الصفحات

الخميس، 1 أكتوبر 2020

اختصاص مجلس الدولة بمنازعات عمال بنك التنمية الزراعي قبل 2016

الدعوى رقم 44 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 5 / 9 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من سبتمبر سنة 2020م، الموافق السابع عشر من المحرم سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا       نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع       أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 44 لسنة 41 قضائية "تنازع".

المقامة من

رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري

ضد

عبد الرحمن محمد السباعي

 

الإجراءات

  بتاريخ السادس والعشرين من نوفمبر سنة 2019، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم، أولاً: بوقف تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة استئناف القاهرة "مأمورية استئناف الجيزة"، الدائرة 55 عمال، في الاستئناف رقم 6427 لسنة 135 قضائية، لحين الفصل في موضوع هذا الطلب. ثانيًا: في الموضوع: الاعتداد بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية لوزارة المالية في الدعوى رقم 14904 لسنة 62 قضائية، المؤيد بحكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 2645 لسنة 49 قضائية، دون الحكم الصادر عن محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف المشار إليه.


  وقدم المدعى عليه مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.

  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

  ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

  بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه كان قد عُيّن بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي بتاريخ 9/2/2002، بوظيفة حارس ليلى خامس، وبتاريخ 1/8/2013 نقل لوظيفة إداري ثالث، وإذ حصل على ليسانس الحقوق في عام 2013، تقدم للبنك بطلب لإعادة تعيينه بالمؤهل الأعلى، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، فأقام الدعوى رقم 14904 لسنة 62 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها، بطلب تسوية حالته الوظيفية بالمؤهل الأعلى الذي حصل عليه أثناء الخدمة. فقضت المحكمة بجلسة 26/11/2016، بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، استنادًا إلى أن تسوية الحالة للعامل الحاصل على مؤهل أعلى أثناء الخدمة هو أمر جوازي لجهة الإدارة تجريه وفقًا لسلطتها التقديرية في هذا الشأن. وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 2645 لسنة 49 قضائية، قضت بجلسة 22/10/2018.

وبعد صدور القانون رقم 84 لسنة 2016 بشأن تحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى بنك قطاع عام يسمى "البنك الزراعي المصري"، أقام المدعى عليه بتاريخ 29/4/2017، الدعوى رقم 659 لسنة 2017 عمال، أمام محكمة الجيزة الابتدائية – الدائرة (10) عمال، بطلب الحكم بأحقيته في تسوية حالته الوظيفية بالمؤهل الأعلى الذي حصل عليه أثناء الخدمة، وأحقيته في حافز تميز علمي وفقًا للمادة (39) من قانون الخدمة المدنية. وبجلسة 25/10/2018، قضت المحكمة برفض الدعوى، استنادًا إلى أن تسوية الحالة الوظيفية للمدعى بالمؤهل الأعلى سلطة جوازية للبنك وليست حقًا إلزاميًّا للمدعى. وإذ طُعن في هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة – مأمورية استئناف الجيزة – الدائرة 55 عمال، بالاستئناف رقم 6427 لسنة 135 قضائية، قضت المحكمة بجلسة 1/6/2019، بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المدعى عليه – في الدعوى المعروضة – في تسوية حالته الوظيفية بمؤهل ليسانس الحقوق الذي حصل عليه أثناء الخدمة، مع أحقيته في حافز تميز علمي، مع ما يترتب على ذلك من آثار. استنادًا إلى قاعدة المساواة بين عمال رب العمل الواحد، إذ أثبت تقرير الخبير المودع بتلك الدعوى أن هناك حالات مماثلة بالبنك جرت تسوية حالتهم الوظيفية بالمؤهل الأعلى.

وقد تراءى للمدعى أن الحكم الصادر عن جهة القضاء الإداري قد صدر عن جهة قضائية مختصة بنظر النزاع وفقًا لأحكام قانون مجلس الدولة، لكون البنك في حينه يعتبر هيئة عامة طبقًا لقانون إنشائه رقم 117 لسنة 1976، ومن ثم فإنه الحكم الأولى بالتنفيذ، في حين أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 6427 لسنة 135 قضائية، المشار إليه، خالف أحكام القانون ونصوص لائحة البنك. وأن الحكمين سالفي البيان تعامدا على محل واحد، وتناقضا على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا، ولذا فقد أقام الدعوى المعروضة، بطلباته سالفة الذكر.

وحيث إن المقرر – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا. متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، في الاستئناف رقم 6427 لسنة 135 قضائية، والحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها في الدعوى رقم 14904 لسنة 62 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2645 لسنة 49 قضائية، قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بما يتعذر معه تنفيذهما معًا، الأمر الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا لفض التناقض القائم بين الحكمين.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن بحثها للمفاضلة بين الحكمين السالف ذكرهما، يكون على أساس من قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما، تبعًا لذلك بالتنفيذ. متى كان ذلك، وكانت العبرة في تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع الذي كان مرددًا أمام جهتي القضاء سالفتي الذكر، هي بتحديد صفة المدعى عليه في الدعوى المعروضة – كعامل أو موظف عام – وقت نشوء الحق الذي يطالب به.

متى كان ما تقدم، وكان المدعى عليه وقت حصوله على ليسانس الحقوق في سنة 2013 يُعد موظفًا عامًّا، لكون البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي في ذلك الحين من الهيئات العامة ذات الشخصية الاعتبارية، وفقًا لأحكام المادة (1) من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، التي تنص على أن "تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة قابضة يكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى (البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي) ويتبع وزير الزراعة". وذلك كله حتى صدور القانون رقم 84 لسنة 2016 بشأن تحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى بنك من بنوك القطاع العام يسمى "البنك الزراعي المصري" يتخذ شكل شركة مساهمة مصرية مملوك رأسمالها بالكامل للدولة. ومن ثم فإن المنازعة التي أثيرت في الدعوى رقم 14904 لسنة 62 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها بتاريخ 17/6/2015 بين المدعى عليه والبنك الزراعي المصري الذى حل محل البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وآلت له كافة حقوقه وتحمَّل بالتزاماته، وفقًا للمادة (1) من القانون رقم 84 لسنة 2016، تعتبر منازعة إدارية بين موظف عام والهيئة العامة، التي يعمل بها في شأن من شئون الوظيفة العامة، وهي من علاقات القانون العام، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم التابعة لمجلس الدولة بحسبانه - وفقًا لنصى المادة (190) من الدستور، والمادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 - قاضي القانون العام، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الإدارية، دون جهة القضاء العادي الذى ينحسر اختصاصها عن نظر هذه المنازعات، الأمر الذى يتعين معه القضاء بالاعتداد بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها في الدعوى رقم 14904 لسنة 62 قضائية، المؤيد بحكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 2645 لسنة 135 قضائية المشار إليه.

وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة الاستئناف المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض المعروض، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل في موضوعه،– فيما تقدم – فقد بات الفصل في هذا الشق من الدعوى على غير محل.

فلهذه الأسباب

  حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المالية وملحقاتها بمجلس الدولة في الدعوى رقم 14904 لسنة 62 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 2645 لسنة 49 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة – مأمورية الجيزة – في الاستئناف رقم 6427 لسنة 135 قضائية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق