الصفحات

الخميس، 9 يناير 2020

القضية رقم 3 لسنة 22 ق " طلبات أعضاء" جلسة 3 / 11 / 2001


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 نوفمبر سنة 2001 الموافق 17 من شعبان سنة 1422 هـ  .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحي نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح .
وحضور السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة   22 قضائية " طلبات أعضاء
المقامة من
السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر
ضد
1 – السيد وزير الخارجية
2 – السيد وزير الداخلية
الإجراءات
بتاريخ الثامن من فبراير سنة 2000 ، أودع الطالب صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم ، أصلياً بإلغاء قرار وزير الخارجية السلبى بالامتناع عن تجديد  جواز  السفر  الدبلوماسي الخاص بسيادته . واحتياطياً بعدم دستورية نصى البند 14 من المادة الثانية والمادة الثامنة من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر ، وذلك فيما تضمناه من حرمان رؤساء المحكمة الدستورية العليا السابقين من الحصول على جواز سفر دبلوماسي .
  وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أولاً فى الطلب الأصلي : أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظره ، واحتياطياً بعدم قبوله لانتفاء القرار الإداري ، ومن قبيل الاحتياط بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد ، وعلى سبيل الاحتياط الكلى برفضه . وثانياً فى الطلب الاحتياطي : أصلياً بعدم قبوله لعدم اتصاله بالمحكمة اتصالاً قانونياً صحيحاً ولانتفاء شرط المصلحة واحتياطياً برفضه .
    وبعد تحضير الدعوى قدمت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
   ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
          حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق تتحصل فى أن الطالب حصل إبان شغله لوظيفة رئيس المحكمة الدستورية العليا على جواز سفر دبلوماسى وعند ما تقدم بعد إحالته للتقاعد بطلب تجديد هذا الجواز تم تجديده لسنة واحدة ثم امتنعت وزارة الخارجية عن تجديده مرة   أخرى ، الأمر الذى اعتبره الطالب قراراً سلبياً بالامتناع عن تجديد الجواز المذكور وهو ما دعاه إلى إقامة دعواه الماثلة بطلباته آنفة البيان .
     وحيث إنه من المقرر قانوناً ، أن المحكمة الدستورية العليا ، بما لها من هيمنة على الدعوى ، هي التي تعطيها وصفها الحق ، وتكييفها القانوني الصحيح ، محددة نطاقها على ضوء طلبات الخصوم فيها ، معولة في ذلك على معانى عباراتها لا مبانيها ، وكان البين من الأوراق أن التكييف الحقيقي لطلبات المدعى هو طلب إلغاء القرار الإداري الضمني لوزارة الخارجية برفض تجديد جواز سفره الدبلوماسي .
    وحيث إن مؤدى صراحة نص المادة 16 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، أن هذه المحكمة هى المختصة دون غيرها بالفصل فى المسائل التى حددها النص حصراً ومن بينها القرارات  الإدارية النهائية الصادرة فى شأن من شئون أعضائها سواء تعلق الأمر بطلب إلغائها أم بالتعويض عنها ، وفى كل ذلك تفصل المحكمة الدستورية العليا فى تلك المسائل بوصفها محكمة موضوع ، تقصياً للعناصر الواقعية للنزاع المعروض  عليها ، وما يتصل بها من القواعد القانونية التي ينبغي تطبيقها في شأن هذا  النزاع .
          وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، وكذا الدفع بعدم قبولها لانتفاء القرار الإدارى ، يكون كلاهما مبنياً على غير أساس صحيح من القانون بما يقتضى رفضهما .
          وحيث إنه عن الدفع المقدم من الهيئة المذكورة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فإن هذا الدفع غير سديد بدوره ذلك أن ميعاد الطعن على القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها حاليين وسابقين هو ثلاثون يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن به أو علمه به علماً يقينياً ، وذلك بحكم الإحالة الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة 16 من قانون المحكمة الدستورية العليا إلى الأحكام المطبقة بالنسبة لمستشاري محكمة النقض .
          وإذ كان الثابت أن القرار المطعون فيه لم يعلن للسيد المستشار الطالب ولم يثبت من الأوراق علم سيادته به فى تاريخ سابق على رفع الدعوى ، فإنها تكون قد أقيمت خلال المواعيد المقررة قانوناً
          وحيث إنه إذ نصت المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر على أنه " لا يجوز لمن يتمتعون بجنسية جمهورية مصر العربية مغادرة أراضي الجمهورية أو العودة إليها إلا إذا كانوا يحملون جوازات سفر وفقاً لهذا القانون " فإن المادة (10) من ذات القانون قد نصت على أن " تختص وزارة الخارجية بمنح وتجديد جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة ولمهمة ، وتختص وزارة الداخلية وقنصليات جمهورية مصر العربية فى الخارج بصرف وتجديد الجوازات العادية " .
          وحيث إن البين من الأوراق أن وزارة الخارجية قد درجت فى شأن جوازات السفر الدبلوماسية - التى اخْتصَّتْها المادة العاشرة المشار إليها   بإصدارها - على تطبيق قواعد مؤداها منح فئات معينة لاعتبارات خاصة جوازات السفر المذكورة ومن بين هذه الفئات بعض أصحاب المناصب الرفيعة فى الدولة والتي لا يجمعها في علة أن تكون مغادرتها البلاد والعودة إليها   بجوازات سفر دبلوماسية ، إلا أنها تشغل مناصب تمثل في جملتها واجهة الدولة المصرية ، بحيث يعبر إِفرادها بهذه المعاملة عن اعتزاز الدولة برجالها الذين يشكلون رموزاً لمؤسساتها ، كما يعبر فى ذات الوقت عن مستوى المعاملة التى تقبل الدولة   أن تعامل به الدول الأجنبية رجالها من أصحاب هذه المناصب ، فكان منهم الوزراء والسفراء ورؤساء المحكمة الدستورية العليا ورؤساء الهيئات القضائية .
          وحيث إن اتحاد العلة فى إفراد أصحاب هذه المناصب ، على اختلاف مواقعهم ، بمعاملة تقتضى منحهم جوازات سفر دبلوماسية ، قد خلق لهم مركزاً قانونياً واحداً فى شأن واقعة مغادرتهم البلاد والعودة إليها .
          وحيث إن وزارة الخارجية قد درجت من بعد ، على التمييز بين أصحاب هذا المركز القانوني الواحد ، بعد إحالتهم للتقاعد ، فأجازت تجديد جواز السفر الدبلوماسي لبعضهم دون البعض الآخر ، فيكون للوزراء ولا يكون كذلك   لرؤساء المحكمة الدستورية العليا السابقين ، وعلى أساس من هذه القاعدة كان القرار الضمني لوزارة الخارجية بعدم تجديد جواز السفر الدبلوماسي الخاص بالسيد المستشار الطالب .
          وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا انطوى التشريع على قاعدة تقوم على التمييز التفضيلي لبعض أصحاب المركز القانوني الواحد دون البعض الآخر ، فإن هذا التمييز يُعَيّب القاعدة وذلك أياً كان مستواها في مدارج الهرم التشريعي ، فيصيب القانون كما يصيب ما دونه من قرارات تنظيمية طالما شكلت هذه القرارات قاعدة مطردة تتخذ أساساً لصدور القرارات الفردية .
          وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن القاعدة التي درجت وزارة الخارجية على اتباعها في شأن تجديد جوازات السفر الدبلوماسية للوزراء السابقين دون أقرانهم من رؤساء المحكمة الدستورية العليا ، تكون قد حادت عن وجوب الالتزام بقاعدة المساواة بين أصحاب المركز القانوني الواحد ، وهى مجانبة قادت إلى نتيجة جسّدها القرار الضمني الصادر برفض تجديد جواز السفر الدبلوماسي الخاص بالطالب ، حال وجوب تجديده التزاماً بتلك القاعدة باعتبار أنه - وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 241 لسنة 1991 - قد عُين رئيساً للمحكمة الدستورية بدرجة وزير ، بما يغدو معه القرار المطعون فيه مفتقراً إلى أساس صحيح من القانون ، وهو ما يقتضى الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من  آثار أخصها أحقية الطالب فى تجديد جواز سفره الدبلوماسي .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار وزارة الخارجية برفض تجديد جواز السفر الدبلوماسي الخاص بالطالب مع ما يترتب على ذلك من آثار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق