الصفحات

الخميس، 25 يونيو 2020

الطعن 1239 لسنة 35 ق جلسة 28/ 12/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 185 ص 974


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركى، وجمال المرصفاوى، وعبد المنعم حمزاوى، وبطرس زغلول.
------------
(185)
الطعن رقم 1239 لسنة 35 القضائية

(أ) تفتيش. محال عامة. مأمورو الضبط القضائي. تلبس.
لمأمور الضبط القضائي ولرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. طبيعة هذا الحق: إجراء إداري. ليس لهم تجاوزه إلى التعرض لحرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة. ما لم يدرك الضابط بحسه قبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو احرازها جريمة تبيح التفتيش. قيام التفتيش في هذه الحالة على حالة التلبس.
(ب) دفوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بالرد عليه صراحة. كفاية الرد الضمني.
(ج، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. قصد جنائي.
(ج) تحدث الحكم استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. كفاية الرد الضمني.
(د) الاتجار في الجوهر المخدر. واقعة مادية. استقلال محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها. طالما أنها تقيمها على ما ينتجها.

-----------
1 - الأصل هو أن لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال العامة أو المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. وأكدت المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة هذا الحق لمأموري الضبط القضائي. وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك الضابط بحسه قبل التعرض لها كنه ما فيها مما جعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش، فيكون هذا التفتيش في هذه الحالة قائما على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والاشراف على تنفيذ القوانين واللوائح. ولما كان تخلى الطاعن عن الجواهر المخدرة وإلقاؤها على الأرض دون اتخاذ أي إجراء من ضابط المباحث - الذى كان دخوله المقهى مشروعا على ما سلف بيانه - يعتبر أنه حصل طواعية واختيارا مما يرتب قيام حالة التلبس بالجريمة التي تبيح التفتيش والقبض.
2 - الدفع بشيوع التهمة من وجوه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالتصدي لها إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف دلالة على قيامه. ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي وجه تراه متى كان ما حصلته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
4 - الاتجار في الجوهر المخدر إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 4/ 4/ 1963 بدائرة مركز منيا القمح محافظة الشرقية: أحرز بقصد الإتجار جواهر مخدرة "أفيونا وحشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 سنة 196 بشأن مكافحة المخدرات والبندين 1 و12 من الجدول "أ" المرفق. فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 12/ 4/ 1964 عملا بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أو 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم (أ) المرافق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. وقد ردت على الدفع بأنه في غير محله. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الإتجار، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بان التفتيش والقبض اللذين حصلا في الدعوى قد قاما على إجراءات باطلة إذ كان دخول ضابط المباحث إلى مقهى الطاعن بقصد البحث عن مخدر، الأمر الذى رتب ادخال الخوف على نفوس رواد المقهى فظنوا أنه سيقوم بتفتيشهم وألقى أحدهم المخدر إلقاء اضطراريا فاكتشف الضابط أمره. إلا أن الحكم اعتبر التفتيش والقبض صحيحين مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على الدفع ببطلان التفتيش والقبض بما محصله أن المحل العام مفتوح للناس كافة يدخلونه بلا تفرقة بينهم وليست له الحصانة المقررة للمنازل وأن الضابط قرر بدخول المقهى للبحث في أمر تنفيذ القوانين واللوائح وفحص الرخص وما بالجوزة التي كان يدخن فيها بعض رواد المقهى فشاهد الطاعن يتخلى طواعية واختيارا عن جورب ألقاه على الأرض فالتقطه الضابط ووجد الجواهر المخدرة فأصبح أمام جريمة متلبس بها فقبض على الطاعن وهذا الذى انتهى إليه الحكم سديد في القانون، وذلك بأن الأصل هو أن لرجال السلطة العامة في دوائر اختصاصهم دخول المحال للعامة المفتوحة للجمهور لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح. وقد أكدت المادة 41 من القانون رقم 371 لسنة 1956 - في شأن المحال العامة - هذا الحق لمأموري الضبط القضائي. وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الأشخاص أو استكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك الضابط بحسه وقبل التعرض لها كنه ما فيها مما جعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش، فيكون هذا التفتيش في هذه الحالة قائما على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح. ولما كان تخلى الطاعن عن الجواهر المخدرة وإلقاؤها على الأرض دون اتخاذ أي إجراء من ضابط المباحث - الذى كان دخوله المقهى مشروعا على ما سلف بيانه - يعتبر أنه حصل طواعية واختيارا مما يشكل قيام حالة جريمة متلبس بها تبيح التفتيش والقبض. ومن ثم يكون النعي على الحكم بمخالفة القانون في غير محله.
وحيث إن مبنى الطعن في الوجوه الأربعة الأخرى هو أن الحكم المطعون فيه معيب بفساد الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك بأنه عول على أقوال الضابط فيما قرره من مشاهدته الطاعن يلقى بالجورب الذى وجدت به الجواهر المخدرة، وعزف عما دفع به الطاعن من شيوع التهمة لعدم التحقق من أن الجورب خاص به أو أنه هو الذى ألقاه على الأرض. كما أعرض عن شهادة شهود النفي الذين أشهدهم فشهدوا أنه فتش قبل العثور على المخدر فلم يعثر معه على شيء منه. كما دفع الطاعن بحصول تضارب بين وصف المخدر في إشارة الحادث وبين وصفه في محضر ضبط الواقعة، وبوجود خلاف في وزنه الثابت في الشهادة الصادرة من الصيدلية التي قامت بالوزن وما جاء عن وزنه في تقرير التحليل. ورد الحكم على هذا الدفاع بأنه من الجائز أن قطعتي الأفيون كانتا ملتصقتين عند الضبط وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعن. هذا إلى أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعن يعلم بأن المواد المضبوطة مخدرة. واعتبر الواقعة في حقه إحرازا لجواهر مخدرة بقصد الاتجار. مع أنه ليس في الأوراق من دليل على اتجار الطاعن فيها. ولا توجد تحريات سابقة عنه في خصوص ذلك مما يعيب الحكم ويقتضى نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال ضابط مباحث منيا القمح ورجلي الشرطة اللذين كانا يرافقانه عند دخوله مقهى الطاعن ومن نتيجة تحليل الجوهرين المخدرين المضبوطين وهي أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وكان وزن أقوال الشهود متروكا لتقدير محكمة الموضوع ولا يقبل مصادرتها في عقيدتها في هذا الخصوص، وكان الدفع بشيوع التهمة من وجوه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالتصدي لها إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان الحكم قد رد على الدفع بالتضارب في وصف المخدر في قوله: "وأما القول بأن هناك تضاربا في وصف المخدر فان المحكمة لا ترى تضاربا إلا بالنسبة للفافة الثانية التي قال الضابط إنه كان بها قطعة كبيرة من الأفيون وأن النيابة وصفتها بأنها قطعة كبيرة معها قطعة صغيرة فيحتمل كما قال الضابط أن القطعتين كانتا ملتصقتين بحيث ظنهما قطعة واحدة. وأما ما جاء بالإشارة عما ضبط فان الاشارات عادة تبلغ موجزة وغير مفصل فيها وصف كل ما ضبط" وهو الذي ذهب إليه الحكم سائغ ويستقيم به الرد على الدفاع سالف البيان. لما كان ذلك، وكان الطاعن على ما هو ثابت في محضر جلسة المحاكم لم يثر أي طعن حول الخلاف بين وزن المخدر الذى تم بمعرفة الصيدلية وبين الوزن الوارد في تقرير التحليل، فان النعي على الحكم بفساد الاستدلال يكون غير سديد. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من التفاته عن إقامة الدليل على علمه بكنه الجواهر المخدرة المضبوطة وقصوره في التدليل على توافر قصد الاتجار لديه فمردود بأنه من المقرر أنه لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف دلالة على قيامه. ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أى وجه تراه متى كان ما حصلته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - كما أن الأصل أن الاتجار في الجوهر المخدر إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها. وإذ ما كان الحكم قد استخلص ذلك القصد من ضخامة كمية الجواهر المخدرة وتنوعها ومن أقوال الشهود وهو تدليل سائغ يحمل قضاء الحكم، فان النعي عليه بالقصور يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق