الصفحات

الأربعاء، 7 أكتوبر 2020

الطعن 143 لسنة 29 ق جلسة 15 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 2 ق 100 ص 636

جلسة 15 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

-----------

(100)
الطعن رقم 143 لسنة 29 القضائية

(أ) عمل. "تنظيم العمل". "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". عرف.
تعيين العمل. كفاية بيان جنس الخدمة بغير تحديد لنوعها ومداها في العقد. تحديد نوع الخدمة ومداها. الرجوع إلى الأعمال التي يقوم بها نظراء العامل وإلا تحددت بالرجوع إلى العرف فإن لم يوجد تولى القاضي تحديدها وفقا لمقتضيات العدالة. سلطة رب العمل في تنظيم منشأته. حقه في تعديل الأوضاع المادية لمختلف الخدمات وإعادة توزيعها على عماله ومستخدميه وتحديد اختصاصات كل منهم بما يتفق مع صلاحيته وكفايته ومؤهلاته. شرطه.
(ب) إثبات. "إجراءات الإثبات". "ضم أوراق". "الانتقال للمعاينة". 
طلب الانتقال لمعاينة المتنازع فيه وطلب الأوراق المتعلقة به. سلطة محكمة الموضوع. عدم الاستجابة إليه. مناطه.
(ج) عمل. "انتهاء عقد العمل". "الفصل بلا مبرر". "التعويض عنه". تعويض.
إنهاء عقد العامل بغير مبرر مشروع. حقه في تعويض ما أصابه من ضرر مادى مباشر.
(د) حكم. "طلب الفصل فيما أغفلت المحكمة الفصل فيه". نقض. "ما لا يصلح سببا للطعن".
إغفال الحكم في طلب قدم إلى المحكمة. عدم التعرض له في الأسباب. بقاؤه معلقا أمامها. علاجه. الرجوع إلى نفس المحكمة لاستدراك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه. عدم صلاحيته سببا للطعن بطريق النقض.
(هـ) تعويض. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير التعويض".
تعويض الضرر الأدبي بنشر الحكم في الصحف على نفقة المحكوم عليه. سلطة قاضى الموضوع التقديرية.

-------------
1 -  في تعيين العمل يكفى بيان جنس الخدمة بغير تحديد لنوعها ومداها في عقد العمل، وفى تحديد نوع الخدمة الواجب على العامل أداؤها وفى تحديد مداها يتعين الرجوع إلى الأعمال التي يقوم بها نظراؤه وإلا تحددت بالرجوع إلى العرف فإن لم يوجد تولى القاضي تحديدها وفقا لمقتضيات العدالة، وفى هذا النطاق وبما لرب العمل من سلطة تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها، فإنه يسعه ويكون له، تعديل الأوضاع المادية لمختلف الخدمات التي تؤديها وإعادة توزيعها على عماله ومستخدميه وتحديد اختصاصات كل منهم بما يتفق مع صلاحيته وكفايته ومؤهلاته طالما أنه لا يمس أجورهم ومراكزهم الأدبية.
2 - طلب الانتقال لمعاينة المتنازع فيه وطلب الأوراق المتعلقة به هما - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - من الرخص التي تتعاطاها المحكمة متى شاءت ولا عليها إن هي لم تستجب إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها والفصل فيها  (1) .
3 - للعامل الحق في تعويض ما أصابه من ضرر مادى مباشر بسبب إنهاء عقده بغير مبرر مشروع.
4 - إذا كانت المحكمة قد أغفلت الحكم في طلب قدم إليها لأول مرة ولم تعرض له في أسبابها، فإن هذا الطلب يبقى معلقا أمامها، وعلاج هذا الإغفال - وفقا للمادة 368 مرافعات - يكون بالرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه، ومن ثم فهو لا يصلح سببا للطعن بطريق النقض.
5 - تعويض الضرر الأدبي بنشر الحكم في الصحف على نفقة المحكوم عليه من سلطة قاضى الدعوى التقديرية والمطلقة بما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الأستاذ أحمد محمد توفيق أقام الدعوى رقم 4450 سنة 1949 القاهرة الابتدائية ضد بنك التسليف الزراعي والتعاوني يطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له 7011 ج ونشر الحكم في الصحف والمجلات مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة. وقال شرحا لدعواه أنه كان محاميا بأقلام قضايا الحكومة وندب للعمل مديرا لإدارة قضايا البنك من أول نوفمبر سنة 1932 إلى آخر أبريل سنة 1933 ثم صدر قرار بنقله إلى هذه الوظيفة اعتبارا من أول مايو سنة 1933 بمرتب شهري قدره 45 ج وفى نوفمبر سنة 1933 عهد إليه بإدارة شئون التحصيل والمستخدمين بالإضافة إلى عمله الأصلي، وإذ استمر في خدمة البنك إلى 15/ 4/ 1946 حيث فوجئ بفصله مع حرمانه من حصة البنك في صندوق الادخار - ويستحق في ذمته مبلغ 7011 ج منه 2000 ج مقابل عمله في إدارتي التحصيل والمستخدمين من نوفمبر سنة 1933 إلى أبريل سنة 1937، 2625 ج تعويضا عن مخالفة شروط التعاقد، 1000 ج استحقاقاته في صندوق الادخار، 1385 ج مكافأة مدة الخدمة ومقابل فسخ العقد في وقت غير لائق وبغير إنذار و1 ج تعويضا عن الضرر الأدبي فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. وبتاريخ 19 مايو سنة 1953 حكمت المحكمة حضوريا بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعى مبلغ 833 ج، و800 م والمصاريف المناسبة لهذا المبلغ و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبا تعديله والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 808 سنة 71 قضائية، كما استأنفه البنك طالبا إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 814 سنة 71 قضائية. وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 13/ 1/ 1956 حكمت حضوريا بقبولهما شكلا ثم عادت وبتاريخ 19/ 11/ 1957 فحكمت (أولا) وفى الاستئناف رقم 814 سنة 71 قضائية برفضه وإلزام رافعه بالمصاريف و1500 قرش أتعاب (ثانيا) وفى الاستئناف رقم 808 سنة 71 قضائية 1 - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من أن عزل المستأنف وقع عسفا وتأييده كذلك في خصوص التعويض المقضي به 2 - تعديل الحكم المستأنف والقضاء للمستأنف بمبلغ 1016 ج و560 م وبالمصاريف المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين و1500 قرش أتعاب محاماه 3 - التصريح للمستأنف باستلام البوليصتين رقم 641249 و758704 الصادرتين من شركة مانيوفا كشرز مع مرفقاتهما 4 - وفى خصوص المبلغ الخاص بصندوق الادخار وقبل الفصل فيه بندب مكتب الخبراء لإجراء الحساب عن حصة المستأنف في الصندوق ما دفع منه وما دفع من البنك والحصة غير المخصصة والإيرادات العامة التي تجمعت في حصيلة الصندوق في هذا الشأن وبيان استحقاقات المستأنف من مجموع ذلك وأبقت الفصل في المصاريف الخاصة بهذا الشق من الدعوى ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن الأستاذ أحمد محمد توفيق في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه رفض أن يقضى للطاعن بمقابل عن الأعمال الإضافية وإدارته لشئون المستخدمين وإدارة التحصيل من نوفمبر سنة 1933 إلى أبريل سنة 1937 مستندا في ذلك إلى أن إجراءات التنفيذ التابعة لقلم التحصيل تدخل في اختصاص قسم القضايا وأن عمل مدير القضايا لا يشغل كل وقته ولهذا أشارت إدارة البنك باستمرار الطاعن في عمله كمدير لقسم المستخدمين ولم يعترض أو يطالب بأية مكافأة عن ذلك في حينه وهو إجراء يطابق ما ورد بالمادة 48 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1952، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون وقصور، لأن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه في 1/ 11/ 1932 ندب مديرا لقضايا البنك وفى نوفمبر سنة 1933 صدر قرار وزير المالية بنقله مديرا لقسم القضايا وفى 18/ 11/ 1933 ندب مديرا لقسم المستخدمين ومديرا لقسم التحصيل بالإضافة إلى عمله كمدير لقسم القضايا وبعد خمسة شهور وفى 6/ 4/ 1934 استوقعه البنك على إقرار بقبوله الوظيفة والراتب جاء فيه أنه قبل العمل في وظيفة مدير القضايا وحدها براتب قدره 45 ج شهريا وخلا الإقرار من الإشارة إلى عمله في هاتين الإدارتين أو أن الراتب المتفق عليه شامل للعمل فيهما ومعنى ذلك أنه اعتبر مديرا للقضايا براتب قدره 45 ج شهريا قبل أن تسند إليه أعمال المستخدمين والتحصيل وأنه لم يقبل هذا الراتب إلا مقابل العمل في وظيفة مدير القضايا وحدها دون أعمال المستخدمين والتحصيل، وليس في العقد نص على حرمانه من الأتعاب عن الأعمال الإضافية أو التنازل عنها وهو لم يعط على نفسه إقرارا بأن عمله في المستخدمين والتحصيل كان وسيكون بالمجان وكان على البنك أن يستوقعه على إقرار بذلك، و بأن أعمال التحصيل إدارية بحتة ولا تدخل في اختصاص قسم القضايا وهى لم تضف إلى هذا القسم بل أضيفت إلى الطاعن بصفته الشخصية ليتولاها بنفسه وبموظفين مستقلين عن قسم القضايا، وعمل قسم القضايا يختلف بطبيعته عن عمل قسم المستخدمين وقد فصل هذان القسمان عن قسم القضايا في أبريل سنة 1937 وعين لكل منهما مدير مستقل وظل الطاعن مديرا للقضايا وحدها من سنة 1937 إلى سنة 1946 دون أن يسند إليه البنك أعمالا إضافية أو يثير شيئا عن فائض نشاطه، وقد طالب الطاعن بأتعابه عن الأعمال الإضافية في 14/ 1/ 1937 و8/ 7/ 1938 و12/ 4/ 1942، واستدلال الحكم بالمادة 48 من قانون التوظف لا غناء فيه لأن علاقة الموظف بالحكومة تنظيمية بينما علاقة الطاعن بالبنك تعاقدية وهى تتحدث عن الندب المؤقت من وظيفة إلى أخرى لا عن الجمع بين وظيفتين - كما تمسك في دفاعه بما جرى عليه البنك من سوابق كونت عرفا ملزما بصرف مكافآت لموظفيه نظير ما يكلفهم به من أعمال إضافية وطلب ضم أوراقها وملفاتها أو انتقال المحكمة للاطلاع عليها وسكت الحكم عن التعرض لهذا الطلب.
وحيث إن هذا السبب في غير محله، ذلك أنه في تعيين العمل يكفى بيان جنس الخدمة بغير تحديد لنوعها ومداها في عقد العمل، "وفى تحديد نوع الخدمة الواجب على العامل أداؤها وفى تحديد مداها" يتعين الرجوع إلى الأعمال التي يقوم بها نظراؤه وإلا تحددت بالرجوع إلى العرف فإن لم يوجد تولى القاضي تحديدها وفقا لمقتضيات العدالة، وفى هذا النطاق وبما لرب العمل من سلطة تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها، فإنه يسعه ويكون له، تعديل الأوضاع المادية لمختلف الخدمات التي تؤديها وإعادة توزيعها على عماله ومستخدميه وتحديد اختصاصات كل منهم بما يتفق مع صلاحيته وكفايته ومؤهلاته طالما أنه لا يمس أجورهم ومراكزهم الأدبية - وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أنه في أول نوفمبر سنة 1932 انتدب الطاعن من إدارة قضايا الحكومة للعمل مديرا لقسم قضايا البنك وفى أول مايو سنة 1933 عين مديرا لهذا القسم وفى نوفمبر سنة 1933 رأى البنك ضم قسمي المستخدمين والتحصيل إلى قسم القضايا وعهد إلى الطاعن بإدارتهما وفى خلال سنة 1935 رأت إدارة البنك فصل إدارة القضايا عن إدارة المستخدمين وترك إدارتهما مؤقتا للطاعن واستمر إلى مارس سنة 1937 حيث رأت إدارة البنك بعد فحص حالة العمل بالمركز الرئيسي وتوزيعه وكثرته واتساعه فصل إدارة قسم القضايا عن إدارة قسم المستخدمين وقصر عمل الطاعن مؤقتا على إدارة القضايا مع الانتفاع بمؤهلاته ومواهبه في ميدان آخر، ورفض الحكم المطعون فيه طلب الطاعن الحكم له بمقابل عن عمله في قسمي المستخدمين والتحصيل مستندا في ذلك إلى أن "إجراءات التنفيذ المتبوعة بقلم التحصيل تدخل في صميم اختصاص قسم القضايا فلا يستحق عنها المستأنف أية مكافأة" "وأما إدارته لقسم المستخدمين فالثابت مما جاء بالكادر الخاص بالبنك الصادر في سنة 1936 أن عمل مدير قسم القضايا لا يشغل كل وقته ولهذا أشارت الإدارة باستمرار مدير قلم القضايا في عمله كمدير لقسم المستخدمين للإشراف عليهما معا، ولم يعترض المستأنف على ذلك أو يطالب بأية مكافأة عن ذلك في حينه وهذا الإجراء يطابق ما ورد بالمادة 48 من القانون رقم 210 سنة 1951 الذى صدر بعد ذلك حيث جرى نصها بالآتي: "يجوز ندب الموظف من عمله للقيام مؤقتا بعمل وظيفة أخرى في نفس الوزارة أو المصلحة أو في وزارة أو مصلحة أخرى إذا كانت حالة العمل في الوظيفة تسمح بذلك" ولا يقدح في هذا تعيين مديرين مستقلين لهذين القسمين فيما بعد للأسباب المتقدمة ويعتبر المستأنف قد قبل مباشرة هذا الإشراف طواعية واختيارا حيث لم ينص في التعاقد المبرم بينه وبين البنك على أجر في خصوصها" وهى تقريرات موضوعية سائغة تكفى لحمله وللرد على ما يجادل فيه الطاعن، استظهر بها الحكم - في حدود سلطته ومن دلالة الحال - أنه حين قرر البنك ضم قسمي التحصيل والمستخدمين إلى قسم القضايا وأصبح الطاعن منوطا بإدارتهما لم يكن ملحوظا تقرير أجر إضافي له مقابل هذه الإدارة أسوة بما هو متبع في مصالح الحكومة، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور يعيبه - والقول بأن سوابق البنك كونت عرفا ملزما في هذا الخصوص وطلب الطاعن ضم أوراقها وملفاتها أو انتقال المحكمة للاطلاع عليها، مردود بأن طلب "الانتقال المعاينة المتنازع فيه" وطلب الأوراق المتعلقة به هما - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الرخص التي تتعاطاها المحكمة متى شاءت ولا عليها إن هي لم تستجب إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها والفصل فيها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه رفض تعويض الطاعن عن مخالفة شروط التعاقد وهو خطأ ومخالفة للقانون وللثابت في الأوراق وقصور من وجوه (أولها) أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن من شروط تعاقده مع البنك أن يعين في وظيفة السكرتير العام بمجرد خلوها وعرض ما لديه من أدلة على ذلك وحكم القانون في إثباته، ورد الحكم المطعون فيه بأنه ليس في الأوراق ما يؤيد هذا الوعد وهو مخالفة للقانون وقصور ومسخ لدفاع الطاعن لأن الطاعن لم يتمسك "بوعد" وإنما قال إن بينه وبين البنك "اتفاق" على تعيينه في وظيفة السكرتير العام يجوز إثباته بشهادة الشهود الذين اشتركوا في المفاوضات التي جرت بينه وبين البنك وقدم من الأوراق ما يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة تجوز تكملته بالبينة والقرائن وعرض على المحكمة ظروف تعيينه وكيف عهد إليه رئيس مجلس الإدارة إلى جانب عمله كمدير للقضايا - وهى وظيفة انتظار - بأعمال أخرى في البنك المطعون عليه والبنك العقاري الزراعي المصري - وخوله حق الإمضاء عن البنكين وهى من خصائص وظيفة السكرتير العام وأوضح أن لرئيس مجس الإدارة مذكرتين خطيتين سريتين أشير فيهما إلى وجود مفاوضات وشروط معروضة عليه توطئة لتعيينه في وظيفة السكرتير العام وتم الاتفاق على ذلك نهائيا في شهري مارس وأبريل سنة 1934 وأشار إلى الخطاب المؤرخ 25/ 4/ 1942 والمرسل من البنك إلى وزير المالية يسجل فيه هذا الاتفاق والخطاب المرسل إلى رئيس إدارة قضايا الحكومة في 24/ 1/ 1942 والخطاب المرسل إلى وزير التجارة والصناعة في 7/ 2/ 1943 وهي دليل كتابي كامل أو مبدأ ثبوت بالكتابة سها عنه الحكم - والضرر الذى لحقه من مخالفة هذا الشرط يتمثل في الفرق بين رابت وظيفة مدير القضايا وراتب وظيفة السكرتير العام من سنة 1934 إلى 1946 وما ينشأ عن هذا الفرق من فروق في إعانة الغلاء وحصة صندوق الادخار والمكافآت والتعويض، وهذه المخالفة فوتت عليه فرصة الترقي إلى وظيفة وكيل عام البنك ثم مديره وعضوه المنتدب، تمسك الطاعن بهذا الدفاع وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته وسكت الحكم عن الرد عليه (وثانيها) أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن من شروط تعاقده مع البنك أن يبقى في الخدمة إلى ما بعد الستين ورد الحكم المطعون فيه بأن العقد بينه وبين البنك كان لمدة خمس سنوات ولم يذكر فيه أنه انعقد لمدى الحياة أو إلى ما بعد الستين والعرف في مصالح الحكومة على أن الإحالة إلى المعاش تكون في سن الستين وليس البنك إلا مؤسسة خاضعة لوزارة المالية فيجرى عليها ما يجرى على سائر الموظفين، وهو مخالفة للقانون وللثابت في الأوراق وقصور، لأن الإحالة إلى المعاش لم تكن مقيدة بسن معينة إلى أن أصدر البنك منشوره المؤرخ 6/ 11/ 1942 وقد رفض الطاعن التوقيع عليه وأرسل إلى السيد رئيس مجلس الإدارة خطابا في 11/ 1/ 1943 يسترعى نظره إلى أن الاتفاق على تعيينه سكرتيرا عاما للبنك شمل النص على بقائه في العمل إلى ما بعد الستين، والبنك ليس فرعا عن الحكومة لكى يجرى على موظفيه ما يجرى على موظفيها وقد صرحت الحكومة بأنه حر في استبقاء موظفيه إلى ما بعد الستين وكثيرا ما أهدته وزارة المالية بمن بلغوا الستين في خدمة الحكومة لكى يعملوا فيه، وإنما يخضع موظفوه لقانون عقد العمل رقم 41 لسنة 1944 وليس في نصوصه ما يجيز لصاحب العمل أن يحدد سن التقاعد ببلوغ الستين. (وثالثها) أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن من شروط تعاقده مع البنك أن يكون من حيث العلاوات والترقيات في حالة تفضل أقرانه الذين تركهم في إدارة قضايا الحكومة وفى الجامعة وتحددت علاوته بما لا يقل عن 60 ج سنويا وقد منح علاوة قدرها 5 ج شهريا في 1/ 5/ 1934 وعلاوة أخرى مماثلة في 1/ 5/ 1936 ورد الحكم المطعون فيه بأن قبول الطاعن لم يكن معلقا على أي شرط من الشروط التي يزعمها، وهو قصور ومخالفة للثابت في الأوراق وإغفال لما عرضه الطاعن من دفاع جوهري خاصة وأنه اتفق مع البنك على أن يمنح علاوة سنوية مقدارها 60 ج وأنه لم يترك خدمة الحكومة ليعمل في البنك على مصير مجهول ويتخلف عن أقرانه ممن كانوا في البعثات، ولهذا وبعد صدور الكادر ببضعة شهور وفى 1/ 5/ 1936 منحه البنك علاوة قدرها 5 ج وصل بها إلى آخر مربوط الدرجة وبعدها وفى 1/ 5/ 1938 منح علاوة قدرها 4 ج ثم ظل محروما من العلاوات إلى أول مايو سنة 1943 حيث منح علاوة قدرها 4 ج وعلاوة أخرى في أول مايو سنة 1944.
وحيث إن هذا السبب مردود في جملته بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "الوجه الثالث وحاصله أن إدارة البنك وعدته بأن يكون سكرتيرا للبنك فمردود بأنه ليس بالأوراق ما يؤيد هذا الوعد وكل ما حصل الاتفاق عليه بينه وبين البنك ألا تقل مدة خدمته على خمس سنوات وبمرتب قدره 45 ج وقد عين فعلا بهذا المرتب ومن ثم يكون هذا الزعم على غير أساس. وأما في خصوص فرض كادر لنظام الوظائف بالبنك وتحديد سن التقاعد بستين عام كما يزعم المستأنف استنادا إلى منشور البنك الصادر في 6/ 10/ 1942 والذى فرض على موظفي البنك أن يوقعوا إقرار بقبول الخضوع لقاعدة اعتزال الخدمة في سن الستين فهذا لا يسند المستأنف لأن العقد بين البنك وبينه كان لمدة أدناها خمس سنوات ولم يذكر في العقد أنه انعقد لمدى الحياة أو لمدة أقصاها إلى ما بعد الستين بدون تحديد فوق ما هو ظاهر من العقد الاتفاقي المبرم بين المستأنف وبين البنك أن قبوله للعمل لم يكن معلقا على أي شرط من الشروط التي يزعمها" وهى تقريرات موضوعية سائغة تكفى لحمله وفيها الرد الكافي على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى للطاعن بمقابل مهلة الإخطار على أساس أن مرتبه الشهري 76 ج و280 م، وهو قصور ومخالفة للثابت في الأوراق، إذ الثابت من شهادة البنك المؤرخة 27/ 4/ 1946 والمودعة ملف الطعن أن الطاعن كان يتقاضى إلى جانب ذلك مرتب شهر مكافأة تموين ومرتب شهرين مكافأة سنوية، وقد تمسك الطاعن في دفاعه بأن استمرار البنك في صرف هذه المكافآت ينشئ عرفا ملزما له ويجعلها جزءا من الأجر عند حساب مقابل مهلة الإخطار والمكافأة والتعويض، كما تمسك بأنه كان يستحق علاوة قدرها خمسة جنيهات في أول مايو سنة 1946 وحرم منها بسبب فصله قبل استحقاقها بأسبوعين ويتعين إضافتها إلى المرتب لتصبح جملته 100 ج لا 76 ج و380 م.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة لجلسة 25/ 3/ 1957 بأنه كان يتقاضى إلى جانب مرتبه وقدره 76 ج و380 م مكافأة تموين بما يعادل مرتب شهر ومكافأة سنوية بما يعادل مرتب شهرين وبسبب فصله في 14/ 4/ 1946 حرم من علاوته الدورية قبل استحقاقها بأسبوعين وبذلك تكون جملة مرتبه - في حساب مقابل مهلة الإخطار - هي 100 ج لا 76 ج و380 م. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمقابل مهلة الإخطار على أساس المرتب الأصلي وحده ولم يرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بينما هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في النزاع فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يوجب نقضه.
حيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قضى للطاعن بمبلغ 687 ج و120 م - مرتب تسعة شهور بواقع 76 ج و380 م في الشهر - مكافأة نهاية الخدمة وفقا لقانون عقد العمل الفردي رقم 41 سنة 1944، في حين أن مرتب الطاعن 100 ج لا 76 ج و380 م، وفى حين أنه تمسك في دفاعه بأن البنك جرى في حساب مكافأة نهاية الخدمة على صرف مرتب شهر أو شهرين أو أكثر عن كل سنة من سنى الخدمة وبغير حد أقصى خلافا لما هو مقرر في قانون عقد العمل الفردي وأشار إلى سوابق البنك التي كونت عرفا مستقرا له قوة القانون أو العقد المكتوب في هذا الخصوص وطلب ضم الملفات والأوراق المتعلقة بهذه السوابق، ولم يلتفت الحكم إلى هذا الدفاع الجوهري ولم يرد عليه ويحققه، وهذا منه مخالفة للقانون وقصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا السبب في محله لما سبق بيانه في صدد الرد على السبب الثالث، ولما هو ثابت من أن الطاعن تمسك في دفاعه لدى محكمة الاستئناف بأن البنك "جرى على صرف راتب شهر أو شهرين أو أكثر عن كل سنة بغير تحديد لحد أقصى قبل وبعد صدور تشريع العمل" "ولما كانت مدة خدمته 14 عاما تكون مكافأته 1400 ج" وأشار إلى سوابق البنك وما جرى عليه العمل في الأحوال المماثلة وأنها تكون عرفا ملزما يقوم مقام القانون أو العقد وطلب تقديم الأوراق المتعلقة بها وبعضها سابق على القانون رقم 41 سنة 1944 وبعضها لاحق للقانون رقم 317 لسنة 1952 - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بمرتب تسعة شهور مقابل مكافأة مدة الخدمة وفقا لقانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 ولم يرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بينما هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في المكافأة فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن محكمة أول درجة قدرت للطاعن مبلغ 100 جنيه تعويضا عن فصله مستندة في ذلك إلى أنه لم تمض عليه غير خمسة شهور عين بعدها رئيسا لقسم قضايا الحراسة وبمرتب يزيد على مرتبه في البنك فبات التعويض قاصرا "على الأضرار الأدبية" التي لحقته وهذا المبلغ جابر لكل ضرر أدبى أصابه، ورأى الحكم المطعون فيه أن هذا التقدير مناسب، وهذا من الحكم خطأ وقصور، لأن التعطل هو أول الأضرار المادية التي لحقت بالطاعن من جراء الفصل، وقد طلب تعويضه عن تعطله في المدة من تاريخ فصله في 15/ 4/ 1946 إلى تاريخ عمله بالحراسة في 26/ 9/ 1946 وهى مدة لا يغطيها المبلغ المحكوم به، وتمسك في دفاعه بأن الفصل من الخدمة يوجب التعويض ولو لم يؤد إلى البطالة التامة وهذا التعويض لا يرتبط بانتقاله من عمل إلى آخر والمفاضلة بينهما وقد حدد القانون رقم 41 لسنة 1944 عناصر التعويض بمراعاة نوع العمل وسن العامل ومدة الخدمة والعرف الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ، كما تمسك في دفاعه بأن وظيفته في الحراسة كانت مؤقتة تلتها وظائف أخرى مؤقتة لا تجبر الآثار المترتبة على الفصل ولا تخلى البنك من مسئوليته، وأوضح ظروف الفسخ وكيف وصل إلى القمة ثم انقلب بين عشية وضحاها إلى رجل يخل بواجباته وبين ما بذله من جهد في تأسيس البنك وكيف انقطع له وتخصص في مشاكله واقتصادياته، وكيف فصل وله من العمر 43 سنة أفنى زهرتها في خدمة البنك وقد انتهت بإخراجه ليبدأ كفاحا جديدا في ميدان العمل الحر، وحرمانه من الفرص السانحة وما يصاحبها من علاوات وترقيات فيما لو بقى في الخدمة، ومع تمسك الطاعن بهذا الدفاع فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليه.
وحيث إن هذا السبب في محله ذلك أن للعامل الحق في تعويض ما أصابه من ضرر مادى مباشر بسبب إنهاء عقده بغير مبرر مشروع، وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن طلب الحكم له بمبلغ 458 ج و280 م تعويضا عن الضرر الذى أصابه بسبب الفسخ في وقت غير لائق وهو مرتب المدة من تاريخ فصله في أبريل سنة 1946 إلى تاريخ عمله بالحراسة الإيطالية في سبتمبر سنة 1946، ورفض الحكم المطعون فيه الحكم له به مستندا في ذلك إلى ما جاء في الحكم الابتدائي من أن "المدعى لم يصب بأضرار من وراء الفصل فقد أقر بأنه عين رئيسا لقسم قضايا الحراسة بتاريخ 26/ 9/ 1946 براتب شهري قدره 100 جنيه وهو يربو على راتبه بالبنك ولم يمض على قرار الفصل غير خمسة شهور وبات التعويض قاصرا على الأضرار الأدبية" وهى تقريرات غير سائغة رتب عليها قضاءه برفض هذا الطلب، فإنه يكون قاصرا بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن الطاعن طلب الحكم له بمبلغ 600 جنيه مقابل متوفر إجازاته الاعتيادية والمرضية ورصيدها لا يقل عن تسعة شهور مستندا في ذلك إلى ما جرى عليه عرف البنك من دفع مقابل الإجازات وإلى ما نص عليه المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 من أن للعامل الحق في أجر أيام الإجازة المستحقة له إذا ترك العمل قبل قيامه بها، ورفضت المحكمة الحكم به فيما رفضته جملة من طلبات دون أن تبدى لذلك أي سبب، وهو قصور ومخالفة للقانون.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أن محكمة الاستئناف فصلت فيما عرضت له من طلبات الطاعن وما كان معروضا منها أمام محكمة أول درجة فأجابت بعضها "ورفضت ما عدا ذلك" وأغفلت الحكم في طلب متوفر الإجازات الذى قدم إليها لأول مرة ولم تعرض له في أسبابها وعلى ذلك فإن هذا الطلب يبقى معلقا أمامها، وعلاج هذا الإغفال - وفقا للمادة 368 من قانون المرافعات - يكون بالرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه، ومن ثم فهو لا يصلح سببا للطعن بطريق النقض.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن محكمة الاستئناف رفضت طلب نشر الحكم في الصحف على نفقة البنك إذ لم يثبت أنه أمد الحملة الصحفية التي شكا منها الطاعن بالمعلومات، وهو خطأ في تطبيق القانون وقصور لأن البنك مسئول عن قرار الفصل ومعقباته بما فيها الحملة الصحفية ومسئوليته هذه تقصيرية تمتد إلى أبعد مما تمتد إليه المسئولية التعاقدية، ولا تلازم بين مسئولية البنك وثبوت تغذيته للحملة الصحفية ووجوب النشر. وقد تمسك الطاعن في دفاعه بسقوط حق البنك في مساءلته عن إعداد صحيفة الدعوى رقم 1083 لسنة 1946 القاهرة الابتدائية ولم يتعرض الحكم لهذا الدفع ولم يرد عليه، وهو خطأ وقصور آخر.
وحيث إن هذا السبب مردود في الوجه (الأول) منه بأن تعويض الضرر الأدبي بنشر الحكم في الصحف على نفقة المحكوم عليه من سلطة قاضى الدعوى التقديرية والمطلقة بما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه - ومردود في الوجه (الثاني) بأن الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - عرض للدفع وقضى فيه بعدم مساءلة الطاعن عن البيانات التي تضمنتها صحيفة هذه الدعوى.
وحيث إن حاصل السبب الثامن أن الطاعن طلب الحكم بعدم صحة العرض المقدم من البنك بجلسة 3/ 11/ 1949 لأنه عرض ناقص لا يبرئ ذمته ومع أن الحكم المطعون فيه لم يناقش هذا الطلب ولم يفصل فيه صراحة أو ضمنا لارتباطه بحقوق الطاعن في صندوق الادخار، إلا أنه وقد قضى بما قضى به ورفض ما عداه يكون مشوبا بالغموض والإبهام في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا السبب غير مقبول ذلك أن طلب الحكم بعدم صحة العرض يتصل بحقوق الطاعن في صندوق الادخار التي أرجأت المحكمة الفصل فيها، ولم يكن بذلك محل قضاء - قصدي أو ضمني - من الحكم.


 (1) نقض 23/ 3/ 1966 الطعن رقم 43 لسنة 33 ق. س 17 ص 666. ونقض 25/ 2/ 1960 الطعن رقم 280 لسنة 25 ق. س 11 ص 184.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق