الصفحات

الأحد، 17 مايو 2020

الطعن 101 لسنة 22 ق جلسة 19/ 6/ 1952 مكتب فني 3 ج 3 ق 416 ص 1113


جلسة 19 من يونيه سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك ومصطفى حسن بك المستشارين:
-------------
(416)
القضية رقم 101 سنة 22 القضائية

تفتيش.
ضابط مكتب المخدرات لا يجوز ندبه لتفتيش منزل متهم[(1)].
-------------
أنه لا القانون رقم 140 لسنة 1944 ولا قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1929 ولا قرار وزير الداخلية الصادر في سنة 1947 يصلح أساسا لتخويل ضابط مكتب المخدرات بالإسكندرية التابع لإدارة مكافحة المخدرات بإدارة الأمن العام صفة مأمور الضبط القضائي. وإذن فمتى كان الثابت بالحكم أن من قام بالتفتيش هو ضابط مكتب مكافحة المخدرات بالإسكندرية لا واحد من رجال بوليس الإسكندرية الذين تعطيهم المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات صفة الضبطية القضائية في دائرة اختصاصهم والذين يتبعون بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 140 لسنة 1944 لمحافظ الإسكندرية وحكمدارها، فهذا تفتيش باطل إذ لا يجوز لضابط مكتب مكافحة المخدرات دخول منزل أحد وتفتيشه ولا يجوز لوكيل النيابة أن يندبه لذلك.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بدائرة قسم الرمل: أحرزوا (حشيشاً) بدون مسوغ قانوني. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و35/ 6 ب و40 و41 و42 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 وفي أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة دفع كل من الحاضر عن المتهمين ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات والمحكمة قضت عملاً بمواد الاتهام للأول والثاني وبها للثالث مع إضافة المادتين 39 من القانون رقم 21 لسنة 1928 و49/ 3 من قانون العقوبات برفض الدفوع وبحبس كل من الأول والثاني سنة واحدة مع الشغل وبتغريم كل منهما خمسمائة جنيه والمصادرة وبحبس الثالث سنتين مع الشغل وبتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة. فاستأنف المتهمون ولدى نظر الدعوى جدد المتهمون دفاعهم والمحكمة قضت للأول والثاني أولاً بتعديل الحكم المستأنف وبحبس كل منهما ستة شهور مع الشغل وبتغريم كل منهما 30 جنيهاً والمصادرة، وثانياً: بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للثالث. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه هذا الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى بإدانته استناداً إلى تفتيش باطل ولم يأخذ بما دفع به من البطلان الناشئ عن كون الضابط التي أجراه هو ضابط مكتب مكافحة المخدرات بالإسكندرية التابع لإدارة مكافحة المخدرات العامة التابعة لإدارة الأمن العام بالقاهرة ذلك بأن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لم تنشأ بالطريق القانوني الصحيح ولا تتوافر لرجالها صفة مأموري الضبطية القضائية وبالتالي فإنه ما كان لضابط المكتب المشار إليه الصفة التي تخوله حق إجراء التفتيش الذي قام به.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في هذا الشأن بالحكم المطعون فيه قد تعرض للدفع المشار إليه ورد عليه بأن قرار وزير الداخلية رقم 16 الصادر. في 30 من أكتوبر سنة 1947 بإنشاء إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية تابعة لإدارة الأمن العام قد أشار إلى الفروع المنشأة من قبل ومنها فرع الإسكندرية المنشأ بناء على مكاتبات مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة في 3 من سبتمبر سنة 1930 إذ جاء في المادة الثالثة منه بأن يكون لهذه الإدارة فروع يرأسها ضباط وتستمر الفروع الحالية في أداء أعمالها على أن تزاد عليها غيرها أو تعدل مقارها حسب مقتضيات الأحوال مستقبلاً. ثم عقب الحكم على ذلك بقوله إن القرار المشار إليه قد صدر من سلطة مختصة بإصداره طبقاً للقانون رقم 140 لسنة 1944 الخاص بتنظيم هيئات البوليس واختصاصاتهم ويكون بذلك ضباط فرع إدارة المخدرات بالإسكندرية من رجال الضبطية القضائية في دائرة اختصاصاتهم طبقاً لنص المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات.
وحيث إنه بالرجوع إلى قرار وزير الداخلية رقم 16 الصادر بتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1947 يتبين من ديباجته أن الذي دعا لإنشائه هو "أن صالح العمل يقتضي إنشاء إدارة خاصة في وزارة الداخلية للنهوض بالأعباء التي كان يؤديها مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة الذي أنشئ بقرار من مجلس الوزراء في 20 من مارس سنة 1929" ثم نص ذلك القرار على أن تنشأ بوزارة الداخلية إدارة تتبع إدارة عموم الأمن العام مهمتها مكافحة المخدرات ويطلق عليها اسم إدارة مكافحة المخدرات وعلى أن يكون لهذه الإدارة فروع يرأسها ضباط وتستمر الفروع الحالية في أداء أعمالها على أن تزاد عليها غيرها أو تعدل مقارها حسب مقتضيات الأحوال مستقبلاً. ونصت المادة الرابعة منه على استمرار الضباط وصف الضباط والعساكر والموظفين المدنيين المنتدبين لشئون مكافحة المخدرات في الوقت الحالي في عملهم حتى يتم إدراج الوظائف اللازمة لهذه الإدارة في ميزانية الدولة. ويبين من ذلك أن قرار وزارة الداخلية المشار إليه صريح الدلالة على أمرين أولهما: أن المهمة التي وكلت إلى تلك الإدارة هي ذات المهمة التي كان يقوم بها مكتب المخابرات العام للمواد المخدرة وثانيهما: أن هذه الإدارة قد جعلت وحدة قائمة بذاتها تابعة لإدارة الأمن العام فهي بذلك مستقلة عن سلطات البوليس في المحافظات والمديريات. لما كان ذلك، وكانت المهمة التي وكلت إلى مكتب المخابرات العام المنشأ سنة 1929 والذي أحال عليه قرار وزير الداخلية رقم 16 الصادر بتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1947 هي المخابرات والاستعلامات والتحريات وتقديم المساعدات للسلطات المختصة سواء في داخل البلاد أو في غيرها من البلاد الأجنبية دون أن يخول أي اختصاص في الضبط القضائي أو التحقيق. لما كان ما تقدم وكانت المادة الخامسة من قانون تحقيق الجنايات تنص على أنه "لا يجوز لأحد بغير أمر من المحكمة أن يدخل في بيت مسكون لم يكن مفتوحاً للعامة ولا مخصصاً لصناعة أو تجارة يكون عملها تحت ملاحظة الضبطية القضائية إلا في الأحوال المبينة في القوانين أو في حالة تلبس الجاني بالجناية أو في حالة الاستغاثة أو طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق" وكانت المادة 30 منه قد أجازت للنيابة تفتيش منازل المتهمين بجناية أو جنحة أو انتداب أحد مأموري الضبطية القضائية لذلك، وكان قانون تحقيق الجنايات إذ تحدث في المادة الرابعة منه عن مأموري الضبطية القضائية قد نص على أنهم يكونون كذلك في دوائر اختصاصهم ما لم يكن ذلك بالنسبة للموظفين الذين يخولون هذا الاختصاص بأمر عال (وبمقتضى المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية أصبح من الواجب أن يكون ذلك بقانون) في محال معينة أو بالنسبة لجرائم تتعلق بالوظائف التي يؤدونها فإن صفة مأمور الضبطية القضائية لا يكتسبها رجل البوليس لمجرد كونه كذلك وإنما تكون له هذه الصفة إذا كان من بين المنصوص عليهم في المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات أو بمقتضى أمر عال أو قانون آخر يخول له هذه الصفة أما القانون رقم 140 لسنة 1944 الصادر بنظام هيئات البوليس واختصاصاتها فلم يمس الأحكام المتقدمة أو يعدل منها شيئاً ولا هو أسبغ على رجال البوليس عامة صفة الضبطية القضائية بل أنه نص في المادة الثانية منه على أن يختص البوليس بالمحافظة على النظام والأمن العام وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأموال وتنفيذ ما تفرضه عليه القوانين واللوائح من تكاليف. كما نص في المادة الرابعة على أن تباشر هيئات البوليس اختصاصاتها تحت سلطة وزير الداخلية ورئاسته وهو الذي يضع اللوائح والقرارات اللازمة لتنظيم شئونها وله أن ينشئ الإدارات النظامية والمدنية لمراقبة أعمالها ثم نصت المادة الخامسة على أن يتولى المحافظون والمديرون والحكمدارون ومأمورو المراكز والأقسام رئاسة البوليس كل منهم في حدود اختصاصه وهذا ما يتفق مع أحكام قانون تحقيق الجنايات بالنسبة إلى الاختصاص المكاني لمأموري الضبطية القضائية وتبعيتهم للمحافظين والمديرين. ويخلص من ذلك جميعه أنه لا القانون رقم 140 لسنة 1944 ولا قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1929 ولا قرار وزير الداخلية الصادر في سنة 1947 يصلح أساساً لتخويل ضابط مكتب المخدرات بالإسكندرية التابع لإدارة مكافحة المخدرات بإدارة الأمن العامة صفة مأمور الضبط القضائي ولما كان الثابت بالحكم أن من قام بالتفتيش إنما كان ضابط المكتب المذكور وليس أحد من رجال البوليس مدينة الإسكندرية الذين تعطيهم المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات صفة الضبطية القضائية في دائرة اختصاصهم والذين يتبعون بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 140 لسنة 1944 لمحافظ الإسكندرية وحكمدارها. لما كان ذلك فإنه ما كان يجوز له دخول منزل الطاعن وتفتيشه وما كان لوكيل النيابة أن يندبه لذلك حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ولذا فإنه لا يسوغ الاعتماد على الدليل المستمد من هذا التفتيش. ولما كانت القضية خلوا من أي دليل أخر على ما هو واضح في الحكم المطعون فيه فإنه يتعين نقضه والقضاء ببراءة الطاعن مما أسند إليه.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن الثاني يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة إلى من عداه من الطاعنين ذلك لاتصال وجه الطعن بهما فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما أيضاً وبراءتهما مما أسند إليهما.


[(1)] قررت المحكمة هذه القاعدة أيضا في الحكم الصادر بهذه الجلسة في القضية 1710 سنة 21 القضائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق