الصفحات

الاثنين، 21 سبتمبر 2020

الطعن 2484 لسنة 65 ق جلسة 1 / 8 / 2019

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة المدنية 
دائرة "الخميس" (د) المدنية

برئاسة السيد القاضي/ محمد عبد الراضي عياد الشيمي نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة/ عمر الفاروق عبد المنعم منصور، منير محمد أمين

علاء عبد الله إبراهيم ومحمد إبراهيم سمهان

وحضور رئيس النيابة السيد/ محمد المسلمي.

وأمين السر السيد/ إبراهيم محمد عبد المجيد.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة.

في يوم الخميس 29 من ذي القعدة سنة 1440هـ الموافق 1 من أغسطس سنة 2019م.

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد في جدول المحكمة 2484 برقم لسنة 65ق.

------------------

الوقائع

في يوم 26/ 2/ 1995 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 28/ 12/ 1994 في الاستئنافين رقمي ....، ..... لسنة ... ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي اليوم نفسه قدم الطاعن مذكرة شارحة.

وفي 25/ 3/ 1995 أعلن المطعون ضده بصفته بصحيفة الطعن.

وفي 1/ 4/ 1995 أودع المطعون ضده بصفته مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.

ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.

وبجلسة 15/ 11/ 2018 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.

وبجلسة 7/ 3/ 2019 سمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم الطاعن والمطعون ضده بصفته والنيابة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ .......، والمرافعة، وبعد المداولة:

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الواقعات - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده بصفته الدعوى التي آل قيدها لرقم 2331 لسنة 1987 مدني كلي شمال القاهرة - بعد صدور حكم بعدم الاختصاص المحلي والإحالة - بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له تعويضا ماديا وأدبيا مقداره "مائة ألف" جنيه، وقال بيانا لدعواه إن النيابة العسكرية أسندت له وآخرين في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات عسكرية الإسماعيلية أنهم قاموا بالتجمهر ومقاومة السلطات واستعمال العنف مع رجال الشرطة لتمكين متهمين من الهرب، وقضي فيها غيابيا بحبسه أربع سنوات وتم التصديق على الحكم في 15/ 10/ 1977م مع تخفيف عقوبته لثلاث سنوات قام بتنفيذ لها اعتبارا من 28/ 5/ 1979م حتى 19/ 1/ 1981م، رغم أنه كان قد قدم التماسا بإعادة النظر في هذا القضاء بتاريخ 13/ 6/ 1979م وقضي في 17/ 2/ 1981م بقبوله وإلغاء الحكم الصادر بحبسه وإحالة الأوراق إلى النيابة العسكرية لإحالتها إلى نيابة الأحداث للاختصاص وقضي فيها من محكمة الأحداث بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وإذ كانت قد أصابته أضرار مادية وأدبية من جراء حبسه دون أن يكون لاتهامه سند من الواقع أو القانون، وكانت إجراءات التحقيق معه ومحاكمته باطلة نتيجة التعسف في تطبيق القانون من جانب تابعي المطعون ضده بصفته، وكان يقدر التعويض الجابر لتلك الأضرار بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي له تعويضا ماديا وأدبيا مقداره "أربعون ألف" جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة ... ق لدى محكمة استئناف القاهرة، كما استأنفه لديها المطعون ضده بصفته بالاستئناف رقم .... لسنة ... ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط قضت بتاريخ 28/ 12/ 1994م في استئناف الطاعن برفضه، وفي استئناف المطعون ضده بصفته بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي فيها برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حدت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وبيانا لذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيسا على انتفاء الخطأ في حق المطعون ضده بصفته واستند في ذلك إلى أن الحكم الصادر في الجناية العسكرية رقم .... لسنة .... الإسماعيلية قد صدر غيابيا وأعلن له وقضي في التماس إعادة النظر المرفوع منه طعنا عليه بإلغاء ذلك الحكم وإحالة الأوراق إلى نيابة الأحداث، ورتب الحكم على ذلك انتفاء الخطأ الجسيم في حق تابعي المطعون ضده بصفته لعدم توافر أي دليل على سوء نياتهم عند إصدارهم الحكم بحبسه لمدة ثلاث سنوات - قام بتنفيذ جلها حتى أفرج عنه لحسن السير والسلوك - والتفت الحكم عن الخطأ الذي وقع من سالفي الذكر بتوقيعهم تلك العقوبة عليه - وتنفيذه لها - من محكمة غير مختصة بمحاكمته، حال كونه وقت ارتكاب الواقعة في 26/ 11/ 1973م حدثا، وظل سيف الاتهام مسلطا عليه حتى صدر حكم محكمة الأحداث في عام 1993م، مما يتوافر معه ركن الخطأ المنصوص عليه في المادة 163 من القانون المدني والتي لم تفرق بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير في قيام المسؤولية التقصيرية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 57 من الدستور المعمول به في 11/ 9/ 1971م على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء "مفاده أن الاعتداء الذي منع الدستور وقوعه على الحرية الشخصية هو كل ما من شأنه تقييدها أو المساس بها في غير الحالات التي يقرها القانون، وأن الأصل في القانون المدني أن الأشخاص المعنوية العامة يمكن مساءلتها مسؤولية مدنية عن أعمالها المادية أمام القضاء العادي، كلما أمكن نسبة الخطأ مباشرة إليها أو أمكن إثبات خطا وقع من أحد تابعيها، وأن تطبق في مساءلتها هذه أحكام القانون المدني على النحو الذي تتحقق به مسؤولية الأفراد والهيئات الخاصة، فقواعد المسؤولية التقصيرية واحدة للفريقين، وأن المشرع إذ نص في المادة 163 من القانون المدني على أن "كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" فقد رتب الالتزام بالتعويض علي كل خطا سبب ضررا للغير، وأورد عبارة النص في صيغة عامة، بما يجعلها شاملة لكل فعل أو قول خاطئ سواء أكان مكونا لجريمة معاقبا عليها، أم كان لا يقع تحت طائلة العقاب ويقتصر على الإخلال بأي واجب قانوني لم تكفله القوانين العقابية بنص خاص، ومؤدى ذلك أن المحكمة المدنية يجب عليها البحث فيما إذا كان الفعل أو القول المنسوب للمسؤول - مع تجرده من صفة الجريمة – يعتبر خروجا على الالتزام القانوني المفروض على الكافة بعدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع، فلا يمنع انتفاء الخطأ الجنائي من القول أو الفعل المؤسس عليه الدعوى المدنية من توافر الخطأ المدني في هذا القول أو ذلك الفعل، وكان معنى الخطأ في تطبيق هذا النص يشمل مجرد الإهمال والفعل العمد علي حد سواء مما مفاده أن المشرع في نطاق المسؤولية التقصيرية لا يميز بين الخطأ العمدي وغير العمدي ولا بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير فكل منها يوجب تعويض الضرر الناشئ عنه، وأن النص في المادة 494 من قانون المرافعات على أنه "تجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية ....." وفي المادة 495 منه علي أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة ...." وفي المادة 497 منه على أنه "إذا حكم بجواز قبول المخاصمة وكان المخاصم أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة لديها حدد الحكم جلسة لنظر موضوع المخاصمة في جلسة علنية أمام دائرة أخرى ..... وإذا كان المخاصم مستشارا في إحدى محاكم الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام فتكون الإحالة على دائرة خاصة ..... أما إذا كان المخاصم مستشارا بمحكمة النقض فتكون الإحالة إلى دوائر المحكمة مجتمعة "يدل على أن القواعد المنظمة الدعوى المخاصمة لا تسري إلا على المخاطبين بأحكامها من قضاة المحاكم العادية وأعضاء النيابة لديها، ولا يمتد سريانها على غيرهم ممن يعملون لدى جهات قضائية أخرى إلا إذا نص قانون آخر على ذلك، وإذ كان قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 في المواد 60، 61، 62 قد نظم حالات عدم صلاحية القضاة العسكريين لنظر الدعوى وطلب ردهم عند نظرها ..... دون أن يرد به نص على جواز مخاصمتهم طبقا لقواعد دعوى مخاصمة قضاة المحاكم العادية المقررة بقانون المرافعات، وكان النص في المادة 10 من القانون آنف الذكر على أن "تطبق فيما لم يرد بشأنه نص في القانون النصوص الخاصة بالإجراءات والعقوبات الواردة في القوانين العامة" إنما قصد به الإحالة إلى القوانين العامة في شأن ما يعتري مواد قانون الأحكام العسكرية من نقص في الأحكام المتعلقة بالإجراءات أو العقوبات الخاصة بالدعاوى الجنائية التي يختص القضاء العسكري بنظرها دون إجراءات الدعاوى المدنية التي حظرت المادة 49 منه على المحاكم العسكرية قبول نظرها، وأن المقرر بالمادة 58 من هذا القانون من أن "يعتبر ضباط القضاء العسكري نظراء للقضاة المدنيين" لا يستفاد منه إخضاع هؤلاء القضاة العسكريين للقواعد المنظمة لدعوى المخاصمة التي تسري على قضاة المحاكم العادية، كما أن المقرر أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق - وما أقر به المطعون ضده بصفته ولم يمار فيه - أن الطاعن أقام عليه الدعوى المبتدأة بطلب إلزامه بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء قيام تابعيه بحبسه في الجناية رقم 2692 لسنة 1974 جنايات عسكرية الإسماعيلية والتي كانت النيابة العسكرية قد اتهمته فيها بقيامه مع آخرين بالتجمهر ومقاومة السلطات واستعمال العنف مع رجال الشرطة لتمكين متهمين من الهرب، والتي قضي فيها غيابيا بحبسه أربع سنوات وتم التصديق على الحكم في 15/ 10/ 1977م مع تخفيف عقوبته لثلاث سنوات قام بتنفيذ جلها في أحد السجون في الفترة من 28/ 5/ 1979م حتى 19/ 1/ 1981م إلى أن أفرج عنه لحسن السير والسلوك، رغم أنه كان وقت ارتكاب الواقعة حدثا، ولذا فقد قضي في 17/ 2/ 1981م في التماس إعادة النظر المرفوع منه بتاريخ 13/ 6/ 1979م طعنا على القضاء بحبسه بقبول الالتماس وإحالة الأوراق إلى النيابة العسكرية لإحالتها إلى نيابة الأحداث للاختصاص وقضي فيها بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة من جانب محكمة الأحداث، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى تأسيسا على انتفاء الخطأ المهني الجسيم في حق تابعي المطعون ضده بصفته، واستند في ذلك إلى صدور الحكم سالف البيان من القضاء العسكري غيابيا ضد الطاعن والقضاء في التماس إعادة النظر المرفوع منه بالإحالة إلى نيابة الأحداث المختصة، ملتفتا عن الخطأ الذي وقع من تابعي المطعون ضده بصفته بعدم التحقق من سن الطاعن في تاريخ ارتكاب الواقعة على الرغم من مثوله للتحقيق بمعرفة النيابة العسكرية التي أحالت الأوراق للمحكمة العسكرية مما ترتب عليه صدور حكم ضده من محكمة غير مختصة بمحاكمته حال كونه حدثا وفقا للقانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث - المنطبق وقت ارتكاب الواقعة - تختص بمحاكمته محكمة الأحداث وتتأثر عقوبة الجريمة المسندة إليه وجوبا بسنه، مما ترتبت عليه أضرار مادية تمثلت في أن الطاعن ظل مقيد الحرية طيلة فترة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية سالفة البيان المحكوم بها عليه، وأضرار أدبية تمثلت فيما أصابه من أسى وحزن من جراء تقييد حريته من محكمة غير مختصة بمحاكمته واستطالة إجراءات محاكمته أمام القضاء العسكري إلى أن قضت محكمة الأحداث في 24/ 1/ 1993م بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اشترط لقيام مسؤولية المطعون ضده بصفته أن برقي الخطأ الذي وقع من تابعيه إلى مرتبة الخطأ العمدي أو الجسيم فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال ساقه إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مسؤولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع تقوم على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضا لا يقبل إثبات العكس متى كان العمل قد وقع منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها أو ساعدته هذه الوظيفة أو هيأت له إتيان فعله غير المشروع، وتقوم علاقة التبعية كلما كان للمتبوع سلطة فعلية على التابع في الرقابة والتوجيه، ولو كانت هذه الرقابة قاصرة على الرقابة الإدارية، ولا يدفع مسؤولية المتبوع عن العمل غير المشروع - محل المساءلة - الذي قارفه تابعه تعذر تعيين هذا التابع من بين تابعيه، طالما أن الضرر الذي حاق بالمضرور مصدره أحد تابعي المتبوع، والذي وشأنه في تعيين هذا التابع والرجوع عليه بما أداه للمضرور من تعويض، وكان تقدير التعويض الجابر للضرر من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ولها أن تقدير التعويض الجابر للضرر على النحو الذي تراه، الأمر الذي يتعين معه الحكم في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة ... ق القاهرة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضده بصفته بأن يؤدي للمستأنف تعويضا ماديا وأدبيا قدره المحكمة جملة واحدة بمبلغ "مائة ألف" جنيه، وفي موضوع الاستئناف رقم .... لسنة .... ق القاهرة برفضه.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بصفته بالمصروفات ومبلغ "مائتي" جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت أولا: في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة ... ق القاهرة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضده بصفته بأن يؤدي للمستأنف تعويض ماديا وأدبيا مقداره "مائة ألف" جنيه، وألزمت المستأنف ضده بصفته بالمصروفات ومبلغ "مائة" جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ثانيا: وفي موضوع الاستئناف رقم .... لسنة .... في القاهرة برفضه، وألزمت المستأنف بصفته بمبلغ "مائة" جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق