الصفحات

الخميس، 14 مايو 2020

الطعن 577 لسنة 20 ق جلسة 14/ 6/ 1950 مكتب فني 1 ق 252 ص 795

جلسة 14 من يونية سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
---------------
(252)
القضية رقم 577 سنة 20 القضائية
وصف التهمة.
تغيير الوصف من فاعل إلى شريك استناداً إلى الوقائع التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى، دون لفت الدفاع. من حق المحكمة. الواقعة كما أثبتها الحكم تتحقق فيها أركان الاشتراك بطريق المساعدة. ذكر الحكم تزيداً أن الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة. لا يؤثر في صحته.
----------------
للمحكمة أن تغير وصف الأفعال المسندة إلى المتهم والمطروحة أمامها دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع ما دامت لا تستند في ذلك إلا إلى الوقائع التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى. فإذا قدم ثلاثة متهمين إلى المحاكمة على أساس أن كلا من الأول والثاني منهم أطلق عياراً على المجني عليه فأصابه وأن الثالث اشترك معهما بطريق المساعدة في ذلك، فرأت المحكمة أن عياراً واحداً هو الذي أصاب المجني عليه، وأنه إذ كان مطلق هذا العيار من بين هذين المتهمين مجهولا فقد اعتبرت كلا منهما شريكا بالاتفاق والمساعدة لمطلق العيار الذي أصاب، وكان ما أوردته في حكمها عن واقعة الدعوى وظروفها يبين منه أن كلا من ذينك المتهمين كان عالما بقصد الآخر ومنتوياً بالعيار الذي أطلقه مساعدته في إتمام جريمة القتل التي وقعت، فإن ما أثبتته من ذلك تتحقق فيه أركان الاشتراك بطريق المساعدة ويكون الحكم سليما، ولا يضيره ما جاء به من ذكر الاتفاق إذ الواضح أنه تزيد لم يكن له أثر فيه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين الثلاثة بأنهم: (أولا) الأول والثاني قتلا عمداً أبو الفتوح المهدي عيسى بأن أطلق عليه كل منهما عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثانياً) الثالث اشترك مع الأول والثاني بطريق المساعدة في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن رافقهما إلى مكان الحادث لشد أزرهما فوقعت الجريمة بناء على هذه المساعدة. (ثالثاً) الأول والثالث أيضاً ضربا عبد اللطيف عبد الله فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي لم تحتج بالعلاج. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم الثلاثة بالمواد 30/3 و41 و234/1 من قانون العقوبات، والأول والثالث بالمادة 242/1 من القانون المذكور، فقرر بذلك.
وادعت زينب محمود فراج بحق مدني وطلبت الحكم لها قبل المتهمين الثلاثة متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض.
سمعت محكمة جنايات سوهاج الدعوى وقضت حضورياً بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة والثالث بالأشغال الشاقة عشر سنين، وبإلزام الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحق المدني مائة جنيه والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وذلك عملا بالمواد 40 و41 و234/1 من قانون العقوبات لأنهم جميعاً قد اشتركوا مع مجهول من بين الأول والثاني منهم بطريق الاتفاق والمساعدة وذلك بأن قام كل من الأولين بمساعدة الآخر وشد أزره فأطلق كل منهما عياراً نارياً أصاب أحدهما المجني عليه أبو الفتوح المهدي عيسى وأحدث به الجروح النارية التي أبانها تقرير الطبيب الشرعي والتي أودت بحياته، وبأن قام الثالث بمساعدة الأولين بملاحقته المجني عليه معهما ورافقهما إلى مكان الحادث لشد أزرهما فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة، وكذلك عملا بالمادتين 242/1و32 من القانون المذكور بالنسبة للمتهمين الأول والثالث عن تهمة الضرب المنسوبة إليهما.
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.

المحكمة
وحيث إن أوجه الطعن تتحصل في القول بأن الطاعنين قدموا للمحاكمة على أساس أن كلا من الأول والثاني أطلق عياراً على المجني عليه فأصابه، وأن الثالث اشترك معهما بطريق المساعدة في ذلك، ولكن المحكمة رأت في حكمها المطعون فيه أن عياراً واحداً هو الذي أصاب المجني عليه، وأنه إذ كان مطلق هذا العيار من بين الطاعنين الأولين مجهولا، فقد اعتبرت كلا منهما شريكا بالاتفاق والمساعدة لمطلق العيار الذي أصاب بعد أن كان مقدماً إليها بوصفه فاعلا، وذلك دون أن تنبه الدفاع في الجلسة إلى هذا التعديل، وبذا فقد أسندت إلى الطاعنين المذكورين واقعة اتفاقهما على القتل وهي واقعة جديدة لم تبينها المحكمة ولا هي ذكرت العناصر التي استخلصتها منها. وهذا في حين أن محامي الطاعنين قد دافع أمام المحكمة بأن لا اتفاق ولا إصرار بين الطاعنين على القتل يبرر مساءلة كل منهم عن فعل الآخر. ثم إن ما أورده الحكم المطعون فيه بصدد نية القتل لا يكفي لإثبات توافره في واقعة الدعوى كما حصلتها المحكمة، اللهم إلا إذا كان هناك اتفاق بين الطاعنين على القتل، وهذا الاتفاق على ما سبق القول لم يبينه الحكم، ولا هو ذكر الدليل عليه، وبخاصة وقد تمسك الدفاع بعدم وجوده، بل ويجوز أن يكون أحد العيارين لم يطلق بقصد القتل وإنما أطلق للإرهاب، مما كان يلزم عنه هذا البيان، ويتعين معه الرد على الدفاع، هذا إلى أن المحكمة قد أخذت بما جاء في تقرير الصفة التشريحية من أن إصابة المجني عليه قد حصلت وهو منكفئ على وجهه وفخذه الأيمن مثنى على جسمه وركبته اليمنى مثنية بحيث تقترب قدمه من أليته، ومن أن الضارب كان يقف في اتجاه قدمي المصاب، أخذت المحكمة بما تقدم في حين مخالفته لأقوال جميع شهود الإثبات، مما يترتب عليه قيام التعارض بين تقرير الصفة التشريحية وبين ما شهد به هؤلاء الشهود وكان يتعين معه على المحكمة أن تأمر باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في تقريره دفعاً لهذا التعارض. كما أن المحكمة قد أغفلت ما دافع به محامي الطاعنين من أنه لما كان المستفاد من الصفة التشريحية أن الضارب لم يكن في مكان مرتفع، وكان هذا يدل حتما على أن الضارب كان يقف في نفس الطريق الذي كان المجني عليه يسير فيه كما يدل على أنه كان وراءه وعلى مسافة بعيدة منه، وكان الثابت من المعاينة أن المكان الذي أصيب فيه القتيل أوطا بمقدار نصف متر من مكان وقوف المتهمين، فإن ما جاء بتقرير التشريح يكون معناه أن ما قاله الشهود في المعاينة غير صحيح وأنهم لم يكونوا في وضع يستطيعون منه رؤية الجاني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في: "أن عبد اللاه أحمد عيسى كان قد دعي في ليلة 30 مايو سنة 1947 لحضور حفل عند محمد شلبي ببني وشاح وذهب إليه هو والمجني عليه أبو الفتوح المهدي عيسى وكل من عبد الرؤوف طلبه السيد وسيد عبد المولى السيد وعبد الحفيظ السيد عيسى، وقرب الفجر أراد المجني عليه وعبد الرؤوف طلبه السيد وسيد عبد المولى وعبد الحفيظ السيد عيسى ن يأخذوا نصيبهم من الرقص فاعترضهم المتهمون الثلاثة عبد العزيز مصطفى عثمان وعز العرب شحاتة فراج وعبد العال أحمد عثمان ومنعوهم من الرقص وتدخل شيخ الخفراء في الموضوع لئلا يشتبك الطرفان، وقام المجني عليه ومن معه عائدين إلى بلدهم نجع أبو عوض وخرج معهم عبد اللطيف عبد الله إسماعيل لتوديعهم إلى خارج البلد، وقابل المتهمين يلاحقون المجني عليهم فاعترضهم فضربه عبد العال أحمد عثمان بدبشك البندقية في ظهره ولما خرج المجني عليه ومن معه خارج البلد سمعوا ضوضاء ورأوا المتهمين يلاحقونهم ومع كل من الأول والثاني بندقية، ومع الثالث زقلة وأمروهم بالوقوف ثم أطلق المتهم الأول عياراً وأعقبه المتهم الثاني بأن أطلق عياراً آخر فأصيب المجني عليه أبو الفتوح وحمله زملاؤه وبادروا إلى الذهاب به إلى دار العمدة وأبلغوه" ثم أشار الكشف الطبي وما تبين منه من أن المجني عليه إنما أصيب بمقذوف واحد أودى بحياته وقال "إنه لذلك فإن كلا من المتهمين الأول والثاني يعتبر شريكا للآخر بالاتفاق والمساعدة..." ولما كان ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى وظروفها يبين منه أن كلا من الطاعنين الأولين كان عالما بقصد الآخر ومنتويا بالعيار الذي أطلقه مساعدته في إتمام الجريمة التي وقعت، وكان للمحكمة أن تغير وصف الأفعال المسندة إلى المتهم والمطروحة أمامها دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع فتغير في اعتباره فاعلا أو شريكا ما دامت لا تستند في ذلك إلا إلى الوقائع التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ غير وصف التهمة المسندة إلى الطاعنين الأول والثاني لم يسند إليهما أفعالا غير ما أحيلوا به إلى المحكمة، أما الاتفاق الذي جاء ذكره في الحكم، فالواضح أنه تزيد لم يكن له أثر فيه ما دام قد أثبت أن الواقعة تتحقق فيها أركان الاشتراك بطريق المساعدة - لما كان ذلك، وكانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وكان الدفاع لم يتمسك بطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فيما يقول به من تعارض مؤدى الصفة التشريحية مع أقوال الشهود - لما كان كل ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما ويكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق