الصفحات

الأحد، 26 أبريل 2020

الطعن 1482 لسنة 6 ق جلسة 15 / 6 / 1936 مج عمر ج 3 ق 486 ص 611


جلسة 15 يونيه سنة 1936
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا وحضور حضرات محمد فهمي حسين بك وأحمد أمين بك وعبد الفتاح السيد بك ومحمود سامي بك.
------------------
(486)
القضية رقم 1482 سنة 6 القضائية

جنحة مرتبطة بجناية.
إجراءات الحضور والغيبة. متهم بجنحة مرتبطة بجناية. الجنحة تجري عليها أحكام الجنايات في السقوط والغيبة.
(المادة 53 تشكيل)

----------------
إذا حوكم متهم (وهو ضابط بوليس) غيابياً عن تهمتين إحداهما ارتكاب جناية تعذيب وحبس والأخرى ارتكابه جنحة ضرب واستعمال قسوة، وأثبت الحكم الغيابي أن الجريمتين وقعتا من المتهم لغرض واحد، وأنها مرتبطتان إحداهما بالأخرى بحيث لا تقبلان التجزئة، وقضي على المتهم غيابياً بالعقوبة المقرّرة لجناية الحبس والتعذيب عن الجريمتين عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 ع، فإن جريمة الجنحة المذكورة لا يعود لها استقلال ذاتي، بل هي تندمج في الجناية وتصبح الجريمتان جريمة واحدة هي جريمة الحبس والتعذيب. وهذه باعتبارها جناية تجري عليها الأحكام والإجراءات المقرّرة للجنايات من ناحية سقوط العقوبة بمضي المدّة ومن ناحية بطلان الحكم الغيابي إذا حضر المحكوم عليه أو قبض عليه. ولا يجوز في هذه الصورة أن يستند المتهم في الدفع بسقوط الجنحة وفي قيام حقه في المعارضة في الحكم الصادر فيها إلى نص المادة 53 المعدّلة من قانون تشكيل محاكم الجنايات لأن هذه المادة لا تنطبق إلا عند عدم تطبيق المادة 32 فقرة ثانية عقوبات أي عند صدور حكم بعقوبة خاصة عن جنحة رفعت مع الجناية لمحكمة الجنايات.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه في المدّة ما بين 4 إلى 9 مايو سنة 1925 بناحية إخطاب مركز أجا دقهلية: (أوّلاً) مع آخرين سبق الحكم عليهم من محكمة جنايات المنصورة قبض على علي أبو شوشة و.... و ..... "من إخطاب" ومحمد سليمان و.... و.... و .... "من ميت نضاله" والعوضي العشماوي و..... و.... و.... "من الانشاصية" ونصر محمود و... و.... و..... "من ميت مسعود" ومحمود محمد عوض و.... و.... و..... "من منشية عبد النبي" والنادي إبراهيم و..... و..... "من ميت أبو الحسن" والشربيني إبراهيم سالم "من شتشا" وإبراهيم العيوطي "من الغراقة" وأودعوهم بنقطة بوليس إخطاب وحبسوهم بها بغير وجه حق مدداً تتراوح بين يوم وأربعة أيام، وعذبوهم بالتعذيبات البدنية بأن ضربوهم على أيديهم وأجسامهم بالعصي والسياط، وكانوا يقيدونهم بالحبال، ويعلقون أقدامهم، ويضربونهم عليها، ويجعلونهم يدورون على شكل حلقة، ويوسعونهم ضرباً بالعصي والسياط، ويرقدون صفوفاً على بطونهم، ويعملون حركات عسكرية من رفع وخفض وقيام وقعود، ويتسمى كل منهم باسم امرأة يختارها، وكانوا يكلفونهم بالكنس والرش وتمهيد الأرض، وبعد أن تبتل الأرض بالماء يأمرونهم بأن يتمرّغوا عليها فتتلوث أجسامهم بالطين، وأحضروا لهم قصاص البهائم فقص لكثيرين منهم شعور رؤوسهم وشواربهم بمقص البهائم بشكل مشوّه. وقد أحدثوا بهم الإصابات والآثار المبينة بالتقارير الطبية. (ثانياً) استعمل القسوة مع كل من أحمد أحمد النحاس و........ و........ وآمنة بنت عمر بأن ضربهم وأحدث آلاماً وجروحاً بأيديهم ونشأ عن ضربه لأوّلهم إصابة استوجبت مرضه وعجزه عن أشغاله الشخصية مدّة تزيد على العشرين يوماً. وطلبت النيابة العمومية من حضرة قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 242 و 244/ 1 و113 و205/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات المنصورة أنهت سماع هذه الدعوى، وقضت حضورياً في 29 مارس سنة 1936 عملاً بالمواد 113 و205/ 1 و244 و32/ 1 و17 عقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في يوم صدوره، وقدّم حضرة الأستاذ فهمي سعد أفندي المحامي تقريراً بأن الحكم لم يختم في الميعاد القانوني في 11 إبريل سنة 1936 ودعمه بشهادة بذلك.
وبجلسة 18 مايو سنة 1936 منحت المحكمة الطاعن أجلاً مداه عشرة أيام ليقدّم فيه أسباب الطعن فقدّمها في 25 مايو سنة 1936.


المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن حاز شكله القانوني.
ومن حيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن بني على أن الطاعن قدّم للمحاكمة عن تهمتين: الأولى جناية حبس وتعذيب بالمادة 244 عقوبات، والثانية جنحة استعمال القسوة بالمادتين 113 و205 عقوبات. وفي كل تهمة منهما مجني عليهم غيرهم في التهمة الأخرى، كما أن لكل تهمة ظروفاً زمنية تختلف عن ظروف الأخرى، وكان من بين المجني عليهم في تهمة جنحة الضرب واستعمال القسوة سيدة تدعى فاطمة البلتاجي زعمت أن الطاعن ضربها فأجهضها، وادعت بحق مدني عند المحاكمة الغيابية، فناقش الحكم الغيابي الصادر بمعاقبة الطاعن واقعتها وانتهى إلى تكذيبها وتبرئته منها ورفض طلب التعويض الخاص بها. فكان بمقتضى هذا ألا تطرح واقعة فاطمة بلتاجي هذه عند المحاكمة الحضورية مرة أخرى، ولكن الحكم المطعون فيه أعاد مناقشة هذه الواقعة مرة ثانية على أساس أنها ثابتة على الطاعن فيكون الحكم حمله ما لا يصح تحميله إياه بإضافة هذه الواقعة إلى الوقائع التي أثبتها في حقه.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم الغيابي يرى أن المحكمة لم تفصل في الواقعة الخاصة باستعمال القسوة على فاطمة البلتاجي من الجهة الجنائية ببراءة الطاعن كما يدعي. على أنه لا مصلحة للطاعن في هذا الوجه لأن الحكم المطعون فيه لم يوقع عليه إلا عقوبة واحدة وهي عقوبة الجريمة الأشدّ أي الحبس والتعذيب.
ومن حيث إن الوجه الثاني والثالث يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في موضعين: أوّلهما أنه أعاد محاكمة الطاعن عن التهمتين المنسوبتين إليه وهما جناية (الحبس والتعذيب) وجنحة (استعمال القسوة والضرب) معاً وأثبتهما في حقه وحاسبه عليهما مع أنه لم يقدّم معارضة للآن عن جريمة الجنحة بالطريق الذي رسمه القانون للمعارضة في مواد الجنح، وذلك طبقاً للمادة 53 من قانون تشكيل محاكم الجنايات المعدّلة بالقانون رقم 39 لسنة 1934، ثانيهما أن جنحة الضرب واستعمال القسوة التي حوسب عنها الطاعن في الحكم المطعون فيه سقط الحق في إقامة الدعوى بالنسبة لها.
ومن حيث إن الظاهر من الحكم الغيابي والحكم المطعون فيه أن وقائع الدعوى التي قدّم الطاعن من أجلها لمحكمة الجنايات تتحصل في أن الطاعن ارتكب جناية التعذيب والحبس وجنحة الضرب واستعمال القسوة مع من ذكروا في الحكمين المذكورين لغرض الإساءة إلى أهالي نقطة إخطاب التي عين ضابطاً لها. وقد أثبت الحكم الغيابي وقوع الجريمتين منه وبين أنهما ارتكبتا لغرض واحد وأنهما مرتبطتان ببعضهما بحيث لا تقبلان التجزئة، وقضي على الطاعن غيابياً بالعقوبة المقرّرة لجناية الحبس والتعذيب عن الجريمتين عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات. ولما حضر الطاعن قدّم مرة ثانية لمحكمة الجنايات لنظر القضية من جديد بوصفها ووقائعها الأولى فأثبت الحكم المطعون فيه وقوع الجريمتين من الطاعن، كما أثبت أنه ارتكبهما لغرض واحد وأنهما مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ولهذا اعتبرتهما المحكمة جريمة واحدة، وعاقبت الطاعن عنهما بعقوبة واحدة مراعية في ذلك العقوبة المقرّرة لأشدّ الجريمتين وهي جناية الحبس والتعذيب طبقاً للمادة 32 فقرة ثانية عقوبات.
ومن حيث إنه ما دام الحكم الغيابي اعتبر الجريمتين المنسوبتين للطاعن جريمة واحدة طبقاً للمادة 32 فقرة ثانية عقوبات وعاقبته بعقوبة واحدة عن الجريمة الأشدّ وهي الجناية فلا محل للتحدّث بعد ذلك عن سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة للجنحة، كما لا محل للتحدّث عن قيام الحق في المعارضة فيها. ذلك لأن جريمة الجنحة المذكورة لم يعد لها استقلال ذاتي، إذ أنها اندمجت في الجناية وأصبحت الجريمتان جريمة واحدة هي جريمة الحبس والتعذيب، وهذه باعتبارها جناية تجري عليها الأحكام والإجراءات المقررة للجنايات من ناحية سقوط العقوبة بمضي المدّة ومن ناحية بطلان الحكم الغيابي إذا حضر المحكوم عليه أو قبض عليه. أما ما يستند إليه الطاعن في قيام حقه في المعارضة وفي الدفع بسقوط جريمة الجنحة طبقاً للمادة 53 من قانون تشكيل محاكم الجنايات المعدّلة فهو في غير محله، لأن محل تطبيق هذه المادة المعدّلة هو عند صدور حكم بعقوبة خاصة عن جنحة رفعت مع الجناية لمحكمة الجنايات أي عند عدم تطبيق المحكمة للمادة 32 فقرة ثانية عقوبات، الأمر الذي لم يحصل في الدعوى الحالية.
ومن حيث إن مبنى الوجه الرابع أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن أحمد يوسف النجار وأحمد محمود أبو عزيزة من بين الذين أثبت الحكم المطعون فيه وقوع جريمة الحبس والتعذيب عليهم لغير علة واضحة في أسبابه، فضلاً عن أن هذين الشخصين شهدا بالجلسة بأن الطاعن لم يضربهما، وبذلك يكون الحكم قد استند في هذا الشأن إلى سبب غير صحيح لا وجود له في الأوراق.
ومن حيث إنه ثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند إلى أقوال الشخصين المذكورين في الجلسة بشأن إدانة الطاعن في حبسهما وتعذيبهما، بل إنه أثبت وقوع الجناية عليهما من أقوالهما في التحقيقات السابقة ومن شهادة الشهود الآخرين والكشوف الطبية. ولا نزاع في أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه، إذ أن ذلك يرجع إلى تقديرها هي ولا رقابة عليها فيه.
ومن حيث إن محصل الوجه الخامس أن الحكم المطعون فيه اعتمد في إثبات تهمة التعذيب على الكشوف الطبية المتوقعة على المجني عليهم مع أن هذه الكشوف أثبتت أن إصابة بعضهم مفتعلة وأن منهم من لم تكن به إصابات، وقد تمسك الطاعن بهذا، ومع ذلك لم يعن الحكم بالرد على هذا الدفاع بل استند إلى هذه الكشوف نفسها.
ومن حيث إن هذا الوجه غير صحيح أيضاً لأن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه عني بالرد على دفاع الطاعن المتضمن بأن بعض إصابات المجني عليهم مفتعلة وبين فساد هذا الدفاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق