الصفحات

الاثنين، 3 أغسطس 2020

الطعن 5374 لسنة 55 ق جلسة 28 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 212 ص 1171

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم البنا ومسعد الساعي نائبي رئيس المحكمة والصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن.

---------------

(212)
الطعن رقم 5374 لسنة 55 القضائية

 (1)قانون "تفسيره". تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. جريمة "أركانها".
كون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس شرط لوقوع جريمة التبديد.
جريمة اختلاس المال المحجوز عليه المؤثمة بالمادة 342 عقوبات استثناء من هذا الأصل. عدم جواز القياس عليه. أساس ذلك أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص.
 (2)تبديد. إثبات "بوجه عام" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
العبرة في عقود الأمانة بحقيقة الواقع.
تمسك الطاعن بنفي مسئوليته عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديه وتقديمه مستندات تؤيد ذلك. دفاع جوهري التفات الحكم عن تحقيقه. إخلال بحق الدفاع.

----------------

1 - من المقرر أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس، فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذي يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن الشارع من ذلك إلا حالة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات وهو استثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص في القانون.
2 - إذا كانت العبرة في عقود الأمانة بحقيقة الواقع لا بعبارة الأوراق وألفاظها وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم على ما سلف ذكره - أن الطاعن تقدم بمستندات تمسك بدلالتها على نفي مسئوليته عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديه، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يبد رأياً في مدلولها وفي صحة دفاع الطاعن المستند إليها كما التفت - كذلك - عن طلب الطاعن ندب خبير لتصفية الحساب بينه وبين البنك المجني عليه وهو في خصوصية هذه الدعوى - دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم فيها مما من شأنه - لو صح - أن يتغير وجه الرأي في الدعوى ولما كان الحكم قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح عابدين ضد الطاعن بوصف أنه تسلم منه مستندات شحن بضائع "أسمنت" قيمتها 435000 دولار أمريكي أربعمائة وخمسة وثلاثين ألف دولار أمريكي وذلك للإفراج عنها جمركياً. وإيداع البضاعة في مخازن البنك إلا أنه لم يودعها واختلسها لنفسه. وطلب عقابه بالمادتين 336، 341 من قانون العقوبات. وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح عابدين قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف وإثبات تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن دعواه.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة التبديد قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن ولم يفطن إلى انتفاء هذا القصد في حقه إذ أن البضاعة المنسوب إليه تبديدها مملوكة له وأن علاقته بالبنك المجني عليه مدنية قوامها وجود حساب بينهما وقد أوفى الطاعن بالتزاماته وطلب إلى المحكمة ندب خبير لتحقيق دفاعه - في هذا الشأن - وتصفية هذا الحساب بيد أنها لم تجبه إلى طلبه والتفتت عن دفاعه، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أشار - في مدوناته - إلى أن الطاعن قدم حافظتين طوبتا على أوراق حساباته لدى البنك المجني عليه وعقد بيع أسمنت لصالحه مؤرخ 27/ 4/ 1980 كما قدم مذكرتين انتهى فيهما إلى طلب الحكم ببراءته واحتياطياً ندب خبير لتصفية الحساب بينه وبين البنك المجني عليه، مما مؤداه أن الطاعن تمسك بدلالة ما قدمه من مستندات على ملكيته للبضاعة المسند إليه تبديدها وبالتالي انتفاء القصد الجنائي لديه، وقد دانه الحكم المطعون فيه بجريمة التبديد دون أن يواجه دفاعه المار ذكره، وما ينطوي عليه هذا الدفاع من انتفاء القصد الجنائي لديه، كما لم يفصل في المنازعة التي أثارها بشأن ملكية البضاعة التي دانه الحكم بتبديدها لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس، فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذي يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن الشارع من ذلك إلا حالة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات وهو استثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص في القانون، وإذ كانت العبرة في عقود الأمانة بحقيقة الواقع لا بعبارة الأوراق وألفاظها وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم على ما سلف ذكره - أن الطاعن تقدم بمستندات تمسك بدلالتها على نفي مسئوليته عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديه، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يبد رأياً في مدلولها وفي صحة دفاع الطاعن المستند إليها كما التفت - كذلك - عن طلب الطاعن ندب خبير لتصفية الحساب بينه وبين البنك المجني عليه وهو في خصوصية هذه الدعوى - دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم فيها مما من شأنه - لو صح - أن يتغير وجه الرأي في الدعوى ولما كان الحكم قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق