الصفحات

الاثنين، 8 يونيو 2020

الطعن 1248 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 330 ص 1472


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سعد سامح، وإبراهيم الديواني، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.
-------------
(330)
الطعن رقم 1248 لسنة 42 القضائية

إثبات. "اعتراف". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. خطف. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لما له من تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار والاعتراف. أساس ذلك؟
الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة. عدم جواز التعويل على الاعتراف. لو كان صادقاً. متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره.
على المحكمة. إن رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف. أن تبحث الصلة بينه وبين الوعد أو الإغراء ونفي تأثيره على الاعتراف. مثال لتسبيب معيب.
الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي. سقوط أحدها أو استبعاده يتعذر معه التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل فيما انتهت إليه المحكمة.

---------------
من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. ولما كان الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار والاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، كما أنه لما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين ما وقع له من وعد أو إغراء ونفي أثر ذلك على الاعتراف الصادر منه في استدلال سائغ. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال رئيس قسم التحريات بالقوات الجوية - الشاهد الرابع - على أنه قدم للطاعن وهو مساعد بالقوات الجوية الورق الذي سطر عليه اعترافه، من بعد أن أفهمه بمساعدته في توضيح موقفه لدى رؤسائه كي لا يتهموه بأنه مجرم يحترف اختطاف الأطفال وكان ذلك الحكم لم يبين مدي تأثير وعد رئيس قسم التحريات بالقوات الجوية على الطاعن وهو مساعد بها - ولم يبحث الصلة بين ذلك الوعد وبين اعتراف الطاعن, فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يتسع له ذلك الوجه من الطعن. ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط احدهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يومي 23 مارس و6 أبريل سنة 1970 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة وشبين القناطر محافظة القليوبية (أولاً) خطف بالتحايل...... التي لم تبلغ من العمر ثلاث سنوات بأن أوهم مربيتها....... التي كانت ترافقها بأنه سوف يصحب المجني عليها إلى منزل جدها لصلته به فانخدعت المربية بحيلته وسلمته المجني عليها فأخفاها لدي آخرين مجهولين في جهة غير معلومة لوالديها. (ثانياً) حصل بالتهديد من...... على المبلغ المبين بالتحقيقات بأن خطف ابنته الطفلة المجني عليها سالفة الذكر ولم يعدها إليه إلا بعد حصوله على هذا المبلغ. (ثالثاً) سرق الملابس والحلي موضحة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة للطفلة المجني عليها سالفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 288/ 1 - 2 و318 و326/ 1 من قانون العقوبات، فقرر ذلك في 11 يونيه سنة 1970. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 12 مارس سنة 1972 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/2 من قانون العقبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عن التهم المسندة إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم خطف بالتحيل وحصول بالتهديد على مبلغ من النقود وسرقه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لصدوره تحت تأثير إكراه إلا أن الحكم المطعون فيه استند في رده على هذا الدفع إلى صدق الاعتراف وهو رد غير سائغ، كما ذهب إلى أن الدفع ليس له سند من الواقع مع أن أوراق الدعوى ذاخرة بالأدلة التي تؤيد وقوعه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المسند إليه لأنه وليد تعذيب وتهديد، ويبين من الحكم المطعون فيه أن من بين ما عولت عليه المحكمة في إدانة الطاعن اعترافه في تحقيقات النيابة العامة والدلائل المؤيدة له، وقد رد الحكم على الدفع بقوله "ومن حيث الإثبات إن الدفاع عن المتهم (الطاعن) حاول نفي الاتهام عنه بقوله إن أحداً من شهود الإثبات لم ير المتهم عند ارتكاب الجريمة، وأنه قد أنكر عند استجوابه أكثر من مرة ثم عاد واعترف، وأن هذا الاعتراف لم يصدر منه إلا بالإكراه ونتيجة للتعذيب الذي لحق به، ودفع ببطلان هذا الاعتراف وصمم على طلب الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه. ومن حيث إن الدفع ببطلان الإقرار الصادر من المتهم في التحقيقات لا سند له من واقع أو قانون ذلك بأن الثابت بالدعوى أن هذا الإقرار جاء صريحاً ومفصلاً وخالياً من أي ضغط أو إكراه من ناحية وقد تأيد بعدة دلائل من جهة أخرى، الأمر الذي يدل دلالة لا مرية فيها على أن هذا الاعتراف صحيح لا مطعن عليه وأنه يصح في القانون أن يني عليه الحكم فضلاً عما في الدعوى من أدلة الثبوت الأخرى وآية ذلك.... (ثالثاً) أن النقيب....... رئيس قسم التحريات بالقوات الجوية هو شاهد الإثبات الرابع - قد قرر في محضر تحقيق النيابة أن المتهم هو الذي طلب مقابلته عدة مرات حتى تمت المقابلة وفيها أبدي له المتهم أنه يريد تسجيل اعترافه بارتكاب حادث اختطاف الطفلة...... فقدم له الورق الذي حرر عليه إقراره بعد أن افهمه أنه سيساعده في توضيح موقفه لدي رؤسائه حتى لا يتهموه بأنه مجرم محترف لاختطف الأطفال، وأنه إنما أقدم على جريمته حتى يضطر والدي الطفلة المجني عليه إلى إرجاع أخته من الكويت". لما كان ذلك. وكان الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره, وكان الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار والاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، كما أنه لما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين ما وقع له من وعد أو إغراء ونفي أثر ذلك على الاعتراف الصادر منه في استدلال سائغ وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال رئيس قسم التحريات بالقوات الجوية - الشاهد الرابع - على أنه قدم للطاعن وهو مساعد بالقوات الجوية الورق الذي سطر عليه اعترفه، من بعد أن أفهمه بمساعدته في توضيح موقفه لدى رؤسائه كي لا يتهموه بأنه مجرم يحترف اختطاف الأطفال وكان ذلك الحكم لم يبين مدي تأثير وعد رئيس قسم التحريات بالقوات الجوية على الطاعن وهو مساعد بها - ولم يبحث الصلة بين ذلك الوعد وبين اعتراف الطاعن, فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يتسع له ذلك الوجه من الطعن ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق