الصفحات

الخميس، 19 مارس 2020

الطعن 248 لسنة 30 ق جلسة 18 / 2 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 30 ص 191

جلسة 18 من فبراير سنة 1965
برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
------------
(30)
الطعن رقم 248 لسنة 30 القضائية
)أ) حوادث طارئة. "نطاق نظرية الحوادث الطارئة". التزام. "الالتزام التعاقدي". "تنفيذه". بيع.
نص المادة 147/ 2 مدني عام يتسع لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وبين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين. انطباق هذه النظرية على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري. انطباقها كذلك على العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ التزامات العاقدين. مثال ذلك عقود البيع المؤجل فيها الثمن كله أو بعضه.
(ب) حوادث طارئة. "تطبيق نظرية الظروف الطارئة". إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952".
الحادث الطارئ قد يكون تشريعاً كما يكون عملاً أو واقعة مادية. القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي - اعتباره حادثاً طارئاً فهو حادث استثنائي عام لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه.
---------------
1 - يبين من نص الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني أن المشرع في إطلاقه التعبير بالالتزام التعاقدي لم يخصص نوعاً من الالتزام التعاقدي بعينه بل أورد النص بصيغة عامة تتسع لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وتنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدي إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين بما يجاوز حدود السعة. ومن ثم فإن هذه النظرية تنطبق على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري كما تنطبق على العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ بعض التزامات العاقدين، وذلك لتحقق حكمة التشريع في الحالتين وهي إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفترة وذلك برفع العنت عن المدين تمكيناً له من تنفيذ التزامه دون إرهاق كبير، وهذا الاختلال كما قد يحدث في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية أو مستمرة فإنه يحدث أيضاً في الالتزامات المؤجلة التنفيذ. ولا يقدح في تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود البيع المؤجل فيها الثمن كله أو بعضه أن إرجاء دفع الثمن إنما قصد به تيسير التنفيذ على المشتري فلا ينبغي أن يضار به البائع ذلك أن الأجل أمر ملحوظ في التعاقد على الصفقة أصلاً لولاه ما تمكن البائع من إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه فلا يعتبر والحال كذلك تأجيل تنفيذ التزام المشتري بدفع الثمن تفضلاً من البائع (1).
2 - قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 يعتبر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - حادثاً استثنائياً عاماً في مدلول الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني، ذلك أن الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ قد توافرت في قانون الإصلاح الزراعي سالف الذكر، فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه، ولا يغير من اعتباره كذلك كونه تشريعاً، لأن نص الفقرة الثانية من المادة 147 مدني قد أطلق في التعبير عن الحادث فلم يقيده بأن يكون عملاً أو واقعة مادية (1).

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أنه بعقد تاريخه 27 من نوفمبر سنة 1951 اشترى الطاعنان الأولان من المطعون عليه 5 ف و2 ط و12 س بثمن قدره 4083 ج و337 م دفع منه وقت التوقيع على العقد مبلغ 2000 ج والباقي وقدره 2083 ج و337 م اتفق على أن يدفعه المشتريان على قسطين الأول وقدره 1041 و669 م يستحق الأداء في أول أكتوبر سنة 1952 والقسط الثاني وقدره 1041 ج و668 م يدفع في أول أكتوبر سنة 1953 وذلك بفائدة قدرها 6% - كما اشترت الطاعنة الثالثة من ذات البائع بموجب عقد مؤرخ 8 من نوفمبر سنة 1951 فداناً بثمن قدره 800 ج عجلت نصفه وقسط الباقي على قسطين متساويين يستحق أولهما في أول أكتوبر سنة 1952 والثاني في أول أكتوبر سنة 1953 مع الفوائد بواقع 6% - وإذ استصدر المطعون ضده أمري أداء بقيمة باقي الثمن - فقد عارض الطاعنون فيهما بالمعارضتين رقمي 231 و232 سنة 1956 كلي المنصورة - تأسيساً على أن المبالغ الصادر بها أمري الأداء هي ثمن أطيان اشتراها الطاعنون من المطعون عليه وأقر في عقد البيع أنها خالية من كافة الحقوق العينية - وقد تبين أنه اشتراها من طائفة الروم الكاثوليك ضمن أطيان أخرى بثمن إجمالي قدره 37055 ج و893 م ولم يسدد منه سوى مبلغ 25263 ج وتأخر في الوفاء بباقي الثمن رغم فوات ميعاد الاستحقاق مما يهدد العين المبيعة بالخطر وأنه يجوز لهم في هذه الحالة حبس الثمن طبقاً لنص المادة 457/ 2 من القانون المدني - كما أن صدور قانون الإصلاح الزراعي وما ترتب عليه من تحديد القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية أدى إلى انخفاض قيمة هذه الأراضي وإحداث تغيير في الظروف الاقتصادية العامة مما أضحى معه التزامهم مرهقاً إرهاقاً يستأهل رده إلى الحد المعقول تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة - وطلب الطاعنون الحكم بإلغاء أمري الأداء المعارض فيهما وقد ضمت محكمة الدرجة الأولى المعارضتين وقضت في 30 من ديسمبر سنة 1956 بندب مكتب الخبراء لتقدير ثمن الأطيان على ضوء ما أحدثه قانون الإصلاح الزراعي من تغيير في أثمان الأراضي الزراعية وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي قدر فيه قيمة الفدان من الأطيان المبيعة بمبلغ 500 ج في ظل قانون الإصلاح الزراعي قضت المحكمة في 27 من ديسمبر سنة 1959: أولاً - في المعارضة رقم 231 لسنة 1956 كلي المنصورة بتعديل أمر الأداء إلى مبلغ 552 ج و84 مليماً وإلزام المعارضين (الطاعنين الأولين) بالمصروفات والأتعاب. ثانياً - في المعارضة رقم 232 سنة 1956 كلي بتعديل أمر الأداء إلى مبلغ 100 ج وإلزام المعارضة (الطاعنة الثالثة) بالمصاريف والأتعاب - رفع المطعون ضده استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 35 سنة 12 قضائية - ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 7 من إبريل سنة 1960 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهما الأولين "الطاعنين الأولين" بأن يدفعا للمستأنف "المطعون ضده" 2083 ج و337 مليماً والفوائد بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 1/ 10/ 1952 بالنسبة لمبلغ 1041 ج و669 مليماً ومن 1/ 10/ 1953 بالنسبة لمبلغ 1041 ج و668 مليماً حتى السداد على أن يودع ما يحصل من التنفيذ خزانة المحكمة حتى يطهر العقار موضوع النزاع من الحقوق العينية التي ترتبت عليه وإلزام المستأنف عليها الثالثة "الطاعنة الأخيرة" بأن تدفع للمستأنف "المطعون عليه" مبلغ 400 ج والفوائد بواقع 6% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 1/ 10/ 1952 بالنسبة لمبلغ 200 ج ومن 1/ 10/ 1953 بالنسبة لمبلغ 200 ج حتى السداد على أن يودع ما يحصل من التنفيذ خزانة المحكمة حتى يطهر العقار موضوع النزاع من الحقوق العينية التي ترتبت عليه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السببين الأول والثاني - على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم طلبوا أمام محكمة الموضوع رد ثمن الأراضي المبيعة إلى الحد المعقول بعد أن هبطت أثمانها هبوطاً يتهددهم بالخسارة الفادحة نتيجة صدور قانون الإصلاح الزراعي واستندوا في هذا الطلب إلى المادة 147/ 2 مدني وقد رفض الحكم إجابة هذا الطلب استناداً إلى ما قاله من أن حكم الفقرة المذكورة لا ينطبق إلا على العقود الزمنية المتراخية وإلى أن قانون الإصلاح الزراعي لا يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً إذ هو لا يعدو أن يكون تشريعاً صدر من السلطة التي تملكه ويقول الطاعنون إن كلا هذين الأمرين خطأ ذلك أن نص الفقرة سالفة الذكر يتحدث في عموم عن الالتزام التعاقدي فلا يجوز والحال كذلك تخصيصه بالالتزامات الزمنية المتراخية كما أن إجماع الفقه على أن نظرية الظروف الطارئة كما تنطبق على العقود الزمنية ذات التنفيذ المستمر أو الدوري فإنها تنطبق أيضاً على العقود الفورية ذات التنفيذ المؤجل كذلك فإن قانون الإصلاح الزراعي يعتبر حادثاً استثنائياً لأن الظروف التي صدر فيها لم تكن ظروفاً مألوفة - فلم يكن متوقعاً ولا ممكناً دفعه ولا يغير من ذلك كونه تشريعاً إذ أنه ليس ثمة ما يحول دون اعتبار التشريع ظرفاً استثنائياً طارئاً - وقد جاء القانون رقم 452 لسنة 1943 مؤيداً لهذا النظر ذلك أن النتيجة التي رتبها القانون المذكور على صدور قانون الإصلاح الزراعي لا يمكن تفسيرها إلا على أساس اعتبار القانون الأخير ظرفاً طارئاً.
وحيث إن النعي بهذين السببين صحيح ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني تنص على أنه "ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك". ويبين من هذا النص أن المشرع في إطلاقه التعبير بالالتزام التعاقدي لم يخصص نوعاً من الالتزام التعاقدي بعينه بل أورد النص بصيغة عامة تتسع لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وتنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدي إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين بما يجاوز حدود السعة - ومن ثم فإن هذه النظرية تنطبق على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري كما تنطبق على العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ بعض التزامات العاقدين، وذلك لتحقق حكمة التشريع في الحالتين وهي إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفترة وذلك برفع العنت عن المدين تمكيناً له من تنفيذ التزامه دون إرهاق كبير وهذا الاختلال كما قد يحدث في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية أو مستمرة فإنه يحدث أيضاً في الالتزامات المؤجلة التنفيذ ولا يقدح في تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود البيع المؤجل فيها الثمن كله أو بعضه أن إرجاء دفع الثمن إنما قصد به تيسير التنفيذ على المشتري فلا ينبغي أن يضار به البائع ذلك أن الأجل أمر ملحوظ في التعاقد على الصفقة أصلاً لولاه ما تمكن البائع من إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه فلا يعتبر والحال كذلك تأجيل تنفيذ التزام المشتري بدفع الثمن تفضلاً من البائع كما أن قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 يعتبر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة حادثاً استثنائياً عاماً في مدلول الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني، ذلك أن الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ قد توافرت في قانون الإصلاح الزراعي سالف الذكر فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه ولا يغير من اعتباره كذلك كونه تشريعاً ذلك أن نص الفقرة الثانية من المادة 147 مدني قد أطلق في التعبير عن الحادث فلم يقيده بأن يكون عملاً أو واقعة مادية - وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

 (1)نقض 3/ 1/ 1963 طعن 263 س 26 ق السنة 14 ص 37.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق