الصفحات

الخميس، 25 يونيو 2020

الطعن 1169 لسنة 35 ق جلسة 15/ 11/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 163 ص 852


جلسة 15 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمود عباس العمراوي.
---------------
(163)
الطعن رقم 1169 لسنة 35 القضائية

(1) دفوع. تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". بطلان. محكمة الموضوع. مواد مخدرة.
الدفع ببطلان إجراءات التفتيش. دفع موضوعي يختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. الدفع به في محضر سماع أقوال المتهم وأمام مستشار الإحالة لا يكفي.
)ب) تفتيش. "إذن التفتيش". " إصداره". دفوع. محكمة الموضوع. 
عدم إرفاق أصل محضر التحريات وإذن التفتيش ملف الدعوى. لا يفيد حتماً عدم وجود المحضر أو سبق صدور الإذن.
عدم منازعة الطاعن أمام محكمة الموضوع في صدور الإذن. ليس له المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.

-------------
1 - إذا كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان إجراءات التفتيش لعدم صدور إذن به من الجهة المختصة أو لأن الضابط الذي أجراه قد تجاوز حدود الإذن الصادر بتفتيش الطاعن ومسكنه بحثاً عن أسلحة وذخيرة غير مرخص بها ففض ورقة صغيرة ليس في مظهرها ما ينبئ عن اشتمالها على شيء من ذلك أو عن قيام حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر ولم يكن تخلي الطاعن عنها طواعية واختياراً بل كان تلبية لأمر الضابط له لبسط قبضة يده، ولم يتخذ من هذه الأسس التي يتحدث عنها في وجه الطعن ولا من أي أساس آخر دونها سبيلاً لإبطال ما تم من إجراءات التفتيش فإنه لا يقبل منه إثارة الدفع ببطلانها لأول مرة أمام محكمة النقض باعتبار أن هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي تختلط بالواقع ويقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لمحكمة النقض به، ولا يغير من ذلك افتراض صحة ما يثيره الطاعن من أنه قد تمسك بهذا الدفع في محضر سماع أقواله وأمام مستشار الإحالة ما دام الثابت أنه لم يثره على أي وجه من الوجوه خلافاً لما يدعيه في طعنه أمام محكمة الموضوع.
2 - من المقرر أن عدم إرفاق أصل كل من محضر التحريات وإذن التفتيش بملف الدعوى لا يفيد حتماً عدم وجود المحضر أو سبق صدور الإذن. ولما كان الثابت من الرجوع إلى محضر المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في صدور الإذن أمام محكمة الموضوع ولم يطلب إليها ضم أصل محضر التحريات أو الأمر الصادر بالتفتيش ولم يتعرض البتة لصورتيهما المرفقتين بالأوراق أو يدعى عدم مطابقتهما للأصل المأخوذتين عنه - فإنه لا يسوغ له من بعد المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26/ 8/ 1963 بدائرة بندر ههيا محافظة الشرقية: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول المرفق. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً في 5 أبريل سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي قد بنى على إجراءات باطلة وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي تحصيل الواقعة وشابه قصور في التسبيب إذ أنه وقد خلت أوراق الدعوى من أصل إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة وأصل محضر التحريات الذي بنى عليه فإنه يبطل كل ما تم من إجراءات التفتيش لعدم صدور إذن به من الجهة المختصة ولا يغير من ذلك ما اشتملت عليه تلك الأوراق من صورة لكل من المحضر والإذن مذيلة بتوقيع غير مقروء دون بيان لصفة صاحبه ما دام أن الثابت من مراجعة تحقيقات النيابة أنه ورد بصدرها ما يفيد توقيع وكيل النيابة المحقق على أوراق أصلية وليست صوراً، هذا بالإضافة إلى أنه مع التسليم بصدور أمر من النيابة بالتفتيش لضبط أسلحة وذخيرة فإن مأمور الضبط القضائي يكون قد تجاوز حدود الإذن لا يستلزم تنفيذه فض ورقة صغيرة ليس في مظهرها ما ينبئ عن اشتمالها على سلاح أو ذخيرة ولا تبدو من ثناياها قطعة المخدر بما تنشأ به حالة التلبس التي تبرر اتخاذ مثل ذلك الإجراء الذي دفع الطاعن بمحضر سماع الأقوال المؤرخ 28 من سبتمبر سنة 1963 وأمام مستشار الإحالة وفي ثنايا مرافعته بالجلسة ببطلانه ولم تعرض المحكمة في حكمها لهذا الدفع ولم تناقشه بما يثبته أو ينفيه، وفضلاً عن كل ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه صور الواقعة بما يفيد أن ضبط المخدر كان نتيجة لتخلي الطاعن طواعية عن الورقة التي تضمه في حين أن المستفاد من أقوال شاهدي الإثبات بالتحقيق وبجلسة المحاكمة أن تلك الورقة لم تهو من يد الطاعن إلا بعد أن أمره الضابط ببسطها، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويبطله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنها تتحصل في أن الملازم أول عصام أحمد عويس ضابط مباحث مركز ههيا قد علم من التحريات السرية أن المتهم محمود سرحان السيد من بندر ههيا يحرز أسلحة وذخائر بدون ترخيص فاستصدر بتاريخ 26/ 8/ 1963 إذناً من النيابة بتفتيشه وتفتيش مسكنه لضبط ما يحوزه من أسلحة نارية أو ذخائر غير مرخص بها وفي مساء نفس اليوم توجه بصحبة المخبر محمد عطية البوصى إلى منزل المتم المذكور فوجدا بابه مفتوحاً فدلفا إلى داخله حيث وجد المتهم بمفرده بحجرة بالطابق الأرضي على يمين الداخل وكان جالساً على الأرض ومن خلف أريكة خشبية متكئاً عليها وأمامه موقد من الحجر كانت نيرانه مطفأة وعليه قطعة من الحجر (بلاطة) وباكو معسل مفتوحاً وماشة وحجر جوزة وكانت الجوزة موضوعة على الأرض يسار المتهم وبعد أن أفهمه شخصيته والمهمة التي قدم من أجلها شرع في إجراءات التفتيش مبتدئاً بالأريكة التي كان المتهم يجلس أمامها، وعندما بادر والشاهد الثاني رفع حشية تلك الأريكة التي كان المتهم يجلس أمامها أبصر بالمتهم يضع يده بسرعة أسفلها - أي أسفل الحشية - ويلتقط شيئاً في يده وظهر عليه الاضطراب ولما سأله عما في يده ألقى بها على الأرض فالتقطه الضابط فوجده لفافة من ورق السلوفان بداخلها قطعة من مادة الحشيش فواجه المتهم بها فأنكر حيازتها فضبطها الضابط كما ضبط الأدوات سالفة الذكر، ثم قام الضابط بتفتيش المتهم وباقي المنزل بحثاً عن أسلحة وذخائر غير مرخصة حسبما تدون بالمحضر وذكر الضابط أن المتهم يتعاطى الحشيش وأنه أخبر أن الحجرتين اللتين فتشهما خاصتان به، واعترف المتهم أمام النيابة أن الجوزة والحجر والموقد والماشة والمعسل خاصة به وأنه يستعملهما كما اعترف أن الحجرتين بالطابق الأرضي اللتين فتشتا خاصتان به، وأن ولده متزوج ويختص بحجرة في الطابق العلوي". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة بالصورة المتقدمة في حق الطاعن أدلة مستقاة من شهادة كل من الملازم أول عصام أحمد عويس والشرطي محمد عطية البوصى وتقرير المعمل الكيماوي. وبعد أن أورد مؤدى كل دليل من هذه الأدلة عرض لما أبداه المدافع عن الطاعن بجلسة المحاكمة من أوجه الدفاع ورد عليه بما ينفيه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه صدر بالفعل إذن من النيابة المختصة بناء على التحريات التي أجراها ضابط المباحث بتفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه لضبط ما يحوزه من أسلحة نارية غير مرخص بها وذخيرة مما يستعمل فيها، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان إجراءات التفتيش لعدم صدور إذن به من الجهة المختصة أو لأن الضابط الذي أجراه قد تجاوز حدود الإذن الصادر بتفتيش الطاعن ومسكنه بحثاً عن أسلحة وذخيرة غير مرخص بها ففض ورقة صغيرة ليس في مظهرها ما ينبئ عن اشتمالها على شيء من ذلك أو عن قيام حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر ولم يكن تخلي الطاعن عنها طواعية واختياراً بل كان تلبية لأمر الضابط له لبسط قبضة يده، ولم يتخذ من هذه الأسس التي يتحدث عنها في وجه الطعن ولا من أي أساس آخر دونها سبيلاً لإبطال ما تم من إجراءات التفتيش، فإنه لا يقبل منه إثارة الدفع ببطلانها لأول مرة أمام محكمة النقض باعتبار أن هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي تختلط بالواقع ويقتضى تحقيقاً موضوعياً مما لا شأن لهذه المحكمة به، ولا يغير من ذلك افتراض صحة ما يثيره الطاعن من أنه قد تمسك بهذا الدفع في محضر سماع أقواله المؤرخ 28 من سبتمبر سنة 1963 وأمام مستشار الإحالة ما دام الثابت أنه لم يثره على أي وجه من الوجوه خلافاً لما يدعيه في طعنه أمام محكمة الموضوع. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن عدم إرفاق أصل كل من محضر التحريات وإذن التفتيش بملف الدعوى لا يفيد حتماً عدم وجود المحضر أو سبق صدور الإذن، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في صدور الإذن أمام محكمة الموضوع ولم يطلب إليها ضم أصل محضر التحريات أو الأمر الصادر بالتفتيش ولم يتعرض البتة لصورتهما المرفقتين بالأوراق أو يدعى عدم مطابقتهما للأصل المأخوذتين عنه - فإنه لا يسوغ له من بعد المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه استخلاصاً من أقوال ضابط المباحث والشرطي محمد عطية بالتحقيقات وبالجلسة هي أن الضابط وجد الطاعن المأذون بتفتيشه وتفتيش مسكنه بحثاً عن أسلحة وذخيرة جالساً على الأرض ومن خلفه أريكة خشبية يتكئ عليها وأمامه أدوات التدخين وما أن شرع الضابط في إجراء التفتيش وبدأ بمعاونة مرافقه في رفع حشية تلك الأريكة حتى أبصر الطاعن يدس يده وهو مضطرب في سرعة خاطفة أسفل الحشية ويلتقط شيئاً فسأله الضابط عما في يده فألقى به أرضاً فالتقطه وألقاه لفافة من ورق السلوفان بداخلها قطعة من مادة الحشيش فضبطها كما ضبط أدوات التدخين التي ثبت من التحليل أن بعضاً منها يحتوى على آثار لتلك المادة. ولما كانت الواقعة بهذه الصورة تفيد حصول تخلي الطاعن عن اللفافة المحتوية على المخدر طواعية واختياراً وأن هذا التخلي لم يكن نتيجة إجراء غير مشروع من جانب الضابط إذ أن من حقه في مثل صورة هذه الدعوى إزاء ما بدا من الطاعن المأذون بتفتيشه واستناداً إلى الأفعال التي أتاها والمظاهر التي أحاطت به أن يستفسر منه عن ماهية الشيء الذي التقطه خلسة وأخفاه في يده دون أن يعتبر ذلك منه تعرضاً لشخصه أو أن يتخذ منه ذريعة لإزالة الأثر القانوني المترتب على تخليه الصحيح عن المخدر الذي إنما ألقاه طواعية لما أن أيقن أن الضابط شهد محاولته التقاطه واكتشف سعيه وراء اخفائه، ومن ثم فإنه لا موجب - وقد عثر الضابط على المخدر بغير طريق التفتيش وبعد أن ألقاه المتهم باختياره - للبحث في أمر التفتيش وما إذا كان الضابط قد تجاوز حدوده وخرج على مقتضيات تنفيذه، ولا يقبل من بعد من الطاعن التنصل من تبعة إحراز المخدر سواء في ذلك أظهر من الورقة التي ألقاها أم أنه لم يظهر.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون ما يثيره الطاعن في وجه طعنه لا سند له من القانون ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق