الصفحات

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2020

الطعن 26565 لسنة 83 ق جلسة 3 / 1 / 2016 مكتب فني 67 ق 3 ص 30

 جلسة 3 من يناير سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / عاصم عبد الجبار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت عبد المجيد ، محمد قنديل وأيمن الجمال نواب رئيس المحكمة ومصطفى الدخميسى .
----------

(3)

الطعن رقم 26565 لسنة 83 القضائية

(1) قتل عمد . سبق إصرار . ظروف مشددة . عقوبة " العقوبة المبررة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " .

سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استخلاصها من الوقائع والظروف الخارجية . مادام سائغاً .

تدليل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار . كفايته .

انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بشأن ظرف سبق الإصرار . ما دام عاقبه بعقوبة تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد . لا يغير من ذلك أخذه بالرأفة . أساس وعلة ذلك ؟

مثال .

 (2) إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة والجدل الموضوعي في سلطتها في استخلاصها أمام النقض . غير جائز .

مثال .

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفادها ؟

تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره . لا يعيب الحكم . شرط ذلك ؟

(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي .

اطمئنان المحكمة للأدلة بالنسبة لمتهم دون آخر . لا تناقض . علة ذلك ؟

مثال .

(5) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سبق إصرار .

الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي . موضوعي . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . حد ذلك ؟

إثبات الحكم توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعن . ينتفي بموجبه الدفاع الشرعي .

مثال .

(6) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " .

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله : " أنه بتاريخ سابق على .... التقت إرادة المتهم الماثل/ .... وآخرون مجهولون على قتل المجنى عليه .... عمداً مع سبق الإصرار، لخلافات سابقة بينها فأعدوا لذلك سيارة أجرة ، ودراجة نارية وجهزوا أسلحة نارية لتنفيذ جريمتهم، وانتقلوا يوم .... حوالى الساعة .... إلى شارع .... دائرة قسم .... بوسيلتي الانتقال سالفتي الذكر في المكان المحدد الذي اتفق المتهم الماثل مع المجنى عليه على مقابلته فيه أمام إحدى المقاهي ، وما أن ظفروا به حتى اعتدى عليه المتهم .... بالضرب بمؤخرة سلاح ناري " فرد خرطوش " كان يحمله وقام بإدخاله في السيارة الأجرة التي كانت تقل باقي المتهمين ، وإذ تمكن المجنى عليه من الهبوط منها عقب سيرها ببرهة وأسرع بالعدو محاولاً الهروب فقد عاجله المتهم الماثل بإطلاق أعيرة نارية متعددة من سلاحه الناري من مسافة قريبة قاصداً قتله ، وتبعه باقي المتهمين المجهولين بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم النارية " الخرطوش " قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به إصابات في ظهره وأماكن متفرقة من جسده ، وأردوه قتيلاً ، ثم لاذوا بالفرار ، وقد ثبت بتقرير الطب الشرعي أن وفاة المجنى عليه تعزى إلى الإصابات النارية الرشية الموصوفة بالمذكور وما أحدثته من تهتك بالقلب والرئة اليسرى والحجاب الحاجز وكسور بالعظام ونزيـف دموي إصابي وهبوط بالدورة الدموية التنفسية والجائزة الحدوث وفق تصوير النيابة العامة في مذكرتها ... " وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الطب الشرعي ومناظرة النيابة العامة لجثة المجنى عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة وإنما يستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ، مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفى لتحقيقه قانوناً ، ومن ثم فإن نعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن ظرف سبق الإصرار لأن العقوبة المقضي بها عليه وهى السجن المؤبد تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أي ظرف من الظروف المشددة ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة ، إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهى إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات ، فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف .

2- لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شهود الإثبات المؤيد بتقرير الطب الشرعي ومناظرة النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن من استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شهود الإثبات وقوله بأن الواقعة مجرد مشاجرة وضرب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له .

3- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ، ومتي أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره لا يعيب الحكم ، مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ـــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـــــ فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات لا يكون صائباً .

4- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها ، وهى حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ، مادام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن لما نسب إليه فإن قضاء الحكم ببراءة المتهم الثاني .... استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وتحريات الشرطة لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن أخذاً من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة التي اطمأنت إليها المحكمة والتي تأيدت بأدلة أخرى أثبتها الحكم ووثق بها وهى تقرير الطب الشرعي ومناظرة النيابة العامة لجثة المجنى عليه ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .

5- من المقرر أن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ، ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلَّا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يشر البتة إلى قيام هذه الحالة ، بل إن المحكمة على العكس أثبتت أن الطاعن توافر في حقه سبق الإصرار في الاعتداء على المجنى عليه وأنه والمجهولين هم الذين بادروا المجنى عليه بالاعتداء وإطلاق الأعيرة النارية التي أودت بحياته ، ومن ثم ينتفى موجب الدفاع الشرعي ، ويكون منعى الطاعن بإغفال المحكمة بحث دلالة أقواله بالتحقيقات من أن المجنى عليه أحدث إصابته برأسه وهو ما أكده تقرير الطب الشرعي من إثبات تلك الإصابة وهو ما يلمح إلى توافر حالة الدفاع الشرعي يكون على غير أساس .

6- لما كان الدفع بقيام الطاعن بتسليم نفسه لقسم الشرطة لثقته بأنه لم يرتكب الواقعة ، مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون لا محل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضي ببراءته بأنهما :

(1) قتلا وآخرون مجهولون .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية ـــــ فرد خرطوش ـــــ ونفاذاً لمخططهم استدرجوه إلى محل الواقعة زاعمين رغبتهم في إنهاء الخلافات بينه وبين المتهم الأول وما أن ظفروا به حتى اقتاده المتهمان الأول والثاني عنوة إلى إحدى السيارات المعدة آنفاً لذلك لإقصائه عن أعين العامة وما أن حاول المجنى الفرار حتى أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .

(2) أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين ـــــ فرد خرطوش ـــــ على النحو المبين بالتحقيقات .

(3) أحرزا ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً لهما بحيازتها أو إحرازها .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

وادعت مدنياً قبلهما والدة المجنى عليه .... بمبلغ عشرة آلاف وجنيه واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات ، 1/1، 6 ، 26/5،1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، بعد تطبيق وإعمال المادتين 17 ، 32 عقوبات ، بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وجنيه واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائره بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يدلل سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار في حقه ، معوِّلاً في إدانته على أقوال شهود الإثبات التي جاءت متناقضة وجاء تصويرهم للواقعة لا يتفق مع العقل والمنطق إذ هي لا تعدو أن تكون مشاجرة أعقبت مشادة كلامية واطمأن لتلك الأقوال وتحريات الشرطة في إدانته واطرحها في شأن المتهم الثاني .... ، والتفتت المحكمة عن دلالة أقوال الطاعن بالتحقيقات من أن المجنى عليه أحدث إصابته برأسه وهو ما تأيد بتقرير الطب الشرعي من إثبات تلك الإصابة وكونه بادر بتسليم نفسه لديوان قسم الشرطة ثقة منه بعدم ارتكاب الواقعة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله : " أنه بتاريخ سابق على .... التقت إرادة المتهم الماثل/ .... وآخرون مجهولون على قتل المجنى عليه .... عمداً مع سبق الإصرار ، لخلافات سابقة بينها فأعدوا لذلك سيارة أجرة ، ودراجة نارية وجهزوا أسلحة نارية لتنفيذ جريمتهم ، وانتقلوا يوم .... حوالى الساعة .... إلى شارع .... دائرة قسم .... بوسيلتي الانتقال سالفتي الذكر في المكان المحدد الذي اتفق المتهم الماثل مع المجنى عليه على مقابلته فيه أمام إحدى المقاهي ، وما أن ظفروا به حتى اعتدى عليه المتهم .... بالضرب بمؤخرة سلاح ناري " فرد خرطوش " كان يحمله وقام بإدخاله في السيارة الأجرة التي كانت تقل باقي المتهمين ، وإذ تمكن المجنى عليه من الهبوط منها عقب سيرها ببرهة وأسرع بالعدو محاولاً الهروب فقد عاجله المتهم الماثل بإطلاق أعيرة نارية متعددة من سلاحه الناري من مسافة قريبة قاصداً قتله ، وتبعه باقي المتهمين المجهولين بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم النارية " الخرطوش " قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به إصابات في ظهره وأماكن متفرقة من جسده ، وأردوه قتيلاً ، ثم لاذوا بالفرار ، وقد ثبت بتقرير الطب الشرعي أن وفاة المجنى عليه تعزى إلى الإصابات النارية الرشية الموصوفة بالمذكور وما أحدثته من تهتك بالقلب والرئة اليسرى والحجاب الحاجز وكسور بالعظام ونزيـف دموي إصابي وهبوط بالدورة الدموية التنفسية والجائزة الحدوث وفق تصوير النيابة العامة في مذكرتها ... " وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الطب الشرعي ومناظرة النيابة العامة لجثة المجنى عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة وإنما يستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ، مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفى لتحقيقه قانوناً ، ومن ثم فإن نعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن ظرف سبق الإصرار لأن العقوبة المقضي بها عليه وهي السجن المؤبد تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أي ظرف من الظروف المشددة ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة ، إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهى إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات ، فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شهود الإثبات المؤيد بتقرير الطب الشرعي ومناظرة النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن من استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شهود الإثبات وقوله بأن الواقعة مجرد مشاجرة وضرب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ، ومتي أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره لا يعيب الحكم ، مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ـــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـــــ فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات لا يكون صائباً. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها ، وهى حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ، مادام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن لما نسب إليه فإن قضاء الحكم ببراءة المتهم الثاني .... استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وتحريات الشرطة لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن أخذاً من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة التي اطمأنت إليها المحكمة والتي تأيدت بأدلة أخرى أثبتها الحكم ووثق بها وهى تقرير الطب الشرعي ومناظرة النيابة العامة لجثة المجنى عليه ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ، ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلَّا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يشر البتة إلى قيام هذه الحالة، بل إن المحكمة على العكس أثبتت أن الطاعن توافر في حقه سبق الإصرار في الاعتداء على المجنى عليه وأنه والمجهولين هم الذين بادروا المجنى عليه بالاعتداء وإطلاق الأعيرة النارية التي أودت بحياته ، ومن ثم ينتفى موجب الدفاع الشرعي ، ويكون منعى الطاعن بإغفال المحكمة بحث دلالة أقواله بالتحقيقات من أن المجنى عليه أحدث إصابته برأسه وهو ما أكده تقرير الطب الشرعي من إثبات تلك الإصابة وهو ما يلمح إلى توافر حالة الدفاع الشرعي يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الدفع بقيام الطاعن بتسليم نفسه لقسم الشرطة لثقته بأنه لم يرتكب الواقعة ، مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون لا محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق