الصفحات

الخميس، 17 سبتمبر 2020

الطعن 830 لسنة 49 ق جلسة 29 / 11 /1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 371 ص 1952

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة ومحمد رأفت خفاجى ومحمد فؤاد شرباش ود. محمد فتحى نجيب.

---------------

(371)
الطعن رقم 830 لسنة 49 القضائية

( 1،2 ) إيجار. إثبات "القرائن". مسئولية.
1 - تلف العين المؤجرة أو هلاكها أو حريقها. قرينة قانونية على ثبوت الخطأ في جانب المستأجر م 583/ 1 مدني. جواز نفيها بإثبات المستأجر للسبب الأجنبي أو خطأ أو عيب في ذات العين.
2 - نفى خطأ المستأجر عن التلف أو الهلاك. جواز بإقامته الدليل على بذل عناية الرجل المعتاد. م 211/ 1 مدني. نفى المسئولية عن الحريق وجوب أن يكون بإثبات السبب الأجنبي. م 783/ 1 مدني.

-----------

1 - يدل نص المادتين 583، 584/ 1 من القانون المدني على أن المستأجر يلتزم بحفظ العين المذكورة ورعايتها باذلاًًًًً في ذلك عناية الرجل المعتاد وأنه مسئول عما يصيبها من تلف أو هلاك أو حريق ناشئ عن استعمالها استعمالاًًًًً غير مألوف، وأن مسئوليته هذه مفترضة ولا ترتفع إلا إذا أثبت أن التلف أو الهلاك أو الحريق نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطأ المؤجر أو عيب العين المؤجرة ويترتب على ذلك أن القاعدة العامة أن مجرد وجود التلف أو الهلاك في العين المؤجرة يقيم قرينة على وقوعه بخطأ المستأجر، ويتحمل المسئولية عنه، ما لم يثبت انتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك.
2 - لم يرد بالقانون نص يبين كيفية توصل المستأجر إلى إثبات انتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك، ولذا تطبق القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 211/ 1 من القانون المدني والتي تقضى بأنه 1 - في الالتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى الالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي، ولو لم يتحقق الغرض المقصود، هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك، ومؤدى ذلك أنه إذا أراد المستأجر أن يثبت انتفاء خطئه أو الهلاك، ويبعد عن نفسه بالتالي المسئولية عنها، أن يقيم الدليل على أنه بذل في رعاية العين، وفى حفظها عناية الرجل المعتاد. أي العناية التي يبذلها في مثل ظروفه سواء الناس، وتستثنى من هذه الحالة حالة الاتفاق على غير ذلك، وحالة وقوع التلف أو الهلاك بسبب الحريق إذ أن القانون يقرر لها حكماًًًًً خاصاًًًًً، فلا يكفى للخلاص من المسؤولية عنها أن يثبت المستأجر أنه بذل في رعاية العين المؤجرة عناية الرجل المعتاد بل يلزمه لذلك إثبات أن للحريق سبباًًًًً أجنبياًًًًً لا يرجع إليه، أو يلزمه بعبارة المادة 584 أن يثبت أن الحريق نشأ عن سبب لا يد له فيه ويترتب على ذلك أن مسئولية المستأجر في حالة الحريق تختلف عن مسئوليته في حالة غيره من أسباب التلف أو الهلاك، يؤيد ذلك أن المشروع التمهيدي للقانون المدني كان يتضمن نصاًًًًً حاسماًًًًً في ذلك، إذ كانت المادة 783/ 1 تقضى بأنه "1 - المستأجر مسئول عن حريق العين المؤجرة، إلا إذا ما ثبت أن الحريق لم ينشأ عن خطئه أو عن خطأ تابعيه" مما مؤداه وجوب تطبيق القاعدة العامة على حالة الحريق، والاكتفاء من المستأجر - لدفع المسئولية عنه - بإثبات أنه بذل هو وأتباعه في رعاية العين عناية الرجل المعتاد، ولكن لجنة المراجعة عدلت النص السابق وجعلته بالصيغة التي وردت في المادة 584/ 1 من القانون المدني على ما سلف بيانه، وجاء تقرير لجنة المراجعة تبريرا لهذا التعديل أنها أجرته لكى تجعل الحكم أدق وأوضح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2826 سنة 976 مدنى كلى إسكندرية على المطعون ضده للحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة، وقال في شرح دعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1959 استأجر منه مورث المطعون ضده عين النزاع، وهى عبارة عن دور أرضى مسقوف بالصاج، وبه غرفة واحدة لاستعمالها مصنعا لإنتاج المكرونة، وقد أساء المطعون ضده استعمالها فنشب فيها حريق أدى إلى هدم سقفها ومبانيها، كما أجرى بها تغييرات شاملة، فقد أعاد بناء الدور الأرضي من عدة غرف وجعل سقفه من الحديد المسلح واستحدث فوقه دورين بكل منهما غرفة على ما هو ثابت من تقرير الخبير في دعوى إثبات الحالة رقم 1567 سنة 973 مستعجل اسكندرية، وخالف بذلك شروط الإيجار المعقولة، والحظر الوارد في العقد، فأقام دعواه. وبتاريخ 29/ 11/ 1977 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 19 سنة 134 إسكندرية، وبتاريخ 17/ 2/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 1567 سنة 1973 مستعجل إسكندرية أن الحريق الذى نشب بالعين المؤجرة لا يرجع إلى خطأ المستأجر "المطعون ضده" وإنما يرجع إلى ماس كهربائي نتيجة خطأ المستأجر أو أحد أتباعه، مما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن النعي في المادة 583 من القانون المدني على أنه "يجب على المستأجر أن يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة، وفى المحافظة عليها ما يبذله الشخص المعتاد. وهو مسئول عما يصيب العين أثناء انتفاعه بها من تلف أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالاًًًًً مألوفاًًًًً، والنص في الفقرة الأولى من المادة 584 على أن "المستأجر مسئول عن حريق العين المؤجرة إلى إذا أثبت أن الحريق نشأ عن سبب لا يد له فيه". يدل على أن المستأجر يلتزم بحفظ العين المؤجرة ورعايتها باذلاًًًًً في ذلك عناية الرجل المعتاد، وأنه مسئول عما يصيبها من تلف أو هلاك أو حريق ناشئ عن استعمالها استعمالاًًًًً غير مألوف، وأن - مسئوليته هذه مفترضة، ولا ترتفع إلا إذا أثبت أن التلف أو الهلاك أو الحريق نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطأ المؤجر أو عيب العين المؤجرة، ويترتب على ذلك أن القاعدة العامة أن مجرد وجود التلف أو الهلاك في العين المؤجرة يقيم قرينة على وقوعه بخطأ المستأجر، ويتحمل المسئولية عنه، ما لم يثبت انتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك ولم يرد بالقانون نص يبين كيفية توصل المستأجر إلى اثبات انتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك ولذا تطبق القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 211/ 1 من القانون المدني والتي تقضى بأنه "1 - في الالتزام بعمل، إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه، فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي، ولو لم يتحقق الغرض المقصود. هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك". ومؤدى ذلك أنه إذا أراد المستأجر أن يثبت انتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك، ويبعد عن نفسه بالتالي المسئولية عنها، أن يقيم الدليل على أنه بذل في رعاية العين وفى حفظها عناية الرجل المعتاد، أي العناية التي يبذلها في مثل ظروفه سواد الناس، وتستثنى من هذه الحالة حالة الاتفاق على غير ذلك، وحالة وقوع التلف أو الهلاك بسب الحريق، إذا أن القانون يقرر لها حكماًًًًً خاصاًًًًً، فلا يكفى للخلاص من المسئولية عنها أن يثبت المستأجر أنه بذل في رعاية العين المؤجرة عناية الرجل المعتاد، بل يلزمه لذلك إثبات أن للحريق سبباًًًًً أجنبياًًًًً لا يرجع إليه، أو يلزمه بعبارة المادة 584/ 1 أن يثبت أن الحريق نشأ عن سبب لا يد له فيه، ويترتب على ذلك أن مسئولية المستأجر في حالة الحريق تختلف عن مسئوليته في حالة غيره من أسباب التلف أو الهلاك، يؤيد ذلك أن المشروع التمهيدي للقانون المدني كان يتضمن نصاًًًًً حاسماًًًًً في ذلك، إذ كانت المادة 783/ 1 منه تقضى بأنه" 1 - المستأجر مسئول عن حريق العين المؤجرة، إلا إذا أثبت أن الحريق لم ينشأ عن خطئه أو عن خطأ تابعيه" مما مؤداه وجوب تطبيق القاعدة العامة على حالة الحريق، والاكتفاء من المستأجر - لدفع المسئولية عنه - بإثبات أنه بذل هو وأتباعه في رعاية العين عناية الرجل المعتاد. ولكن لجنة المراجعة عدلت النص السابق وجعلته بالصيغة التي وردت في المادة 584/ 1 من القانون على ما سلف بيانه، وجاء في تقرير لجنة المراجعة تبريراًًًًً لهذا التعديل أنها أجرته لكي "تجعل الحكم أدق وأوضح". لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة للمطعون ضده، وأسسها على أنه أساء استعمالها إساءة أدت إلى نشوب حريق فيها ترتب عليه تهاوى سقفها وحوائطها، فلجأ إلى القضاء المستعجل في الدعوى رقم 1567 سنة 1973 إسكندرية، لإثبات حالة العين، ندبت فيها المحكمة خبيراًًًًً هندسياًًًًً لمعاينة العقار، وقد باشر الخبير المأمورية، وقدم تقريره الذى تضمن أن السقف الجمالونى والحوائط سقطت بسبب الحريق، كما أن المطعون ضده أحدث تغييرات بالعين المؤجرة دون إذن كتابي منه، وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير أنه انتهى إلى أن العقار موضوع النزاع عبارة عن مصنع لتصنيع المكرونة، وأنه يتكون من ثلاثة أجزاء، الجزء الأول وبه المدخل الرئيسي وهو بحالته القديمة، والجزء المتوسط وهو عبارة عن عنبر تصنيع المكرونة، ويضم مخزنين للدقيق، وقد حدث بهذا الجزء تعديل ببناء حوائط وسقف خرساني مسلح، وسلم يؤدى إلى سطح المصنع، والجزء الثالث الداخلي يحتوى على ست حجرات لتجفيف المكرونة، وأضاف الخبير أن السقف الجمالونى - الذى كان يغطى عنبر تصنيع المكرونة والجزء الداخلي لغرف تجفيفها قد سقط، وأن سبب التلف الذى أصاب العين هو قدم المباني والحريق، وأن تكاليف أعمال السقف الجمالونى مبلغ 300 جنيه، وقد أثبت الخبير في تقريره أنه اطلع على المحضر الإداري رقم 1509 سنة 973 بقسم محرم بك، فتبين أنه بتاريخ 14/ 3/ 1973 حدث حريق بالمصنع نتيجة ماس كهربائي بغرفة الموتورات، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله "... وكان الثابت للمحكمة من تقرير الخبير المنتدب في عوى إثبات الحالة أن الحريق الذى نشب بالعين المؤجرة ليس مرجعه إلى خطأ المستأجر بل سببه الماس الكهربائي وقدم العقار، وأن كل ما أجراه المطعون ضده بالعين المؤجرة هو ردها إلى حالة تجعلها صالحة للانتفاع بها..." وكان البين من تقرير الخبير على ما سلف بيانه أنه لم يبحث سبب الحريق، واقتصر دوره على الاطلاع على الشكوى الإداري رقم 1509 سنة 973 محرم بك التي تضمنت أن سبب الحريق هو الماس الكهربائي، كما أن التقرير لم يتضمن أن الحريق ليس مرجعه إلى خطأ المستأجر بل سببه الماس الكهربائي. وأن الحكم هو الذي نسب له ذلك على خلاف الثابت به، فإنه يكون قد أقام قضاءه على خلاف الثابت بالأوراق وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مسئولية المطعون ضده عن الحرق الذى نشب بالعين المؤجرة، وهل نشأ عن خطئه وتقصيره أم عن سبب لا يد له فيه كما تقضى المادة 584/ 1 من القانون المدني سالفة الذكر، ويكون الحكم فضلا عن مخالفته للثابت بالأوراق، قد عابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، مما يتعين نقضه دون حاجة للنظر في باقي أوجه الطعن، على أن يكون مع النقض الاحالة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق