الصفحات

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 1711 لسنة 34 ق جلسة 22 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 168 ص 857


جلسة 22 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمود عزيز الدين. وحسين سامح.
----------
(168)
الطعن رقم 1711 لسنة 34 القضائية

(أ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". قتل عمد. ظروف مشددة. سبق إصرار. تجمهر. ضرب.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. عليها تمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقاً صحيحاً. لا حاجة إلى لفت نظر الدفاع. ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة، دون أن تضيف إليها شيئاً بل نزلت بها إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة واستبعدت منه الظرف المشدد للعقوبة. مثال.
(ب) تجمهر.
شرط تطبيق المادة 243 عقوبات: توارد خواطر الجناة على الاعتداء واتجاه خاطر كل منهم اتجاهاً ذاتياً إلى ما تتجه إليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى.

-------------
1 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً بل نزلت بها إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة واستبعدت منه الظرف المشدد للعقوبة. ولما كانت واقعة القتل العمد التي دين بها الطاعن الأول قد وجهت إليه بذلك ودارت عليها المرافعة أثناء المحاكمة فإن الحكم إذ قضى بإدانته عن هذه التهمة يكون صحيحاً ولا وجه لما يثار في خصوصها من دعوى الإخلال بحق الدفاع طالما كانت هذه الواقعة بذاتها موجهة إليه في أمر الإحالة، وكان الثابت أيضاً أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بجريمة الضرب المسندة إليهم في أمر الإحالة بعد أن استبعد جريمة التجمهر وظرف سبق الإصرار لعدم ثبوتها في حقهم قد أسس هذه الإدانة على ما استخلصه من أن الطاعنين وقد تجمعوا ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص يحملون أسلحة نارية وعصياً توافقوا على التعدي والإيذاء بضرب المجني عليهم وقد وقع هذا الاعتداء بالفعل من بعضهم وهي عناصر اشتمل عليها أصلاً وصف التهمة كما دارت عليها مرافعة الدفاع بالجلسة. ومن ثم فإن ذلك لا يعد تعديلاً في التهمة مما تلتزم المحكمة بلفت نظر الدفاع إليه.
2 - إن كل ما تتطلبه المادة 243 من قانون العقوبات هو توارد خواطر الجناة على الاعتداء واتجاه خاطر كل منهم اتجاهاً ذاتياً إلى ما تتجه إليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى وفقاً لما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون العقوبات الصادر في 1937.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 28/ 2/ 1962 بدائرة مركز الواسطى محافظة بني سويف: أولاً - المتهمون جميعاً - اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حالة كونهم يحملون أسلحة نارية وعصياً وآلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة بأن تجمعوا حاملين هذه الأسلحة وتوجهوا بها قاصدين الاعتداء على المجني عليهم الذين وقع خلاف بينهم وكان أن وقعت الجرائم الآتية في سبيل تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر مع علم المتهمين به: 1 - قتلوا أمينة عبد الهادي عمداً مع سبق الإصرار بأن توجهوا إلى مكان وجود المجني عليهم عاقدين العزم على قتل من يصادفهم منهم وما أن ظفروا بالمجني عليها حتى أطلق عليها المتهم الأول عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2 - ضربوا أديب أحمد إبراهيم ومحمد أو سيف سكران ومحمود محمد أبو سيف وأبو سيف محمد أبو سيف فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بالكشوف الطبية والتي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك مع سبق الإصرار. ثانياً - المتهم الأول أيضاً: 1 - أحرز سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية) بغير ترخيص، 2 - أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته وإحرازه. ثالثاً - المتهم الثاني أيضاً سلم سلاحه المرخص "المسدس المبين بالمحضر" للمتهم السابع قبل الحصول على ترخيص بذلك. رابعاً - المتهم الخامس أيضاً: أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" بدون ترخيص. خامساً - المتهم السابع أيضاً (1) أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "مسدساً" بدون ترخيص (2) أحرز ذخيرة (طلقات) مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها. وطلبت إلى السيد مستشار الإحالة بإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 2، 3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 و230 و231 و242/ 1 - 2 من قانون العقوبات و1 و3 و6/ 2 و4 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1944 و75 لسنة 1958 والبندين ( أ ) و(ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً بتاريخ 21 من مايو سنة 1964 عملاً بالمواد 234 و242 و243 من قانون العقوبات ومواد قانون السلاح للمتهم الأول 242 و243 من قانون العقوبات ومواد قانون السلاح للمتهم الثاني و242 و243 للمتهمين الثالث والرابع والسادس والثامن والتاسع و242 و243 عقوبات ومواد قانون السلاح للمتهم السابع مع تطبيق المادة 32 عقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني السابع والمادة 17 من القانون المذكور بالنسبة إلى السابع فقط أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. ثانياً: بمعاقبة كل من المتهمين الباقين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. ثالثاً: بمصادرة المسدس والذخيرة المضبوطة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه استبعد تهمة التجمهر الواردة بأمر الإحالة ودان الطاعنين بجريمة التعدي الحاصل من عصبة توافق أفرادها عليه وقد زاد عددهم على الخمسة دون أن تنبه المحكمة الدفاع عن المتهمين إلى الوصف الجديد لمناقشته مما يعيب حكمها بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بأنهم اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حالة كونهم يحملون أسلحة نارية وعصياً وآلات من شأنها إحداث الموت بأن تجمعوا حاملين هذه الأسلحة وتوجهوا بها قاصدين الاعتداء على المجني عليهم الذين وقع خلاف بينهم وكان أن وقعت الجرائم الآتية في سبيل تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر مع علم المتهمين به. (1) قتلوا أمينة عبد الهادي عمداً مع سبق الإصرار بأن توجهوا إلى مكان وجود المجني عليهم عاقدين العزم على قتل من يصادفهم منهم، وما أن ظفروا بالمجني عليها حتى أطلق عليها المتهم الأول عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها (2) ضربوا أديب أحمد إبراهيم ومحمد أبو سيف سكران ومحمود محمد أبو سيف وأبو سيف محمد أبو سيف فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بالكشوف الطبية والتي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك مع سبق الإصرار. كما وجهت النيابة إلى الطاعنين الأول والسابع جنايتي إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بدون ترخيص وإلى الطاعن الثاني جنحة تسليم السلاح الناري المرخص له بحمله إلى الطاعن السادس قبل الحصول على ترخيص بذلك. ويبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين عرض لتهمة التجمهر ومن بين ما قاله في تفنيدها "إن محمد أبو سيف سكران يروي صورة غير معقولة إلا فيما جاء من أن المتهمين حضروا إليهم وأن بعضهم كان معه عصيان يضرب بها والبعض كان معه أسلحة ويطلقها لفوق ولا يمكن أن يكون ذلك من المتهمين إلا لرد اعتداء حصل عليهم ووقع عليهم على الأقل" كما قال في موضع آخر "إن وجود المتهمين طبيعي ولا يعتبر تجمعهم تجمهر". كما تعرض الدفاع لجريمة القتل العمد المسندة للطاعن الأول على استقلال وقد انتهت المحكمة إلى إدانة الطاعن الأول على أساس ثبوت جنايات القتل العمد وإحراز السلاح الناري المششخن والذخيرة بغير ترخيص وجنحة التعدي المنصوص عليها في المادة 243 من قانون العقوبات وبمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات إعمالاً للمواد 234/ 1 و242/ 1 و243 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 و4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 وبالقانون رقم 75 سنة 1958. كما دانت الطاعن الثاني على أساس ثبوت جريمتي التعدي المنصوص عليها في المادة 243 من قانون العقوبات وجنحة تسليم السلاح الناري المرخص له بحمله قبل الحصول على ترخيص بذلك طبقاً للمواد 242/ 1 و243 من قانون العقوبات و1 و3 و29 و30 من قانون السلاح سالف الذكر. ودانت الطاعن الثالث والرابع والسادس والثامن بالمادتين 242/ 1 و243 من قانون العقوبات. وعاقبت الطاعن السابع على أساس ثبوت جريمة الضرب المنصوص عليها بالمادتين 242/ 1 و243 سالفتى الذكر وجنايتي إحراز السلاح الناري المششخن والذخيرة بغير ترخيص عملاً بالمواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من قانون الأسلحة المشار إليه آنفاً. كما عاملت الطاعنين الأول والسابع بالرأفة عملاً بالمادة 17 عقوبات وطبقت في حقهما وفي حق الطاعن الثاني المادة 32 عقوبات وقضت على كل منهم بعقوبة واحدة وهي المقررة للجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوت واقعة القتل في حق الطاعن الأول قد انتهى إلى أن جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 غير ثابتة في حق المتهمين لعدم توافر أركانهما القانونية ولأن الثابت في حقهم على ما أورده الحكم في مدوناته أنهم توجهوا ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص توافقت على التعدي والإيذاء وكان بعضهم يحمل أسلحة والبعض الآخر عصياً وكان هذا التجمع الطارئ إنما حدث أثر تبليغ المتهمين الثامن والتاسع (الطاعنين السابع والثامن) لباقي المتهمين من أقاربهم الذين كانوا متفرقين في حقولهم في الصباح. وقد اجتمعوا في عزبة الجمعية الخيرية التي تبعد عن مكان الحادث بمسافة كيلو متر بعد الظهر وما أن علموا بما حدث للمتهمين الأخيرين حتى تواردت خواطرهم واتجهت اتجاهاً ذاتياً نحو الجريمة والانضمام إلى معركة للنيل من المجني عليهم الذين اعتدوا عليهم فذهبوا إليهم حاملين أسلحتهم وصاروا يطلقونها في الهواء واعتدى بعضهم بالضرب البسيط على المجني عليهم ثم انفرد أحدهم وهو المتهم الأول دون باقي المتهمين ممن كانوا يحملون أسلحة نارية بإطلاق النار على أمينة عبد الهادي فأرداها قتيلة وبذلك يكون المتهم الأول وهو أحد المتجمهرين قد استقل بارتكاب جريمة القتل لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وهو توافق المتهمين جميعاً على مجرد التعدي والإيذاء بضرب باقي المجني عليهم وإحداث تلك الإصابات الطفيفة التي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوماً. لما كان ذلك، وكانت واقعة القتل العمد التي دين بها الطاعن الأول قد وجهت إليه بالذات ودارت عليها المرافعة أثناء المحاكمة فإن الحكم إذ قضى بإدانته عن هذه التهمة يكون صحيحاً ولا وجه لما يثار في خصوصها من دعوى الإخلال بحق الدفاع طالما كانت هذه الواقعة بذاتها موجهة إليه في أمر الإحالة. وكان الثابت أيضاً أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بجريمة الضرب المسندة إليهم في أمر الإحالة بعد أن استبعد جريمة التجمهر وظرف سبق الإصرار لعدم ثبوتها في حقهم قد أسس هذه الإدانة على ما استخلصه من أن الطاعنين وقد تجمعوا ضمن عصبة مؤلفهم من أكثر من خمسة أشخاص يحملون أسلحة نارية وعصياً توافقوا على التعدي والإيذاء بضرب المجني عليهم وقد وقع هذا الاعتداء بالفعل من بعضهم وهي عناصر اشتمل عليها أصلاً وصف التهمة كما دارت عليها مرافعة الدفاع بالجلسة، ومن ثم فإن ذلك لا يعد تعديلاً في التهمة مما تلتزم المحكمة بلغت نظر الدفاع إليه ذلك أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطي لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضف إليها شيئاً بل نزلت بها إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة واستبعدت منه الظرف المشدد للعقوبة. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعنين الأول والسابع من النعي على الحكم في خصوص ما قضى به في جنحة التعدي المنصوص عليها بالمادة 243 من قانون العقوبات ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات فعاقب الطاعن الأول عن الجرائم الأربعة المسندة إليه بعقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية القتل العمد باعتبارها الجريمة الأشد وعاقب الطاعن السابع عن الجرائم الثلاث المسندة إليه بعقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية إحراز السلاح الناري المششخن بغير ترخيص بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه يكون على غير أساس متعيناً إطراحه.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور وتناقض في التسبيب كما انطوى على فساد في الاستدلال ومخالفة للثابت بالأوراق. وبياناً لذلك يقول الطاعنون أن الحكم وصف الواقعة بما يفيد تتابع الحوادث واتصالها ببعضها ثم عاد ونقض ذلك بما وصف به التجمع من أنه تجمع طارئ وفصل بين واقعة الصباح وواقعة التجمع التي وقعت عصراً مما لا يستقيم به القول بوحدة الترابط الزمني في حكم المادة 243 من قانون العقوبات واكتفى الحكم في إدانة الطاعن الأول بما حصله من أقوال الشهود الثلاثة الأول ليتفادى التناقض في أقوال باقي الشهود وأسند للشاهد محمد أبو سيف سكران أنه حدد المسافة بينه وبين المجني عليها أمينة عند إطلاق النار عليها بحوالي الثلاثة أمتار مع مخالفة ذلك لما قرره في التحقيق من أن الطاعن الأول كان يلصق فوهة البندقية برأس المجني عليها كما ابتسر الحكم مؤدى تقرير الصفة التشريحية في شأن تحديد مسافة الإطلاق وافترض أن الطاعن يحرز بندقية مششخنة بخلاف البندقية التي ضبطت معه مع أن الأحكام لا تبنى على الظن والتخمين بل على الجزم واليقين وفضلاً عما تقدم فقد عاب الطاعن الأول على الحكم أنه أسند إليه أنه أقر في التحقيق بتواجده على مسرح الجريمة مع أنه لم يقل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى ولها أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من جماع تلك الأدلة ولو كان ذلك بطريق الاستنتاج متى كان ما حصلته من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وكان الحكم لم يخطئ في تقديره حين استخلص أن مجيء الطاعنين عصر يوم الحادث ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص توافقوا على التعدي والإيذاء إنما كان نتيجة تلقيهم نبأ النزاع الذي قام بين المجني عليهم والمتهمين الثامن والتاسع في صباح ذلك اليوم وكان ما أورده الحكم من ذلك لا يتعارض مع ما اقتنع به من أن تجمع الطاعنين كانا طارئاً وكان ما يثيره الطاعنون من أن توارد الخواطر يتطلب وحدة الترابط الزمني لا سند له في القانون إذ إن كل ما تتطلبه المادة 243 من قانون العقوبات هو توارد خواطر الجناة على الاعتداء واتجاه خاطر كل منهم اتجاهاً ذاتياً إلى ما تتجه إليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى وفقاً لما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون العقوبات الصادر في سنة 1937، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات الثلاثة الأول وهم محمد أبو سيف سكران وولديه محمود وأبو سيف لما لمسته من صدق أقوالهم ومطابقتها للواقع فلا تثريب عليها إن هي التفتت عن أقوال باقي الشهود. وكان ما أثبته الحكم من أقوال الشاهد محمد أبو سيف سكران في شأن تحديد مسافة الإطلاق بزهاء ثلاثة أمتار له سنده الصحيح من أقواله بمحضر جلسة المحاكمة فلا على الحكم إذا هو أخذ بأقوال الشاهد في الجلسة وأطرح أقواله في التحقيق. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن الأول بشأن التعاون بين الدليلين القولي والفني ورد عليه بقوله "ولا يجدي تمسك الدفاع بما قاله له بعض الشهود من أن المتهم الأول أصاب المجني عليه بالعيار عندما كانت في مواجهته بينما الثابت أنها أصيبت في مؤخرة يسار فروة الرأس بعد ما انتهى إليه تقرير الطبيب الشرعي بأنه لا يمكن تحديد موقف الضارب من المضروب وقت إطلاق النار نظراً لأن الرأس عضو متحرك، هذا بالإضافة إلى أنه لا يمنع أن تكون المجني عليها قد أدارت رأسها إلى الخلف عندما هم المتهم الأول بإطلاق بندقيته عليها فأصابها العيار في مؤخر الرأس والقول بأن إصابة المجني عليها لا تأتي إلا من عيار ناري أطلق عليها من سلاح ناري مششخن الماسورة بينما ثبت أن للمتهم الأول بندقية خرطوش مصقولة الماسورة مرخصة باسمه وأنه لم يضبط في حوزته بندقية مششخنة. هذا القول لا يغير شيئاً إذ أن امتلاك هذا المتهم لبندقية خرطوش لا يمنع من استعماله بندقية أخرى ذات ماسورة مششخنة وقد أجمع شهود الإثبات في هذا الصدد بأنه كان يحمل بندقية ميزر وهي من البنادق المششخنة. ولما قاله الحكم فيما تقدم سائغ وكاف في نفي قيام التعارض بين الدليلين القولي الفني. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من أنه خالف الثابت بالأوراق حين أسند إليه أنه أقر في التحقيق بتواجده على مسرح الجريمة وقت وقوع الحادث مع أنه لم يقل ذلك - مردوداً بأن الثابت من مطالعة ملف المفردات الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً للطعن أن ما أسنده الحكم إلى الطاعن المذكور له أصله في الأوراق. ومن ثم فلا محل لما يثيره في هذين الوجهين.
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق