الصفحات

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الطعن 206 لسنة 19 ق جلسة 3 / 1 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 58 ص 344

جلسة 3 يناير سنة 1952

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
------------
(58)
القضية رقم 206 سنة 19 القضائية

نقض:
(أ ) حكم. صحته على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن. ليست وجهاً لعدم قبوله شكلاً. هي سبب لرفضه موضوعاً.
(ب) حكم. قبوله المانع من الطعن فيه. شرطه. حكم بإحالة الدعوى على دائرة الإيجارات. حضور المحكوم عليه أمام هذه الدائرة ومرافعته في الدعوى. لا يعتبر قبولاً. هذا حكم واجب النفاذ قانوناً.
(ج) طعن وارد على إحدى الدعامتين المقام عليهما الحكم. الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمله. طعن غير منتج.

-----------
1 - إن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل هي تكون سبباً لرفضه موضوعاً.
2 - يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقول أو عمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحتمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم القاضي بإحالة الدعوى على الدائرة المختصة بقضايا الإيجارات من مجرد مرافعته أمام محكمة الإحالة في هذه الدعوى إذ هذا الحكم واجب النفاذ قانوناً.
3 - إذا كان الحكم مقاماً على دعامتين، مستقلة كلتاهما عن الأخرى، وكان الطعن وارداً على إحداهما ولا مساس له بالأخرى وكانت الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمل قضائه، كان هذا الطعن غير منتج.


الوقائع

في يوم 19 من ديسمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من مايو سنة 1949 في الاستئناف رقم 185 - 66 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً باختصاص الدائرة الثانية عشرة بمحكمة مصر الابتدائية بنظر الدعوى باعتبار أن عقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 يخضع في تحديد حقوق طرفيه إلى أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 2765 - 70 ق من محكمة مصر الابتدائية المختلطة بتاريخ 18 من إبريل سنة 1946 و12 من يونيه سنة 1947 واحتياطياً رفض الدعوى. ومن باب الاحتياط الكلي إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث. وفي 24 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 8 من يناير سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 28 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 من فبراير سنة 1950 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وفي 25 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد.. وفي 7 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفعين بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً وثانياً برفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 20 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

.... من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى رقم 2529 سنة 1948 كلي مصر أمام الدائرة المختصة بنظر قضايا الإيجارات بمحكمة مصر على الطاعن عن نفسه وبصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للسينما ونيقولا جاللى وابزيدور ليفي وطلبوا فيها الحكم بإلزام الطاعن في مواجهة الآخرين بإخلاء العين المؤجرة المبينة بعقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 وتسليمها إليهم بما عليها من مبان وملحقات وقالوا شرحاً لدعواهم أنه في 19 من إبريل سنة 1936 أجروا قطعة أرض فضاء مساحتها 735 متراً مبينة الحدود بالعقد إلى نيقولا جاللى الايطالي الجنسية ليقيم عليها دار للسينما بمبان ثابتة وما يتعبها من ملحقات ودكاكين حسب رغبته لمدة ثمان سنوات من أول يونيه سنة 1936: 31 من مايو سنة 1944 بإيجار شهري مقداره ثمانية جنيهات عن السنوات الخمس الأولى وخمسة عشرة جنيهاً عن ثلاث السنوات التالية وأنهم استصدروا حكماً بالإخلاء في الدعوى رقم 589 سنة 1947 المنيا ضد نيقولا جاللى إلا أن الطاعن استشكل في تنفيذه بحجة أنه مستأجر بموجب عقد إيجار محرر في ديسمبر سنة 1946 صادر له من ليفي الذي استأجر بدوره من نيقولا جاللى، وقضى بقبول الإشكال ووقف تنفيذ الحكم - وأسسوا دعواهم على أن عقد الإيجار المحرر بينهم وبين المستأجر الأصلي منه يحرم التأجير من الباطن لمدة تزيد على مدة العقد الأصلي - وفي 23 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على الدائرة الخامسة لجلسة 23 من يناير سنة 1949 لاختصاصها بنظرها وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 121 سنة 1947 استثنى من نطاق تطبيقه الأرض الفضاء بمقتضى المادة الأولى منه، كما نص في المادة الخامسة عشرة منه على أن تظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة. وأنه لا يغير من هذا النظر أن الأرض الفضاء المؤجرة قد اتفق على إقامة مبان عليها إذ أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العقد فإنه ينصب على أرض فضاء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء باختصاص دائرة الإيجارات بنظرها وإحالتها عليها للفصل فيها من جديد مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف فدفع المستأنف عليهم بعدم جواز الاستئناف لأسباب ذكروها. وفي 8 من مايو سنة 1949 قضت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافته عليها من أسباب. فقرر الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم دفعوا بعدم قبول الطعن لسببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه يصح حمله على غير الأسباب التي ينصب عليها الطعن إذ ورد به "إن قانون إيجارات الأماكن الذي تبني الشركة "الطاعنة" دفاعها على أساسه يشترط لجواز الإفادة من أحكامه أن يكون التأجير من الباطن حاصلاً بتصريح كتابي من المؤجر وقت التأجير متى كان عقد الإيجار سابقاً على 30 من ديسمبر سنة 1943 ولا يغني عن التصريح الخاص ما يتضمنه عقد الإيجار الأصلي من تصريح عام ولا ريب أن المرجع في تحديد العلاقة بين المالك أو المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه عن الإجارة هو القانون المعمول به حالياً لأنه وحده هو الذي ينظم العلاقة بين المستأجرين والمؤجرين" وأنه لما كانت هذه الأسباب كافية لحمل الحكم ولم يطعن عليها الطاعن كان الطعن عليه، غير مقبول، ويتحصل السبب الآخر في أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه في 8 من مايو سنة 1949 أحيلت الدعوى لجلسة 29 من مايو سنة 1949 على إحدى الدوائر الأخرى تنفيذاً للحكم المطعون فيه، وحضر الطرفان أمامها وأجلت القضية مراراً ثم حجزت للحكم وقدمت المذكرات ثم فتح باب المرافعة فيها وأحيلت أخيراً على محكمة عابدين الجزئية للفصل فيها. وحجزت أمامها للحكم ولم يفكر الطاعن في الطعن في الحكم إلا في 19 من ديسمبر سنة 1949 مما يفيد أنه قد رضي به رضاء يمتنع معه عليه الطعن فيه بالنقض.
ومن حيث إن هذا الدفع بسببيه مردود أولاً: بأن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل تكون سبباً لرفضه موضوعاً. وثانياً بأنه يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقبول أو حمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم من المرافعة أمام محكمة الإحالة متى كان الحكم واجب النفاذ قانوناً كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم إذ فصل في النزاع على خلاف الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في القضية رقم 2765 سنة 65 ق. أخطأ في القانون ذلك أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى المشار إليها وطلبوا فيها الحكم بالإخلاء لانتهاء مدة التأجير ولأن العين المؤجرة أرض فضاء لا يستفيد مستأجرها بالحماية التي فرضها الأمر العسكري رقم 315 المعدل بالأمر رقم 598، فأصدرت المحكمة المذكورة حكمها في هذا النزاع في 18 من إبريل سنة 1946 قاضياً بصفة انتهائية برفض طلب الإخلاء على أساس على أن المطعون عليهم يمتلكون بحكم القانون وبحكم نص العقد المباني التي أقيمت على الأرض اعتباراً من 31 مايو سنة 1944 وأن الإيجار المتفق عليه يشمل إيجار هذه المباني وأن طلب الإخلاء والحالة هذه مما يتعارض مع نصوص الأمر العسكري المشار إليه، كما قضت بصفة انتهائية في 12 من يونيو سنة 1947 برفض طلب المطعون عليهم زيادة الأجرة المتفق عليها إلى ثمانين جنيهاً على أساس أن الأمر العسكري رقم 598 قد حدد تحديداً قاطعاً الأجرة القانونية التي يجب على المستأجر دفعها كما حدد الزيادة التي أباحها فلا يجوز للمطعون عليهم طلب زيادتها في غير الحدود التي أجازها الأمر العسكري السابق الإشارة إليه، وأنه لما كان الحكمان قد صدرا بين نفس الخصوم وحازا قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى تحديد موضوع عقد الإيجار بحيث لا يجوز أن يعتبر العقد بعد ذلك منصباً على قطعة أرض فضاء تحدد حقوق طرفيه وفقاً للقانون العام بل أصبح عقد إيجار مبان تتحدد حقوق طرفيه وفقاً لقواعد القانون الخاص بتحديد العلاقات بين المؤجر والمستأجر، ومن ثم كان من المتعين على المحكمة أن تلتزم في قضائها هذين الحكمين وأنها إذ قررت أن موضوع الدعوى يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 الخاص بتحديد العلاقة بين المؤجرين - والمستأجرين أهدرت حجية الحكمين الصادرين من محكمة مصر المختلطة وبالتالي خالفت نص المادة 405 من القانون المدني.
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن وجود المباني على الأرض لا يغير من طبيعة العقد ولا يجعل من مستأجرها مستحقاً لحماية الشارع بما تخوله القوانين الاستثنائية لمستأجري المساكن لما في طبيعتها من قيود. قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه من المسلم أنه إذا رخص للمستأجر في إقامة مبان على قطعة الأرض المؤجرة على أن تؤول ملكيتها عند انتهاء مدة الإجارة إلى المؤجر فإن ملكية المؤجر لهذه المباني تعتبر أنها مستقرة له ابتداء من تاريخ إقامتها وتغير في طبيعة موضوع العقد من أرض فضاء إلى أرض مقام عليها مبان ويؤكد هذا النظر اعتراف المطعون عليهم بأن عقد الإيجار قد شمل الأرض كما شمل المباني المقامة عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص دائرة الإيجارات وهى الدائرة المخصصة للفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947. أقام قضاءه على دعامتين الأولى - أن القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لا تسري أحكامه عملاً بالمادة الأولى منه على الأراضي الفضاء، وأن موضوع العقد هو أرض فضاء - والأخرى - أن الطاعن بصفته وهو مستأجر من الباطن قد أستأجر المكان المؤجر بغير إذن كتابي صريح من المالك في تاريخ التأجير وأن التصريح العام في العقد الأصلي بالتأجير من الباطن لا يعمل به لأنه سابق على 22 من ديسمبر سنة 1943.
ومن حيث إنه لما كان الحكم يقوم على الدعامة الثانية وحدها التي لم يمنع عليها الطاعن يكون النعي في سببي الطعن على الدعامة الأولى وحدها غير منتج. والحكم فيما قرره بالنسبة إلى الدعامة الثانية لا يتعارض مع قضاء المحكمة المختلطة الصادر في 18 من إبريل سنة 1946 قبل العمل بالقانون رقم 121 سنة 1947 إذا لم يكن مطروحاً عليها موضوع عقد التنازل الصادر للطاعن الذي لم يكن خصماً في تلك الدعوى، ومن ثم يتعين رفض الطعن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق