الصفحات

الأربعاء، 6 مايو 2020

الطعن 1648 لسنة 27 ق جلسة 18/ 3 / 1958 مكتب فني 9 ج 1 ق 95 ص 345


جلسة 18 من مارس سنة 1958
برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السيد: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.
--------------
(95)
طعن رقم 1648سنة 27 ق

نقد.
المقصود بتاريخ دفع القيمة وفي حكم المادة 1/ 2 من القرار الوزاري رقم 75 سنة 1948.
----------------
إن المقصود بتاريخ دفع القيمة في المادة 1/ 2 من القرار الوزاري رقم 75 سنة 1948 هو تاريخ الدفع بالعملة الأجنبية المفرج عنها للمصدر الخارجي بغير طريق الاعتماد المفتوح, لأنه في هذا التاريخ - كما هو الحال بالنسبة لتاريخ استعمال المستورد للاعتماد - ينقص رصيد الدولة من العملات الأجنبية فيتعين على المستورد ضماناً لعدم التحايل على تهريب النقد الأجنبي اثبات استيراده بضاعة تعادل قيمة ما نقص من الرصيد ومن ثم فإذا كان المتهم قد حصل على اعتماد مفتوح من البنك واستعمله في استيراد البضائع فإن الميعاد يحتسب في حقه من تاريخ هذا الاستعمال دون تاريخ قيامه بدفع قيمة الاعتماد للبنك إن لم يكن قد سدده من قبل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: لم يقدم المستندات الدالة على ورود البضائع التي أفرج له عن عمله أجنبية من أجل استيرادها في الموعد القانوني. وطلبت عقابه بأقصى العقوبة المنصوص عليها في القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقوانين رقم 157 لسنة 1950, 111 لسنة 1953, 331لسنة 1952 وقرار وزير المالية رقم 75 لسنة 1948. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55, 56 من قانون العقوبات تغريم المتهم مائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي في الوجه الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بقوله عن ميعاد الستة شهور المنصوص عليه في المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 75 سنة 1948 كحد أقصى لتقديم الشهادة القيمية لا يبدأ إلا من تاريخ استعمال الاعتمادات المفتوحة أو من تاريخ دفع كامل ثمنها والتخليص عليها وأنه يبين من كتاب إدارة النقد المؤرخ 22 يناير سنة 1955 والمرسل للنيابة متضمناً البلاغ ضد الطاعن والإذن برفع الدعوى الجنائية قبله أن قيمة البضائع لم تكن قد سددت حتى تاريخ التبليغ ومن ثم فإن ميعاد الستة الشهور لم تكن قد بدأ, وبالتالي لم تقع الجريمة المستندة إليه وأنه فضلاً عن ذلك قد قام بالسداد في 26 فبراير سنة 1956 حين خلص على البضائع استخرج الشهادة القيمية في اليوم ذاته وقد حصل على شهادة تفيد ذلك من جمرك الإسكندرية. ثم نعى الطاعن في الوجهين الثاني والثالث أنه إذا تعذر عليه الحصول على الشهادة القيمية المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 75 لسنة 1948 لأنه لم يسدد قيمة البضاعة إلا في يوم 26 فبراير سنة 1956 لأنه لم يكن حتى هذا التاريخ قد خلص على البضاعة أو دفع كامل قيمتها وإذ كان الثابت بظهر الاستمارة موضوع التهمة أن مصلحة الجمارك لا تصدر الشهادة القيمة الجمركية إلا بعد التخليص على البضاعة أي بعد دفع كامل قيمتها المقررة للإفراج عنها من الجمرك فإن المحكمة تكون قد أخطأت إذ استندت في حكمها المطعون فيه إلى شهادة موظف إدارة النقد الذي شهد بأنه كان في قدرة الطاعن الحصول على شهادة من الجمرك بمجرد إيداعه البضاعة بمخازن الاستيداع ولو قبل التخليص عليها وقبل دفع كامل ثمنها وأن إدارة النقد تكتفي بهذه الشهادة. ذلك أن هذا القول يخالف قوانين مصلحة الجمارك وتعليماتها وإجراءات تخزين البضائع واستخراج الشهادات القيمية فلا تعطي الشهادة المذكورة إلا حين التخليص على البضاعة, الأمر الذي لا يتم إلا بعد دفع كامل قيمتها والرسوم المقررة عليها, عن إدارة النقد والقرار الوزاري سالف الذكر يتطلبان تقديم شهادة قيمية لا مجرد شهادة بوصول البضاعة. واستطرد الطاعن يقول في الوجه الرابع إنه بمجرد أن قام بالتخليص علي البضاعة في 26 من فبراير سنة 1956 أرسلت إدارة الجمارك الشهادة القيمية المطلوبة في الميعاد القانوني فحفظت إدارة النقد أوراق المخالفة المسندة إليه وكتبت لبنك مصر بأن موضوع الاستمارة محل التهمة قد اعتبر منتهياً وقد أرفق هذا الكتاب بمخالفة مستنداته لدى محكمة الموضوع ولكن على الرغم من ذلك استمرت النيابة في إجراءات الدعوى العمومية حتى صدر الحكم بإدانته.
وحيث إنه لما كانت الفقرة الثانية من القرار الوزاري رقم 75 سنة 1948 قد نصت على وجوب تقديم شهادة الجمرك القيمية في ميعاد لا يتجوز سنة أشهر من تاريخ استعمال الاعتمادات المفتوحة لتغطية قيمة الواردات إلى مصر أو من تاريخ دفع قيمتها, وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه إذ دان الطاعن قد أثبت في حقه أنه استعمل الاعتماد في 11 مارس سنة 1953 ولم يقدم في الميعاد القانوني شهادة الجمرك القيمية وكان مؤيد استعمال الطاعن للاعتماد المفتوح له أن البنك الخارجي قد دفع للمصدر قيمة البضاعة المستوردة بعد أن تلقى من البنك في مصر ما يفيد خصم القيمة من حسابه بصرف النظر عن موعد سداد الطاعن ذاته قيمة البضاعة للبنك المصري الذي فتح الاعتماد لأن المشرع حين اعتبر بدء ميعاد الستة شهور هو تاريخ دفع قيمة البضاعة أسوة بتاريخ استعمال الاعتماد, قصد من ذلك مواجهة حالة الدفع بغير طريق الاعتماد كالدفع مقدماً باستعمال الحوالات المصرفية الخارجية أو الدفع عند التسليم, ومن ثم يكون المقصود بتاريخ دفع القيمة في المادة 1/ 2 من القرار الوزاري 75 لسنة 1948 هو تاريخ الدفع بالعملة الأجنبية المفرج عنها للمصدر الخارجي بغير طريق الاعتماد المفتوح, لأنه في هذا التاريخ - كما هو الحال بالنسبة لتاريخ استعمال المستورد للاعتماد - ينقص رصيد الدولة من العملات الأجنبية فيتعين على المستورد إثبات استيراده بضاعة تعادل قيمة ما نقص من الرصيد وذك ضماناً لعدم التحايل على تهريب النقد الأجنبي. ولما كان ذلك, وكان الطاعن قد حصل على اعتماد مفتوح من البنك واستعمله في استيراد البضائع فإن الميعاد يحتسب في حقه من تاريخ هذا الاستعمال دون تاريخ قيامه بدفع قيمة الاعتماد للبنك إن لم يكن قد سدده من قبل, أما عبارة لم يسدد التي يقول الطاعن بورودها في مذكرة إدارة النقد المتضمنة التبليغ والإذن برفع الدعوى الجنائية فإنها لا تنصرف إلى أكثر من أنه لم يسدد الاستمارة "أ" التي يقدم عليها المستورد طلبات شراء ما يلزم من عملة أجنبية لدفع ثمن البضائع المستوردة أي أنه لم يقدم شهادة بقيمة البضائع الأجنبية المبينة بالاستمارة ومن ثم يكون الوجه الأول من الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إنه عن الوجهين الثاني والثالث فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الطاعن من تعذر حصوله على الشهادة القيمية في الميعاد القانوني بما استخلصته المحكمة استخلاصاً سائغاً من أقوال الشاهد الموظف بمراقبة النقد وكان القول من جانب الطاعن بأن الشهادة القيمية لا تمنح إلا بعد التخليص على البضائع لا يعفيه من الالتزام بتقديمها في الميعاد ما دام التخليص وليد تصرفه إرادته فلا يصلح عذراً لإعفاء من المسئولية الجنائية, فضلاً عن أن الحكمة من التشريع وهي إحكام الرقابة على النقد الأجنبي تتنافى مع جعل التزام المستورد بتقديم الشهادة القيمية معلقاً على إرادته ومشيئته في الوقت الذي يورق له لتخليص البضاعة لما كان ما تقدم جميعه وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 75 سنة 1948 تقع بمجرد مضي الستة شهور من تاريخ استعمال الاعتماد أو دفع القيمة دون تقديم شهادة قيمية عن البضاعة المستوردة والمفرج للمستورد من أجلها عن عملة أجنبية - وهو ما أثبته الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه حصوله في حق الطاعن - وكانت دلالة كتاب إدارة النقد إلى البنك باعتبار موضوع الاستمارة منتهياً لا يتصرف إلى أكثر من إفادة البنك بوصول الشهادة القيمية إليها والكف عن مطالبة الطاعن بتقديم هذه الشهادة وتسديد الاستمارة مما لا يؤثر في مسئوليته الجنائية, فإن الطعن برمته يكون غير سديد متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق