الصفحات

الأحد، 15 مارس 2020

الطعن 331 لسنة 21 ق جلسة 4 / 2 / 1954 مكتب فني 5 ج 2 ق 74 ص 486


جلسة 4 من فبراير سنة 1954
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، ومصطفى فاضل، وعبد العزيز سليمان المستشارين.

---------------
(74)
القضية رقم 331 سنة 21 القضائية
(أ) علامات تجارية. حكم. تسبيبه. 
تقريره أن رسم نصف القرش المثقوب لا يعتبر شعاراً للدولة مما لا يجوز اتخاذه علامة تجارية. لا خطأ.
(ب) علامات تجارية. 
وجود تشابه بين علامتين تجاريتين من شأنه أن يخدع جمهور المستهلكين. مسألة موضوعية.
(ج) علامات تجارية. 
أوجه التشابه التي تعتبر تقليداً. العبرة فيها هي بما يخدع به متوسط الحرص والانتباه.

---------------
 (1)متى كان الحكم قد قرر أن رسم نصف القرش المثقوب الذي اتخذه المطعون عليه علامة تجارية مميزة لبضاعته لا يعتبر شعاراً للدولة يمتنع عليه اتخاذه فإن هذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون.
 (2)تقرير وجود تشابه بين علامتين تجاريتين من شأنه أن يخدع جمهور المستهلكين هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض متى كانت الأسباب التي أقيم عليها تبرر النتيجة التي انتهى إليها.
 (3)العبرة في أوجه التشابه التي تعتبر تقليداً محرماً قانوناً هي بما يخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه في 12 من مايو سنة 1948 قدم المطعون عليه الأول طلباً إلى رئيس محكمة مصر قال فيه إنه اتخذ لتمييز منتجاته من الدخان المعسل علامة تجارية هي "أبو قرش" وقد سجلها في 28 من إبريل سنة 1948 برقم 3243 - وأنه بالرغم من ذلك تعمد الطاعن تقليد علامته بوضعها على منتجات مصنعه المعبأة في صناديق من ذات اللون بحيث جاء المظهر العام للعلامتين واحداً بالرغم من الفروق الطفيفة بينهما الأمر الذي أدى إلى خدع الجمهور واختلاط الأمر عليه. وطلب لذلك توقيع الحجز التحفظي على جميع الصناديق والأوراق والكليشيهات التي تحمل العلامة المذكورة وتحديد جلسة لنظر الموضوع والحكم - أولاً - بصحة الحجز وجعله نافذاً. ثانياً - بإعدام الأشياء المحجوز عليها، ثالثاً - بمنع الطاعن من استعمال العلامة المحجوز عليها سواء بأكملها أو بأي جزء منها. رابعاً - بإلزام الطاعن بأن يدفع إليه مبلغ 25 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. خامساً - ينشر الحكم في جريدتين يوميتين على نفقة الطاعن - سادساً - بإلزام الطاعن بجميع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة... الخ وفي 13 من مايو سنة 1948 صدر الأمر بتوقيع الحجز ونفذ في 26 منه. وفي 15 من يونيه سنة 1948 طلب المطعون عليه الأول توقيع حجز تكميلي آخر. وصدر الأمر بذلك ونفذ في 7/ 7/ 1948. وفي 3 من نوفمبر سنة 1948 رفع الطاعن تظلماً من أمري الحجز قيد برقم 963 سنة 1948 تجاري. ثم أقام دعوى فرعية على المطعون عليه الأول طلب فيها. في مواجهة مصلحة العلامات التجارية التي أدخلها خصماً في الدعوى. شطب علامة أبو قرش التي اتخذها المطعون عليه الأول علامة لبضاعته والتي سجلها في 28 من إبريل سنة 1948 برقم 3243 مع إلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات...الخ. مؤسساً دعواه على أن تسجيل علامة المطعون عليه الأول قد وقع خاطئاً لأن علامة نصف القرش تعتبر شعاراً من شعارات الدولة فلا يمكن اتخاذها علامة تجارية أو عنصراً من عناصرها عملاً بالمادة 5 من القانون رقم 57 سنة 1939، وفي 3 من يونيه سنة 1950 قضت المحكمة: أولاً - في الدعوى الأصلية: ( أ ) بصحة الحجزين التحفظيين الموقعين في 26/ 5/ 1948 و7/ 7/ 1948 وجعلهما نافذين. (ب) بمصادرة جميع الأشياء المحجوز عليها. (جـ) بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 25 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. (د) ينشر الحكم في جريدتي الأهرام والزمان على نفقة الطاعن. (هـ) بإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات وبمبلغ ألفي قرش مقابل أتعاب المحاماة، ثانياً - في التظلم المرفوع من الطاعن عن الحجزين بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وبصحة الحجزين المتظلم منهما. ثالثاً - في الدعوى الفرعية بعدم قبولها لرفعها من غير صاحب الشأن فيها مع إلزام الطاعن بالمصروفات... الخ. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 161 سنة 67 ق تجاري. وفي 10 من مايو سنة 1951 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول دعوى المستأنف الفرعية (الطاعن) وبقبولها، وفي موضوعها برفضها وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وألزمت الطاعن بالمصروفات. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب - حاصل الأول منها هو أن الحكم إذ قضى برفض دعوى الطاعن الفرعية الخاصة بطلب شطب علامة المطعون عليه الأول تأسيساً على أن علامة نصف القرش ليست شعاراً رسمياً للدولة، وإذ رتب على ذلك جواز اتخاذ المطعون عليه الأول هذا الشعار علامة لمنتجاته، أخطأ في تطبيق القانون. ذلك: أولاً - أنه لا يجوز لأحد خلاف الحكومة أن يسك العملة النقدية، ثانياً - أن مصلحة العلامات التجارية نفسها عندما طلب إليها المطعون عليه الأول تسجيل علامته وهي كلمة أبو قرش مصحوبة برسم نصف القرش المثقوب رفضت تسجيل تلك العلامة وقالت إن نصف القرش شعار نقدي للدولة، ولا يجوز اتخاذه علامة تجارية أو عنصراً من عناصرها عملاً بالمادة 5 من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية. أما كون المصلحة المذكورة قد قبلت بعد ذلك تسجيل علامة "نصف القرش" إذا أضيف إليها عبارة
"أبو قرش" - بحجة أن تحديد العلامة باللون الوارد بها لا يدعو لاستبعاد رسم نصف القرش أو تعديله إذ أصبح عنصراً رئيسياً من العلامة، فهو أمر مخالف للقانون لأن العملة وهي شعار نقدي للدولة لا يجوز اتخاذها علامة تجارية وأما استناد الحكم في تفسير كلمة شعار إلى القاموس الفرنسي بأنه مجموع العلامات والرسوم والزخرفة الداخلة أو الخارجة بالدرع الذي تتخذه دولة أو مدينة أو عائلة شريفة رمزاً لها، وبالتالي لا ينطبق على نصف القرش المثقوب، فإنه فضلاً عن كونه استناداً خاطئاً إذ للمصطلحات القانونية معنى غير المعنى اللغوي، فإن التعريف الذي أخذ به الحكم لمعنى الشعار ينطبق أيضاً على نصف القرش المثقوب لأنه مجموع علامات ورسوم وزخرفة اتخذتها الدولة شعاراً نقدياً لها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن الفرعية أقام قضاءه على أن: "المادة الخامسة من القانون رقم 57 سنة 1939 إذ نصت على أن لا يسجل كعلامة تجارية أو عنصر منها: الشعارات العامة والأعلام وغيرها من الرموز الخاصة بالدولة أو بإحدى البلاد التي تعامل مصر معاملة المثل - قد أراد بكلمة الشعار. على ما يستفاد من النص الفرنسي للمادة المذكورة. "مجموعة العلامات والرسوم والزخرفة الداخلة أو الخارجة (المحيطة) بالدرع الذي تتخذه دولة أو مدينة أو عائلة شريفة رمزاً لها. فمثلاً الدولة البريطانية تتخذ صورة الأسد الناهض والفرس الواثب المتقابلين شعاراً لها، كما تتخذ دولة فرنسا الجمهورية الثالثة شعاراً حرفي R. F متعانقين داخل طاقة من الزهور وعلمين متعانقين مثلثي الألوان، وكما تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية شعاراً لها النسر الطائر والقابض بإحدى رجليه على فرع من نبات وبالأخرى على سهام... تلك هي شعارات الدول وما قال أحد إن عملة النقود تدخل في هذا النص" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه بأن رسم نصف القرش المثقوب لا يعتبر شعاراً للدولة لا مخالفة فيه للقانون - ولا يعيبه الاستئناس في تفسير كلمة "الشعار" بالمعنى اللغوي المصطلح عليه لهذا اللفظ، أما ما يذهب إليه الطاعن من أن المطعون عليها الثانية سبق لها أن رفضت قبول تسجيل علامة نصف القرش بدعوى أن نصف القرش شعار نقدي للدولة، فهو أيضاً مردود بأن مصلحة العلامات التجارية قد عدلت عن هذا الرأي وسجلت العلامة في 28 من إبريل سنة 1948 بعد أن تبين لها وجه الصواب فيما انتهت إليه.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن المحكمة بعد أن قالت في أسباب حكمها "إنه إن صح أن مصلحة العلامات رفضت تسجيل العلامة بحجة أن نصف القرش شعار للدولة" مما يستفاد منه إنها افترضت لمجرد الجدل أن مصلحة العلامات التجارية رفضت التسجيل استناداً إلى هذا الأساس، بعد أن قالت المحكمة ذلك عادت وتناقضت إذ قطعت في أن المصلحة رفضت التسجيل في بادئ الأمر وأنها بعد رفض التسجيل عدلت عن رأيها وسجلت العلامة، وأنه لما كانت العبارة الأخيرة تفيد التأكيد بأن مصلحة العلامات رفضت تسجيل العلامة ثم عادت فقبلتها مع أن هذا يتعارض مع ما سبق لها أن قررته فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.
ومن حيث إن الحكم قال في هذا الخصوص "إن ما يدعيه المستأنف (الطاعن) من أن اتخاذ صورة نصف القرش المثقوب أمر تحرمه المادة الخامسة من القانون رقم 57 لسنة 1939 هو ادعاء غير صحيح وإنه وإن صح أن مصلحة العلامات التجارية ردت على المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) مرتين برفض طلب تسجيله على هذا الأساس فيكون هذا الرأي غير سديد ولا يؤيده نص المادة الخامسة وهو رأي لم تصر عليه المصلحة بدليل أنها عدلت عنه وسجلت للمستأنف عليه علامته" وهذا الذي أورده الحكم لا تناقض فيه إذ هو لا يعدو أن يكون تفنيداً لدفاع الطاعن الذي أثاره من أن مصلحة العلامات رفضت في البداية تسجيل العلامة، وإنه مع التسليم بصحة ما ادعاه الطاعن فإن المصلحة لم تكن على حق في هذا الرفض لأن نص المادة الخامسة من قانون العلامات التجارية لا تحرم اتخاذ صورة راده أثاره أ نصف القرش علامة تجارية.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم إذ أقام قضاءه في الدعوى الأصلية على وجود تشابه بين علامة الطاعن وعلامة المطعون عليه الأول، وأن هذا التشابه من شأنه أن يخدع الرجل العادي، أخطأ في القانون، ذلك أنه فضلاً عن وجود خلاف كبير بين العلامتين فإن العلب التي ينتجها الطاعن مكتوب عليها اسمه ومرسوم عليها رسمه في أحد وجهيها ومدون عليها في الوجه الآخر بيان مقدار ثمنها، في حين أن علب المطعون عليه الأول على أحد وجهيها اسمه وصورة بحار ممسك بعجلة القيادة وفي الوجه الآخر مكتوب عليها كلمة أبو قرش ورسم عملة نصف القرش المثقوب. ومن ثم يكون الاختلاف بين العلامتين اختلافاً بيناً لا يصح معه القول - كما ذهب إليه الحكم - بأن هناك تقليداً، إذ التقليد الممنوع قانوناً هو الذي يخدع الرجل الفني في الصنف موضوع التعامل لا عامة الناس.
ومن حيث إن هذا السبب مردود: أولاً - بأن تقرير وجود تشابه بين علامتين تجاريتين من شأنه أن يخدع جمهور المستهلكين هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض متى كانت الأسباب التي أقيم عليها الحكم - كما هو الحال في الدعوى - تبرر النتيجة التي انتهى إليها، ومردود ثانياً - بأن العبرة في أوجه التشابه التي تعتبر تقليداً محرماً قانوناً هي بما ينخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق