الصفحات

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

الطعنان 195، 323 لسنة 21 ق جلسة 17 / 2 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 91 ص 686

جلسة 17 من فبراير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

----------
(91)
القضيتان رقما 195 و323 سنة 21 القضائية

)أ) نقض. طعن.

اقتصار الطاعن في تقرير طعنه على طلب نقض الحكم وتطبيق القانون. كفايته. طلب الفصل في الموضوع أو إحالة القضية إلى دائرة أخرى. تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
)ب) شرط. شرط تهديدي. عقد. مسئولية. تعويض.

استخلاص المحكمة أن الشرط الوارد في العقد هو شرط تهديدي. من حقها عدم إعمال هذا الشرط وتقدير التعويض وفقا للقواعد العامة.
)ج) شرط. شرط جزائي. تعويض. مسئولية. عقد. وفاء.

الواقعة محكومة بالقانون المدني القديم. ثبوت أن المدين نفذ بعض الأعمال التي التزام بها ولم ينفذ البعض الآخر. التقصير جزئي. حق المحكمة في تخفيض التعويض الاتفاقي. المادة 123 مدنى قديم.

--------------

1 - متى كان الطاعن قد طلب في تقرير طعنه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع نقض الحكم وتطبيق القانون، فان مفاد ذلك أنه طلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الواردة بتقرير الطعن، وهو الطلب الأساسي الذى يتقدم به الطاعن لدى محكمة النقض، وهو في ذاته كاف للإفصاح عن قصده، وأما ما يصحب ذلك من طلب الفصل في موضوع الدعوى أو إعادة القضية إلى دائرة أخرى لتفصل فيها من جديد، فان المحكمة تنظر فيه من تلقاء نفسها وتنزل في شأنه حكم القانون غير مقيدة بطلبات طرفي الخصومة في هذا الخصوص.
2 - متى كانت المحكمة قد اعتبرت في حدود سلطتها الموضوعية وبالأدلة السائغة التي أوردتها أن الشرط الوارد في العقد هو شرط تهديدي، فان مقتضى ذلك أن يكون لها أن لا تعمل هذا الشرط وأن تقدر التعويض طبقا للقواعد العامة.
3 - إذا كانت واقعة الدعوى محكومة بالقانون المدني القديم، وكان المدين قد نفذ بعض الأعمال التي التزم بها وتخلف عن تنفيذ بعضها الآخر، فيعتبر تقصيره في هذه الحالة تقصيرا جزئيا يجيز للمحكمة أن تخفض التعويض المتفق عليه إلى الحد الذى يتناسب مع مقدار الضرر الحقيقي الذى لحق الدائن. ولا محل للتحدي بظاهر نص المادة 123 من القانون المدني القديم، ذلك أن مجال إنزال حكم هذا النص أن يكون عدم الوفاء كليا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنتين والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 751 سنة 1949 القاهرة الابتدائية على المطعون عليهم وآخرين وقالتا بيانا لها إن المطعون عليه الأول اتفق معهما في 10 من يوليه سنة 1946 على تنفيذ أعمال مقاولة بمنزلهما الواقع في شارع همدان رقم 4 بالجيزة وفقا لما هو وارد في عقد الاتفاق وشروط العمل، ومن هذه الشروط أن جميع الأعمال الخاصة بالنجارة تكون من الخشب الموسكي البتن الجديد، وتعهد المطعون عليه الأول بالتسليم في 25 من سبتمبر سنة 1946 بحيث إذا تأخر عن ذلك يكون ملزما بتعويض مقداره 10 جنيهات عن كل يوم ويكون مسئولا عن كل الأضرار التي تترتب عن جراء التأخير عن الميعاد المحدد واشترط أن يكون للطاعنتين الحق في حالة التأخير - في الحجز على العدد والأدوات والمواد التي تكون موجودة بالعمارة أو ما يكون مملوكا للمقاول في أعمال أخرى سواء أكانت للحكومة أو لغيرها. فلما خالف المطعون عليه معظم التعهدات أقامتا عليه دعوى إثبات الحالة رقم 277 سنة 1947 مستعجل القاهرة، وقد ندبت المحكمة فيها خبيرا للانتقال إلى العين محل النزاع وإثبات جميع الأعمال التي قام بها المقاول وبيان ما إذا كانت قد تمت طبقا للعقود المبرمة بين الطرفين وللشروط والأوضاع المتفق عليها، وما تم زائدا أو ناقصا أو مخالفا لها، وتحديد قيمة كل ذلك، فباشر الخبير مأموريته وأثبت في تقريره جملة مخالفات ترتب عليها تأخير المطعون عليه الأول في التسليم في الميعاد المحدد، وطلبتا الحكم لهما بمبلغ 5414.092 جنيها على سبيل التعويض، وهو عبارة عن إيجار المدة من 25 من سبتمبر سنة 1946 إلى أول فبراير سنة 1948 وهو اليوم الذى تسلمت فيه الحكومة المنزل، وذلك بواقع 75 جنيها شهريا، وعن مبلغ 484.096 جنيها وما يستجد وهو ما تكبدتاه بسبب عقد مقاولة جديد، وعن مبلغ 4930 جنيها التعويض المنصوص عليه في عقد الاتفاق بواقع 10 جنيه يوميا، وعن 100 جنيه دفعت إلى محمد سليمان وبول لازاريوس المهندسين لمراقبة العمل - وفى 11 من مارس سنة 1948 أثناء سير الدعوى قدمت الطاعنتان طلبا إلى رئيس المحكمة لتقدير دينهما والإذن لهما بتوقيع الحجز التحفظي تحت يد المعلن إليهم من الثاني إلى الخامس (الطاعنتان وبنك مصر ورفاعي أبو العلا والبنك الأهلي) على ما يكون للمطعون عليه الأول، فصدر الأمر بتوقيع الحجز وفاء لمبلغ 5414.092 جنيها نظير المصاريف الاحتمالية، تظلم المطعون عليه من هذا الأمر، وأقام الدعوى رقم 885 سنة 1948 القاهرة الابتدائية، وفى 29 من مارس سنة 1948 قضت المحكمة بإلغائه. وفى 21 من أبريل سنة 1948 استصدرت الطاعنتان أمرا آخر مسببا بتوقيع الحجز تحت يد المدعى عليهم مع تقدير دينهما بمبلغ 1700 جنيه، فرفع المطعون عليه الأول الدعوى رقم 1575 سنة 1948 متظلما من هذا الأمر وفى 23 من يونيه سنة 1948 قضت المحكمة برفض تظلمه. وبصحيفة معلنة في 25 من مارس سنة 1948 أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 1435 سنة 1948 القاهرة الابتدائية على الطاعنتين وقال بيانا لها إنه قام بكل ما هو مطلوب منه طبقا للشروط المحررة بين الطرفين، وكان الباقى منها بعض أعمال بسيطة إلا أن الطاعنتين نازعتاه مستعينتين في ذلك باستعمال الحق المخول لهما في الشروط الخاصة بوقف بعض الأعمال، وفى طلب أعمال إضافية وأقامتا عليه دعوى إثبات الحالة رقم 277 سنة 1947 مستعجل القاهرة، وعند نظر الاستئناف رقم 192 سنة 1947 ندبت المحكمة الخبير عبد الحليم حلمي، فلما قدم تقريره، اعترض على هذا التقرير وطلب ندب خبير آخر في الدعوى وطلب الحكم له بمبلغ 6033.448 جنيها وهو عبارة عن قيمة الأعمال التى قام بها ومقدارها 2514.948 جنيها وقيمة مواد البناء التي استولت عليها الطاعنتان بصفتهما حارستين ومقدارها 424.210 جنيها وريع المهمات والأدوات والأخشاب من أول يناير سنة 1947 حتى آخر مارس سنة 1948 بخلاف ما يستجد بواقع 30 جنيها شهريا حتى التسليم، 1000 جنيه تعويضا نظير فسخهما عقد المقاولة و1644.400 جنيها ثمن الأدوات والمهمات والأخشاب فقررت المحكمة ضم الدعوى رقم 1435 سنة 1948 إلى الدعوى رقم 571 سنة 1948 وفى 17 من مارس سنة 1949 قضت المحكمة في الدعوى رقم 751 سنة 1948 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع للطاعنتين مبلغ 835 جنيها وتثبيت الحجز المتوقع تحت يد باقي المدعى عليهم بالنسبة إلى هذا المبلغ، وفى الدعوى رقم 1435 سنة 1948 بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 361.012 جنيها فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 565 سنة 66 ق القاهرة كما استأنفته الطاعنتان وقيد استئنافهما برقمي 652 سنة 66 و236 سنة 67 ق القاهرة، وفى 11 من ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة في موضوع الاستئنافات الثلاثة بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة إلى الدعوى رقم 751 سنة 1948 وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعنتين مبلغ 475.750 جنيها والمصروفات المناسبة عن الدرجتين و800 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما وتثبيت الحجز التحفظي تحت يد باقي الخصوم وفاءا لهذا المبلغ، وبالنسبة إلى الدعوى رقم 1435 سنة 1948 وبإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليه مبلغ 60.562 جنيها وأن تسلماه أدواته ومهماته المبينة بتقرير الخبير عبد الحليم حلمي، وإلا فتلزمان بدفع قيمتها ومقدارها 300.450 جنيه مع إلزامهما بالمصروفات المناسبة لذلك عن الدرجتين و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فقررت الطاعنتان الطعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 195 و323 سنة 21 ق.
ومن حيث إن المحكمة قررت بجلسة المرافعة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول.
ومن حيث إن المطعون عليه الأول دفع في الطعن رقم 195 سنة 21 ق أولا - بعدم قبوله لأن التعاقد الذى أسس عليه طرفا الخصومة دعواهما إنما انعقد بين المطعون عليه والطاعنتين بصفتهما الشخصية وبصفتهما حارستين على المنزل موضوع النزاع وناظرتي وقف على جزء منه. والحكم المطعون فيه أورد في خصوص الاستئناف رقم 565 سنة 66 ق أنه رفع من المطعون عليه الأول على الطاعنتين بصفتهما المذكورة إلا أن الطاعنتين رفعتا هذا الطعن بصفتهما الشخصية فقط. وثانيا - ببطلان الطعن لعدم اشتمال التقرير على بيان طلبات الطاعنتين، ذلك لأن المادة 429 من قانون المرافعات توجب اشتمال التقرير على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بنى عليها الطعن وطلبات الطاعن. وقد اقتصرت الطاعنتان في طلباتهما الختامية على طلب نقض الحكم وتطبيق القانون، دون أن تفصحا عن قصدهما من ذلك. وقد أتت وجوه الطعن مطلقة غير محددة مما يتعذر معه التكهن بما تقصده الطاعنتان حتى تستطيع المحكمة أن تقول كلمتها فيها.
ومن حيث إن هذين الدفعين مردودان: أولا - بأنه يبين من الحكم الابتدائي الصادر في 17 من مارس سنة 1949 أن الدعوى رقم 751 سنة 1948 رفعت من الآنستين جليلة هانم وكلفراح هانم إمام على المطعون عليهم وآخرين ثم أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 1435 سنة 1948 على الطاعنتين وطلب فيها الحكم بإلزامهما بمبلغ 6033.558 جنيها من ذلك 424.210 جنيها قيمة المون التي استولتا عليها بصفتهما حارستين واستعملتاها في شؤونهما كما تصرفتا في البعض الآخر. فقضت المحكمة في الدعوى الأولى بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع لهما مبلغ 825 جنيها، وفى الدعوى الثانية قضت للمطعون عليه الأول بإلزام الطاعنتين بمبلغ 361.012 جنيها فرفع المطعون عليه الأول استئنافه على الطاعنتين بصفتهما الشخصية وبصفتهما حارستين قضائيين وناظرتي وقف على المنزل رقم 4 شارع همدان بالجيزة، أما الطاعنتان فقد استأنفتا هذا الحكم بنفس الصفة التي رفعتا بها دعواهما والحكم المطعون عليه إذ صدر في موضوع الاستئناف بتعديل المبلغ المحكوم به لم يغير من صفات الخصوم التي صدر بها الحكم الابتدائي. والطاعنتان إذ قررتا الطعن بطريق النقض بصفتهما الشخصية مجردة من أي صفة أخرى، فإنما كان ذلك وفقا لما جاء بمنطوق الحكمين الابتدائي والاستئنافي، وبالصفة التي اتصفا بها في جميع مراحل النزاع ولم يعترض عليها المطعون عليه الأول في أية مرحلة منها. ومردودان. ثانيا - بأنه يبين من تقرير الطعن أن الطاعنتين طلبتا قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم وتطبيق القانون. ومفاد ذلك أنهما طلبتا نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الواردة بتقرير الطعن، وهو الطلب الأساسي الذى يتقدم به الطاعن لدى محكمة النقض وهو في ذاته كاف للإفصاح عن قصدهما، وأما ما يصحب ذلك من طلب الفصل في موضوع الدعوى أو إعادة القضية إلى دائرة أخرى لتفصل فيها من جديد فإن المحكمة تنظر فيه من تلقاء نفسها وتنزل في شأنه حكم القانون، غير مقيدة بطلبات طرفي الخصومة في هذا الخصوص. وأما النعي على أسباب الطعن أنها جاءت مبهمة غير محددة، فإن محل ذلك عند الرد على السبب الرابع، وأما باقي أسباب هذا الطعن فإنها واضحة البيان محددة الغرض الذى تهدف إليه الطاعنتان من تعييب الحكم في خصوصها.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 195 سنة 21 و323 سنة 31 ق استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه في الطعن الأول في أربعة أسباب، وفى الطعن الثاني في ثلاثة أسباب.
ومن حيث إن السبب الأول من الطعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بالتعويض للطاعنتين كما نصت عليه الاتفاقات المحررة بينهما وبين المطعون عليه أخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن المادة (215) من القانون المدني نصت على أنه إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه... ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه، ونصت المادتان (223 و225) من القانون المدني الجديد، على أنه يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض الاتفاقي، فلا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إلا إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما - وعلى الرغم من صراحة هذه النصوص فان محكمة ثاني درجة أخطأت في تطبيقها وتأويلها، وقدرت التعويض بمبلغ 475 ج و57 م تقديرا اجتهاديا، مع أن المتعاقدين اتفقا على تقدير التعويض في حالة التأخير في التسليم بمبلغ عشرة جنيهات يوميا. وقد أثبت الخبير حصول الغش من جانب المطعون عليه. كما ثبت ذلك من قضية الجنحة ومن مذكرته المقدمة منه للخبير في 22 من أبريل سنة 1947.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قدر التعويض عن الضرر الذي لحق الطاعنتين بسبب تأخر المطعون عليه في إتمام العملية، وفى التسليم بمبلغ 431 ج و250 م استند في ذلك إلى أن هذا المبلغ يساوى نصف الإيجار المتفق عليه بينهما وبين وزارة المعارف في أحد عشر شهرا ونصف، ثم أضاف إليه مبلغ 44 ج و500 م قيمة ما أتلفه المقاول وعماله بالمنزل كما أثبته الخبير في تقريره. وقرر الحكم أن في هذا التقدير كل الكفاية عما أصاب الطاعنتين من ضرر وما فاتهما من كسب بسبب تقصير المطعون عليه ومخالفته لشروط العقد، وهو يعتبر تقديرا مناسبا إذا ما قورن بقيمة المقاولة وبقيمة الأعمال التي أتمها وقدرها الخبير بمبلغ 828 ج و62 م تسلم منها 800 ج كما هو مسلم به من الطرفين. ثم قرر الحكم أن ما تطالب به الطاعنتان على سبيل التعويض ممثلا في الغرامة المتفق عليها ومقدارها 10 ج عن كل يوم من أيام التأخير، هو طلب غير متناسب مع مقدار الضرر الحقيقي فضلا عن أن الغرامة كشرط جزائي تخضع لتقدير المحكمة ما دام التقصير المنسوب إلى المتعهد تقصيرا جزئيا. وهذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه. ذلك أنه متى كانت المحكمة قد استظهرت من الأدلة التي أوردتها والسابق بيانها أن تقدير التعويض في عقد الاتفاق بمبلغ عشرة جنيهات يوميا في حالة تأخير المطعون عليه التسليم في الميعاد المحدد هو شرط جزائي مبالغ فيه، ولا يتفق مع الضرر الذى لحق الطاعنتين، ولأن التقصير الحاصل من المطعون عليه الأول هو تقصير جزئي إذ أنه أتم بعض الأعمال التي قدرها الخبير بمبلغ 828 ج و62 م ولم يكن قد تسلم من قيمتها إلا مبلغ 800 ج، ثم قدرت التعويض على أساس نصف الإيجار المتفق عليه بين الطاعنتين وبين وزارة المعارف، لأنهما كانتا تنتفعان بالدور الأول في المنزل في المدة المحكوم بالتعويض عنها. وهو تقدير موضوعي ومقام على أسس صحيحة تبرر القضاء به. وأما تمسك الطاعنتين بأن المحكمة خالفت القانون إذ لم تعمل الشرط المنصوص عليه في عقد الاتفاق، فمردود بأنه متى كان الواضح من وقائع الدعوى أن المطعون عليه الأول قد نفذ بعض الأعمال التي التزم بها، وتخلف عن تنفيذ بعضها الآخر، فيعتبر تقصيره في هذه الحالة تقصيرا جزئيا، يجيز للمحكمة أن تخفض التعويض إلى الحد الذي يتناسب مع مقدار الضرر الحقيقي الذي لحق الطاعنتين. ولا محل للتحدي بظاهر نص المادة 123 من القانون المدني القديم الذى يحكم واقعة الدعوى، ذلك أن مجال إنزال حكم هذا النص أن يكون عدم الوفاء كليا، أما إذا كان عدم الوفاء جزئيا - كما هو الشأن في الدعوى، فلا مجال للتذرع بحكم هذه المادة. على أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت في حدود سلطتها الموضوعية وبالأدلة السائغة التي أوردتها أن الشرط الوارد بالعقد هو شرط تهديدي ومن مقتضى ذلك أن يكون لها أن لا تعمل هذا الشرط، وأن تقدر التعويض طبقا للقواعد العامة.
ومن حيث إن السبب الثاني من الطعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان إذ خالف الثابت في الأوراق وأخذ بدفاع المطعون عليه الأول وهو طلب تخفيض التعويض إلى نصف الإيجار المتفق عليه بين الطاعنتين ووزارة المعارف بمقولة إنهما وأخاهما عباس كانوا ينتفعون بالدور الأول، في حين أن الطاعنتين قدمتا وثيقة رسمية وهى مستخرج رسمي يثبت أن الشقة الغربية من الدور الأرضي كانت خالية من السكن من 21/ 6/ 1944 لغاية 28/ 2/ 1945 ومن 1/ 11/ 1945 لغاية ديسمبر سنة 1946، وهذه المدة تدخل ضمن المدة التي قالت المحكمة إنها كانت مشغولة بالسكن. يضاف إلى ذلك أن المحكمة خالفت حكم المادة 391 من القانون المدني الجديد التي تنص على أن الورقة الرسمية حجة على الكافة بما دون فيها. ويتحصل السبب الأول من الطعن الثاني في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان من ثلاثة وجوه: الأول - أن المحكمة إذ قررت أن الطاعنتين اعترفتا ولو ضمنا بشغل أخيهما عباس إحدى الشقتين أخطأت في الإسناد ذلك أنهما لم تقرا شيئا من ذلك ولو ضمنا، بل قدمتا الدليل الرسمي على أن الشقة التي كان يسكنها أخوهما عباس كانت خالية ومرفوعا عنها العوائد في تلك المدة، وهذا خطأ يؤثر في النتيجة التي انتهى اليها الحكم - والوجه الثاني أنه إذا جاز التسليم بما أورده الحكم عن انتفاع الطاعنتين بالشقة التي كانت تقيمان فيها فإن هذا القول لا يعتبر دليلا على شغل الشقة الأخرى لأن وجودهما في شقتهما نهارا لا ينفى أن الشقة الأخرى كانت خالية. ومن ثم يكون الحكم قاصرا في إقامة الدليل على إفادة الطاعنتين من الدور الأول. والوجه الثالث - إن الطاعنتين قدمتا أدلة رسمية على أن إيجار الدور الأول ثمانية جنيهات ونصف شهريا. ولكن المحكمة بدلا من تخفيض هذه الأجرة وفقا للمادة 570 من القانون المدني الجديد لأن المالكتين كانتا تقومان بإجراء إصلاحات بالمنزل، فإنها رفعت الإيجار إلى مبلغ 27 جنيها ونصف جنيه بحجة أنهما وأخاهما ينتفعون بنصف المبنى ولا يجوز اعتبار الاتفاق الحاصل بين الطاعنتين ووزارة المعارف على إيجار المنزل جميعه بعد إخلائه تماما دليلا على أن الدور الأول كان يؤجر بواقع نصف الأجرة المتفق عليها.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن التعويض المستحق للطاعنتين هو 431 جنيها و250 مليما أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنهما قررتا في مذكرتهما المقدمة إلى المحكمة أنهما كانتا تقيمان بالمنزل نهارا للإشراف، وأن إحدى الشقتين كانت لأخيهما عباس بأربعة جنيهات، وخلصت إلى أن في هذا القول اعترافا ضمنيا بأنهما كانتا تنتفعان بالدور الأول، وأضافت بأن ذلك ثابت أيضا من الأوراق والإعلانات وصحف الدعاوى المنضمة رقم 2039 سنة 1947 و277 سنة 1947 مستعجل مصر، 2951 سنة 1947 الجيزة، إذ وجهت أوراق الإعلانات الخاصة بتلك الدعاوى منهما وإليهما باعتبار محل إقامتهما هو المنزل رقم 4 شارع همدان بالجيزة، وقد ثبت من محاضر أعمال الخبير وجودهما دائما بالمنزل أثناء انتقالاته للمعاينة وحضورهما شخصيا وتوقيعهما على المحاضر رغم وجود من يمثلهما، كما استند الحكم إلى أن الدور الأول كان تام البناء عند التعاقد وكانت المقاولة خاصة بتنفيذ الأعمال الناقصة بالدور الثاني، وهذا لا يحول دون انتفاعهما بالدور الأول، وأنه متى كان الثابت أن المنزل مكون من دورين وأن الطاعنتين كانتا تنتفعان بالدور الأول منه خلال المدة التي احتسب عنها التعويض، فإن العدالة تقضى بقصر التعويض على ما يساوى نصف مبلغ الإيجار المتفق عليه مع وزارة المعارف وهو 75 جنيها شهريا بصرف النظر عن الإيجار الذى تزعمه الطاعنتان وهذا الذى استند إليه الحكم المطعون فيه من أدلة وقرائن سليمة تكفى لدحض ادعاء الطاعنتين بخلو الدور الأول في المدة المحكوم عنها بالتعويض، ولا محل لتعييب الحكم إذ استخلص من مذكرة الطاعنتين اعترافهما الضمني بانتفاعهما بالدور الأول، فانه استخلاص سليم ويتأدى من أقوالهما الواردة بتلك المذكرة وأما تمسك الطاعنتين بالشهادة الصادرة من مصلحة الأموال المقررة في 2 من مارس سنة 1948 والتي ورد بها أن الشقة الغربية بالدور الأول كانت خالية من أول يونيه سنة 1944 إلى 28 من فبراير سنة 1945 ومن أول نوفمبر سنة 1945 إلى ديسمبر سنة 1946 وبالشهادة الثانية المحررة في 17 من مايو سنة 1951 والموصوفة بأنها بدل فاقد وهى عن خلو هذه الشقة من أول يوليه سنة 1947 إلى 31 من ديسمبر سنة 1947 لإثبات عدم انتفاعهما بالدور الأول في المدة المحكوم عنها بالتعويض فمردود بأنه فضلا عن أن المدة الواردة بالشهادة الأولى والتي تدخل ضمن المدة المحكوم عنها بالتعويض هي ثلاثة شهور فقط من أكتوبر سنة 1946 إلى ديسمبر سنة 1946، وأن الشهادة الثانية محررة بعد صدور الحكم المطعون فيه، وليس في الأوراق المقدمة من الطاعنتين ما يدل على أن الشهادة الأصلية كانت مقدمة إلى محكمة الموضوع. فضلا عن ذلك، فإن هاتين الشهادتين الصادرتين بناء على طلب من الطاعنة الأولى لا تدحضان الأدلة والقرائن التي استند إليها الحكم المطعون فيه في إثبات انتفاعهما بالدور الأول، والمستمدة من المذكرة المقدمة منهما لمحكمة الموضوع ومن التصرفات الصادرة منهما شخصيا واعتبار أن المنزل المذكور هو محل إقامتهما كما هو ثابت من إعلان أوراق الدعاوى المشار اليها. وأما ما تنعاه الطاعنتان على الحكم من أنه قدر إيجار الدور الأول بمبلغ 37.5 جنيها شهريا عن المدة التي قضى عنها بالتعويض، في حين أنهما قدمتا ما يدل على أن حقيقة الإيجار ثمانية جنيهات ونصف، فمردود بأن المحكمة لم تكن في صدد تحديد مقدار الإيجار في تلك المدة، وإنما كانت في صدد تقدير التعويض، وقد ثبت هذا التقدير على أساس الإيجار المتفق عليه بين الطاعنتين ووزارة المعارف، وهو تقدير موضوعي مقام على أسباب صحيحة.
ومن حيث إن السبب الثالث من الطعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض للطاعنتين بالمصروفات التي أنفقتاها بصفتهما حارستين وحاجزتين على الأدوات والمهمات تأسيسا على أنهما قبلتا الحراسة بغير أجر، وإنه لم يكن ثمة مبرر لنقلها إلى مكان آخر، قد خلط بين أجر الحراسة وبين المصروفات التي صرفت لصيانة الأشياء الموضوعة تحت الحراسة عن طريق الحجز. ويتحصل السبب الثاني عن الطعن رقم 323 سنة 21 في أن الطاعنتين طلبتا أمام محكمة الاستئناف الحكم لهما بمبلغ 189 جنيها و880 مليما قيمة ما أنفقتاه بصفتهما حارستين على أدوات وأخشاب ومون للمطعون عليه الأول لتخزينها وتأمينها ضد الحريق ونقل وغير ذلك، لأنه بعد أن انتهى المقاولون من إتمام العملية اضطرنا إلى نقل هذه الأشياء لمخازن الاستيداع العمومية لحفظها والتأمين عليها من الحريق لتتمكنتا من تسليم المبنى خاليا إلى وزارة العدل، وقد أوقعتا عليها بعد نقلها حجزا تحفظيا تحت يدهما وفاء لبعض مطلوباتهما إلا أن المحكمة لم تجب هذا الطلب تأسيسا على أن حراسة الطاعنتين كانت بغير أجر ونتيجة للحجز الموقع منهما، ولم يكن هناك ما يبرر نقلها لأى مكان آخر. وفى هذا القول خطأ في الإسناد وفى تطبيق القانون وفى التسبيب لأن أوامر الحجز صدرت للطاعنتين في 22 من ابريل سنة 1948 بعد إتمام المبنى ونقلها إلى مخازن الاستيداع الذي تم في 29 من أكتوبر سنة 1947، وليس صحيحا أن الحجز وقع على الأشياء الموجودة بالمنزل. ولا يؤثر على حقهما في طلب ما أنفقتاه في حفظ وصيانة الأشياء الموجودة تحت حراستهما قبولهما الحراسة دون أجر.
ومن حيث إن النعي على الحكم في هذين السببين مقبول، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أن الطاعنتين طلبتا أمام محكمة أول درجة إلزام المطعون عليه الأول ودائرة أسعد باسيلي "باشا" متضامنين بمبلغ 5414 جنيها و92 مليما وقد بينتا عناصر التعويض التي يتكون منها هذا المبلغ، على ما سلف بيانه في وقائع الدعوى، فلما صدر الحكم الابتدائي في الدعوى رقم 751 سنة 1948 بإلزام المطعون عليه الأول بمبلغ 825 ج، استأنفت الطاعنتان هذا الحكم وطلبتا الحكم لهما بمبلغ 5414.792 جنيها قيمة التعويض وفرق المقاولة، وبمبلغ 133 ج مع ما يستجد من ثمن التخزين والتأمين ضد الحريق. والحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الطلب الأخير استند إلى أن المحكمة لا ترى محلا لإلزام المطعون عليه الأول بأجر حراسة الأدوات أو تخزينها بمخزن خاص، لأن حراسة الطاعنتين عليها جاءت نتيجة للحجز المتوقع منهما وكانت بغير أجر، وفى نفس المنزل الذي تقوم فيه العمارة، فلم يكن هناك ما يبرر نقلها لأي مكان آخر. ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 192 سنة 1947 في 23 من ديسمبر سنة 1946 بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1946 في القضية رقم 277 سنة 1947 مستعجل مصر فيما قضى به من تعيين الطاعنتين حارستين بغير أجر على جميع الأدوات والمهمات والسقالات والمؤن على اختلاف أنواعها والموجودة بالمنزل، وكان الثابت أن أمر الحجز قد صدر في 21 من أبريل سنة 1948 بناء على طلب الطاعنتين أي بعد تعيينهما حارستين، لما كان ذلك يكون الحكم إذ أسس قضاءه برفض طلب الطاعنتين على أن الحراسة كانت نتيجة للحجز الموقع منهما، وكانت بغير أجر، أخطأ في الاسناد وخالف الثابت في الأوراق. ولا يغنى في هذا الصدد قول الحكم إنه لم يكن هناك ما يبرر نقل الأدوات الموقع عليها الحجز إلى مكان آخر دون أن يبحث ما إذا كانت الطاعنتان قد اضطرتا إلى نقل هذه الأدوات بسبب تسليمهما المنزل إلى وزارة العدل. على أنه لا يبين من الأوراق ما إذا كانت الطاعنتان قد سبق لهما طرح هذا الطلب أمام محكمة أول درجة أم أنه طلب جديد قدم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز قبوله وفقا لنص المادة 411 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن السبب الرابع من الطعن الأول يتحصل في أن محكمة ثاني درجة إذ حملت الطاعنتين رسوما غير ملزمتين بها في حين أن المطعون عليه هو الملزم بها أخطأت في تطبيق القانون.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول، ذلك أن الطاعنتين لم توردا في هذا الوجه من الطعن أي بيان يحدده ويكشف عن المقصود منه كشفا وافيا ينفى عنه الغموض بحيث يستظهر منه العيب الذى تعزوه الطاعنتان إلى الحكم وأثره في قضائه - ولا يغنى عن ذلك ما ورد في المذكرة الشارحة إذ هي لا تقوم مقام التقرير فيما أوجب القانون أن يشتمل عليه.
ومن حيث إن السبب الثالث من الطعن الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب ببطلان جوهري من وجهين، الأول أنه كان ضمن طلبات الطاعنتين الحكم لهما بمبلغ 484.096 جنيها قيمة فرق المقاولة وهو ما أنفقتاه زيادة عما كان يجب عليهما دفعه لو أن المقاولة تمت بمعرفة المطعون عليه الأول وبالأثمان المتفق عليها، وقد قدمت الطاعنتان إثباتا لحقهما في المطالبة بهذا المبلغ تقرير الخبير المرافق لقضية إثبات الحالة رقم 192 سنة 1947 مستعجل بالقاهرة، وقد ثبت منه أن الأعمال التي لم يتمها المطعون عليه الأول تقدر بمبلغ 831.356 جنيها، كما قدمتا شروط المقاولة بين الطاعنتين والمطعون عليه الأول وشروط المقاولة بينهما وبين المقاول السيد خليل وشريكه كوستي باميزاكى وإيصالا بمبلغ 508 جنيها تسلمه المقاولان المذكوران من قيمة أجرهما وشروط ومخالصة من الأسطى واصف مليكة الذى قام بإصلاح النجارة التي أجراها المطعون عليه الأول ووجدت غير مطابقة للشروط وقيمة ذلك 50 جنيها، كما قدمتا عطاءات المقاولين الذين تقدموا للقيام بالعملية بأسعار تزيد عما قدره خبير إثبات الحالة، وتقريرا من مهندسهما الذى أشرف على العملية بين فيه قيمة الفروق بين الأسعار المتفق عليها مع المطعون عليه الأول وبين الأسعار التي تمت بها العملية. ومحكمة أول درجة لم تنكر حق الطاعنتين في طلب فرق المقاولة، إلا أنها رفضت الحكم بها تأسيسا على أنهما لم تقدما من المقاولين الذين اتفقتا معهم على إجراء الناقص من الأعمال، ما يدل على مقدار هذه التكاليف لمعرفة ما إذا كانت قد تكلفت 831.356 جنيها كما ذكر الخبير أم إنها تكلفت أزيد من ذلك. فاستأنفت الطاعنتان الحكم الابتدائي وقدمتا كشفا ببيان الأعمال التي حصرها الخبير والتي لم يقم بها المطعون عليه الأول ويبين منه أنهما قامتا بالعملية نظير مبلغ 867 جنيها و372 مليما أي بزيادة 26 جنيها و66 مليما عما قدره الخبير، كما قدمتا المستندات المؤيدة له. إلا أن محكمة ثاني درجة لم تتعرض للمستندات التي قدمتها الطاعنتان، فإذا جاز لها أن تحيل إلى أسباب الحكم المستأنف في حالة اقتناعها بصحتها، إلا أنه لا يجوز لها ذلك إذ استبد الخصوم لديها على أوجه دفاع جديدة ومستندات جديدة تخرج في جوهرها عما قدم لدى محكمة أول درجة. ويتحصل الوجه الثاني في أن محكمة أول درجة المؤيد حكمها لأسبابه خالفت الثابت في الأوراق. ذلك أنها توهمت أن مبلغ 831 جنيها و256 مليما الواردة في تقرير الخبير هو عبارة عن تكاليف المقاولة بالأسعار الواردة بالاتفاق المحرر بين الطاعنتين والمطعون عليه الأول، في حين أن الثابت في تقرير الخبير أن هذا المبلغ عبارة عن التكاليف بأسعار السوق وقت المعاينة وثابت من هذا التقرير بيان الأعمال الناقصة من المقاولة وأثمانها بسعر السوق، ومن هذا التقرير يمكن للمحكمة إذا لم تر اعتماد المستندات المقدمة إليها أن تستخلص فرق المقاولة بحساب الكميات والأمتار والمكعبات مع الأسعار الواردة بشروط الاتفاق، ثم طرح الناتج من المبلغ السابق.
ومن حيث إن هذا السبب في محله ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص إذ قضى برفض طلب الطاعنتين الحكم لهما بمبلغ 484 جنيها و96 مليما وهو مقدار ما ادعتا أنهما أنفقتاه في عقد مقاولة جديدة زيادة عما كان متفقا عليه بينهما وبين المطعون عليه الأول، استند إلى أن الطاعنتين لم تقدما من المقاولين الذين اتفقتا معهم لإجراء الناقص من الأعمال ما يدل على مقدار التكاليف لمعرفة إن كانت قد تكلفت 831 جنيها و356 مليما كما قرر الخبير المنتدب طبقا للشروط المحررة بين الطرفين، أم أنها تكلفت أزيد كما تدعى الطاعنتان، وإنما قدمتا ورقة من مهندسيهما وخطابات من مقاولين لم يقوموا بالعملية وأن المحكمة لا تستطيع ندب خبير لبحث ذلك لمضى الزمن واختلاط المعالم، الأمر الذى سلمت به الطاعنتان في مذكرتهما التكميلية ولما كان الثابت أن الطاعنتين إذ استأنفتا الحكم الابتدائي قدمتا أمام محكمة ثاني درجة مستندات تقول إنها صادرة من المقاولين الذين أتموا العملية ووارد بها المبالغ التي تدعيان أنهما أنفقتاها في إتمام العملية التي كان ملتزما بها المطعون عليه الأول، مضافا إلى ذلك ما ورد بكشف المهندس القائم بالإشراف على العملية والمؤرخ في 10 من مارس سنة 1948 والمبين به الفرق الذى تكلفته الطاعنتان زيادة عن المتفق عليه مع المطعون عليه الأول - لما كان ذلك لزاما على المحكمة أن تقول كلمتها في هذه المستندات التي لم تكن مقدمة أمام محكمة أول درجة، لتقضى عن بينة في طلب الطاعنتين - أما وهى لم تفعل فيكون حكمها قد عاره قصور مبطل له مما معه نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن النعي على الحكم المطعون فيه في السبب الثالث من الطعن الأول والسببين الثاني والثالث من الطعن الثاني في محله مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص ورفضه فيما عدا ذلك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق