الصفحات

الثلاثاء، 19 مايو 2020

الطعن 1069 لسنة 20 ق جلسة 22 / 1 / 1951 مكتب فني 2 ج 2 ق 200 ص 531


جلسة 22 من يناير سنة 1951
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسني بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك, المستشارين.
---------------
(200)
القضية رقم 1069 سنة 20 القضائية
دفاع شرعي.

لا يشترط أن يكون المتهم قد اعترف بالواقعة أو تمسك في دفاعه بقيام الدفاع الشرعي. الفعل المتخوف منه المسوغ للدفاع الشرعي. لا يشترط أن يكون خطراً حقيقياً.
-------------
إنه وإن كان لا يشترط لاعتبار المتهم في حالة دفاع شرعي أن يكون قد اعترف بالواقعة أو أن يتمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي لديه وقت مقارفته للحادث, كما أن القانون لا يوجب بصفة مطلقة أن يكون الاعتداء حقيقياً, بل يصح القول بقيام هذه الحالة ولو كان الاعتداء وهمياً أي لا أصل له في الواقع وحقيقة الأمر متى كانت الظروف والملابسات تلقي في روع المدافع أن هناك اعتداء جدياً وحقيقياً موجهاً إليه, إلا أنه متى كانت الواقعة كما أثبتها الحكم تفيد أن المتهم لم يكن يقصد رد اعتداء وقع عليه أو توهم وقوعه من المجني عليه, بل إنه كان هو البادئ بالاعتداء على أحد أقارب المجني عليه - فإن ما انتهت إليه المحكمة من نفي حالة الدفاع الشرعي يكون مطابقاً للقانون ولا يكون هناك محل للبحث فيما إذا كان قد تجاوز حدود هذا الحق, إذ لا يصح القول بتجاوز الحق إلا مع قيامه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه في يوم 23 من شعبان سنة 1368 الموافق 20 من يونيه سنة 1949 بناحية صنيم مركز أبو قرقاص مديرية المنيا - قتل عمداً بربري عمر دياب بأن أطلق عليه مقذوفاً نارياً من مسدس قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات, فقرر بتاريخ 4 من أغسطس سنة 1949 إحالته إليها لمحاكمته بالمادة المذكورة. وقد ادعت شمة عبد الله إسماعيل زوجة القتيل عن نفسها وبصفتها وصية على بناته عزيزة ونجية وجاز القاصرات بحق مدني قبل المتهم وطلبت القضاء لها عليه بمبلغ ألف جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات المنيا قضت عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة الحلبي أحمد سيد الشهير بتغيان بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ أربعمائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة و10ج أتعاب محاماة, فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه قد جاء قاصراً. ومتناقضاً ومخطئاً في تطبيق القانون, إذ أن الواقعة كما صورتها المحكمة تفيد أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس فقد ورد بالحكم أن المجني عليه شهر عصاه في وجهه, وأنه لم يطلق النار إلا بعد أن لوح بالعصا متظاهراً بتهديده وأنه كان في ثورة غضب واستفزاز من جانب المجني عليه, أما ما ذكرته من أنه توهم أن المجني عليه حضر للمساعدة في رد الاعتداء على آخر فإنه لا يؤثر في قيام حالة الدفاع, لأن العبرة بما يقوم في ذهن المدافع لا بذهن المجني عليه وما دام قد قام لدى المتهم سبب جدي للاعتقاد بوجود اعتداء يخشى منه فإنه يكون في حالة دفاع شرعي بقطع النظر عن اعترافه أو إنكاره وبقطع النظر عما إذا كان قد تمسك بالدفاع الشرعي بصفة أصلية أو كان الطلب منه على سبيل الاحتياط, كما لا يؤثر فيه كون الخطر حقيقياً أو أنه كان وهمياً ما دام قد توفر لدى المدافع سببه. ويضيف الطاعن أن ما ذكرته المحكمة من أن المجني عليه لم يكن يقصد الاعتداء عليه بل كان يريد حمله على عدم الاعتداء على الآخر لا يكفي لإطراح دفاعه بل كان يتعين أن تبين المحكمة ما كان يقوم في ذهنه هو حتى إذا ما تبينت أمره نزلت على نتيجته فتبرئه أو تبحث ما إذا كان قد تجاوز حدود القوة اللازمة لرد الاعتداء, كما أنها تعرضت لما دفع به من أن القاتل غيره وأن المجني عليه سيء السير وأنه إنما اتهم طمعاً في ماله فحكمت على هذا الدفاع بالفساد دون أن تعني بتحقيقه مع أن هذا الفساد في ذاته لا يقوم دليلاً على مقارفته جريمة القتل كما أن ما تعرضت له عن الباعث كان من قبيل الفرض والاحتمال الذي لم يؤيد بدليل مما لا يصح أن يقوم عليه حكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فقال إنها تتحصل "على ما تبين من الأوراق والتحقيقات ومما دار بالجلسة أنه قبل غروب يوم 23 من شعبان سنة 1368 هجرية الموافق 20 من يونيه سنة 1949 بناحية صنيم مركز أبى قرقاص مديرية المنيا حدثت مشادة كلامية بين عبد الحميد مهران طه وإسماعيل عبد الجليل عبد الله أمام حانوت البقال عبد الغني عبد الرحمن فتح الباب من أجل خادم أولهما ويدعى حسين أحمد قريب ثانيهما وتطورت هذه المشادة إلى تماسك صحبه اعتداء من إسماعيل عبد الجليل علي عبد الحميد مهران بقبضة اليد والحذاء, وفض هذا الشجار وانصرف كل منهما إلى منزله ويقع كل من هذين المنزلين في نفس الشارع الذي يقع فيه حانوت البقال ثم عاد عبد الحميد مهران طه إلى منزل إسماعيل عبد الجليل عبد الله فوجد هناك غريمه مع الحلبي أحمد سيد الشهير بتغيان (المتهم) فقفل راجعاً إلى منزله مسرعاً يتعقبه إسماعيل عبد الجليل والمتهم وآخرون قاصدين الاعتداء عليه فحال بينهم وبين ذلك (البقال عبد الغني عبد الرحمن) غير أنه بعد توجه هذا البقال إلى المسجد لأداء فريضة صلاة المغرب ذهب كل من إسماعيل عبد الجليل والمتهم إلى منزل عبد الحميد مهران طه وهما لا يزالان على تلك النية ولما لم يجداه أمام منزله نادياه للخروج للتحرش به فخرج وحدث تماسك بينه وبين المتهم وحضر على صوت هذه الحركة بربري عمر دياب "القتيل" وهو قريب عبد الحميد مهران من منزله المجاور وزوجته شمة عبد الله إسماعيل ثم صالحة محفوظ زوجة عبد الحميد مهران التي أصيبت في هذه المشاجرة وأخذ بربري عمر دياب يلوم المتهم وزميله إسماعيل عبد الجليل على تحرشهما بقريبه وتهجمهما على منزله ولوح بعصاه التي كان يحملها في ذلك الوقت في مواجهة المتهم متظاهراً بتهديده أن هو أو زميله اعتديا على غريمهما فعز على المتهم أن تبدو هذه الحركة من المجني عليه وهو المدرس في المدرسة الأولية الذي يعتقد بمركب النقص فيه أنه أرفع منه مقاماً وأعز نفراً فسولت له نفسه أن يقتص منه جزاء هذا التطاول فأخذ المسدس الذي يحمله وأطلق عليه منه مقذوفاً نارياً أصابه في مقتل فخر صريعاً ولاذ هو بالفرار متحصناً بالمدرسة الأولية التي يعمل فيها, وهي قريبة من مكان الحادث" ثم تعرض لما تمسك به المدافع عن الطاعن من فساد الاتهام وقيام حالة الدفاع الشرعي فلم يأخذ بالأول للأسباب التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إليه كما نفى قيام حالة الدفاع لديه.
وحيث إنه ولو كان صحيحاً أنه لا يشترط لاعتبار المتهم في حالة دفاع شرعي أن يكون قد اعترف بالواقعة أو أن يتمسك في دفاع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي لديه وقت مقارفته للحادث, كما أن القانون لا يوجب بصفة مطلقة أن يكون الاعتداء حقيقياً بل يصح القول بقيام هذه الحالة ولو كان الاعتداء وهمياً أي لا أصل له في الواقع وحقيقة الأمر متى كانت الظروف والملابسات تلقى في روع المدافع أن هناك اعتداء جدياً وحقيقياً موجهاً إليه, ولو أن الأمر كذلك إلا أن الواقعة كما أثبتها الحكم على الصورة السالفة تفيد أن الطاعن لم يكن بقصد رد اعتداء وقع عليه أو توهم وقوعه من المجني عليه وأنه من جهة أخرى كان هو البادئ بالاعتداء على أحد أقارب المجني عليه المذكور, ولذا فإن ما انتهت إليه المحكمة من نفي حالة الدفاع الشرعي يكون مطابقاً للقانون. ومتى تبين انتفاء حالة الدفاع الشرعي فلا يكون هناك محل للبحث فيما إذا كان قد تجاوز هذا الحق, إذ لا يصح القول بتجاوز الحق إلا مع قيامه. أما يشير إليه الطاعن عن الباعث على الجريمة فمردود بأنه متى جزم الحكم بالإدانة اعتماداً على ما أورده من أدلة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فذلك يكفي لسلامته بقطع النظر عن الباعث على الجريمة, إذ أن البواعث ليست من أركانها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق