الصفحات

الاثنين، 21 أكتوبر 2019

جواز المطالبة بالرسوم بأثر رجعى من تاريخ العمل بالنص المخالف للدستور


الدعوى رقم 5 لسنة 41 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 5 / 10 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من أكتوبر سنة 2019م، الموافق السادس من صفر سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمـد عماد النجـار والدكتور عبدالعزيز محمـد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 41 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

شركة شريف وعادل على السيد قوشة
ويمثلها المصفيان / مروة عادل على السيد قوشة و محمد شريف على السيد قوشة
ضد
1- وزيـــر الماليــة
2- رئيس مصلحة الجمارك
3- رئيس الإدارة المركزية لجمارك الإسكندرية
4- رئيس الإدارة المركزية لجمارك المحمودية
5- رئيس الإدارة المركزية لجمارك الدخيلة والمنطقة الغربية



الإجراءات
            بتاريخ الحادي والعشرين من يناير سنة 2019، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم:
أولاً: الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر مـن المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/9/2004، في الدعــــوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية".
ثانيًا: بصفة مستعجلة : وقف تنفيذ بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 28/10/2018، في الطعن رقم 37267 لسنة 54 قضائية عليا، وفى الموضوع بعدم الاعتداد به .
            وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
            وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
            ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .


المحكمة
            بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
            حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية استوردت بضائع من الخارج، وردت كرسائل جمركية، وإذ قامت مصلحة الجمارك بفرض رسوم إضافية عليها قدرت بمبلغ (706620) جنيهًا، استنادًا إلى قراري وزير المالية رقمى 255 لسنة 1993، و123 لسنة 1994، فقد أقامت الدعوى رقم 23496 لسنة 60 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طلبًا للحكم بأحقيتها في استرداد المبالغ التي سددتها عن رسوم الخدمات الإضافية، التي فرضتها مصلحة الجمارك، والفوائد القانونية، على سند من أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية القرارين سندا هذه الرسوم، وبجلسة 19/6/2008، قضت تلك المحكمة بأحقية الشركة المدعية في استرداد المبالغ التي حصلتها مصلحة الجمارك منها كرسوم الخدمات الإضافية على الرسائل المستوردة من الخارج، والفوائد القانونية. لم يرتض المدعى عليهم هذا القضاء فطعنوا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 37267 لسنة 54 قضائية عليا، فقضت تلك المحكمة بجلسة 28/10/2018، بإلغاء الحكم المطعون عليه، وفى موضوع الدعوى برفضها، واستندت في ذلك إلى عدم أحقية الشركة المستوردة في استرداد هذه المبالغ؛ إذ جرى العرف التجاري على تحميل المستورد للمستهلك قيمة السلعة المستوردة شاملة ما سدد عنها من ضرائب ورسوم، كما خلت الأوراق مما يثبت تحملها قيمة هذه الرسوم، وعدم تحميلها للمستهلك عند بيع البضائع، الأمر الذى تنتفى معه أحقية الشركة في استرداد ما تم تحصيله منها كرسوم خدمات على البضائع التى استوردتها، حيث يُعد هذا الاسترداد إثراء بلا سبب على حساب الغير. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه يُعد عقبة تحــول دون تنفيذ حكـــــم المحكمة الدستورية العليا الصـادر بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، أقامت دعواها المعروضة.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التى تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.




            وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص على أنه "يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر؛ وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، ومفاد نص الفقرة المار ذكرها، أن الأصل أن يكون لأحكام هذه المحكمة بعدم الدستورية أثر رجعى يرتد إلى تاريخ صدور النص المقضي بعــدم دستوريته، ما لم تستقر المراكز القانونية التي نشأت في ظله بحكم بات، ولا يستثنى من ذلك إلا النصوص الضريبية، المحكوم بعدم دستوريتها، فيسري حكم المحكمة من اليوم التالي لنشره، بما يترتب عليه عدم جواز تطبيقه على الخصوم في المنازعات الضريبية المتداولة أمام جهات القضاء، حتى ما كان منها قائمًا في تاريخ سابق على نشر الحكم في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق الضريبية والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات، صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ولا كذلك الرسوم التي تفرض لقاء خدمة تؤديها جهة الإدارة، ذلك أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره. وإذا كان النص المشار إليه قد خص بهذا الأثر المباشر الضرائب وحدها، فقد دل بمفهوم المخالفة على عدم سريان هذا الحكم الاستثنائي على الرسوم، ومن ثم يجوز المطالبة بها بأثر رجعى من تاريخ العمل بالنص المخالف للدستور.
            وحيث إن المحكمة الدستورية العليا    قضت بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية":
"أولاً: بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمـارك رقم 66 لسنة 1963 الصادر بقرار رئيس الجمهورية.
ثانياً : بسقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان.
ثالثاً : بسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسـنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمي 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 ، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسـنة 1994 والقـرارين المعـدلين له رقمي 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997".
   وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 38 تابع (أ) بتاريخ 16/9/2004.



            ولما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد خلصت في حكمها المشار إليه إلى تكييف هذه الفريضة المالية بحسبانها رسمًا، وكانت الشركة المدعية قد أقامت دعواها الموضوعية بغية القضاء برد المبالغ السابق سدادها منها، تحت حساب هذا الرسم، الذى فرض استنادًا للنصوص المقضي بعدم دستوريتها، وكان التزامها ومسئوليتها قبل مصلحة الجمارك بتوريد الرسم نابعًا من التزامها الأصلي، وعلاقتها بالسلع التي تم فرض الرسم عليها، ليظل عبئها بحكم علاقتها بالسلع المستوردة – مناط فرض الرسم- ومسئوليتها القانونية قبل مصلحة الجمارك واقعًا في ذمتها، ولو جرى العرف على تحميل المستهلكين عبء هذا الرسم، عند طرح السلعة للبيع للجمهور، ومن ثم فإن مطالبتها بإزاحة العوائق التي تحول دون رد ما سبق سداده منها تحت حساب هذا الرسم، بعد القضاء بعدم دستورية النصوص الحاكمة لفرضه والالتزام بأدائه، وإنفاذًا لهذا القضاء يكون في محله، وموافقًا لصحيح القانون، ليصير قضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 37267 لسنة 54 قضائية عليا عقبة تحول دون ترتيب آثار حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، متعينًا لذلك القضاء بعدم الاعتداد به، والقضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم هذه المحكمة.

            وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت هذه المحكمة فيما تقدم إلى الفصل في موضوعها، بما مؤداه أن قيام هذه المحكمة - طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 28/10/2018، في الطعن رقم 37267 لسنة 54 قضائية عليا، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
            أمين السر                               رئيس المحكمة

    صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار حاتم حمد بجاتو الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلًا منه عند تلاوته السيد المستشار محمود محمد غنيم.
            أمين السر                               رئيس المحكمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق