار أو قرارات إدارية نهائية تتصل بشأن من شئونهم تعين التحقق من صحتها ومن صدورها من جهة أناط بها القانون إصدارها دون افتئات منها على اختصاص السلطتين التشريعية أو التنفيذية، فإذا صدر ذلك القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانونا، فإنه يعد معيبا بعيب جسيم ينحدر به إلى العدم؛ ومن ثم يعد بمثابة عمل مادي لا يرتب أثرا ولا يكون محط لطلب إلغائه؛ إذ لا يقبل إعدام المعلوم، ومن ثم لا يعدو الحكم الصادر بشأن هذا العمل إلا أن يكون بتقرير انعدامه قانونا وما يترتب على ذلك من آثار فلا تلحقه إجازة أو حصانة ولا يزيل عيبه فوات مواعيد الطعن عليه. 
16 - إذ كانت المحكمة قد انتهت إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما وصف "الإعلان الدستوري" لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما وأنهما مجرد قرارين إداريين يخضعان للرقابة القضائية، وكان ما تضمنه القرار الأول في مادته الثالثة من تعديل لقانون السلطة القضائية يتعلق بتوقيت مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات بعد أن كانت مطلقة، وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري، وكان هذا القرار فوق أنه مجرد من قوة القانون فإنه يمس حقوق منصب النائب العام وضماناته مما يتصل باستقلال القضاء وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية. 
17 - النص في المادتين 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011، المعمول به في تاريخ صدور القرار رقم 386 لسنة 2012 موضوع التداعي يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من وظائفهم هو من الأمور التي لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون، فإن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 فيما تضمنه من تحديد لمدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري يكون غير قائم على أساس من الشرعية، ومشوبا بعيب جسيم يجعله عديم الأثر، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الاختصاص في هذا الشأن ينعقد للمحكمة الدستورية العليا، ذلك أنه علاوة على عيب عدم المشروعية الذي شاب القرار سالف الذكر فإن مخالفته لأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011 إنما هي على سبيل التأكيد لا التأسيس، فمن ثم ووفقا لنص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة دون غيرها بالفصل في طلب إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبنى الطلب مخالفة القوانين، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 مفتقر لسنده الدستوري أو القانوني في تعديل أحكام قانون السلطة القضائية ورتب على ذلك أنه لا يصلح أساسا لصدور القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 فيما تضمنه من عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين آخر بدلا منه، فإنه يكون قد التزم صحيح حكم القانون مبرءا من قالة الخطأ في تطبيقه. 
---------------- 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم... لسنة 129 ق استئناف القاهرة "رجال القضاء" على الطاعنين الثلاثة بصفاتهم بطلب الحكم بإلغاء قراري رئيس الجمهورية - الطاعن الأول بصفته - الصادر أولهما بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 والمسمى "إعلانا دستوريا" وثانيهما بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 برقم 386 لسنة 2012 بعزله وتعيين نائب عام جديد، والقضاء بإعادته - أي المطعون ضده - إلى منصبه. وقال بيانا لدعواه إنه بتاريخ 2 من يوليو 2006 تقلد منصب النائب العام طبقا لنص المادة 119 من قانون السلطة القضائية، وبتاريخ 21 من نوفمبر 2012 أصدر الطاعن الأول - رئيس الجمهورية بصفته - ما سمي "إعلانا دستوريا" جاء بمادته الثالثة أن تعيين النائب العام يكون لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، وأن يسري هذا النص على شاغل المنصب الحالي بأثر فوري، وترتيبا على ذلك فقد أصدر الطاعن المذكور بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 قرار رئيس الجمهورية رقم 386 لسنة 2012 بعزله وتعيين "المستشار/ ... نائبا عاما" لمدة أربع سنوات، وإذ كان القرار الأول هو عمل مادي ولا يعدو أن يكون قرارا إدارية منعدما جمع كل مظاهر عدم المشروعية، وانطوى على انحراف جسيم بالسلطة لصدوره من غير مختص بإصدار الإعلانات الدستورية، فجاءت المادة الثالثة منه منصبة على شخص محدد بذاته - هو المطعون ضده - مما يتنافى مع طبيعة القاعدة القانونية، كما نصت مادته الثانية على حظر الطعن على قرارات رئيس الجمهورية التي يصدرها استنادا إلى ما يسمى بالإعلان الدستوري، كما صدر القرار الثاني متضمنة عزله؛ الأمر المخالف لنصوص المواد 21، 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 والمادة 119 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 142 لسنة 2006 التي لم تضع حدا لمدة شغل منصبه، كما لا يجوز عزله من هذا المنصب إلا برغبته؛ ومن ثم فقد أقام الدعوي، وبتاريخ 26 من يناير 2013 بجلسة التحضير قدم نائب المطعون ضده مذكرة أورد فيها اسم "المستشار/ ..." كمدعى عليه رابع - غير المختصم في الطعن - وأضاف فيها إلى طلباته الأصلية، طلب الحكم بإلغاء القرار الجمهوري الصادر بتاريخ 8 من ديسمبر 2012 والمسمى "إعلانا دستوريا"، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرارات الجمهورية الثلاثة، وبتاريخ 27 من مارس 2013 قضت المحكمة أولا: بعدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها. ثانيا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المحل والمصلحة وبقبولها. ثالثا: بإلغاء القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 الصادر بتعيين المدعى عليه الرابع بمنصب النائب العام واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار. رابعا: عدم قبول ما غاير ذلك من طلبات.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم المطعون ضده مذكرة دفع فيها ببطلان الطعن لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم - المستشار/ ... - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان الطعن، أن الطاعنين لم يختصموا في الطعن أحد المحكوم عليهم وهو "المستشار/ ..." المحكوم عليه في الشق المتعلق بإلغاء القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 الصادر بتعيينه نائبا عاما.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 أن الخصومة في الدعاوى التي تقدم طبقا لهذا النص إنما توجه إلى الجهة الإدارية في شخص من يمثلها قانونا باعتبارها صاحبة الصفة وحدها في الخصومة، لما هو مقرر من أن الأصل في الاختصام في دعوى إلغاء القرارات الإدارية أن توجه ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار فهي أدرى الناس بمضمونه، وأعرفهم بالأسباب التي حدت إليه لما كان ذلك، وكان "المستشار/ ..." ليس خصما حقيقيا في الدعوى المطعون على حكمها، كما أنه من غير من أوجب القانون اختصامهم في مثل هذه الدعاوى؛ ومن ثم يضحي الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضي بعدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى طعنة على الإعلانين الدستوريين الصادرين بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر سنة 2012 استنادا إلى أن الإعلانين الدستوريين محل المنازعة لم يتم استفتاء الشعب عليهما؛ ومن ثم لا يرقيان إلى مرتبة النصوص الدستورية، في حين أن رئيس الجمهورية هو الحكم بين السلطات، كما أن الدولة لا تزال في مرحلة بناء مؤسسات جديدة، والثورة لم تنته بعد، وباعتباره المسئول الأول عن مواجهة كل ما يعرقل مسيرة الثورة ويؤدي إلى الفوضى وانهيار الدولة سياسية واقتصادية أصدر من الإعلانات الدستورية ما يحقق مصالح الشعب والمحافظة على مؤسسات الدولة ومنع العدوان عليها، فلا ينال من شرعيتها أو اكتسابها القيمة الدستورية عدم الاستفتاء عليها، كما أن الإعلانات الدستورية لا محل لإسباغ الرقابة القضائية عليها لكونها من الأمور السياسية التي تتجاوز ولاية المحاكم، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف، بل هو طعن لم يجزه القانون في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر، وهي ترجع كلها إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، ولا تنظر محكمة النقض إلا في الأسباب التي ذكرها الطاعن في صحيفة الطعن مما يتعلق بهذه الوجوه من المسائل القانونية البحتة، ومن ثم فالأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع، وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها، وأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة، وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه أو من أعمال الإدارة المعتادة فيخضع لرقابتها، ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، كما أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، وينبني على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هدي من حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك - بل من واجبها - التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه، فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوب بما ينحدر به إلى درجة العدم كان عليها أن عمل تطبيقه وفقا لظاهر نصوصه وتنزل ما وصف له القانون من آثار على النزاع المطروح، ولا يعتبر ذلك منها تعرضا للقرار بالتأويل، أما إذا تبين لها أن القرار معيب بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها؛ وهو من العيوب القصدية في السلوك الإداري التي قوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بأن يشوب الغاية من إصدار القرار الإداري عيب بأن تنكبت الإدارة وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار، أو أن تكون قد أصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة؛ أي أن لدى جهة الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو عيب متصل بالهدف من إصدار القرار الذي يرمي إليه المشرع ومن أجله منح الإدارة سلطة إصداره، وهذا العيب يشوب القرار حتى لو كان يرمي إلى تحقيق صالح معين ولكنه يختلف عن الصالح العام المقصود أصلا، وقد يكون الدفع إلى الانحراف تحقيق مصلحة شخصية أو تحقيق دافع سياسي وهو تدخل ذوي النفوذ من رجال حزب الأغلبية وهو المتولي زمام الحكم في البلاد في إصداره، كما وأن من المقرر قانونا أنه في ظروف الثورات تصدر حكومة الثورة إعلانا دستوريا أو أكثر التنظيم أمور البلاد ريثما يوضع دستور ينظم كافة سلطات الدولة والحقوق والحريات للمواطنين، ويتميز الإعلان الدستوري عن الدستور الدائم بأنه يصدر عن السلطة الحاكمة ولا يلزم الاستفتاء عليه من جانب الشعب ويتضمن مواد محددة تشمل المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك عادة للدساتير. لما كان ذلك، وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد أصدر إعلانا دستوريا في 13 من فبراير 2011 نص فيه على تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب والشورى وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وبذلك فقد انعدمت المؤسسات السياسية التي كانت تدير الدولة وحل محلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالفعل الثوري وبقوة الأمر الواقع السياسي للبلاد في حالة الضرورة، حتى يتم إنشاء المؤسسات الجديدة للدولة، وقد أجرى استفتاء للشعب يوم 19 من مارس 2011 على أسلوب تكوين هذه المؤسسات التي تبنى عليها هيئات الدولة الديمقراطية الجديدة بدءا بمجلسي الشعب والشورى ثم رئاسة الجمهورية ووضع الدستور الجديد - من خلال تعديل لبعض مواد دستور 1971 - وفي ضوء ما أسفرت عنه نتيجة الاستفتاء من الموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة فقد قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الصادر بتاريخ 23 من مارس 2011 إصدار إعلان دستوري لتنظيم السلطات في المرحلة الانتقالية يتضمن أحكام المواد التي وافق عليها الشعب للعمل بمقتضاها ولحين الانتهاء من انتخاب السلطة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية، فصدر الإعلان الدستوري في 30 من مارس 2011 ملتزما بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة حتى يبدأ تشكيل مؤسساتها، وإذ تم انتخاب رئيس الجمهورية - الطاعن الأول بصفته - وتولى شدة حكم البلاد بتاريخ 30 من يونيو 2012 على سند من نصوص الإعلان الدستوري سالف الذكر والذي حدد اختصاصاته على النحو المنصوص عليه في المادة 56 منه والتي ليس من بينها سلطة إصدار الإعلانات الدستورية، فإن الإعلانين الدستوريين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 - سند القرار الجمهوري موضوع التداعي - يكونان صادرين ممن لا يملك ولاية إصدارهما بعد أن زالت الحالة الثورية وأصبح رئيس الجمهورية يباشر سلطة شرعية بحكم انتخابه رئيسا للبلاد بصلاحيات محددة لا تمكنه من إصدار تلك الإعلانات، فالسلطة التي تتكون وفقا للشرعية الدستورية لا يجوز لها أن تعمل خلافا لذلك حتى لا تتنكر لأساس وجودها، ذلك أن العودة للشرعية الثورية بعد اتباع الشرعية الدستورية يهدر أي خطوة جرت في سبيل بلوغ هدف الثورة الجوهري المتعلق بفرض سيادة القانون ، مع ما يتصل بذلك من إطالة الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلاقلها على كافة الأصعدة، ومن ثم، ولما تقدم، فإنه ينتفي عن القرارين الصادرين من رئيس الجمهورية - الطاعن الأول - بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 صفة الإعلانات الدستورية مما ينزلها من مصاف الأعمال السياسية التي تتأبى على الرقابة القضائية إلى درك القرارات الإدارية الخاضعة للرقابة القضائية على أعمال الإدارة التي تقوم على سند من سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه إعلاء لراية الشرعية، وقد جاءت هذه القرارات معيبة بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد؛ إذ تنكب مصدرها وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري وهو عيب يتصل بالهدف من إصدارها تحت مسمى صالح معين يغاير الصالح العام؛ بل بدافع من تدخل نوى النفوذ من رجال حزب الأكثرية الحاكم.
هذا فضلا عن أنه وإعمالا لحكم المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 فقد تكونت بتاريخ 12 من يونيه 2012 الجمعية التأسيسية والتي اضطلعت بدورها في إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد خلال ستة أشهر يطرح بعدها للاستفتاء الشعبي، ولما كانت السلطة التأسيسية التي تختص بوضع الوثيقة الدستورية تعلو على جميع سلطات الدولة؛ إذ هي نتاج عملها، باعتبار أنها السلطة المنشئة لغيرها من السلطات. فما كان للطاعن الأول بوصفه رئيس السلطة التنفيذية أن يجترئ على سلطة تلك الجمعية التأسيسية في 21 من نوفمبر 2012 ويصدر ما أطلق عليه "إعلانا دستوريا"، وما كان له أن يفعل وقد كانت تلك الجمعية قد شارفت على الانتهاء من إعداد مشروع الدستور، وبالفعل تقدمت به - بعد أيام معدودات - بتاريخ الأول من ديسمبر 2012 إلى الطاعن الأول الذي أصدر القرار رقم 297 لسنة 2012 بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه يوم 15 من ديسمبر 2012، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه من بعد خطؤه في بعض تقريراته القانونية أو قصوره فيها؛ إذ لمحكمة النقض أن تصحح تلك التقريرات وتستكملها دون أن تنقضه، ويضحي النهي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بعدم قبول الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة استنادا إلى فكرة المبادئ فوق الدستورية، وهي فكرة عامة واسعة فضفاضة لا يمكن الوقوف على مدلولها وهي مبادئ تتغاير من دولة إلى أخرى، مهدرة بذلك نص المادة 236 من الدستور الجديد التي أبقت على آثار الإعلانات الدستورية الصادرة منذ الثورة في 25 من يناير 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور الجديد، كما أن هذا القضاء يتصادم مع نص المادتين 173 و327 من الدستور الحالي مما ينتفي معه مصلحة المطعون ضده في إقامة الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أن النص في المادة 236 من الدستور الحالي الصادر في ديسمبر 2012 والمعمول به منذ 25 من ديسمبر 2012 على أن "تلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ الحادي عشر من فبراير سنة 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور، ويبقي نافذا ما ترتب عليها من آثار في الفترة السابقة "مؤداه أن استمرار نفاذ ما ترتب على الإعلانات الدستورية الصادرة في الفترة سالفة الذكر من أثار إنما ينصرف إلى الإعلانات الدستورية الصحيحة الصادرة ممن يملك إصدارها، أما غيرها من قرارات إدارية - وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية - فلا عاصم لها من البطلان متى كانت فاقدة لمقوماتها من الصحة، إذ ليس من شأن مادة الدستور المذكورة أن ترد قرارة معدومة إلى الحياة، ولا أن تسبغ الصحة على قرار ولد باطلا، ولا أن تغير من طبيعته فتلحقه بأعمال السيادة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت وعلى نحو ما ورد بالرد على السبب الأول من أسباب هذا الطعن إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما، فلا ينصرف إليهما نص المادة 236 من الدستور من حيث نفاذ آثارهما وإن وصفا بأنهما من الإعلانات الدستورية، ومن ثم تبقى مصلحة المطعون ضده قائمة في الدعوى، لما هو مقرر من أن إلغاء الجهة الإدارية لقرار مطعون فيه أمام قاضي المشروعية لا يترتب عليه انتهاء الخصومة إلا إذا كان ما قامت به الجهة الإدارية من إلغاء القرار هو في حقيقة تكييفه القانوني مجيبة لكامل طلب رافع دعوي الإلغاء، أي أن يكون الإلغاء في حقيقته القانونية سحبا للقرار، متى كان ذلك جائزا قانونيا، بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه؛ فبذلك وحده يتحقق كامل طلب رافع دعوى الإلغاء؛ إذ إن طلب الإلغاء إنما يستهدف إعدام القرار غير المشروع من تاريخ صدوره مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الشق يضحى على غير أساس.
وحيث إن النعي في شقه الثاني في غير محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قيام المصلحة في الطعن بالنقض أو عدم قيامها إنما يرجع فيه إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه وما يلابس الدعوى إذ ذاك من ظروف ووقائع يثبتها الحكم وتكون تحت نظره وعليها يرتكز قضاؤه بحيث يقتصر بحث الطعن فيه في مختلف وجوهه القانونية على هذا النطاق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضده الاستنفاد مدة ولايته بمقتضى نفاذ أحكام الدستور الجديد، على أن الدعوى المطروحة تتعلق بقرار صدر بتعيين آخر في منصب النائب العام بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 قبل صدور الدستور الجديد وإبان فترة سريان القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 المسمى "إعلانا دستوريا" مستندا إلى ما تضمنته المادة الثالثة منه بشأن طريقة تعيين النائب العام وشروط شغل المنصب ومدة ولايته، ولم يصدر القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور الجديد أو نفاذة لأحكامه؛ ومن ثم فقد توافرت للمطعون ضده المصلحة في طلباته محل الدعوى باعتباره شاغلا لمنصب النائب العام ومتمتعة بحصانته وقت صدور القرار الأول سند القرار محل المنازعة، مما ترتب عليه عزله من منصبه وتعيين أخر بدلا منه بموجب القرار الأخير، فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول الدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضده في الدعوى يكون في محله، ويضحي النعي عليه بالشق الثاني من هذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن ولاية محكمة الاستئناف الخاصة بدعاوي رجال القضاء تتصب في جوهرها على الفصل في الدعاوى التي يرفعها رجال القضاء والنيابة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، فيمتنع عليها التعرض للإعلانات الدستورية وتكييفها ولو كانت قد صدرت من رئيس الجمهورية ممثلا للسلطة التنفيذية، وتتعقد الولاية في ذلك - بفرض أن عوارا طالها - للمحكمة الدستورية العليا، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خرج عن حدود ولايته في التصدي وبسط رقابته على الإعلان الدستوري الذي استند إليه القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 محل النزاع، هذا إلى أن الحكم ذهب إلى أن استقلال القضاء من المبادئ الأساسية التي يستقيم في ظلها مبدأ الفصل بين السلطات؛ ومن الأركان الأساسية لهذا المبدأ استقلال القضاء بميزانيته واستقلال القضاة في عملهم بعدم قابليتهم للعزل وفقا لنص المادتين 67 و119/ 2 من قانون السلطة القضائية، في حين أن مفهوم العزل في أولاهما يعني المباعدة بين رجال القضاء أو عضو النيابة وبين الوظيفة القضائية عموما بانفصاله عنها تماما وفصم عراها؛ وهو ما لا يتوافر في شأن نقل النائب العام المطعون ضده من منصبه هذا وعودته إلى منصة القضاء، كما لا يدخل في مفهوم العزل المحظور التنقل الدائم بين القضاء والنيابة العامة والذي يتم بشكل دوري ودائم منذ بداية السلع القضائي وليس هناك ما يحول دون إجرائه في منصب النائب العام، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية وكذا الإجرائية المتصلة بمسائل التقاضي المتعلقة بالنظام العام واجبة التطبيق على الواقع في الدعوى هو أمر يتعين على قاضي الموضوع إعماله من تلقاء نفسه دون طلب أو دفع أو دفاع عند عرض النزاع عليه ويوجبه على محكمة النقض أن تعرض له وتزبه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار مدى انطباقه على الدعوى كمسألة قانونية صرفة، وأنه متي تعلقت دعوي أقامها أحد رجال القضاء أو النيابة العامة تظلم من قرار أو قرارات إدارية نهائية تتصل بشأن من شئونهم تعين التحقق من صحتها ومن صدورها من جهة أناط بها القانون إصدارها دون افتئات منها على اختصاص السلطتين التشريعية أو التنفيذية، فإذا صدر ذلك القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانونا فإنه يعد معيبا بعيب جسيم ينحدر به إلى العدم؛ ومن ثم يعد بمثابة عمل مادي لا يرتب أثرا ولا يكون محلا لطلب إلغائه، إذ لا يقبل إعدام المعدوم، ومن ثم لا يعدو الحكم الصادر بشان هذا العمل إلا أن يكون بتقرير انعدامه قانون وما يترتب على ذلك من آثار فلا تلحقه إجازة أو حصانة ولا يزيل عيبه فوات مواعيد الطعن عليه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت - وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما وصف "الإعلان الدستوري" لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما وأنهما مجرد قرارين إداريين يخضعان للرقابة القضائية، وكان ما تضمنه القرار الأول في مادته الثالثة من تعديل لقانون السلطة القضائية يتعلق بتوقيت مدة ولاية النائب العام يجعلها أربع سنوات بعد أن كانت مطلقة، وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري، وكان هذا القرار فوق أنه مجرد من قوة القانون فإنه يمس حقوق منصب النائب العام وضماناته مما يتصل باستقلال القضاء وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية؛ ذلك أن النص في المادة 46 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011، المعمول به في تاريخ صدور القرار رقم 386 لسنة 2012 موضوع التداعي، على أن "السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون"، وفي المادة 47 منه على أن "القضاة مستقلون وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبية، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة "يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من وظائفهم هو من الأمور التي لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدني مرتبة من القانون، فإن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 فيما تضمنه من تحديد لمدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري يكون غير قائم على أساس من الشرعية، ومشوية بعيب جسيم يجعله عديم الأثر، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الاختصاص في هذا الشأن ينعقد للمحكمة الدستورية العليا، ذلك أنه علاوة على عيب عدم المشروعية الذي شاب القرار سالف الذكر فإن مخالفته لأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011 إنما هي على سبيل التأكيد لا التأسيس، فمن ثم ووفقا لنص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة دون غيرها بالفصل في طلب إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبني الطلب مخالفة القوانين، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 مفتقر لسنده الدستوري أو القانوني في تعديل أحكام قانون السلطة القضائية ورتب على ذلك أنه لا يصلح أساسا لصدور القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 فيما تضمنه من عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين أخر بدلا منه، فإنه يكون قد التزم صحيح حكم القانون مبرءا من قالة الخطأ في تطبيقه، ويضحي النعي عليه بهذين السببين على غير أساس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق