الصفحات

الأربعاء، 29 أبريل 2020

الطعن 1426 لسنة 15 ق جلسة 29 / 10 / 1945 مج عمر ج 6 ق 632 ص 783


جلسة 29 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندى عبد الملك بك ومحمد المفتى الجزائرلى بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
----------------
(632)
القضية رقم 1426 سنة 15 القضائية

تلبس.
مشاهدة المتهم ومعه السلاح الناري في يده وعدم تقديمه لمأمور الضبط الذى شاهده الرخصة التي تخوّله حمله. تلبس بجنحة حمل السلاح ولو استطاع فيما بعد تقديم هذه الرخصة. لا يتشرط في التلبس أن تكون الجريمة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة عناصرها أو ثابتة على المتهم. القبض على المتهم وتفتيشه. صحيح سواء لداعى مجرد القبض عليه أو للبحث عن أدلة متعلقة بالجريمة كالخراطيش مثلا. حق المأمور الذى باشر التفتيش أن يضع يده على ما يصادفه متعلقا بجريمة أخرى. الاستدلال بالشيء المضبوط أثناء هذا التفتيش. جائز.
-----------------
إن مشاهدة المتهم ومعه السلاح الناري في يده، وعدم تقديمه لمأمور الضبط القضائي الذى شاهده الرخصة التي تجيز له حمل السلاح - ذلك يعتبر تلبسا بجنحة حمل السلاح ولو استطاع المتهم فيما بعد أن يقدّم الرخصة. إذ لا يشترط في التلبس أن يثبت أن الواقعة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة فيها عناصر الجريمة أو أن المتهم هو الذى قارفها. وإذن فالقبض على هذا المتهم يكون صحيحا وتفتيشه، سواء لداعى مجرّد القبض عليه أو للبحث عن أدلة مادية متعلقة بالجريمة كالخراطيش الخاصة بالسلاح الذى ضبط معه، صحيح كذلك. ومتى كان التفتيش صحيحا فإن مأمور الضبط القضائي الذى باشره يكون له بمقتضى القانون أن يضع يده على ما يجده في طريقه أثناء عملية التفتيش، سواء في ذلك ما يكون متعلقا بالجريمة التي يعمل على كشف حقيقة أمرها أو بأية جريمة أخرى لم تكن وقتئذ محل بحث. إذ لا تصح مطالبته، وهو بحكم القانون إذا علم، عن أي طريق، بوقوع جريمة مختص بتحرّي حقيقتها، وأن يغض بصره عن دليل يكشف عن جريمة وقعت، والحال أن هذا الدليل هو الذى قابله مصادفة أثناء مباشرته عملا مشروعا، ولم يكن في الواقع وحقيقة الأمر، ناتجا عن أي إجراء أو عمل مما يصح وصفه في القانون بالصحة أو البطلان. أما الضبط - وهو عمل من أعمال التحقيق كالتفتيش وإن كان أهون منه على الناس في خطره - فإنه يكون صحيحا على أساس التلبس إذا كان ما شوهد أثناء التفتيش تعد حيازته جريمة كالمخدّر مثلا، فإذا لم يكن إلا دليلا كشف عن جريمة سبق وقوعها فإن هذا الدليل يكون بمثابة بلاغ عنها يخوّل مأمور الضبط القضائي أن يثبت حالته في محضر يحرره ويسير في التحري عنه ثم يتحفظ عليه مؤقتا حتى يقدمه لسلطة التحقيق المختصة بضبطه قانونا كما هو مقتضى المادة 10 من قانون تحقيق الجنايات. وإذن ففي كل الأحوال يكون الاستدلال بالشيء المضبوط أثناء التفتيش الصحيح سائغا جائزا.


المحكمة
وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن العلة التي دعت إلى إجراء التفتيش منهارة لأن المسدّس الذى وجد معه مرخص به، فضلا عن أن تسليم المسدس والطلقات إلى الكونستابل كان من شأنه أن يمتنع هذا عن اتخاذ أي إجراء في حق الطاعن فما كان له أن يقبض عليه ويسوقه من عربة الدرجة الثالثة حيث كان إلى عربة الدرجة الثانية حيث كان الضابط الذى أمر بتفتيشه على الرغم من عدم توفر حالة التلبس بجريمة. وفوق هذا فانه مقرّر أن من يباشر التفتيش لا يجوز له أن يتجاوز الغرض الذي يفتش من أجله فما كان للضابط إذن أن يأمر بالتفتيش عن أشياء أخرى غير السلاح. وإذن فضبط المخدّر غير جائز. على أن الخمسة الخراطيش التي كان يجرى البحث عنها ليست حيازتها في ذاتها جريمة تبيح التفتيش ما دام إحراز المسدّس ذي الطلقات التسع بصفة قانونية يسوغها.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "وجدت في حيازته مادة مخدّرة (أفيون) بدون مبرر قانوني". ومحكمة أوّل درجة دانته والمحكمة الاستئنافية أيدت حكم الإدانة وذكرت: أن الواقعة تتحصل كما يرويها على عبد العزيز كونستابل المباحث في أنه كان يسافر يوم الحادث مع قوّة من مكتب المخدّرات تحت رياسة الضابط عبد بالحكيم أفندي كمال محمد في القطار الذي يصل إلى دشنا مساء ذلك اليوم وقبيل وصول القطار إلى نجع حمادي وجد المتهم واقفا بجوار البوفيه في العربة الثالثة ووجده يحمل طبنجة ظاهر مقبضها فسأله عما إذا كان يحمل ترخيصا لها فأجابه بالإيجاب فطلب منه الترخيص فأفهمه أنه غير موجود معه. وأنه بمركز منفلوط فطلب منه الطبنجة فسلمها إليه وأخذه إلى رئيسه الضابط عبد الحكيم أفندي كمال الذي كان يركب في الدرجة الثانية وعرض عليه الأمر ولاحظ أن بالطبنجة أربع طلقات في حين أن مرتبها تسع طلقات، كما شك في ادعاء المتهم بأنها مرخصة لأنها من نوع ألماني، وظن أن باقي الظروف مع المتهم فأمر بتفتيشه. ويقول الشاهد إن الكونستابل والضابط الأوّل قام بالتفتيش تحت إشراف ومرأى الثاني فعثر أخيرا في جيب السترة الخارجي العلوي على ورقة ملفوفة وهي جزء من إعلان قضائي وبها مادة داكنة تبين أنها أفيون، كما ثبت ذلك من معاينتها بمعرفة الكونستابل والضابط ومن التحليل الكيماوي. وقد شهد بهذه الوقائع الكونستابل والضابط. وحيث إن المتهم دفع أمام محكمة الاستئناف ببطلان التفتيش لسببين: الأوّل أن المتهم لم يكن في حالة من حالات التلبس إذا لم يكن هناك جريمة لأن المسدّس مرخص بحمله والسبب الثاني أن التفتيش كان لغرض معين وهو البحث عن الأظرف فلا يجوز أن يقع على شيء غيرها. وحيث إن هذا الدفع في غير محله لأنه بالنسبة للسبب الأوّل فقد ضبط المتهم وهو يحمل مسدّسا، وهذا يكون جريمة طبقا للقانون 8 سنة 1917 سلاح والأوامر العسكرية شدّدت عقوبة إحرازه ولم يستطع المتهم أن يقدّم الرخصة عند ضبطه وقد قام عند الضابط والكونستابل شك في ادعائه بالترخيص، لأن المسدّس من ماركة ألمانية فكان لهما الحق إذن في ضبط المتهم والقبض عليه وتحقيق الجريمة إلى أن يثبت المتهم دفاعه، وطالما أن الضبط والقبض في محلهما وكان المتهم أيضا في حالة تلبس، فإن التفتيش الذى يقوم به رجال الضبطية القضائية لا يحتاج إلى إذن من النيابة طبقا للمادتين 15 و18 تحقيق جنايات، ولا وجه للاعتراض على صحته. وحيث إنه بالنسب للسبب الثاني فإنه من المقرر أنه متى كان التفتيش من أجل جريمة معينة جائزا قانونا فإن العثور على شيء يكون إحرازه جريمة أخرى يقع صحيحا هو الآخر طالما أنه قد عثر عليه أثناء وبسبب التفتيش والبحث عن الجريمة الأولى. وهذا أمر ظاهر الحجة، فإن الغرض من القيود الواردة بصدد التفتيش هو المحافظة على حرمة الأشخاص وحرياتهم، فإذا وجد ما يبرر التفتيش بجريمة معينة فلا يقوم إذن وجه للاعتراض عليه إذا ما كشف عن جريمة أخرى طالما أن عملية التفتيش واحدة ولم تستلزم في سبيل الكشف عن الجريمة الثانية إضرارا أو انتهاكا لحرية المتهم أكثر مما كان يتطلبه التفتيش عن الجريمة الأولى. ومن جهة أخرى فإنه لما يبتعد عن المنطق القضائي أن تشل يد الضبطية القضائية عن جريمة ظهرت لها سافرة أثناء تفتيش عن جريمة أخرى فيلزم رجال الضبطية القضائية بإغضاء عنها وعدم تحقيقها. وحيث إن الكونستابل والضابط أمرا بالتفتيش في حالة تلبس المتهم بإحرازه سلاحا ناريا لم يثبت أثناء التفتيش أنه مرخص وذلك للبحث عن الخمس طلقات الناقصة من مرتبه، فعثورهما على المخدّر أثناء التفتيش يكون صحيحا. ومن ثم يتعين رفض الدفع المذكور. وحيث إن الحكم الابتدائي في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة ومن ثم يتعين تأييده.
وحيث إنه لا وجه لما يتمسك به الطاعن في طعنه. فإنه وقد شوهد ومعه السلاح الناري في يده ولم يقدّم لمأمور الضبط القضائي الذي شاهده الرخصة التي تجيز له حمل السلاح يعتبر قانونا في حالة تلبس بجنحة حمل السلاح ولو استطاع فيما بعد أن يقدم الرخصة إذ لا يشترط في التلبس أن تكون في الجريمة التي اتخذت الإجراءات بالنسبة إليها متوافرة عناصرها بالقانونية أو ثابتة على من يتهم فيها. وإذن فالقبض على الطاعن ثم تفتيشه سواء لداعى مجرّد القبض عليه أو للبحث عن أدلة مادية متعلقة بالجريمة كالخراطيش الخاصة بالسلاح الذي ضبط معه يكون صحيحا. ومتى كان التفتيش صحيحا فإن مأمور الضبط القضائي الذي باشره يكون له بمقتضى القانون أن يضع يده على كل ما يجده في طريقة أثناء عملية التفتيش، سواء في ذلك ما يكون متعلقا بالجريمة التي يعمل على كشف حقيقة أمرها أو بأية جريمة أخرى ولو لم تكن وقتئذ محل بحث. ولا تصح مطالبته في هذه الحالة بأن يغض بصره عن دليل يكشف عن جريمة وقعت وهو مختص قانونا بتحرّي حقيقتها متى علم بها عن أي طريق، ما دام هذا الدليل هو الذي قابله مصادفة أثناء مباشرته عملا مشروعا ولم يكن في حدّ ذاته في الواقع وحقيقة الأمر ناتجا عن أي إجراء أو عمل مما يصح وصفه في القانون بالصحة أو البطلان. هذا بالنسبة إلى التفتيش. أما عن الضبط في ذاته - وهو عمل من أعمال التحقيق كالتفتيش وإن كان أهون منه على الناس في خطره - فإنه إذا كان ما شوهد أثناء التفتيش تعدّ حيازته جريمة كالمخدّر محل الدعوى هذه، فإن الضبط يكون صحيحا بلا شك على أساس التلبس بها، أما إذا لم يكن إلا دليلا كشف عن جريمة سبق وقوعها فإن وجوده يكون بمثابة بلاغ عنها يخوّل مأمور الضبط القضائي إثبات حالته في محضر يحرّره والسير في التحري عنه ثم التحفظ عليه مؤقتا حتى يقدّمه لسلطة التحقيق المختصة بضبطه قانونا، كما هو مقتضى المادة 10 من قانون تحقيق الجنايات. وإذن ففي كل الأحوال يكون الاستدلال بالشيء المضبوط أثناء التفتيش الصحيح سائغا جائزا. ومتى كان ذلك كذلك فإن القضاء بإدانة الطاعن على الأساس الذي قالته المحكمة يكون سليما خلافا لما يزعمه في طعنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق