الصفحات

الأربعاء، 15 أبريل 2020

قانون محاكم الاسرة يقتصر على تنظيم القواعد الإجرائية دون الموضوعية


الدعوى رقم 5 لسنة 34 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م، الموافق الثاني عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل         نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 34 قضائية " دستورية ".
المقامة من
.......
ضد
1 – رئيس الجمهورية
2 – رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3 – رئيس مجلس الشورى (الشيوخ)
4 – رئيس مجلس الــــوزراء
5 – وزيــر العــــدل
6 –......


الإجراءات
      بتاريخ السادس عشر من يناير سنة 2012، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2004 بإصدار قانون إنشاء محاكم الأسرة، لمخالفته نص المادتين 194، 195 من الدستور التى توجب عرض القوانين المكملة للدستور على مجلس الشورى، وكذا مخالفة المواد (2، 40، 41، 68، 151، 156، 166، 167، 175) وغيرها من مواد الدستور.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمـة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها الأخيرة كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوى رقم 87 لسنة 2010 أسرة أول طنطا، أمام محكمة طنطا الابتدائية، بغية الحكم بأن يؤدى لها نفقة زوجية بأنواعها اعتبارًا من 1/8/2010، وتدوولت الدعوى بالجلسات حيث أقرت المذكورة بطلاقها طلقة رجعية، وعدلت طلباتها في الدعوى بأن يؤدى المدعى لها نفقة زوجية بأنواعها اعتبارًا من 1/8/2010، واعتبارها نفقة عدة من تاريخ الطلاق وحتى انتهاء عدتها شرعًا. وبجلسة 18/1/2011، قضت المحكمة بإلزام المدعى بأن يؤدى نفقة زوجية لها بأنواعها مقدارها خمسمائة جنيه شهريًا اعتبارًا من 1/8/2010، واعتبارها نفقة عدة من تاريخ الطلاق الحاصل في 17/11/2010 وحتى انتهاء عدتها شرعًا. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعى عليها الأخيرة، طعنت عليه بالاستئناف رقم 694 لسنة 61 قضائية، أمام محكمة استئناف طنطا، طلبًا للحكم بتعديل الحكم المستأنف وبزيادة المفروض لها من نفقة إلى الحد الذى يتناسب ودخل المدعى. كما طعن المدعى على الحكم ذاته، بالاستئناف رقم 752 لسنة 61 قضائية، أمام المحكمة ذاتها، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بتخفيض النفقة المفروضة. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثانى للاستئناف الأول للارتباط ، قدم المدعى بجلسة 11/12/2011 مذكرة، ضمنها دفع بعدم دستورية كامل أحكام قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، لعدم عرضه على مجلس الشورى، والمواد ( 2 ، 6/1، 9/1، 11، 14) من القانون ذاته، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية بشأن المواد الواردة بمذكرة دفاعه، فأقام الدعوى المعروضة.      

وحيث إن المدعى ينعى على كامل أحكام قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، عدم عرض مشروعه على مجلس الشورى، حال كونه من القوانين المكملة للدستور، وأن نص المادة (14) من القانون ذاته حظرت الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية لمحاكم الأسرة، بالمخالفة لنص الفقرة (5) من المادة (14) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المصدق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981. وأن نص الفقرة الأولى من المادة (2)، والمادة (11) من ذلك القانون أوجبت إشراك عنصرين غير قضائيين (خبيرين) في تشكيل محكمة الأسرة، فضلاً عن عدم وجود جدوى من تقديم طلب إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية، كشرط لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة، لكون القرار الذي يصدر من تلك المكاتب ليس له قوة السند التنفيذي. ومن جانب آخر، يخالف ذلك القانون أحكام الشريعة الإسلامية، برفع سن الحضانة عن الحدود الشرعية، بالمخالفة لرأى الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء. وخلص المدعى من ذلك إلى مخالفة ذلك القانون لنصوص المواد (2 و40 و41 و68 و151 و156 و166 و167 و175 و194 و195) من دستور سنة 1971.
وحيث إنه عما نعى به المدعى من عدم دستورية قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، لعدم عرض مشروعه على مجلس الشورى، رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، فمردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفصل فيما يُدَّعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعي وقاعدة موضوعية في الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يُعد قضاءً في موضوعها، منطويًّا لزومًا على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور، ومانعًا من العودة إلى بحثها مرة أخرى، ذلك أن العيوب الشكلية، بالنظر إلى طبيعتهـا لا يتصــور أن يكون بحثها تاليًّا للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على هذه المحكمة من ثَمَّ أن تتحراها بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها محددًا في إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. ومن ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دومًا؛ إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأى مطاعن موضوعية.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق أن عُرض عليها الرقابة على دستورية عدد من نصوص القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه، فقضت في الدعوى رقم 24 لسنة 33 قضائية "دستورية"، بجلسة 6 إبريل سنة 2014، برفض الطعن بعدم دستورية نص المادة (14) منه، فيما ورد بها من حظر الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية لمحاكم الأسرة. كما قضت في الدعوى رقم 56 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 11 أبريل سنة 2015، برفض الطعن على نص عجز الفقرة الأولى من المادة (2)، فيما أوجبته أن يكون أحد الخبيرين امرأة. كما قضت في الدعوى رقم 177 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 9 مايو سنة 2015، برفض الطعن على نص المادتين (2/1، 11) منه، بشأن مشاركة خبيرين في تشكيل محاكم الأسرة. فإن قضاء هذه المحكمة في تلك الدعاوى – وقد صدر في شأن مدى توافق نصوص تلك المواد، والأحكام الموضوعية في الدستور – يكون متضمنًا لزومًا تحققها من استيفاء نصوص ذلك القانون لأوضاعه الشكلية، إذ لو كان الدليل قد قام على تخلفها، لامتنع عليها أن تفصل في اتفاقه أو مخالفته لأحكام الدستور الموضوعية، ومن ثم فإن الادعاء بصدور هذا القانون على خلاف الأوضاع الشكلية التى تطلبها نص المادة (195) من دستور سنة 1971 الذى صدر في ظله، يكون قائمًا على غير أساس، حريًّا بالالتفات عنه.

      وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكـم الصادر في المسألة الدستوريــــة، لازمًا للفصـــل في الطلبات الموضوعيــــة المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت رحى الخصومة الموضوعية تدور حول استئناف كل من المدعى والمدعى عليها الأخيرة للحكم الصادر بفرض نفقة زوجية لها، واعتبارها نفقة عدة من تاريخ طلاقها حتى انتهاء عدتها شرعًا. وكان المدعى قد حصر مناعية الموضوعية على نصوص القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه في نص الفقرة الأولى من المادة (2)، والفقرة الأولى من المادة (6)، والفقرة الأولى من المادة (9)، والمادتين ( 11 ، 14) منه على نحو ما سلف ذكره.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق – على ما سلف بيانه - أن حسمت أمر دستورية الفقرة الأولى من المادة (2)، والمادة (11) من القانون المشار إليه، وذلك بحكمها الصادر في الدعوى رقم 177 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 9/5/2015، وقضى فيها برفض الدعوى، وقد نُشر الحكم بالجريدة الرسمية العدد (20 مكرر ب) بتاريخ 20/5/2015، كما سبق أن حسمت أمر دستورية المادة (14) من القانون ذاته، وذلك بحكمها الصادر في الدعوى رقم 24 لسنة 33 قضائية "دستورية"، بجلسة 6/4/2014، الذى قضى برفض الدعوى، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية العدد (16 مكرر ب) بتاريخ 20/4/2014. إذ كان ذلك، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم، ونصى المادتين (48 ، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضائها في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها بما لا يجوز معه أية رجعة إليها، الأمر الذى تكون معه الخصومة بالنسبة لهذه النصوص غير مقبولة.
وحيث إنــــه فيما يتعلق بما نعاه المدعى بشأن الفقرة الأولى من المادتين (6 ، 9) من القانون المشار إليه، بوجوب اللجوء إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة، وعدم جدوى القرار الذى يصدر عنها لأنه ليس له قوة السند التنفيذي، فإن الفصل في دستوريتهما لن يرتب أي انعكاس على طلباته المطروحة في الدعوى الموضوعية، ذلك أن المدعى في الدعوى الدستورية لم يكن هو المدعى في الدعوى الموضوعية في مقدمة المرحلة الأولى للتقاضي، بل كان المدعى عليه فيها، والالتزام المشار إليه قد وقع على الزوجة المدعية فيه، ومن ثم فلا يوجد ثمة ضرر قد لحق به من جراء هذيـن النصين. ومن جانب آخر، فإن ما نعــاه من أن القرارات التي تصدر من مكتب تسوية المنازعات الأسرية ليست لها قوة السندات التنفيذية، فهو نعى لا ينصرف إلى مخالفة أحكام الدستور، كما أن تلك المكاتب لا يصدر منها قرارات، وغاية الأمر أنه إذا تم الصلح بين أطراف النزاع، في كافة جوانبه أو جزء منه، يثبت ذلك في محضر يوقع منهم، ويلحق بمحضر الجلسة التي تم فيها، وتكون له قوة السندات واجبة التنفيذ، في حدود ما تم الصلح فيه. فضلاً عن أن ذلك الأمر غير واجب الإعمال في الدعوى الموضوعية، إذ لم تتم تسوية النزاع بينه وبين المدعى عليها الأخيرة وديًا عند العرض على مكتب تسوية المنازعات الأسرية، مما تنتفى معه مصلحته في الطعن عليهما.

وحيث إنه فيما نعاه المدعى بمخالفة نصوص القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه، لأحكام الشريعة الإسلامية، في شأن تحديد سن الحضانة، فهو منعى لا يعود إلى نصوص القانون المطعون فيه، الذى يقتصر على تنظيم القواعد الإجرائية دون الموضوعية، وقد انتظمت أحكام المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المعدلة بالقانونين رقمي 100 لسنة 1985 و4 لسنة 2005، مسألة تحديد سن حضانة الصغير والصغيرة، فضلاً عن أن الدعوى الموضوعية هي دعوى مطالبة بنفقة، ومن ثم فلا توجد ثمة مصلحة للمدعى في النعي على القانون المشار إليه في هذا الشأن.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل أنه متى أقيمت الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا دخلت في حوزتها، لتهيمن عليها وحدها، ولا يجوز من ثَمَّ لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي أن تنقض قرارها الصادر بإحالة مسألة دستورية إليها، أو أن تنحى الدفع الفرعي المثار أمامها بعد تقديرها لجديته، بل يجب عليها أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية باعتباره فاصلاً في موضوعها، كاشفًا عن صحة النصوص المطعون فيها أو بطلانها، بما مؤداه أنه – فيما عدا الأحوال التي تنتفى فيها المصلحة في الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستوريـة العليا، أو التي ينزل فيها خصم عن الحق في دعواه الموضوعية من خلال تركها وفقًا لقواعد قانون المرافعات، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته، أو التي يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية أو قرارها بالإحالة مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن النصوص ذاتها التي قام عليها الدفع أو انبنى عليها قرار الإحالة، فإن على محاكم الموضوع –على اختلاف درجاتها- أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا، وإلا كان قضاؤها نكولاً من جانبها عن التقيد بنص المادة (192) من الدستور الحالي التي تخول المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتسليطًا لقضاء أدنى على قضاء أعلى بما يناقض الأسس الجوهرية التي يقوم التقاضي عليها. لما كان ذلك، وكانت محكمة استئناف طنطا، ولئن استمرت في نظر الاستئنافين، وقضت فيهما بتأييد الحكم المطعون فيه، وكان يتعين عليها – بعد تقديرها جدية الدفع بعدم الدستورية وتصريحها للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية المعروضة – أن تتربص قضاء هذه المحكمة في المسألة الدستورية، فإن حكمها في موضوع الاستئنافين لا يناقض في أثره ما انتهى إليه الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة.

فلهــذه الأسبــاب
            حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق