الصفحات

الجمعة، 30 أكتوبر 2020

الطعن 27 لسنة 38 ق جلسة 14 / 6 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 أحوال شخصية ق 178 ص 1132

جلسة 14 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق.

------------------

(178)
الطعن رقم 27 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) أحوال شخصية. "النسب". إثبات. "الإقرار". البينة.
(أ ) النسب يثبت في جانب الرجل بالفراش وبالإقرار والبينة.
(ب) إقرار الأب بالبنوة. لا يحتمل النفي. إنكار الزوجة وإقرارها بالبكارة بعد ميلاد البنت. لا أثر له.

----------------
1 - النسب يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفراش وبالإقرار والبينة.
2 - إقرار المتوفى ببنوة المطعون عليها الأولى، حجة ملزمة فيثبت نسبها منه، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي، لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار ولا يسمع، ويثبت هذا النسب بمجرد إقرار الأب وإن أنكرت الزوجة، إذ هو إلزام له دون غيره، فلا يتوقف نفاذه على تصديقها، ولا يبطله إقرارها بالبكارة بعد ميلاد البنت، ولا كون التصادق على الزواج مسنداً إلى تاريخ لاحق لميلادها، كما أن إقرار الزوجة بالبكارة لا يفضي إلى إبطال حق المقر لها، لأنها لا تملك إبطاله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 126 لسنة 1966 أحوال شخصية (نفس) أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد الطاعنتين وفي مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث بصفتيهما بطلب الحكم بإثبات وفاة والدها المرحوم محمد زكي عبد المنعم بتاريخ 5 من إبريل سنة 1965 وأنها من ورثته وتستحق في تركته 2 و1/ 10 قيراطاً من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة، وقالت شرحاً لدعواها إن والدها المرحوم محمد زكي عبد المنعم توفي بتاريخ 5 من إبريل سنة 1965 وانحصر إرثه الشرعي فيها بصفتها ابنته من زوجة انفصل عنها فيما بعد، وفي الطاعنتين وهما زوجته الثانية وأولاده منها، وإذ نازعتها الطاعنتان واستصدرتا إعلاماً شرعياً برقم 49 لسنة 1965 من محكمة قسم ثاني بندر المنصورة للأحوال الشخصية بإثبات وفاة والدها وأنهما ورثته وأسقط منه اسمها كوارثة بقصد حرمانها من الميراث الشرعي فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 26 من مارس سنة 1967 حكمت المحكمة للمطعون عليها الأولى بطلباتها. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 لسنة 67 ق المنصورة للأحوال الشخصية، وبتاريخ 9 من يناير سنة 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى وفاة المرحوم محمد زكي عبد المنعم بتاريخ 5 من إبريل سنة 1965 وأنها من بين ورثته بصفتها ابنته بصحيح النسب الشرعي وتستحق في تركته 2 و1/ 10 ط من 24 ط تنقسم إليها التركة، وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة وبتاريخ 4 من يونيو سنة 1968 فحكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل السببين الأولين منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأن المتوفى أقر صراحة ببنوة المطعون عليها الأولى في الخطابات التي أرسلها إلى زوجته الأولى، في حين أن هذه الخطابات لا تصلح في جملتها مسوغاً لسماع الدعوى ولا تنهض قرينة على ثبوت الأبوة، علاوة على أنها لم تصدر من المورث أصلاً، مما يعيب الحكم بفساد الاستدلال. هذا إلى أن المطعون عليها الأولى مولودة في أول ديسمبر سنة 1929 طبقاً لشهادة ميلادها بينما ثبت من وثيقة التصادق على الزواج المؤرخة 20 من إبريل سنة 1938 المقدمة من الطاعنتين أن المتوفى وزوجته السابقة والدة المطعون عليها الأولى تصادقاً على قيام الزوجية بينهما اعتباراً من أوائل سنة 1934، وأن الزوجة المذكورة كانت بكراً، مما مقتضاه انتفاء الفراش قبل هذا التاريخ فلا يثبت نسب المطعون عليها الأولى من المورث لأنها في تاريخ ولادتها كانت أمها بكراً، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النسب يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفراش وبالإقرار والبينة وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بثبوت نسب المطعون عليها من المورث على قوله "... لما كانت بداية الخطابات ترجع إلى عام 1927 فإنها تدل على قيام علاقة بينه وبين السيدة نفيسه منذ هذا التاريخ، والمحكمة تطمئن إلى أن هذه العلاقة علاقة مشروعة بعبارات الخطابات التي يكتنفها الاحترام والتقدير، وقد خاطب المورث تلك السيدة كثيراً قائلاً (زوجتي) فضلاً عن أن الخطابات التي خلت من كلمة زوجتي يبين منها أنها تحوى تحيته وتحيات بعض أفراد أسرته إلى أسرة تلك السيدة ولا شك أن علاقته بها علاقة مشروعة، وإلا ما كانت معلومة لذوي الطرفين على هذا الوجه فضلاً عن ذلك فقد أرسل خطاباً لها بتاريخ 10/ 9/ 1929 أي قبل ولادة المدعية - المطعون عليها الأولى - بحوالي ثلاثة شهور يطلب من الوالدة الحضور وإن كان يعتقد أنها ستتأخر إلى ما بعد الأربعين لدى أسرتها، ولا شك أن المقصود هو أنها ستبقى لدى أسرتها حتى فوات مدة مناسبة بعد الوضع، ولا يتصور أن تكون علاقتها غير مشروعة وعلى وشك أن تظهر ثمرتها ثم تبقى هي لدى أسرتها، فهذا أمر لا يتفق مع العادات والتقاليد ولا مع أهل الشرق عامة والمسلمين بصفة خاصة.... كما أن عقد الزواج المقدم لا ينفي وجود علاقة مشروعة بين المورث وبين والدة المدعية ما دام عقد الزواج ينعقد شرعاً بالإيجاب والقبول، ولعل المورث والزوجة في هذا العقد قد حرراه بتلك الصورة لسبب في نفسيهما..." وكان الحكم المطعون فيه أضاف إلى ذلك قوله "فضلاً عما ورد بالخطابات المقدمة... ومن بينها الخطاب رقم 10 المبدوء بالعبارة الآتية (عزيزتي الست نفيسة هانم) وفي ثناياه يقول (أرجو الله سبحانه وتعالى أن يديم لنا ثمرة حياتنا كريمتنا كوثر ويبقيها حتى نراها في سعادة ورفاهية) وهذا الخطاب موقع عليه بتوقيع منسوب للمتوفى وتاريخه 15/ 7/ 1931 والخطاب رقم 11 قد بدئ بعبارة (ابنتي كوثر أقبلك كثيراً وشوقي إليك عظيم) إلى آخر ما جاء به وعليه توقيع منسوب للمتوفى وفي نفس الخطابات كتب إلى زوجته... بعض الأمور التي يعتب عليها فيها ومن بينها يقول لها بالنص (مرض كوثر طبعاً هذا راجع لإهمالك وعدم اعتنائك بها وعلى كل حال نطلب من الله أن يتم لها الشفاء) وهذا الكلام أيضاً قد انتهى بتوقيع منسوب للمتوفى وتاريخه 3/ 12/ 1932. هذا ولم تطعن المستأنفتان - الطاعنتان - بطعن جدي يدحض هذه الخطابات وتلك التوقيعات التي تنطق صراحة بإقرار المتوفى ببنوة كوثر وزواجه بأمها، وفقط قال وكيل المستأنفين بمذكرته... وهذه الخطابات لم تظهر إلا بعد فترة طويلة من قيام النزاع مما يؤكد افتعالها ونحن كورثة يكفينا أن ننكرها إنكاراً تاماً ومستعدين لحلف اليمين بأننا لا نعلم أنها صادرة من مورثنا فضلاً عن أنها موجهة لسيدة تدعى نفيسة فقط دون ذكر اللقب، ولو كانت هذه الخطابات ليست صادرة من المتوفى وأن ما عليها من توقيع ليس له لأمكن للمستأنفتين الطعن عليها بالتزوير ولكن وكيلهما قد اكتفى بما قرره بشأنها على نحو ما ذكر..." ولما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تعول على إنكار صدور الخطابات من المورث لعدم جديته، وكان للمحكمة أن تقضي بصحة الورقة أو باستبعادها متى رأت في وقائع الدعوى وأدلتها ما يكفي لاقتناعها، وقد أشار الحكم إلى أن الطاعنتين لم تطعنا على هذه الخطابات بالتزوير، وكان الحكم في حدود سلطته الموضوعية قد استخلص من الخطابات المذكورة قيام علاقة الزوجية بين المورث وبين والدة المطعون عليها الأولى في تاريخ معاصر لميلاد ابنتها وأن المورث قد أقر ببنوتها واستند الحكم في ذلك إلى أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان لا وجه للاستناد إلى ما جاء بالتصادق على الزوجية المؤرخ 20 من إبريل سنة 1938 لأن إقرار المتوفى ببنوة المطعون عليها الأولى حجة ملزمة فيثبت نسبها منه، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع، ويثبت هذا النسب بمجرد إقرار الأب وإن أنكرت الزوجة، إذ هو إلزام له دون غيره فلا يتوقف نفاذه على تصديقها، ولا يبطله إقرارها بالبكارة بعد ميلاد البنت، ولا كون التصادق على الزواج مستنداً إلى تاريخ لاحق لميلادها، كما أن إقرار الزوجة بالبكارة لا يفضي إلى إبطال حق المقر لها لأنها لا تملك إبطاله. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان إن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى نسبها إلى المتوفى مع أنها مولودة في أول ديسمبر سنة 1929 قبل قيام الزوجية في سنة 1934 بالتصادق، ورغم أن المستندات المقدمة من الطاعنتين تدل على أنها لا تمت إليه بصلة، إذ لم يبلغ عنها ضمن من يعولهم ولم يذكرها في بطاقتيه التموينية أو العائلية، علاوة على أنه بينما ولدت المطعون عليها الأولى في سنة 1929 فإن من تدعى أنها والدتها من مواليد 1922، مما ينتفي معه قيام صلة الأمومة بينهما، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان للمحكمة أن تأمر بالتحقيق في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أحال الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها بنوتها من المورث، ثم أقام قضاءه بثبوت النسب على ما حصله من أقوال الشهود من أن المورث رزق بها على فراش الزوجية فضلاً عن إقراره ببنوتها، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أن المحكمة بما لها من سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها انتهت إلى عدم التعويل على المستندات التي أشار إليها الطاعنتان في سبب النعي، ولما كانت الطاعنتان لم تقدما ما يؤيد ادعاءها بأن والدة المطعون عليها الأولى من مواليد سنة 1922 مما يكون معه النعي على الحكم في هذا الخصوص عارياً عن الدليل، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق