الصفحات

الأربعاء، 22 يناير 2020

الطعن 172 لسنة 22 ق جلسة 17 / 11 / 1955 مكتب فني 6 ج 4 ق 203 ص 1495


جلسة 17 من نوفمبر سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: أحمد العروسي ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.
---------------
(203)
القضية رقم 172 سنة 22 القضائية

(أ) تعويض. قوة الأمر المقضي. 
مطالبة المدعى المدني بالحق المدني أمام محكمة الجنح بتعويض مؤقت. القضاء له بمبلغ على أنه تعويض كامل. عدم إثباته أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي. عدم جواز المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المدنية.
(ب) تعويض. قوة الأمر المقضي. 
مطالبة المدعى بالحق المدني بتعويض مؤقت أمام محكمة الجنح. القضاء له بالتعويض على أساس أنه مؤقت. حقه في المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية.

-------------
1 - إذا كانت محكمة الجنح قد قضت بالتعويض للمدعى بالحق المدني على أنه تعويض كامل عن الضرر الذى لحقه، فليس له أن يطالب بتعويض آخر أمام المحكمة المدنية سواء كان قد طلب التعويض باعتبار أنه تعويض مؤقت أو باعتبار أنه تعويض كامل، إلا إذا أثبت أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي. وإذن فمتى كان الواقع هو أن المدعى بالحق المدني طلب من محكمة الجنح الحكم له بمبلغ 25 جنيها تعويضا مؤقتا فقررت هذه المحكمة بعد التثبت من مدى الضرر الذى أصابه أن التعويض المطلوب مبالغ فيه وأن كل ما يستحقه عن هذا الضرر الذى استقر نهائيا هو مبلغ 15 جنيها، ولما رفع دعواه أمام المحكمة المدنية مطالبا بجواز تكملة التعويض ولم يثبت أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذا كان المدعى بالحق المدني أمام محكمة الجنح قد طلب القضاء له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عن الضرر الذى أصابه مع حفظ حقه في المطالبة بالتعويض الكامل وقضى له بالتعويض على هذا الأساس فإن ذلك لا يحول بينه وبين المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية، لأنه لا يكون قد استنفد كل ما له من حق أمام محكمة الجنح، ذلك أن موضوع الدعوى أمام المحكمة المدنية ليس هو ذات موضوع الدعوى الأولى، بل هو تكملة له.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها اتهمت في الجنحة رقم 253 سنة 1948 العطارين بأنها في 25 من أكتوبر سنة 1947 تسببت خطأ في جرح الطاعن، وذلك بأن قادت السيارة رقم 1111 الإسكندرية ولم تنبه الطاعن قبل عبوره الطريق فصدمته وأحدثت به الإصابات المبينة بالكشف الطبي، وأثناء نظر الدعوى الجنائية أدعى الطاعن مدنيا بمبلغ 25 جنيها على سبيل التعويض المؤقت لما أصابه من ضرر بسبب الحادث وفى 31 من مايو سنة 1948 قضت المحكمة بتغريم المطعون عليها مبلغ 300 قرش وبإلزامها بمبلغ 15 جنيها على سبيل التعويض. فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم، وفى 14 من ديسمبر سنة 1948 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. فأقام الطاعن الدعوى رقم 62 سنة 1950 العطارين على المطعون عليها وطلب الحكم بإلزامها بمبلغ 500 جنيه وقال شرحا لدعواه إنه أصيب من جراء الحادث بكسر في الترقوة، وكان قد ادعى مدنيا أمام محكمة الجنح وطلب الحكم له بمبلغ 25 جنيها على سبيل التعويض المؤقت حتى يتم شفاؤه وتستقر حالة ترقوته، وقد تخلفت لدية عاهة مستديمة يستحق تعويضا عنها المبلغ المطالب به. وفى 4 من فبراير سنة 1951 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع إلى الطاعن مبلغ 100 جنيه، فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم تأسيسا على أن الخطأ كان من جانب الطاعن، ودفعت في مذكرتها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. وفى 19 من يناير سنة 1952 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى المستأنف عليه، مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين، فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على سببين: يتحصل السبب الأول في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن محكمة الجنح قضت بالتعويض على اعتبار أنه كل ما يستحقه طالب التعويض فيكون حكمها قاطعا في الدعوى المدنية مانعا من إعادة البحث فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن المدعى المدني أمام محكمة الجنح إذا طلب القضاء له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عما أصابه من ضرر بفعل المتهم فإن الحكم الذى يصدر في صالحه لا يمنعه من تكملة التعويض بعد ما يتبين له مدى الضرر الذى لحقه، والمبدأ الذى أشار إليه الحكم الخاص بتطبيق حكم المادة 170 من القانون المدني والذى بمقتضاه يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذى لحق المضرور طبقا للمادتين 221 و222 مراعيا في ذلك الظروف الملابسة، فإذا لم يتيسر له وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا، فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير. هذا المبدأ وإن كان سليما ولا يتعارض مع ما يستند إليه الطاعن في هذا الخصوص، إلا ان النتيجة التي رتبها الحكم على ذلك هي التي تتعارض مع هذا المبدأ. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن محكمة الجنح وجهت عنايتها نحو تحديد الضرر المتسبب عن الحادث فقضت بمبلغ 15 جنيها على أنه كل ما يستحقه المدعى المدني من تعويض أخطأ في الإسناد وفى فهم الواقع، لأن التعويض الذى كان مطلوبا كان بصفة مؤقتة فيستوى أن يكون التعويض المطالب به قرشا أو أكثر، كما يستوى أن تكون المحكمة قد حكمت بهذا التعويض أو بأقل منه ويستحيل أن تكون محكمة الجنح قدرت مصاريف العلاج وأتعاب الأطباء وتعويض الطاعن الذى كسرت ترقوته وتخلفت لديه عاهة مستديمة بمبلغ 15 جنيها ولا شك أن قضاءها بهذا المبلغ كان من قبيل التعويض المؤقت، وليس التعويض عن الضرر جميعه، يؤكد ذلك أن محكمة الجنح لم تشر إلى مقدار المبلغ المدعى به مدنيا، ولا إلى تفصيلات التعويض المطلوب وعناصره، وظاهر من الحكم الجنائي أن ما قضت به المحكمة كان تعويضا عن تهمة الجنحة وليس تعويضا عن الإصابة.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان أولا بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى استند إلى أن المحكمة الجنائية وجهت عنايتها نحو تحديد الضرر المسبب عن الحادث وقدرته بمبلغ 15 جنيها على أنه كل ما يستحقه المدعى المدني من تعويض، واستعانت في سبيل تثبتها من مقدار الضرر بنفس الكشوف الطبية التي كانت تحت نظر المحكمة المدنية، وبما قاله المصاب من أنه شفى بعد علاج دام ثلاثين يوما. وقد جاء الحكم الجنائي قاطعا في التعويض بعد التثبت من الضرر الذى استقرت عقباه فنص على أن التعويض المطالب به مبالغ فيه وقدرته المحكمة تقدير مناسبا بمبلغ 15 جنيها، ولم تقدره تقديرا مؤقتا أو تمنح المضرور أجلا لإعادة النظر فيما حكم به بعد استقرار حالة الإصابة. ومن ثم يكون الحكم الجنائي قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه فلا يجوز إعادة النظر في التعويض أمام المحكمة المدنية بمقولة إن المدعى بالحق المدني كان قد طلب تعويضا موقوتا. وهذا الذى انتهى إليه الحكم لا خطأ فيه، ذلك أن المدعى بالحق المدني أمام محكمة الجنح إذا كان قد طلب أن يقضى له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عن الضرر الذى أصابه، مع حفظ الحق له في المطالبة بالتعويض الكامل، وكان قد قضى له بالتعويض على هذا الأساس فإن ذلك لا يحول بينه وبين المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية لأنه لم يكن قد استنفد كل ماله من حق أمام محكمة الجنح، إذ أن موضوع الدعوى أمام المحكمة المدنية ليس هو ذات موضوع الدعوى الأولى، بل هو تكملة له. أما إذا كانت محكمة الجنح قد قضت بالتعويض على أنه تعويض كامل عن الضرر الذى لحق المدعى بالحق المدني، فليس لهذا الأخير أن يطالب بتعويض آخر، سواء أكان قد طلب التعويض باعتبار أنه تعويض مؤقت أو باعتبار أنه تعويض كامل، إلا إذا أثبت أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي، وذلك لأن دعوى التعويض الأولى حكم فيها بالتعويض الشامل لا بجزء منه. وللقاضي - إذا لم يتيسر له وقت الحكم - أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا، أن يحفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير وذلك وفقا للمادة 170 من القانون المدني. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قرر أن محكمة الجنح قد قضت بالتعويض على أنه هو كل ما يستحقه الطاعن بعد التثبت من الضرر الذى استقرت عقباه استند في ذلك إلى ما قرره الحكم الجنائي من أن الدعوى المدنية صحيحة من ثبوت التهمة قبل المتهمة (المطعون عليها) وأن مبلغ التعويض المطالب به مبالغ فيه، وقدر التعويض المناسب بمبلغ 15 جنيها فقط، وإلى أن محكمة الجنح استعانت في سبيل تثبتها من مقدار الضرر بنفس الكشوف الطبية التي كانت تحت نظر المحكمة المدنية، وإلى ما قرره المصاب (الطاعن) من أنه شفى بعد علاج دام ثلاثين يوما.
ومن ثم لا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قرر أن الحكم الجنائي عندما قضى بمبلغ خمسة عشر جنيها كان قضاؤه على أساس أن هذا هو التعويض الكامل عن الضرر الذى أصاب الطاعن بسبب الحادث وأنه لم يقض بهذا المبلغ على أنه تعويض مؤقت وعلى ذلك تكون دعوى الطاعن الحالية غير ذلك، ولا يشفع له أن يكون حين ادعى مدنيا أمام محكمة الجنح إنما طالب بالتعويض بصفة مؤقتة متى كان الحكم قد قضى بما قضى به على اعتبار أنه كل ما يستحقه الطاعن عن الضرر الذى أصابه من الحادث، ولم يقدم الطاعن لدى المحكمة المدنية ما يدل على أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي فيستحق عنه تعويضا آخر يختلف موضوعه عن موضوع التعويض الذى قضت به محكمة الجنح. ومردود ثانيا - بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الحكم الجنائي قضى بالتعويض على اعتبار أنه تعويض كامل عن كل الضرر الذى لحق الطاعن بسبب الحادث، ولم يكن تقديره للتعويض المحكوم به بصفة مؤقتة استند في ذلك إلى الأسباب السابق الإشارة إليها، وليس فيما قرره في هذا الخصوص ما يخالف الثابت بالأوراق. يضاف إلى ذلك أن الطاعن لم يقدم بملف الطعن ما يدل على أنه قدم لدى محكمة ثاني درجة ما يثبت تخلف عاهة مستديمة نتيجة إصابته، وأن هذه العاهة قد جدت بعد الحكم له بالتعويض من المحكمة الجنائية، أو ما يدل على أن أضرارا أخرى قد لحقته بسبب الحادث بعد صدور هذا الحكم فيستحق عنها تعويضا آخر.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس مما يستوجب رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق